الحق نفسك قبل فوات الاوان

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
إنضم
23 ماي 2007
المشاركات
156
نقاط التفاعل
0
نقاط الجوائز
6
آخر نشاط
بسم الله الرحمن الرحيم

‏شدوا وثاقها .. وحرموها ‏حواسها ... وشعرت بأنها موضوعة على ما يشبه الهودج ..
‏في ارتفاعه وحركته

‏سمعت صوت حبيبها وسطهم .. ماله لا يعنفهم ... ماله لا يمنعهم من أخذها ... ‏؟؟؟؟

‏صوت الخطوات الرتيبة تمشي على تراب خشن ... ونسائم فجرية باردة تلامس ‏ثيابها
‏البيضاء .. ورغم أنها لا ترى الا أنها تخيلت الجو من حولها ضبابيا ... ‏وتخيلت
‏الأرض التي هي فيها الآن أرضا خواء مقفرة ..

‏أخيرا توقفت ‏الخطوات دفعة واحدة وأحست بأنها توضع على الأرض .. وسمعت الى
‏جوارها حجارة ترفع ‏وأخرى توضع .. ثم حملت ثانية .. وشاع السكون من حولها ...
‏وأحست بالظلام ينخر ‏عظامها ..

‏ومن أعلى تناهى لسمعها صوت نشيج .... انه ابنها .. نعم هو ... ‏لعله آت لانقاذها
‏؟؟

‏لكن ... ماذا تسمع ؟؟ انه يناديها بصوت خفيض : أمي ..
‏ومن بين الدموع يتحدث زوجها اليه قائلا :
‏تماسك ... انما الصبر عند ‏الصدمة الأولى ... ادع لها يا بني ... هيا بنا ...

‏غلبته غصة ... وألقى ‏نظرة أخيرة على الجسد المسجى ... فلم يتمالك نفسه أن قال
‏بصوت يقطر ألما : لا ‏اله الا الله ... لا اله الا لله ... انا لله وانا اليه ‏راجعون ..

‏كان ‏هذا آخر ما سمعته منه .. ثم صوت الخطوات تبتعد ... الى أين ؟؟؟ أين تتركوني
‏؟؟ ‏كيف تتخلوا عني في هذه الوحدة وهذه الظلمة ؟؟

‏نظرت حولها فاذا هي ترى ....... ‏ترى ؟؟؟
‏أي شيء تستطيع أن تراه في هذا السرداب الأسود ؟؟
‏ان ظلمته ‏ليست كظلمة الليل الذي اعتادته ... فذاك يرافقه ضوء القمر .. وشعاع
‏النجوم ..
‏فينعكس على الأشياء والأشخاص ..
‏أما هنا فانها لا تكاد ترى يدها ... بل ‏انها تشعر بأنها مغمضة العينين تماما
...

‏تذكرت أحبتها وسمعت الخطوات ‏قد ابتعدت تماما فسرت رعدة في أوصالها ونهضت تبغي
‏اللحاق بهم ... كيف يتركونها ‏وهم يعلمون أنها تهاب الظلام والوحدة ؟؟

‏لكن يدا ثقيلة أجلستها بعنف ..

‏حدقت فيما خلفها برعب هائل ... فرأت ما لم تره من قبل ... رأت الهول قد ‏تجسد في
‏صورة كائن ... لكن كيف تراه رغم الحلكة ؟؟

‏قالت بصوت مرتعش : ‏من أنت ؟؟

‏فسمعت صوتا عن يمينها يدوي مجلجلا : جئنا نسألك ...
‏التفت .. ‏فاذا بكائن آخر يماثل الأول ..
‏صمتت في عجز ... تمنت أن تبتلعها الأرض ولا ترى ‏هؤلاء القوم ... لكنها تذكرت أن
‏الأرض قد ابتلعتها فعلا ..

‏تمنت الموت ‏لتهرب من هذا الواقع الذي لامفر منه ... فحارت لأمانيها التي لم تعد
‏صالحة ... ‏فهي ميتة أصلا ..

- ‏من ربك ؟؟
- ‏هاه ..
- ‏من ربك ؟؟
- ‏ربي .. ‏ما عبدت سوى الله طول حياتي ..
- ‏ما دينك ؟؟
- ‏ديني الاسلام ..
- ‏من ‏نبيك ؟؟
- ‏نبيي .......
‏اعتصرت ذاكرتها ... ما بالها نسيت اسمه ؟؟ ألم تكن ‏تردده على لسانها دائما ؟؟
‏ألم تكن تصلي عليه في التشهد خمس مرات يوميا ؟؟
‏بصوت غاضب عاد الصوت يسأل :
- ‏من نبيك ؟؟
- ‏لحظة أرجوك ... لا أستطيع ‏التذكر ...
‏ارتفعت عصا غليظة في يد الكائن ... وراحت تهوي بسرعة نحو رأسها .. ‏فصرخت ....
‏وتشنجت أعضاؤها ... وفجأة أضاء اسمه في عقلها فصرخت بأعلى صوتها :
- ‏نبيي محمد ... محمد ...
‏ثم أغمضت عينيها بقوة ... لكن ..

‏لم يحدث ‏شيء .. سكون قاتل ..

‏فتحت عينيها مستغربة فقال لها الكائن الذي اسمه نكير : ‏أنقذتك دعوة كنت
‏ترددينها دائما ( اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك )

‏سرت قشعريرة في بدنها .. أرادت أن تبتسم فرحة .... لكنها لم تستطع ... ليس ‏هذا
‏موضع ابتسام .... ياربي متى تنتهي هذه اللحظات القاسية ..

‏بعد قليل ‏قال لها منكر : أنت كنت تؤخرين صلاة الفجر .....

‏اتسعت عيناها ... عرفت أنه ‏لا منجى لها هذه المرة ... لأنه لم يجانب الصواب ...
‏دفعها أمامه ... أرادت أن ‏تبكي فلم تجد للدموع طريقا ... سارت أمام منكر ونكير
‏في سرداب طويل حتى وصلت ‏الى مكان أشبه بالمعتقلات ...

‏شعرت بغثيان ... وتمنت لو يغشى عليها ... لكن ‏لم يحدث ...
‏فاستمرت في التفرج على المكان الرهيب ...

‏في كل بقعة كان ‏هناك صراخ ودماء .. عويل وثبور ... وعظام تتكسر .. وأجساد تحرق
... ‏ووجوه قاسية ‏نزعت من قلوبها الرحمة فلا تستجيب لكل هذا الرجاء ..

‏دفعها الملكان من ‏خلفها فسارت وهي تحس بأن قدميها تعجزان عن حملها .... واذا
‏بها تقترب من رجل ‏مستلق على ظهره .. وفوق رأسه تماما يقف ملك من أصحاب الوجوه
‏الباردة الصلبه .. ‏يحمل حجرا ثقيلا ... وأمام عينيها ألقى الملك بالحجر على رأس
‏الرجل ... فتحطم ‏وانخلع عن جسده متدحرجا .... صرخت .. بكت .. ثم ذهلت ذهولا
‏ألجم لسانها ..

‏وسرعان ما عاد الرأس الى صاحبه .. فعاد الملك الى اسقاط الصخرة عليه ...
‏هنا .. قيل لها :
- ‏هيا .. استلقي الى جوار هذا الرجل ..
- ‏ماذا ؟؟
- ‏هيا ...
‏دفعت في عنف .. فراحت تقاوم ... وتقاوم .. وتقاوم .. لا فائدة .. ‏ان مصيرها
‏لمظلم .. مظلم حقا ..

‏استلقت والرعب يكاد يقطع أمعاءها .. ‏استغاثت بربها فرأت أبواب الدعاء كلها
‏مغلقة .. لقد ولى عهد الاستغاثة عند ‏الشدة ... ألا ياليتها دعت في رخائها ..
‏ياليتها دعت في دنياها .. ليتها تعود ‏لتصلي ركعتين .. ركعتين فقط .. تشفع لها
..

‏نظرت الى الأعلى فرأت ملكا ‏منتصبا فوقها .. رافعا يده بصخرة عاتية يقول لها :
- ‏هذا عذابك الى يوم القيامة ... ‏لأنك كنت تنامين عن فرضك ...

‏ولما استبد اليأس بها ... رأت شابا كفلقة ‏القمر يحث الخطى الى موضعها .. ساورها
‏شعور بالأمل ... فوجهه يطفح بالبشر ‏وبسمته تضيء كل شيء من حوله ..

‏وصل الشاب ومد يديه يمنع الملك ...
‏فقال ‏له :
- ‏ما جاء بك ؟؟
- ‏أرسلت لها ... لأحميها وأمنعك ؟؟
- ‏أهذا أمر من ‏الله عز وجل ؟؟
- ‏نعم ..
‏لم تصدق عيناها ... لقد ولى الملك .... اختفى .. ‏وبقي الشاب حسن الوجه .. هل هي
‏في حلم ؟؟

‏مد الشاب لها يده فنهضت .. ‏وسألته بامتنان :
- ‏من أنت ؟؟
- ‏أنا دعاء ابنك الصالح لك ... وصدقته عنك .. ‏منذ أن مت وهو لا ينفك يدعو لك
‏حتى صور الله دعاءه في أحسن صورة وأذن له ‏بالاستجابة والمجيء الى هنا ..

‏أحست بمنكر ونكير ثانية ... فالتفتت اليهما ‏فاذا بهما يقولان :
‏انظري .. هذا مقعدك من النار ... قد أبدله الله بمقعدك من ‏الجنة ..
 
بارك الله فيك
 
اروع من الرائع ولك 10/10 هذه حقيقة لايجب ان نتغافل عليها وانت اليوم ذكرتنا بها فشكرا لك (الموت حق و الحساب وعد والرب وعد ووفى )
 
بارك الله فيك اخى
ان لحق نفسى
الحق نفسك قبل فوات الاوان
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top