دعوى الشّدّة عند السّلفيّين

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

أم البتول مارية

:: عضو مُشارك ::
إنضم
19 ماي 2009
المشاركات
119
نقاط التفاعل
84
نقاط الجوائز
7
هي مناقشة جميلة بين الشيخ الألباني رحمه الله و بين أحد

الطلاب [لمن له النفس الطويل في القراءة].

السؤال:

فضيلة الشيخ! هناك سؤال في مجال الدعوة، يقول: الرفق والسماحة ولين الجانب من السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم، فهل توفر الرفق واستعماله واجب في الدعوة أم مستحب؟
الجواب:
واجب

السائل: السؤال له مغزى وله هدف.

الشيخ: طبعاً؛ وراء الأكمة ما وراءها.

السائل: السلفيون بشتى أصنافهم مشهورٌ عنهم -وقد يكون صحيحاً- الشدة في نشر الدعوة وقلة الرفق، فهل ترى أن هذا صحيحٌ -وهذا ما أراه أنا- وما هو تعليقك على ذلك؟ الشيخ: أولاً في كلامك ملاحظة، وهي قولك: وقد يكون صحيحاً.

السائل: قلت: فهل تراه صحيحاً.

الشيخ: أولاً: قلتَ: وقد يكون صحيحاً، أي: ما يقال عنهم من الشدة؟ السائل: معذرة.

الشيخ: قلت هذا؟ السائل: نعم، وأرجو المعذرة.

الشيخ: فهنا الملاحظة، نحن نلفت نظر إخواننا حينما يتكلمون بمثل هذا الكلام، نقول: هذا الكلام للسياسيين، وقد لا يعنونه، لكنه:

إن الكلام لفي الفؤاد وإنما جعل اللسان على الفؤاد دليلاً

فحينما يقول المتكلم في أمر ما: قد يكون كذا، فيقابله: قد لا يكون كذا، فهنا يَرِدُ على سؤالك أمران اثنان، وبعد ذلك نتابع الجواب: هل أنت متأكد من هذا الذي يقال: إن السلفيين لا لين عندهم وإنما الشدة هي نبراسهم أو هي منهجهم؟ وأنت فتحت لي باب هذا السؤال؛ لأنك قلت: وقد يكون صحيحاً! السائل: يا شيخ! أنا قلت: معذرة من قولي: قد يكون.

الشيخ: هكذا؟ السائل: نعم.

الشيخ: إذاً نسمع الكلام الصحيح، ما هو؟ السائل: هل أعيده؟ الشيخ: لا تُعده لأنه خطأ، وإلا من ماذا تعتذر، تعيد على الوجه الصحيح بدون (قدقدة)، هل كلامي واضح؟ السائل: نعم.
الشيخ: تفضل.
السائل: السؤال من أوله.
الشيخ: لا بأس، وهذا لك الخيار فيه.
السائل: نحن قلنا -وأنت أجبت وهذا حاصل- أن الرفق، والسماحة، ولين الجانب، واجب في الدعوة، وأنا سؤالي عن الدعوة ليس عن الأمور الشخصية أو الحياتية، كما ذكرت أنه يجب توفر اللين والرفق في الدعوة والرفق بالناس المدعوين، فالسلفيون مشهور عنهم -فيما أراه أنا- الشدة وقلة الرفق في الدعوة، فهذا رأيي أنا، فما هو رأيك؟ الشيخ: أنت منهم؟ السائل: أرجو ذلك.

الشيخ: أنت منهم، هل أنت سلفي؟ السائل: نعم.
الشيخ: إذاً: هل أنت من هؤلاء السلفيين المتشددين؟ السائل: لا أزكي نفسي، أنا أقصد سمة بارزة لهم.
الشيخ: القضية الآن ليست قضية تزكية، بل قضية بيان واقع، وقلنا: إنك الآن تثير هذا السؤال من أجل التناصح، فأنا عندما أسألك: هل أنت من هؤلاء المتشددين؟ ما يرد هنا موضوع (أنا لا أزكي نفسي)، لأنك تريد أن تبين الواقع، بمعنى أنك لو سألتني هذا السؤال لقلت لك: أنا فيما أظن لست متشدداً، وأنا لا أعني أنني أزكي نفسي؛ لأني أخبر عن واقعي، ففكر في السؤال.

السائل: نعم -يا شيخ- وجوابي مثل جوابك.

الشيخ: إذاً: لا يصح أن نطلق أن السلفيين متشددون، والصواب أن نقول: بعضهم متشددون، فإذاً نقول: إن بعض السلفيين عنده أسلوب في الشدة، لكن تُرى هل هذه الصفة اختص بها السلفيون؟ السائل: لا.

الشيخ: إذاً: ما الفائدة وما المغزى من مثل هذا السؤال؟ ثانياً: هل اللين الذي قلنا أنه واجب، هل هو واجب دائماً وأبداً؟ السائل: لا.

أسباب وصف السلفيين بالشدة

الآن: حينما يتهم السلفيون بعامة أنهم متشددون، ألا ترى أن السلفيين بالنسبة لبقية الطوائف والجماعات والأحزاب هم يهتمون بمعرفة الأحكام الشرعية وبدعوة الناس إليها أكثر من الآخرين؟ السائل: لا شك في ذلك.

الشيخ: بارك الله فيك! إذاً بسبب هذا الاهتمام الذي فاق اهتمام الآخرين من هذه الحيثية، فإن الآخرين يعتبرون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -ولو كان مقروناً باللين- شدة، بل بعضهم يقول: هذا ليس زمانه اليوم، بل بعضهم غلا وطغى وقال: البحث في التوحيد يفرق الصفوف اليوم.

فإذاً: بارك الله فيك! الذي أريد أن أصل معك إليه هو: أن القضية نسبية، فهناك إنسان ليس متحمساً للدعوة -وخاصة للدخول في الفروع التي يسمونها القشور أو أموراً ثانوية- فهو يعتبر البحث ولو كان مقروناً بالأسلوب الحسن؛ يعتبره شدة في غير محلها.

ولا ينبغي وأنت سلفي -مثلنا- أن تشيع بين الناس -ولو بين هؤلاء الناس القليلين الآن- وتذكر أن السلفيين متشددون؛ لأننا اتفقنا أن بعضهم متشدد، وهذا لا يخلو حتى من الصحابة، ففيهم اللين وفيهم المتشدد، ولعلك تعرف قصة الأعرابي الذي بال في المسجد فهمَّ الصحابة بضربه، هذا لين أم شدة؟ السائل: شدة.

الشيخ: لكن قال لهم الرسول: دعوه، فإذاً قد لا يستطيع أن ينجو من الشدة إلا القليل من الناس، لكن الحق هو أن الأصل في الدعوة أن تكون على الحكمة والموعظة الحسنة، ومن الحكمة أن تضع اللين في محله والشدة في محلها.

أما أن نصف خير الطوائف الإسلامية، التي امتازت على كل الطوائف بحرصها على اتباع الكتاب والسنة، وعلى ما كان عليه السلف الصالح بالشدة، هكذا على الإطلاق؟ ما أظن هذا من الإنصاف في شيء، بل هو من السرف.

أما أن يقال: فيهم من هو متشدد؛ فمن الذي يستطيع أن ينكر؟ ما دام أن من الصحابة من كان متشدداً في غير محل شدة، فأولى وأولى في الخلف من أمثالنا -خلف بالمعنى اللغوي- بأن يوجد فينا متشدد، ثم الآن نتكلم عن شخص بعينه، هب أنه هين لين، هل ينجو من استعمال الشدة في غير محلها؟ السائل: لا، أبداً.

الشيخ: فإذاً: بارك الله فيك! القضية مفروغ منها، فإذا كان الأمر كذلك فما علينا إلا أن نتناصح، فإذا رأينا إنساناً وعظ ونصح وذكّر بالشدة في غير محلها ذكرناه، فقد يكون له وجهة نظر، فإن تذكر فجزاه الله خيراً، وإن كان له وجهة نظر سمعناها منه وينتهي الأمر.
 
رحم الله شيخنا الالباني واسكنه فسيح جناته
قال شيخنا الألباني رحمه الله طالب الحق يكفيه دليل وصاحب الهوى لا يكفيه الف دليل الجاهل يتعلم وصاحب الهوى ليس لنا عليه سبيل

حفظكي الباري اختاه ورعاكي
 
جزاكم الله خيرا وبارك الله فيكم .

رحم الله الشيخ الألباني وأسكنه فسيح جناته .
 
اشكرا على الموضوع الرائع بارك الله فيك
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top