إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم
مسلمون}
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما}
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وبعد :
فإنه في كل عام عند إقبال الشتاء يكثر السؤال حول أمور الشتاء التعبدية كالمسح على الخفين والجمع بين الصلاتين وغيرها من المسائل التي تطرق كل عام بين الاخوة ومن المسائل التي يكثر فيها السؤال هي مسألة الصلاة الى المدافئ النفطية منها أو الكهربائية وهذه المسألة لها ارتباط وثيق في بحث الصلاة الى النار الذي يتطرق له الفقهاء في كتبهم فمن قائل بالجواز مطلقا ومن قائل بالكراهة وبما أن هذا الامر يطرق ويطرح سنويا أحببت أن أكتب فيه ورقات علها تكون عونا لأخوتي طلبة العلم في مبتغاهم والله أسأل أن يكتب لي الاجر فيها إنه ولي ذلك والقادر عليه
قال الإمام ابن قدامة رحمه الله في (المغني : 2/39 ) : " ويكره أن يصلي إلى نار قال أحمد : إذا كان التنور في قبلته لا يصلي إليه، وكره ابن سيرين ذلك، وقال أحمد في السراج والقنديل يكون في القبلة : أكرهه وأكره كل شيء حتى كانوا يكرهون أن يجعلوا شيئا في القبلة حتى المصحف، وإنما كره ذلك لأن النار تعبد من دون الله فالصلاة إليها تشبه الصلاة لها " .
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
" كره أكثر العلماء الصلاة إلى النار ، منهم : ابن سيرين ، كره الصلاة إلى تنور ، وقال : هو بيت نار .
وقال سفيان : يكره أن يوضع السراج في قبلة المسجد .
وقال مهنا : سألت أحمد عن السراج والقنديل يكون في قبلة المسجد ؟ قال : أكرهه .
ونقل الفرج بن الصباح عن أحمد ، قال : إذا كان التنور في قبلة لا يصلى إليه ؛ كان ابن سيرين يكره أن يصلي إلى التنور .
ووجه الكراهة : أن فيه تشبها بعباد النار في الصورة الظاهرة ، فكره ذلك ، وإن كان المصلي يصلي لله ، كما كرهت الصلاة في وقت طلوع الشمس وغروبها لمشابهة سجود المصلي فيه سجود عباد الشمس لها في الصورة ، وكما تكره الصلاة إلى صنم والى صورة مصورة " انتهى ملخصا ."فتح الباري" لابن رجب (3/209) .
وقال الشيخ عليش المالكي رحمه الله في "فتاويه" (1/122) :
" لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَشَبَّهَ بِأَهْلِ النَّارِ ، وَلَا أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَا هُوَ مِنْ نَوْعِ عَذَابٍ ، وَلَا مَا هُوَ مِنْ مَلَابِسِ أَهْلِ الْعَذَابِ ، كَخَاتَمٍ حَدِيدٍ ، وَكَالزُّنَّارِ وَالْغِيَارِ وَالصَّلَاةِ إلَى النَّارِ " انتهى ملخصا .
وقال العلامة القرعاوي: «وأما استقبال النار في الصلاة فهو من التشبه بأعداء الله، ومن وسائل الشرك وذرائعه الموصلةِ إليه، ورسول الله حمى حِمى التوحيد، وسد كلَّ طريق يؤدي إلى الشرك، ومن المعلوم أن باب سد الذرائع باب مهم جدا ينبغي للمفتي أن يجعله على باله، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب «إعلام الموقعين» في الوجه الحادي والثلاثين: أنه –صلى الله عليه وسلم- كره الصلاة إلى ما قد عُبد من دون الله تعالى. قطعاً لذريعة التشبه بالسجود إلى غير الله تعالى»اهـ. رحمه الله
وقد سئل العلامة ابن باز السؤال التالي
ما حكم الصلاة أمام موقد النار أو المدفئة الكهربائية, هل يأثم صاحبها؟
فاجاب :
تركها أولى تكره الصلاة إلى النار، أمام نار تكره الصلاة؛ لأنه فيه تشبه بعباد النار المجوس، فإذا كان قدامه شيء يطفيه، أو يحطه خلفه، أو عن يمينه، أو عن شماله لا يخليه قدامه، يكره أن يصلي إليه والصلاة صحيحة، لكن يكره ذلك، لأن فيه نوع من التشبه.
المذيع/ لو صلى فروضاً هل يعيدها يا شيخ؟ لا ما يعيد، ترك هذا هو الذي ينبغي، يزيل السرج الذي أمامه، أو ينتقل إلى محل آخر، وإن صلى والنار أمامه صحت صلاته، لكن يكره ذلك.) اهـ كلامه رحمه الله والفتوى موجودة على موقعه الرسمي
وهذه فتوى العلامة المجاهد ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
السؤال: ما صحة هذا القول : الصلاة إلى النار بحيث تكون سترة للمصلي لا بأس بها ما لم يصحبها اعتقاد فإنها باطلة، ودليله أن النبي عليه الصلاة والسلام عُرِضت عليه الجنة والنار وهو في صلاته ؟
الـجــواب:
أنا لا أحفظ حديثا ينهى عن الصلاة إلى النار؛ لكن ورد في كلام الفقهاء
وقد يكون لهم حديث ضعيف، أما أنا فلا أذكره الآن، لكن مما أذكره من كلام العلماء أن فيه تشبها بعبدة النار، والرسول صلى الله عليه وسلم نهانا عن التشبه بالكفار فقال : (من تشبه بقوم فهو منهم)
فهذه العلّة جيدة، وإلا من النص فإنها؛ يعني الصلاة إلى النار تدخل في عموم هذا الحديث، ما أعرف نصا يعني واضحا في هذا إلا إذا كان واحد يذكر هذا فليتفضل بارك الله فيكم . أما البطلان، فلا نقدر أن نقول ببطلان الصلاة .) أهـ كلامه حفظه الله وفتواه موجودة على موقعه الرسمي
قلت : وقد يستدل القائل بجواز الصلاة الى المدفآة مطلقا من غير كراهة بـــ:
1 : ما بوب به البخاري في صحيحه
قَالَ الإِمَامُ الْبُخَارِيُّ « كِتَابُ الصَّلاةِ »(1/528 . فَتْحُ الْبَارِي ) :
بَابُ مَنْ صَلَّى وَقُدَّامَهُ تَنُّورٌ أَوْ نَارٌ أَوْ شَيْءٌ مِمَّا يُعْبَدُ فَأَرَادَ بِهِ اللهَ
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ وَأَنَا أُصَلِّي »
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : انْخَسَفَتْ الشَّمْسُ فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ : « أُرِيتُ النَّارَ ، فَلَمْ أَرَ مَنْظَرَاً كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ » .
والجواب على هذا الاستلال هو ما يلي :
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ « الْفَتْحُ » : « وَقَدْ نَازَعَهُ الإِسْمَاعِيلِيّ فِي التَّرْجَمَة فَقَالَ : لَيْسَ مَا أَرَى الله نَبِيَّهُ مِنَ النَّارِ بِمَنْزِلَةِ نَارٍ مَعْبُودَة لِقَوْمٍ يَتَوَجَّه الْمُصَلِّي إِلَيْهَا .
وَقَالَ اِبْنُ التِّينِ : لا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى التَّرْجَمَةِ ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَفْعَل ذَلِكَ مُخْتَارَاً ، وَإِنَّمَا عَرَضَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِلْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ اللهُ مِنْ تَنْبِيهِ الْعِبَادِ .
وَتُعُقِّبَ : بِأَنَّ الاخْتِيَارَ وَعَدَمَهُ فِي ذَلِكَ سَوَاء مِنْهُ ؛ لأَنَّهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُقَرُّ عَلَى بَاطِلٍ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مِثْلَهُ جَائِزٌ . وَتَفْرِقَةُ الإِسْمَاعِيلِيِّ بَيْن الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ ظَاهِرَة ، لَكِنَّ الْجَامِعُ بَيْنَ التَّرْجَمَةِ وَالْحَدِيثِ وُجُودُ نَارٍ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ فِي الْجُمْلَةِ .
وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا عِنْدِي أَنْ يُقَالَ : لَمْ يُفْصِحِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّرْجَمَةِ بِكَرَاهَةٍ وَلا غَيْرهَا ، فَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون مُرَادُهُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ مَنْ بَقِيَ ذَلِكَ بَيْنهُ وَبَيْن قِبْلَتِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِزَالَتِهِ أَوْ اِنْحِرَافِهِ عَنْهُ ، وَبَيْنَ مَنْ لا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَلا يُكْرَه فِي حَقِّ الثَّانِي ، وَهُوَ الْمُطَابِق لِحَدِيثَيْ الْبَابِ . وَيُكْرَه فِي حَقّ الأَوَّل كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيح بِذَلِكَ عَنْ اِبْن عَبَّاسٍ فِي التَّمَاثِيل ، وَكَمَا رَوَى اِبْن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ اِبْن سِيرِينَ : أَنَّهُ كَرِهَ الصَّلاة إِلَى التَّنُّور أَوْ إِلَى بَيْت نَارٍ .) أهـ المراد من كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله
وقد اجاب كذلك العلامة المجاهد ربيع بن هادي المدخلي عن اجابة البخاري في تبويبه لهذا الباب في الصحيح فقال :
السؤال: هنا حديث في البخاري؛ قال رحمه الله في صحيحه : ( باب من صلى وقدامه تنور أو نار أو شيء مما يعبد فأراد به الله ) ثم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( عرضت علي النار وأنا أصلي ... ) هل يأخذ من هذا الأمر مشروعية جواز الصلاة إلى النار ؟!
الـجــواب:
الله هو الذي عرضها عليه؛ عرض عليه الجنة والنار، هل هذا للتشريع وبيان حكم الله في هذه القضية ؟!
كما نعلم أنه إذا تعارض الحاظر والمبيح يقدم الحاظر كما في علم الأصول، فالصلاة إلى النار تعمدا من غير اضطرار -وأنت تعلم أن هناك من يعبد النار، الرسول صلى الله عليه وسلم نهانا عن الصلاة عند طلوع الشمس؛ لماذا ؟ لأن الكفار يسجدون لها في هذا الوقت، وهي تطلع بين قرني شيطان، وعند الاستواء وبعد العصر ويشتد النهي عند تهيئها للغروب؛ لماذا ؟ لأن فيه تشبها بالكفار، هناك تفاصيل كثيرة في النهي بالتشبه بالكفار؛ ( صلوا في نعالكم فإن اليهود لا يصلون في نعالهم ) ( صَلُّوا في نِعَالِكُمْ وَلا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ )(1)
فلا يُتشبه بهم، نهانا عن حلق اللحى فلا نتشبه بهم، يقول ابن تيمية : الدين مبني على مخالفة أعداء الله . فالبخاري قد يتفقه رحمه الله وكلّ يؤخذ من قوله ويُردّ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يصلي باختياره إلى النار .) أهـ كلامه حفظه الله والفتوى موجودة على موقعه الرسمي
2 : أن تلك النار تتوهج وهذه لا تتوهج
والجواب عليه : هو أن العلة ليست بالوهج وعدمه انما العلة من النهي هو مشابهة الصورة قال الحافظ ابن رجب رحمه الله (...ووجه الكراهة : أن فيه تشبها بعباد النار في الصورة الظاهرة ، فكره ذلك ، وإن كان المصلي يصلي لله ، كما كرهت الصلاة في وقت طلوع الشمس وغروبها لمشابهة سجود المصلي فيه سجود عباد الشمس لها في الصورة ، وكما تكره الصلاة إلى صنم والى صورة مصورة " أهـ."فتح الباري" لابن رجب (3/209)
وقال العلامة القرعاوي رحمه الله ( وأما استقبال النار في الصلاة فهو من التشبه بأعداء الله، ومن وسائل الشرك وذرائعه الموصلةِ إليه، ورسول الله حمى حِمى التوحيد، وسد كلَّ طريق يؤدي إلى الشرك، ومن المعلوم أن باب سد الذرائع باب مهم جدا ينبغي للمفتي أن يجعله على باله، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب «إعلام الموقعين» في الوجه الحادي والثلاثين: أنه –صلى الله عليه وسلم- كره الصلاة إلى ما قد عُبد من دون الله تعالى. قطعاً لذريعة التشبه بالسجود إلى غير الله تعالى»اهـ.
{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم
مسلمون}
{يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا}
{ يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما}
أما بعد :
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
وبعد :
فإنه في كل عام عند إقبال الشتاء يكثر السؤال حول أمور الشتاء التعبدية كالمسح على الخفين والجمع بين الصلاتين وغيرها من المسائل التي تطرق كل عام بين الاخوة ومن المسائل التي يكثر فيها السؤال هي مسألة الصلاة الى المدافئ النفطية منها أو الكهربائية وهذه المسألة لها ارتباط وثيق في بحث الصلاة الى النار الذي يتطرق له الفقهاء في كتبهم فمن قائل بالجواز مطلقا ومن قائل بالكراهة وبما أن هذا الامر يطرق ويطرح سنويا أحببت أن أكتب فيه ورقات علها تكون عونا لأخوتي طلبة العلم في مبتغاهم والله أسأل أن يكتب لي الاجر فيها إنه ولي ذلك والقادر عليه
ولنشرع بالمقصود بحمد الملك المعبود
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله :
" كره أكثر العلماء الصلاة إلى النار ، منهم : ابن سيرين ، كره الصلاة إلى تنور ، وقال : هو بيت نار .
وقال سفيان : يكره أن يوضع السراج في قبلة المسجد .
وقال مهنا : سألت أحمد عن السراج والقنديل يكون في قبلة المسجد ؟ قال : أكرهه .
ونقل الفرج بن الصباح عن أحمد ، قال : إذا كان التنور في قبلة لا يصلى إليه ؛ كان ابن سيرين يكره أن يصلي إلى التنور .
ووجه الكراهة : أن فيه تشبها بعباد النار في الصورة الظاهرة ، فكره ذلك ، وإن كان المصلي يصلي لله ، كما كرهت الصلاة في وقت طلوع الشمس وغروبها لمشابهة سجود المصلي فيه سجود عباد الشمس لها في الصورة ، وكما تكره الصلاة إلى صنم والى صورة مصورة " انتهى ملخصا ."فتح الباري" لابن رجب (3/209) .
وقال الشيخ عليش المالكي رحمه الله في "فتاويه" (1/122) :
" لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَشَبَّهَ بِأَهْلِ النَّارِ ، وَلَا أَنْ يَسْتَعْمِلَ مَا هُوَ مِنْ نَوْعِ عَذَابٍ ، وَلَا مَا هُوَ مِنْ مَلَابِسِ أَهْلِ الْعَذَابِ ، كَخَاتَمٍ حَدِيدٍ ، وَكَالزُّنَّارِ وَالْغِيَارِ وَالصَّلَاةِ إلَى النَّارِ " انتهى ملخصا .
وقال العلامة القرعاوي: «وأما استقبال النار في الصلاة فهو من التشبه بأعداء الله، ومن وسائل الشرك وذرائعه الموصلةِ إليه، ورسول الله حمى حِمى التوحيد، وسد كلَّ طريق يؤدي إلى الشرك، ومن المعلوم أن باب سد الذرائع باب مهم جدا ينبغي للمفتي أن يجعله على باله، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب «إعلام الموقعين» في الوجه الحادي والثلاثين: أنه –صلى الله عليه وسلم- كره الصلاة إلى ما قد عُبد من دون الله تعالى. قطعاً لذريعة التشبه بالسجود إلى غير الله تعالى»اهـ. رحمه الله
وقد سئل العلامة ابن باز السؤال التالي
ما حكم الصلاة أمام موقد النار أو المدفئة الكهربائية, هل يأثم صاحبها؟
فاجاب :
تركها أولى تكره الصلاة إلى النار، أمام نار تكره الصلاة؛ لأنه فيه تشبه بعباد النار المجوس، فإذا كان قدامه شيء يطفيه، أو يحطه خلفه، أو عن يمينه، أو عن شماله لا يخليه قدامه، يكره أن يصلي إليه والصلاة صحيحة، لكن يكره ذلك، لأن فيه نوع من التشبه.
المذيع/ لو صلى فروضاً هل يعيدها يا شيخ؟ لا ما يعيد، ترك هذا هو الذي ينبغي، يزيل السرج الذي أمامه، أو ينتقل إلى محل آخر، وإن صلى والنار أمامه صحت صلاته، لكن يكره ذلك.) اهـ كلامه رحمه الله والفتوى موجودة على موقعه الرسمي
وهذه فتوى العلامة المجاهد ربيع بن هادي المدخلي حفظه الله
السؤال: ما صحة هذا القول : الصلاة إلى النار بحيث تكون سترة للمصلي لا بأس بها ما لم يصحبها اعتقاد فإنها باطلة، ودليله أن النبي عليه الصلاة والسلام عُرِضت عليه الجنة والنار وهو في صلاته ؟
الـجــواب:
أنا لا أحفظ حديثا ينهى عن الصلاة إلى النار؛ لكن ورد في كلام الفقهاء
وقد يكون لهم حديث ضعيف، أما أنا فلا أذكره الآن، لكن مما أذكره من كلام العلماء أن فيه تشبها بعبدة النار، والرسول صلى الله عليه وسلم نهانا عن التشبه بالكفار فقال : (من تشبه بقوم فهو منهم)
فهذه العلّة جيدة، وإلا من النص فإنها؛ يعني الصلاة إلى النار تدخل في عموم هذا الحديث، ما أعرف نصا يعني واضحا في هذا إلا إذا كان واحد يذكر هذا فليتفضل بارك الله فيكم . أما البطلان، فلا نقدر أن نقول ببطلان الصلاة .) أهـ كلامه حفظه الله وفتواه موجودة على موقعه الرسمي
شبه والجواب عنها
1 : ما بوب به البخاري في صحيحه
قَالَ الإِمَامُ الْبُخَارِيُّ « كِتَابُ الصَّلاةِ »(1/528 . فَتْحُ الْبَارِي ) :
بَابُ مَنْ صَلَّى وَقُدَّامَهُ تَنُّورٌ أَوْ نَارٌ أَوْ شَيْءٌ مِمَّا يُعْبَدُ فَأَرَادَ بِهِ اللهَ
وَقَالَ الزُّهْرِيُّ أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : « عُرِضَتْ عَلَيَّ النَّارُ وَأَنَا أُصَلِّي »
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : انْخَسَفَتْ الشَّمْسُ فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ قَالَ : « أُرِيتُ النَّارَ ، فَلَمْ أَرَ مَنْظَرَاً كَالْيَوْمِ قَطُّ أَفْظَعَ » .
والجواب على هذا الاستلال هو ما يلي :
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ « الْفَتْحُ » : « وَقَدْ نَازَعَهُ الإِسْمَاعِيلِيّ فِي التَّرْجَمَة فَقَالَ : لَيْسَ مَا أَرَى الله نَبِيَّهُ مِنَ النَّارِ بِمَنْزِلَةِ نَارٍ مَعْبُودَة لِقَوْمٍ يَتَوَجَّه الْمُصَلِّي إِلَيْهَا .
وَقَالَ اِبْنُ التِّينِ : لا حُجَّةَ فِيهِ عَلَى التَّرْجَمَةِ ؛ لأَنَّهُ لَمْ يَفْعَل ذَلِكَ مُخْتَارَاً ، وَإِنَّمَا عَرَضَ عَلَيْهِ ذَلِكَ لِلْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ اللهُ مِنْ تَنْبِيهِ الْعِبَادِ .
وَتُعُقِّبَ : بِأَنَّ الاخْتِيَارَ وَعَدَمَهُ فِي ذَلِكَ سَوَاء مِنْهُ ؛ لأَنَّهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يُقَرُّ عَلَى بَاطِلٍ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مِثْلَهُ جَائِزٌ . وَتَفْرِقَةُ الإِسْمَاعِيلِيِّ بَيْن الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ ، وَإِنْ كَانَتْ ظَاهِرَة ، لَكِنَّ الْجَامِعُ بَيْنَ التَّرْجَمَةِ وَالْحَدِيثِ وُجُودُ نَارٍ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَبَيْنَ قِبْلَتِهِ فِي الْجُمْلَةِ .
وَأَحْسَنُ مِنْ هَذَا عِنْدِي أَنْ يُقَالَ : لَمْ يُفْصِحِ الْمُصَنِّفُ فِي التَّرْجَمَةِ بِكَرَاهَةٍ وَلا غَيْرهَا ، فَيُحْتَمَل أَنْ يَكُون مُرَادُهُ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ مَنْ بَقِيَ ذَلِكَ بَيْنهُ وَبَيْن قِبْلَتِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِزَالَتِهِ أَوْ اِنْحِرَافِهِ عَنْهُ ، وَبَيْنَ مَنْ لا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ فَلا يُكْرَه فِي حَقِّ الثَّانِي ، وَهُوَ الْمُطَابِق لِحَدِيثَيْ الْبَابِ . وَيُكْرَه فِي حَقّ الأَوَّل كَمَا سَيَأْتِي التَّصْرِيح بِذَلِكَ عَنْ اِبْن عَبَّاسٍ فِي التَّمَاثِيل ، وَكَمَا رَوَى اِبْن أَبِي شَيْبَةَ عَنْ اِبْن سِيرِينَ : أَنَّهُ كَرِهَ الصَّلاة إِلَى التَّنُّور أَوْ إِلَى بَيْت نَارٍ .) أهـ المراد من كلام الحافظ ابن حجر رحمه الله
وقد اجاب كذلك العلامة المجاهد ربيع بن هادي المدخلي عن اجابة البخاري في تبويبه لهذا الباب في الصحيح فقال :
السؤال: هنا حديث في البخاري؛ قال رحمه الله في صحيحه : ( باب من صلى وقدامه تنور أو نار أو شيء مما يعبد فأراد به الله ) ثم قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم ( عرضت علي النار وأنا أصلي ... ) هل يأخذ من هذا الأمر مشروعية جواز الصلاة إلى النار ؟!
الـجــواب:
الله هو الذي عرضها عليه؛ عرض عليه الجنة والنار، هل هذا للتشريع وبيان حكم الله في هذه القضية ؟!
كما نعلم أنه إذا تعارض الحاظر والمبيح يقدم الحاظر كما في علم الأصول، فالصلاة إلى النار تعمدا من غير اضطرار -وأنت تعلم أن هناك من يعبد النار، الرسول صلى الله عليه وسلم نهانا عن الصلاة عند طلوع الشمس؛ لماذا ؟ لأن الكفار يسجدون لها في هذا الوقت، وهي تطلع بين قرني شيطان، وعند الاستواء وبعد العصر ويشتد النهي عند تهيئها للغروب؛ لماذا ؟ لأن فيه تشبها بالكفار، هناك تفاصيل كثيرة في النهي بالتشبه بالكفار؛ ( صلوا في نعالكم فإن اليهود لا يصلون في نعالهم ) ( صَلُّوا في نِعَالِكُمْ وَلا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ )(1)
فلا يُتشبه بهم، نهانا عن حلق اللحى فلا نتشبه بهم، يقول ابن تيمية : الدين مبني على مخالفة أعداء الله . فالبخاري قد يتفقه رحمه الله وكلّ يؤخذ من قوله ويُردّ إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني الرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يصلي باختياره إلى النار .) أهـ كلامه حفظه الله والفتوى موجودة على موقعه الرسمي
2 : أن تلك النار تتوهج وهذه لا تتوهج
والجواب عليه : هو أن العلة ليست بالوهج وعدمه انما العلة من النهي هو مشابهة الصورة قال الحافظ ابن رجب رحمه الله (...ووجه الكراهة : أن فيه تشبها بعباد النار في الصورة الظاهرة ، فكره ذلك ، وإن كان المصلي يصلي لله ، كما كرهت الصلاة في وقت طلوع الشمس وغروبها لمشابهة سجود المصلي فيه سجود عباد الشمس لها في الصورة ، وكما تكره الصلاة إلى صنم والى صورة مصورة " أهـ."فتح الباري" لابن رجب (3/209)
وقال العلامة القرعاوي رحمه الله ( وأما استقبال النار في الصلاة فهو من التشبه بأعداء الله، ومن وسائل الشرك وذرائعه الموصلةِ إليه، ورسول الله حمى حِمى التوحيد، وسد كلَّ طريق يؤدي إلى الشرك، ومن المعلوم أن باب سد الذرائع باب مهم جدا ينبغي للمفتي أن يجعله على باله، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله في كتاب «إعلام الموقعين» في الوجه الحادي والثلاثين: أنه –صلى الله عليه وسلم- كره الصلاة إلى ما قد عُبد من دون الله تعالى. قطعاً لذريعة التشبه بالسجود إلى غير الله تعالى»اهـ.
إنتهت الرسالة والحمد لله رب العالمين