- إنضم
- 3 سبتمبر 2008
- المشاركات
- 8,454
- نقاط التفاعل
- 62
- النقاط
- 317
المختصر / انتقل الصراع مؤخرًا من أفغانستان إلى باكستان، حيث العامل المشترك في كليهما محاربة حركة طالبان، التي تنتمي إلى قبائل البشتون الموجودة في الجارتين، والتي تسيطر على المناطق القبلية على طول الحدود، وتسعى الحكومة الباكستانية إلى مواجهتها.
الرئيس الأمريكي باراك أوباما أعلن تركيز خُطته الجديدة على أفغانستان وباكستان، التزامًا منه بالإستراتيجية الأمريكية المسماة بمكافحة الإرهاب، لمحاربة حركة طالبان باكستان، والتي لعبت دورًا حاسمًا طوال السنوات الماضية في مُجريات الأحداث لدى جارتها، والتي تشترك معها على طول 2500 كيلومتر من الحدود.
فتش عن أمريكا
المعارك الجديدة تجري الآن على الأراضي الباكستانية، بعدما نجحت الحركات الإسلامية هناك في اكتساب نفوذٍ أكبرَ في مناطقَ جديدة. ففي عام 2002، قررت الأحزاب الإسلامية ـ التي تُشَكِّل الأغلبية في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي ـ أن الشريعة الإسلامية سوف تطبَّق في ولاياتهم وتحُلَّ محلَّ أي قانون مخالف للمبادئ الإسلامية.
ومنذ ذلك الحين كانت السلطة في باكستان تنتقل بين القوة والضعف، في حين نجحت الحركات الإسلامية في اكتساب نفوذ أوسع شيئًا فشيئًا. حتى سيطرت حركة طالبان في أواخر عام 2007 على وادي سوات، وبدأ النزع بينها وبين الجيش.
ثم جاء آصف زرداري، أرمل بنظير بوتو، إلى الرئاسة في سبتمبر الماضي بعد استقالة برويز مشرف، ووقَّع اتفاقًا في منتصف إبريل الماضي مع طالبان، يقضي بتطبيق الشريعة وإعادة الهدوء إلى وادي سوات. مما أثار قلق الدول الغربية وأمريكا على وجه الخصوص، مخافة أن تتسارع وتيرة تطبيق الشريعة في مناطقَ أخرى، فسارعت باستدعاء زرداري والرئيس الأفغاني حامد كرزاي إلى البيت الأبيض للقاء أوباما في اجتماع أسفر عن عزم الدول الثلاث على القضاء على طالبان، بعدما حصل زرداري على تأييد أوباما.
جيش ضد حركة
في نفس الوقت كانت حركة طالبان في باكستان قد عملت على توسيع نفوذها، وشنت هجومًا بقيادة مولانا فضل الله في المناطق المجاورة مثل بونير ولور دير وشنجالا. وردَّ الجيش الباكستاني بحملة عسكرية واسعة في أواخر إبريل. ومنذ ذلك الحين ظهرت بوادر كارثة إنسانية في المنطقة، حيث اضطر أكثر من مليون إنسان إلى الفرار من منازلهم، بينما حوصر نحوُ مائتي ألفٍ آخرين؛ بسبب القتال.
وفي السابع من مايو أعلن رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني أنه "لاستعادة شرف وكرامة وطننا وحماية شعبنا، صدرت الأوامر للقوات المسلحة بالقضاء على المسلحين والارهابيين". وأعلن عن تجهيز 15 ألف جندي لمواجهة من 4 إلى 5 آلاف من مقاتلي طالبان. مما حدا بوزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتس أن يُعرب عن رضا واشنطن عن هذه الحرب الباكستانية.
المعارضة غيرُ الإسلامية أعلنت وقوفَها إلى جانب الحكومة، وقالت: إنها تشعر بتعرُّض مصالحها للخطر؛ جراء ارتفاع أسهم طالبان قرب العاصمة إسلام آباد القريبة من القتال، أما الأحزاب الإسلامية مثل جماعة علماء الإسلام، والجماعة الإسلامية، فيتهمون الحكومة بتوريط الجيش بخطة أمريكية، وجرِّ البلاد إلى حرب أهلية.
ولكن معظم الخبراء يعتقدون أن حركة طالبان لا تبتغي توسيع نفوذها في أماكن أخرى بباكستان، ولكن تريد تثبيت التسوية في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي والمناطق القبلية. فيما يتحدث آخرون عن قضية امتلاك باكستان لأسلحة نووية ويمكن أن تقع في أيدي طالبان، إلا أنهم قللوا من مثل ذلك الاحتمال.
الحل لا يبدو بسيطًا، وخصوصًا أن البلاد تعاني من أزمة اقتصادية خطيرة، وأبعدُ ما تكون عن الاستقرار السياسي؛ فزرداري غيرُ محبوب من الباكستانيين، ويتعرض للكثير من الانتقاد، وحكومته تعتمد على أصوات الأحزاب الصغيرة.
سلطة الجيش
الوضع الحالي هو تتويجٌ لسنوات كثيرة من تعامُل رجال السلطة الباكستانية مع أمريكا، وإفرازٌ للاضطرابات والمنافسات الإقليمية. إجمالًا فإن باكستان، التي يوجد فيها نحو ثمانين لغة، هي في النهاية يسيطر عليها الجيش والمخابرات، وأنشئت في عام 1947 خلال تقسيم امبراطورية الهند حين كانت تحت الاحتلال البريطاني، حيث انفصلت باكستان، وانتقل إليها مسلمو الهند لتحكمهم الشريعة، إلا أنها منذ ذلك الوقت وحتى الآن لم تطبَّق.
ويتمتع الجيش الباكستاني بنفوذ كبير؛ حيث يستوعب ما يصل إلى 75 ٪ من ميزانية البلاد، ليصبح دولة داخل الدولة، ولم يتردد الجيش في القيام بدور سياسي في الظل أو في العلن، بواسطة حكم الجنرالات، حيث أطاح بالعديد من الحكومات، وهدد الكثير من السياسيين، وهاهو يتدخل ليضع حدًا لنفوذ طالبان. حتى إن الباكستانيين يتداولون بينهم مثلًا يقول: إنه "إذا كان لكل بلد جيش؛ ففي باكستان، يمتلك الجيش بلدًا".
الأرجح أن يتمكن الجيش من السيطرة على مدينة سوات، لكن ذلك لن يعنيَ القضاءَ على طالبان، تمامًا مثلما فعل الجيش الأمريكي حين احتل أفغانستان، وفشل في القضاء على طالبان فيها. مما سيزيد الاضطراب في المنطقة الملتهبة، وسيضيف إليها العديد من مخيمات اللاجئين الفارين من نيران المعارك التي جاءتهم هذه المرة من جيش بلادهم.
أزمة اللاجئين
يأتي ذلك في الوقت الذي أطلقت فيه المفوضية الدولية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، نداءً ناشدت فيه المجتمعَ الدولي تقديم دعم مالي لإغاثة اللاجئين الذين قدرتهم حتى الآن بأكثر من مليون وتسعمائة ألف شخص، بينما تقدِّرُه الحكومة الباكستانية بما لا يقل عن 2.5 مليون شخص.
ويزداد عدد المخيمات ويتضخم عبر ماردان ومنطقتي سوابي وشارسادا المجاورتين في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي، وبحسب وكالة الأمم المتحدة للاجئين فإن القتال يُسفر الآن عن واحد من أكبر حالات التشرُّد في العالم.
وبدأت التداعيات الإنسانية للحملة العسكرية في إثارة المخاوف بين المسئولين في الجيش والحكومة الذين يخشَوْن من أن الرأي العام، الموالي اليوم، ربما يتحول بشكل سلبي إذا ما تفاقمت الأزمة الإنسانية. وصرح مسئول بارز بالاستخبارات الباكستانية في إسلام آباد قائلًا: إن أزمة اللاجئين يمكن أن تمارس ضغوطًا على الجيش، وتحمله على وقف عملياته.
ويقول اروي سيفي، كبير منسِّقي الطوارئ بمكتب المفوضية العليا لشئون اللاجئين: إن الوضع في وادي سوات أسوأ مما كان عليه الحال عام 1994، عندما أجبرت الحرب الأهلية نحو 700 ألف شخص على الفرار من منازلهم، مضيفًا أنه من غير الممكن أن يعود هؤلاء اللاجئون إلى منازلهم قبل مُضِيِّ عامين على الأقل، في ظل الظروف الراهنة. وبينما يعاني اللاجئون بالفعل في مخيماتهم فإنه ما لم تُتَّخَذُ إجراءاتٌ سريعة ومنسَّقة من قِبَل الحكومة فإن الوضعَ سيزداد سوءًا كلَّ يوم.
المصدر: الإسلام اليوم
الرئيس الأمريكي باراك أوباما أعلن تركيز خُطته الجديدة على أفغانستان وباكستان، التزامًا منه بالإستراتيجية الأمريكية المسماة بمكافحة الإرهاب، لمحاربة حركة طالبان باكستان، والتي لعبت دورًا حاسمًا طوال السنوات الماضية في مُجريات الأحداث لدى جارتها، والتي تشترك معها على طول 2500 كيلومتر من الحدود.
فتش عن أمريكا
المعارك الجديدة تجري الآن على الأراضي الباكستانية، بعدما نجحت الحركات الإسلامية هناك في اكتساب نفوذٍ أكبرَ في مناطقَ جديدة. ففي عام 2002، قررت الأحزاب الإسلامية ـ التي تُشَكِّل الأغلبية في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي ـ أن الشريعة الإسلامية سوف تطبَّق في ولاياتهم وتحُلَّ محلَّ أي قانون مخالف للمبادئ الإسلامية.
ومنذ ذلك الحين كانت السلطة في باكستان تنتقل بين القوة والضعف، في حين نجحت الحركات الإسلامية في اكتساب نفوذ أوسع شيئًا فشيئًا. حتى سيطرت حركة طالبان في أواخر عام 2007 على وادي سوات، وبدأ النزع بينها وبين الجيش.
ثم جاء آصف زرداري، أرمل بنظير بوتو، إلى الرئاسة في سبتمبر الماضي بعد استقالة برويز مشرف، ووقَّع اتفاقًا في منتصف إبريل الماضي مع طالبان، يقضي بتطبيق الشريعة وإعادة الهدوء إلى وادي سوات. مما أثار قلق الدول الغربية وأمريكا على وجه الخصوص، مخافة أن تتسارع وتيرة تطبيق الشريعة في مناطقَ أخرى، فسارعت باستدعاء زرداري والرئيس الأفغاني حامد كرزاي إلى البيت الأبيض للقاء أوباما في اجتماع أسفر عن عزم الدول الثلاث على القضاء على طالبان، بعدما حصل زرداري على تأييد أوباما.
جيش ضد حركة
في نفس الوقت كانت حركة طالبان في باكستان قد عملت على توسيع نفوذها، وشنت هجومًا بقيادة مولانا فضل الله في المناطق المجاورة مثل بونير ولور دير وشنجالا. وردَّ الجيش الباكستاني بحملة عسكرية واسعة في أواخر إبريل. ومنذ ذلك الحين ظهرت بوادر كارثة إنسانية في المنطقة، حيث اضطر أكثر من مليون إنسان إلى الفرار من منازلهم، بينما حوصر نحوُ مائتي ألفٍ آخرين؛ بسبب القتال.
وفي السابع من مايو أعلن رئيس الوزراء الباكستاني يوسف رضا جيلاني أنه "لاستعادة شرف وكرامة وطننا وحماية شعبنا، صدرت الأوامر للقوات المسلحة بالقضاء على المسلحين والارهابيين". وأعلن عن تجهيز 15 ألف جندي لمواجهة من 4 إلى 5 آلاف من مقاتلي طالبان. مما حدا بوزير الدفاع الأمريكى روبرت جيتس أن يُعرب عن رضا واشنطن عن هذه الحرب الباكستانية.
المعارضة غيرُ الإسلامية أعلنت وقوفَها إلى جانب الحكومة، وقالت: إنها تشعر بتعرُّض مصالحها للخطر؛ جراء ارتفاع أسهم طالبان قرب العاصمة إسلام آباد القريبة من القتال، أما الأحزاب الإسلامية مثل جماعة علماء الإسلام، والجماعة الإسلامية، فيتهمون الحكومة بتوريط الجيش بخطة أمريكية، وجرِّ البلاد إلى حرب أهلية.
ولكن معظم الخبراء يعتقدون أن حركة طالبان لا تبتغي توسيع نفوذها في أماكن أخرى بباكستان، ولكن تريد تثبيت التسوية في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي والمناطق القبلية. فيما يتحدث آخرون عن قضية امتلاك باكستان لأسلحة نووية ويمكن أن تقع في أيدي طالبان، إلا أنهم قللوا من مثل ذلك الاحتمال.
الحل لا يبدو بسيطًا، وخصوصًا أن البلاد تعاني من أزمة اقتصادية خطيرة، وأبعدُ ما تكون عن الاستقرار السياسي؛ فزرداري غيرُ محبوب من الباكستانيين، ويتعرض للكثير من الانتقاد، وحكومته تعتمد على أصوات الأحزاب الصغيرة.
سلطة الجيش
الوضع الحالي هو تتويجٌ لسنوات كثيرة من تعامُل رجال السلطة الباكستانية مع أمريكا، وإفرازٌ للاضطرابات والمنافسات الإقليمية. إجمالًا فإن باكستان، التي يوجد فيها نحو ثمانين لغة، هي في النهاية يسيطر عليها الجيش والمخابرات، وأنشئت في عام 1947 خلال تقسيم امبراطورية الهند حين كانت تحت الاحتلال البريطاني، حيث انفصلت باكستان، وانتقل إليها مسلمو الهند لتحكمهم الشريعة، إلا أنها منذ ذلك الوقت وحتى الآن لم تطبَّق.
ويتمتع الجيش الباكستاني بنفوذ كبير؛ حيث يستوعب ما يصل إلى 75 ٪ من ميزانية البلاد، ليصبح دولة داخل الدولة، ولم يتردد الجيش في القيام بدور سياسي في الظل أو في العلن، بواسطة حكم الجنرالات، حيث أطاح بالعديد من الحكومات، وهدد الكثير من السياسيين، وهاهو يتدخل ليضع حدًا لنفوذ طالبان. حتى إن الباكستانيين يتداولون بينهم مثلًا يقول: إنه "إذا كان لكل بلد جيش؛ ففي باكستان، يمتلك الجيش بلدًا".
الأرجح أن يتمكن الجيش من السيطرة على مدينة سوات، لكن ذلك لن يعنيَ القضاءَ على طالبان، تمامًا مثلما فعل الجيش الأمريكي حين احتل أفغانستان، وفشل في القضاء على طالبان فيها. مما سيزيد الاضطراب في المنطقة الملتهبة، وسيضيف إليها العديد من مخيمات اللاجئين الفارين من نيران المعارك التي جاءتهم هذه المرة من جيش بلادهم.
أزمة اللاجئين
يأتي ذلك في الوقت الذي أطلقت فيه المفوضية الدولية العليا لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، نداءً ناشدت فيه المجتمعَ الدولي تقديم دعم مالي لإغاثة اللاجئين الذين قدرتهم حتى الآن بأكثر من مليون وتسعمائة ألف شخص، بينما تقدِّرُه الحكومة الباكستانية بما لا يقل عن 2.5 مليون شخص.
ويزداد عدد المخيمات ويتضخم عبر ماردان ومنطقتي سوابي وشارسادا المجاورتين في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي، وبحسب وكالة الأمم المتحدة للاجئين فإن القتال يُسفر الآن عن واحد من أكبر حالات التشرُّد في العالم.
وبدأت التداعيات الإنسانية للحملة العسكرية في إثارة المخاوف بين المسئولين في الجيش والحكومة الذين يخشَوْن من أن الرأي العام، الموالي اليوم، ربما يتحول بشكل سلبي إذا ما تفاقمت الأزمة الإنسانية. وصرح مسئول بارز بالاستخبارات الباكستانية في إسلام آباد قائلًا: إن أزمة اللاجئين يمكن أن تمارس ضغوطًا على الجيش، وتحمله على وقف عملياته.
ويقول اروي سيفي، كبير منسِّقي الطوارئ بمكتب المفوضية العليا لشئون اللاجئين: إن الوضع في وادي سوات أسوأ مما كان عليه الحال عام 1994، عندما أجبرت الحرب الأهلية نحو 700 ألف شخص على الفرار من منازلهم، مضيفًا أنه من غير الممكن أن يعود هؤلاء اللاجئون إلى منازلهم قبل مُضِيِّ عامين على الأقل، في ظل الظروف الراهنة. وبينما يعاني اللاجئون بالفعل في مخيماتهم فإنه ما لم تُتَّخَذُ إجراءاتٌ سريعة ومنسَّقة من قِبَل الحكومة فإن الوضعَ سيزداد سوءًا كلَّ يوم.
المصدر: الإسلام اليوم