سلسلة تفسير سورة الفاتحة-6-(تفسير الرحمان، الرحيم )

ابو ليث

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
8 جانفي 2010
المشاركات
10,466
نقاط التفاعل
10,283
النقاط
356
محل الإقامة
الجزائر
الرَّحْمَنِ الرَّحِيم:
(الرحمن الرحيم) : إسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة ، والرحمن أشد مبالغة من الرحيم ، والرحمن مشتق ، ودليل ذلك عن عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( قال الله تعالى : أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسماً من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته) .
قال القرطبي : هذا نص في الاشتقاق فلا معنى للمخالفة والشقاق .
روى ابن جرير بسنده عن العزرمي يقول : "الرحمن الرحيم" قال :
الرحمن : لجميع الخلق ، الرحيم : قال : للمؤمنين .
قالوا : ولهذا قال تعالى : {ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ} .
وقال : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}
فذكر الاستواء باسمه الرحمن ، ليعم جميع خلقه برحمته .
وقال : {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} فخصهم باسمه الرحيم .
قالوا : فدل على أن الرحمن أشد مبالغة في الرحمة من (الرحيم) لعمومها في الدارين .
الرحمن عام والرحيم خاص .
(الرحمـن) : أي يرحـم أهل الدنيا والآخرة ، و (الرحيم) خاص بالمؤمنين يوم القيامة.
إن الله يرحم المؤمنين والكافرين في الدنيا على السواء وذلك من نواحي أمورهم المعاشية ، وأسباب حياتهم ، وما يكفل لهم حياتهم الدنيا ، فرحمته هنا عامة وإذا لم تكن الرحمة هذه عامة، لا تتكامل أسباب التكليف من الإنعام عليهم بنعمة العقل الذي بواسطته يعرفون الحق من الباطل ، ونعمة تسخير ما في الكون ليستفيد منها أهل الأرض من الإنس والجن .
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً} ، فتكامل أسباب التكليف في الدنيا سيكون عليه في الآخرة مدار الحساب .
وأما ما جاء في الدعاء المأثور :
( يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما) ، فقوله :
رحيمهما محمول على معنى أنه يرحم المؤمنين في الدنيا فيما أطاعوه من الإيمان به ، وتنفيذ أوامره ، واجتناب نواهيه وتسهيل سبل ذلك لهم ، ويرحمهم في الآخرة بإدخالهم الجنة جزاء ما أسلفوا من إيمان وطاعة : فطاعتهم لـه في الدنيا رحمة منه تعالى ، وجزاؤهم بالجنة ، رحمة منه تعالى ، وهذا معنى قوله : رحيمهما ، والله أعلم .

فائدة مهمة :
قوله تعالى : {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} وصف نفسه بأنه الرحمن الرحيم ، لأنه لما كان في اتصافه بـ{رَّبِّ الْعَالَمِينَ} ترهيب قرنه بـ {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} لما تضمن من الترغيب ليجمع في صفاته بين الرهبة منه والرغبة إليه ، فيكون لعباده أعون على طاعته وأمنع من معصيته، كما قال : {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ} .
وقال تعالى : {غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ} .

من هداية الآية
1- الرحمن : اسم خاص بالله تعالى لا يجوز تسمية غيره به ، ولا بأي اسم خاص له .
ومثله : ( الله ، والخالق ، والرازق ، ونحو ذلك )
2- الرحيم : اسم و صفة لله تعالى ، وقد وصف به غيره :
قال الله تعالى : {لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} .
ومثل الرحيم، السميع والبصير ، قال الله تعالى : {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا} .
3- في الآية دليل على توحيد الأسماء والصفات : (الرحمن الرحيم) .
63
 
آخر تعديل:
رد: سلسلة تفسير سورة الفاتحة-6-(تفسير الرحمان، الرحيم )

ﺷـﻜــ ﻭﺑﺎﺭﻙ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﻴﻚ ـــﺮﺍ ﻟﻚ ... ﻟﻚ ﻣﻨﻲ ﺃﺟﻤﻞ ﺗﺤﻴﺔ
 
رد: سلسلة تفسير سورة الفاتحة-6-(تفسير الرحمان، الرحيم )

بارك الله فيك
جعله في ميزان حسناتك
 
رد: سلسلة تفسير سورة الفاتحة-6-(تفسير الرحمان، الرحيم )

بارك الله فيك أخي
وجزاك الله كل خيرا
ان شاء الله في ميزان حسناتك
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top