عموما فإن إعتكار الظلام ، و مصابيح الزقاق الموقدة ، و نباح جراء .... كلها أمور توحي أن الصبح ليس على وشك.
إندفع مراد في مشيته إلى الأمام بخطوات غير ثابتة ، كأنها تتحامل عليه بتأثرها بما يخلّف وراءه ، و بما يتجه نحوه بعد كل خطوة .
عند المفرق توقف مراد برهة ، كأنه يبحث عن جواب لسؤال آني باغته لا يحتمل أي تأجيل . التفت إلى الخلف قبل أن يحسم أمره يمينا صوب ذلك الزقاق ، الذي فيما يبدو أن رائحته تجبّر الكثير من عابريه أن يشعلوا سيجارة قصد التخفيف من وطأت ما قد يستنشقوه ، و هذا ما همّ به مراد.
بعد عديد خطوات رمى سيجارته التي التهمها حتى كادت أن تحرق أنامله ، توقف مضطربا أمام أحد الأبواب الحديدية و بتردد شديد شرع في القرع . في إحدى قرعاته سمع صوتا يسأله عن هويته بشيء من الحريمية الفضة .
أجاب – مخفيا عبثا – ارتباكه : أنا مراد . من فضلك يا صونية هل استيقظ صابر ؟
- صباح الخير ، صابر كعادته مازال نائما لأنه لم يمض وقت طويل عن رجوعه .
قبل أن يحس مراد أنها ترمي فيما تقول ، تداركت صونية : لم يمض وقت طويل عن رجوعه ، لأنه يوشك أن لا يدخل البيت كل ليلة بسهره الدائم ... الذي لسنا ندري متى ينتهي .
- لم يأبه مراد لكلمات صونية ، و لا لتغير فضاضة صوتها إلى رقة لا توحي على الإصطناع . لم يأبه لأن حواسه ودون تدخل منه كانت قد اتجهت صوب صوت أقفال الباب الحديدي ، الذي جمعتها علاقة تناسق مع كلمات صونية . كلمات كأني بها تلهيه عن أقفال أشرفت على الإنفتاح واحدة تلوى الأخرى ... و ما إن أنهت صونية مهمتها حتى توقفت عن الكلام .
في ومضة زمنية باغتت مراد انفتح الباب الحديدي ، انفتح بحركة لم يتأت لمراد حتى رصدها أو تدوينها . مما دفعه أن يقابل مهارتها في الظهور بمكر دفعه للاهتمام الفائق بكل جزيئات الباب . أخذ يعاين الباب ، يتفحصه في أدق تفاصيله ........ .
ظل مراد على حالته التأملية دون أن يقذف بعينيه و لو لمرة واحدة نحو جسد صونية ، و أقسمت صونية أن لا تنطق ببنت شفة و أن تتركه يختار بين الباب الحديدي و بين جسدها الشبه مكسو.
بعد مضيّ لحيظات ساكنة اتسمت فيهن حركات مراد و صونية باللاعفوية أو قل بالإفتعالية ذات المغزى .... تعكّر صفو السكون دفعة واحدة ، إنه صوت أحد محركات حافلة نقل عمومي يسعى صاحبه للذهاب للاسترزاق ، صوت ينتشر في الأجواء المكونة لحي سكاني بكامله .... اعتدل كل من مراد و صونية في حضرة الصخب . كأنها لحظة تاريخية ، لا علاقة لهما بها من حيث الإتاحة .
لم يجد مراد في هذه الأثناء من بُد سوى اطلاق العنان لحنجرته كي تعزف سمفونية سعالية . فهمت صونية أن ما في جعبت الرجل من كلمات لن يخرج ، فبادرت قائلة : - هل جئت من أجل صابر فقط ؟ .
ازدادت حنجرة الرجل بالقاء ما بداخلها من شحنات سعالية ، متسترة بالصخب المتزايد لمحرك الحافلة العمومية المهترئة .
- صونية : أتريد كوبا من الماء ؟ .
- مراد : و من أجل من ؟ .... تعتقدين أني جئت في مثل هذا الوقت ؟.
- صونية : لا أدري ! ... في الواقع أنه قد يكون أنسب و قت .
هنا ابتلع مراد كحته الأخيرة عن مضض ، و حدق فيها جيدا قائلا : قد أخبرتك أكثر من مرة أن تنسي كل ما فات ، و تعتبريه طيشا قد انقضى دونما رجعة .
استغربت بدورها صونية من ردة مراد التي لم تفهم كل معناها ، و قررت أن تهاجم بدل أن تدافع .
- صونية : لماذا إذن تصر على صابر ، رغم أنك تدري أنه وحيدنا . هو شاب طائش ... إنه ... .
- مراد : أجل ، أجل .... إنه متعب من السهر دعيه ينام .
استدار إلى الخلف ميؤوسا كأنه آثر الفرار ، أطلق كلمات توديع و رحل .
في هذه الأثناء الذي كان فيها مراد متجها إلى أشغاله مجترا لكلمات و ردات صونية . كانت الخالة فطومة مهتمة بإيقاظ أهل البيت .
كما جرت العادة منذ عقود ها هي تزاول طريقتها الفريدة التي لا تنقصها الحيلة ، إذ و بتظاهر ماكر منها ، تدعي و تتظاهر أنها تحاول قتل حشرات منزلية . هذا باستخدام نعل بلاستيكي يحدث إذا لامس الأرض من الضجة بما يكفي لايقاظ ثكنة نيام .
رغم أن جلّ أفراد الأسرة قد تأتى لهم أخيرا التعايش مع صخب النعل ، إلا أن هذا لم يدفع الخالة للتغيير . بل زادها تصميما و قوة في القرع صباح كل يوم جديد !
إندفع مراد في مشيته إلى الأمام بخطوات غير ثابتة ، كأنها تتحامل عليه بتأثرها بما يخلّف وراءه ، و بما يتجه نحوه بعد كل خطوة .
عند المفرق توقف مراد برهة ، كأنه يبحث عن جواب لسؤال آني باغته لا يحتمل أي تأجيل . التفت إلى الخلف قبل أن يحسم أمره يمينا صوب ذلك الزقاق ، الذي فيما يبدو أن رائحته تجبّر الكثير من عابريه أن يشعلوا سيجارة قصد التخفيف من وطأت ما قد يستنشقوه ، و هذا ما همّ به مراد.
بعد عديد خطوات رمى سيجارته التي التهمها حتى كادت أن تحرق أنامله ، توقف مضطربا أمام أحد الأبواب الحديدية و بتردد شديد شرع في القرع . في إحدى قرعاته سمع صوتا يسأله عن هويته بشيء من الحريمية الفضة .
أجاب – مخفيا عبثا – ارتباكه : أنا مراد . من فضلك يا صونية هل استيقظ صابر ؟
- صباح الخير ، صابر كعادته مازال نائما لأنه لم يمض وقت طويل عن رجوعه .
قبل أن يحس مراد أنها ترمي فيما تقول ، تداركت صونية : لم يمض وقت طويل عن رجوعه ، لأنه يوشك أن لا يدخل البيت كل ليلة بسهره الدائم ... الذي لسنا ندري متى ينتهي .
- لم يأبه مراد لكلمات صونية ، و لا لتغير فضاضة صوتها إلى رقة لا توحي على الإصطناع . لم يأبه لأن حواسه ودون تدخل منه كانت قد اتجهت صوب صوت أقفال الباب الحديدي ، الذي جمعتها علاقة تناسق مع كلمات صونية . كلمات كأني بها تلهيه عن أقفال أشرفت على الإنفتاح واحدة تلوى الأخرى ... و ما إن أنهت صونية مهمتها حتى توقفت عن الكلام .
في ومضة زمنية باغتت مراد انفتح الباب الحديدي ، انفتح بحركة لم يتأت لمراد حتى رصدها أو تدوينها . مما دفعه أن يقابل مهارتها في الظهور بمكر دفعه للاهتمام الفائق بكل جزيئات الباب . أخذ يعاين الباب ، يتفحصه في أدق تفاصيله ........ .
ظل مراد على حالته التأملية دون أن يقذف بعينيه و لو لمرة واحدة نحو جسد صونية ، و أقسمت صونية أن لا تنطق ببنت شفة و أن تتركه يختار بين الباب الحديدي و بين جسدها الشبه مكسو.
بعد مضيّ لحيظات ساكنة اتسمت فيهن حركات مراد و صونية باللاعفوية أو قل بالإفتعالية ذات المغزى .... تعكّر صفو السكون دفعة واحدة ، إنه صوت أحد محركات حافلة نقل عمومي يسعى صاحبه للذهاب للاسترزاق ، صوت ينتشر في الأجواء المكونة لحي سكاني بكامله .... اعتدل كل من مراد و صونية في حضرة الصخب . كأنها لحظة تاريخية ، لا علاقة لهما بها من حيث الإتاحة .
لم يجد مراد في هذه الأثناء من بُد سوى اطلاق العنان لحنجرته كي تعزف سمفونية سعالية . فهمت صونية أن ما في جعبت الرجل من كلمات لن يخرج ، فبادرت قائلة : - هل جئت من أجل صابر فقط ؟ .
ازدادت حنجرة الرجل بالقاء ما بداخلها من شحنات سعالية ، متسترة بالصخب المتزايد لمحرك الحافلة العمومية المهترئة .
- صونية : أتريد كوبا من الماء ؟ .
- مراد : و من أجل من ؟ .... تعتقدين أني جئت في مثل هذا الوقت ؟.
- صونية : لا أدري ! ... في الواقع أنه قد يكون أنسب و قت .
هنا ابتلع مراد كحته الأخيرة عن مضض ، و حدق فيها جيدا قائلا : قد أخبرتك أكثر من مرة أن تنسي كل ما فات ، و تعتبريه طيشا قد انقضى دونما رجعة .
استغربت بدورها صونية من ردة مراد التي لم تفهم كل معناها ، و قررت أن تهاجم بدل أن تدافع .
- صونية : لماذا إذن تصر على صابر ، رغم أنك تدري أنه وحيدنا . هو شاب طائش ... إنه ... .
- مراد : أجل ، أجل .... إنه متعب من السهر دعيه ينام .
استدار إلى الخلف ميؤوسا كأنه آثر الفرار ، أطلق كلمات توديع و رحل .
في هذه الأثناء الذي كان فيها مراد متجها إلى أشغاله مجترا لكلمات و ردات صونية . كانت الخالة فطومة مهتمة بإيقاظ أهل البيت .
كما جرت العادة منذ عقود ها هي تزاول طريقتها الفريدة التي لا تنقصها الحيلة ، إذ و بتظاهر ماكر منها ، تدعي و تتظاهر أنها تحاول قتل حشرات منزلية . هذا باستخدام نعل بلاستيكي يحدث إذا لامس الأرض من الضجة بما يكفي لايقاظ ثكنة نيام .
رغم أن جلّ أفراد الأسرة قد تأتى لهم أخيرا التعايش مع صخب النعل ، إلا أن هذا لم يدفع الخالة للتغيير . بل زادها تصميما و قوة في القرع صباح كل يوم جديد !