إنهم يقتلون الأشجار !

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
إنضم
23 ماي 2007
المشاركات
156
نقاط التفاعل
0
النقاط
6
شجرتي الجميلة

أنا لا أعرف ماذا يرضيك ؟

أقول لك حبيبتي أم شجرتي أم غاليتي ؟

أنا أعرف أنك ستقبلين مني كل شيء وأي شيء

فأنت تعرفين مدى حبي لك

أنا الآن أحاول أن أستعيد معك ذكرى ميلادك

لقد كنت بذرة صغيرة أو بالكاد عنقود صغير لم يعي من الدنيا شيئاً

وعلى العموم شجرتي الحبيبة

لقد بدأت قصتي معك بينما كنت أقرأ عامود يومي في جريدتي

لكاتب عزيز على صدقته حينما استهل عاموده صباح ذلك اليوم

بدعوة جميلة

" أيها الناس فليزرع كل منكم شجرة "

واستطرد :

" هي مسألة سهلة جداً و بسيطة ومجانية فليذهب كل منكم

إلى إدارة مدينته سيجد قسم " النباتات والزهور والأشجار "

وهناك يرحبون بك ويبتسمون لك ويستجيبون لطلبك في الحال

شجرة , زهره , نبته

تفضل بالمجان يودعونك بابتسامة جميلة طالبين الأمر منك

فهم دائما ً في الخدمة فهذا مشروع تحت رعاية سيدتي الكبيرة
زوجة سيدي الكبير

بسذاجة غريبة لا أعرف شجرتي لماذا صدقته !

ويا ليتني ما ذهبت

هناك بإدارة المدينة عبثاً حاولت العثور على قسم بهذا الاسم ,

قسم " النباتات والزهور والأشجار "

حتى أن أحدهم عندما هممت بسؤاله أخذ يصفق يد على يد قائلاً:

" لا حول ولا قوة إلا بالله ... لقد جن الرجل ... يا رب ألطف بعبادك يا رب "

سمعت ذلك في نهاية رحلتي الشاقة بين مكتب وآخر بإدارة المدينة

بعدها خرجت مهرولاً مسرعاً خشية الخجل

ولكن كنت قد حملت في قلبي الفكرة

فكرة ميلادك

هناك وأمام منزلي لابد أن يكون مولدك

اخترت لك اسما أناديك به حيث يصعب على نطق اسمك القديم , اسم سلالتك

هل تذكرين اسمك شجرتي ؟

أسميتك شجرة "الوضاح ", نسبة إلى اسمي

ليتذكرني القادمون من بعدي أو أنال دعوة سيدة مسنة جلست

لتستريح عناء الطريق تحت ظلك

هنا شجرة الوضاح ....... هنا شجرة الوضاح

فما زلت حبيبتي أذكر " جميزة عم حبيب " و " توتة عم موسى "
و " كافورة عم حمادة "

كم لعبنا في ظلها أطفالاً

كم تسلقناها صغارا

كم أكلنا من ثمراتها مجانا

وما أجمل حكايات جدتي قبل النوم

حدوتة عم حبيب , حدوتة عم موسى , حدوته عم حمادة

إنهم ناس طيبون أحبوا الخير للغير

لم يبخلوا بمائهم على العطشى

ولم يبخلوا بخيرهم على غيرهم

وحاصرتني أسئلة الطفولة العبثية

لماذا جدتي ؟

أي نوع كان هؤلاء ؟

لماذا يزرع عم موسى شجرة , ونأكل نحن ثمارها ؟

وهكذا شجرتي

أعرف أني أطلت عليك وأصابك الملل

ولكن لابد أن أكمل لك حكايتي معك

ذهبت إلي عم أحمد الجنايني

جاءني بك في اليوم التالي

وزرعناك سوياً

هل تعرفين كم دفعت ثمناً لك ؟

ستون جنيها في ذلك الوقت , وكان راتبي حينها مائه وعشرون جنيها

عفواً شجرتي

أنا لا أعدد لك فضلي , فقط أقص عليك الحقيقة

فرحت بك وكبرت في حضني

يوما بعد يوم , شهرا بعد شهر , عاما بعد عام

ولن أنس ذلك اليوم أبداً والذي سمعت فيه أحدهم يصف

لأحدهم مكان الحائك قائلاً :ستجده هناك عند شجرة الوضاح

كان هذا يوم زفافك وكنت أنا في قمة سعادتي

كنت في أبهة جمالك وهيبتك وسحرك , تفردين أغصانك نحو السماء

توقظني فجراً أصوات عصافيرك بعد أن آمنتك على ليلها ونومها

شجرتي الحبيبة

لم تكن الستون جنيهاً هي كل ثمنك

هل تذكين يوم أن عبث بأغصانك بعض الصبية فكانت معركتي من أجلك !

هل تذكرين رقم محضر الشرطة لهذا الجار الذي اعتدى على

حرمتك ويوم أن شاط الضابط غيظاً مني !

هل تذكرين يوم أمسكت بتلابيب رئيس مصلحة التليفونات لاعتداء

أحد عماله عليك بعد أن ربط سلك التليفون برأسك وكذلك مع

عمال الكهرباء !

هل تذكرين يوم أتيت لك بأستاذ البحوث الزراعية ليخبرني باليأس

من نموك لشدة التلوث فأحطك بمزيد من الرعاية خوفاً عليك !

هل تذكرين كيف كنت أرويك بالمياه هابطاً بها من الدور

الخامس بالإناء الثقيل كل يوم لأنال سخرية بعض الذين
يجهلون قدرك !

هل تذكرين يوم أن حلمت بك في يوم مشئوم وأنت تتهامسين

معي بخصوص رغبتك في الهجرة إلى البلاد البعيدة التي

تقدر فائدتك وتجل جمالك وتعز شأنك وتجرم من يعتدي على حرمتك !

فحدثتك أنا حديث الغوغاء عن سوء أخلاقهم وانحلالهم

كما حدثتك حديث الجهلاء عن الانتماء والوطن والجذور

والشرب من ماء النيل

ويا ليتني ما حدثتك !

فربما كنت قد ضمنتي العيش لنفسك لبعض من الأيام الأخر

هل تذكرين كل ذلك شجرتي ؟

آسف شجرتي

لا أملك لك الآن غير البكاء من أجلك

حيث عدت أمس من عملي

لأجدك مقتولة , مقطعة الأوصال , ممدة الأذرع , منثورة الأوراق

دمك يسيل أمام منزلي

ليحملونك في سيارة الإدارة " قسم النباتات والأشجار والأزهار "

إلي المجهول

إلي مثواك الأخير

وإن سألوني عنك سأقول

خوفاً عليكم من أنفلونزا الطيور

لأنهم في الوقاية من الطيور لا يفهمون إلا لغة القبور

لابد من كلمة أخيرة سيدتي

أستغفر الله العظيم

هذا قضاءك وقدرك

هذا قضاءك وقدرك , أن لا يرفع ابناً واحداً من أبنائك

ممن تظللوا بظلك سيفه في وجه قاتلك

اذهبي حيث جئت غير نادمة ولا وجلة , فلن يستظل أحد بعد
اليوم ممن لا يستحق ظلك

ومن لم يدمع من أجلك شجرتي

فلن يدمع أبداً لفزعة ابنتي إيمان ودموع ابنتي هدى ... و الدرة ... ولدي

آسف شجرتي

سأقيم لك سرادق العزاء اليوم لأتقبل العزاء فيك

وعنواني لمن يريد عزائي :
 
بارك الله فيك
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top