في زاوية سوق شعبي جلست على الرصيف ارتاح قليلاً من حر الصيف وقد بدا الارهاق والعطش بادياً على وجهي المنهك
كان أمامي مقهىً .. سأنظر هل لديه شربة ماء بارد تعينني على مواصلة المسير نهضت من مكاني .. أيها البائع هلا سقيتني كأساً من الماء ؟!
نظر إليّ وكله تعجب !
ظننته لم يسمعني فأعدت هل لي بكأس ماء بارد ، من فضلك؟
هل قلتي ماءً ؟
نعم .. ماذا هناك لم هذا التعجب؟!
انفجر الحاضرون ضحكاً ، لم افهم ..
قال عفواً سيدتي . لدينا بيرة ، خمراً أقصد ويسكي ، ثم إذا أردتي قهوة أو شاي هناك في آخر الشارع تجدين مقهىً يبيع ماتريدين وربما تجدين شربة ماء!
ربما كانت حانة أحدهم ربما أنا مخطئة !
فجأة سمعت صراخ طفل : أبي أريد لعبة جميلة ؟ حسناً بني أنظر ماذا تريد ؟!!
أريد ... أريد سيفاً يأبي ، سأبارز صديقي وأتغلب عليه !!
نهره والده : هذا يا بني ليس للمبارزة إنه للزينة !! سنشتري واحداً نزين به المنزل وأشتري لك كرة القدم أو جهاز العاب الكترونية ما شأنك بالسيف ؟!
انسحبت وقلبي يكاد يقف هل أصبح السيف للزينة ؟! يا إلهي أين أنا ؟؟ وأي زمن هذا؟
ثم .. بعد خطوات سمعت أصواتاً تعلو بالضحك اقتربت .. ما رأيكم اليوم بحضور عرض مميز للخيول ؟!
عرض؟!! وأضاف أحدهم : أفكر في شراء خيل أعرضه ثم بعد ذلك أشترك به في مسابقة الخيل لهذا العام عليّ أزيد من ارباحي و أجني مالاً يمكنني من السفر والسياحة دون قيود ؟!!
ثم وعلى يساري : تناديني فتاة سافرة هااي .. رددت عليها : وعليكم السلام .. رمقتني بنظرة ساخرة .. ثم ضحكت : متخلفة ؟؟!!
أطلقت ساقاي للريح ، سأخرج من هنا قبل أن أفقد عقلي ، هل أصبحت العروبة في المتاحف وصالات العروض ماذا بقي من عروبتنا وحضارتنا إذا لم نعد نتذكر لغتنا حتى !!.
مشيت وقد أنهكني التعب جلست استريح .. غفوت قليلاً .. وإذا بي أمشي في أزقة القدس يلوح لي من بعيد غصن الزيتون و رائحة الغار تفوح فتشرح الصدر وتزيح الغمة ..
قطع متعتي صوت الرصاص ودوي انفجارات اختبأت خلف أحد الأسوار ..
طفل يقاوم السلاح بالحجارة ، وأب يحتضر ويلوح بيده لولده أن تابع طريقي ..
تغمضه زوجته وقد ودعت أخاها قبل لحظات ،
كان الجميع يستنجد ويصرخ ولكن .. كان صراخهم يذهب أدراج الرياح غلبت رائحة البارود على الأجواء وحالت النيران دون رؤية غصن الزيتون !
نهضت مسرعة وركضت إلى جهة غير معروفة
لأجدني أقف في المسجد الأقصى !!
هممت بالدخول فإذا برجل مسن يبدو عليه التعب والحزن الشديد
السلام عليكم ؟ كيف حالك أيها الشيخ !!
نظر إلى بعينين أغرقتهما الدموع ..
بعد صمت طويل .. قال لي:
أنا رجل فقد أبناءة وبقي وحيداً يقاسي ألم الوحدة والعقوق !!
تناحر أبنائي وحرقوا أرثي خوفاً على أبنائهم من أن يتعرفوا علي .. أنهم يروني عاراً عليهم .! لست أعجب ما يفعله أعدائي بي ولكن عجبي من عقوق سافر يقيدني ويدمي قلبي !
ماذا بقي من جسدي الممزق وأنفاسي المحترقة
واه أسفا على حالي !!
لكن من أنت يا سيدي!!
ألم تعرفيني بعد ؟!
أنا العربي يا ابنتي !!
تابعت خطاي ، !
استيقظت وسالت دمعة حراء على خدي
واه أسفا على حالي .. أنا العربي.
آخر تعديل بواسطة المشرف: