- إنضم
- 28 جانفي 2008
- المشاركات
- 3,616
- نقاط التفاعل
- 18
- النقاط
- 157
- الجنس
- ذكر
الإسلام هو السلفية
والسلفية هي الإسلام
لأبي حازم الشرقاوي
-وفقه الله لرضاه-
والسلفية هي الإسلام
لأبي حازم الشرقاوي
-وفقه الله لرضاه-
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
فقد قال الإمام البربهاري -رحمه الله- في أول كتابه العظيم "شرح السنة" :
"واعلم أن الإسلام هو السنة والسنة هي الإسلام ولا يقوم أحدهما إلا بالآخر" . اهـ
ونحن في عصرنا نقتدي به ونقول -وإن رغمت أنوف- : الإسلام هو السلفية والسلفية هي الإسلام ولا يقوم أحدهما إلا بالآخر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
واعلم أنه ليس في العقل الصريح , ولا في شيء من النقل الصحيح , ما يوجب مخالفة الطريقة السلفية أصلاً ... ( الفتوى الحموية ص 34 ).
وسئل العلامة الهمام محمد بن ناصر الدين الألباني -رحمه الله- :
"لماذا التسمي بالسلفية ؟ أهي دعوة حزبية أم طائفية أو مذهبية ؟ أم هي فرقة جديدة في الإسلام ؟
الجواب : إن كلمة السلف معروفة في لغة العرب وفي لغة الشرع ؛ وما يهمنا هنا هو بحثها من الناحية الشرعية :
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرض موته للسيدة فاطمة رضي الله عنها : "فاتقي الله واصبري ، ونعم السلف أنا لك " .
ويكثر استعمال العلماء لكلمة السلف ، وهذا أكثر من أن يعد ويحصى ، وحسبنا مثالاً واحداً وهو ما يحتجون به في محاربة البدع :
وكل خير في إتباع من سلف *** وكل شر في ابتداع من خلف
ولكن هناك من مدعي العلم من ينكر هذه النسبة زاعماً أن لا أصل لها! فيقول :
(لايجوز للمسلم أن يقول : أنا سلفي ) وكأنه يقول : (لا يجوز أن يقول مسلم :
أنا متبع للسلف الصالح فيما كانوا عليه من عقيدة وعبادة وسلوك) .
لا شك أن مثل هذا الإنكار ـ لو كان يعنيه ـ يلزم منه التبرؤ من الإسلام الصحيح الذي كان عليه سلفنا الصالح ، وعلى رأسهم النبي -صلى الله عليه وسلم- كما يشير الحديث المتواتر الذي في الصحيحين وغيرهما عنه -صلى الله عليه وسلم- : "خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " .
فلا يجوز لمسلم أن يتبرأ من الانتساب إلى السلف الصالح ، بينما لو تبرأ من أية نسبة أخرى لم يمكن لأحد من أهل العلم أن ينسبه إلى كفر أو فسوق .
والذي ينكر هذه التسمية نفسه ، ترى ألا ينتسب إلى مذهب من المذاهب ؟!
سواء أكان هذا المذهب متعلقاً بالعقيدة أو بالفقه ؟
فهو إما أن يكون أشعرياً أو ماتريدياً ، وإما أن يكون من أهل الحديث أو حنفياً أو شافعياً أو مالكياً أو حنبلياً ؛ مما يدخل في مسمى أهل السنة والجماعة ، مع أن الذي ينتسب إلى المذهب الأشعري أو المذاهب الأربعة ، فهو ينتسب إلى أشخاص غير معصومين بلا شك ، وإن كان منهم العلماء الذين يصيبون ، فليت شعري هلا أنكر مثل هذه الانتسابات إلى الأفراد غير المعصومين ؟
وأما الذي ينتسب إلى السلف الصالح ، فإنه ينتسب إلى العصمة - على وجه العموم - وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من علامات الفرقة الناجية أنها تتمسك بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه .
فمن تمسك به كان يقيناً على هدى من ربه . . . ولا شك أن التسمية الواضحة الجلية المميزة البينة هي أن نقول : أنا مسلم على الكتاب والسنة وعلى منهج سلفنا الصالح ، وهي أن تقول باختصار : (أنا سلفي) " (2) .
وقال الشيخ عبيد الجابري -حفظه الله- في كلام رشيد وضبط سديد :
"فإن كثيرًا ممن يَدَّعُون أنهم أهل السنة والجماعة وأنهم على الهدى يَشْمَئِزُّون من الانتساب إلى السلفية؛ وحتى تطمئنَّ قلوبهم إلى هذه النسبة ـ أعني الانتساب إلى السلفية ـ وتقوَى عزيمتُهم؛ لأن ما وقر في قلوبهم من الاشمئزاز منها فهي وسوسة شيطانية، وقوَّاها في قلوبهم ضعفُ العزيمة وقلَّة الفقه في الدين؛ فلو كانت عزائمهم قوية، وتحصيلهم من الفقه في الدين قويـًّا ما اشمئزُّوا من ذلك، ولم يجدوا في أنفسهم غضاضة منه . فنقول لهم :
أولا : جاء من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ما يدلُّ على ذلك : من ذلكم : قوله عليه الصلاة والسلام لابنته فاطمة رضي الله عنها : ((فنعم السلف أنا لك)) .
الأمر الثاني : أن هذه النسبة لم تكن محدَثة، بل هي من عهد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيقال لهم : السلف . وكلمة (السلف) دارجةٌ عند أئمة هذه الملة أهل السنة والجماعة؛ ويزيد هذا وضوحـًا : الإجماع على صحة الانتساب إلى السلفية، وأنه لا غضاضة في ذلك؛ واسمعوا حكاية الإجماع : قال شيخ الإسلام ابن تيميه ـ رحمه الله ـ : ((لا عيبَ على من أظهر مذهب السلف، وانتسب إليه، واعتزى إليه؛ بل يجب قَبول ذلك منه اتفاقا؛ فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا …)) إلخ العبارة . وراجعوها ـ إن شئتم ـ في الصفحة التاسعة والأربعين بعد المائة، من المجلد الرابع من ((مجموع الفتاوى)) لابن قاسم؛ فهذا عَلَمٌ من أعلام منهجنا المشهود لهم بجلالة القدْر والسابقة في الفضْل ينقل الإجماع؛ ومَن هو ابن تيميه إذا نقل الإجماع ؟، إنه حجة في نقل الإجماع، ضمن قِلة من أهل العلم يُحتج بهم في نقل الإجماع .
فيا شباب الإسلام خاصة ويا أيها المسلمون عامة لا يكوننَّ في صدوركم حرجٌ من الانتساب إلى السلفية، بل ارفعوا بها رؤوسكم، واصدعوا بها، ولا تأخذكم في ذلك لومة لائم .
وأزيدُكم شيئا آخر : ذكر شيخ الإسلام ابن تيميه في المصدر السابق وبالتحديد في الصفحة ـ على ما أظنّ ـ الخامسة والخمسين بعد المائة أن ((من علامات البدع : ترك انتحال السلف الصالح))؛ فلا تجد خَلَفِيًّا لا سيما المنتسبون إلى الجماعات الدعويَّة الحديثة الظاهرة في الساحة اليوم والمناوئة لأهل السنة والجماعة إلاَّ وهو يكرهُ السلفية، ويكره الانتساب إلى السلفية؛ لأن السلفية ليست مجرَّد نسبة، بل السلفية : تجريد إخلاص لله وتجريد متابعة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فالناسُ يا بَنِيَّ حزبان : حزب الرحمن، وحزب الشيطان؛ فحزب الشيطان : الكفار والمنافقون نفاقا اعتقاديـًّا، وحزب الرحمن هم المسلمون اللذين لم يَرْكَبوا ما يُخرجهم من مسمى الإيمان إخراجا كاملا . وخالصوا حزب الرحمن : اللذين لم يَضلوا ولن يَضلوا ولم يتنكبوا جادة الهدى والحق في كل زمان ومكان، ولم يجتمعوا على ضلالة هم السلفيون، أهل السنة والجماعة، الطائفة المنصورة، الفرقة الناجية" . (3) اهـ
وقال الله -سبحانه وتعالى- : {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (4) .
قال الشيخ العلامة الهمام محمد بن ناصر الدين الألباني -رحمه الله- : إن هذه الآية الكريمة هي الأساس الذي ينبغي لكل مسلم أن ينطلق منها لمعرفة الدعوة التي اصطلح بعض العلماء قديماً وحديثاً على تسميتها بالدعوة السلفية قد يسميها بعضهم بدعوة أنصار السنة المحمدية وآخرون بدعوة أهل الحديث وكلها أسماء تدل على معنى واحد , هذا المعنى الواحد طالما غفل عنه جماعات من المسلمين قديماً وحديثاً ولم ينتبهوا لها أو أنهم انتبهوا لها ولم يرعوها حق رعايتها , ولذلك فلا سبيل إلى أن يكون المسلم من الفرقة الناجية إلا بأن يتبع الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه السلف الصالح . (5) اهـ
وقال العلامة صالح الفوزان : ما خالف للجماعة السلفية فإنه مخالف لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ مخالف لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه . (6) اهـ
وقال الشيخ أبو عبدالأعلى خالد بن عثمان -حفظه الله- (7) :
الأول: أن العلماء لم ينكروا التفرق على المسميات فحسب بل أنكروا المناهج والأفكار الواقعة تَحت هذه المسميات والتي خالفت كتاب الله وسنة رسول الله، وخالفت أصول دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فليس الخلاف معها خلافًا في أمور فرعية لا تُسمن ولا تُغني من جوع كما ادعى حسان.
الثاني : أن العلماء - قديمًا وحديثًا - لم يعتبروا التسمي بالسلفية تَحزبًا، أو أن السلفيين حزبٌ يفارق عامة المسلمين؛ ولم يسوي أبدًا العلماء المنهج السلفي بمناهج الأحزاب المحدثة من تبليغ وإخوان وسرورية؛ وكيف تكون هذه التسوية، والمنهج السلفي هو منهج الصحابة - منهج الفرقة الناجية - التي أخبر عنها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديث الفرق (8) الذي استشهد به حسان في غير موضعه؛ فبدلاً من أن يستشهد بِهذا الحديث في بيان عدم جواز إنشاء أحزاب وفرق تفارق دعوة الصحابة - أي الدعوة السلفية - في اسم أو منهج، إذ به يلبس الأمر بتسوية كل هذه الأحزاب من تبليغ وإخوان ونحوهما بالدعوة السفلية، وأن الخلافات بينهم خلافات فرعية حيث قال: " كُلُّنا جميعًا نقول: لا إله إلا الله، وكلنا جميعًا نقول: محمد رسول الله لا منهج لنا إلا القرآن، ولا شرع إلا شرع النبي -صلى الله عليه وسلم-" .
ومن المغالطات التي وقع فيها حسان أنه فَصَل بين الدعوة السلفية ودعوة جماعة أنصار السنة؛ وكأن لكل منهما منهج مختلف عن الآخر؛ وهذا خلط (9) فإن جماعة أنصار السنة ليست حزبًا سياسيًا أو فرقة بدعية؛ حيث إن الشيخ محمد حامد الفقي أراد لدعوة الحق - الدعوة السلفية - أن تتمكن من السير بصورة رسمية لا تُخالف فيها ولي أمر البلاد في مصر في وقته؛ وكان هذا لا يتم إلا بأن تكون هناك جمعية باسم معين ورئيس ولها منهج محدد؛ فكانت جماعة أنصار السنة؛ التي منهجها منهج السلف الصالح؛ ومؤسسها الشيخ محمد حامد الفقي من كبار الدعاة السلفيين في مصر الذين دعوا إلى التوحيد والسنة.
وهذا لا يعني أنه يَجوز الانتماء الحزبي لجماعة أنصار السنة، بل هذا لا يجوز. اهـ
هذا , وليُعلم أن القول بأن "الإسلام هو السلفية والسلفية هي الإسلام" يعني إذا كان الإسلام يسراً فالسلفية يسر , وإذا كان الإسلام فصلاً فالسلفية فصل , وإذا كان الإسلام وسطاً فالسلفية وسط , وهكذا ؛ لأن السلفية عن الإسلام لا تحيد , و "إن مذهب السلف لا يكون إلا حقاً".
وليس معنى القول بأن "الإسلام هو السلفية والسلفية هي الإسلام" أن الفرق المخالفة للسلفية ليست مسلمة فهذا فهم سقيم لأن السلفية والفرق المبتدعة مشتركة في أصل الإسلام.
فالسلفية هي الإسلام بشموله وكماله , وصفائه ونقائه , لا تزيد عليه ولا تنقص منه , وهي منهج واسع بنفسها دون حاجة لأفكار الأحزاب المنحرفة وكتابها.
وأما الفرق المبتدعة فقد أدخلت في الإسلام أشياءً ليست منه وأنكرت أشياءً أخرى من الإسلام , ولذلك فإن قول الله -تعالى- {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [(3) سورة المائدة] لهو فارق بين السلفية وبين الطرق البدعية التي زادت على كمال الدين ما ليس منه فغلت , وأنكرت غيره مما هو منه فأهملت , ولذلك قيل "إذا حلت بدعة ذهبت سنة".
قال الشيخ المحقق بكر بن عبدالله بن أبي زيد -رحمه الله- :
فهذا الخط المستقيم هو الإسلام , والإسلام واحد لا يتعدد وما عداه فهو من السبل , وإن كان بعضاً من الإسلام , لكنه لا يمثل كل الإسلام , وسالكها يمثل "جماعة من المسلمين" (10) بقدر ما لديه من أنوار الإسلام قلة وكثرة وقرباً وبعداً من الصراط المستقيم. (11) اهـ
وهذا سؤال للمعارض : ما أوجه الخلاف بين "الإسلام" وبين "السلفية التي لا تكون إلا حقاً" ؟ ومن سبقك بذلك ؟
أم أنك مفارق لسلفنا السابقين كما قيل :
إني وإن كنت الأخير زمانه .*.*. لآت بما لم تستطعه الأوائل.
وفي هذا القدر كفاية.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.
فقد قال الإمام البربهاري -رحمه الله- في أول كتابه العظيم "شرح السنة" :
"واعلم أن الإسلام هو السنة والسنة هي الإسلام ولا يقوم أحدهما إلا بالآخر" . اهـ
ونحن في عصرنا نقتدي به ونقول -وإن رغمت أنوف- : الإسلام هو السلفية والسلفية هي الإسلام ولا يقوم أحدهما إلا بالآخر.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
واعلم أنه ليس في العقل الصريح , ولا في شيء من النقل الصحيح , ما يوجب مخالفة الطريقة السلفية أصلاً ... ( الفتوى الحموية ص 34 ).
وسئل العلامة الهمام محمد بن ناصر الدين الألباني -رحمه الله- :
"لماذا التسمي بالسلفية ؟ أهي دعوة حزبية أم طائفية أو مذهبية ؟ أم هي فرقة جديدة في الإسلام ؟
الجواب : إن كلمة السلف معروفة في لغة العرب وفي لغة الشرع ؛ وما يهمنا هنا هو بحثها من الناحية الشرعية :
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرض موته للسيدة فاطمة رضي الله عنها : "فاتقي الله واصبري ، ونعم السلف أنا لك " .
ويكثر استعمال العلماء لكلمة السلف ، وهذا أكثر من أن يعد ويحصى ، وحسبنا مثالاً واحداً وهو ما يحتجون به في محاربة البدع :
وكل خير في إتباع من سلف *** وكل شر في ابتداع من خلف
ولكن هناك من مدعي العلم من ينكر هذه النسبة زاعماً أن لا أصل لها! فيقول :
(لايجوز للمسلم أن يقول : أنا سلفي ) وكأنه يقول : (لا يجوز أن يقول مسلم :
أنا متبع للسلف الصالح فيما كانوا عليه من عقيدة وعبادة وسلوك) .
لا شك أن مثل هذا الإنكار ـ لو كان يعنيه ـ يلزم منه التبرؤ من الإسلام الصحيح الذي كان عليه سلفنا الصالح ، وعلى رأسهم النبي -صلى الله عليه وسلم- كما يشير الحديث المتواتر الذي في الصحيحين وغيرهما عنه -صلى الله عليه وسلم- : "خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم " .
فلا يجوز لمسلم أن يتبرأ من الانتساب إلى السلف الصالح ، بينما لو تبرأ من أية نسبة أخرى لم يمكن لأحد من أهل العلم أن ينسبه إلى كفر أو فسوق .
والذي ينكر هذه التسمية نفسه ، ترى ألا ينتسب إلى مذهب من المذاهب ؟!
سواء أكان هذا المذهب متعلقاً بالعقيدة أو بالفقه ؟
فهو إما أن يكون أشعرياً أو ماتريدياً ، وإما أن يكون من أهل الحديث أو حنفياً أو شافعياً أو مالكياً أو حنبلياً ؛ مما يدخل في مسمى أهل السنة والجماعة ، مع أن الذي ينتسب إلى المذهب الأشعري أو المذاهب الأربعة ، فهو ينتسب إلى أشخاص غير معصومين بلا شك ، وإن كان منهم العلماء الذين يصيبون ، فليت شعري هلا أنكر مثل هذه الانتسابات إلى الأفراد غير المعصومين ؟
وأما الذي ينتسب إلى السلف الصالح ، فإنه ينتسب إلى العصمة - على وجه العموم - وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم من علامات الفرقة الناجية أنها تتمسك بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان عليه أصحابه .
فمن تمسك به كان يقيناً على هدى من ربه . . . ولا شك أن التسمية الواضحة الجلية المميزة البينة هي أن نقول : أنا مسلم على الكتاب والسنة وعلى منهج سلفنا الصالح ، وهي أن تقول باختصار : (أنا سلفي) " (2) .
وقال الشيخ عبيد الجابري -حفظه الله- في كلام رشيد وضبط سديد :
"فإن كثيرًا ممن يَدَّعُون أنهم أهل السنة والجماعة وأنهم على الهدى يَشْمَئِزُّون من الانتساب إلى السلفية؛ وحتى تطمئنَّ قلوبهم إلى هذه النسبة ـ أعني الانتساب إلى السلفية ـ وتقوَى عزيمتُهم؛ لأن ما وقر في قلوبهم من الاشمئزاز منها فهي وسوسة شيطانية، وقوَّاها في قلوبهم ضعفُ العزيمة وقلَّة الفقه في الدين؛ فلو كانت عزائمهم قوية، وتحصيلهم من الفقه في الدين قويـًّا ما اشمئزُّوا من ذلك، ولم يجدوا في أنفسهم غضاضة منه . فنقول لهم :
أولا : جاء من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم ما يدلُّ على ذلك : من ذلكم : قوله عليه الصلاة والسلام لابنته فاطمة رضي الله عنها : ((فنعم السلف أنا لك)) .
الأمر الثاني : أن هذه النسبة لم تكن محدَثة، بل هي من عهد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيقال لهم : السلف . وكلمة (السلف) دارجةٌ عند أئمة هذه الملة أهل السنة والجماعة؛ ويزيد هذا وضوحـًا : الإجماع على صحة الانتساب إلى السلفية، وأنه لا غضاضة في ذلك؛ واسمعوا حكاية الإجماع : قال شيخ الإسلام ابن تيميه ـ رحمه الله ـ : ((لا عيبَ على من أظهر مذهب السلف، وانتسب إليه، واعتزى إليه؛ بل يجب قَبول ذلك منه اتفاقا؛ فإن مذهب السلف لا يكون إلا حقا …)) إلخ العبارة . وراجعوها ـ إن شئتم ـ في الصفحة التاسعة والأربعين بعد المائة، من المجلد الرابع من ((مجموع الفتاوى)) لابن قاسم؛ فهذا عَلَمٌ من أعلام منهجنا المشهود لهم بجلالة القدْر والسابقة في الفضْل ينقل الإجماع؛ ومَن هو ابن تيميه إذا نقل الإجماع ؟، إنه حجة في نقل الإجماع، ضمن قِلة من أهل العلم يُحتج بهم في نقل الإجماع .
فيا شباب الإسلام خاصة ويا أيها المسلمون عامة لا يكوننَّ في صدوركم حرجٌ من الانتساب إلى السلفية، بل ارفعوا بها رؤوسكم، واصدعوا بها، ولا تأخذكم في ذلك لومة لائم .
وأزيدُكم شيئا آخر : ذكر شيخ الإسلام ابن تيميه في المصدر السابق وبالتحديد في الصفحة ـ على ما أظنّ ـ الخامسة والخمسين بعد المائة أن ((من علامات البدع : ترك انتحال السلف الصالح))؛ فلا تجد خَلَفِيًّا لا سيما المنتسبون إلى الجماعات الدعويَّة الحديثة الظاهرة في الساحة اليوم والمناوئة لأهل السنة والجماعة إلاَّ وهو يكرهُ السلفية، ويكره الانتساب إلى السلفية؛ لأن السلفية ليست مجرَّد نسبة، بل السلفية : تجريد إخلاص لله وتجريد متابعة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فالناسُ يا بَنِيَّ حزبان : حزب الرحمن، وحزب الشيطان؛ فحزب الشيطان : الكفار والمنافقون نفاقا اعتقاديـًّا، وحزب الرحمن هم المسلمون اللذين لم يَرْكَبوا ما يُخرجهم من مسمى الإيمان إخراجا كاملا . وخالصوا حزب الرحمن : اللذين لم يَضلوا ولن يَضلوا ولم يتنكبوا جادة الهدى والحق في كل زمان ومكان، ولم يجتمعوا على ضلالة هم السلفيون، أهل السنة والجماعة، الطائفة المنصورة، الفرقة الناجية" . (3) اهـ
وقال الله -سبحانه وتعالى- : {وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (4) .
قال الشيخ العلامة الهمام محمد بن ناصر الدين الألباني -رحمه الله- : إن هذه الآية الكريمة هي الأساس الذي ينبغي لكل مسلم أن ينطلق منها لمعرفة الدعوة التي اصطلح بعض العلماء قديماً وحديثاً على تسميتها بالدعوة السلفية قد يسميها بعضهم بدعوة أنصار السنة المحمدية وآخرون بدعوة أهل الحديث وكلها أسماء تدل على معنى واحد , هذا المعنى الواحد طالما غفل عنه جماعات من المسلمين قديماً وحديثاً ولم ينتبهوا لها أو أنهم انتبهوا لها ولم يرعوها حق رعايتها , ولذلك فلا سبيل إلى أن يكون المسلم من الفرقة الناجية إلا بأن يتبع الكتاب والسنة وعلى ما كان عليه السلف الصالح . (5) اهـ
وقال العلامة صالح الفوزان : ما خالف للجماعة السلفية فإنه مخالف لمنهج الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ مخالف لما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه . (6) اهـ
وقال الشيخ أبو عبدالأعلى خالد بن عثمان -حفظه الله- (7) :
الأول: أن العلماء لم ينكروا التفرق على المسميات فحسب بل أنكروا المناهج والأفكار الواقعة تَحت هذه المسميات والتي خالفت كتاب الله وسنة رسول الله، وخالفت أصول دعوة النبي -صلى الله عليه وسلم- ، فليس الخلاف معها خلافًا في أمور فرعية لا تُسمن ولا تُغني من جوع كما ادعى حسان.
الثاني : أن العلماء - قديمًا وحديثًا - لم يعتبروا التسمي بالسلفية تَحزبًا، أو أن السلفيين حزبٌ يفارق عامة المسلمين؛ ولم يسوي أبدًا العلماء المنهج السلفي بمناهج الأحزاب المحدثة من تبليغ وإخوان وسرورية؛ وكيف تكون هذه التسوية، والمنهج السلفي هو منهج الصحابة - منهج الفرقة الناجية - التي أخبر عنها الرسول -صلى الله عليه وسلم- في حديث الفرق (8) الذي استشهد به حسان في غير موضعه؛ فبدلاً من أن يستشهد بِهذا الحديث في بيان عدم جواز إنشاء أحزاب وفرق تفارق دعوة الصحابة - أي الدعوة السلفية - في اسم أو منهج، إذ به يلبس الأمر بتسوية كل هذه الأحزاب من تبليغ وإخوان ونحوهما بالدعوة السفلية، وأن الخلافات بينهم خلافات فرعية حيث قال: " كُلُّنا جميعًا نقول: لا إله إلا الله، وكلنا جميعًا نقول: محمد رسول الله لا منهج لنا إلا القرآن، ولا شرع إلا شرع النبي -صلى الله عليه وسلم-" .
ومن المغالطات التي وقع فيها حسان أنه فَصَل بين الدعوة السلفية ودعوة جماعة أنصار السنة؛ وكأن لكل منهما منهج مختلف عن الآخر؛ وهذا خلط (9) فإن جماعة أنصار السنة ليست حزبًا سياسيًا أو فرقة بدعية؛ حيث إن الشيخ محمد حامد الفقي أراد لدعوة الحق - الدعوة السلفية - أن تتمكن من السير بصورة رسمية لا تُخالف فيها ولي أمر البلاد في مصر في وقته؛ وكان هذا لا يتم إلا بأن تكون هناك جمعية باسم معين ورئيس ولها منهج محدد؛ فكانت جماعة أنصار السنة؛ التي منهجها منهج السلف الصالح؛ ومؤسسها الشيخ محمد حامد الفقي من كبار الدعاة السلفيين في مصر الذين دعوا إلى التوحيد والسنة.
وهذا لا يعني أنه يَجوز الانتماء الحزبي لجماعة أنصار السنة، بل هذا لا يجوز. اهـ
هذا , وليُعلم أن القول بأن "الإسلام هو السلفية والسلفية هي الإسلام" يعني إذا كان الإسلام يسراً فالسلفية يسر , وإذا كان الإسلام فصلاً فالسلفية فصل , وإذا كان الإسلام وسطاً فالسلفية وسط , وهكذا ؛ لأن السلفية عن الإسلام لا تحيد , و "إن مذهب السلف لا يكون إلا حقاً".
وليس معنى القول بأن "الإسلام هو السلفية والسلفية هي الإسلام" أن الفرق المخالفة للسلفية ليست مسلمة فهذا فهم سقيم لأن السلفية والفرق المبتدعة مشتركة في أصل الإسلام.
فالسلفية هي الإسلام بشموله وكماله , وصفائه ونقائه , لا تزيد عليه ولا تنقص منه , وهي منهج واسع بنفسها دون حاجة لأفكار الأحزاب المنحرفة وكتابها.
وأما الفرق المبتدعة فقد أدخلت في الإسلام أشياءً ليست منه وأنكرت أشياءً أخرى من الإسلام , ولذلك فإن قول الله -تعالى- {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا} [(3) سورة المائدة] لهو فارق بين السلفية وبين الطرق البدعية التي زادت على كمال الدين ما ليس منه فغلت , وأنكرت غيره مما هو منه فأهملت , ولذلك قيل "إذا حلت بدعة ذهبت سنة".
قال الشيخ المحقق بكر بن عبدالله بن أبي زيد -رحمه الله- :
فهذا الخط المستقيم هو الإسلام , والإسلام واحد لا يتعدد وما عداه فهو من السبل , وإن كان بعضاً من الإسلام , لكنه لا يمثل كل الإسلام , وسالكها يمثل "جماعة من المسلمين" (10) بقدر ما لديه من أنوار الإسلام قلة وكثرة وقرباً وبعداً من الصراط المستقيم. (11) اهـ
وهذا سؤال للمعارض : ما أوجه الخلاف بين "الإسلام" وبين "السلفية التي لا تكون إلا حقاً" ؟ ومن سبقك بذلك ؟
أم أنك مفارق لسلفنا السابقين كما قيل :
إني وإن كنت الأخير زمانه .*.*. لآت بما لم تستطعه الأوائل.
وفي هذا القدر كفاية.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم والحمد لله رب العالمين.
***
ــــــــــــــ
(1) نشرت بعض هذا المقال على الشبكة العنكبوتية في "منارة الدعوة السلفية" , وقد استفدت كثيراً من النقول من رسالة نشرت على نفس المنارة تحت عنوان "أقوال أهل العلم في التسمي بالسلفية".
(2) "مجلة الأصالة" , العدد التاسع , (ص 86 -90).
(3) "أصول وقواعد في المنهج السلفي".
(4) [(100) سورة التوبة].
(5) شريط "أصول الدعوة السلفية".
(6) "الأجوبة المفيدة" (ص256).
(7) "الكواشف الجلية للفروق بين السلفية وبين الدعوات الحزبية البدعية" , (ص131-132) , طبعة دار علم السلف 1427.
(8) قلت (أبو حازم) : أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان وغيرهم , قَالَ رَسُولُ اللَّه -صلى الله عليه وسلم- [افْتَرَقَتِ الْيَهُودُ عَلَى إِِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَافْتَرَقَتِ النَّصَارَى عَلَى اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً وَتَفْتَرِقُ أُمَّتِي عَلَى ثَلاثٍ وَسَبْعِينَ فِرْقَةً] الحديث.
(9) قلت (أبو حازم) : وهذا في شريط "الطريق إلى الله" وهو أحرى بأن يُسمى "الطريق إلى الخلط والخبط وعدم الضبط" وقد تقدم الكلام عليه.
(10) قلت (أبو حازم) : "جماعة من المسلمين" وليس "جماعة المسلمين" فهناك فرق بين القولين .
فقولنا "جماعة من المسلمين" : هذا يشمل أي فرقة انشقت عن "جماعة المسلمين" ولم تخرج هذه الفرقة من الإسلام.
وأما قولنا "جماعة المسلمين" : فلا يدخل فيه الفرق التي تمزقت عن "جماعة المسلمين" , وإنما يشمل الذين يسيرون على كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- بفهم السلف الصالح -رضوان الله عليهم- , فذلكم منهاج النبوة.
(11) "حكم الانتماء" , (ص42-