المساواة بين الناس أمام الشريعة و أمام الله

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

نذير1

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
16 أفريل 2009
المشاركات
1,715
نقاط التفاعل
76
النقاط
77



mossawat.jpg

للحديث في هذا الموضوع لا بد أن تتوارد أسئلة إلى الذهن يمكن إيجازها فيما يلي:

ماهي المساواة بين الناس جميعاً ؟ وما حال الناس قبل الإسلام وما المراد بالمساواة بين الرجل والمرأة ؟ مع وجود الفرق الطبيعية ؟

معنى المساواة : لقد شغل مفهوم المساواة أذهان المفكّرين عبر الزمان والعصور فهي ذات أصول دينية فلسفية وتشريعية ، ولقد عرّفها أفلاطون بالآتي :

أ – فضيلة أخلاقية يحقّقها الفرد في نفسه حينما يعمل على تحقيق الانسجام بين عقله وعواطفه وشهواته .

ب – فضيلة سياسية تحقّقها الدولة حينما يتمّ الانسجام بين أفرادها.

ثم تسير مع الزمن و ترقى برقى أهله فتجددها التشريعات الحديثة التي نادت بإعلان حقوق الإنسان .

المساواة في إعلان حقوق الإنسان

اشترك الناس جميعاً في الحقوق الإنسانية بالرّغم من تفاوتهم الاجتماعي الناشئ عن فروقه الفردية من حيث الكفاءات والفضائل والمواهب . وذلك استنادً إلى المبدأ القائل : جميع الناس ولدوا سواسية في الحق .

المساواة في الإسلام والديانات الأخرى

والواقع أن فكرة المساواة لم تلبس ثوبها الفضفاض إلاّ على يد الدّياناتالسماوية وخاصة الديانة الإسلامية .

- في المسيحية : نجد من عقائد المسيحية أنّ الناس جميعا خُلقوا على صورة الله "

- في اليهودية : كما نجد من عقائد اليهود " أن اليهود جميعاً شعب الله المختار " وبقية الناس من نسل نجس لأنّهم كفار .
في الإسلام يؤكّد على أن النّاس جميعاً سواسية كأسنان المشط ، وكلهم لآدم وآدم من تراب ، وأكرمهم عند الله اتقاهم

حال الناس قبل الإسلام

ممّا هو ثابت في تاريخ الأمم والشعوب قبل الاسلام – أنّ بعض الأحبار و الرهبان ساعدهم الملوك وأصحاب السلطة المادية – فقسّموا الناس على طبقات – و خيّلوا لهم أن الدّماء تختلف و أنّ حقوق هذه الدماء تختلف ، وتتفاوت تبعاً لذلك ، فلهذه الطبقة من الحقوق ما ليس لتلك، وإنّ لهذا الدم أن يحكم وأن يورث الحكم في أعقابه بأمر الله ، وليس لأحد من العامة أن يعترض و إلا كان جزاؤه الطرد على يد الحكام من الحياة الدنيوية بالموت وعلى يد رجال الكهنوت الذين انحرفوا عن رسالة الدّين من رضوان الله ، هذا النظام الطبقي هو النظام الذي كان يعرفه العالم و يرضخ له كارهًا ، وكانت الشعوب تسير على مقتضاه مجبرة لا تعرف في ضلاله حقا ، ولا أن تجد منه خلاصًا .

وأيضا : لقد كان ذلك سائدًا بين أهل المدينات والحضارات كالدولة الرومانية و الفارسية ، و حتى أوربا الحديثة التي أنجبت( جان جاك روسو) صاحب العقد الاجتماعي ، كانت ترى الغنى مبررا لفعل السوء وارتكاب المعوقات والاستعلاء على القانون بينما تعتبر الفقر ثوب العبودية والرق والحيوانية .

بل نظرة عابرة في العصر الذي نعيش فيه نرى أمّة كبرى غزت الفضاء بسفنها وأقمارها الصناعية و وضعت أعلامها ترفرف على أرض الكواكب كالولايات المتحدة الأمريكية تعمل على التفرقة العنصرية ، فللأبيض من الحقوق ما ليس للأسود ، حتى في دور العلم والجامعات الكبرى التي تمثل الرقى الفكري والسمو العقلي .... نعم نرى هذه التفرقة ونسمعها ونقرؤها على صورة الحزن ن ونبعث على القلق – والاشمئزاز وحسبنا أن نعرف أنّ فتاة زنجية ، دخلت الجامعة فتطرد منها ، وتطالب جماهير الشعب بقتلها ، ثم يصنع لها تمثال رمزي ن ثم يحطم هذا التمثال لا لجريمة ارتكبتها غير محاولة أخذها لحقها من العلم .

و ليت الأمر وقف عند هذا الحد ، بل تطوّر حتى أصبح مشكلة اجتمع لها الكونغرس الأمريكي والوزراء ورئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، بل نرى نظرة الأوروبيين إلى غير الأوروبيين نظرة ازدراء واحتقار .

حالة المرأة قبل الاسلام

ولنتحدث الآن عن جانب آخر من جوانب الطبقية في الديانات والحضارات غير المسلمة عن المرأة التي تصور لونا من ألوان ظلم الإنسان لأخيه الإنسان .

كانت المرأة في الشعوب المتوحشة لا تعدو أن تكون في حياتها مخلوقا تابعا للرجل ، بل أحيانا يجتز شعرها كما تجز الأغنام ، وكان الرجل يجمع ما يشاء من النساء ، وكانت تعتبر أمة فزوجها لا يرى لها حقا معه ولا ترى لنفسها حقا ، وكانت إذا مات الرجل تترمّل حتى تموت ، فلا يسوغ لها أن تتزوج أو تتزيّن ، بل لقد كان بعض الشعوب يستحسن من المرأة التي مات زوجها أن تقتل نفسها بعده .

هذه صورة مما كان عليه الناس قبل الاسلام .

الاسلام والطبقية

لما جاء الاسلام مناديًا بمبادئ الإصلاح وبالثورة العارمة على الطبقة بين جنس وجنس بل بين الذّكر والأنثى حيث أمر :

1- إلغاء الفوارق الطبقية

02- بإلغاء الفوارق الدينية والعنصرية .

03- بإلغاء التفاوت الاجتماعي بين الرجل والمرأة كما غرس الوازع الديني والنفسي في المجتمع بتقوى الله ومراعاة الأرحام .

و تتمثل الثورة الإصلاحية في الإسلام في مثل قوله تعالى : يا أيها النّاس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبثّ منها رجالا كثير ة أو نساء و اتّقوا الله الذي تسألون به و الأرحام ، إن الله كان عليكم رقيبًا "

و الذي ينظر في هذه الآية يرى أن الخطاب للناس جميعا و ليس قاصرًا على إقليم ولا خاصًّا بمجتمع دون مجتمع ثم يرى أن الله ناصرهم بتقواه لأنه خالقهم و من واجب المخلوقين أن يتوجهوا على خالقهم والكل في ذلك سواء ، فهم متساوون لا يمتاز أحدهم عن الآخر ولا صنف عن صنف ولا شعب عن شعب ، وهذا هو الركن الأول في المساواة .

ثم نرى في الآية بقول الله تعالى : " واتقوا الله الذي تسألون به والأرحام إنّ الله كان عليكم رقيبا"

وفي ختام هذه الآية توجيه ذو شعبتين :

الأولى : راجعة إلى العقل ، وهي الأمر بتقوى الله الذي خلق الناس وربّاهم .

الثانية : توجيه إلى العاطفة إنّها المحافظة على الرحم والعلاقات والأواصر التي تربط بين الناس والشعوب على اختلافها – فتكون الرحمة والحنان والتعاون .

وبهذه الأمور الثلاثة – القلب وهو المساواة ، والجناحان وهما التقوى لله والمحافظة على صلة الأرحام ، يسلك المجتمع طريقة في الحياة قويا مرتبطا متعاونا متراحما .

معنى المساواة بين الرجل والمرأة مع الظروف الطبيعية

و الإسلام هو الدّين الذي استطاع أن يسوي بين المرأة والرجل مع مراعاة الظروف الطبيعية بينهما فقد جعل للرّجال على النساء عدم الضرر بها وإهدار كرامتها ، وللرجل على المرأة حقوقًا هي المحافظة على ماله وعرضه وتحمّل الحياة ومسؤوليتها .

و لا ينبغي أن تفهم المساواة بين الرجل والمرأة حتى فيما تفرض الطبيعة اختلافهما وتفاوتهما فيه فذلك ما لايقول به العقل ، قال تعالى " وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ "
هذا توجيه من الله إلى طبيعة كل من الرجل والمرأة وما فضّل الله به بعضهم على بعض فالرجال لهم وظيفتهم في الحياة التي خلقوا لها و المرأة لها وظيفتها في الحياة على صورة تتلاءم مع تركيبها النفسي والجسمي .


وكل من الرجل والمرأة مفضّل بمميزات لا توجد بالأخر هذه هي المساواة بين الرجل والمرأة مع مراعاة الفروق الطبيعية بينهما ، فلا ينبغي للرجل أن يطلب ما هو من خصائص المرأة وليس للمرأة أن تتطلع إلى ماهو من خصائص الرجل .

رأي ابن رشد في المساواة بين الرجل والمرأة

لقد بيّن ابن رشد هذا التفاوت بينهما من حيث يريد البرهنة على التساوي بينهما فيقول : " إنها – أي المر أة – تقل عن الرجل في الدرجة لا في الطبيعة - أي كمية لا نوعا – فهي قادرة على ممارسة أعمال الرجل ، مثل الحرب والفلسفة ، و لكن بدرجة أقل من الرجل – وقد تفوقه في بعض الفنون مثل الموسيقى "

ثم يقول في حالة الشدّة – في حالة الدور الذي يمكن أن تقوم به المرأة " أن حالتنا الاجتماعية لا تؤهلنا للإطاحة بكل ما يعود علينا من منافع المرأة ، فهي في الظاهر صالحة للحمل والولادة والحضانة فقط . وما ذلك إلاّ لأنّ حالة العبودية التي أنشأ عليها نساءنا أتلفت مواهبها العظمى " .

هذه نظرة ابن رشد بالنسبة للمرأة يريد مساواتها من حيث كلامه ينادي بوجوب التفاوت بينهما .

 
شكرا و بارك الله فيك أخي على الموضوع
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top