تتوب بريتني سبيرز ولا تتوب لِحى الحكومة في الجزائ

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

عاقل و فاهم

:: عضو منتسِب ::
إنضم
10 جانفي 2009
المشاركات
85
نقاط التفاعل
0
النقاط
2

من قلم : محمد تامالت

كاتب وصحفي عربي من الجزائر لاجئ في بريطانيا
حائز على شهادة الماجستير في الإعلام
كتبه المنشورة:
- الجزائر من فوق البركان
- العلاقات الجزائرية الاسرائيلي


و هذا القليل من مقالته التي كتبها مؤخرا ..........

سأكون واقعيا جدا حين أقول إنني لم أفاجأ كثيرا أن المغنية الأمريكية بريتني سبيرز حلقت شعرها كاملا واعتزلت الناس ووصفت نفسها بأنها المسيح الدجال، شعورا منها بالذنب لأنها كانت السبب في انحراف عدد هائل من الشبان والشابات الذين اتخذوا منها قدوة وارتفعوا بها الى قمة الشهرة بنفس القدر الذي هوت هي بهم إلى حضيض الخطيئة واللذة المحرمة.
وسأكون أكثر واقعية حين أقول إن أكثر ما سيفاجئني هو توبة إسلاميي النظام الجزائري الذين ركب الشيطان رؤوسهم وأمسك بهم من لحاهم، فسول لهم الحق باطلا والباطل حقا وسلطهم على الشعب الجزائري الموضوعة رأسه على نطع الذبح، يمسكونه من ذراع ويمسكه المستبدون الفاسدون من الذراع الأخرى ليقطع رأسه عدو حاقد.
لقد انتبه أصحاب القرار وشيوخ أصحاب القرار إلى أن علاقة الشعب الجزائري بالدين لم تتغير، وعرفوا أنها بنفس القوة التي وصفها المؤرخ الجزائري حمدان خوجة عام 1833 في كتابه "المرآة" المصنف ثلاث سنوات بعد دخول الاحتلال الفرنسي، حين ذكر أن الجزائريين والبربر منهم خصوصا لا يرضون بالخضوع إلى أية سلطة مركزية ولكنهم بالمقابل ينقادون طوعا وراء سلطة الدين فلا يشقون لأئمتهم عصا طاعة ولا يسمحون لأحد بإهانة مقدساتهم الإسلامية.
وقد حرص العثمانيون كما أشار خوجة إلى التقرب من البربر بتشييد الأضرحة للأولياء الصالحين وتقريب رجال الدين إليهم ومعاملة الجزائريين بكثير من الرفق مقارنة بالشدة التي يتحدث عنها المشارقة. فلم يكن في الجزائر خازوق ينصب ولا مشانق تعلق إلا فيما ندر، بل وكان الأتراك يكرمون محاربيهم من الجزائريين بعد أن يهزموهم كما يجزم حمدان خوجة.
وحاول الفرنسيون استغلال تعلق الجزائريين بدينهم شر استغلال، فزوجوا مشايخ الطرق الصوفية الذين ركنوا إليهم بفرنسيات من الطبقات الاجتماعية الدنيا، وجعلوا منهم مطايا يستخدمونها لحث الجزائريين على الصبر والرضا بالقضاء والقدر، رضا لا جهاد معه ولا رفض. وابتدعوا سبلا خبيثة ليرفعوا من شعبية مشايخهم بعد ان انقسمت الطرق الصوفية (كما تنقسم السلفية اليوم مع الفارق) الى فرعين: صوفية ردت الاحتلال وأخرى ردت عنه.
وكان من الطرق المضحكة التي ترفع بها فرنسا أسهم شيخ من شيوخها، الاتفاق معه على الوقوف على سكة الحديد في انتظار وصول القطار في موعده، ثم ايقاف القطار باشارة من يده بعد ابلاغ السائق بوجوب التوقف عند رؤية "الشيخ"، وكانت هذه الحيلة تنطلي بسرعة على العامة الأميين الذين يرون في هذا الاحتيال كرامة.
بل حدث أن مستوطنا فرنسيا يملك أراضي واسعة لجأ الى دفن حمار نافق له وبناء ضريح عليه موهما الناس أن الميت ولي صالح، لكي يمنع الجائعين من الاقتراب من مزرعته وأخذ بعض ما يطفئ نار جوعهم.
واليوم يستخدم الفساد والاستبداد في الجزائر طرقا مبتكرة لم يفكر لا الشيطان ولا الاحتلال الفرنسي فيها لاخضاع الشعب الى سلطة البابا والملك، مع أن البابا في هذه الحالة يحمل اسما عربيا قد يكون بوجرة أو بلخادم أو بولحية مثلما اسم الملك هو بوتفليقة أو زرهوني أو توفيق.
لقد استحل إسلاميو النظام من سلفييهم الى إخوانييهم إلى صوفيتهم الكذب على الشعب باسم الاعتدال مرة وباسم درء الفتنة مرة وباسم الدولة الإسلامية مرات ومرات، والكذب هو أول الصفات التي يمكن بها التفريق بين اسلامي يخاف الله وآخر يخاف النظام.
لقد جرت السياسة إسلاميي "الفستي" أو الزيف بالدارجة الجزائرية إلى استحلال الكذب على الناس وعلى أنفسهم باسم المرحلية، واستحلال كتابة التقارير عن بعضهم البعض باسم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستحلال السكوت عن المظالم باسم العقلانية، واستحلال الرضا بمخالطة الفاسدين باسم التقية أو المواراة.
ممارسة السياسة صارت قرينة للكذب، فخلال صراع حزبي لا يفيد الناخب الجزائري في شيء اتهم المنشقون عن عبد الله جاب الله رئيس حركة الاصلاح الذي لم يرض على الأقل بمجاراة العسكر ثم بعدهم بوتفليقة في مساعيهم لترويض حزبه، اتهموه بالتخابر مع الأمريكان لمجرد أن استقبل في مكتبه دبلوماسيين أمريكيين رغم أن الاتصال بالدبلوماسيين أمر متعارف عليه.
ولا أدري ما الذي يمكن أن يقول هؤلاء حين يعلمون أن عبد العزيز بلخادم رئيس الحكومة ووزير الخارجية السابق نفسه، قدم تقارير شفاهية مفصلة لسفراء أجانب عن الصراع داخل جبهة التحرير الوطني حين تم منعه قبل عقد من الزمن من الحديث في مؤتمر للحزب الذي يتولى اليوم رئاسته، وقد كنت واحدا من أربعة استمعوا لثلاث ساعات إلى شكواه من استيلاء الجيش على الحزب الذي يقوده اليوم بنفس الخضوع الذي قاده قبله سلفه الذي انتقده، وكان الثلاثة الآخرون عبد الجبار الضحاك السفير السوري، وعبد المجيد القصير السفير اللبناني ومحي الدين عميمور بوق النظام الناعق على الفضائيات.
وليس الكذب الصفة السيئة الوحيدة التي يتصف بها إسلامي النظام بل كذلك اتخاذ وجهين أمام الناس، فإسلامي الاستبداد والفساد يضرب بقول رسول الله "ذو الوجهين لا يكون وجيها عند الله"عرض الحائط، وهو لا يتحرج في تقبيل عدوه ثلاث قبلات على سنة سيدنا محمد ثم طعنه في ظهره ثلاث طعنات على سنة سيده ابليس.
لذلك لا يخجل شخص مثل بلخادم أن يدخل بيته رجلا يفخر بأنه متآمر مثل عبد القادر حجار سفير الجزائر في القاهرة اليوم ثم يصفه بأقبح الصفات حين يخرج من بيته، بدءا بأن يقول بلخادم إن حجار لم يكن مجاهدا بل انه زور شهادة الجهاد بعد خروجه من السجن الذي وضعه فيه الفرنسيون لضربه خائنا جزائريا بعد خلاف على عاهرة، وانتهاء بقوله إن السفير الحالي خطب ابنة عمه فرفضته ثم أعاد خطبتها بعد طلاقها ليمعن فيها إذلالا وينتقم منها.
والمسألة أكبر من أن يغتاب رئيس الحكومة صديقه أو عدوه، إنها تتسع لتصبح شأنا عاما يخص العام والخاص في البلد ويخرج من كونه سلوكا شخصيا لا يهم أحدا، إن تدين بلخادم المزيف لم يمنعه من اهمال الشأن العام والاهتمام بتحسين وضعه، دون الاهتمام بالفقراء والبائسين وساكني الحمامات الشعبية الذين كان بلخادم أحدهم يوم كان مجرد معلم في ولاية تيارت، قبل أن يختاره عبد المجيد بن قدادرة للعمل معه في رئاسة الجمهورية ثم يتبناه الجنرال العربي بلخير وزهرة ظريف زوجة رئيس البرلمان السابق.
إن بلخادم لم يضع وقته، وحاشا أن يضيعه، في حل مشاكل الناس وتحسين أوضاعهم ورفع الظلم عنهم، بل إنه أحسن استغلال مناصبه بعد أن أعاده بوتفليقة إلى الوجود بأن شيد طوابق إضافية في بيته مستخدما إمكانيات الدولة، وملأ رصيده في البنك وزوج بناته اللواتي تغيرت نظرات الخطاب إليهن، فجعل نفوذ أبيهن نفور الرجال عنهن رغبة إليهن وحول الانصراف عنهن إلى إقبال.
إن الإسلامي المتواطئ مع الفساد لا يهتم إلا بتحسين أوضاعه والحصول على منصب أفضل، فمثلما عرفت دعارة الفنادق أيامها الذهبية حين كان وزير السياحة من الإخوان "المسلمين"، ومثلما تبخرت أموال المتقاعدين في بنك الخليفة أيام كان وزير العمل هو بوجرة سلطاني زعيم هؤلاء الإخوان، ها هو سعر البطاطس يتفوق على سعر الموز والفراولة وهاهو الحليب يختفي من الأسواق أيام عبد العزيز بلخادم رئيس الحكومة، الذي يطمح أن يصبح نائبا للرئيس بعد التعديل الدستوري القادم.
وتفسير هذا الوضع بسيط، إن الإسلامي الفاسد يوهم نفسه بأنه بصلاته ودعائه محصن من النار التي سيدخلها غيره وان كانوا على خير ويُمنع منها وان كان كما هو عليه. إن إسلامي اليوم لا يتخذ من عمر بن الخطاب أو علي بن أبي طالب أو عمر بن عبد العزيز قدوة، بل إنه يرى النجاح والتفوق في شخوص يزيد بن معاوية قاتل حفيد رسول الله والحجاج بن يوسف مخرب الكعبة، وعبد الملك بن مروان العاكف على النظر في المصحف حتى إذا تولى الحكم قال مخاطبا إياه "هذا فراق بيني وبينك".
إن الرياء والتدين الزائف وغياب الخوف من الله هو الذي دفع إسلاميي الفساد إلى إصدار فتاوى تحرم عبور المئات من الجزائريين البحر إلى الشمال في قوارب صغيرة بحثا عن فرصة عمل بدعوى أن في ذلك تهلكة، بدل إصدار فتاوى تحرم الاستبداد والفساد وتدعو الراعي إلى تسخير وقته لخدمة رعيته قبل خدمة مصالحه.
ان هذه العدوى انتقلت إلى الرئيس بوتفليقة الذي ألجأه مرضه إلى بعض تدين انعكس على كلامه، الذي أصبحت تغلب عليه عبارات دينية واستشهادات من القرآن والسنة، وهو تدين ظرفي قد يعتقد الرئيس بأنه كفيل بمحو تقصيره في رفع الغبن عن الشعب المسكين.
إن من يشاهد الرئيس وهو يتحدث بذلك التدين الذي قد يكون مصطنعا وقد لا يكون، يتعجب حين يرى القصر الذي شيده بوتفليقة بعد توليه الرئاسة، وهو قصر من عدة قصور يملكها بناه على أرض بحي الأبيار بالعاصمة تقارب مساحتها الـ 15000 مترا مربعا. والأغرب أن بوتفليقة أو حاشيته استغلوا فرصة مغادرة جاره محمد الصالح محمدي للحج وهو وزير سابق يملك بيتا صغيرا يحاذي قصر الرئيس، ليبنوا جدارا لصيقا لبيت الجار يمنع عنه ضوء الشمس. وهو ما شاهدته بأم عيني من داخل بيت هذا الوزير السابق الذي "حقره" بوتفليقة كما يقول الجزائريون لأنه لم يعد له نفوذ .

 
أعجبني إدراج اسم "بريتني سبيرز" في العنوان :thumbup1:
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

المواضيع المشابهة

العودة
Top