- إنضم
- 3 سبتمبر 2008
- المشاركات
- 8,454
- نقاط التفاعل
- 62
- النقاط
- 317
بسم الله الرحمن الرحيم
'واعتصموا بحبل الله جميعا، ولا تفرقوا'
صدق الله العظيم.
صاحب السمو الأخ الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
الإخوة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
الأخ عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية
الإخوة الحضور الكريم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أتوجه بالتحية للكويت الحبيبة دولة وشعباً وقيادة، واستذكر ونحن في رحاب الكويت، أن الكويت كانت منطلقاً لثورة شعبنا الفلسطيني وأحد أركان دعمها وحمايتها، وحماية النضال الأصيل من اجل تحقيق أهدافها، الأهداف الأسمى لأمتنا العربية كلها. فمن قلب كل فلسطيني لها كل الحب والتقدير والعرفان.
أيها الإخوة الأعزاء
والدم يسيل على ارض غزة البطلة والعذابات تزداد وتتعمق، والخطر يتسع، ويطرق أبواب بيوتنا العربية على امتداد وطننا الكبير، نجتمع في هذه القمة، التي وبحكم شعور الجميع بالمسؤولية، لم تعد قمة اقتصادية فقط كما كان مقرراً لها بل أنها أصبحت قمة العرب... من اجل فلسطين وغزة أولا، ومن اجل إزاحة كابوس الاحتلال البغيض عن فلسطين وما تبقى من أراض عربية محتلة، ومن اجل إقامة دولتنا المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف
وحل جميع قضايا الوضع الدائم، وفي مقدمتها القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود والمياه والأسرى على أساس الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام. هذا هو جوهر جدول أعمال القمم العربية منذ أن استضافت مصر أول وثاني أعمالها قبل عقود، حتى قمة الكويت هذه ... فشكراً لصاحب السمو أمير دولة الكويت العربية الشيخ صباح، على هذا الإيثار، وهذه الاستجابة المستنيرة لما نحتاج وما ينبغي أن نفعل.
أصارحكم أيها الأشقاء الأعزاء، أن هذه الحرب، قرعت طبولها قبل أشهر من البدء بتنفيذها، واستحكمت حلقاتها، بحصار خانق ظالم لا مبرر له، دفع ثمنه شعبنا الفلسطيني غالياً، وها هو يواصل دفع الثمن، ونحن نوشك على إكمال شهر من القتل والتدمير، وما نسعى له الآن بعد نجاح جهود الأشقاء في مصر بوقف العدوان، أن نحقق إنسحاب قوات الإحتلال الإسرائيلي بشكل فوري وأن نرفع الحصار الظالم المفروض على شعبنا في قطاع غزة الجريح، تحقيقاً للمبادرة المصرية ككل لا يتجزأ، وبما يشمل البدء فوراً في مواجهة الكارثة الإنسانية الكبيرة.
ولعل أكثر ما يؤلم في هذه الحرب العدوانية، أن الضحايا تحولوا إلى وقود مشهد يومي متكرر على الشاشات، أو إلى أرقام بدأت بثلاثين شهيدا على مدى ستة أشهر، ليصبح أكثر من ألف وثلاثمائة شهيداً خلال أيام، أما الجرحى والمشردون والهائمون على وجوههم داخل أسوار المعتقل الكبير في غزة، فهم كل الشعب الفلسطيني بلا استثناء، شعبنا في غزة تحت وابل النار، وشعبنا في الضفة يضطرم حزناً وحسرة على توأمه الجريح، أما شعبنا الفلسطيني في الشتات، فهو مثل سائر الأشقاء العرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يتابع المأساة، بلا حول ولا قوة، إلا التعاطف والتضامن والدعاء.
أمام هذا المشهد ... المتكرر منذ زمن .. عملنا كقيادة فلسطينية جهدنا من أجل انتشال شعبنا من دوامة الموت. ولقد تشاركت وإياكم في هذا الجهد المضني.
لم نترك باباً إلا وطرقناه، لم نترك اجتهاداً إلا وحاولناه، لم نعف أية قوة على وجه هذه الأرض من مسؤوليتها لوقف هذه الحرب العدوانية. خاطبنا الإدارتين الأمريكيتين، القادمة والآفلة، توجهنا إلى مجلس الأمن، إلى الاتحاد الأوروبي، إلى إسرائيل ذاتها، محذرين من مغبة الولوغ في الدم الفلسطيني، ومحذرين من لعنة هذا الدم. وبصرف النظر عن المبررات التي ساقتها إسرائيل للتغطية على هذه الحرب الإجرامية التي لا يمكن قبولها، إلا أنها لن تنجو بفعلتها. ولم نسمع حتى الآن صوتاً عاقلاً يتفهم دوافعها، سوى صوت الإدارة الأمريكية الآفلة، التي بكل أسف أيدت العدوان، ودعمته مع بعض النصائح المجاملة ... بتجنب قتل المدنيين، مع أن ذلك يبدو مستحيلاً أمام اكتظاظ غزة، وكثافتها البشرية، في أضيق بقعة مسكونة على وجه الأرض.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
حين لم تنجح محاولاتنا المستميتة لتجنب هذه الحرب شرعنا في عمل مكثف، من اجل وقف العدوان أولا، وبعدها نجد حلولاً لكل القضايا. دعوت ومنذ اليوم الأول، إلى تجاوز كل الخلافات الفلسطينية والتوجه بجهد مشترك لمواجهة العدوان. دعوت الإخوة في جميع الفصائل دون إستثناء، إلى المشاركة في اجتماعات القيادة الفلسطينية، والتشاور حول كل صغيرة وكبيرة، وتنسيق المواقف، وسد الثغرات كي لا ينفذ احد إلى بيتنا وجدران صمودنا. لم أدع إلى حوار تقليدي، وإنما إلى اتفاق فوري، لنضع أنفسنا جميعاً ومن اللحظة الأولى في مواجهة العدوان، وإحباط أهدافه. وإذا كان من غير المناسب التلاوم، وتبادل الاتهامات، فان ما هو مناسب حقاً، وضروري، وواجب،
أن نلتقي جميعاً كفلسطينيين من كافة الفصائل والأطياف والشرائح وبشكل فوري، على ارض مصر، وفي كنف شعبها وقيادتها ورئيسها الأخ العزيز محمد حسنى مبارك، كي نتفق ما دمنا قد تحاورنا ألاف الساعات .
ويا أيها الأحبة إن لم يكن دم غزة وجرحها النازف لا يكفي لان نتفق .. فماذا غيره .. ومتى؟؟؟
المطلوب الآن إذا اتفقنا وأرجوا أن نتفق، حكومة وفاق وطني تأخذ على عاتقها مواجهة الكارثة الإنسانية، ورفع الحصار، وفتح المعابر، والبدء في إعادة الإعمار والبناء، وإجراء إنتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة بتوافق وطني.
وعلى الصعيد العربي، فلقد تابعنا ... والألم يعتصر قلوبنا، معارك التشكيك والتشهير وتصفية الحسابات المبيتة والمتراكمه، كما لو أن موقعة غزة وجدت من اجل أن يسجل هذا الطرف مآثر ومزايا ... ضد طرف أخر يتهم بكل الموبقات.. كانت غزة تحترق، وبدل أن نرسل لأهلها رسائل أمل وثقة، تعزز الصمود وتقوي العزيمة،
تبارى كثيرون في بث اليأس بصيغة الهروب إلى الإمام. فحين يقال لأهل غزة إن كل من حولكم يتآمرعليكم، فهذه دعوة لليأس والاستسلام، وحين يقال لهم قاتلوا ولا أمل لكم في أحد يشارككم مهمة دحر العدوان، فبوسعنا فهم كيف يكون الخذلان الحقيقي. فمن لديه دعم لغزة فليقدمه ومن ليس لدية فالصمت، ذلك أفضل لغزة وأفضل له.
ورغم شعورنا بالأسى إلا أنني أرجو من الله أولا، ومن هذه القمة ثانياً، أن نعلو جميعاً فوق الجراح، فوق كل ما يفرق في المواقف والقوى، لمصلحة وحدة حقيقية تجمع العرب على الممكن، ولا تفرقهم على المستحيل. فالممكن بمتناول يدنا جميعاً، إذا لا احد في وارد القيام بخطوات غير محسوبة، تقودنا إلى قرارات ارتجالية مدمرة، كالحرب مثلآ،
وإنما بوسعنا جمع طاقاتنا القومية والاقتصادية والسياسية والإعلامية وتوظيفها على أفضل وجه، في خدمة قضايانا، وأهدافنا ...
وفي الدائرة العربية أيها الإخوة الأعزاء، جرى حديث كثير عن المبادرة العربية للسلام، هنالك من طالب بتشييعها رسمياً، وهنالك من طالب بتجميدها، وهنالك من طالب بتفصيلها وتطويرها، وإننا أمام خيارات ثلاث، الأول لا حرب ولا سلام وهذا لا يمكن أن نقبل به، والثاني الحرب، والثالث السلام ونحن مع هذا الخيار. ينبغي أن نودع والى الأبد، شطب قرار دون توفير بديل أفضل منه. ومن وجهة نظري، فان مبادرة السلام العربية، لم تحمل بذور فنائها، وإنما تقصيرنا جميعاً في خدمتها وتوفير أسباب القوة لها، ما جعلها تتعثر. ولو حكمنا إسرائيل بمصير هذه المبادرة وطالبنا بإلغائها لان إسرائيل لم توافق عليها، فساعتئذ نقع في محظور الإذعان للفيتو الإسرائيلي، والتكيف معه، وهذا أمر لا يجدر قبوله تحت أي ظرف.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
ماذا نريد؟؟
نريد وقف العدوان الآثم والمدمر، نريد معالجة آثاره منذ الآن، نريد حلولاً عملية، للحصار، والمعابر، والأمن، والاقتصاد. وبصراحة أقول، ليس غير المبادرة المصرية من يوفر لنا هذه الحلول، وليس غير الدعم العربي الشامل دون تحفظ ما يعطي المبادرة المصرية قدرات إضافية على بلوغ الحل. نريد إضافة إلى كل هذا قوات حماية دولية تحمي شعبنا في غزة وفي سائر الأراضي الفلسطينية التي هي أراضي دولتنا العتيدة وعاصمتها القدس الشريف.
طالبنا الرباعية والأمم المتحدة وبالأمس تحدثت في قمة شرم الشيخ أننا نريد هذه القوة الدولية، نعم نريد هذه القوات وأن تكون خطوة البداية لها في عموم قطاع غزة تحت علم الأمم المتحدة، كي لا يستباح الدم الفلسطيني مرة أخرى ودائماً، وكي نوفر لشعبنا مناخاً إيجابياً للتنمية والحرية والإستقلال. وأنا هنا أناشدكم وبحضور الأمين العام للأمم المتحدة أن نعطي قضية الحماية والقوات الدولية إهتماماً أساسياً.
أن المبادرة المصرية، مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم (1860) مع قرارات قمتنا هذه، تحتوي على كل ما يجعل جهدنا عملياً وفعالاً، فغزة لا تحتمل أجندات كثيرة غير أجندتها الفلسطينية، لأن غزة عائدة لا محالة إلى حضنها الفلسطيني بمصالحة حقة وأصيلة، وعائدة لا محالة إلى بيتها العربي عبر مصر حاملة همها منذ عقود ........
ثم إن غزة لن تكون من الماضي، أو مجرد جرح اندمل أو على وشك، بل هي قلب وروح المستقبل أن شاء الله .
أجدد شكري للكويت الحبيبة ، ولأميرها صاحب السمو الشيخ صباح رجل السياسة والدولة.
وأجدد شكري وعرفاني للمملكة العربية السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، صانع إتفاق مكة، الذي لن نسامح من قتله بعد أشهر قليلة من ولادته. وللحق أيها الأخوة، لو لم يقع الإنقلاب على إتفاق مكة، لما حدث كل ما حدث. إنني وشعبنا الفلسطيني لن ننسي جهد خادم الحرمين المتواصل منذ بدء العدوان وقبله بكثير من اجل إخراج غزة من أتون النار والدمار.
وأتوجه بالتحية لكل من قدم الدعم والإسناد لغزة عبر معبر رفح في مصر وجسر الملك حسين في الأردن الشقيق، ولا أظن أن أحداً توانى عن تقديم الدعم من دول مغربنا ومشرقنا العربي، وكذلك من الدول الإسلامية الشقيقة ودول العالم الصديقة... لهم منا كل التحية.
ودون أن أنسى أحدا، لكم جميعاً أيها الأشقاء وان اختلفت الاجتهادات التقدير على كل ما بذلتموه من جهد سياسي ودعم مادي ومعنوي، فالحرص واحد، والمسؤولية واحدة .. وأسال الله أن تكون الفرقة المحزنة التي رأينا بعض مظاهرها إلى زوال .. فليس لنا الا وحدتنا .. وليس لنا إلا تفاهمنا وانسجامنا وشراكتنا المصيرية.
وأخيرا إليك يا غزة، يا عنوان مأساتنا وكبريائنا ... إلى شهدائنا الأبرار الذين رووا تراب غزة بدمهم الزكي .
إلى جرحانا ... الذين علقوا على صدر التاريخ وسام البطولة والتفرد والعطاء .. إلى معتقلينا القدماء والجدد، الذين تعج بهم السجون، وتفيض بهم الساحات ... إلى المقاومين من كل الفصائل والقوى، لدحر العدوان وحماية غزة وأهلها ... إليكم جميعاً كل التحية والإعزاز والإكبار.
إليك يا غزة كل الحب ، واليك العهد على أن نعمل جميعاً من اجل رفع كابوس الموت والدمار، وإقصائه عنك وعن فلسطين الى غير رجعة بإذن الله.
اليك يا غزة الأمل والعهد من شعبنا كله ومن منظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي والوحيد، ومن كل الأمة العربية والإسلامية المجتمعة هنا في رحاب الكويت، أن العدوان سوف يهزم وسوف نبني غزة من جديد. كل بيت ومسجد ومدرسة وشارع ومستشفى.
بسم الله الرحمن الرحيم
'وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون'
صدق الله العظيم
أشكر لكم حسن إستماعكم
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته
'واعتصموا بحبل الله جميعا، ولا تفرقوا'
صدق الله العظيم.
صاحب السمو الأخ الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
الإخوة أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
الأخ عمرو موسى أمين عام جامعة الدول العربية
الإخوة الحضور الكريم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في البداية أتوجه بالتحية للكويت الحبيبة دولة وشعباً وقيادة، واستذكر ونحن في رحاب الكويت، أن الكويت كانت منطلقاً لثورة شعبنا الفلسطيني وأحد أركان دعمها وحمايتها، وحماية النضال الأصيل من اجل تحقيق أهدافها، الأهداف الأسمى لأمتنا العربية كلها. فمن قلب كل فلسطيني لها كل الحب والتقدير والعرفان.
أيها الإخوة الأعزاء
والدم يسيل على ارض غزة البطلة والعذابات تزداد وتتعمق، والخطر يتسع، ويطرق أبواب بيوتنا العربية على امتداد وطننا الكبير، نجتمع في هذه القمة، التي وبحكم شعور الجميع بالمسؤولية، لم تعد قمة اقتصادية فقط كما كان مقرراً لها بل أنها أصبحت قمة العرب... من اجل فلسطين وغزة أولا، ومن اجل إزاحة كابوس الاحتلال البغيض عن فلسطين وما تبقى من أراض عربية محتلة، ومن اجل إقامة دولتنا المستقلة، وعاصمتها القدس الشريف
وحل جميع قضايا الوضع الدائم، وفي مقدمتها القدس واللاجئين والمستوطنات والحدود والمياه والأسرى على أساس الشرعية الدولية والمبادرة العربية للسلام. هذا هو جوهر جدول أعمال القمم العربية منذ أن استضافت مصر أول وثاني أعمالها قبل عقود، حتى قمة الكويت هذه ... فشكراً لصاحب السمو أمير دولة الكويت العربية الشيخ صباح، على هذا الإيثار، وهذه الاستجابة المستنيرة لما نحتاج وما ينبغي أن نفعل.
أصارحكم أيها الأشقاء الأعزاء، أن هذه الحرب، قرعت طبولها قبل أشهر من البدء بتنفيذها، واستحكمت حلقاتها، بحصار خانق ظالم لا مبرر له، دفع ثمنه شعبنا الفلسطيني غالياً، وها هو يواصل دفع الثمن، ونحن نوشك على إكمال شهر من القتل والتدمير، وما نسعى له الآن بعد نجاح جهود الأشقاء في مصر بوقف العدوان، أن نحقق إنسحاب قوات الإحتلال الإسرائيلي بشكل فوري وأن نرفع الحصار الظالم المفروض على شعبنا في قطاع غزة الجريح، تحقيقاً للمبادرة المصرية ككل لا يتجزأ، وبما يشمل البدء فوراً في مواجهة الكارثة الإنسانية الكبيرة.
ولعل أكثر ما يؤلم في هذه الحرب العدوانية، أن الضحايا تحولوا إلى وقود مشهد يومي متكرر على الشاشات، أو إلى أرقام بدأت بثلاثين شهيدا على مدى ستة أشهر، ليصبح أكثر من ألف وثلاثمائة شهيداً خلال أيام، أما الجرحى والمشردون والهائمون على وجوههم داخل أسوار المعتقل الكبير في غزة، فهم كل الشعب الفلسطيني بلا استثناء، شعبنا في غزة تحت وابل النار، وشعبنا في الضفة يضطرم حزناً وحسرة على توأمه الجريح، أما شعبنا الفلسطيني في الشتات، فهو مثل سائر الأشقاء العرب والمسلمين في مشارق الأرض ومغاربها يتابع المأساة، بلا حول ولا قوة، إلا التعاطف والتضامن والدعاء.
أمام هذا المشهد ... المتكرر منذ زمن .. عملنا كقيادة فلسطينية جهدنا من أجل انتشال شعبنا من دوامة الموت. ولقد تشاركت وإياكم في هذا الجهد المضني.
لم نترك باباً إلا وطرقناه، لم نترك اجتهاداً إلا وحاولناه، لم نعف أية قوة على وجه هذه الأرض من مسؤوليتها لوقف هذه الحرب العدوانية. خاطبنا الإدارتين الأمريكيتين، القادمة والآفلة، توجهنا إلى مجلس الأمن، إلى الاتحاد الأوروبي، إلى إسرائيل ذاتها، محذرين من مغبة الولوغ في الدم الفلسطيني، ومحذرين من لعنة هذا الدم. وبصرف النظر عن المبررات التي ساقتها إسرائيل للتغطية على هذه الحرب الإجرامية التي لا يمكن قبولها، إلا أنها لن تنجو بفعلتها. ولم نسمع حتى الآن صوتاً عاقلاً يتفهم دوافعها، سوى صوت الإدارة الأمريكية الآفلة، التي بكل أسف أيدت العدوان، ودعمته مع بعض النصائح المجاملة ... بتجنب قتل المدنيين، مع أن ذلك يبدو مستحيلاً أمام اكتظاظ غزة، وكثافتها البشرية، في أضيق بقعة مسكونة على وجه الأرض.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
حين لم تنجح محاولاتنا المستميتة لتجنب هذه الحرب شرعنا في عمل مكثف، من اجل وقف العدوان أولا، وبعدها نجد حلولاً لكل القضايا. دعوت ومنذ اليوم الأول، إلى تجاوز كل الخلافات الفلسطينية والتوجه بجهد مشترك لمواجهة العدوان. دعوت الإخوة في جميع الفصائل دون إستثناء، إلى المشاركة في اجتماعات القيادة الفلسطينية، والتشاور حول كل صغيرة وكبيرة، وتنسيق المواقف، وسد الثغرات كي لا ينفذ احد إلى بيتنا وجدران صمودنا. لم أدع إلى حوار تقليدي، وإنما إلى اتفاق فوري، لنضع أنفسنا جميعاً ومن اللحظة الأولى في مواجهة العدوان، وإحباط أهدافه. وإذا كان من غير المناسب التلاوم، وتبادل الاتهامات، فان ما هو مناسب حقاً، وضروري، وواجب،
أن نلتقي جميعاً كفلسطينيين من كافة الفصائل والأطياف والشرائح وبشكل فوري، على ارض مصر، وفي كنف شعبها وقيادتها ورئيسها الأخ العزيز محمد حسنى مبارك، كي نتفق ما دمنا قد تحاورنا ألاف الساعات .
ويا أيها الأحبة إن لم يكن دم غزة وجرحها النازف لا يكفي لان نتفق .. فماذا غيره .. ومتى؟؟؟
المطلوب الآن إذا اتفقنا وأرجوا أن نتفق، حكومة وفاق وطني تأخذ على عاتقها مواجهة الكارثة الإنسانية، ورفع الحصار، وفتح المعابر، والبدء في إعادة الإعمار والبناء، وإجراء إنتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة بتوافق وطني.
وعلى الصعيد العربي، فلقد تابعنا ... والألم يعتصر قلوبنا، معارك التشكيك والتشهير وتصفية الحسابات المبيتة والمتراكمه، كما لو أن موقعة غزة وجدت من اجل أن يسجل هذا الطرف مآثر ومزايا ... ضد طرف أخر يتهم بكل الموبقات.. كانت غزة تحترق، وبدل أن نرسل لأهلها رسائل أمل وثقة، تعزز الصمود وتقوي العزيمة،
تبارى كثيرون في بث اليأس بصيغة الهروب إلى الإمام. فحين يقال لأهل غزة إن كل من حولكم يتآمرعليكم، فهذه دعوة لليأس والاستسلام، وحين يقال لهم قاتلوا ولا أمل لكم في أحد يشارككم مهمة دحر العدوان، فبوسعنا فهم كيف يكون الخذلان الحقيقي. فمن لديه دعم لغزة فليقدمه ومن ليس لدية فالصمت، ذلك أفضل لغزة وأفضل له.
ورغم شعورنا بالأسى إلا أنني أرجو من الله أولا، ومن هذه القمة ثانياً، أن نعلو جميعاً فوق الجراح، فوق كل ما يفرق في المواقف والقوى، لمصلحة وحدة حقيقية تجمع العرب على الممكن، ولا تفرقهم على المستحيل. فالممكن بمتناول يدنا جميعاً، إذا لا احد في وارد القيام بخطوات غير محسوبة، تقودنا إلى قرارات ارتجالية مدمرة، كالحرب مثلآ،
وإنما بوسعنا جمع طاقاتنا القومية والاقتصادية والسياسية والإعلامية وتوظيفها على أفضل وجه، في خدمة قضايانا، وأهدافنا ...
وفي الدائرة العربية أيها الإخوة الأعزاء، جرى حديث كثير عن المبادرة العربية للسلام، هنالك من طالب بتشييعها رسمياً، وهنالك من طالب بتجميدها، وهنالك من طالب بتفصيلها وتطويرها، وإننا أمام خيارات ثلاث، الأول لا حرب ولا سلام وهذا لا يمكن أن نقبل به، والثاني الحرب، والثالث السلام ونحن مع هذا الخيار. ينبغي أن نودع والى الأبد، شطب قرار دون توفير بديل أفضل منه. ومن وجهة نظري، فان مبادرة السلام العربية، لم تحمل بذور فنائها، وإنما تقصيرنا جميعاً في خدمتها وتوفير أسباب القوة لها، ما جعلها تتعثر. ولو حكمنا إسرائيل بمصير هذه المبادرة وطالبنا بإلغائها لان إسرائيل لم توافق عليها، فساعتئذ نقع في محظور الإذعان للفيتو الإسرائيلي، والتكيف معه، وهذا أمر لا يجدر قبوله تحت أي ظرف.
أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،
ماذا نريد؟؟
نريد وقف العدوان الآثم والمدمر، نريد معالجة آثاره منذ الآن، نريد حلولاً عملية، للحصار، والمعابر، والأمن، والاقتصاد. وبصراحة أقول، ليس غير المبادرة المصرية من يوفر لنا هذه الحلول، وليس غير الدعم العربي الشامل دون تحفظ ما يعطي المبادرة المصرية قدرات إضافية على بلوغ الحل. نريد إضافة إلى كل هذا قوات حماية دولية تحمي شعبنا في غزة وفي سائر الأراضي الفلسطينية التي هي أراضي دولتنا العتيدة وعاصمتها القدس الشريف.
طالبنا الرباعية والأمم المتحدة وبالأمس تحدثت في قمة شرم الشيخ أننا نريد هذه القوة الدولية، نعم نريد هذه القوات وأن تكون خطوة البداية لها في عموم قطاع غزة تحت علم الأمم المتحدة، كي لا يستباح الدم الفلسطيني مرة أخرى ودائماً، وكي نوفر لشعبنا مناخاً إيجابياً للتنمية والحرية والإستقلال. وأنا هنا أناشدكم وبحضور الأمين العام للأمم المتحدة أن نعطي قضية الحماية والقوات الدولية إهتماماً أساسياً.
أن المبادرة المصرية، مع قرار مجلس الأمن الدولي رقم (1860) مع قرارات قمتنا هذه، تحتوي على كل ما يجعل جهدنا عملياً وفعالاً، فغزة لا تحتمل أجندات كثيرة غير أجندتها الفلسطينية، لأن غزة عائدة لا محالة إلى حضنها الفلسطيني بمصالحة حقة وأصيلة، وعائدة لا محالة إلى بيتها العربي عبر مصر حاملة همها منذ عقود ........
ثم إن غزة لن تكون من الماضي، أو مجرد جرح اندمل أو على وشك، بل هي قلب وروح المستقبل أن شاء الله .
أجدد شكري للكويت الحبيبة ، ولأميرها صاحب السمو الشيخ صباح رجل السياسة والدولة.
وأجدد شكري وعرفاني للمملكة العربية السعودية وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، صانع إتفاق مكة، الذي لن نسامح من قتله بعد أشهر قليلة من ولادته. وللحق أيها الأخوة، لو لم يقع الإنقلاب على إتفاق مكة، لما حدث كل ما حدث. إنني وشعبنا الفلسطيني لن ننسي جهد خادم الحرمين المتواصل منذ بدء العدوان وقبله بكثير من اجل إخراج غزة من أتون النار والدمار.
وأتوجه بالتحية لكل من قدم الدعم والإسناد لغزة عبر معبر رفح في مصر وجسر الملك حسين في الأردن الشقيق، ولا أظن أن أحداً توانى عن تقديم الدعم من دول مغربنا ومشرقنا العربي، وكذلك من الدول الإسلامية الشقيقة ودول العالم الصديقة... لهم منا كل التحية.
ودون أن أنسى أحدا، لكم جميعاً أيها الأشقاء وان اختلفت الاجتهادات التقدير على كل ما بذلتموه من جهد سياسي ودعم مادي ومعنوي، فالحرص واحد، والمسؤولية واحدة .. وأسال الله أن تكون الفرقة المحزنة التي رأينا بعض مظاهرها إلى زوال .. فليس لنا الا وحدتنا .. وليس لنا إلا تفاهمنا وانسجامنا وشراكتنا المصيرية.
وأخيرا إليك يا غزة، يا عنوان مأساتنا وكبريائنا ... إلى شهدائنا الأبرار الذين رووا تراب غزة بدمهم الزكي .
إلى جرحانا ... الذين علقوا على صدر التاريخ وسام البطولة والتفرد والعطاء .. إلى معتقلينا القدماء والجدد، الذين تعج بهم السجون، وتفيض بهم الساحات ... إلى المقاومين من كل الفصائل والقوى، لدحر العدوان وحماية غزة وأهلها ... إليكم جميعاً كل التحية والإعزاز والإكبار.
إليك يا غزة كل الحب ، واليك العهد على أن نعمل جميعاً من اجل رفع كابوس الموت والدمار، وإقصائه عنك وعن فلسطين الى غير رجعة بإذن الله.
اليك يا غزة الأمل والعهد من شعبنا كله ومن منظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي والوحيد، ومن كل الأمة العربية والإسلامية المجتمعة هنا في رحاب الكويت، أن العدوان سوف يهزم وسوف نبني غزة من جديد. كل بيت ومسجد ومدرسة وشارع ومستشفى.
بسم الله الرحمن الرحيم
'وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون'
صدق الله العظيم
أشكر لكم حسن إستماعكم
والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته