أزمة الغرب أم تواطؤ العالم الثالث؟
تحاول الدول الغربية الرأسمالية الكبرى أن تجرّ دول العالم الثالث لفبركة العلاج لأمراض الرأسمالية من خلال استدعاء بعضها لحضور ندوات وقمم مجموعة الدول الـ''8 أو لقاءات جمع الأموال لهذه الدولة الفقيرة أو لتلك الدولة المحتلة مثل العراق وفلسطين وأفغانستان''.
وفي هذا السياق، فإن تعليق الرئيس البرازيلي'' لُولا'' بمناسبة انعقاد قمة الدول العشرين بلندن قصد إيجاد مخرج للأزمة الاقتصادية التي عصفت ولاتزال تعصف بالعالم يستحق التنويه.
قال'' لُولا'' بأن هذه الأزمة هي أزمة الرجل الأبيض صاحب العيون الزرق وما عليه سوى أن يفكها بنفسه. من الناحية الظاهرية، فإن فحوى تعليق الرئيس البرازيلي يتسم بالصواب، ولكن من ناحية العمق فإن بلدان العالم الثالث، وخاصة تلك التي كانت في طليعة التحرر من الاستعمار قد ساهمت ولاتزال تساهم في تكريس أزمة الرأسمالية، والأزمة في الرأسمالية معا بسبب التواطؤ مع المراكز الرأسمالية الغربية.
وعندما استخدم صيغة'' بلدان العالم الثالث'' فإن المقصود هو الأنظمة الحاكمة في هذا الفضاء منذ خروج الجيوش الاستعمارية منه، وحتى دخول الشركات متعددة الجنسيات الغربية إليه. وفي تحليل للمفكر الاقتصادي المصري المعروف الدكتور سمير أمين وردت ملاحظة مهمة وهي أن أساس الأزمة الاقتصادية الراهنة يتمثل ''في إطار من العولمة المتزايدة، خاصة أن البديل السوفياتي قد انهار، وأن المشروع البرجوازي الوطني في العالم الثالث لم يستطع مقاومة هجوم الرأسمال المسيطر والهادف إلى إقامة سلطات كومبرادورية في القارات الطرفية''.
إن فشل بلدان العالم الثالث في فك الارتباط بالمشروع الاستعماري في مرحلة الاستقلالات الوطنية هو الذي حول هذه البلدان إلى حقول تجارب لفضلات الرأسمالية الغربية في شكل أسواق مفتوحة ورخيصة للشركات العابرة للقارات، ولهيمنة النمط الثقافي الرأسمالي ذي البعد الواحد، كما وصفه هربرت ماركيوز.
وبهذا الخصوص يقول الدكتور سمير أمين بأن ''ثقافة عصرنا ليست غربية، وإنما رأسمالية، وأعني بذلك، أولا، أن هذه الثقافة لم تكن ثقافة أوروبا الوسيطة والمسيحية''.
إن هذا الاستنتاج صحيح على أساس أن بلداننا في العالم الثالث تعمل بالتطبيقات الرأسمالية الإنسانية، وتضع خلف ظهرها المضامين الثقافية، التي تتخلص في دولة الرعاية الاجتماعية، وتداول الحكم عن طريق الانتخابات الديمقراطية الشفافة غالبا. وهي الظواهر الملحوظة في كثير من المجتمعات الغربية وعلى المستوى الداخلي تحديدا.
وفي هذا الإطار يرى الدكتور سمير أمين في كتابه ''نقد روح العصر'' بأن العلاج مشروط بفهم حقيقة، وهي أن بنية الرأسمالية وتعقيدات فلسفتها، وطموحات مشاريعها
ليست مجرد تنظيمات بنكية، ومظاهر اقتصادية، بل إن ''الخصائص الجوهرية لهذه الثقافة يمكن تفسيرها، بيسر، من خلال الخصائص الجوهرية للرأسمالية''.
إنه ينبغي أيضا إعادة النظر في النظريات التقليدية التي تفسّر الرأسمالية. وبهذا الشأن يقول سمير أمين:''إن الطبقات الاجتماعية، في الرأسمالية وحدها، لا تتحدد فقط بعلاقات الإنتاج (وبتوزيع فائض القيمة).
فالرأسمالية تقوم على الاستلاب الاقتصادي. ومما لا شك فيه أن هذا الاستلاب الاقتصادي الرأسمالي ـ حسب وجهة نظرنا يتزامن مع، وينطوي أيضا على الاستلاب الثقافي، ويلعب دورا محوريا في طمس الوعي الإنساني. وهنا يقترح الدكتور سمير أمين تجاوز ''فكرة تحديد الطبقات ليركز على التحالفات القائمة أو الممكنة في مراكز النظام العالمي كما في أطرافه''.
إن فكرة التحالفات التي يطرحها الدكتور سمير أمين قد طرحت أيضا من قبل أسرة تحرير مجلة ''ذي انترناشيونال'' الصادرة ببريطانيا، والتي تعد اللسان المركزي للأممية الدولية العمالية الرابعة. كما نرى، فإن انعقاد قمة الدول العشرين لمعالجة أمراض الرأسمالية على ضوء الأزمة المالية التي تدعى بالعالمية يدخل أيضا في إطار التحالف الرأسمالي المضاد لأي تحالفات معادية للرأسمالية.
ففي الواقع، فإن وصف الأزمة المالية التي تعصف أصلا بالأنظمة الرأسمالية المركزية بالعالمية يمثل نزعة التنصل يروّج الغرب لها في محاولة منه لإبعاد الشبهة عنه. ومن هنا فإن مقترح الدكتور سمير أمين هو كالتالي:''إن الخطاب المعارص لن يكتسب طابعا جذريا إلا إذا اتخذ موقفا صريحا ـ لا لبس فيه ـ من المبادئ الأساسية التي تقوم الرأسمالية عليها''، أي لابد من رفض الرأسمالية أصلا، والبحث في آن واحد عن سبل أخرى ينتفي فيها الاستلاب الاقتصادي، والثقافي، والأخلاق
تحاول الدول الغربية الرأسمالية الكبرى أن تجرّ دول العالم الثالث لفبركة العلاج لأمراض الرأسمالية من خلال استدعاء بعضها لحضور ندوات وقمم مجموعة الدول الـ''8 أو لقاءات جمع الأموال لهذه الدولة الفقيرة أو لتلك الدولة المحتلة مثل العراق وفلسطين وأفغانستان''.
وفي هذا السياق، فإن تعليق الرئيس البرازيلي'' لُولا'' بمناسبة انعقاد قمة الدول العشرين بلندن قصد إيجاد مخرج للأزمة الاقتصادية التي عصفت ولاتزال تعصف بالعالم يستحق التنويه.
قال'' لُولا'' بأن هذه الأزمة هي أزمة الرجل الأبيض صاحب العيون الزرق وما عليه سوى أن يفكها بنفسه. من الناحية الظاهرية، فإن فحوى تعليق الرئيس البرازيلي يتسم بالصواب، ولكن من ناحية العمق فإن بلدان العالم الثالث، وخاصة تلك التي كانت في طليعة التحرر من الاستعمار قد ساهمت ولاتزال تساهم في تكريس أزمة الرأسمالية، والأزمة في الرأسمالية معا بسبب التواطؤ مع المراكز الرأسمالية الغربية.
وعندما استخدم صيغة'' بلدان العالم الثالث'' فإن المقصود هو الأنظمة الحاكمة في هذا الفضاء منذ خروج الجيوش الاستعمارية منه، وحتى دخول الشركات متعددة الجنسيات الغربية إليه. وفي تحليل للمفكر الاقتصادي المصري المعروف الدكتور سمير أمين وردت ملاحظة مهمة وهي أن أساس الأزمة الاقتصادية الراهنة يتمثل ''في إطار من العولمة المتزايدة، خاصة أن البديل السوفياتي قد انهار، وأن المشروع البرجوازي الوطني في العالم الثالث لم يستطع مقاومة هجوم الرأسمال المسيطر والهادف إلى إقامة سلطات كومبرادورية في القارات الطرفية''.
إن فشل بلدان العالم الثالث في فك الارتباط بالمشروع الاستعماري في مرحلة الاستقلالات الوطنية هو الذي حول هذه البلدان إلى حقول تجارب لفضلات الرأسمالية الغربية في شكل أسواق مفتوحة ورخيصة للشركات العابرة للقارات، ولهيمنة النمط الثقافي الرأسمالي ذي البعد الواحد، كما وصفه هربرت ماركيوز.
وبهذا الخصوص يقول الدكتور سمير أمين بأن ''ثقافة عصرنا ليست غربية، وإنما رأسمالية، وأعني بذلك، أولا، أن هذه الثقافة لم تكن ثقافة أوروبا الوسيطة والمسيحية''.
إن هذا الاستنتاج صحيح على أساس أن بلداننا في العالم الثالث تعمل بالتطبيقات الرأسمالية الإنسانية، وتضع خلف ظهرها المضامين الثقافية، التي تتخلص في دولة الرعاية الاجتماعية، وتداول الحكم عن طريق الانتخابات الديمقراطية الشفافة غالبا. وهي الظواهر الملحوظة في كثير من المجتمعات الغربية وعلى المستوى الداخلي تحديدا.
وفي هذا الإطار يرى الدكتور سمير أمين في كتابه ''نقد روح العصر'' بأن العلاج مشروط بفهم حقيقة، وهي أن بنية الرأسمالية وتعقيدات فلسفتها، وطموحات مشاريعها
ليست مجرد تنظيمات بنكية، ومظاهر اقتصادية، بل إن ''الخصائص الجوهرية لهذه الثقافة يمكن تفسيرها، بيسر، من خلال الخصائص الجوهرية للرأسمالية''.
إنه ينبغي أيضا إعادة النظر في النظريات التقليدية التي تفسّر الرأسمالية. وبهذا الشأن يقول سمير أمين:''إن الطبقات الاجتماعية، في الرأسمالية وحدها، لا تتحدد فقط بعلاقات الإنتاج (وبتوزيع فائض القيمة).
فالرأسمالية تقوم على الاستلاب الاقتصادي. ومما لا شك فيه أن هذا الاستلاب الاقتصادي الرأسمالي ـ حسب وجهة نظرنا يتزامن مع، وينطوي أيضا على الاستلاب الثقافي، ويلعب دورا محوريا في طمس الوعي الإنساني. وهنا يقترح الدكتور سمير أمين تجاوز ''فكرة تحديد الطبقات ليركز على التحالفات القائمة أو الممكنة في مراكز النظام العالمي كما في أطرافه''.
إن فكرة التحالفات التي يطرحها الدكتور سمير أمين قد طرحت أيضا من قبل أسرة تحرير مجلة ''ذي انترناشيونال'' الصادرة ببريطانيا، والتي تعد اللسان المركزي للأممية الدولية العمالية الرابعة. كما نرى، فإن انعقاد قمة الدول العشرين لمعالجة أمراض الرأسمالية على ضوء الأزمة المالية التي تدعى بالعالمية يدخل أيضا في إطار التحالف الرأسمالي المضاد لأي تحالفات معادية للرأسمالية.
ففي الواقع، فإن وصف الأزمة المالية التي تعصف أصلا بالأنظمة الرأسمالية المركزية بالعالمية يمثل نزعة التنصل يروّج الغرب لها في محاولة منه لإبعاد الشبهة عنه. ومن هنا فإن مقترح الدكتور سمير أمين هو كالتالي:''إن الخطاب المعارص لن يكتسب طابعا جذريا إلا إذا اتخذ موقفا صريحا ـ لا لبس فيه ـ من المبادئ الأساسية التي تقوم الرأسمالية عليها''، أي لابد من رفض الرأسمالية أصلا، والبحث في آن واحد عن سبل أخرى ينتفي فيها الاستلاب الاقتصادي، والثقافي، والأخلاق