انظر إلى رحمة الله بك لتتعلم الحياء ، وانظر إلى لطفه بك وحرصه عليك ، يقول الله فى الحديث القدسى:
' إنى والإنس والجن في نبأ عظيم ، أخلق ويعبد غيري ، أرزق ويشكر سواى ، خيري إلى العباد نازل وشرهم إلىّ صاعد ، أتودد إليهم بالنعم وأنا الغنى عنهم ! ويتبغضون إلىّ بالمعاصى وهم أفقر ما يكونون إلى ، أهل ذكرى أهل مجالستى ، من أراد أن يجالسنى فليذكرنى ، أهل طاعتى أهل محبتى ، أهل معصيتى لا أقنطهم من رحمتى ، إن تابوا إلى فأنا حبيبهم ، وإن أبوا فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأطهرهم من المعايب ، من أتانى منهم تائباً تلقيته من بعيد، ومن أعرض عنى ناديته من قريب ، أقول له : أين تذهب؟ ألك رب سواى ، الحسنة عندى بعشرة أمثالها وأزيد ، والسيئة عندى بمثلها وأعفو ، وعزتى وجلالى لو استغفرونى منها لغفرتها لهم ' .
انشرها حتى لشخص واحد كى تساعد على نشرها وكى تأخذ ثواب من يقرأها منقول
الجزء الأول من هذا الحديث وهو قوله : (إني والإنس والجن في نبأ عظيم ، أخلق ويُعبد غيري ، أرزق ويُشكر سواي) من الأحاديث القدسية الضعيفة المشهورة ، والأحاديث القدسية من أكثر الأبواب التي دخل فيها الضعيف والمكذوب .
أخرجه الطبراني في " مسند الشاميين " (2/93)، ومن طريقه ابن عساكر في " تاريخ دمشق " (17/77) وعبد الغني المقدسي في " التوحيد " (108) - ، وأخرجه الحاكم في " تاريخ نيسابور " – كما عزاه إليه في " الدر المنثور " (7/625) - وأخرجه أيضاً البيهقي في " شعب الإيمان " (4/134)، والديلمي في " الفردوس " (3/166) كلهم من طريق بقية بن الوليد ، عن صفوان بن عمرو ، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير ، وشريح بن عبيد الحضرميان ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه . يقول الشيخ الألباني رحمه الله : " ضعيف .... منقطع ، فإن عبد الرحمن بن جبير ، وشريح بن عبيد لم يدركا أبا الدرداء ، فعلة الحديث الانقطاع " انتهى. " السلسلة الضعيفة " (رقم/2371)، وضعفه السيوطي في " الجامع الصغير "، والمناوي في شرحه " فيض القدير " (4/469). ومع ذلك فمعنى الحديث صحيح مقبول ، وليس فيه ما ينكر ، إلا أنه لا تجوز نسبته للنبي صلى الله عليه وسلم . يقول الشيخ صالح الفوزان حفظه الله : " معناه صحيح ، أن الله يخلق ويعبد سواه ، الله خلق المشركين وعبدوا سواه ، والله يرزق ويشكر سواه ، هذا واقع " انتهى. نقلا من موقعه على هذا الرابط :
أما الجزء الثاني وهو قوله : ( خيري إلى العباد نازل ، وشرّهم إليّ صاعد ، أتودد إليهم بالنعم وأنا الغني عنهم ! ويتبغّضون إليّ بالمعاصي وهم أفقر ما يكونون إليّ ) فهو حديث موضوع مكذوب وإن كان معناه مقبول أيضا : جاء في " السلسلة الضعيفة " (حديث رقم/3287) للشيخ الألباني رحمه الله : " ( يقول الله تعالى : يا ابن آدم ! ما تنصفني ، أتحبب إليك بالنعم ، وتتمَقَّتُ إليَّ بالمعاصي ، خيري إليك منزل ، وشرك إليَّ صاعد ، ولا يزال ملك كريم يأتيني عند كل يوم وليلة بعمل قبيح ! يا ابن آدم ! لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تعلم من الموصوف ؛ لسارعت إلى مقته ) موضوع . أخرجه الرافعي في "تاريخ قزوين" (3/ 4) ، والديلمي (4/ 257-زهر الفردوس) من طريق داود بن سليمان الغازي : حدثني علي بن موسى الرضا .. (قلت : فساق إسناده عن آبائه عن علي رضي الله عنه) قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : ... فذكره . قلت – أي الشيخ الألباني - : وهذا موضوع ؛ آفته الغازي هذا ، وهو شيخ كذاب كما تقدم مراراً . لكن تابعه أحمد بن علي بن مهدي الرقي : حدثنا أبي : حدثنا علي بن موسى الرضا به . أخرجه الديلمي ، وكذا نظيف المصري في "الفوائد" (ق106/ 2) ، ومن طريقه أبو نصر الغازي في "جزء من الأمالي" (ق78/ 1) وزاد : ( تفعل الكبائر أو ترتكب الكبائر ثم تتوب إلي فأقبلك إذا خلصت نيتك ، وأصفح عما مضى من ذنوبك ، وأدخلك جنتي وأجعلك في جواري ، سوءة (!) لإقامتك على قبيح فعالك ) لكن الرقي هذا وأبوه لم أعرفهما ، ولعل أحدهما سرقه من الغازي ؛ فإن لوائح الوضع والصنع على الحديث ظاهرة " انتهى كلام الشيخ الألباني رحمه الله . والحديث أخرجه أيضا ابن عساكر في " معجم الشيوخ " (رقم/1270) من الطريق الأولى الموضوعة ، ويروى في كتب أخرى من نقل وهب بن منبه عن الكتب السابقة ، وهو بذلك أشبه .
ثالثا :
أما الجزء الثالث من الحديث المذكور ، وهو قوله : ( أهل ذكري أهل مجالستي ، من أراد أن يُجالسني فليذكرني . أهل طاعتي أهل محبتي . أهل معصيتي لا أقنطهم من رحمتي ، إن تابوا إليّ فأنا حبيبهم ، وإن أبَوا فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأطهّرهم من المعايب ، من أتاني منهم تائباً تلقّيته من بعيد ، ومن أعرض عني ناديته من قريب ، أقول له : أين تذهب ؟ ألك رب سواي !)
فلم نجده مسندا ولا مأثورا في كتب أهل العلم ، وأقدم من رأيناه ذكره هو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في " مجموع الفتاوى " (14/319) حيث قال : " وقد جاء فى بعض الأحاديث : ( يقول الله تعالى : أهل ذكري أهل مجالستي ، وأهل شكري أهل زيادتي ، وأهل طاعتي أهل كرامتي ، وأهل معصيتي لا أؤيسهم من رحمتي ، إن تابوا فأنا حبيبهم ، أي محبهم ، فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم ، أبتليهم بالمصائب لأكفر عنهم المعائب ) وذكر تكملته ابن القيم رحمه الله في " مدارج السالكين " (1/194) من غير عزو لكتاب .
رابعا :
أما الجزء الأخير من الحديث ، وهو قوله : ( الحسنة عندي بعشرة أمثالها وأزيد ، والسيئة عندي بمثلها وأعفو ، وعزتي وجلالي لو استغفروني منها لغفرتها لهم ) فقد صح نحوه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء عَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَأَزِيدُ ، وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزَاؤُهُ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا أَوْ أَغْفِرُ ) رواه مسلم (2687) . وبالجملة ، فالحديث ـ بهذا السياق ـ ليس له أصل عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن كان بعض جمله قد روي مفرقا ، كما ذكرنا في الجواب .