الغائب والمأمول في الانتصار الانتخابي
استمرت معنا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة الثنائية المهيْمنة في الفضاء السياسي الجزائري الـ''مع'' أو الـ''ضدّ''؟ رغم تعدّد المترشحين كان السؤال هل أنت مع فوز الرئيس لعُهدة أخرى أو ضدّ؟ وأضيف إليه السّؤال هل أنت مع المشاركة في التصويت أو ضدّ؟ وهو تنويع للسؤال الأوّل ووجهه الآخر فقط، ولم تسْلم المعارضة من هذا المأزق الثنائي وهو عامل آخر من عوامل هزيمتها ـ ومهما اختلفنا حول حقيقة النتائج ـ فهي تقوم على الزعامة الفردية التاريخية التي تنتقدها عند السلطة وتؤصل للاستبداد داخل أطرها وهياكلها وتنشط سياسياً زمن الانتخابات، ولم تستوعب طبيعة الذهنية الجزائرية في حساسيتها تجاه التدخل الخارجي في الشأن الجزائري وفي المسّ بالقيم المشتركة، وهو ما تستغلّه السلطة في حملة إعلامية لدفع المواطن للتصويت منها إنزال العلم واستبداله بالراية السوداء، كما أن السبّ والشتم في بعض الفضائيات والبقاء عند خطاب له تقريباً خمسة عشر عاماً، أي منذ أن ردّده بعض العسكريين والدبلوماسيين المعارضين في الخارج، لم يسمح ببروز معارضة حقيقية لا تقوم على تصفية الحسابات أو تكون صورة للثنائية الفقيرة ''مع أو ضدّ ؟ إن الانتصارات التي ننشدها جميعاً هي تحقيق فضاء حقيقي للديمقراطية والحؤول دون توجّه الشباب نحو السّلفيات الجهادية والعنفية أو التطرف اللغوي والثقافي والعرقي أو الحرفة بكلّ أنواعها ومنها ''الحرفة الإلكترونية'' وهي هجرة خيالية افتراضية أمام الأنترنيت فيها هدر لزمن وصحّة شباب معطّل عن العمل، والذهاب نحو الفضاء الديمقراطي يحتاج إلى صمام أمان، وهو ما تحتاجه السلطة القائمة أيضاً، أي وجود معارضة وطنية حقيقية، فهي مثل ورقة المشاركة في الانتخاب تخففّ مستقبلاً من الضغط الخارجي في قضايا حقوق الإنسان وحقوق الأقليات اللغوية والعرقية، كما أن نقدها ومعارضتها عامل أساسي في تكوين المؤسّسات واستقلالها، فالخوف الحقيقي مستقبلاً هو التحالف بين أصحاب الريع المالي مع عصب إعلامية وسياسة وإدارية وأصحاب النفوذ، وهي ''كتلة هجينة'' من مجموعات من مصلحتها حالة الاستبداد أو اللا أمن، وهما مناخان ملائمان لتفريخ كل مظاهر اللاّ دولة وقيم الجهوية والفساد، الثنائية الفقيرة التي أشرت إليها هي مُنتجة أيضاً لمنطق الخسارة والربح السائد في وعينا السياسي الجزائري اليوم كثنائية فاصلة، صحيح هي عملية مثل الرياضة تسفر عن منتصر ومنهزم، وأنصار قد يخذلون فريقهم وينقلبون عليه، وقد يكونوا مخلصين مهما كانت الهزيمة؟ وهي مثل أيضاً السوق التجاري يربح الأوفر حظاً والأكثـر ذكاءً، ولكن في كلتا الحالتين الخاسر دائماً وجوده ضروري لاستمرار الرابح وأمل الخاسر بالفوز مستقبلاً على خصمه هو معنى وجوده، كما أنّ هذه الثنائية هي التي حصرت المجال السياسي في النقاش حول الأشخاص وليس الأحزاب والبرامج، وهنا نحن أمام أفول ''الظاهرة الحزبية'' أو ابتلاع الأحزاب ضمن تحالفات على مستوى تقسيم المناصب وليس على مستوى البرامج والتصورات المستقبلية رغم التطور الحاصل عند الناخب في كونه لم يخضع في خياره للعامل الديني أو اللغوي أو الجهوي-العرقي، ولكن يجد نفسه أمام ورقتين فقط ''ورقة مع؟ أو ورقة ضدّ؟ وهي ''قدرية سياسية'' شبيهة بالجبرية الدينية قد تكون وراء استرخاء سياسي واستسلام عند المعارضة التي لم تستطع كذلك التأثير على الرأي العام وتغييره لصالحها، فالانتخابات الأخيرة أظهرت قدرة السلطة في استخدام تقنيات عصرية في حملتها من خلال الصورة واللون واستخدام الأنترنيت ورسائل عبر الهواتف النقالة، وهي وسائل متوفرة يمكن استغلالها أيضاً عند المعارضة، ترى هل يستطع الرئيس استخدام احتياطيين ''احتياط الرصيد المالي'' و''احتياط الأصوات المزكية'' في الذهاب نحو ''سلم ديمقراطي'' بعد ''سلم المصالحة''؟ وفي تنمية مستديمة تمسّ الاقتصاد والبيئة والإنسان؟
استمرت معنا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة الثنائية المهيْمنة في الفضاء السياسي الجزائري الـ''مع'' أو الـ''ضدّ''؟ رغم تعدّد المترشحين كان السؤال هل أنت مع فوز الرئيس لعُهدة أخرى أو ضدّ؟ وأضيف إليه السّؤال هل أنت مع المشاركة في التصويت أو ضدّ؟ وهو تنويع للسؤال الأوّل ووجهه الآخر فقط، ولم تسْلم المعارضة من هذا المأزق الثنائي وهو عامل آخر من عوامل هزيمتها ـ ومهما اختلفنا حول حقيقة النتائج ـ فهي تقوم على الزعامة الفردية التاريخية التي تنتقدها عند السلطة وتؤصل للاستبداد داخل أطرها وهياكلها وتنشط سياسياً زمن الانتخابات، ولم تستوعب طبيعة الذهنية الجزائرية في حساسيتها تجاه التدخل الخارجي في الشأن الجزائري وفي المسّ بالقيم المشتركة، وهو ما تستغلّه السلطة في حملة إعلامية لدفع المواطن للتصويت منها إنزال العلم واستبداله بالراية السوداء، كما أن السبّ والشتم في بعض الفضائيات والبقاء عند خطاب له تقريباً خمسة عشر عاماً، أي منذ أن ردّده بعض العسكريين والدبلوماسيين المعارضين في الخارج، لم يسمح ببروز معارضة حقيقية لا تقوم على تصفية الحسابات أو تكون صورة للثنائية الفقيرة ''مع أو ضدّ ؟ إن الانتصارات التي ننشدها جميعاً هي تحقيق فضاء حقيقي للديمقراطية والحؤول دون توجّه الشباب نحو السّلفيات الجهادية والعنفية أو التطرف اللغوي والثقافي والعرقي أو الحرفة بكلّ أنواعها ومنها ''الحرفة الإلكترونية'' وهي هجرة خيالية افتراضية أمام الأنترنيت فيها هدر لزمن وصحّة شباب معطّل عن العمل، والذهاب نحو الفضاء الديمقراطي يحتاج إلى صمام أمان، وهو ما تحتاجه السلطة القائمة أيضاً، أي وجود معارضة وطنية حقيقية، فهي مثل ورقة المشاركة في الانتخاب تخففّ مستقبلاً من الضغط الخارجي في قضايا حقوق الإنسان وحقوق الأقليات اللغوية والعرقية، كما أن نقدها ومعارضتها عامل أساسي في تكوين المؤسّسات واستقلالها، فالخوف الحقيقي مستقبلاً هو التحالف بين أصحاب الريع المالي مع عصب إعلامية وسياسة وإدارية وأصحاب النفوذ، وهي ''كتلة هجينة'' من مجموعات من مصلحتها حالة الاستبداد أو اللا أمن، وهما مناخان ملائمان لتفريخ كل مظاهر اللاّ دولة وقيم الجهوية والفساد، الثنائية الفقيرة التي أشرت إليها هي مُنتجة أيضاً لمنطق الخسارة والربح السائد في وعينا السياسي الجزائري اليوم كثنائية فاصلة، صحيح هي عملية مثل الرياضة تسفر عن منتصر ومنهزم، وأنصار قد يخذلون فريقهم وينقلبون عليه، وقد يكونوا مخلصين مهما كانت الهزيمة؟ وهي مثل أيضاً السوق التجاري يربح الأوفر حظاً والأكثـر ذكاءً، ولكن في كلتا الحالتين الخاسر دائماً وجوده ضروري لاستمرار الرابح وأمل الخاسر بالفوز مستقبلاً على خصمه هو معنى وجوده، كما أنّ هذه الثنائية هي التي حصرت المجال السياسي في النقاش حول الأشخاص وليس الأحزاب والبرامج، وهنا نحن أمام أفول ''الظاهرة الحزبية'' أو ابتلاع الأحزاب ضمن تحالفات على مستوى تقسيم المناصب وليس على مستوى البرامج والتصورات المستقبلية رغم التطور الحاصل عند الناخب في كونه لم يخضع في خياره للعامل الديني أو اللغوي أو الجهوي-العرقي، ولكن يجد نفسه أمام ورقتين فقط ''ورقة مع؟ أو ورقة ضدّ؟ وهي ''قدرية سياسية'' شبيهة بالجبرية الدينية قد تكون وراء استرخاء سياسي واستسلام عند المعارضة التي لم تستطع كذلك التأثير على الرأي العام وتغييره لصالحها، فالانتخابات الأخيرة أظهرت قدرة السلطة في استخدام تقنيات عصرية في حملتها من خلال الصورة واللون واستخدام الأنترنيت ورسائل عبر الهواتف النقالة، وهي وسائل متوفرة يمكن استغلالها أيضاً عند المعارضة، ترى هل يستطع الرئيس استخدام احتياطيين ''احتياط الرصيد المالي'' و''احتياط الأصوات المزكية'' في الذهاب نحو ''سلم ديمقراطي'' بعد ''سلم المصالحة''؟ وفي تنمية مستديمة تمسّ الاقتصاد والبيئة والإنسان؟