أستاذ الشاعر: تميم البرغوثي في القــــــــدس

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

عاشق باتو

:: عضو مُشارك ::
إنضم
24 جانفي 2009
المشاركات
386
نقاط التفاعل
1
النقاط
7
[font=&quot]لأستاذ الشاعر: تميم البرغوثي[/font]
[font=&quot]في القــــــــدس[/font]
[font=&quot]مرَرْنا[/font][font=&quot] عَلى دارِ الحبيب فرَدَّنا عَنِ الدارِ قانونُ الأعادي وسورُها[/font]
[font=&quot]فَقُلْتُ لنفسي رُبما هِيَ نِعْمَةٌ فما[/font][font=&quot]ذا [/font][font=&quot]تَرَى في القدسِ حينَ تَزُورُها[/font]
[font=&quot]تَرَى كُلَّ ما لا تستطيعُ احتِمالَهُ إذا ما بَدَتْ من جَانِبِ الدَّرْبِ دورُها[/font]
[font=&quot]وما كلُّ نفسٍ حينَ تَلْقَى حَبِيبَها تُسَرُّ ولا كُلُّ الغِيابِ يُضِيرُها[/font]
[font=&quot]فإن سرَّها قبلَ الفِراقِ لِقاؤُه [/font][font=&quot] فليسَ بمأمونٍ عليها سرُورُها[/font]
[font=&quot]متى تُبْصِرِ القدسَ العتيقةَ مَرَّةً فسوفَ تراها العَيْنُ حَيْثُ تُدِيرُها[/font]
*[font=&quot]في القدسِ، [/font][font=&quot]بائعُ خضرةٍ من جورجيا برمٌ بزوجته[/font]
[font=&quot]يفكرُ في قضاءِ إجازةٍ أو في في طلاءِ البيتْ[/font]
[font=&quot]في القدس، توراةٌ وكهلٌ [/font][font=&quot]جاءَ من مَنْهاتِنَ العُليا[/font]
[font=&quot]يُفَقَّهُ فتيةَ البُولُونِ في أحكامها[/font]
[font=&quot]في القدسِ شرطيٌ من الأحباشِ يُغْلِقُ شَارِعاً في السوقِ،[/font]
[font=&quot]رشَّاشٌ على مستوطنٍ لم يبلغِ العشرينَ،[/font]
[font=&quot]قُبَّعة تُحَيِّي حائطَ المبكَى[/font]
[font=&quot]وسياحٌ من الإفرنجِ شُقْ[/font][font=&quot]رٌ[/font][font=&quot] لا يَرَوْنَ القدسَ إطلاقاً[/font]
[font=&quot]تَراهُم يأخذونَ لبعضهم صُوَرَاً[/font]
[font=&quot]مَعَ امْرَأَةٍ تبيعُ الفِجْلَ في الساحاتِ طُولَ اليَومْ[/font]
[font=&quot]في القدسِ دَبَّ الجندُ مُنْتَعِلِينَ فوقَ الغَيمْ[/font]
[font=&quot]في القدسِ صَلَّينا على الأَسْفَلْتْ[/font]
[font=&quot]في القدسِ مَن في القدسِ إلا أنْتْ[/font]
*[font=&quot]وَتَلَفَّتَ التاريخُ لي مُتَبَسِّماً[/font]
[font=&quot]أَظَنَنْتَ حقاً أنَّ عينَك سوفَ تخطئهم، وتبصرُ غيرَهم[/font]
[font=&quot]ها هُم أمامَكَ، مَتْنُ نصٍّ أنتَ حاشيةٌ عليهِ وَهَامشٌ[/font]
[font=&quot]أَحَسبتَ أنَّ زيارةً سَتُزيحُ عن وجهِ المدينةِ يابُنَيَّ[/font]
[font=&quot]حجابَ واقِعِها السميكَ لكي ترى فيها هَواكْ[/font]
[font=&quot]في القدسِ كلًّ فتى سواكْ[/font]
[font=&quot]وهي الغزالةُ في المدى، حَكَمَ الزمانُ بِبَيْنِها[/font]
[font=&quot]ما زِلتَ تَرْكُضُ إثْرَهَا مُذْ وَدَّعَتْكَ بِعَيْنِها[/font]
[font=&quot]رفقاً بِنَفسكَ ساعةً إني أراكَ وَهَنْتْ[/font]
[font=&quot]في القدسِ من في القدسِ إلا أَنْتْ[/font]
*[font=&quot]يا كاتبَ التاريخِ مَهْلاً،[/font]
[font=&quot]فالمدينةُ دهرُها دهرانِ[/font]
[font=&quot]دهر مطمئنٌ لا يغيرُ خطوَه وكأنَّه يمشي خلالَ النومْ[/font]
[font=&quot]وهناك دهرٌ، كامنٌ متلثمٌ يمشي بلا صوتٍ حِذار القومْ[/font]
*[font=&quot]والقدس تعرف نفسها،[/font]
[font=&quot]فاسأل هناك الخلق يدْلُلْكَ الجميعُ[/font]
[font=&quot]فكلُّ شيئ في المدينةِ[/font]
[font=&quot]ذو لسانٍ، حين تَسأَلُهُ، يُبينْ[/font]
*[font=&quot]في القدس يزدادُ الهلالُ تقوساً مثلَ الجنينْ[/font]
[font=&quot]حَدْباً على أشباهه فوقَ القبابِ[/font]
[font=&quot] تَطَوَّرَتْ ما بَيْنَهم عَبْرَ السنينَ عِلاقةُ الأَبِ بالبَنينْ[/font]
[font=&quot]في القدس أبنيةٌ حجارتُها اقتباساتٌ من الإنجيلِ والقرآنْ[/font]
[font=&quot]في القدس تعريفُ الجمالِ مُثَمَّنُ الأضلاعِ أزرقُ،[/font]
[font=&quot]فَوْقَهُ، يا دامَ عِزُّكَ، قُبَّةٌ ذَهَبِيَّةٌ،[/font]
[font=&quot]تبدو برأيي، مثل مرآة محدبة ترى وجه السماء مُلَخَّصَاً فيها[/font]
[font=&quot]تُدَلِّلُها وَتُدْنِيها[/font]
[font=&quot]تُوَزِّعُها كَأَكْياسِ المعُونَةِ في الحِصَارِ لمستَحِقِّيها[/font]
[font=&quot]إذا ما أُمَّةٌ من بعدِ خُطْبَةِ جُمْعَةٍ مَدَّتْ بِأَيْدِيها[/font]
[font=&quot]وفي القدس السماءُ تَفَرَّقَتْ في الناسِ تحمينا ونحميها[/font]
[font=&quot]ونحملُها على أكتافِنا حَمْلاً[/font]
[font=&quot]إذا جَارَت على أقمارِها الأزمانْ[/font]
*[font=&quot]في القدس أعمدةُ الرُّخامِ الداكناتُ[/font]
[font=&quot]كأنَّ تعريقَ الرُّخامِ دخانْ[/font]
[font=&quot]ونوافذٌ تعلو المساجدَ والكنائس،[/font]
[font=&quot]أَمْسَكَتْ بيدِ الصُّباحِ تُرِيهِ كيفَ النقشُ بالألوانِ،[/font]
[font=&quot]وَهْوَ يقول: "لا بل هكذا"،[/font]
[font=&quot]فَتَقُولُ: "لا بل هكذا"،[/font]
[font=&quot]حتى إذا طال الخلافُ تقاسما[/font]
[font=&quot]فالصبحُ حُرٌّ خارجَ العَتَبَاتِ لَكِنْ[/font]
[font=&quot]إن أرادَ دخولَها[/font]
[font=&quot]فَعَلَيهِ أن يَرْضَى بحُكْمِ نوافذِ الرَّحمنْ[/font]
[font=&quot]في القدس مدرسةٌ لمملوكٍ أتى مما وراءَ النهرِ،[/font]
[font=&quot]باعوهُ بسوقِ نِخَاسَةٍ في إصفهانَ لتاجرٍ من أهلِ بغدادٍ أتى حلباً فخافَ أميرُها من زُرْقَةٍ في عَيْنِهِ اليُسْرَى،[/font]
[font=&quot]فأعطاهُ لقافلةٍ أتت مصراً، فأصبحَ بعدَ بضعِ سنينَ غَلاَّبَ المغولِ وصاحبَ السلطانْ[/font]
[font=&quot]في القدس رائحةٌ تُلَخِّصُ بابلاً والهندَ في دكانِ عطارٍ بخانِ الزيتْ[/font]
[font=&quot]واللهِ رائحةٌ لها لغةٌ سَتَفْهَمُها إذا أصْغَيتْ[/font]
[font=&quot]وتقولُ لي إذ يطلقونَ قنابل الغاز المسيِّلِ للدموعِ عَلَيَّ: "لا تحفل بهم"[/font]
[font=&quot]وتفوحُ من بعدِ انحسارِ الغازِ، وَهْيَ تقولُ لي: "أرأيتْ!"[/font]
*[font=&quot]في القدس يرتاحُ التناقضُ، والعجائبُ ليسَ ينكرُها العِبادُ،[/font]
[font=&quot]كأنها قِطَعُ القِمَاشِ يُقَلِّبُونَ قَدِيمها وَجَدِيدَها،[/font]
[font=&quot]والمعجزاتُ هناكَ تُلْمَسُ باليَدَيْنْ[/font]
*[font=&quot]في القدس لو صافحتَ شيخاً أو لمستَ بنايةً[/font]
[font=&quot]لَوَجَدْتَ منقوشاً على كَفَّيكَ نَصَّ قصيدَةٍ[/font]
[font=&quot]يابْنَ الكرامِ أو اثْنَتَيْنْ[/font]
*[font=&quot]في القدس،[/font][font=&quot]رغمَ تتابعِ النَّكَباتِ، ريحُ براءةٍ في الجوِّ، ريحُ طُفُولَةٍ،[/font]
[font=&quot]فَتَرى الحمامَ يَطِيرُ يُعلِنُ دَوْلَةً في الريحِ بَيْنَ رَصَاصَتَيْنْ[/font]
*[font=&quot]في القدس تنتظمُ القبورُ، كأنهنَّ سطورُ تاريخِ المدينةِ والكتابُ ترابُها[/font]
[font=&quot]الكل مرُّوا من هُنا[/font]
[font=&quot]فالقدسُ تقبلُ من أتاها كافراً أو مؤمنا[/font]
[font=&quot]أُمرر بها واقرأ شواهدَها بكلِّ لغاتِ أهلِ الأرضِ[/font]
[font=&quot]فيها الزنجُ والإفرنجُ والقِفْجَاقُ والصِّقْلابُ والبُشْنَاقُ[/font]
[font=&quot]والتاتارُ والأتراكُ، أهلُ الله والهلاك، والفقراءُ والملاك، والفجارُ والنساكُ،[/font]
[font=&quot]فيها كلُّ من وطئَ الثَّرى[/font]
[font=&quot]كانوا الهوامشَ في الكتابِ فأصبحوا نَصَّ المدينةِ قبلنا[/font]
[font=&quot]يا كاتب التاريخِ ماذا جَدَّ فاستثنيتنا[/font]
[font=&quot]يا شيخُ فلتُعِدِ الكتابةَ والقراءةَ مرةً أخرى، أراك لَحَنْتْ[/font]
*[font=&quot]العين تُغْمِضُ، ثمَّ تنظُرُ، سائقُ السيارةِ الصفراءِ، مالَ بنا شَمالاً نائياً عن بابها[/font]
[font=&quot]والقدس صارت خلفنا[/font]
[font=&quot]والعينُ تبصرُها بمرآةِ اليمينِ،[/font]
[font=&quot]تَغَيَّرَتْ ألوانُها في الشمسِ، مِنْ قبلِ الغيابْ[/font]
[font=&quot]إذ فاجَأَتْني بسمةٌ لم أدْرِ كيفَ تَسَلَّلَتْ للوَجْهِ[/font]
[font=&quot]قالت لي وقد أَمْعَنْتُ ما أَمْعنْتْ[/font]
[font=&quot]يا أيها الباكي وراءَ السورِ، أحمقُ أَنْتْ؟[/font]
[font=&quot]أَجُنِنْتْ؟[/font]
[font=&quot]لا تبكِ عينُكَ أيها المنسيُّ من متنِ الكتابْ[/font]
[font=&quot]لا تبكِ عينُكَ أيها العَرَبِيُّ واعلمْ أنَّهُ[/font]
[font=&quot]في القدسِ من في القدسِ لكنْ[/font]
[font=&quot]لا أَرَى في القدسِ إلا أَنْت[/font]ْ​
 
اللهم اغفر لهما ولوالديهما ما تقدم من ذنبهم و ما تأخر...
وقهم عذاب القبر وعذاب النار...
و أدخلهم الفردوس الاعلى مع الانبياء و الشهداء و الصالحين
. واجعل دعائهم مستجاب في الدنيا و الآخرة
اللهم آمين...


** تقبل مروري**
 
%D8%B4%D9%83%D8%B1%D8%A7-%D9%84%D9%83.gif

 
رائع هذا الشاعر و هذه القصيدة
و الأروع لما تسمعها بصوته
شكرا لك أخي
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top