عـقـيـدة الإيـمـان بـالـقـدر

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

نبراس الهدى

:: عضو مُشارك ::
إنضم
30 سبتمبر 2008
المشاركات
247
نقاط التفاعل
8
النقاط
7
عـقـيـدة الإيـمـان بـالـقــَـدر



لـمـاذا يـجـب عـلـيـنـا الإيـمـان بالـقــَـدر ؟


سـؤال يـخـطـر فـي بـال كـثـيـر مـن الـنـاس ... فـنـقـول بـعـد الـتـوكـل عـلـى الله سـبـحـانـه :


يـجـب عـلـيـنـا الإيـمـان بـالـقـدر لأن الإيـمـان بـه :


1 . أعـلـى مـراتـب الإيـمـان .


2 . هـو ركـن هـام مـن أركـان الإيـمـان .


3 . هـو الـقـطـب الـذي تـدور حـولـه رحـى الإيـمـان .


4 . يُـبـنـى عـلـيـه صـحـة الـعـقـيـدة أو فـسـادهـا .


5 . فـيـه نـجـاة الإنـسـان أو هـلاكـه .


عـن أبـي هـريـرة رضي الله عـنـه قـال :


جـاء مـشـركـو قـريـش إلـى رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم يـخـاصـمـونـه فـي الـقـدَر فـأنـزل الله سـبـحـانـه وتـعـالـى :

{ يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ * إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ * وَمَا أَمْرُنَا إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ * ... الـقـمـر : 48 ـ 50 } .


وجـاء فـي صـحـيـح مـسـلـم ، فـي قـصـة جـبـريـل عـلـيـه الـسـلام الـمـشـهـورة ، حـيـن أتـى رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم فـي هـيـئـة أعـرابـي يـسـألـه عـن أمـور الـديـن ، سـألـه عـن الإسـلام ، والإيـمـان ، والإحـسـان .


فـقـال جـبـريـل : فـأخـبـرنـي عـن الإيـمـان ؟


فـقـال رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم :


أن تـؤمـن بـالله ، ومـلائـكـتـه ، وكـتـبـه ، ورسُـلـه ، والـيـوم الآخِـر ، وتـؤمـن بـالـقـدر خـيـره وشـره .


قـال جـبـريـل : صـدقـت ! ) .... الـحـديـث .


وأهـل الـحـديـث قـالـوا :


هـذا الـحـديـث أصـل مـن أصـول الـعـقـيـدة ، عـلـيـه يـقـوم بـنـاء الإسـلام وبـنـاء الإيـمـان الـذي إذا اخـتـل ركـن مـن أركـانـه ، تـصـدع أمـر الـعـقـيـدة والإيـمـان .





الأدلـة عـلـى الـقـضـاء والـقـدر


كـل مـا يـجـري فـي الـكـون مـعـلـوم عـنـد الله عَـزّ وجَـلّ ومـسـجـل عـنـده فـي الـلـوح الـمـحـفـوظ ، قـبـل أن يـخـلـق الـسـمـوات والأرض ، والأدلـة عـلـى ذلـك كـثـيـرة .


الأول :


قـال الله تـعـالـى :



{ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ... الأنـعـام : 59 } .



والـمـراد بـالـكـتـاب الـمـبـيـن ... الـلـوح الـمـحـفـوظ ... الـذي سـجـل الله فـيـه كـل الـوقـائـع والأحـداث ، كـل شـيء مـسـجـل فـي الـلـوح الـمـحـفـوظ فـلا يـغـيـب عـنـه شـيء مـن قـول أو عـمـل أو سِـرّ فـي الـنـفـس أو جـهـر بـالـقـول ، فـسـبـحـان الـذي أحـاط عِـلـْـمُــهُ بـكـل ذرة فـي الـكـون .


الـثـانـي :


قـال الله تـعـالـى :


{ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ... الـقـلـم : 1 } .


والـمـراد بـالـقـلـم ، الـقـلـم الـذي أجـراه الله بـالـقـدر ، حـيـن كـتـب مـقـاديـر الـخـلائـق ، قـبـل أن يـخـلـق الـسـمـوات والأرض بـخـمـسـيـن ألـف سـنـة .


عـن عـبـادة بـن الـصـامـت رضي الله عـنـه قـال :


سـمـعـت رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم يـقـول :


(( إن أول مـا خـلـق الله الـقـلـم ، فـقـال : اكـتـب ، قـال : يـا ر ب ومـا أكـتـب ؟ قـال : اكـتـب الـقـدر ، ومـا هـو كـائـن إلـى الأبـد )) رواه الـتـرمـذي .


الـثـالـث :


عـن ابـن عـبـاس رضي الله عـنـهـمـا أن رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم قـال :


(( إن أول شـيء خـلـقـه الله الـقـلـم ، فـأمَـرَه فـكـتـب كـل شـيء )) أخـرجـه الـحـاكـم والـبـيـهـقـي .


الـرابـع :


عـن عـبـد الله بـن عـمـرو بـن الـعـاص رضي الله عـنـهـمـا أن رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم قـال :


(( إن الله كـتـب مـقـاديـر الـخـلـق قـبـل أن يـخـلـق الـسـمـوات والأرض بـخـمـسـيـن ألـف سـنـة )) رواه مـسـلـم .


الـخـامـس :


عـن أبـي هـريـرة رضي الله عـنـه أن رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم قـال :


(( الـمـؤمـن الـقـوي خـيـر وأحـب إلـى الله مـن الـمـؤمـن الـضـعـيـف ، وفـي كـل خـيـر ، إحـرص عـلـى مـا يـنـفـعـك ، واسـتـعـن بـالله ولا تـعـجـز ، فـإن أصـابـك شـيء فـقـل ...0 قـدّرَ الله ومـا شـاء فـعـل ... ولا تـقـل : لـو أنـي فـعـلـت كـذا لـكـان كـذا، فـإن لـو تـفـتـح عـمـل الـشـيـطـان )) أخـرجـه مـسـلـم .


فـهـذا الـحـديـث يـدل عـلـى أن الـقـدر سـابـق للأحـداث ، وأن كـل مـا يـحـصـل فـي الـكـون بـقـضـاء الله تـعـالـى وتـقـديـره ، والـحـذر لا يُـنـجـي مـن الـقـدر ، كـمـا قـال رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم (( كـل شـيء بـقـدر حـتى الـعجـزُ والـكـَـيْـسُ ...)) رواه الـتـرمـذي والـنـسـائـي .


الـسـادس :


عـن جـابـر بـن عـبـد الله رضي الله عـنـه قـال :


سـمـعـت رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم يـقـول :


(( لا يـؤمـن عـبـدٌ حـتـى يُـؤمِـن بـالـقـدر ، خـيـره وشـرّه مـن الله تـعـالـى ، وحـتـى يـعـلـمَ أن مـا أصـابـه لـم يـكـن لـيُـخـطـئـه ، وأن مـا أخـطـأه لـم يـكـن لـيـصـيـبـه )) تـفـسـيـر روح الـمـعـانـي لـلألـوسـي .


ومـعـنـى الـحـديـث ، حـتـى يُـوقِـن بـأن مـا حـدث لـه مـن مـصـيـبـة أو بـلاء ، لابـد إلا وأن يـدركـه ذلـك ، مـهـمـا اجـتـهـد لـلـتـخـلـص مـنـهـا ، ومـا صُـرف عـنـه مـن بـلاء فـلـن يـصـيـبـه ، مـهـمـا قـصـد الـبـعـض إلـحـاقـه بـه ، لأن بـذلـك جـرى الـقـدَرُ .


الـسـابـع :


عـن عـبـادة بـن الـصـامـت رضي الله عـنـه أنـه قـال لابـنـه عـنـد الـمـوت :


( يـا بـنـي إنـك لـن تـجـد طـعـم حـقـيـقـة الإيـمـان ، حـتـى تـعـلـم أن مـا أصـابـك لـم يـكـن لـيـخـطـئـك ، وأن مـا أخـطـأك لـم يـكـن لـيـصـيـبـك ، فـإنـي سـمـعـت رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم يـقـول :

(( إن أول مـا خـلـق الله الـقـلـم ، فـقـال لـه : اكـتـب ! ، فـقـال : يـا رب ومـاذا أكـتـب ؟ قـال : اكـتـب مـقـاديـر كـل شـيء حـتـى تـقـوم الـسـاعـة ! ! يـا بـنـي إني سـمـعـت رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم يـقـول :


(( مـن مـات عـلـى غـيـر هـذا فـلـيـس مِـنـّي )) ... أخـرجـه الـبـخـاري .


الـثـامـن :


عـن ابـن الـديـلـمـي رحـمـه الله تـعـالـى أنـه قـال :


أتـيـت أُبَـيّ بـن كـعـب ...


فـقـلـت لـه :


قـد وقـع فـي نـفـسـي شـيء مـن الـقـدر ، فـحـدِّثــْـنـي ، لـعـل الله أن يُـذهـبـه مـن قـلـبـي .


فـقـال لـه أبَـيّ :


لـو أن الله عـذّب أهـل سـمـاواتـه وأهـل أرضِـهِ ، لـعـذبـهـم وهـو غـيـر ظـالـم لـهـم ! .


لـو رحـمـهـم لـكـانـت رحـمـتـه خـيـرًا لـهـم مـن أعـمـالـهـم ! .


ولـو أنـفـقـت مـثـل أحُـد ذهـبًـا فـي سـبـيـل الله ، مـا قـبـلـه الله مـنـك ، حـتـى تـؤمـن بـالـقـدر .


ولـو مـتّ عـلـى غـيـر هـذا لـدخـلـتَ الـنـار .


قـال ... ثـم أتـيـت ابـن مـسـعـود فـقـال مـثـل ذلـك ، ثـم أتـيـت زيـد بـن ثـابـت فـحـدّثـنـي عـن رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم مـثـل ذلـك . رواه أبـو داود .


الـتـاسـع :


عـن عـبـد الـواحـد بـن سُـلـيـم أنـه قـال :


قـدمـت مـكـة فـلـقـيـت عـطـاء بـن أبـي ربـاح ...


فـقـلـت لـه :


يـا أبـا مـحـمـد ، إن بـالـبـصـرة قـومًـا يـقـولـون ... لا قـدَر ... أي لـيـس هـنـاك قـدر سـابـق قـدّره الله تـعـالـى عـلـى الـعـبـاد !!! .


فـقـال لـي : يـا بـنـي ... أتـقـرأ الـقـرآن ؟


قـلـت : نـعــم .


فـقـال لـي : اقـرأ سـورة الـزخـرف .


فـقـرأت :
{ حم * وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ * إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ * ... الـزخـرف : 1 ـــ 4 } .


ثـم قـال لـي : أتـدري مـا أمّ الـكـتـاب ؟


قـلـت : لا .


قـال : فـإنـه كـتـاب كـتـبـه الله قـبـل أن يـخـلـق الـسـمـوات والأرض ، فـيـه أن فـرعـون مـن أهـل الـنـار ، وفـيـه ... { تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ * الـمـسـد : 1 } ، ولـقـد أوصـى عـبـادة بـن الـصـامـت ابـنـه فـقـال :


يـا بـنـي اتـق الله ، واعـلـم أنـك لـن تـتـقـي الله ، حـتـى تـؤمـن بـالله ، وتـؤمـن بـالـقـدر كـلـه خـيـره وشـره ، وإن مـتّ عـلـى غـيـر هـذا دخـلـتَ الـنـار ! إنـي سـمـعـت رسـول الله صلى الله عـلـيـه وسـلـم يـقـول :


(( إن أول مـا خـلـق الله الـقـلـم ، فـكـتـب مـا كـان ومـا هـو كـائـن إلـى الأبـد )) رواه الـتـرمـذي .




قـال الإمـام الـخـطـابـي رحـمـه الله



قـد يـحـسـب كـثـيـر مـن الـنـاس ، أن مـعـنـى الـقـضـاء والـقـدر مـن الله تـعـالـى ، فـيـه مـعـنـى الإجـبـار والـقـهـر لـلـعـبـد ، عـلـى مـا قـضـاه الله تـعـالـى وقـدّره ، ولـيـس الأمـر كـمـا يـظـنـّـون ، وإنـمـا مـعـنـاه الإخـبـار عـن تـقـدّم عـلـم الله ، بـمـا يـكـون مـن أفـعـال الـعـبـاد وكـسـبـهـم ، وصـدورهـا عـن عـلـم مـنـه وتـقـديـر ، وإذا كـان الأمـر كـذلـك ـــ أي لـيـس فـيـه إجـبـار ولا إكـراه ــ فـقـد بـقـي عـلـيـهـم مـن بـعـد عـلـم الله فـيـهـم ، أفـعـالـهـم واكـتـسـابـهـم ، ومـبـاشـرتـهـم تـلـك الأمـور ، عـن قـصـد وتـعـمّـد ، وعـمـل إرادة واخـتـيـار ، وبـهـا تـقـوم الـحُـجـة عـلـيـهـم ، وتـلـحـقـهـم الـلائـمـة عـلـيـهـا .



وبـعـد ...أخـي الـمـسـلـمـ


وبـعـد ... أخـتـي الـمـسـلـمـة



يـتـضـح لـنـا مـن هـذه الـنـصـوص الـقـطـعـيـة ، أهـمـيـة الإيـمـان بـالـقـضـاء والـقـدر ، وأنـه أحـد أركـان الإيـمـان الـسـتـة ، لا يـصـح إيـمـان ، ولا يُـقـبـل عـنـد الله عـمـل إلا بـه ، ومـن أنـكـره فـقـد اخـتـلّ إيـمـانـه وفـسـد ، فـصـار كـمـن أنـكـر وجـود الله ووحـدانـيـتـه ، وكـيـف يـصـح إيـمـان مـن يـزعـم ، أن الله تـعـالـى لا يـعـلـم الأشـيـاء إلا بـعـد حـدوثـهـا ؟

أفـلا يـكـون هـذا انـتـقـصًـا لـعـلـم الله الـشـامـل ... تـبـارك الله وتـعـالـى وتـقـدّس عـمّـا يـقـولـون ... وهـو الـذي أحـاط بـكـل شـيء عـلـمـا ، وهـو الـذي يـقـول سـبـحـانـه وتـعـالـى :


{وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ * أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ * ... الـمُـلـك : 13 ــ 14 } .

سبحان الله
والحمد لله
ولا إله إلا الله
ولا حول ولا قوة إلا بالله
والله أكبر
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top