فأما ما قاله الناس في ذم الدنيا و غرورها و حوادثها و خطوبها وتنكرها لأهلها و الشكوى منها و العتاب لها و الموعظة بها و تصرمها و تقلبها فكثيرمن ذلك قول بعضهم :
هي الدنيا تقول بملء فيها ** حذار حذار من بطشي و فتكي
فلا يغرركم حسن ابتسامي ** فقولي مضحك و الفعل مبك
و قال آخر :
تنح عن الدنيا و لا تطلبنها ** و لا تخطبن قتالة من تناكح
فليس يفي مرجوها بمخوفها ** و مكروهها إما تأملت راجح
لقد قال فيها القائلون فأكثروا ** و عندي لها وصف لعمرك صالح
سلاف قصاراها ذعاف و مركب ** شهي إذا استلذذته فهو جامح
و شخص جميل يعجب الناس حسنه ** و لكن له أفعال سوء قبائح
و قال أبو الطيب :
أبدا تسترد ما تهب الدنيا ** فيا ليت جودها كان بخلا
و هي معشوقه على الغدر لا ** تحفظ عهدا و لا تتم وصلا
كل دمع يسيل منها عليها ** و بفك اليدين عنها تخلى
شيم الغانيات فيها و لا **أدري لذا أنث اسمها الناس أم لا
و قال آخر :
إنما الدنيا عوار ** و العواري مسترده
شدة بعد رخاء و ** رخاء بعد شده
و قال محمد بن هانئ المغربي :
و ما الناس إلا ظاعن فمودع ** و ثاو قريح الجفن يبكي لراحل
فما الدهر إلا كالزمان الذي ** مضى و لا نحن إلا كالقرون الأوائل
نساق من الدنيا إلى غير دائم ** و نبكي من الدنيا على غير طائل
فما عاجل نرجوه إلا كآجل ** و لا آجل نخشاه إلا كعاجل
و قال ابن المظفر المغربي :
دنياك دار غرور ** و نعمة مستعاره
و دار أكل و شرب ** و مكسب و تجاره
و رأس مالك نفس ** فخف عليها الخساره
و لا تبعها بأكل و ** طيب عرف و شاره
فإن ملك سليمان ** لا يفي بشراره
و قال أبو العتاهية :
ألا إنما التقوى هي البر و الكرم ** و حبك للدنيا هو الفقر و العدم
و ليس على عبد تقي غضاضة إذا ** صحح التقوى و إن حاك أو حجم
و قال أيضا :
تعلقت بآمال ** طوال أي آمال
و أقبلت على الدنيا ** ملحا أي إقبال
أيا هذا تجهز لفراق ** الأهل و المال
فلا بد من الموت على ** حال من الحال
و قال أيضا :
سكن يبقى له سكن ** ما بهذا يؤذن الزمن
نحن في دار يخبرنا ** ببلاها ناطق لسن
دار سوء لم يدم فرح ** لامرئ فيها و لا حزن
في سبيل الله أنفسنا ** كلنا بالموت مرتهن
كل نفس عند موتتها حظها ** من مالها الكفن
إن مال المرء ليس له منه ** إلا ذكره الحسن
و قال أيضا :
ألا إننا كلنا بائد ** و أي بني آدم خالد
و بدؤهم كان من ربهم ** و كل إلى ربه عائد
فوا عجبا كيف يعصي الإله ** أم كيف يجحده الجاحد
و في كل شيء له آية ** تدل على أنه الواحد
و قال الرضي الموسوي :
يا آمن الأيام بادر صرفها ** و اعلم بأن الطالبين حثاث
خذ من ثرائك ما استطعت ** فإنما شركاؤك الأيام و الوراث
لم يقض حق المال إلا معشر ** نظروا الزمان يعيث فيه فعاثوا
تحثو على عيب الغني يد الغنى ** و الفقر عن عيب الفتى بحاث
المال مال المرء ما بلغت به ** الشهوات أو دفعت به الأحداث
ما كان منه فاضلا عن قوته ** فليعلمن بأنه ميراث
ما لي إلى الدنيا الدنية حاجة ** فليجن ساحر كيدها النفاث
طلقتها ألفا لأحسم داءها ** و طلاق من عزم الطلاق ثلاث
و ثباتها مرهوبة و عداتها ** مكذوبة و حبالها نكاث
أم المصائب لا تزال تروعنا ** منها ذكور حوادث و إناث
إني لأعجب للذين تمسكوا ** بحبائل الدنيا و هن رثاث
كنزوا الكنوز و اعقلوا شهواتهم ** فالأرض تشبع و البطون غراث
أ تراهم لم يعلموا أن التقى ** أزوادنا و ديارنا الأجداث
و قال آخر :
هذه الدنيا إذا صرفت ** وجهها لم تنفع الحيل
و إذا ما أقبلت لعم ** بصرته كيف يفتعل
و إذا ما أدبرت لذكي ** غاب عنه السهل و الجبل
فهي كالدولاب دائرة ** ترتقي طورا و تستفل
في زمان صار ثعلبة ** أسدا و استذاب الحمل
فالذنابى فيه ناصية ** و النواصي خشع ذلل
فاصبري يا نفس و احتملي ** إن نفس الحر تحتمل
و قال أبو الطيب :
نعد المشرفية و العوالي ** تقتلناو المنون بلا قتال
و نرتبط السوابق مقربات ** و ما ينجين من خبب الليالي
و من لم يعشق الدنيا قديما ** و لكن لا سبيل إلى الوصال
نصيبك في حياتك من حبيب ** نصيبك في منامك من خيال
رماني الدهر بالأرزاء حتى ** فؤادي في غشاء من نبال
فصرت إذا أصابتني سهام ** تكسرت النصال على النصال
و هان فما أبالي بالرزايا ** لأني ما انتفعت بأن أبالي
يدفن بعضنا بعضا و يمشي ** أواخرنا على هام الأوالي
و كم عين مقبلة النواحي ** كحيل في الجنادل و الرمال
و مغض كان لا يغضي لخطب ** و بال كان يفكر في الهزال
و قال أبو العتاهية في أرجوزته المشهورة في ذم الدنيا و فيها أنواع مختلفة من الحكمة :
ما زالت الدنيا لنا دار أذى ** ممزوجة الصفو بألوان القذى
الخير و الشر بها أزواج ** لذا نتاج و لذا نتاج
من لك بالمحض و ليس محض ** يخبث بعض و يطيب بعض
لكل إنسان طبيعتان ** خير و شر و هما ضدان
و الخير و الشر إذا ما عدا ** بينهما بون بعيد جدا
إنك لو تستنشق الشحيحا ** وجدته أنتن شيء ريحا
حسبك مما تبتغيه القوت ** ما أكثر القوت لمن يموت
الفقر فيما جاوز الكفافا ** من اتقى الله رجا و خافا
هي المقادير فلمني أو فذر ** إن كنت أخطأت فما أخطأ القدر
لكل ما يؤذي و إن قل ألم ** ما أطول الليل على من لم ينم
ما انتفع المرء بمثل عقله ** و خير ذخر المرء حسن فعله
إن الفساد ضده الصلاح ** و رب جد جره المزاح
من جعل النمام عينا هلكا ** مبلغك الشر كباغيه لكا
إن الشباب و الفراغ و الجده** مفسدة للمرء أي مفسده
يغنيك عن كل قبيح تركه ** قد يوهن الرأي الأصيل شكه
ما عيش من آفته بقاه ** نغص عيشا ناعما فناه
يا رب من أسخطنا بجهده ** قد سرنا الله بغير حمده
ما تطلع الشمس و لا تغيب ** إلا لأمر شأنه عجيب
لكل شيء قدر و جوهر ** و أوسط و أصغر و أكبر
و كل شيء لاحق بجوهره ** أصغره متصل بأكبره
من لك بالمحض و كل ممتزج ** وساوس في الصدر منك تعتلج
عجبت و استغرقني السكوت ** حتى كأني حائر مبهوت
هي الدنيا تقول بملء فيها ** حذار حذار من بطشي و فتكي
فلا يغرركم حسن ابتسامي ** فقولي مضحك و الفعل مبك
و قال آخر :
تنح عن الدنيا و لا تطلبنها ** و لا تخطبن قتالة من تناكح
فليس يفي مرجوها بمخوفها ** و مكروهها إما تأملت راجح
لقد قال فيها القائلون فأكثروا ** و عندي لها وصف لعمرك صالح
سلاف قصاراها ذعاف و مركب ** شهي إذا استلذذته فهو جامح
و شخص جميل يعجب الناس حسنه ** و لكن له أفعال سوء قبائح
و قال أبو الطيب :
أبدا تسترد ما تهب الدنيا ** فيا ليت جودها كان بخلا
و هي معشوقه على الغدر لا ** تحفظ عهدا و لا تتم وصلا
كل دمع يسيل منها عليها ** و بفك اليدين عنها تخلى
شيم الغانيات فيها و لا **أدري لذا أنث اسمها الناس أم لا
و قال آخر :
إنما الدنيا عوار ** و العواري مسترده
شدة بعد رخاء و ** رخاء بعد شده
و قال محمد بن هانئ المغربي :
و ما الناس إلا ظاعن فمودع ** و ثاو قريح الجفن يبكي لراحل
فما الدهر إلا كالزمان الذي ** مضى و لا نحن إلا كالقرون الأوائل
نساق من الدنيا إلى غير دائم ** و نبكي من الدنيا على غير طائل
فما عاجل نرجوه إلا كآجل ** و لا آجل نخشاه إلا كعاجل
و قال ابن المظفر المغربي :
دنياك دار غرور ** و نعمة مستعاره
و دار أكل و شرب ** و مكسب و تجاره
و رأس مالك نفس ** فخف عليها الخساره
و لا تبعها بأكل و ** طيب عرف و شاره
فإن ملك سليمان ** لا يفي بشراره
و قال أبو العتاهية :
ألا إنما التقوى هي البر و الكرم ** و حبك للدنيا هو الفقر و العدم
و ليس على عبد تقي غضاضة إذا ** صحح التقوى و إن حاك أو حجم
و قال أيضا :
تعلقت بآمال ** طوال أي آمال
و أقبلت على الدنيا ** ملحا أي إقبال
أيا هذا تجهز لفراق ** الأهل و المال
فلا بد من الموت على ** حال من الحال
و قال أيضا :
سكن يبقى له سكن ** ما بهذا يؤذن الزمن
نحن في دار يخبرنا ** ببلاها ناطق لسن
دار سوء لم يدم فرح ** لامرئ فيها و لا حزن
في سبيل الله أنفسنا ** كلنا بالموت مرتهن
كل نفس عند موتتها حظها ** من مالها الكفن
إن مال المرء ليس له منه ** إلا ذكره الحسن
و قال أيضا :
ألا إننا كلنا بائد ** و أي بني آدم خالد
و بدؤهم كان من ربهم ** و كل إلى ربه عائد
فوا عجبا كيف يعصي الإله ** أم كيف يجحده الجاحد
و في كل شيء له آية ** تدل على أنه الواحد
و قال الرضي الموسوي :
يا آمن الأيام بادر صرفها ** و اعلم بأن الطالبين حثاث
خذ من ثرائك ما استطعت ** فإنما شركاؤك الأيام و الوراث
لم يقض حق المال إلا معشر ** نظروا الزمان يعيث فيه فعاثوا
تحثو على عيب الغني يد الغنى ** و الفقر عن عيب الفتى بحاث
المال مال المرء ما بلغت به ** الشهوات أو دفعت به الأحداث
ما كان منه فاضلا عن قوته ** فليعلمن بأنه ميراث
ما لي إلى الدنيا الدنية حاجة ** فليجن ساحر كيدها النفاث
طلقتها ألفا لأحسم داءها ** و طلاق من عزم الطلاق ثلاث
و ثباتها مرهوبة و عداتها ** مكذوبة و حبالها نكاث
أم المصائب لا تزال تروعنا ** منها ذكور حوادث و إناث
إني لأعجب للذين تمسكوا ** بحبائل الدنيا و هن رثاث
كنزوا الكنوز و اعقلوا شهواتهم ** فالأرض تشبع و البطون غراث
أ تراهم لم يعلموا أن التقى ** أزوادنا و ديارنا الأجداث
و قال آخر :
هذه الدنيا إذا صرفت ** وجهها لم تنفع الحيل
و إذا ما أقبلت لعم ** بصرته كيف يفتعل
و إذا ما أدبرت لذكي ** غاب عنه السهل و الجبل
فهي كالدولاب دائرة ** ترتقي طورا و تستفل
في زمان صار ثعلبة ** أسدا و استذاب الحمل
فالذنابى فيه ناصية ** و النواصي خشع ذلل
فاصبري يا نفس و احتملي ** إن نفس الحر تحتمل
و قال أبو الطيب :
نعد المشرفية و العوالي ** تقتلناو المنون بلا قتال
و نرتبط السوابق مقربات ** و ما ينجين من خبب الليالي
و من لم يعشق الدنيا قديما ** و لكن لا سبيل إلى الوصال
نصيبك في حياتك من حبيب ** نصيبك في منامك من خيال
رماني الدهر بالأرزاء حتى ** فؤادي في غشاء من نبال
فصرت إذا أصابتني سهام ** تكسرت النصال على النصال
و هان فما أبالي بالرزايا ** لأني ما انتفعت بأن أبالي
يدفن بعضنا بعضا و يمشي ** أواخرنا على هام الأوالي
و كم عين مقبلة النواحي ** كحيل في الجنادل و الرمال
و مغض كان لا يغضي لخطب ** و بال كان يفكر في الهزال
و قال أبو العتاهية في أرجوزته المشهورة في ذم الدنيا و فيها أنواع مختلفة من الحكمة :
ما زالت الدنيا لنا دار أذى ** ممزوجة الصفو بألوان القذى
الخير و الشر بها أزواج ** لذا نتاج و لذا نتاج
من لك بالمحض و ليس محض ** يخبث بعض و يطيب بعض
لكل إنسان طبيعتان ** خير و شر و هما ضدان
و الخير و الشر إذا ما عدا ** بينهما بون بعيد جدا
إنك لو تستنشق الشحيحا ** وجدته أنتن شيء ريحا
حسبك مما تبتغيه القوت ** ما أكثر القوت لمن يموت
الفقر فيما جاوز الكفافا ** من اتقى الله رجا و خافا
هي المقادير فلمني أو فذر ** إن كنت أخطأت فما أخطأ القدر
لكل ما يؤذي و إن قل ألم ** ما أطول الليل على من لم ينم
ما انتفع المرء بمثل عقله ** و خير ذخر المرء حسن فعله
إن الفساد ضده الصلاح ** و رب جد جره المزاح
من جعل النمام عينا هلكا ** مبلغك الشر كباغيه لكا
إن الشباب و الفراغ و الجده** مفسدة للمرء أي مفسده
يغنيك عن كل قبيح تركه ** قد يوهن الرأي الأصيل شكه
ما عيش من آفته بقاه ** نغص عيشا ناعما فناه
يا رب من أسخطنا بجهده ** قد سرنا الله بغير حمده
ما تطلع الشمس و لا تغيب ** إلا لأمر شأنه عجيب
لكل شيء قدر و جوهر ** و أوسط و أصغر و أكبر
و كل شيء لاحق بجوهره ** أصغره متصل بأكبره
من لك بالمحض و كل ممتزج ** وساوس في الصدر منك تعتلج
عجبت و استغرقني السكوت ** حتى كأني حائر مبهوت