خطة البحث
المبحث الاول:البينة والقرائن في الشريعة الإسلامية
المطلب الأول:البينة.
المطلب الثاني:القرائن.
المبحث الثاني:الإقرار واليمين في الشريعة الإسلامية.
المطلب الاول:الإقرار.
المطلب الثاني:اليمين.
خاتمة
المقدمة
ان المتتبع لنصوص الشريعة الاسلامية في مصادرها ومواردها يجد فيها شواهد عديدة تتميز بها قواعد الاثبات عن القانون الوضعي حيث ان هذا الاخير لم ياخذ بها و قد عرف فقهاء الشريعة الاسلامية الاثبات بانه اقامة الدليل امام القضاء بالطرق التي حددتها الشريعة الاسلامية على حق او واقعة معينة تترتب عليها اثار .
أما فيـما يتعلق بأدلـة الإثبات في الفقـه الإسلامي، فإننا نجدها قد انقسمت إلى قسمين رئيسيين: قسم اتفق الفقهاء على حجته وقبوله كدليل في الدعوى، يعول عليه القضاة، ويتمسك به الخصـوم في إثبـات دعـواهم، وقسم اختلف الفقهاء في قبولـه دليلاً للإثبات. ومنشأ هذا الإختلاف في هذا القسم الأخير هو: إما لعدم قوة الأدلة الدالة على اعتباره، أو للإحتياط الشديد الـذي تميزت به بعض المـذاهب الإسلامية، فاحتاطت للقضاة حتى لا يكون تعويلهم على أدلة ظنية لا تطمئن إليها النفوس، فتضطرب الأحكام وتختلط الحقوق وسنتعرض في بحثنا هذا الىبعض ما كان جوهريا في الشريعة واغفل عنه التشريع الوضعي وهذا من خلال دراستنا الى كل من البينة و القرائن في المبحث الاول ،والاقرار و اليمين في المبحث الثاني .
البينة و القرائن في الشريعة الاسلامية :المبحث الأول
البينة:المطلب الأول
ويطلق عليها جمهور الفقهاء الشهادة، فالأصل أن البينة تطلق على كل ما يبين به الحق، ولكن جمهور الفقهاء خصوها بالشهادة، ولذا قد عتب عليهم ابن القيم في هذا التخصيص وقال:" إن من خصَّ البينة بشهادة الشهود لم يوف مسماها حقه ".
والشهـادة في اصطـلاحا هي إخبار الإنسان بحق لغـيره على غيره، أوهي إخبار صادق لإثبات حق بلفظ الشهادة في مجلس القضاء .وسمي الشاهد شاهدا لما تقدم من المعاني،لانه يحضرمجلس القاضي للإدلاء بشهادته.(1)
الأصل في الشهادة وحكمها:
وأداء الشهـادة واجب في غير الحـدود، لقول الله تعالى: {وَلا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} (البقرة: 282) وقوله تعالى: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} (البقرة: 283).
أما جرائم الحدود فالستر مطلوب فيها، وإذا كان الستر مطلوباً فيها، فإن الأخبار بها يكون خلاف الأولى، وما كان خلاف الأولى لا يكون واجباً .
نصاب الشهادة:
أما نصاب الشهادة فهو على أربع مراتب:
الأولى: الشهادة على الزنا ونصابها أربع رجال.
الثانية: الشهادة على بقية الحدود والقصاص ونصابها رجلان، ولا تقبل فيها شهادة النساء.
الثالثة: الشهادة على ما لا يطلع عليه الرجال من عيوب النساء كالولادة، والبكارة فيكتفي فيها بشهادة امرأة واحدة.
الرابعة: سائر حقوق العباد، سواء أكانت مالاً أو غير مال كالبيع والهبة والنكاح والإِجارة والوصية، ونصابها رجلان أو رجل وامرأتان.
والشهادة حجـة من الحجـج الشرعية تثبت بها جميع الحقوق، سواءً كانت من حقوق الله الخـالصـة أومن حقوق العباد، مهـما كانت قيمة الشيء المدعي به، طالما توفر النصاب المشترط للحق المدعي به، وطالما توفـرت الشـروط والضوابط التي قررها الفقه الإسلامي *(1)د بكوش يحيادلة الاثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الاسلامي،ط2،المؤسسة الوطنية للكتاب،الجزائر
لهذه الشهادة، سواء تعلقت بالشـاهـد ومـا يتعلق به من تزكية، وتحمل، وأداء، ومعاينة للمشهود به، أو سماع فيما يقبل السماع فيه، أو تعلقت بالمشهود له، أو المشهود به. والشهادة ليست كالإقرار القاصر على المقر وحده، إنما هي حجة متعدية يثبت بها الحق المدعي به على الغير.
مقارنة بين الفقه والقانون في موضوع الشهادة:
(1) الشهادة في الفقه الإسلامي دليل كامل يثبت به جميع الحقوق سواء أكانت من حقوق الله الخـالصـة أومن حقـوق العباد مهـما كان القدر المدعي به، أما في القانون الوضعي فهي دليل احتياطي واستثنائي غير كامل، فلا يؤخذ بها كدليل إلا في حدود معينة (المواد 333،334 مدني جزائري)1، كـما لا يثبتون بها كل دعوى مدنية إلا في حالات استثنائية كحالات فقد السند من صاحبه بقوة قاهرة من حريق أو غرق أو سرقة.(المادة336مدني جزائري)2،
والواضح أن هدف القانونيين من ذلك هو الحد من شهادة الزور التي احترفها الكثيرون فأصبحوا حربا على العدالة. كما أن القانون قد جعل معوله في الإثبات على الكتابة والمحررات الرسمية .
ولاشـك أن شهـادة الزور من أكبر الكبائر في الشريعة الإسلامية ، حذر منها المولى عز وجال ورسـولـه الكـريم، يقول تعالى{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}(الحج: 30) وتضافرت الأخبار عنه صلى الله عليه وسلم بمنعها وتحريمها وتأثيم مرتكبها.
ولهادا : فالقانون وحده لا يكفل الأمن ولا يقيم العدل إلا إذا صحبته صحوة ضمير ممن يطبق القانون، وممن يسرى عليه القانون، وإلا لكان أشبه بجسد بلا روح، والشريعة الإسلامية بما تبذله من إصلاح للفرد؛ وما تقيمـه من ضمير يقـظ، يراقب الله عز وجـل، تجعل من قلب كل فرد في المجتمع الإسلامي رقيباً عليـه،
فلا يقـدم على قول أو فعـل فيـه غضب لله تعـالى، فالقـاضي بها يحكم ورائـده رضا
الله بإيصال الحق إلى أهله، والشـاهد يشهد ورائـده رضا الله بأداء الشهادة على وجهها، والخصم ينبغي أن لا يقصـد بخصـومتـه الجـور والتعـدي. وهكـذا تندرج هذه المراقبة لله على كل فرد في المجتمع الإسلامي في أفعاله وأقواله وسلوكه.
(2) إن القانونيين بالرغم من اعتدادهم بالشهادة إلا أنهم لم يتقيدوا فيها بنصاب معين كـما أنهم لم يفـرقـوا بين شهادة الـذكر وشهادة الأنثى ، ولم يخصوا كل منهما بموضع على النحو الذي قدمنـاه في الفقـه الإسلامي، ولم يلاحظوا أن شهـادة الرجـل كشهادة المرأتين.
(3) لا يشـترط عنـد فقهاء الشريعـة أن يحلف الشاهد يميناً قبل أداء الشهادة وإن كانت محاكـمنـا قد درجت على ذلك الآن. أما في القانون الوضعي فتعتبر الشهادة باطلة إذا لم يؤد
الشاهد اليمين .
*(1،2*الامر رقم 07/05المؤرخ في 13مايو2007المتضمن التعديل الجديد
(4) إذا كان القانون الوضعي قد انتهى إلى وجوب التفريق بين الشهود حتى يؤدي كل شاهد شهادته على انفراد. فإن الإمام علي- رضي الله عنه- هو أول من فرق بينهم في مجلس القضاء، كـما ذكر ذلك الكندي في القضاء، وابن القيم في الطرق الحكمية، وخلاصته أن شاباً شكا أن نفراً خرجوا مع أبيه للتجارة وكان معه مال كثير، فعادوا دونه، فرفع الأمر إلى شريح الذي استحلفهم وخلى سبيلهم. ثم رفـع الأمر إلى علي- رضي الله عنه- الذي وكـل بكـل شاهد رجلين وأوصاهم ألا يمكنوا بعضهم من بعض، ولا يمكنوا أحداً أن يكلمهم، ثم دعا كاتبه ونادى عليهم واحداً واحداً يسألهم عن يوم خروجهم، ونزولهم، وأين مات، أبو الفتى، ومن صلى عليه، وأين دفن، فلما رأى اختلافهم ضيق عليهم فأقروا بالقضية. .
القرائن:المطلب الثاني
لغة:جمع قرينةوهي في اللغة تطلق على عدة معاني منها النفس وسميت بدالك لأنها مقارنة للإنسان مصاحبة لهومنها الزوجة وسميت بدالك لأنها تقارن الزوج وتلازمه في حياته وقارن الشيئ الشيئ مقارنة وقرانا أي اقترن به وصاحبه.وقارنت الشيئ بالشيئ واصلته.
شرعا:القرينة:امر يشير الى المطلوب.اوما يدل على المرادمن غير ان يكون صريحا فيه.
وعرف كدالك بانه:كل امارةظاهرة تقارن امرا خفيا وتدل عليه.
الامارةالتي نص عليها الشارع اواستنبطها ائمة الشريعةبإجتهادهم اوإستنتجها القاضي من الحادثةوظروفهاوما يكتنفها من احوال.(1)
حجية القرائن:
قال تعالى:'وشهد شاهدمن اهلهاإن كان قميصه قد من قبلفصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قد من دبر فكذبت وهو من الصادقينفلما رأىقميه قد من دبرقال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم'الايتين27-28سورة يوسف.
ومن السنة:ما جاء ان ابني عفراء لما تداعيا قتل ابي جهل في غزوة بدر،قال لهماالنبيصلى الله عليه وسلم:هل مسحتما سيفيكما ؟ٌٌقال:لا.قال فارياني سيفكما فلما نظر فيهما قال لأحدهما:هذا قتله وقضى له بسلبه،
لأنه راى الدم في نصل احد السيفين.
وممايستفاد من الحديث :ان الرسول اعتبر الدم بمثابة قرينة على القتل.
*(1)د محمد فتح الله النشار،احكام وقواعد عبئ الاثبات،دار الجامعة الجديدة للنشر،ط2000،ص175
انواع القرائن
ويدخل في اقرائن انواع عديدة من اسبا ب القضاءمنها القافة،والقرعة،والفراسة،والامارات المختلفة.
اولا:القضاء بالقافة:ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قضى بالقافةوحكم خلفائه بها من بعدهوجعلوه دليلا من ادلة ثبوت الانساب.
وقد نقل عن كعب بن سورقاضي عمر بن الخطاب. انه اختصم له امراتان، كان لكل واحدة منهما ولدفإنقلبت احدى المراتينعلى أحد الصبيين فقتلته فإدعت كل واحدة منهما الباقي ،فقالكعب:لست بسليمان بن داود،ثم دعا بتراب ناعم ففرشه ثم امر المرأتين فوطئتاعليه ثم مشى الصبي عليه ثم دعا القائف فقال: انظر في هذه الأقدام فالحقه بإحداهما .
ثانيا:القضاء بالقرعة:ومن طرق الاحكام الحكم بالقرعة.
قال تعال:'ذالك من انباء الغيب نوحيه اليك وما كنت لديهم اذ يلقون اقلامهم ايهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون'
جاء في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم كان ادااراد سفراأقرع بين ازواجه فأيتهنخرج سهمها خرج بهامعه.
وشرعت القرعة عند اشكال الأمر على القاضي.
ومن المواطن التي تشرع فيها القرعة الحضانة،فتدخل القرعة بين الاب والام عند اثغار الدكرلحديث ورد في دالك وفي باب القسمة بين الشركاء حسب تفصيل في محله من كتب الفقه و في تغسيل الاموات عند تزاحم الأولياء وتساويهم في الطبقات.(2)
تالتا:القضاء بالفراسة:حيث كان الناس يجلسون عند اياس بن معاويةقبل ان يستقضى ويكتبون عنه الفراسة كما يكتبون الحديث عم المحدث الدي يروي الحديث،وقد رجل لإلياس:علمني القضاء فقال ان القضاءلا يعلم و انما القضاء فهم،ولكن قل علمني العلموهدا هو سر القضاء.
قال تعالى:'وداوود وسليمان اذيحكمان في الحرث اد نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا أتينا حكما وعلما'
رابعا:القضاء بالأمارات:يرى الامام بن القيمان الحاكم اذا لم يمن فقيه النفس في الامارات و دلائل الحال ومعرفة شواهده وفي القرائن الحالية والمقالية ففهمه في الجزئيات وكليت الاحكام اضاع حقوقا كثيرة على اصحابها،وحكم بما يعلم الناس بطلانه ولا يشكون فيه إعتمادا منه على نوع ظاهر ،لم يلتفت الى باطن هوقرائن احوله(2).
*(1)و(2)د بكوش يحي .ادلة الاتبات في القانون المدني الجزائري والفقه الاسلامي.ط2.المؤسسة الوطنية للكتاب.الجزائرص
المبحث الثاني:الاقرار واليمين في الشريعة السلامية
الإقرار :المطلب الأول
الإقرارفي الغة:من قرّالشيئ.يقر قراراّ.(1)
شرعاّ: هواخبارعن ثبوت حق للغيرعلى نفسه،أو هو الإعتراف بما يوجب حقا على قائله بشرطه.
حجية الإقرار:
وقد ثبتت حجية الإقرار بالكتاب والسنة والإجماع والمعقول:
فالكتاب: قولـه تعالى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ}(البقرة: 282) فأمر سبحانه من عليه الحق بالإملال، وإملاله هو إقراره وإلا لما كان فيه فائدة، ولما أمر الله به. وكذلك قوله تعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} (النساء: 135) وشهادة الإنسان على نفسه هو إقراره بالحق.
أما السنة: فما روى متفقاً عليـه من أنه صلى الله عليه وسلم قبل إقرار ماعز بالزنا. وعند مسلم وأصحاب السنن أنه قبل إقرار الغامدية بالزنا، فعامل كلا منهما بموجب الإقرار بإقامة الحد عليه.
أما الإجماع: فقـد أجمعت الأمة من عهده صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا على أن الإقرار حجة على المقر، وجرت بذلك في معاملاتها وأقضيتها.
أما المعقول: فهو أن العاقل لا يقر بشيء ضار بنفسه أو ماله إلا إذا كان صادقا فيه.
والإقرار هو أول الحجج الشرعية وأقواها، لأنه ليس هناك أبلغ من أن يقضي الإنسان على نفسه بالإعتراف بثبوت الحق عليه. ولما كان للإقرار هذه القوة وهذه الأهمية في الإثبات، كان لابد من عناية الفقهاء به وضبطه حتى يكون صحيحا واضح الدلالة. ولذا فقد جعلوا له شروطاً لابد من توافرها، في المقر، و في المقر له، و في المقر به.
ويمكن إجمال هذه الشروط في أنه يشترط في المقر أن يكون عاقلاً بالغاً، طائعاً، مختاراً، وأن لا يكون هازلاً، كما يشترط في المقر له أن يكون موجوداً حال الإقرار، أو وجد قبله ومات، وأن يكـون أهلا للملك، وأن يكـون سبب استحقاقه للمقر به مقبولاً عقلاً، فلو أقر للحمل وقال عن بيع باعه، لغا الإقرار، وألا يكون المقر له مجهولاً جهالة فاحشة.
التهمة في الإقرار:
* (1)الفقه المالكي الميسر،م2،د وهبة الزحيلي،دار الكلام الطيب ط2002.
ومن الشروط التي تدل على بعد نظر فقهاء الشريعة هو أنه يشترط لصحة الإقرار عندهم ألا يكـون المقر متهما في هذا الإقرار، فلو كان متهما فيه لم يصح إقراره، إذ التهمة تخل برجحان جانب الصدق على جانب الكذب، ولأن الإقرار شهادة على النفس كـما قدمنا والشهادة ترد بالتهمة.
حق المقر في الرجوع عن إقراره
اداما إعترف بحق متعلق بحقوق الله مثلا:بانه زنى او شرب الخمرثم يرجع عن إقراره،فهنا لا ياخد القاضي بإعترافه،لقوله صلى الله عليه وسلم؛إدرؤا الحدود عن المسلمين ما إستطعتم.اما في حالة ما اعترف بشيئ متعلق بحق من حقوق الناس لايقبل الرجوع عن اقراره.
مقارنة بين الشهادة والإقرار :
(1) الشهادة حجة كاملة لاتصال القضاء بها، لأن القاضي ولايته عامة وتتعدى إلى الكـل، أمـا الإقرار فإنـه حجـة قاصرة على المقر وحده، ولا يحاسب الغير بإقراره، وذلك لقصور ولايته على غيره، ولذا فإنـه لو أقر مجهول النسب بالرق جاز على نفسه وماله ولا يسري هذا الإقرار على أولاده.
(2) الشهادة لا توجب حقا إلا باتصال القضاء بها، أما الإقرار فإنه موجب للحق بنفسه عند عامة الفقهاء وإن لم يتصل به القضاء. والجدير بالذكر أن القانون الوضعي لا يعترف إلا بالإقرار القضائي، أما الإقرار في غير مجلس القضاء فلا عبرة له عندهم.
(3) يصح الإقرار بالمعلوم والمجهول، ويقبل إقراره، بخلاف الشهادة فإنها لا تكون إلا بعد العلم بالمشهود به. فلو قال لفلان علىّ دين أو حق، قبل، ولـو أقر بزناه بامرأة لا يعرفها أحد ولابد من علم الشهود بالمشهود عليه فلو قالوا لا نعرفها ترد شهادتهم.
لغة:ماخودة من اليمين الدي هو العضوحيت كانو ادا تحالفوا وضع احدهم يمينه في يد صاحبه.(1)
اصطلاحا:توكيد الحق اثباتا أو نفيابدكر اسم الله او صفاته.
حجية اليمين:قال تعالى:'لا يؤاخدكم الله في اللغو في إيمانكم ولكن يؤاخدكم بما عقدتم الأيمان'.(2)
وقال الرسول الكريملو يعطى الناس بدعواهم لإدعى رجال دماء قوم وأموالهم ولكن *(1(2))الفقه المالكي الميسر،م2،د وهبة الزحيلي،دار الكلام الطيب ط2002.
البينة على المدعى عليه)وفي روايةولكن البينة على المدعي وليمين على من انكر.
عناصرها:1-المحلوف به:بالله تعالى او بصفاته.'قال تعالى:يحلفون بالله ماقالوا'
2-صيغة اليمين القضائية : عند المالكية في المشهور هي: بالله الذي لا اله الا هو وقيل يزاد في القسمة و اللعان 'عالم الغيب و الشهادة الرحمان الرحيم '
ويزيد اليهودي عن العبارة الاصلية، الذي انزله التراث على موسى .
ويزيد النصراني الذي انزل الانجيل على عيسى .
وقال الشافعي، الذي يعلم السر ما يعلم من العلانية.
3-صفة اليمين : ويكون الحلف قاطعا باتا مثلا :والله ما بعت و لا اشتريت .
شروط اليمين :
-ان يكون الحالف عاقلا بالغا .
-ان يكون المدعى عليه منكرا حق المدعي .
-ان يطلب الخصم اليمين من القاضي .
-ان تكون اليمين شخصية .
-ان لا تكون في الحدود و القصاص .
-ان تكون في الحقوق التي يجوز الاقرار بها .
انواع اليمين :
-يمين المنكر المدعى عليه .
-يمين المدعي على صحة دعواه .
-يمين المدعي مع شاهده ،يحلف الشاهد انه شهد له بالحق .
-يمين القضاء بعد ثبوت الحق على الغائب و المحجور ،يحلفها المدعي بطلب من القاضي لرفع التهمة عنه بعد تقديم الادلة المطلوبة في الدعوى .
حقّ التحليف:
هل يوجّهها الحاكم إلى المنكر من تلقاء نفسه، أو بطلب من المدّعي؟ أُدّعي الإجماع على الثاني، ويمكن أن يقال بالأوّل.
وقد يذكر للأوّل - وهو أن يكون التحليف من حقّ الحاكم - وجوه ثلاثة:
الأوّل - أنّ الحاكم مأمور بقطع الخصومة بين المتخاصمين، فثبوت حقّ إبقاء الخصومة للمدّعي بتمكينه من عدم تحليف المنكر أمر لامعنى له، وعلى الحاكم أن يحلّفه لأجل إنهاء الخصومة، شاء المدّعي أم أبى.
والثاني - التمسّك بإطلاق: (البيّنة على المدّعي واليمين على من أنكر)، فكون اليمين عليه غير مشروط بطلب المدّعي; لأنّ هذا قيد زائد لم يذكر في الحديث.
والثالث - ما عن سليمان بن خالد - بسند تامّ - عن أبي عبداللّه قال: «في كتاب علىّ : أنّ نبيّاً من الأنبياء شكا إلى ربّه فقال: يا ربّ كيف أقضي فيما لم أرَ ولم أشهد؟ قال: فأوحى اللّهُ إليه: اُحكم بينهم بكتابي، وأضفهم إلى اسمي، فحلّفهم به. وقال: هذا لمن لم تقم له بيّنة» ونحوه روايتان أُخريان غير تامتين سنداً. فقد يقال: إنّ قوله: «حلّفهم به» يدلّ على أنّ التحليف وظيفة القاضي، ولا علاقة له بالمدّعي.
سقوط حق المدّعي بيمين المنكر:
الفرع الأول - متى يُسقط الحلفُ حقَّ المدّعي في الدعوى وإقامة البيّنة والتقاصّ؟ فيه ثلاثة احتمالات:
الاحتمال الأوّل - أنّ سقوط حقّ المدّعي إنّما يكون بحكم الحاكم لصالح المنكر بعد يمينه، أمّا مجّرد اليمين من المنكر - ولـو بـطلب الـحاكم وبمطالبة المدّعي - فلا يسقط حقّه في الدعوى القضاء. يقول الرسول : «إنّما أقضي بينكم بالبينات والأيمان»
الاحتمال الثاني - أنّ سقوط حقّ المدّعي يكون قبل حكم الحاكم تمسكاً بإطلاق الروايات، فبعد يمين المنكر لا يحقّ للمدّعي أن يقيم البيّنة
الاحتمال الثالث - أنّ تحليف المدّعي للمنكر - ولو بتوافق بينهما لا عن طريق القضاء - يسقط حقّه فضلا عمّا إذا كان في المحكمة وبطريق القضاء.
حكم اليمين إذا أعقبه الإقرار:
الفرع الثاني - هل يُسقِط تحليفُ المنكر حقَّ المدّعي حتى بعد إقرار المنكر؟ فلو تاب المنكر بعد أن حلف، وأقرّ بالحقّ للمدّعي وقدّم المال إليه - مثلا - لم يجز للمدّعي أن يأخذ حقّه; لأنّه قد سقط حقّه بيمين المنكر، أوْلا؟ الظاهر: أنّ الإقرار يُعطي للمدّعي حقَّ أَخْذِ مالِهِ ولو كان قد حلف المنكر، وحكم الحاكم لصالحه بسبب الحلف، فحلفه لا يمنع المدّعي عن أخذ حقّه بعد الإقرار، وليس الإقرار كالبيّنة التي لو أتت بعد الحلف لم تكن لها قيمة للمدّعي، والوجه في ذلك اُمور:
الأوّل - أنّ روايات سقوط حقّ المدّعي بيمين المنكر تنصرف بمناسبات الحكم والموضوع إلى سقوط حقّه بوصفه مخاصماً في قاموس القضاء، وفي مقابل خصمه الآخر، أمّا إذا سلّم المنكر بالحقّ فقد انتهى التخاصم والتكاذب في قاموس القضاء، ويكون المرجع عندئذ مقتضى دليل سلطنة الناس على أموالهم مثلا، فمن حقّه أخذ ماله.
الثاني - أنّه لو لم يجز للمدّعي أخذ ماله مثلا، فلا يخلو الأمر من أحد فرضين:
1 - أن يفترض أنّ الملكيّة الواقعيّة انتقلت إلى المنكر، وهذا يعني أن الظالم انتقل المال إليه واقعاً بسبب إصراره على ظلمه إلى حدّ الحلف، وهذا غير محتمل ارتكازاً، فيكون فهم هذا المعنى من دليل سقوط حقّ المدّعي خلاف الظاهر، بل قد ورد النصّ على خلافه، وهو ما عن رسول اللّه من قوله: «فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً، فإنّماقطعت له به قطعة من النار».
2 - أن يفترض أنّ المنكر وظيفته تقديم المال إلى المالك خروجاً من الغصب لأنّه مازال في ملكه، والمالك وظيفته رفض المال، فهذا يسلّم مال المالك إليه، وذاك لايستلم، وهذا أيضاً خلاف المرتكز، فيكون حمل دليل سقوط حقّ المدّعي على ذلك خلاف الظاهر، فيتعيّن ما قلناه من أنّ له أخذ حقّه.
يمين القسامـة:
القسامة هي أيـمان قدرها خمسون يمينا يحلفها إما أولياء القتيل يثبتون بها الدم على المدعى عليه كـما هو مفهوم جمهور من يقول بها، أو يحلفها من وجد القتيل بين ظهرانيهم ينفون بها نسبة القتل إليهم وهو مفهوم الحنفية.
وقد اختلفوا فما القسامة هل هي قسم من أقسام اليمين؟ أم هي طريق آخر من طرق الإثبات إذ قد يترتب على حلفها عنـد الجمهـور إثبـات الدم المترتب عليه القود أو الدية. وعلى كل فإن القسامة طريق لإثبات الدم يقوم على حلف اليمين.
ويحتـج جمهـور الفقهاء القائلون بالقسـامـة بالأحاديث الصحيحة التي نصت على مشروعيتها ففي صحيح البخاري عن بشير بن يسار: "زعم أن رجلا من الأنصار يقال له سهل ابن أبي حثمة أخبره أن نفرا من قومه انطلقوا إلى خيبر فتفرقوا فيها ووجدوا أحدهم قتيلا، وقالوا للذي وجد فيهم قتلتم صاحبنا، قالوا: ما قتلنا ولا علمنا له قاتلا. فانطلقوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقـالـوا: يا رسـول اللّه انطلقنا إلى خيبر فوجدنا أحدنا قتيلا. فقال: الكبر الكبر. فقال: لهم تأتـون بالبينة. فقالـوا: يا رسـول اللّه مالنا بينة. قال: فيحلفون، قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود. فكره رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أن يبطل دمه فوداه مائة من إبل الصدقة".
وروايـة مسلم وأبي داود: "يقسم خمسـون منكم على رجل منهم فيدفع برمته. قالوا: أمر لم نشهـده كيف نحلف. قال: "تبرئكم يهود بأيـمان خمسين منهم". قالوا: يا رسول اللّه قوم كفار، فوداه رسول اللّه صلى الله عليه وسلم من قبله". قال سهل: "فدخلت مربدا لهم فركضتني ناقة من تلك الإبل برجلها"[1].
ويتضح أيضاً من هذه الأحـاديث اعتـماد المـدعين على قرينـة العـداوة بـين اليهود والأنصـار مما دعـاهم إلى توجيـه تهمة القتل إليهم، لاسيما وقد وجد القتيل بينهم، وقد أجاز لهم النبي صلى الله عليه وسلم الحلف على ذلك.
هذا ولم يخالف في الأخـذ بالقسـامة إلا ما روى عن سالم بن عبد اللّه وسليمان ابن يسار وقتادة وأبى قلابـة وعمر بن عبـد العزيز والبخـاري، محتجـين بأن القسامة تخالف أصول التشريع الإسلامي، إذ أن الأصل في الشريعة ألا يحلف أحد إلا على ما علم قطعا أو شاهد حسـا، فكيف يقسم أوليـاء الـدم وهم لم يشاهدوا القتل. ويقولون أن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم تلطف بالأوليـاء ليريهم أنـه كيف لا يلزم الحكم بها في الإسـلام لأنها كانت من أحكـام الجاهلية. ويحتجـون أيضا بأن الأيـمان لا تأثـير لها في الـدماء فلا تصلح لإشاطتها. وتخالف القول بأن البينة على المدعى واليمين على من أنكر.
وأجـاب من أخـذ بالقسـامة عليهم بأن القسامة أصل قائم بنفسه قررته السنة النبوية الشريفة كسائر السنن المقررة للأصول، وأنه يجوز للأولياء أن يقسموا على القاتل إذا غلب على ظنهم أنـه قتله، وللإنسان أن يحلف على غالب ظنـه. ثم أن الرسول صلى الله عليه وسلم جعل لهم استحقاق دم القاتل بقوله: "وتستحقون دم صاحبكم" أو "ويدفع إليكم برمته". وليس ثمة ما يمنع أن تكون الأيـمان سبيلا لإشاطة الدماء أي إهدارها مادامت الأيمان تؤدي إلى إثبات القتل.
الخاتمة
إن الفقه الإسلامي قد حوى نظاماً متميزاً ومتفرداً في الإثبات، يتسق مع نظامه الشامل العادل. فهو مع تحديده لأدلة إثبات الدعوى- على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء- إلا أنه لم يحد من سلطة القاضي في تقدير الأدلة حتى لا يجعل وظيفة القاضي إلية لا أثر لها في الحكم. كما أنه لم يطلق للقاضي الحرية الكاملة في تحديد الأدلة تجنبا لتعسف القضاة في استعمال هذا الحق فيستغلون سلطة وظيفتهم.
وإن القوانين الوضعية بعد مناقشات وتعديلات قد لجأت إلى تحديد الأدلة في الدعوى المدنية والتجارية، اتفاقاً بذلك مع قول جمهور الفقهاء، إلا أنها قد خالفت الفقهاء في تحديد القيمة لكل دليل من هذه الأدلة،- أما في الـدعـوى الجنائية فإن القانونيين يميلون إلى رأى ابن قيم الجوزية الذي يقضي بعدم حصر أدلة الثبـوت، ولذلك نجدهم يطلقون للقاضي الحرية الكاملة في الدعوى الجنائية ليستمد إقناعه من أي دليل يعرض عليه. أما فيـما يتعلق بأدلـة الإثبات في الفقـه الإسلامي، فإننا نجدها قد انقسمت إلى قسمين رئيسيين: قسم اتفق الفقهاء على حجته وقبوله كدليل في الدعوى، يعول عليه القضاة، ويتمسك به الخصـوم في إثبـات دعـواهم، وقسم اختلف الفقهاء في قبولـه دليلاً للإثبات. ومنشأ هذا الإختلاف في هذا القسم الأخير هو: إما لعدم قوة الأدلة الدالة على اعتباره، أو للإحتياط الشديد الـذي تميزت به بعض المـذاهب الإسلامية، فاحتاطت للقضاة حتى لا يكون تعويلهم على أدلة ظنية لا تطمئن إليها النفوس، فتضطرب الأحكام وتختلط الحقوق.
المراجع:
1-الفقه المالكي الميسر-المجلد الثاني-الدكتور وهبة الزحيلي،دار الكلام الطيب ،دمشق،طبعة2002.
2-احكام وقواعد عبئ الإثبات،للدكتورمحمد فتح الله المنشار،دار الجمعة الجديدة للنشر،طبعة2000.
- 3-القانون المدني،الامر رقم07/05المؤرخ
ب13مايو2007
-4-ادلة الإثبات في القانون المدني الجزائري والفقه الاسلامي،الدكتور بكوش
يحي،الطبعة الثانية ،المؤسسة الوطنيةللكتاب،الجزائر
الفهرس
خطة البحث:..................................................................ص1
المقدمة........................................................................ص2
المبحث الاول:البينة والقرائن في الشريعة الاسلامية......................ص3
المطلب الاول:البينة ..........................................................ص3
مقارنة بين الفقه والقانون...................................................ص4
المطلب الثانى :القرائن.......................................................ص5
انواع القرائن..................................................................ص6
المبحث الثانى:الاقرار واليمين...............................................ص7
المطلب الاول :الاقرار........................................................ص7
مقارنة بين الشهادة و الاقرار...............................................ص8
المطلب الثاني:اليمين.........................................................ص8
عناصرها......................................................................ص9
حكم اليمين اذا اعقب الاقرار...............................................ص10
يمين القسامة...............................................................ص11
خاتمة ......................................................................ص12
قائمة المراجع..............................................................ص13
الفهرس.....................................................................ص14