ثَلَاثُ لَيالْ..،

إيمان~

:: عضو مُتميز ::
إنضم
15 ديسمبر 2014
المشاركات
560
نقاط التفاعل
2,075
النقاط
56
الجنس
أنثى


do.php

ثلاث ليالٍ.،
_______

ثلاث ليالٍ كانت كافية لتصنع في نفسي كل هذا الدَّمار
بعد أن فَسَخْتُ عمْدا أو سَهْوا عقدَ اللؤلؤ..
وانطلَقْتُ راكِضة في المجهول كغجَرية فاجأها المطَر أثناء الرَّقْص

ضنَّتْ أنها تُجيدُ الرَّقصْ حدَّ الهُيام
لكنِّها نسِيتْ أنَّ رقصها دوما ما كان "مُنْفَرِدا"


أسدلتْ شعرها للريح . خلعتْ حذاء الكعب العالي
و أطقم الملابس المُتحضِّرة و عادَتْ غجريَّة من عصر النَّار و الرَّماد ..،
و ككل أساطير الملوك و الغجريات الفاتنة ، هناك تعويذة ملعونة تحُفُ أسْطورتَها
تُدعى العِناد ..،

اللَّعنة دامت ثلاث ليالٍ..،
و فقدت الغجرية قدرتها على المَشي
لقد كانت تُدرك مُنْذ البداية أن ساقاها ستخونانها
و لكنها عانَدت ..؛
لقد أرادت أن تحْلُم يوما ما برقصة ثُنائية مع أمير غير وهمي
ونسيت أنها لا تجيد الثُنائيات ولو في الأحلام

*****
لقد ركضت طويلا تحت المطر الملْعون ، و توغَّلتْ حيث لا يَجِبُ أن تكونْ
إلى ماوراء قِلاعِ الحُلم
فارسُها الوهْمِي كان أخرسَ ، كان بلا ملامح
لَم ترَ يوما في وجهه الممسوح المبهم شيئا
ولم تعرف أبدا ما إذا كان خائب الأمل ، أو رُبما غاضبا
ضنَّتْ و هي تنظر إلى خُطُواته وهو يُراقصها ، أنه حتما يبتسم
فالفرسان و الغجريات يبتسمون أثناء الرقص

ولكنَّها عانَدتْ ..،
و ركَضت إلى خلف قِلاع الحُلْم بَحثا عن أميٍر غير وهمي
أميرٍ ترى في وجهه ابتسامته و لا تُتَرجمُها من خطوات رقصه

كان الجَّوُ ماطِرا ساحِرا ...
أخذ بيدها المُرتعِشَة بردا و خوفا ...
و قادها في رقْصةٍ لَمْ تَعْرِفها يوما
*****

الليلة الأولى ..،
رقصا طوال الليل ... كان الإيقاع ساحرا، و كان اشتباكُهما يُشْبِهُ الخَجَلْ..،
و أدركهما الصَّباح و غطَّت الشَّمسُ جسَد الغجرية البارد بشيء من الدِّفء
و غادر الأمير على عجل ..؛

قدماها تؤلمانها قليلا ، لكن ليس هذا ما يُقلِقُها ،
إنَّها تائِهة على حُدود القَلعة بين الحقيقة و الحُلم
لا تعرفُ من أين الطريق
و قدماها مُتعبتان و قلْبُها جائع
******
ْ
الليلة الثَّانية ..،
كان المطر حاضرا بغَضَبْ ، ازداد الجوع في قلبِها ، وخوفُها مازال يكبر
كيف تعود ياتُرى من حيثُ جاءَت
و عاد الأميرُ بِكُلِّ وجودِهِ، أبعد ما يكونُ عن الأوهام

قدماها تُؤلمانها قليلا ، لكنها خائفة و جائعة ...
و دعاها للرَّقص و لم ترفُضْ
رقصت معه طويلا ، كان يسحبها ، يُبعِدُها ، يدور بها يمينا و شمالا
كامرأة من ضباب ، يُشكِّلُها كما يشاء

الألم في قدميها يزيد
و في قرارة نَفسِها أدرَكت أنها مُجرَّدُ ضباب ، بلا وجه و لا ملامح ، بلا جسد
يُشكِّلها كيفما شاء .،

لكنها لم تستطع أن تتوقف عن الرَّقص
قدماها تقتُلانها ألما..،
كُلُّ كيانها يرفُضُ هَذا الرَّقص العذاب
تشَّبَّثت عيناها به ..، تتوسَّلهُ أن يَراها ...
أن يُدركها او يكتشف دموعها و ألمها ...
ولكنه لم يفعل
و فاجأهُما الصَّباح ..،
وغادر الأمير و ابتسامة الرضا على وجهه ذو الملامح الحقيقية

و الغجرية يقتُلها الألم جلست في الوحل ترجو ساقيها ألا تخذُلانها
فهي لم تسأل الأمير بعد عن اسمه ، عن قصته ، عن حُبه و عن رقصه العذاب
ولم تشاء شمس ذلك اليوم أن تغْرُب و كأنها تُرثي لحالها ... انتظَرَتها طويلا حتى تهْدَأ...
ثُمَّ غابت ..،
*****

الغجرية لا تعرف طريق العودة و لا تملك إلّا أن ترْقُص
لم تعُد تملك شَيئا
تنتظرُ أن تَرْتاح قدماها ... حتَّى فاجأها الليل في ...

الليلة الثالثة ..،
جاء أميرها مَجهولُ القِصة من اللامكان
و أحضر لها حِذاءا للرقص

الغجرياتُ يَجِبُ ألا يلبسن أحذية للرقص ..،
لا يمكنُهُنَّ سَجْنُ تمَرُّد مشاعرهن في الأحذية

لكِنَّهُ الأمير ..، لن تستطيع أن ترْفُض الهدية الوحيدة و رُبما الأخيرة منه....
لا تستطيع ان تفعل شيئا إلا الرقص بحذاء لا يناسبها على إيقاعٍ لا تُتقِنُهُ
طوال الليل

عاد الألم فَجأة و كأنه اختبأ في أوصالها منتظرا الموعد
نظرت إلى الأمير تستجديه تتوسَّله
أرادت منه ألا يدعوها الليلة ... أو على الأقل أن ينزع عنها ذاك الحذاء الملعون .،
أرادت أن توقفه ..، و يجلسا معا يتأملان النجوم التي تتلألأ لأول مرة ... و تسأله بعض الأسئلة ثم تُغني له ...
هذا كل ما أرادت منه

لكنَّه حين جاءها بالحذاء أعلن لها سِرًّا أنها مُجرَّدُ راقصة لا أكثر
الراقصات فقط يلبسن الأحذية
أحاديثُ الغجر و أغانيهم
عدد النجوم في السماء و أضواءها
ألم قدميها ....
لا شيء من هذا يُهمه مُطلقا ..،

أرادت أن تصفعه لتزيح النظرات الساخرة من على وجهه و تعيده إلى واقعها
لكِنَّ المطر الملعون عاد للسُّقوط من جديد
و طُقوسُ عذابها بَدأت رغما عنها ...

كانت تعلم أن ساقاها لن يحملاها طويلا
و ألم جديد زاد على القديم ...
و الليلة الثالثة بدت طويــــــلة جدا بلا نهاية
،
لم تعُد تعرف كيف تخطو أو أين تقف
لم تعد تسمع إيقاعا أو لحنا
و اختفى وجه الأمير خلف غشاوة الدموع التي لا يراها
انتحبت طويلا
كانت تودِعُ في رقصتها الأخيرة كل ما فيها
حلمها و واقعها
أميرها و فارسها الوهمي
طريق العودة
و الرقص
لكنها لم تتوقف ...،
لأنها أدركت أنها رقصتها الأخيرة مع الأمير
ورُبما الأخيرة في حياتها

و عليها أن تمضي بها إلى النهاية

في قرارة قلبها الجائع أكثر من أي يوم، الخائف أكثر من أي ليلة
كانت تريد أن يحملها الأمير بين ذراعيه قبل أن تسقط و تتهاوى
أرادت أن يقول لها "لنتوقف هنا أيتها العنيدة ، دعينا نرتح طويلا
و سأعلمك الرقص حين تجهزين لدخول قصري
"

أرادت منه أن يكون فقط ثقيل الظل ..، يتلذذ بعذابها قليلا ثم يعود مُشرق الوجه إليها
كما رأته أول مرة
أمنيتها الغالية منعتها من التوقف
و عنادها منعها من الكلام ..،

و رقصا حتى استأذنت الشمس الشروق من الفجر
و جاءت أشعتها هذه المرة سهاما قاطعة عليها
*****

و قعت الغجرية لا تستطيع الوقوف
واستسلم ساقاها النحيلان للألم المفجع
و استسلم قلبها للخواء
رفعت عينها في نظرة بلا أمل إلى الأمير
و عرفت أخيرا أن ماكانت تظنه ابتسامات
كان ازدراءا و غضب
و خيبة ملفوفة بالعناد

هو أيضا عاندها كثيرا
عاندها طوال الليال الثلاث
حتى كَسَرها
اقترب منها قليلا ...،
ثم نزع عن قدميها اليابستين الحذاء وقال :
لم تعودي تحتاحينه ..،
و لا تنتظريني هنا بعد اليوم


أرادت أن تصرخ بأعلى صوتها و عذابها و تقول له...
أنها لم تنتظره عمدا
و لم تنتظره لترقص
أرادت أن تخبره أنها أضاعت طريق العودة و أنها خائفة أن تضل أو تموت جوعا
أرادت أن تخبره أنها و في كل ليلة ..، كانت تراقصه أملا أن يأخذها معه
أو أن يُريها الطريق على الأقل

لم تخرج من حنجرتها. المبحوحة كلمة
كانت قد جفَّت أيضا
و لأول مرة يرى دموعها ..،
لكن بلا تأثر
فقد فات الأوان
و فقدت الغجرية القدرة على الرقص





كُتِبَتْ في الزَّمن المَنْسي
بِمَشاعِرَ مُزيَّفَة النِّسيان
 
آخر تعديل بواسطة المشرف:
رد: ثَلَاثُ لَيالْ..،

؛

خيالية أنت ,,
{ ومدهشة ,,

قراءة أولى ، وعودة لنناقش القصة ، بعد الكثير من التأمل ,, :-r



يُثبّت
 
رد: ثَلَاثُ لَيالْ..،

؛

خيالية أنت ,,
{ ومدهشة ,,

قراءة ، وعودة لنناقش القصة ، بعد الكثير من التأمل ,, :-r



يُثبّت



كانت زيارة سريعة إلى أرض المعجزات
خرجت منها أحمل في يدي هذه الأسطورة


أنتظر عودتك
و الفخر كله لي حين تقرأ لي


شكرا يآسين
 
رد: ثَلَاثُ لَيالْ..،

الشاعرة ، القاصّة / إيمان~ ؛؛
كأن خلف الحكاية { أنثى تلاطمت أحلامها يمنى ويسرى ,,
ورغم ذلك ظلت تتعكّز حتى { كسر العود ..!

فكانت تسير مثخنةً بالجمال ،،
رغم الألم ..!

حيث نسجت من الأقصوصة ،، عناقيدٌ شهيةُ الطعم ،،
لذيذةُ النهاية !
كالعطر أستنشقته الزوايا
ونحن .،
كُل الشكر ،
ومفعمُ التحايا

{ لقلمكِ المبدع سربٌ من شكرْ :-r



وشكرا لأنك { هنا ,,
 
رد: ثَلَاثُ لَيالْ..،

الشاعرة ، القاصّة / إيمان~ ؛؛
كأن خلف الحكاية { أنثى تلاطمت أحلامها يمنى ويسرى ,,
ورغم ذلك ظلت تتعكّز حتى { كسر العود ..!

فكانت تسير مثخنةً بالجمال ،،
رغم الألم ..!

حيث نسجت من الأقصوصة ،، عناقيدٌ شهيةُ الطعم ،،
لذيذةُ النهاية !
كالعطر أستنشقته الزوايا
ونحن .،
كُل الشكر ،
ومفعمُ التحايا

{ لقلمكِ المبدع سربٌ من شكرْ :-r



وشكرا لأنك { هنا ,,



هَذِه الأَنا التي خَلعَت عباءة العَقل و المنْطق

راحت تَركُض عارِية القلب حُرَّة المَشاعر

فكانت الأسطورة

لا يهم الألم ، و لا الوجع ، و لا الكسور و الخيبات

قلبي مازال ينبض

قلمي مازال يكتب


و شكرا لحظورك المدهش يآسين
 
رد: ثَلَاثُ لَيالْ..،

بارك الله فيك
 
رد: ثَلَاثُ لَيالْ..،

أهلاً بحرف إيمان~
مسكينة تلك الفتاة كل ليلة ترسم أحلامها وتفترش أمنياتها لكن دون جدوى
غاليتي
كتبت بإبداع...فأنت دائما رآقية بإختياراتك
مميزة كما عهدناك
ورد الجوري لقلبك
 
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top