الشراكة الشرقية" : هل يهدد البرنامج الجديد للاتحاد الاوروبي مصالح موسكو؟

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

عمار صادق

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
14 فيفري 2009
المشاركات
2,585
نقاط التفاعل
17
النقاط
77
الشراكة الشرقية" : هل يهدد البرنامج الجديد للاتحاد الاوروبي مصالح موسكو؟
775.jpg

يتم يوم 7 مايو/آيار عام 2009 في براغ عاصمة تشيكيا التي تترأس رسميا الاتحاد الاوروبي حتى 1 يوليو/تموز عام 2009 اطلاق برنامج "الشراكة الشرقية". ويخصص الاتحاد الاوروبي هذا المشروع لست من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة، وهي اوكرانيا وبيلوروسيا ومولدافيا واذربيجان وارمينيا وجورجيا. ولم يتم ادراج روسيا في عداد الشركاء. وقد تم تقديم المشروع لاول مرة من قبل وزير الخارجية البولندي بمشاركة السويد، وذلك اثناء انعقاد اجتماع مجلس العلاقات الخارجية يوم 26 مايو/آيار عام 2008 . ومن المتوقع ان يخصص الاتحاد الاوروبي للدول الشريكة مبلغ قدره 600 مليون يورو حتى عام 2013. وتشمل قائمة النفقات تقليديا تعزيز مؤسسات السلطة والمساعدة في تطوير قطاع الاعمال وما الى ذلك. ويكمن مغزي ما يحدث في التقارب مع أوروبا. لكن هناك سؤال: ما هي "الشراكة الشرقية"؟ هل هي عبارة عن تحالف سياسي جديد او نموذج مبسط للاتحاد الاوروبي بالنسبة للمعسكر الاشتراكي السابق. وما هدف من ذلك؟ - يبدو ان الاوروبيين انفسهم لا يجيدون الاجابة على هذا السؤال.

لم تتمكن تشيكيا، باعتبارها دولة تترأس الاتحاد الاوروبي، من ضمان مستوى التمثيل العالي في مراسم توقيع الوثائق الخاصة باطلاق البرنامج الجديد للاتحاد الاوروبي "الشراكة الشرقية".

وكان قد نبه كل من غوردون براون رئيس الوزراء البريطاني خوسيه لويس ثاباتيرو رئيس الوزراء الاسباني انهما لا يستطيعان الوصول الى العاصمة التشيكية . وأفاد قصر الاليزيه ايضا ان رئيس فرنسا نيقولا ساركوزي لن يزور براغ الخميس المقبل. كما لم يتم تأكيد وصول رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك.

وبهذا الصدد صرح الناطق الرسمي باسم الاتحاد الاوروبي ان عدم حضور فرنسا وبريطانيا باعتبارهما دولتين اوروبيتين كبيرتين في براغ " يدفعنا الى اعتبار برنامج الاتحاد الاوروبي "الشراكة الشرقية" مبادرة غير جدية".

وفي الوقت ذاته بات من المعلوم ان رئيس بيلوروسيا الكسندر لوكاشينكو ورئيس مولدافيا فلاديمير فورونين لن يصلا الى براغ لحضورمراسم اطلاق "الشراكة الشرقية" وذلك بالرغم من الدعوات الرسمية التي وجهت اليهما. وفي النتيجة سيمثل مينسك النائب الاول لرئيس الوزراء. اما مولدافيا فسيمثلها كبار الدبلوماسيين.

ومن جهة اخرى فان رئيس الوزراء التشيكي، الذي كان يترأس الاتحاد الاوروبي في النصف الاول لعام 2009 يشير الى ان برنامج "الشراكة الشرقية" يعتبر ذو منفعة في شتى المجالات، سواء كان بالنسبة للاتحاد الاوروبي او جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق التي يفترض ان تشارك فيه. وجاء ذلك في مقاله الذي نشرته صحيفة " فرانكفورتر الجمايني تسايتونغ".

http://www.rtarabic.com/backend/images/photo//1//d25/777.jpgونوه توبولانيك ان الاتحاد الاوروبي بحاجة الى دول مثل أوكرانيا وارمينيا واذربيجان وكذلك بيلوروسيا ومولدافيا انطلاقا من المنطلقات الاقتصادية والسياسية والامنية والطاقية. اما تلك الدول فانها بحاجة الى الاتحاد الاوروبي باعتباره مثالا ومستقبلا لها.

وافترض رئيس الوزراء التشيكي الاسبق ان مشروع "الشراكة الشرقية" لا يعجب روسيا التي ترى فيه محاولة من الاتحاد الاوروبي في توسيع نفوذه والحاق ضرر بمصالح روسيا. وادعى توبولانيك بهذا الصدد ان الاتحاد الاوروبي لا يوسع مجال نفوذه بل يدعو الى اتباع مبادئ الديموقراطية لا يمكن ان تكبحها اية حدود ولا يمكن لاية دولة عزل نفسها عنها الى الابد. وأشار توبولانيك في مقاله ان الاتحاد الاوروبي يستطيع ويرغب تقوية الاستقرار الداخلي في الدول الواقعة شرقه.
رد فعل روسيا
اتخذت روسيا موقفا حذرا من أنباء حول قيام البرنامج معتقدة ان الحديث يدور في تشكيل تحالف جديد موال للغرب، علما انها تسعى الى وقف توسع الناتو في اتجاه الشرق ولا تريد تشكيل طوق جديد بالقرب منها. ويمكن لاي مراقب ذو كفاءة ان يلاحظ وراء صيغ ودعوات الى التعاون وبناء الديمقراطية شعارات قد قامت تحتها ثورات برتقالية، وغيرها من العمليات السياسية على ساحة الجمهوريات السوفيتية السابقة. و لا يرجح طبعا انه يمكن الحديث في إطار "الشراكة الشرقية" حول التدخل الغربي الشامل في شؤون هذه الدول.

يعتبر يوري بوركو مدير معهد الدراسات الاوروبية والتكامل الاوروبي لدى اكاديمية العلوم الروسية هذا البرنامج مجرد قالب مرن للنفوذ، بالرغم من ان احدا لا يشير الى ذلك علنا. ويقول بوركو: " انهم بالطبع ينفون ذلك قطعا. بينما الامر كذلك بلا شك. وانهم يبررون واقع الاصلاحات الديموقراطية كما يلي: " نحن نقدم توصيات بصفتنا مراقبين". ويعني ذلك انه يجب ان يصعد الى السلطة اشخاص موالون لاوروبا، ليس فقط من حيث تطبيق مخطط عام فحسب، بل وتطوير التعاون مع الاتحاد الاوروبي. و زد على ذلك فانهم يقولون: " اذا ارادت روسيا اقامة برامجا فلا مانع لذلك". والجدير بالذكر ان "الشراكة الشرقية" لا تقتضي اية عضوية في الاتحاد الاوروبي، ويعد هذا القول قاطعا ونهائيا".

من حيث الشكل فان الدول المرشحة بالانضمام الى المشروع يجب ان تشعر بانها اصبحت أكثر تحضرا واوروبية. وذلك بالرغم من ان عددا من الخبراء يعتبرون هذا الامر احساسا سطحيا، وتغييرا للعلامة التجارية، علما ان 600 مليون يورو مخصصة لمدة عدة سنوات لا يمكن ان تنهض باقتصاد تلك الدول في الوقت الذي تواجه اوروبا نفسها نقصا في الاموال جراء الازمة الاقتصادية. لذلك فان الكثير يتخذ موقفا متشائما من مستقبل المشروع، علما ان الذين اخترعوه لم يكونوا يفترضون وقوع عواصف مالية. لكن الوقت قد فات.

يرى فلاديمير جاريخين نائب مدير معهد رابطة الدول المستقلة ان هذا الامر لا يعد جديا وانه يعود الى مجرد البيروقراطية الاوروبية. ويشير جاريخين قائلا: " ان "الشراكة الشرقية" يمكن تسميتها هامشا اوروبيا وطوقا حول روسيا من شأنه ان يخنقها. غير انه يبدو لي ان فكرة هذا المشروع طرحت في بروكسل في فترة كان حلف الناتو فيه يتوسع بنشاط في اتجاه الشرق. لكن الازمة الاقتصادية غيرت الوضع، بالرغم من ان بيروقراطية بروكسل تظل تصر على تطبيقه.

ثمة قليل من الساسة ينظر الى "الشراكة الشرقية" بصفتها مؤسسة منافسة لروسيا، مع انهم يدركون انها اداة للسيطرة على بعض الدول. اما الدول الشريكة نفسها فيمكن ان تقدر المشروع كونها محاولة للحفاظ على موازنة بين روسيا واوروبا واقامة الصداقة مع كل منهما. ولو اضطرت الى اقناع الاتحاد الاوروبي بموالاتها للتحولات الديموقراطية.
تأمل الخارجية الروسية بان برنامج الاتحاد الاوروبي لن يتعارض مع مصالح موسكو
تعول روسيا على ان تؤخذ مصالحها بعين الاعتبار لدى تطبيق البرنامج الجديد الذي اطلقه الاتحاد الاوربي تحت عنوان "الشراكة الشرقية". اعلن ذلك وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في ختام مباحثاته مع نظيره البولندي رادوسلاف سيكورسكي في 6 مايو/ ايار بموسكو.

وعبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن ارتياحه لموقف الجانب البولندي من برنامج "الشراكة الشرقية" الذي اطلقه الاتحاد الاوربي وذلك بعد التوضيحات التي قدمها نظيره البولندي رادوسلاف سيكورسكي، حيث اكد ان بولندا، لكونها طرحت هذا البرنامج، تهتم بان يجري تطبيقه، وذلك من خلال الالتزام الصارم بالاتفاقيات التي تم التوصل اليها بين روسيا والاتحاد الاوروبي لغرض الحيلولة دون تصادم عملية التكامل الجارية في بلدان المجلس الاوربي وفضاء الاتحاد السوفيتي السابق.

وقال لافروف : " اننا نعول على ان "الشراكة الشرقية" ستتطورهكذا ولن تسير على طريق اعدته المفوضية الاوروبية حيث عقدت مؤتمر منظومة نقل الغاز الاوكرانية وناقشت مسائل تمس مصالح روسيا الاتحادية بدون مشاركتها".
http://www.rtarabic.com/backend/images/photo//1//d25/774.jpgأراء واردة من الولايات المتحدة
من جهة اخرى فان المحلل السياسي الامريكي ريك روزوف يشير في مقاله تحت عنوان " الشراكة الشرقية" او الاقتحام الاخير لرابطة الدول المستقلة" الى ان الهدف الحقيقي لتشكيل مشروع "الشراكة الشرقية" يكمن في كسر رابطة الدول المستقلة ومجموعة التعاون الاقتصادي الاوراسية ومنظمة معاهدة الامن الجماعي. وادناه مقتطفات من هذا المقال :

" يحمل مشروع "الشراكة الشرقية" شكل مبادرة ساذجة تتتلخص اهدافها الرسمية في زيادة مستوى التعامل السياسي، بما في ذلك ضمان امكانية عقد اتفاقيات اقتصادية للجيل الجديد والتكامل العميق بين اقتصادات الدول الشرقية الشريكة واقتصاد الاتحاد الاوروبي، وتيسير عملية منح تأشيرات الدخول وانجاز مشاريع مشتركة في مجال أمن الطاقة لمصلحة الدول الشريكة، وكذلك زيادة حجم المساعدة المالية.

أما الهدف الحقيقي "للشراكة الشرقية" فيكمن في كسر رابطة الدول المستقلة ومجموعة التعاون الاقتصادي الاوراسية التي تعد بيلوروسيا وكازاخستان وقرغيزيا وروسيا واوزبكستان وطاجكستان اعضاء فيها، وكذلك منظمة معاهدة الامن الجماعي. او بعبارة اخرى فان مهمة "الشراكة الشرقية" هي عزل روسيا عن الدول الست الاعضاء في رابطة الدول المستقلة من اجمالي الدول الاثنتي عشرة. وينوي الاتحاد الاوروبي في آخر المطاف اخراج الجمهوريات السوفيتية السابقة من مدار التعاون مع روسيا و تحقيق تكاملها مع الناتو.

وقد طرح اقتراح بتشكيل "الشراكة الشرقية" لاول مرة في مايو/آيار عام 2008 . حيث اعتزم الاتحاد الاوروبي المساهمة في قرار الناتو بتشكيل لجنة " جورجيا- الناتو" بعد أحداث صيف عام 2008 التي أسفرت عن عدوان جورجيا ضد اوسيتيا الجنوبيا. وذلك انطلاقا من مبدأ " القوة الناعمة".وكان على الاتحاد الاوروبي ممارسة الدبلوماسية وتقديم المساعدات الاقتصادية. فيما كان على الناتو بشكل عام، والدول الاعضاء فيه بشكل خاص، تزويد جورجيا باسلحة هجومية حديثة وانظمة استطلاعية وتدريب جيشه وايفاد مستشارين فيه. والجدير بالذكر انه لم يتم ادراج بيلوروسيا في قائمة الشركاء الا بشرط ان توافق على خطة تطوير الديموقراطية فيها.

وكتبت صحيفة " تلغراف" البريطانية بعد ان تقدمت بولندا والسويد بمبادرة تكاملية جديدة ما يلي: " تتحدى بولندا اليوم جارها الشرقي القوي روسيا، مقترحة نشر نفوذها الى عمق اراضي الاتحاد السوفيتي السابق، وذلك عن طريق اقامة "الشراكة الشرقية" . وسيغدو هذا المشروع عاملا مزعجا قويا بالنسبة للكرملين في حال تحقيق خطة ضم بيلوروسيا الى هذه الشراكة.

ووصفت الصحيفة البريطانية بدقة فائقة الجوهرالاستفزازي للشراكة الشرقية حيث اشارت الى ان تشيكيا، كونها جمهورية سابقة في معاهدة وارسو، تتولى الآن الرئاسة في الاتحاد الاوروبي، وتعتزم انجاز مشروع من شأنه ان يقيم علاقات أوثق مع الجمهوريات السوفيتية السابقة، وذلك بغض النظر عن مخاوف روسيا من الحاق ضرر بمصالحها بالقرب من حدودها. وقد اعلن وزير الخارجية التشيكي كارل شفارتسينبيرغ انه يتعين على روسيا ان تفارق تخيلاتها بصدد مصالحها الخاصة خارج حدودها مشيرا الى انه يجب ان يرسم في بعض الاحيان خط احمر لا يتنازل وراءه الاتحاد الاوروبي امام روسيا.
تم تأليف هذا المقال على اساس المواد الواردة في مواقع الانترنت "فيستي اف ام" وكذلك المواد الصادرة عن وكالات الانباء وصندوق الثقافة الاستراتيجية.
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top