السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عندما تسمع في وسائل الإعلام المرئية أو السمعية، أو حتى تقرأ في الصحف والمجلات خبرا مفاده أن الشيخ القرضاوي أو سلمان العودة أو سفر الحوالي أو غيرهم من دعاة السياسة، يدعو إلى مقاطعة جهة معينة أو دولة بعينها·· مقاطعة تجارية أو اقتصادية أو حتى سياسية·· فإن دعوتهم تلك لا تحتمل إلا أوجها سياسية، بحكم أنهم من المحسوبين على الإسلاميين الحركيين أو الإخوان المسلمين أو غيرهم من الجماعات الإسلامية ذات الطابع السياسي، وإن كانوا في أغلب الأحيان يبررون سياساتهم تلك ويروّجون لها منطلقين في ذلك من بعض ما كتب في السياسة الشرعية، ككتاب ''الأحكام السلطانية'' للماوردي وأبي يعلى وغيرهم·· ومثل هذه الدعوات للمقاطعة الاقتصادية يمكن أن تصدر حتى من جاب الله وسلطاني وبن حاج، ومن كل من ركب أمواج السياسة وعصفت به رياحها العاتية·
أنس حسيني
لكن، ما لا يمكن للعقل والمنطق تقبله هو أن تصدر فتاوى المقاطعة ممن نصبوا أنفسهم مضللين ومبدعين للمقاطعة ودعاتها، بل أصدروا كتبا ورسائل ومطويات ومنشورات ودراسات وأشرطة وأقراص وفيديو·· كلّها تصب في تحريم المقاطعة، وأنها ليست من الدين في شيء، بل هي بدعة وضلالة ومن نهج دعاة السياسة!! والسلفية بريئة من كل دخيل·· ومنذ عهد ليس بالبعيد، كان فركوس يصف كل من يدعو إلى المقاطعة الاقتصادية أو التجارية بأنه إخواني (من الإخوان المسلمين) أو حركي (من دعاة السياسة)! وربما وصل به إلى الحد إلى التبديع أو التكفير·
ساهم معنا في مقاطعة ''جيزي''
لا يزال هذا النداء ساري المفعول في الكثير من مواقع السلفية على الشبكة العنكبوتية، وهو في انتشار وازدياد كلّما تجدد الليل أو النهار، والسلفيون إلى يومنا هذا لا يزالون يتواصون فيما بينهم على مقاطعة شركة أوراسكوم للاتصالات بكل فروعها وشرائحها·
وقد اطلع ملايين الجزائريين على فتوى فركوس الداعية إلى مقاطعة مجموعة الجزائر أوراسكوم ''جيزي''، باعتبارها من الجهات الممولة لمشاريع الفساد (راجع الفتوى رقم 847 قسم فتاوى منهجية)· وقبل ذلك كان الكثير من أتباع السلفية يروّجون يوميا للفتوى، حتى أنه في تلك الأيام قام أحد الأئمة في ولاية البليدة (وهو من أتباع فركوس) بالتحذير من امتلاك خط موبايل من نوع ''جيزي'' أو ''آلو''، وهي الخطوط التابعة لأوراسكوم الجزائر· وقد قال نفس الإمام في أحد دروسه المسائية التي يلقيها بأحد مساجد الولاية، أن هناك نوعين من الناس الذين يطغون في هذه الدنيا وهم من يكتسبون السلطة والمال، ليصل من خلال ذلك إلى القول بأن شركة ''جيزي'' من أكبر الداعمين للتنصير في الجزائر· وفي هذا السياق، قال بعدم جواز امتلاك خط ''جيزي'' لأن أصحاب هذه الشركة يموّلون التنصير في الجزائر، حسب قوله·
وبعد أن أحدثت فتوى فركوس المتعلقة بـ''جيزي'' فتنة كبرى تشبه إلى حد ما فتواه المتعلقة بالرشوة والزلابية في شهر رمضان الماضي، سكت الشيخ برهة من الزمن، ينتظر ردود الفعل التي ستحدثها الفتوى والصدى والرواج الذي تحققه!! ليظهر بعد أيام وبعد صلاة الصبح؟! في مجلس خاص ليجيب عن أسئلة الحاضرين حول الكلام الذي انتشر في الشارع الجزائري، من أن الشيخ فركوس يدعو إلى مقاطعة شركة ''جيزي'' للاتصالات، ليذكر بأن الأمر ليس صحيحا!! وقال بصريح العبارة ''لم أدع صراحة إلى المقاطعة لأنه أمر متعلق بالحاكم، فهو من صلاحياته التي لا يجب التدخل فيها، وإنما نصحًا للمسلمين أقول إن صاحب هذه الشركة يؤيد حملة التنصير في بلادنا ويدعمها، وقد كان في كثير من المرات الراعي الرسمي للكثير من المهرجانات والحفلات التي تدعو إلى الفجور والفسوق والدعارة''·
وأضاف أن صاحب الشركة يملك قناتين إباحيتين يقصد OTV وO-Tunes، حيث خرج المصريون للاحتجاج عليه والمطالبة بغلق القناتيين وحضرهما، ويملك مصنعا للسجائر· فلما نبقي على دعمه ويوجد لدينا متعاملون آخرون لم يثبت عليهم ما يفعله هو، مع أن ما فيه الجميع مخالفة للشرع، فنحن نتبع أخف الضررين·· ولا يجوز لنا التعاون على الإثم والعدوان، خاصة في هذه الحالة·
وفي سؤال آخر في نفس المجلس، وجهه بعض الحاضرين للشيخ، ومفاده: إن رقمي من نوع ''جيزي'' ويكلمني فيه أصحابي وهم كثر جدا، وبالتالي فأنا لا أستطيع تغييره، ليجيبه فركوس على الفور بأن الصحابة، رضي الله عنهم، ضحوا بكل شيء يملكونه في سبيل هذا الدين، وأنت لا تستطيع أن تضحي بشريحة يبلغ ثمنها 200 دينار؟ وقال بهذا اللّفظ ''اللي ما عندوش، نشريلو شريحة أخرى''!!
وبعد أن أكد أن الأمر منوط بالحاكم في بلادنا، قال إن بعض الناس يقولون بأن الشيخ تراجع في فتواه! ونحن لا نتراجع عن مثل هذا الأمر لأننا لا نلعب، وهذا دين الله، وأنا على علم بما تفعله الشركة منذ عام، وإنما صبرنا للّه والحمد للّه·
دوافع الفتوى رقم 847
المعروف عن صاحب الفتوى لدى كل من تقرب منه وعرف أفكاره ومسالكه، أنه لا يمس ولا يسمي أي جهة أو مؤسسة أو دولة، ولو كانت لافتتها العريضة ربوية مئة بالمئة، بل لا يسميها باسمها أو وصفها ولو تلميحا!! فكيف بالتصريح؟ ولكنه بالرجوع إلى ما كتبه وسطره الكثير من الكتاب والمحللّين للواقع حول الفتوى، ندرك بصيغة الجزم أن فتوى فركوس حول ''جيزي'' من ورائها لغز، خاصة وأنها تزامنت مع تصريحات سعيد سعدي، رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، والتي هاجم فيها مجموعة أوراسكوم نظرا لتوسعها بالسوق الجزائرية خلال فترة وجيزة، واقتحامها لمجالات اقتصادية عديدة، الأمر الذي قد يثير مخاوف على مستقبل الاقتصاد الجزائري، وما يمكن أن يسببه هذا الاحتكار من ضرر على اقتصاد البلد، حسب تصريحات سعدي·
وجاءت انتقادات حزب سعدي في مقال نشر على موقعه الإلكتروني الناطق باللغة الفرنسية تحت عنوان ''قنبلة موقوتة''، وتساءل كاتب المقال عن ''التسهيلات التي منحت للمستثمر المصري، في وقت فرضت العديد من القيود على باقي المتعاملين الاقتصاديين الأجانب ممن أبدوا رغبة في اقتحام السوق الجزائرية، من خلال إقامة مشاريع اقتصادية أو المشاركة في مسار الخصخصة الذي تبنته الحكومة في السنوات الأخيرة· كما اتهم حزب سعدي المجموعة المصرية بعدم الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الجزائر، خاصة فيما يتعلق بدفع قيمة الصفقة التي حصلت بموجبها على ثاني رخصة لاستغلال الهاتف المحمول·
أما شركة ''جيزي'' للاتصالات، ففضلت بعدم الرد على انتقادات السلفيين والعلمانيين على السواء·
كما أن هجوم العلمانيين والسلفيين على أوراسكوم الجزائر جاء بعد نحو أسبوعين من فتح السلطات الإيطالية تحقيقا بشأن مزاعم فساد في بيع شركة ''ويند''، ثالث أكبر شركات الاتصالات بإيطاليا، وشملت التحقيقات ''ساويرس'' بوصفه مالك الشركة·

عندما تسمع في وسائل الإعلام المرئية أو السمعية، أو حتى تقرأ في الصحف والمجلات خبرا مفاده أن الشيخ القرضاوي أو سلمان العودة أو سفر الحوالي أو غيرهم من دعاة السياسة، يدعو إلى مقاطعة جهة معينة أو دولة بعينها·· مقاطعة تجارية أو اقتصادية أو حتى سياسية·· فإن دعوتهم تلك لا تحتمل إلا أوجها سياسية، بحكم أنهم من المحسوبين على الإسلاميين الحركيين أو الإخوان المسلمين أو غيرهم من الجماعات الإسلامية ذات الطابع السياسي، وإن كانوا في أغلب الأحيان يبررون سياساتهم تلك ويروّجون لها منطلقين في ذلك من بعض ما كتب في السياسة الشرعية، ككتاب ''الأحكام السلطانية'' للماوردي وأبي يعلى وغيرهم·· ومثل هذه الدعوات للمقاطعة الاقتصادية يمكن أن تصدر حتى من جاب الله وسلطاني وبن حاج، ومن كل من ركب أمواج السياسة وعصفت به رياحها العاتية·
أنس حسيني
لكن، ما لا يمكن للعقل والمنطق تقبله هو أن تصدر فتاوى المقاطعة ممن نصبوا أنفسهم مضللين ومبدعين للمقاطعة ودعاتها، بل أصدروا كتبا ورسائل ومطويات ومنشورات ودراسات وأشرطة وأقراص وفيديو·· كلّها تصب في تحريم المقاطعة، وأنها ليست من الدين في شيء، بل هي بدعة وضلالة ومن نهج دعاة السياسة!! والسلفية بريئة من كل دخيل·· ومنذ عهد ليس بالبعيد، كان فركوس يصف كل من يدعو إلى المقاطعة الاقتصادية أو التجارية بأنه إخواني (من الإخوان المسلمين) أو حركي (من دعاة السياسة)! وربما وصل به إلى الحد إلى التبديع أو التكفير·
ساهم معنا في مقاطعة ''جيزي''
لا يزال هذا النداء ساري المفعول في الكثير من مواقع السلفية على الشبكة العنكبوتية، وهو في انتشار وازدياد كلّما تجدد الليل أو النهار، والسلفيون إلى يومنا هذا لا يزالون يتواصون فيما بينهم على مقاطعة شركة أوراسكوم للاتصالات بكل فروعها وشرائحها·
وقد اطلع ملايين الجزائريين على فتوى فركوس الداعية إلى مقاطعة مجموعة الجزائر أوراسكوم ''جيزي''، باعتبارها من الجهات الممولة لمشاريع الفساد (راجع الفتوى رقم 847 قسم فتاوى منهجية)· وقبل ذلك كان الكثير من أتباع السلفية يروّجون يوميا للفتوى، حتى أنه في تلك الأيام قام أحد الأئمة في ولاية البليدة (وهو من أتباع فركوس) بالتحذير من امتلاك خط موبايل من نوع ''جيزي'' أو ''آلو''، وهي الخطوط التابعة لأوراسكوم الجزائر· وقد قال نفس الإمام في أحد دروسه المسائية التي يلقيها بأحد مساجد الولاية، أن هناك نوعين من الناس الذين يطغون في هذه الدنيا وهم من يكتسبون السلطة والمال، ليصل من خلال ذلك إلى القول بأن شركة ''جيزي'' من أكبر الداعمين للتنصير في الجزائر· وفي هذا السياق، قال بعدم جواز امتلاك خط ''جيزي'' لأن أصحاب هذه الشركة يموّلون التنصير في الجزائر، حسب قوله·
وبعد أن أحدثت فتوى فركوس المتعلقة بـ''جيزي'' فتنة كبرى تشبه إلى حد ما فتواه المتعلقة بالرشوة والزلابية في شهر رمضان الماضي، سكت الشيخ برهة من الزمن، ينتظر ردود الفعل التي ستحدثها الفتوى والصدى والرواج الذي تحققه!! ليظهر بعد أيام وبعد صلاة الصبح؟! في مجلس خاص ليجيب عن أسئلة الحاضرين حول الكلام الذي انتشر في الشارع الجزائري، من أن الشيخ فركوس يدعو إلى مقاطعة شركة ''جيزي'' للاتصالات، ليذكر بأن الأمر ليس صحيحا!! وقال بصريح العبارة ''لم أدع صراحة إلى المقاطعة لأنه أمر متعلق بالحاكم، فهو من صلاحياته التي لا يجب التدخل فيها، وإنما نصحًا للمسلمين أقول إن صاحب هذه الشركة يؤيد حملة التنصير في بلادنا ويدعمها، وقد كان في كثير من المرات الراعي الرسمي للكثير من المهرجانات والحفلات التي تدعو إلى الفجور والفسوق والدعارة''·
وأضاف أن صاحب الشركة يملك قناتين إباحيتين يقصد OTV وO-Tunes، حيث خرج المصريون للاحتجاج عليه والمطالبة بغلق القناتيين وحضرهما، ويملك مصنعا للسجائر· فلما نبقي على دعمه ويوجد لدينا متعاملون آخرون لم يثبت عليهم ما يفعله هو، مع أن ما فيه الجميع مخالفة للشرع، فنحن نتبع أخف الضررين·· ولا يجوز لنا التعاون على الإثم والعدوان، خاصة في هذه الحالة·
وفي سؤال آخر في نفس المجلس، وجهه بعض الحاضرين للشيخ، ومفاده: إن رقمي من نوع ''جيزي'' ويكلمني فيه أصحابي وهم كثر جدا، وبالتالي فأنا لا أستطيع تغييره، ليجيبه فركوس على الفور بأن الصحابة، رضي الله عنهم، ضحوا بكل شيء يملكونه في سبيل هذا الدين، وأنت لا تستطيع أن تضحي بشريحة يبلغ ثمنها 200 دينار؟ وقال بهذا اللّفظ ''اللي ما عندوش، نشريلو شريحة أخرى''!!
وبعد أن أكد أن الأمر منوط بالحاكم في بلادنا، قال إن بعض الناس يقولون بأن الشيخ تراجع في فتواه! ونحن لا نتراجع عن مثل هذا الأمر لأننا لا نلعب، وهذا دين الله، وأنا على علم بما تفعله الشركة منذ عام، وإنما صبرنا للّه والحمد للّه·
دوافع الفتوى رقم 847
المعروف عن صاحب الفتوى لدى كل من تقرب منه وعرف أفكاره ومسالكه، أنه لا يمس ولا يسمي أي جهة أو مؤسسة أو دولة، ولو كانت لافتتها العريضة ربوية مئة بالمئة، بل لا يسميها باسمها أو وصفها ولو تلميحا!! فكيف بالتصريح؟ ولكنه بالرجوع إلى ما كتبه وسطره الكثير من الكتاب والمحللّين للواقع حول الفتوى، ندرك بصيغة الجزم أن فتوى فركوس حول ''جيزي'' من ورائها لغز، خاصة وأنها تزامنت مع تصريحات سعيد سعدي، رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، والتي هاجم فيها مجموعة أوراسكوم نظرا لتوسعها بالسوق الجزائرية خلال فترة وجيزة، واقتحامها لمجالات اقتصادية عديدة، الأمر الذي قد يثير مخاوف على مستقبل الاقتصاد الجزائري، وما يمكن أن يسببه هذا الاحتكار من ضرر على اقتصاد البلد، حسب تصريحات سعدي·
وجاءت انتقادات حزب سعدي في مقال نشر على موقعه الإلكتروني الناطق باللغة الفرنسية تحت عنوان ''قنبلة موقوتة''، وتساءل كاتب المقال عن ''التسهيلات التي منحت للمستثمر المصري، في وقت فرضت العديد من القيود على باقي المتعاملين الاقتصاديين الأجانب ممن أبدوا رغبة في اقتحام السوق الجزائرية، من خلال إقامة مشاريع اقتصادية أو المشاركة في مسار الخصخصة الذي تبنته الحكومة في السنوات الأخيرة· كما اتهم حزب سعدي المجموعة المصرية بعدم الوفاء بالتزاماتها المالية تجاه الجزائر، خاصة فيما يتعلق بدفع قيمة الصفقة التي حصلت بموجبها على ثاني رخصة لاستغلال الهاتف المحمول·
أما شركة ''جيزي'' للاتصالات، ففضلت بعدم الرد على انتقادات السلفيين والعلمانيين على السواء·
كما أن هجوم العلمانيين والسلفيين على أوراسكوم الجزائر جاء بعد نحو أسبوعين من فتح السلطات الإيطالية تحقيقا بشأن مزاعم فساد في بيع شركة ''ويند''، ثالث أكبر شركات الاتصالات بإيطاليا، وشملت التحقيقات ''ساويرس'' بوصفه مالك الشركة·