من يشرب القنينة ؟

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

whitestone

:: عضو منتسِب ::
إنضم
16 فيفري 2009
المشاركات
4
نقاط التفاعل
0
النقاط
2
أستقل ذاك المعاق حركياً سيارته على الطريق السريع التي تزخر بها بلادنا العظيمة متوجهاً للعاصمة بحثاً عن وظيفة
حتى دقت أجراس الطبيعة في جوفه وأراد أن يبحث عن دار للخلاء في أحد المحطات البترولية فلم يجد ما يلائم قدرته الحركية فتوقف على جانب الطريق وأصبح يفكر بحل لهذه الورطة , فما كان منه إلا أن ألتفت يمنة ويسرة ومن ثم أخرج قنينة الماء الفارغة من قاع السيارة وأزاح ما أزاح وأخرج ما أخرج وأطلق ما أطلق حتى امتلأت القنينة بما امتلأت وهو امتلأ فرحاً وسروراً وراحة , ومن باب الأمان أحكم غلقها بقوة وبعدها تحرك بسيارته وهو ينتظر الفرصة التي يطيح بما معه وكأنه يحمل أحد القنابل أو أحد المطلوبين , مر الوقت ببطء وحانت لحظة الوادع فطوح بالقنينة وتدحرجت على جانب الطريق حتى وقفت عقباً على راس وكأنها وضعت وضعاً .
في هذا الأثناء وفي سيارة أخرى كان خالد يحكي لرفيقه معاناته مع الواسطة وكيف تقعد له كل مرصد , كان خالد ورفيقه عاطلان وتلك احد الصفات التي يشتهر بها بلدنا بجانب البترول ,
كان خالد يائساً من نيل أي وظيفة لكن والداه الكبيران هم من دفعه للسفر والبحث وكيف يخالفهما وهو كما سمع من أحد المشائخ أنهما ومن على شاكلتهما – أي والديه - من أصحاب ( الفطر السليمة ) وأسترجع في فكره قصة ( الفطر السليمة ) وكيف أن أحد السائلين سأل الشيخ كيف يميز بين الشيخ الصادق والشيخ الغير الصادق فأجابه بعد برهة بأن عليه أن يسأل والديه أصحاب ( الفطر السليمة ) ,
لم يقتنع خالد بقصة الفطرة السليمة فوالديه من خروجهم على الدنيا وهم لا يرون شيخاً صادقاً إلا من يظهر في التلفاز يعني لو ظهر “شعبوله لوله” على التلفاز لتبنى رأيه أصحاب الفطر السليمة
انقطعت أفكار خالد بعد التوقف المفاجئ للسيارة التي ما برحت أن عادت أدراجها وكأن قائدها يقول( ذاك ما كنا نبغ )
لقد شاهد رفيق خالد القنينة ذات اللون الأصفر مقعدة على جانب الطريق فوقف بجانبها وتعلقت أنظارها عليها وبخفة وبدون تفكير فتح خالد الباب وتلقفها وسارت السيارة وهما يعتقدان أنها مشروب كحولي وطني ومن السخرية أنهما لم يحبا شيئاً في الوطنية إلا هذا , فبرغم قلة ذات اليد إلا أنهما ابتليا بمقارعة الكؤوس يظنون أنهُ به تدفع الهموم والغموم ,
همّ خالد بفتح القنينة إلا أن رفيقه أشار له لينظر أمامه , فإذا هي نقطة تفتيش ,
حينها لمعت في أذهانهم أن صاحب القنينة رماها خوفاً من التفتيش ,
وقفوا وتكاد أصوات القلوب تسمع من الخفقان ,
ومن باب ( كاد المريب يقول خذوني ) قال رفيق خالد للعسكري : السلام عليكم
فرد خالد عليه : وعليكم السلام
فقال العسكري لهم بابتسام : إثبات الهوية وقف على الجانب .
وقفوا وفتِشوا ووجدت القنينة وسيق العواطلية للسجن بتهمة حيازة مسكر
صُفت المضبوطات أمام مكتب النقيب في مركز التفتيش وأصبح النقيب يقلب الأوراق ويقلب النظرات لتلك القنينة ذات اللون الزاهي وكأنه يغازلها
أراد القيام لها لولا أن هاتفه رن
رد قائلاً : نعم
فجاوبه الصوت على الطرف الأخر : نقيب حامد
- أهلا نقيب مصلح … كيف الحال
- الحقني يا نقيب حامد أنا في مصيبة
- عسى ما شر وش القصة
- القصة يا نقيب حامد أننا ضبطنا سيارة مليئة بالمسكرات الغربية نوع فودكا
- مبروك يا نقيب
- أي مبروك .. الشباب هنا يبدو أنهم فضوا بكارة احد القناني واجترعوا بعضها
- الشباب ولا أنت يا نقيب ؟؟
- لا .. ليس أنا ( وزغط زغطة فاحت فيها ريحة الفودكا ) ولكن المشكلة يا نقيب أن أصحاب السيارة اتصلوا وأزبدوا وأرعدوا وهددوا إن لم تعد الكمية كاملة أن يقلبوا عقبيّ على حقويّ
- ما هذا الاستهتار وهذا الاحتقار لسيادة الدولة ! من هم أصحابها ؟
قال النقيب مصلح – قرب أذنك يا نقيب
- حتى في التلفون فيه قرب إذنك
( توشوشوا وبعدها تفشفشوا )
قال النقيب حامد – أنا عندي الحل يا نقيب مصلح , عندي لك قنينة صافية ما عليك إلا أن تملأ بها القنينة الناقصة عندك
صاح النقيب المتورط – عليّ بها , أرسلها
أُرسلت القنينة البريئة ووصلت للمركز المراد فأستقبلها الجندي المكلف وهو مُمسكها رن هاتفه الجوال
فإذا به النقيب مصلح وبنبرة كبرياء وتعالٍ قال : جندي عوض , القارورة اللي معك فكها وصبها في القارورة اللي نقصت من قوارير السيارة
وأغلق الخط
ذهب الجندي ومعه القنينة ويتبعه بعض العساكر وفكوا القنينة وهموا بالصب لولا الرائحة العفنة لهذا السائل أوقفتهم
فالتفتوا لبعضهم باستغراب
وقال أحدهم - هذه رائحة بول
صمتوا دقائق وكأن العقول هامت لأول مرة
قال الآخر – أو الله ذيب ذا النقيب … أعتقد أنه مل من هذه التجاوزات
قال الثاني – عز الله أنه ولد رجال … شكل الرجل يا عيال بيسوّي انقلاب
صبوا السائل في القارورة الفودكا وهم يبتسمون وذهبوا ليخبروا الباقين بهذا النقيب الثائر
بعدها بأيام صاح الوزير صيحة انتصار
وهو فرح بإتمامه تقريره الكاذب عن البطالة في البلد والذي كتبه بجهد وتعب وبكم كأس من صاحبتنا الفودكا المخلوطة
وأرجع ظهره ليلتصق بكرسيه الفاخرة ونظر نظرة خاطفة للعلم الأخضر أمامه وقال
دع عنك لومي فإن اللوم إغراءُ *** وداوني بالتي كانت هي الداءُ
صفراء لا تنزل الأحزان ساحتها *** لو مسهُ حجرٌ مستهُ سراءُ
وفي مكان آخر وعلى نفس الطريق السريع.
عاد خالد ورفيقه إلى مسقط رأسيهما خاليين الوفاض عدا حكم قضائي يُنتظر البت فيه
وعلى نفس الطريق عاد نفس المعاق بلا وظيفة وبقنينة فارغة وضعها تحسباً لأي طارئ
أما الضابط مصلح فهو سجين سياسي بتهمة الإخلال بأمن البلد وتلويث فكر الشعب بأفكار مسمومة فاسدة
انتهى
كتبه الساخر أبوشمس
 
شكرا لك على القصة الرائعة

هذاهو الواقع المر للآاسف

تحياتي لك اخي
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top