جلَستْ الرفيقتان على طاولة الحب بعد عناق دام أكثر من ربع ساعة ، أبكت المتواجدين في المطعم لمشهد مؤثر يعتصر له الفؤاد ويثني على تشابك روحيْهما فرحا .. أنه مازالتْ ولله الحمدُ صداقةٌ تغالب أشواك المصلحة ، ظلتا دهرا من الزمن وكأنهما صعدتا نحو الفضاء فتم احتساب الوقت المار عليهما بالسنة الضوئية
-نور :" أيا رفيقة الزمن ، ما أنت ببعدي فاعلة ؟"
-هدى : "آه يا نصفي ، ماترك لي الزمان بعدكم قلبا أعيش به ، أخذتموه حين الفراق ومازال لحد الساعة ممغنطا عندكم ، رجيته التوقف عن ذكركم فآلمني بشوق الآنين وطعنة فقدكم"
-نور :"يا الله .. رحمةً بقلبك يا رفيقة .. ولا أظنني بعيدة عن ما قلته وإنما أحتسب لك وليّ الاجر "
-هدى : " هاه ، هات ما عندك من تلونات الحياة .. ما الجديد؟ وكيف حال القديم وما أحوال أحلامنا ؟ "
-نور :" أتيت والله بملح على الكَلْمِ ، فذريني أبدأ من آخر الأسئلة .. أحلامنا تلك التي رسمناها ، تحققت والفضل لله وجزء منه أباه المجتمع أن يمشي عكسه والله المستعان "
-هدى :" لحظة .. ما الشيء الذي أعاقه المجتمع ، آمل أن لا يكون ختمكِ للقرآن "
-نور :" لا يثنيني شيء مهما حال عن حفظ كلام ربي ، تذكرين أحلامنا الجميلة وكم كانت بريئة يوم رسمناها على ورقة مزخرفة وزيناها بشموع الأمل وورود الخير وتفاصيل الابتسامة [ واخرجت ورقةً من حبيتها ] هاهي ذي ، وجل ما فيها تحقق والحمد لله ، بقي ذلك الشيء الذي لم أستطع تحقيقه وهو " الجلباب "
-هدى [ انتبهت للباسها إلا لهذه الوهلة لأن لُقْياها شغلاها عن كل شيء ] :" ياه لم أنتبه عذرا رفيقتي .. كان همي هذا الوقت سماع صوتك الندي ورؤية وجهك المخملي ولم ألحظ هيئة حجابك ، يبدو اننا توأمتان بحق، ومثلك يا عزيزتي ما لبسته ، وكان المعارضون من أقرب الناس إليّ " أمي " ااااااه إنه لواقعٌ يمدنني على مقصلة الخضوع ويمنعني عن النطق حرفا وإلا حتمية الموت تنتظرني .. فكيف برأيك الحل ؟ "
-نور: " ذلك ما أعياني وأعيا جفوني لا يأتيها الكرى ولا تنعم به ، حالمةً بلبسه والتفافه عليّ ، مترقبة الثلث الاخير من الليل أدعوه عزّ وجلّ أن يحقق هذه النجمة التي أراها إلا في سواد الليل ، فما أغربنا يا هدى تُرانا أحسنّا الدعاء ؟ أم استعجلنا الإجابة ؟ أم لم نأخذ بالأسباب ؟ "
-هدى :" يبدو ذلك يا عزيزتي ، قد جمعنا أسباب منع إجابة الدعاء الثلاثة .. لا آداب طبقْناها ولا ثقة برب العالمين ولم ننطلق في أن نحتال على معارضينا بأبلغ أساليب الإقناع "
-نور:" أتعلمين .. إن معكِ كل الحقِ فيما قلْتِ ، عن نفسي لم أجرب أن أرتدي شبيها بالجلباب لأرى ردة المقربين .. حتما سيبدو الاستياء بادئ الأمر ثم يرضون .. يااااااااه أين كنت من هذا التفكير ؟ "
-هدى :" أرأيت أننا بدأنا في أخذ يديّ بعضنا نحو جنة الحياة .. سنعلن فكرتنا ثم ترى ردة الفعل ومن ثم ما يلبث الأمر أن يصبح من عهد كان ، أظننا نحن من سنمدد الواقع على مقصلته "
-نور :" يا توأمي الذي لم تلده أمي .. كان لالتقائي بك خير عظيم رزقنيه الله ، فأحمده تعالى على هذه النعمة حمدا عدد الحركان والسكنات وحبات الرمل والمطر ، أَنْعِمْ ، أنعم به من أخت .. "
بكت هدى لكلمات نور الشجية ، فما عساها تنطق بعد هذه الدرر التي باح به ثغرها اللؤلؤي ، بكت بكاء الفرح تدعو بين دموعها أن يحفظ الله أختها من كل سوء وسرت بين ثنايا قلبها أدعية كُثُرْ تلوذ بها للخالق في جوف الليل ، هي الصداقة فأنّا نجدها إلا من اجتمع بينهما " الحب في الله "
-
وحب الجلباب 3>
آخر تعديل بواسطة المشرف: