
لا شىء يوحى بان اليوم يحمل اى مفاجأة.. ..فكل شئ على ما يرام صباح مثل اى صباح يسلب من عمرنا يوم اضافى ويقربنا يوم آخر من الموت ...استيقظ من النوم وانظر فى اللاشئ واحاول ان انجز كل كل التفاصيل اليومية المملة ولا انسى ان انظر الى الساعة كل ثانية متمنيا ان اوقف الزمن ولو دقائق حتى لا اتأخر ....ز.وماذا لو تأخرت؟؟!!
وتأخذنى الخطوات فى صمت وهدوء حتى اصل الى الميدان الذى لم يكن افضل حالا من اى يوم خر فالزحام يسيطر على كل شئ والضجيج يكاد ان يمحو كل ذكريات الصمت والهدوء ....ومرت الدقائق ككل يوم حتى كدت ان اخترق الزحام بل واخرج منه
ثم ثم رأيتها...فتاة غريبة غريبة فى كل شئ لا تتجاوز الخامسة والعشرين ولكن تعبيرات وجهها تدل على انها امرأة عجوز ....
تقف فى وسط الزحام صامتة تكاد تكون هى الشئ الوحيد الصامت فى وسط هذا الكيان المزعج....تحمل فى يديها لافتة كبيرة ترفعها فى شموخ مكتوب عليها كلمة واحدة فقط " تائهة ".
تقدمت نحوها فى فضول شديد حتى اصبحت امامها تماما وتأملتها وهى تنظر الى كل ما حولها وسألتها" هل يمكن ان اساعدك؟ " فنظرت لى واشارت بعينها الى اللافتة ....فقلت لها "الى اين انت ذاهبة؟ وانا سوف...." ........فقاطعتنى كاسرة
حاجز صمتها " تائهة.....تائهة انا ....لا اريد ان اذهب الى مكان او ان اعود الى آخر ...انا تائهة بمحض ارادتى واذا كنت تريد ان
تساعدنى كما تزعم فلتتوه معى "
فقلت لها فى ذهول : "لا افهم "
فاكملت قائلة " انا تائهة من كل الاشياء وكل الاشخاص ....تائهة من زمن لم يعد زمنى ومكان طالما ضاق بى .....من افكار
كادت ان تدمرنى ....فكرت كثيرا ووجدت ان الحل الوحيد هو ان اتوه... ان اتمرد .....ان اخرج عن هذا المجتمع"
سألتها " لماذا؟ "
فردت بحسرة " لن اسرد لك سلبيات وعيوب واشياء تعرفها وتعيشها كل يوم ....لن احاول حتى ان اذكر نفسى بواقع انت وانا جزء منه ...فانت تعرف كل شئ .....تحاول ان تخدع نفسك مقنعا اياها بان الحياة سوف تتحسن ...والحقيقة انك تسير
نحو نهايتك تاركا الحياة كما هى .....ولكنى بما قررت ان افعل احاول ان اكون صدمة لهذا المجتمع السخيف....لا تنكر انك فكرت فى ان تتوه انت الآخر ولكنك ترددت ...وهاهى جاءت الفرصة " ......ثم انحنت والتقطت لافتة آخرى مكتوب عليها" تائه "
ومدت يدها بها الى .....ونظرت لى ....فاخذت منها اللافتة فى صمت ورفعتها....