جرحى غزة: ليتنا استشهدنا!

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

osama305

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
31 أكتوبر 2008
المشاركات
3,690
نقاط التفاعل
782
النقاط
171
محل الإقامة
المسيلة
الموضوع منقول عن اسلام اون لاين
كتب :
علا عطا الله




غزة - تقدم له كأس الحليب فيزيحه جانبا.. يرفع بصره إلى أعلى السقف.. يضغط على جفونه بألم.. يبدو وكأنه لا يريد أن يرى أحدا.. تفر من عينيه دمعة ساخنة.. يعقبها بكاء صامت من أمه.
نقترب منها فتبادرنا فور رؤيتها للقلم والورقة: "أرجوكم لا تتحدثوا معه.. إنه لا يريد التكلم.. حالته النفسية صعبة".
نظرنا للجسد المتكوم فوق السرير بلا ساقين.. ولعيون مثقلة بالتعب والخوف من أيام قادمة.. اسمه "هاني الباز".. عمره 23 عامًا.. تسببت الحرب الشرسة على غزة في بتر ساقيه.. تهمس أمه وهي تسير بنا في ممر صغير مبتعدة عن غرفته: "كنا نحتمي من صوت المدافع والنيران في حجرة أسفل المنزل.. فجأة اخترقت الحائط قذيفة.. شظاياها أصابتنا جميعا بجروح غير أنها تمكنت من هاني وأجلسته مقعدا للأبد".

Satellite

ضحايا محرقة غزة 5450 جريح معظمهم حالات حروق وبتر
http://www.islamonline.net/servlet/...goBlobs&blobwhere=1232519220900&ssbinary=true
إنها لا تبوح بما في قلبها ولا تجرؤ على النطق بـ"ليته استشهد"، لكن صوتها المجروح كان يشي بشعورها: "انظروا إليه.. ماذا سيفعل الآن.. وكيف ستسير حياته؟".

حملنا أسئلة أم هاني المذيلة بتوقيع الحرب البشعة، والتي راح صداها يتردد في كل غرفة من غرفات مستشفى الشفاء يتواجد بها جريح فقد نور بصره أو رشاقة حركته أو تحولت وسامة وجهه إلى لوحة تحمل بصمات محرقة تواصلت لـ22 يوما بقطاع غزة مخلفة 1412 شهيدا و5450 جريحا نصفهم من النساء والأطفال، ومعظم إصابتهم إما بحروق الفسفور الأبيض أو بتر أطراف نتيجة قذائف المدفعية وشظايا القصف الإسرائيلي.
عذرا مدرستي.. لن أمشي
العالم الذي شاهد الفضائيات وهي تنقل مشهد لؤي صبح، ذاك الطفل الذي أغمض عينيه للأبد نتيجة لحرقهما بدخان قنبلة فسفورية إسرائيلية.. كان موجودا على عشرات الأسرة في أروقة المستشفى.. فهذا أحمد في السابعة من عمره يبكي حروقا شوهت عينيه.. أما سلوى حميد ذات الـ12 ربيعا فستعيش بقية حياتها دون أن ترى نور الشمس.
وكما تساءلت الطفلة جميلة هياج عن مشاوير المدرسة وهي تبكي أقداما كبرت بصحبتها وتسابقت بهما مع صغار البيت قبل أن تقفدهما خلال المحرقة الإسرائيلية بالقطاع، فإن ربى حميد صاحبة الثمانية أعوام ألقت هي الأخرى على مسامع "إسلام أون لاين.نت" استفهاما حارقا: "ما الذي ارتكبته أنا وجميلة وعشرات مثلنا ليقضموا أرجلنا ونجلس مقعدين؟!".
تبكي ربى وصور الحاضر تباغتها: "لن نمشي بعد اليوم... لن نلعب و..." تتحجر الكلمات على شفتيها وعلى شفاه جاءت لمواساتها.. تكتفي شقيقتها الكبرى بالتعليق: "حولوا حياتهم وردية اللون إلى أسود حالك.. فحسبنا الله ونعم الوكيل".
أين حياتنا؟
انفجار شديد يدوي في المكان.. سحابات دخان كثيف تنتشر.. يسقط ناجي حرب (11 عاما) على إثرها في إغماءة طويلة ولا يستيقظ إلا في المستشفى.. يرقد اليوم وقد شوهت الحروق جسده وأحدثت حفرا دامية لم تفلح الضمادات في إخفائها.
شقيقه الرضيع باغتت ساقه الغضة شظية صاروخ فتتها.. تبكي أمهم التي لم تسلم هي الأخرى من إصابات استقرت في يدها.. تعترف بحزن: "لا أدري ما شكل حياتنا القادمة.. أشعر أنني في عالم آخر لا حياة فيه".
صرخة تتبعها أخرى جعلتنا نتجه إلى القسم المقابل.. خرج الطبيب من الغرفة وعلامات الوجع لا تغادر وجهه.. قال لشخص يقف بجواره: "شقيقك أمجد يعاني من حالة نفسية".
وتمتم الطبيب وهو يغادر مسرعا لتفقد حالات باقي المرضى الذين تستجدين صرخات ألمهم "الله يعينكم.. ويعين الكثيرين غيركم"، في إشارة إلى مئات الحالات التي انضمت إلى قافلة ذوي الاحتياجات النفسية الخاصة الذين أقعدتهم الاعتداءات الإسرائيلية على مر السنوات.
أما أمجد الذي راح أنينه يخترق قلوب كل من يحيط به، فقد سكنت إحدى الشظايا عنقه فأقعدته عن الحركة وأخرسته عن الكلام.
12% معاقون
"معاوية حسنين" مدير الإسعاف والطوارئ في وزارة الصحة قال لـ"إسلام أون لاين.نت": إن أكثر من 12% من جرحى الحرب على غزة باتوا "معاقين"، وأضاف: "والنسبة قد تزداد.. فهناك إصابات معرضة في أي لحظة للانتقال إلى خانة "فقد بصره، سمعه، ساقه.. وهكذا".
وأضاف د. حسنين أن الحرب الشرسة والعنيفة خلفت آلاف الجرحى الذين سيعاني معظمهم من عاهات وإعاقات دائمة "إسرائيل استخدمت أسلحة غير تقليدية.. أسلحة محرمة دوليا مثل القنابل الفسفورية والحارقة.. أسلحة فتاكة وقوة مفرطة أدت إلى تشوهات وبتر وحروق وأشياء لا يمكن تصديقها".
وأشار إلى أن الوزارة ما زالت تجري بحثها لإحصاء آثار ما وصفه بـ"حرب الإبادة"، مضيفا: "هؤلاء الجرحى تعرض أغلبهم إلى بتر للأطراف العليا والسفلى.. هناك حالات فقدت أطرافها الأربعة.. صور أصابتنا بالقشعريرة والتشنج.. 14% من الجرحى تعرضوا للبتر.. وهناك 4% يعانون من إعاقات ذهنية وعقلية نتيجة لتعرض الدماغ لشظايا صغيرة اخترقت الرأس".
الضحية لن يعالجها الجلاد
وشدد د. حسنين على أن "إسرائيل استخدمت في قصفها الأخير لغزة أسلحة أذابت أطراف الجرحى"، وتابع: "ومن هنا نجدد الدعوة إلى محاكمة قادة العدوان وتقديمهم للعدالة.. لقد استخدموا أسلحة فتاكة ضد النساء والأطفال".
فتحي أبو مغلي وزير الصحة في حكومة رام الله، أكد بدوره خلال مؤتمر صحفي أن "ما يزيد على 10% من جرحى المجزرة الإسرائيلية على غزة باتوا معاقين".
وقال: إن الوزارة حولت 450 جريحا للعلاج بالخارج في مستشفيات بمصر والأردن والسعودية وليبيا والمغرب ودول أخرى، موضحا "نختار المكان الأنسب للجرحى حسب التخصصات المتاحة بكل دولة".
وترفض وزارة الصحة تحويل أي من الجرحى في غزة إلى المستشفيات الإسرائيلية قائلة: إن "الجلاد يجلد ضحيته ثم يحاول منحها بعض الحياة"، ورأت أن هذا موقف "لا حياء فيه".
وقال أبو مغلي في المؤتمر: "نقولها بكل صراحة.. لن نقبل ولن نسمح لهذا المعتدي الغاشم أن يجمل صورته على حساب جرحنا وجرحانا.. ولن نسمح بتحويل أي مصاب إلى إسرائيل".
تأهيل نفسي
تجمع مؤسسات التأهيل في شمال غزة أطلق اليوم حملة نجدة المعاقين بعد الحرب، وقال مصطفى عابد المتحدث باسم التجمع: "إن الحملة ستستمر لمدة شهر من خلال فريق ميداني لتنفيذ زيارات للجرحى ورصد حالات الإعاقة الجديدة جراء الحرب".
وأشار عابد إلى أن "عمل المؤسسة بات ملحا نتيجة لتزايد نسبة الإصابات التي أدت إلى بتر الأطراف العلوية والسفلية وغيرها من أجزاء الجسد لدى العديد من ضحايا العدوان الإسرائيلي".
ونوهت مؤسسات التأهيل في شمال غزة إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي استهدف الأطفال والنساء بالدرجة الأولى، ضاربا عرض الحائط بكافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان".
وكانت مؤسسات حقوقية وأهلية قد شددت على ضرورة مساندة جرحى الحرب من خلال برامج الدعم النفسي والاجتماعي بالتزامن مع السعي الحثيث لتقديم قادة الاحتلال للمحاكمات الدولية كمجرمي حرب.
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

المواضيع المشابهة

العودة
Top