سلسلة تفسير سورة الفاتحة-2- (من فضائل سورة الفاتحة)

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,283
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
من فضائل سورة الفاتحة :
الحديث الأول : عن أبي سعيد بن المعلى رضي الله عنه قال : ( كنت أصلي فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال : فأتيته ، فقال : ما منعك أن تأتيني ؟ قال : قلت : يا رسول الله إني كنت أصلي ، قال : ألم يقل الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ}.
ثم قال : لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ، قال : فأخذ بيدي ، فلما أراد أن يخرج من المسجد قلت : يا رسول الله ، إنك قلت : لأعلمنك أعظم سورة في القرآن ، قال : نعم : {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته) .

من فوائد الحديث :
1- جواز دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم وندائه لمن يصلي النافلة ، وهي خاصة له ، وفي حياته ، وكذلك للأم حق نداء الولد في صلاة النافلة ، وله شاهد من حديث الراهب الذي دعته أمه في الصلاة فلم يجبها ، فدعت عليه ، فاستجاب الله دعاءها ، كما في الحديث الذي رواه مسلم .
أما غير الرسول والأم فلا يجوز نداء أحد في صلاته ولا يجب على المصلي إجابة النداء في صلاته إلا إذا كان لإنقاذ إنسان من خطر محقق ، أو لضرورة .
2- وجوب تلبية نداء الرسول صلى الله عليه وسلم لقول الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} .
3- حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم أصحابه ما ينفعهم ، وتشويقه لهم :
)لأعلمنك أعظم سورة في القرآن) .
4- حرص الصحابي على العلم، وتذكيره للرسول صلى الله عليه وسلم بما وعده به ، وذلك حين قال له : يا رسول الله ، إنك قلت : لأعلمنك أعظم سورة في القرآن .
5- استجابة الرسول صلى الله عليه وسلم لتذكير الصحابي، ووفاؤه بما وعده إذ علمه
(الحمد لله رب العالمين) .
6- في الحديث دليل على أن الفاتحة أعظم سورة في القرآن وهي السبع المثاني والقرآن العظيم .

الحديث الثاني : عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : كنا في مسير لنا ، فجاءت جارية فقالت : إن سيد الحي سليم (أي لديغ) ، وإن نفرنا غُيب فهل منكم راق ؟ فقام معها رجل ما كنا نأبنه ( أي نعيبه أو نتهمه) برقية ، فرقاه فبرأ ، فأمر له بثلاثين شاة ، وسقانا لبناً ، فلما رجع قلنا له : أكنت تحسن ؟ أو كنت ترقي ؟ قال : لا ، ما رقيت إلا بأم الكتاب ، قلنا : لا تحدث حتى نأتي ونسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قدمنا المدنية ذكرناه للنبي صلى الله عليـه وسلم ، فقال : ( وما كان يدريه أنها رقية ؟ إقسموا واضربوا لي بسهم) .
وفي رواية مسلم : أن أبا سعيد هو الذي رقى المريض .

من فوائد الحديث :
1- الرجوع عند الاختلاف إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهم : قال الله تعالى : {فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} .
والرد إلى الله يكون بالرجوع إلى كتاب الله ، أما الرد إلى الرسول فيكون بالرجوع إليه عندما كان حياً ، والرجوع إلى سنته وأقواله بعد وفاته صلى الله عليه وسلم .
وفي الحديث : ( تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما : كتاب الله وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض) .
2- التحاكم إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم واجب على الصحابة والمسلمين .
3- جواز الرقية بالفاتحة، وما جاء في السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم .
4- علاج اللديغ يكون بقراءة الفاتحة والدعاء، وبالتداوي والأخذ بالأسباب : قال صلى الله عليه وسلم : ( يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له دواء) .
5- جواز أخذ الراقي الأجر على الرقية الشرعية، فالراقي أحقُ بالأجر من الشخص الذي يعالج علاجاً مادياً كالطبيب أو غيره، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم :
(أحقُ ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله).
فليس المراد بهذا الحديث أن يأخذ الإنسان أجراً على قراءة القرآن على الأموات، أو على الأحياء لإسماع الناس التلاوة، فإن هذا لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ، والأئمة المجتهدون .
6- جواز رقية المسلم لغير المسلم : حيث جاء في رواية البزار في حديث جابر :
(فقالوا لهم : قد بلغنا أن صاحبكم جاء بالنور والشفاء ، قالوا : نعم) .
لأنهم قالوا : صاحبكم ، ولم يقولوا : رسول الله .


فوائد الرقية بالفاتحة :
1- قال ابن القيم في "الجواب الكافي" في الصفحة الثالثة :
فقد أثر هنا الدواء في هـذا الداء وأزاله ، حتى كأنه لم يكن ، وهو أسهل دواء وأيسره، ولو أحسن العبد التداوي بالفاتحة لرأى لها تأثيراً عجيباً في الشفاء .
ومكثت بمكة مدة تعتريني أدواء ، ولا أجد طبيباً ولا دواء ، فكنت أعالج نفسي بالفاتحة ، فأرى لها تأثيراً عجيباً ، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألماً ، فكان كثير منهم يبرأ سريعاً .
2- ولكن هاهنا أمر ينبغي التفطن له، وهو أن الأذكار والآيات أو الأدعية التي يُستشفى بها، ويُرقي بها هي نفسها نافعة شافعة، ولكن تستدعي قبول المحل ، وقوة همة الفاعل ، وتأثيره ، فمتى تخلف الشفاء كان لضعف تأثير الفاعل ، أو لعدم قبول المنفعل ، أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجح فيه الدواء ، كما يكون ذلك في الأدوية والأدواء الحسية ، فإن عدم تأثيرها قد يكون لعدم قبول الطبيعة (أي طبيعة البدن) لذلك الدواء ، وقد يكون لمانع قوي يمنع من اقتضائه أثره ، فإن الطبيعة (أي الأجسام) إذا أخذت الدواء لقبول تام كان انتفاع البدن به بحسب ذلك القبول ، فكذلك القلب إذا أخذ الرقى والتعاويذ بقبول تام ، وكان للراقي نفس فعالة ، وهمة مؤثرة في إزالة الداء . (انتهى) .
الحديث الثالث :عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعنده جبريـل إذ سمع نقيضاً (أي صوتاً) فوقه ، فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال : هذا باب قد فُتح من السماء ما فُتح قط ، قال : فنزل منه ملك ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : أبشر بنورين قد أوتيتهما ، لم يؤتهما نبي قبلك : فاتحة الكتاب ، وخواتيم سورة البقرة : لم تقرأ حرفاً منها إلا أوتيته) .

من فوائد الحديث :
1- نزول جبريل عليه السلام ، وزيارته للنبي أحياناً .
2- حدوث صوت في السماء يدل على أمر مهم .
3- للسماء باب لم يفتح قط ، ونزول ملك تكريماً له صلى الله عليه وسلم .
4- الملك يُبشر النبي صلى الله عليه وسلم بنورين قد أعطاهما الله لـه ولم يعطهما لنبي قبله .
النوارن : هما : فاتحة الكتاب ، وأواخر سورة البقرة ، (وفاتحة الكتاب : هي سور الحمد ، وخواتيم سورة البقرة هما الآيتان :
{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ}
{لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلاَ تُحَمِّلْنَا مَا لاَ طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَآ أَنتَ مَوْلاَنَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} .


 
رد: سلسلة تفسير سورة الفاتحة-2- (من فضائل سورة الفاتحة)

و فيك بارك الله.
أحسن الله اليك.
 
آخر تعديل:
رد: سلسلة تفسير سورة الفاتحة-2- (من فضائل سورة الفاتحة)

بارك الله فيك
وجعله في ميزان حسناتك
 
رد: سلسلة تفسير سورة الفاتحة-2- (من فضائل سورة الفاتحة)

بارك الله فيك أخي
وجزاك الله كل خيرا
ان شاء الله في ميزان حسناتك
 
رد: سلسلة تفسير سورة الفاتحة-2- (من فضائل سورة الفاتحة)

و فيك بارك الله.
أحسن الله اليك، لزالت السلسلة مستمرة بإذن الله مع تفسير الجزء الأخير من القرأن، جزء عمَّ يتساءلون.
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top