مسائل في الإيمان/ الجزء الرابع مسائل مهمة لطالب العلم

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

جوهرة الاسلام

:: عضو مُشارك ::
إنضم
13 ماي 2009
المشاركات
176
نقاط التفاعل
0
النقاط
6
مسائل في الإيمان/ الجزء الرابع مسائل مهمة لطالب العلم
بقلم
أبي صهيب محمد بن أحمد المنشاوي

ما معنى الإيمان التام؟
هو الإيمان الكامل وليس الصحيح
ومن الأحاديث الدالة على ذلك، قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أول ما يحاسب الناس به يوم القيامة من أعمالهم الصلاة، يقول ربنا ـ عز وجل ـ لملائكته ـ وهو أعلم ـ : انظروا؛ في صلاة عبدي (أتمّها) أم (نقصها)؟ فإنْ كانت تامة كتبت له تامّة، وإنْ كان انتقص منها شيئاً قال: انظروا؛ هل لعبدي من تطوع؟ فإنْ كان له تطوع قال : أتمّوا لعبدي فريضته، ثمّ تؤخذ الأعمال على ذاكم»[«صحيح أبي داود» (810)].
أما كلام أهل العلم؛ فلا يكاد يُعدّ أو يحصى، ومنه ـ على سبيل المثال ـ:
1ـ قال شيخ الإسلام في «الفتاوى» (7/217): الوجه الثالث : إن القول بأن (التام) بمعنى (الصحيح) ـ دائماً ـ فيه خروج عن مقتضى استعمال اللغة أو لسان العرب، وقد أكد ذلك شيخ الإسلام في عدة مواضع من «فتاويه»، ونرجو من القارئ أن يستبدل لفظ (الصّحيح) بلفظ (التّام) ثمّ يرى : هل يستقيم المعنى أم لا؟!!
1ـ قال ـ رحمه الله ـ في «الفتاوى»(7/111) ـ : «وأهل الجنّة نعيمهم كامل تامّ لا يقتصر فيه على الذّوق».
2ـ وقال ـ أيضاً ـ (17/173) :
«ثمّ قالت الجهميّة : والعبد ليس بقادر في الحقيقة، فلا يرجّح شيئاً، بل الله هو الفاعل لفعله، وفعله هو نفس فعل الرّب، وقالت القدرية : العبد قادر تامّ القدرة…».
3ـ وقال ـ أيضاً ـ (23 /234) عن حديث «صلاة القاعد على النّصف من صلاة القائم …» :«فقالت طائفة: المراد بهما غير المعذور. قالوا : لأنّ المعذور، أجره تامّ، بدليل «إذا مرض العبد أو سافر كُتب له من العمل ما كان يعمله وهو صحيح مقيم».

4ـ وقال ـ أيضاً ـ (24/40) :
«وكذلك الصّحابة يقولون: يوم تامّ ويومان».
5ـ وقال ـ أيضاً ـ (24/123) :
«عن أبي جمرة الضُّبَعيّ، قال : قلت لابن عبّاس : أقصر إلى الأيلة؟ قال : تذهب وتجيء في يوم؟ قلت : نعم، قال : لا، إلا يوم تامّ».
6ـ وقال في (25/120) عن صوم التّطوع بنيّة بعد الزّوال :
«واختلف أصحابهما في الثّواب: هل هو ثواب يوم كامل؟ أومن حين نواه؟».
فلاحظ وصف اليوم ـ هنا ـ وفيما سبق من الكلام قبله.
7ـ قال النووي في «شرح مسلم» (2/16) :
«قال العلماء ـ رحمهم الله ـ : لا يؤمن الإيمان التّام، وإلاّ فأصل الإيمان يحصل لمن لم يكن بهذه الصّفة... إذ معناه : لا يكمل إيمان أحدكم حتى يحبّ لأخيه في الإسلام مثلما ما يحبّ لنفسه».
8 ـ قال الشيخ ابن عثيمين ـ عند شرحه حديث: الثلاثة الذين آواهم الغار ـ في «شرح رياض الصّالحين» (1/52 – 54) :
«فذكر أحدهم برّه التام بوالديه، وذكر الثاني عفّته التامة، وذكر الثالث ورعه ونصحه.... فهذا الرجل مكّنته المرأة التي يحبها من نفسها، فقام عنها خوفاً من الله ـ عز وجل ـ فحصل عنده كمال العفّة...».
الوجه الرابع: ويضاف لما سبق اقتران التّمام والكمال كثيراً في كلام أهل العلم، وذلك من باب التوكيد.
1 ـ قال شيخ الإسلام في «منهاج السنّة» (5/204) ـ بعد تقريره منهج أهل السنّة الحقّ ـ: «وعلى هذا فنقول: إذا نقص شيء من واجباته؛ فقد ذهب ذلك الكمال والتّمام، ويجوز نفي الاسم إذا أُريد به نفي الكمال..».
2ـ وقال شيخ الإسلام في «الفتاوى» (7/647) : «والشارع -- لا ينفي الإيمان عن العبد لترك مستحب لكن لترك واجب، بحيث ترك ما يجب من كماله وتمامه؛ لا بانتفاء ما يستحب في ذلك، ولفظ الكمال والتمام :قد يراد به الكمال الواجب، والكمال المستحب؛ كما يقول بعض الفقهاء : الغسل ينقسم: إلى كامل ومجزئ».
3¬ـ وقال ـ أيضاً ـ في «الفتاوى» (7/669) :«وأمّا جواز إطلاق القول بأنّي مؤمن: فيصحّ إذا عنى أصل الإيمان دون (كماله)، والدّخول فيه دون (تمامه)».
وقال ـ أيضاً ـ (12/471ـ 473) :«وأمّا أهل السنّة والجماعة... فاتفقوا على أن الإيمان والدّين قول وعمل. وهذا لفظ السلف من الصحابة وغيرهم، وإن كان قد يعني بالإيمان في بعض المواضع ما يغاير العمل؛ لكن الأعمال الصالحة كلها تدخل ـ أيضاً ـ في مسمى الدين، والإيمان، ويدخل في القول قول القلب واللسان، وفي العمل عمل القلب والجوارح، وقال المفسرون لمذهبهم :
إنّ له أصولاً وفروعاً، وهو مشتمل على أركان وواجبات ـ ليست
بأركان ـ،ومستحبات، بمنزلة اسم الحجّ والصّلاة وغيرهما من العبادات؛ فإنّ اسم الحجّ يتناول كل ما يشرع فيه مِنْ فعل وترك... ثمّ الحجّ مع هذا مشتمل على أركان متى تُركت لم يصحّ الحجّ، كالوقوف بعرفة، وعلى ترك محظور متى فعله فسد
الحجّ، وهو الوطء، ومشتمل على واجبات:مِنْ فعل وترك، يأثم بتركها عمداً... لكن من أتى بالمستحب فهو أكمل منه وأتم منه حجّاً، وهو سابق مقرب، ومن ترك المأمور وفعل المحظور، لكنّه أتى بركنه، وترك مفسده فهو حاجّ حجّاً ناقصاً يثاب على ما فعله من الحج ويعاقب على ما تركه، وقد سقط عنه أصل الفرض بذلك، مع عقوبته على ما تركه، ومن أخلّ بركن الحجّ أو فعل مفسده فحجّه فاسد لا يسقط به فرض... فصار الحجّ ثلاثة أقسام:كاملاً بالمستحبات، وتامّاً بالواجبات فقط، وناقصاً عن الواجب.... فأمّا أصل الإيمان الذي هو الإقرار بما جاءت به الرسل عن الله تصديقاً به وانقياداً له؛ فهذا أصل الإيمان الذي من لم يأتِ به فليس بمؤمن».
وقد بيّن ـ رحمه الله ـ في (7/637) بما لا يدع مجالاً للشّك المراد من ركن الإيمان الذي يفوت الإيمان ويفسد بفواته وذلك بقوله ـ هناك ـ : «ومنه ما نقص ركنُهُ ترك الاعتقاد والقول».
فهل سقط (!) من كلامه عمل الجوارح بكلّيته أو بأحد أفراده؟! أم أن التّعنت والغلو يُؤدي بالإنسان إلى خذلانه، وطاعة شيطانه؟!!
4ـ وقال شيخ الإسلام في «الفتاوى» (7/363) :«وقول القائل: الطّاعات ثمرات التّصديق، يراد به شيئان… وقد يكون الإيمان الباطن تامّاً كاملاً وهي لم توجد، وهذا قول المرجئة من الجهمية وغيرهم …».
5ـ وقال ـ أيضاً ـ (19/293) :
«فإنّ الإيمان وإنْ كان اسماً لدين الله الذي أكمله بقوله : ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ [المائدة: 3]، وهو اسمٌ لطاعة الله وللبرّ والعمل الصّالح، وهو جميع ما أمر الله به فهذا هو الإيمان الكامل التّام».
فلو كان (التّام) ـ هنا ـ بمعنى (الصحيح)، لكان الكمال شرطاً للصحة أيّ : أنّ وجود بعضه ـ فقط ـ ينفي عنه الصحة.
6ـ قال ابن القيّم في «هداية الحيارى» (129) :
«إنّ الذّنوب والمعاصي لا تنافي الإيمان بالرّسل؛ بل يجتمع في العبد الإسلام والإيمان والذّنوب والمعاصي، فيكون فيه هذا وهذا، فالمعاصي لا تنافي الإيمان بالرّسل وإنْ قدحت في كماله وتمامه».
7ـ وقال ـ رحمه الله ـ في «الوابل الصيب» (ص8) :
«والعبودية مدارها على قاعدتين هما أصلها: حبّ كامل وذلّ تامّ، ومنشأ هذين الأصلين عن ذينك الأصلين المتقدمين، وهما: مشاهدة المنة التي تورث المحبة، ومطالعة عيب النفس والعمل التي تورث الذل التام».
8ـ قال العلامة ابن باز ـ رحمه الله ـ في «فتاويه» (3/20) :
«... فقد ينتفي الإيمان بالكلّية ـ كما ينتفي بترك الشّهادتين إجماعاً ـ، وقد لا ينتفي أصله؛ ولكن ينتفي (تمامه وكماله)؛ لعدم أدائه ذلك الواجب المعيّن».
وللنّظر ـ زيادة ـ في اقتران التّمام والكمال في استعمال أهل العلم يُرجع لكلام شيخ الإسلام في: «الفتاوى» (4/314، 372) و (19/292) و(20/481) و(32/199).
الوجه الخامس: أما تَعَلّقُهُمْ بقول شيخ الإسلام (7/553): «وبهذا تعرف أنّ من آمن قلبه إيماناً جازماً امتنع أن لا يتكلم بالشّهادتين مع القدرة، فعدم الشهادتين مع القدرة مستلزم انتفاء الإيمان القلبي التّام...».

«وليس في الكتاب ولا السنّة المُظْهِرون للإسلام إلا قسمان : مؤمن أو منافق، فالمنافق في الدّرك الأسفل من النّار. والآخر مؤمن، ثمّ قد يكون (ناقص) الإيمان فلا يتناوله الاسم المطلق، وقد يكون (تامّ) الإيمان».
2ـ وقال ـ أيضاً ـ في (12/475) : «قال الإمام أحمد : كان بدء الإيمان في أول الإسلام (ناقصاً) فجعل (يتمّ)».
3ـ وقال في «الفتاوى» (25/183) عن أحوال القمر : «إن رُئيَ صبيحة ثمانٍ وعشرين فهو (تامّ) وإن لم يُرَ صبيحة ثمانٍ وعشرين فهو (ناقص)».
4ـ وقال ـ أيضاً ـ (7/81) : «فمن سلم من أجناس الظلم الثلاثة ؛ كان له الأمن التام والاهتداء التام، ومن لم يسلم من ظلمه نفسه؛ كان له الأمن والاهتداء مطلقاً… ويحصل له من نقص الأمن والاهتداء بحسب ما نقص من إيمانه بظلمه نفسه».
5ـ وقال في «منهاج السنة» (2/287) : «والخوارج والمعتزلة يقولون : صاحب الكبائر الذي لم يتب منها مخلّد في النار ليس معه شيء من الإيمان. ثم الخوارج تقول: هو كافر، والمعتزلة توافقهم على الحكم لا على الاسم، والمرجئة تقول : هو مؤمن تامّ الإيمان لا نقص في إيمانه، بل إيمانه كإيمان الأنبياء والأولياء».
6ـ قال الإمام ابن القيّم في «الوابل الصيّب» (6) :
«فالكفاية التّامّة مع العبودية التّامّة والنّاقصة مع الناقصة، فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلا نفسه».
7ـ قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ في «شرح رياض الصّالحين» (1/62) : «ولكن الصحيح في هذه المسألة : أنّ التوبة تصحّ من كلّ ذنب مع الإصرار على غيره، لكن لا يُعطى الإنسان اسم التّائب على سبيل الإطلاق ولا يستحقّ المدح الذي يُمدح به التّائبون، لأنّ هذا لم يتب توبة تامّة، بل توبة ناقصة».
ويكفي في تقرير كل ما سبق قول شيخ الإسلام في «الفتاوى» (19/292) : «والنقص بإزاء التمام والكمال».
ومنه قول من قال :
لكلّ شيء إذا ما تمّ نقصان فلا يُغرّ بطيب العيش إنسان
أما توجيه كلام شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ :
«وبهذا تعرف أنّ من آمن قلبه إيماناً جازماً امتنع أن لا يتكلم بالشّهادتين مع القدرة، فعدم الشهادتين مع القدرة مستلزم انتفاء الإيمان القلبي التّام؛ وبهذا يظهر خطأ جهم ومن اتبعه في زعمهم أن مجرد إيمان بدون الإيمان الظاهر ينفع في الآخرة؛ فإن هذا ممتنع، إذ لا يحصل الإيمان التام في القلب إلاّ ويحصل في الظاهر موجبه بحسب القدرة».
فأقول: إن في كلامه ـ رحمه الله ـ العديدَ من الفوائد :
1ـ أن كلامه ـ رحمه الله ـ مبني على نقض كلام الجهمية، في دعوى أن الإيمان : هو ما في القلب ـ فقط ـ، بل ويكون تاماً مع تخلُّف القول الظاهر والعمل الظاهر، وهذا ممتنع، كامتناع وجود الإرادة الجازمة مع القدرة بدون وجود المراد، وهذا ما نص هو عليه قبل كلامه مباشرة، فلينظر.
2ـ قولـه : «وبهذا يظهر خطأ جهم ومن اتبعه» يؤكد على أن مراده بالتام هو (الكامل) لا (الصحيح)؛ لأن هذا حقيقةُ قولِ جهم ـ كما سبق من أقوال شيخ الإسلام التي تكاد تملأ الصحائف ـ.
وبعبارة أخرى يقال: هل يزعم جهم وجود الإيمان الكامل؟
أم الإيمان الصحيح بمجرد المعرفة أو العلم؟
3ـ وقولـه : «في زعمهم أن مجرد إيمان بدون الإيمان الظاهر ينفع في الآخرة، فإن هذا ممتنع» يؤكد على الفضيحة التي ابتليت بها الجهمية ـ ومن وافقهم ـ دون غيرهم، وليس مراده ـ رحمه الله ـ أن نفي العمل وحده يكفي لنفي الإيمان النافع، إنما الذي يستلزم ذلك هو نفي ( الظاهر) : القول الظاهر والعمل الظاهر، كما نصّ على معناه في «الفتاوى» (7/554) :«والظاهر: قول ظاهر وعمل ظاهر» ومثله ما تقدم نقله عنه ـ رحمه الله ـ.
وقد قرر ـ رحمه الله ـ هذا بعد عدة سطور من كلامه السابق في سياق بيان منشأ غلط الجهمية؛ حيث قال :
«ظن الظان أن ما في القلب من الإيمان (المقبول) يمكن تخلف القول الظاهر والعمل الظاهر عنه»، [«الفتاوى» (7/554)].
وبعد هذا؛ فقد قلنا في كتابنا برهان البيان بتحقيق أنّ العمل من الإيمان: حُقَّ لنا أن نقول : ـ أين مثل هذا التصريح من نفي الإيمان النافع والإيمان المقبول بمجرد ترك العمل الظاهر ـ وحده ـ؟!!
ـ وأين التصريح بكفر تارك العمل الظاهر كما قيل في ترك غيره؟ مثل: «فمن لم يحصل في قلبه التصديق والانقياد فهو كافر» [«الفتاوى» (7/639) ].
ـ وأين التصريح بعدم النجاة إلاّ بالعمل الظاهر كما قيل في القول الظاهر؟
قال شيخ الإسلام: «ولهذا كان القول الظاهر من الإيمان الذي لا نجاة للعبد إلاّ به عند عامة السلف والخلف من الأولين والآخرين إلاّ الجهمية -جهماً ومن وافقه-» [«الفتاوى» (7/219)].
4ـ قولـه: «فإن من الممتنع أن يحب الإنسان غيره حباً جازماً وهو قادر على مواصلته، ولا يحصل منه حركة ظاهرة إلى ذلك».
يلتقي أول كلامه المنقول «كما يمتنع وجود الإرادة الجازمة مع القدرة بدون وجود المراد».
وقد سبق من قوله ـ رحمه الله ـ بيان حالات (المراد) عند قوله:
«وأما الإرادة الجازمة فلا بد أن يقترن بها مع القدرة فعل المقدور ولو بنظرة، أو حركة رأس، أو لفظة، أو خطوة، أوتحريك بدن» [«الفتاوى» (7/527)].
فهل من يقول : لابد من قول اللسان لأصل الإيمان، يقال فيه ما قيل فضلاً عن قوله بدخول العمل في مسمى الإيمان.
 
السلام عليكم
موضوع مهم يستاهل القراءة بارك الله فيكي و احسن اليكي و اعطاكي مناكي
 
وفيك بارك الله فتح الاسلام ربى يعطيك مناك أمين يارب العالمين
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top