صدقت الرؤية
هل بدأت تصدق رؤية المحللين السياسيين والمعارضين الذين لم يتوقفوا عن التحذير من الانفجار إذا لم يسارع النظام والرئيس بوتفليقة إلى إحداث التغيير الحقيقي؟ الاحتجاجات لم تنتظر حتى يتسلم الرئيس رسميا ولايته الثالثة لتعود إلى الشارع، والمؤشرات الاقتصادية لم تنتظر ذلك أيضا لتشعل الضوء الأحمر من كل جهة، والخصوصيات المحلية أخذت مكان الأحزاب السياسية ذات البعد الوطني. إذ لم تنتظر هذه الأخيرة أن يمنح لها الاعتماد لتعبّر عن نفسها، بل خرجت إلى الشارع دون مقدمات مباشرة بعد التاسع أفريل: في بريان وفي تين زاواتين وتيزي وزو لم تجد من يسير في ذكرى الربيع الأمازيغي إلا حركة الحكم الذاتي لمنطقة القبائل...
لا ندري إن كانت هذه المؤشرات مجرد بقايا الأزمات المتعددة الجوانب التي عاشتها الجزائر قبل مجيء بوتفليقة إلى الحكم، بما أن الرئيس ظهر في خطاباته أثناء الحملة الانتخابية وفي قصر الأمم، أول أمس، مطمئنا على مستقبل البلاد اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا... حتى أنه قال في تيزي وزو ''بإمكاني أن أموت وبالي مرتاح''. أم عكس ذلك، هي مؤشرات غضب أخطر من ذلك الذي انفجر في أكتوبر 88 وأسكته الشاذلي بدموعه الشهيرة، حين تعهد بإصلاحات جذرية.
وبقدر ما استبقت الجزائر الأحداث الدولية في أكتوبر 88 وما تلاها من انفتاح سياسي وإعلامي واقتصادي... ليسقط بعدها جدار برلين وينتفض الشارع في رومانيا وتسقط يوغسلافيا والاتحاد السوفياتي، بقدر ما تسير اليوم عكس التيار العالمي. أي بالعودة إلى أحادية الرأي حتى لا نقول أحادية الفكر، لأن الفكر في عطلة عندنا حاليا، والكل ينتظر ما يصدر عن الرئيس من قرارات وإعفاءات ووعود...
بعد عشر سنوات من مكافحة الرشوة وإصلاح هياكل الدولة وضخ الملايير للمنشآت الاقتصادية القاعدية، لم تخرج الجزائر من عنق الزجاجة، ووجدنا أنفسنا بمجرد سقوط سعر البترول، لمدة أشهر قليلة، أننا سنعود إلى مرحلة سد العجز في الميزان التجاري بمخزون سنوات البحبوحة المالية. وعشر سنوات قضتها الحكومة في الانتقام من التعددية التي أدخلت البلاد في الإرهاب وها نحن عائدون إلى الحزب الواحد. هل تستطيع قوات الأمن جعل سكان بريان يعيشون في سلم وطمأنينة مثلما كانوا عليه دوما منذ قرون؟
إذا كان الجزائريون قد انتفضوا في أكتوبر 88 دون أن يكون لديهم هوائيات مقعرة يلتقطون بها القنوات الأجنبية، ودون أن يكون لديهم أنترنت يغنيهم عن التلفزيون والإذاعة والصحافة لنقل انشغالاتهم إلى حيثما شاؤوا، فلا يمكن إعادتهم إلى ما قبل 88، في ظل توفر هذه التكنولوجيات. فالأحسن إذن وضع الثقة في الجزائريين: سياسيين كانوا أو رجال أعمال أو فنانين أو نخبة مثقفة، ولا بد أن تحل حرية المبادرة محل القمع والإرهاب والبيروقراطية...
هل بدأت تصدق رؤية المحللين السياسيين والمعارضين الذين لم يتوقفوا عن التحذير من الانفجار إذا لم يسارع النظام والرئيس بوتفليقة إلى إحداث التغيير الحقيقي؟ الاحتجاجات لم تنتظر حتى يتسلم الرئيس رسميا ولايته الثالثة لتعود إلى الشارع، والمؤشرات الاقتصادية لم تنتظر ذلك أيضا لتشعل الضوء الأحمر من كل جهة، والخصوصيات المحلية أخذت مكان الأحزاب السياسية ذات البعد الوطني. إذ لم تنتظر هذه الأخيرة أن يمنح لها الاعتماد لتعبّر عن نفسها، بل خرجت إلى الشارع دون مقدمات مباشرة بعد التاسع أفريل: في بريان وفي تين زاواتين وتيزي وزو لم تجد من يسير في ذكرى الربيع الأمازيغي إلا حركة الحكم الذاتي لمنطقة القبائل...
لا ندري إن كانت هذه المؤشرات مجرد بقايا الأزمات المتعددة الجوانب التي عاشتها الجزائر قبل مجيء بوتفليقة إلى الحكم، بما أن الرئيس ظهر في خطاباته أثناء الحملة الانتخابية وفي قصر الأمم، أول أمس، مطمئنا على مستقبل البلاد اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا... حتى أنه قال في تيزي وزو ''بإمكاني أن أموت وبالي مرتاح''. أم عكس ذلك، هي مؤشرات غضب أخطر من ذلك الذي انفجر في أكتوبر 88 وأسكته الشاذلي بدموعه الشهيرة، حين تعهد بإصلاحات جذرية.
وبقدر ما استبقت الجزائر الأحداث الدولية في أكتوبر 88 وما تلاها من انفتاح سياسي وإعلامي واقتصادي... ليسقط بعدها جدار برلين وينتفض الشارع في رومانيا وتسقط يوغسلافيا والاتحاد السوفياتي، بقدر ما تسير اليوم عكس التيار العالمي. أي بالعودة إلى أحادية الرأي حتى لا نقول أحادية الفكر، لأن الفكر في عطلة عندنا حاليا، والكل ينتظر ما يصدر عن الرئيس من قرارات وإعفاءات ووعود...
بعد عشر سنوات من مكافحة الرشوة وإصلاح هياكل الدولة وضخ الملايير للمنشآت الاقتصادية القاعدية، لم تخرج الجزائر من عنق الزجاجة، ووجدنا أنفسنا بمجرد سقوط سعر البترول، لمدة أشهر قليلة، أننا سنعود إلى مرحلة سد العجز في الميزان التجاري بمخزون سنوات البحبوحة المالية. وعشر سنوات قضتها الحكومة في الانتقام من التعددية التي أدخلت البلاد في الإرهاب وها نحن عائدون إلى الحزب الواحد. هل تستطيع قوات الأمن جعل سكان بريان يعيشون في سلم وطمأنينة مثلما كانوا عليه دوما منذ قرون؟
إذا كان الجزائريون قد انتفضوا في أكتوبر 88 دون أن يكون لديهم هوائيات مقعرة يلتقطون بها القنوات الأجنبية، ودون أن يكون لديهم أنترنت يغنيهم عن التلفزيون والإذاعة والصحافة لنقل انشغالاتهم إلى حيثما شاؤوا، فلا يمكن إعادتهم إلى ما قبل 88، في ظل توفر هذه التكنولوجيات. فالأحسن إذن وضع الثقة في الجزائريين: سياسيين كانوا أو رجال أعمال أو فنانين أو نخبة مثقفة، ولا بد أن تحل حرية المبادرة محل القمع والإرهاب والبيروقراطية...