قمت بجمع بعض المعلومات لحكام وشخصيات سياسية فاعلة
مع فتح القائمة للجميع لاظافة شخصيات اخرى
بالتوفيق
=======
أحمد أسعد الشقيري
1908 ـ 1980م
ولد في قلعة تبنين، جنوب لبنان. وانتقل إلى عكا ليعيش في كنف والده بعد وفاة والدته.. وعُرِف منذ صغره بحبه للغة العربية والقرآن الكريم.
أسّس مع رفاقه «جمعية الوحدة العربية». طُرِد من بيروت وهو شاب ، فانتقل إلى القدس، ودخل معهد الحقوق الفلسطيني هناك، ثم دخل سلك المحاماة.
كتب في الصحف الفلسطينية عن الوحدة العربية، والخطر الصهيوني، والإستعمار الإنجليزي الذي يُهيمن على فلسطين، وكانت نتيجة ذلك أن نفته السلطة المحتلة إلى قرية الزيت الفلسطينية في إقامةٍ جبريةٍ.
انتقل بعد نكبة 1948 للعمل العربي، فاختير مساعداً ـ ثم أميناً ـ لعبد الرحمن عزام، الأمين العام للجامعة العربية.
كان من دعاة الوحدة العربية الأوائل.
وعندما تأسّست منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964م، كان أوّل رئيس لهذه المنظمة. وأنشأ جيش التحرير الفلسطيني، ثم أنشأ قوة فدائية بإسم قوات التحرير الشّعبية، قامت بعملياتٍ ناجحةٍ في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبقي فيها حتى 24/12/1967 .
من آثاره: قضايا عربية دفاعاً عن فلسطين والجزائر، 1962؛ فلسطين على منبر الأمم المتحدة، 1962م؛ مشروع الدولة العربية المتحدة، 1967.
===========
أحمـد طبّـاره
1870 ـ 1916م
هو ابن حسن طباره، وُلِدَ الشّهيد المُترجِم في بيروت ، وتلقّى عُلومه على أعلام عصره، فكان خطيباً لجامع النوفرة، وساهم كثيراً في الإصلاح والوعظ والإرشاد. دخل مُعترك الصِّحافة، فحرّر جريدة "ثمرات الفنون". وفي 22 أيلول/سبتمبر سنة 1908، أصدر جريدة "الإتحاد العثماني"، فكانت في طليعة الجرائد البيروتيّة. شارك في عواملَ كبيرةٍ من النّهضة العلمية والأدبية، وقد تفنّن بأساليب السيّاسة ووقف قلمه البليغ لمقاومة رجال العهد التركي.
في عام 1913، كان عضواً في المؤتمر العربي اللاّمركزي الذي عُقِدَ في باريس وأمينًا له ؛ وألقى، أثناء انعقاده، محاضرةً ضدّ السياسة التّركية، نزلت كالصّاعقة على رجال الحكم العثماني.
وأحمد طبارة مُؤسّس أوّل مطبعةٍ إسلاميّةٍ في بيروت، طبع فيها معظم ما ظهر من الأشعار والدّواوين في عهد الدّستور العثماني. وكان أديباً وناثراً مجيداً. ورغم مهامه في الشّؤون الصِّحافية والسّياسية، فقد وضع سلسلة من الكتب العلمية والمدرسيّة، لا تزال تُدرَّس حتّى اليوم في المدارسَ الأهلية.
ومن آثاره المعروفة كتاب "فتح الرّحمن لطلاب آيات القرآن" تجلّت في معانيه مواهبه الأدبيّة، ونشر مصوَّراً لكتاب "كليلة ودِمنة".
لما نشبت الحرب العالمية الأولى سنة 1914، زُجّ طبارة بالسجن ثم حُكِمَ عليه بالإعدام شنقاً، فكان في عداد شهداء القافلة التي أُعدِمَت في ليل 6 أيّار/مايو. وقد أبدى شجاعةً وصبراً وهو يُردّدُ قول الشّاعر العراقي جميل صدفي الزّهاوي:
وإنّ الذي يسعى لتحرير أمّةٍ يهون عليه السّجن والنّفي والشّنق
===========
أحمد عَرابي
1841 ـ 1911م
أحمد بن محمد وافي بن محمد غنيم عرابي الحسيني، المصري. زعيم الثورة العرابية. ولد بقرية هرية رزنة بمديرية الشرقية، وجاور في الأزهر سنتين، ثم انتظم جندياً في الجيش، وبلغ رتبة لواء، وصار وزيراً للحربية، ثم نُفيَ إلى جزيرة سيلان حيث مكث 19 عاماً، وعاد إلى القاهرة، فتوفي فيها في 18 رمضان.
من آثاره: مذكرات الثورة العرابية.
==========
الماوردي
974 - 1058م
وُلِدَ الماوردي سنة 364 للهجرة في البصرة، لكنه قضى الشطر الأكبر من حياته في بغداد، حيث توفّي سنة 450 للهجرة، أي بعد زوال البويهييّن ودخول السلاجقة بغداد بنحو ثلاث سنين.
عَمِلَ الماوردي في ظل العباسييّن قاضيًا، كما كان له منصب هام في البلاط العبّاسي أيام الخليفَتين القادر بالله والقائم بالله اللّذين حكما بين سنتي 381 و467 هجرية (991-1075 م). وللماوردي الفقيه السّني كتب كثيرة، منها: "الأحكام السّلطانية"، "قوانين الوزارة وسياسة الملك".
في كتاب "الأحكام السلطانية" ينطلق الماوردي من نقطةٍ ألا وهي إن الجماعة بحاجةٍ إلى مَن يسوس أمورها ويدبّر شؤونها. والخلافة هي المؤسسة التي قامت بذلك من قبل، وهي التي يجب أن تستمرّ بالقيام بذلك. ولكنه لم يشر إلى الدولة العباسية بالذات، أي إنّه لم يذكر أنه يدافع عنها. فالخلاقة مستمرة منذ أن انتقل النبي عليه الصلاة والسّلام إلى الرّفيق الأعلى، وذلك بقطع النظر عن كيفية وصول الخليفة إلى منصبه، وهذه الخلافة السّنية مستمرة، والخلافة العباسية يتمّ أمرها إذ تكون في سياق هذه الخلافة. ثم ينتقل إلى ما يسميه "مقاصد الخلافة" بقوله "إن الخلافة أو الإمامة موضوعة لخلاف النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا. فالخليفة هو الذي يؤكّد على الجماعة أن تُنفّذ الحقوق الإلهية بالنسبة لله وحقوق العباد في هذا المجتمع الذي يعيش فيه المسلمون. والخليفة هو الرأس الأعلى للدولة، وعليه النظر في شؤون القوم الدينية والدنيوية جميعها، عبر المؤسسات التي نشأت في ظلال المؤسسة الأولى والرئيسة، أي الخلافة".
أما الوزارة، فقد كان المقصود منها أن يستعين الخليفة بأصحاب النظر والمعرفة في إدارة شؤون الدولة. ويُصنّف الماوردي الوزارة صنفين: وزارة التنفيذ: وهي التي يكون فيها الوزير مُنفّذا لأوامر الخليفة وليس له سلطة خاصة، ووزارة التفويض: وهي التي يتنازل الخليفة فيها عن شؤون الدولة إلى وزيره.
أما كتاب "قوانين الوزارة وسياسة الملك"، فهو مثل الأحكام السّلطانية، تملكه النزعة الخلقية الرفيعة التي كان الماوردي يأمل في وجودها. والكتاب نصائح عامة وآراء علمية فيها الكثير من الإتّزان الذي يطغى على كُتُب الماوردي. وبعض الأمور الواردة في "قوانين الوزارة وسياسة الملك" وُرِدَت بطبيعة الصّلة بين الكتابين، وهي الأحكام السلطانية، ولو بثوب آخر. لكن الأمر الذي لا يجوز أن يغرب عن البال هو أنّ الماوردي في الأحكام السلطانية يعني بالإمامة أو الخلافة، وهي رئاسة الأمة أو الجماعة المطلقة. ويدافع عنها كي لا تُفْقَد الجماعة في خضمَ ما كان يحيط بالعالم الإسلامي، من الداخل والخارج، من صراعات ونزعات وهجوم وافتِئات على السلطة المركزية، السند الأوّل لوجودها، وهو الإمامة أو الخلافة.
============
الـوليد بن عبد المـلك
تو. 96هـ
الوليد بن عبد الملك، الخليفة الأموي. بُويِعَ له يوم مات والده سنة86 هـ. وفي أيّامه كثرت فتوحات المسلمين في إسبانيا، وولى الحجاج خراسان مع العراق، فتغلغل في بلاد الترك ودخل قائده مسلمة بن عبد الملك بلاد الروم وفتح محمد بن القاسم بلاد الهند.
==============
الياس الهراوي
1926م ـ
سياسيّ لبناني. وُلِدَ في حوش الأمراء في منطقة زحلة اللّبنانية. عضو مجلس النواب(1972 ـ 1989م). رئيس الجمهورية اللّبنانية (1989م) خلفاً للرّئيس رينيه معوّض الذي اغتيل بعد أيّامٍ من انتخابه.
في نهاية ولايته عام 1995، عُدِّلت المادة 149 من الدّستور لصالح التّمديد للرّئيس الهراوي لمدّة ثلاث سنواتٍ جديدةٍ.
شهد عهد الهراوي تفكيكًا للقوّة المتصارعة في لبنان ومحاكمات للذين رفضوا الإنتقال بهدوءٍ من منطق القتال إلى منطق الدّولة. كما شهد عهده استعادة لبناء الدّولة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وعودةً لبعض المهجّرين إلى قراهم ومنازلهم، مُستفيدًا من العلاقة الوثيقة التي أقامها مع سوريا.
==========
بشـارة الخـوري
1890 ـ 1964 م
بشارة بن خليل بن بشارة الخوري. أوّل رئيس لجمهورية لبنان، بعد استقلاله. ولد في بيروت ومات فيها. تعلم فيها ثم في باريس، حيث حصل على شهادة الحقوق سنة 1912 واحترف المحاماة.
لجأ الخوري إلى مصر في أوائل الحرب العالمية سنة 1915 خوفاً من الترك، وعاد بعد الحرب1919 يعمل في المحاماة. شارك في تأليف حزبٍ سياسيٍ، سُمّي بالكتلة الدّستورية.
عُيِّن الشيخ بشارة في عهد الإنتداب الفرنسي وزيراً للداخلية فرئيساً للوزراء ثلاث مرات، وانتُخِب نقيباً للمحامين، وانتُخِب رئيساً للجمهورية. اعتقله الفرنسيون مع رئيس الوزراء رياض الصلح وغالبية الوزراء، واقتادوهم إلى قلعة راشيا، وذلك في 11 تشرين الثاني عام 1943. وإثر المظاهرات الصاخبة التي عمّت مختلف المناطق اللبنانية، أُفرِجَ عن الرئيس ووزرائه في 22 من الشهر نفسه، واعتُبِر ذلك اليوم عيدًا وطنيًا يَحتفلُ به لبنان شعبيًا ورسميًا، وفيه اعترفت سلطات الإنتداب الفرنسي باستقلال لبنان.
عندما انتهت ولاية الرئيس بشارة الخوري عام 1949، جدّد مجلس النواب ولايته لِسِت سنوات جديدة، وسط معارضةٍ واسعةٍ أدّت إلى استقالته عام 1952.
أصدر بشارة الخوري في عهد رئاسته مجموعة خطاباته في ثلاثة أجزاء. وبعد رئاسته أصدر جزأين من مذكّراته بإسم "حقائق لبنانية".
==========
جمال عبد الناصر
1918- 1970م
ولد جمال عبد الناصر في مدينة أسيوط بمصر ودرس في كل من الإسكندرية والقاهرة. التحق بالكلية الحربية عام 1937 ورُقّي إلى رتبة ضابط في عام 1939. عمل بسلاح المشاة في أسيوط ثم في الإسكندرية. عُيِّن مدرّساً في الكلية الحربية ثم بكلية الأركان. شارك في حرب فلسطين عام1948. بدأ يخطط للثورة ضد الفساد، فشرع بتنظيم جماعة الضباط الأحرار الذين قاموا بالثورة في 23 تموز/يوليو سنة 1952.
في عام 1954 عُيّن رئيساً للوزراء وكان قد عُيّن قبل ذلك بسنةٍ وزيراً للداخلية ونائباً لرئيس الوزراء.
أجلى القوات البريطانية عن قناة السويس بعد استعمار دام ثلاثة أرباع قرن. وفي عام 1956، أمّم القناة على إثر انسحاب البنك الدولي وأمريكا وإنكلترا من تمويل بناء السدّ العالي. وفي العام نفسه، وقف عبد الناصر في وجه العدوان الثلاثي الفرنسي-الإنكليزي-الإسرائيلي الذي شنّوه على مصر كردّ فعل على تأمين القناة.
تكرّست زعامة الرئيس عبد الناصر بعد صدور قرار من هيئة الأمم المتحدة يقضي بانسحاب الجيوش المعتدية.
في فبراير/شباط سنة 1985 قامت وحدة بين مصر وسوريا ثم قام اتحاد فيدرالي بين الجمهورية الجديدة واليمن. وفي عام 1963م وقّع ميثاق الوحدة بين العراق وسوريا ومصر. وفي عام 1961م، أصدر قرارات إشتراكية جديدة، أنزلت الحد الأعلى للمُلكية الزراعية إلى مائة فدّان وأمّمت المؤسسات الكبيرة وتنصّلت مصر من كل الإتّفاقات السابقة وخاصة مع إنكلترا وفرنسا؛ ونال الفلاحون والعمال مزايا خاصة. وفي مايو/أيار سنة 1962م صدر ميثاق الثّورة الذي أقرّه المؤتمر الوطني لقوى الشعب العاملة وفيه تحديد واضح للإيديولوجية الثورية ولدور الشعب سياسياً وإجتماعياً.
ساند عبد الناصر ثورة الجزائر ما بين سنة 1954 و1961 على الإستعمار الفرنسي، كما ساند ثورة اليمن على حكم الأئمّة سنة 1962.
بعد هزيمة حزيران 1967 قام تقاربٌ مصري-سوداني ومصري-ليبي بعد أن تسلّم كل من العقيد القذّافي الحكم في ليبيا وتسلّم جعفر النّميري الحكم في السودان. دعم الرّئيس جمال عبد الناصر هاتين الثورتين وقام بزيارة كل من ليبيا والسودان. وتفاءلت الجماهير العربية بهذا التقارب الذي أحيا الأمل في نفوس كثير من العرب بانبثاق فجرٍ جديدٍ من التعاون.
في سنة 1970 اشتعلت في الأردن فتنةٌ كبيرةٌ داميةٌ بين منظّمة التحرير الفلسطينية والجيش الأردني، مما استدعى عقد مؤتمر قمة عربي. فقطع الرئيس عبد الناصر إجازته التي كان الأطباء قد نصحوه بقضائها في مصيف مرسي مطروح الهادىء. وتوافد الملوك والرؤساء العرب إلى القاهرة لمدارسة الوضع ما بين 22/28 أيلول/ سبتمبر. أوفد المؤتمر لجنة برئاسة جعفر النميري لإجراء المصالحة بين الفريقين. وبعد فشل هذه المحاولة، طلب الملك حسين الحضور إلى القاهرة للمشاركة في أعمال المؤتمر؛ وبعد جهود مضنية بذلها عبد الناصر، تمّ وضع صيغة اتفاق القاهرة لحلّ الأزمة. التقط العرب أنفاسهم بعد هذه الأيام العصيبة، وظهر أثر ذلك الإرتياح على الرّئيس جمال عبد الناصر؛ إلا أنه لم يدم طويلاً، فقد اكتشف الأطباء وقوع أزمة قلبية حادة للرئيس عبد الناصر، نتيجة الجُهد المضني المتواصل الذي بذله، والتي أسلم على أثرها الرئيس روحه لربه بعد ساعات قليلة.
قوبل موت الرئيس عبد الناصر بألمٍ وحزنٍ عميقين في كل أنحاء الوطن العربي وفي العالم الإسلامي وفي العالم أجمع. لما كان يتمتع به من خصالٍ كريمةٍ وحكمةٍ سياسيةٍ عاليةٍ، وخصوصاً توجهه وعمله الدّؤوب من أجل إقامة الوحدة العربية الشاملة التي طالما حلم بها وعمل من أجلها ومات بسببها.
==============
الشيخ كامـل القصـاب
1873- 1954
هو محمد كامل بن أحمد بن عبد الله آغا القصاب. ولد بحي العقيبة بدمشق عام 1873، ومنبت أسرته حمص، استوطنت أسرته دمشق قبل قرنين، وعملت بالتجارة. نشا محمد يتيماً حيث توفي والده وهو في السابعة، فكفله جده لأمه المشهور بأبي علي كريم.
قرأ محمد كامل القصاب في الكتاتيب، وتعلم قراءة القرآن الكريم وحفظه وجوّده. ثم تلقى مبادئ العلوم العربية والفقهية عن شيوخ عصره، فلازم الشيخ عبد الحكيم الأفغاني، حيث قرأ عليه الفقه حتى برع فيه، وسمع الحديث من المحدث الشيخ بدر الدين الحسني، وتضلع فيه، وأخذ عن الشيخ أمين الأرناؤوط وغيره علوم العربية بفروعها.
ولما بلغ الخامسة والعشرين سافر إلى مصر والتحق بالجامع الأزهر، وحصل على الشهادة العالمية، وخلال ذلك تلقى علم التفسير على الشيخ محمد عبده، كما تلقى على الشيخ محمد بخيت مفتي مصر وعلى أمثالهما.
كان القصاب ذا عمل دؤوب، عُرف في صباه بالفتوة والمروءة والغيرة على أهل حيه، مما يذكر له بالحمد والثناء. كريم الأخلاق، ناضج الرأي براً بأصدقائه، لا يألو جهده فيما فيه صلاح أمته، دائم التفكير بها، يحب العلماء. وأبرز ما في صفاته نضاله في سبيل رفعة شأن أمته، وسعيه في مجال نشر العلم والثقافة. وبعد عودته من الأزهر رأى الدولة العثمانية تنهار، فأسس مع عبد الغني العريسي وتوفيق البساط وعارف الشهابي وغيرهم من رجالات العرب جمعية العربية الفتاة السرية.
اشتغل القصاب بالتعليم في مدارس ابتدائية أهلية مدة يسيرة، ثم أسس (المدرسة العثمانية) صارفاً عليها من ماله ووقته في سبيل إنشائها، وهي مدرسة أهلية في حي البزورية عرفت باسمه (المدرسة الكاملية)، وتولى إدارتها ما يقرب من ربع قرن، تخرج منها رجال بارزون، وغدت مفخرة البلاد، وقدرتها الدولة العثمانية كل التقدير، فقبلت من يحمل شهادتها في كليتي الطب والحقوق وغيرها دون فحص ولا اختبار، وكان يختار لها أساتذة من الاختصاصين في شتى العلوم، واشتهر بحزمه وجده في إدارته.
انتدبه الوطنيون للسفر إلى مصر والاجتماع بأقطاب حزب اللامركزية كالشيخ رشيد رضا ورفيق العظم وغيرهما من الذين يرغبون تحرر البلاد العربية من الأتراك، والاتفاق على خطط العمل. وبعد وصوله إلى دمشق بشهر واحد قبض عليه الأتراك، وأرسلوه إلى سجن عالية، وبعد سجنه أربعين يوماً حاكمه جمال باشا بنفسه، واستطاع بجرأته وبلاغتة إقناعه ببراءته من تهمة الاشتغال بالسياسة، وبأن سفره إلى مصر كان لأسباب ثقافية تتعلق بالمدرسة، فأطلق سراحه وعاد إلى دمشق.
وعندما بطش الاتحاديون بالزعماء الوطنيين، سافر القصاب إلى بلاد الحجاز، فنزل ضيفاً على الشريف حسين بن علي الذي أقبل عليه واهتم به وولاه رئاسة مجلس المعارف مع إدارة مدرسة ثانوية كانت مثال التعليم الصحيح والتربية العالية، وبقي هناك سنة ونصف السنة، وقد حكم عليه الاتحاديون بالإعدام غيابياً.
وبعد قيام الثورة العربية انتقل إلى مصر لأن العمل السياسي فيها أرحب مجالاً من الحجاز، وهناك أسس حزب الاتحاد السوري، وبقي يكافح من أجل القضية الوطنية حتى وضعت الحرب أوزارها.
وبعد الحرب عاد القصاب إلى دمشق، وأسس فيها اللجنة الوطنية العليا للدفاع عن حقوق البلاد، وكان من المؤيدين للعهد الفيصلي. ولما دخل الفرنسيون سوريا حكموا عليه بالإعدام غيابياً أيضاً، بسبب تحريضه الناس وجمعهم للتوجه إلى ميسلون، فهرب إلى حيفا، وهناك أنشأ مدرسة بالاشتراك مع عز الدين القسام، وكان عمله فيها كعمله بمدرسة دمشق التي تركها وعليها ولداه يرعيان شؤونها.
وخلال هذه الفترة تنقل بين فلسطين ومصر يعمل للقضية الوطنية، وسافر إلى اليمن، وقابل الإمام يحيى حميد الدين سنة 1922 لجمع كيان العرب، وفي سنة 1925 استدعاه الملك عبد العزيز آل سعود إلى مكة المكرمة وعهد إليه بمديرية معارف الحجاز، فأسس خلال سنة ونصف ثلاثين مدرسة في أنحاء مختلفة من الحجاز، وهناك أصيب بالزحار وأشرف على الهلاك، فسافر إلى فلسطين للتداوي، وشفي من مرضه بعد علاج طويل دام عشر سنوات.
وفي سنة 1937، عاد محمد كامل القصاب إلى دمشق بعد صدور العفو العام، ورأى مدرسته قد تضاءل شأنها، وقل طلابها إذ مالوا إلى مدارس الحكومة التي قررت وزارة المعارف وقتئذ ألا تقبل إلا شهادتها لدخول الجامعة، فأحب أن يخدم البلاد عن طريق نهضة العلماء، بعد أن فشلت مساعيه مع ساسة العرب، فأسس بطلب من أهل العلم جمعية العلماء التي نالت تصريحاً رسمياً من وزارة الداخلية في 8 تشرين الثاني 1937، ومهمتها دفع ما تعرض له الإسلام من إلحاد وإفساد ومقاومة، وكانت تحت رئاسته، وقد بلغ عدد مؤسسيها واحداً وعشرين عضواً، ووضع لها دستوراً يبّين غايتها، ونظامها الداخلي المفصل، وطرق تمويلها، ونص الدستور على أن غاية الجمعية الاهتمام بشؤون المسلمين ومؤسساتهم الدينية، ورفع مستوى العلماء والمتعلمين، وجمع كلمتهم، والدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن لا دخل للجمعية بالشؤون السياسية.
كان من أبرز أعمال الجمعية إنشاء المعهد العلمي الديني بدمشق، واختير له الأساتذة الأكفاء، ووضع له برنامج يجمع بين الثقافتين الدينية والعصرية. كما فكرت الجمعية بتأسيس عدة مدارس أولية ذات صفين في جميع أنحاء المدينة لمكافحة الأمية، ومدارس ابتدائية ذات خمسة صفوف يتأهل فيها الطالب للدخول في صفوف القسم الثانوي من المعهد وفي المدارس التجهيزية.
كما كان للجمعية مواقف عظيمة إيجابية مؤثرة منها: إلغاء قانون الطوائف الذي وضعه الفرنسيون، وفي 10 شباط 1939 أرسلت الجمعية احتجاجاً شديد اللهجة بشأن قانون الطوائف المذكور إلى رئيس الجمهورية، والمجلس النيابي، والوزراء، والمفوض السامي، والمندوب السامي، وجمعية الأمم المتحدة، ولجنة الانتداب، ووزير الخارجية الفرنسي. وجاء في آخر الاحتجاج: "وجمعية العلماء تحمل الحكومة تبعة ما ينتج عن بقاء هذا القانون من أثر هياج المسلمين في سبيل دينهم وغيرتهم على أحكام عقائدهم". وقد أثر هذا الاحتجاج في الأوساط السياسية، فسقطت حكومة جميل مردم بسبب توقيعه على القانون. وكثرت مراجعات الجمعية على الحكومة، وانتقاداتها لها ومواقفها الشديدة فضاقت بها وضايقتها فأغلقت أبوابها. .
ترك من المؤلفات كتابين:
ـ ذكرى موقعة حطين (بالاشتراك).
ـ النقد والبيان في دفع أوهام خيزران (بالاشتراك).
أصاب كامل القصاب مرض في أخريات حياته، فلزم داره مدة طويلة، ثم ما لبث أن ألم به عارض في دماغه لم يمهله سوى ساعات ، وكان ذلك في عام 1954، وصادف يوم وفاته اضطرابات لعلع فيها الرصاص في سماء مدينة دمشق زمن الشيشكلي، فصلى عليه بضعة أفراد في بيته، وتسللوا بنعشه بين الأزقة، ودفنوه في قبر والده بمقبرة الباب الصغير بجوار الصحابي الجليل بلال الحبشي.
==============
أيوب والد السلطان صلاح الدين
توفي 568 هـ
أبو الشكر أيوب بن شاذي بن مروان الملقب الملك الأفضل نجم الدين والد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب.
قال بعض المؤرخين: كان شاذي بن مروان من أهل دوين ومن أبناء أعيانها والمعتبرين بها، وكان له صاحب يقال له: جمال الدولة المجاهد بهروز، وكان من أظرف الناس وألطفهم وأخبرهم بتدبير الأمور، وكان بينهما من الاتحاد كما بين الأخوين، فجرت لبهروز قضية في دوين، فخرج منها حياء وحشمة، وذلك أنه اتهم بزوجة بعض الأمراء بدوين، فأخذه صاحبها فخصاه، فلما مثل به لم يقدر على الإقامة بالبلد، وقصد خدمة أحد الملوك السلجوقية، وهو السلطان غياث الدين محمد بن ملكشاه، فوجده لطيفاً كافياً في جميع الأمور، فتقدم عنده وتميز، وفوض أحواله إليه، وجعله يركب مع أولاد السلطان مسعود إذا كان له شغل، فرآه السلطان يوما مع أولاده، فأنكر على اللال، فقال له: إنه خادم، وأثنى عليه وشكر دينه وعفافه ومعرفته، ثم صار يسيره إلى السلطان في الأشغال، فخفف على قلبه، ولعب معه بالشطرنج والنرد فحظي عنده، واتفق موت اللال، فجعله السلطان مكانه، وأرصده لمهامه، وسلم إليه أولاده، وسار ذكره في تلك النواحي، فسير إلى شاذي يستدعيه من بلده ليشاهد ما صار إليه من النعمة.
واتفق أن السلطان رأى أن يوجه المجاهد المذكور إلى بغداد والياً عليها ونائباً عنه بها، وكذا كانت عادة الملوك السلجوقية في بغداد يسيرون إليها النواب، فاستصحب معه شاذي المذكور، فسار هو واولاده صحبته، وأعطى السلطان لبهروز قلعة تكريت، فلم يجد من يثق إليه في أمرها سوى شاذي المذكور، فأرسله إليها، فمضى وأقام بها مدة وتوفي بها، فولى مكانه ولده نجم الدين أيوب، فنهض في أمرها، وشكره بهروز وأحسن إليه، وكان أكبر سناً من أخيه أسد الدين شيركوه.
ثم اتفق أن بعض الحرم خرجت من قلعة تكريت لقضاء حاجة، وعادت فعبرت على نجم الدين أيوب وأخيه أسد الدين شيركوه وهي تبكر، فسألاها عن سبب بكائها، فقالت: أنا داخلة في الباب الذي للقلعة، فتعرض إلي الإسفهسلار، فقام شيركوه وتناول الحربة التي تكون للإسفهسلار وضربه بها فقتله، فأمسكه أخوه نجم الدين أيوب واعتقله، وكتب إلى بهروز وعرفه صورة الحال ليفعل فيه ما يراه، فوصل إليه جوابه لأبيكما علي حق، وبيني وبينه مودة، ما يمكنني أن أكافئكما بحالة سيئة تصدر مني في حقكما، ولكن أشتهي منكما أن تتركا خدمتي، وتخرجا من بلدي، وتطلبا الرزق حيث شئتما. فلما وصلهما الجواب ما أمكنهما المقام بتكريت، فخرجا منها ووصلا إلى الموصل، فأحسن إليهما الأتابك عماد الدين زنكي لما كان تقدم لهما عنده، وزاد في إكرامهما والإنعام عليهما، وأقطعهما إقطاعاً حسناً، ثم لما ملك الأتابك قلعة بعلبك استخلف بها نجم الدين أيوب.
ولما توجه أخوه اسد الدين شيركوه إلى مصر لإنجاد شاور، كان نجم الدين أيوب مقيماً بدمشق في خدمة نور الدين محمود بن زنكي، ولما تولى صلاح الدين ولده وزارة الديار المصرية في أيام العاضد صاحب مصر، استدعى أباه من الشام، فجهزه نورالدين وأرسله إليه ودخل القاهرة لست بقين من رجب سنة خمس وستين وخمسمائة، وخرج العاضد للقائه إكراماً لولده صلاح الدين يوسف، وسلك معه ولده صلاح الدين من الأدب ماهو اللائق بمثله، وعرض عليه الأمر كله فأبى وقال: يا ولدي، ما اختارك الله تعالى لهذا الأمر إلا وأنت أهل له، ولا ينبغي أن تغير موضع السعادة، ولم يزل عنده حتى استقل صلاح الدين بمملكة البلاد.
ثم خرج صلاح الدين إلى الكرك ليحاصرها وأبوه بالقاهرة، فركب يوماً ليسير على عادة الجند، فخرج من باب النصر أحد أبواب القاهرة، فشب به فرسه فألقاه في وسط المحجة، وذلك في يوم الاثنين ثامن عشر ذي الحجة من سنة ثمان وستين وخمسمائة، فحمل إلى داره، وبقي متألما إلى أن توفي.
ولما مات دفن إلى جاب أخيه أسد الدين شيركوه في بيت بالدار السلطانية ثم نقلا بعد سنين إلى المدينة الشريفة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
=============
أحمـد بـن بـلا
1919م-
ولد أحمد بن بلا أول رئيس للجمهورية الجزائرية وقائد ثورتها في قرية مرنية بالقرب من وهران بالجزائر. أما هو فيقول أنه على الأرجح ولد في قرية اسمها "مغنية" بين سنتي 1916 و1918.
درس في ابتدائية القرية ثم انتقل إلى تلمسان ليتابع دراسته الثانوية. كان والده مغربياً من مدينة مراكش ومن قبيلة اسمها "عرش أولاد سيدي الرحال"، قدم إلى "مغنية" لأسباب خاصة أجبرته على الهجرة. أما والدته فهي ابنة عم والده هاجرت من مراكش إلى "مغنية" بحراً في نهايات القرن التاسع عشر خوفا من الطرق البرية التي لم تكن آمنة.
بدأ بن بلا وعيه الوطني وهو بعد في الصفوف الثانوية. فقد "شعرنا"، كما يقول "بأننا جزائريون وهم فرنسيون.. نحن مسلمون وهم كفار.. وكان الوعي مبكراً. وقد أيدنا ودعمنا ثورة الأمير عبد الكريم الخطابي عندما نشبت ضد الفرنسيين والاسبان".. ويقول: "إن أول ما حصلت عليه وقرأته كان كتاب غوستاف لوبون "تاريخ العرب" وكان ممنوعاً ولو وجدوه عندي، فالعقوبة لا تقل عن سنتين"..
التحق بخدمة الجيش الفرنسي في فترة الخدمة الإلزامية. وخلال هذه الفترة صارت عملية الحصول على الكتب أفضل من قبل. "وقد تكرست في نفسي"، كما يقول: "هواية القراءة السياسية". وقال إنه قرأ في هذا الوقت كل مؤلفات الأمير شكيب إرسلان مترجمة إلى الفرنسية وسواه من الزعماء المسلمين والعرب.
اتصل أثناء وجوده في الجيش الفرنسي بحزب الشعب الجزائري ولكنه لم ينتسب إليه في تلك الفترة. وعند خروجه من الجيش نهائياً سنة 1945 بدأ عمله في هذا الحزب في قريته مغنية مع عبد القادر بركة.
دخل السجن لأول مرة سنة 1950 وبقي فيه حوالى السنتين. وكانت التهمة الموجهة إليه تأسيس منظمة سرية تمس أمن الدولة. وبعد الإفراج عنه سنة 1952 ذهب إلى القاهرة حيث كرّس وقته ونشاطه للعمل "ليلاً ونهاراً من أجل الثورة". وكانت القاهرة يومها قد انتصرت على العهد الملكي وقامت ثورة يوليو/ تموز 1952. ويقول بن بلا عن هذه الفترة: "لقد ارتبطنا في تلك الأيام برباط من الأخوة والجهاد والمحبة، وكان رباطاً ثورياً نظيفاً وطاهراً بين ثورة يوليو وثورة نوفمبر".
ثورة أول نوفمبر 1954 هي ثورة الجزائر ضد الفرنسيين وحكمهم المستمر منذ أكثر من قرن وربع القرن. فقد كانت ثورة ضد استعمار استيطاني أسسها وقادها أحمد بن بلا نفسه.
يقول بن بلا عن هذه الثورة إنها لم تكن حصيلة نضال عفوي، بل ثمرة نضال بدأ سنة 1926 قاده "حزب النجم الشمالي أفريقي" الذي تأسس في فرنسا في العشرينات، ثم تسلم راية النضال حزب الشعب في الثلاثينات، هذا الحزب الذي عمّق مفهوم الثورة ولاقى الكثير من الاضطهاد الشديد وتصدّر المطالبة باستقلال الجزائر الذي سبق أن وعدت فرنسا به إذا ما انتصر الحلفاء على ألمانيا النازية. وكانت فرنسا قد جندت أعداداً ضخمة من الجزائريين والمغاربة للقتال في صفوفها بفضل هذا الوعد.
وافقت فرنسا على الترخيص لحزب الشعب سنة 1947 بعد صدامات واسعة مع الجزائرين قتل في إحداها فقط عام 1945 أكثر من خمسة وأربعين ألف جزائري (مايو/أيار 1945) أثناء تظاهرهم مطالبين بالاستقلال.
رحب الحزب بالترخيص له للعمل علناً ولكنه حافظ على كوادره السرية التي أكملت عملها "تحت السطح".
جاءت الانتخابات وسيطر حزب الشعب على كل الأصوات في جميع المدن والبلديات مما أزعج فرنسا وخططت لضرب الحزب بدءاً بتفجير التناقضات التي كانت تظهر بين حين وآخر داخل الحزب، فاستمالت الركن الأساس في "فرع الحزب العلني" مصالي الحاج بينما بقي "الفرع السري" على عدائه للمستعمرين، مؤمنا بالثورة طريقاً لتحرير الجزائر. وكان هذا الفرع قد أسس "الكشافة المسلمين" الجزائريين فعمل على تصعيد التدريبات العسكرية داخل إطار الكشافة. كان هذا التنظيم الذي ترأسه في تلك الفترة آيت أحمد قوي التركيب منضبط قائما على الإسلام. فكانت أناشيده إسلامية والصلاة إجبارية والكتب الموضوعة بين يدي الأعضاء إسلامية التوجيه.
انفجرت الثورة الجزائرية في تشرين الثاني/نوفمبر 1954. إتخذ قرار اعتماد الكفاح المسلح في 25 تموز/يوليو 1954 في "كلو سالمبيه" في مدينة الجزائر. وكانت اللجنة التي اتخذته تتألف من اثنين وعشرين زعيماً بينهم محمد بو ضياف، العربي بن مهيدي، يوسف زيغوت ومراد ديدوش وسواهم. وكان بن بلا يومها في الخارج يتنقل متخفيا بجواز سفر مزور يحمل اسم مزياني مسعود.
انتخب بن بلا بعد انتصار الثورة أول رئيس للجمهورية الجزائرية، وانتهى حكمه على اثر انقلاب عسكري قاده العقيد هواري بومدين سنة 1965 وأودع بن بلا وبعض رفاقه السجن.
تزوج أحمد بن بلا وهو في السجن عام 1970 من صحفية جزائرية اسمها زهرة كانت معارضة له. وبعد مقابلته في السجن انقلبت إلى مؤيدة له ولقضيته وبقيت معه في السجن سبع سنوات أنجبا خلالها ابنتيهما مهدية ونورية. أما ابنهما علي فقد أنجباه خارج السجن.
يتبع ..........
مع فتح القائمة للجميع لاظافة شخصيات اخرى
بالتوفيق
=======
أحمد أسعد الشقيري
1908 ـ 1980م
ولد في قلعة تبنين، جنوب لبنان. وانتقل إلى عكا ليعيش في كنف والده بعد وفاة والدته.. وعُرِف منذ صغره بحبه للغة العربية والقرآن الكريم.
أسّس مع رفاقه «جمعية الوحدة العربية». طُرِد من بيروت وهو شاب ، فانتقل إلى القدس، ودخل معهد الحقوق الفلسطيني هناك، ثم دخل سلك المحاماة.
كتب في الصحف الفلسطينية عن الوحدة العربية، والخطر الصهيوني، والإستعمار الإنجليزي الذي يُهيمن على فلسطين، وكانت نتيجة ذلك أن نفته السلطة المحتلة إلى قرية الزيت الفلسطينية في إقامةٍ جبريةٍ.
انتقل بعد نكبة 1948 للعمل العربي، فاختير مساعداً ـ ثم أميناً ـ لعبد الرحمن عزام، الأمين العام للجامعة العربية.
كان من دعاة الوحدة العربية الأوائل.
وعندما تأسّست منظمة التحرير الفلسطينية سنة 1964م، كان أوّل رئيس لهذه المنظمة. وأنشأ جيش التحرير الفلسطيني، ثم أنشأ قوة فدائية بإسم قوات التحرير الشّعبية، قامت بعملياتٍ ناجحةٍ في كل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبقي فيها حتى 24/12/1967 .
من آثاره: قضايا عربية دفاعاً عن فلسطين والجزائر، 1962؛ فلسطين على منبر الأمم المتحدة، 1962م؛ مشروع الدولة العربية المتحدة، 1967.
===========
أحمـد طبّـاره
1870 ـ 1916م
هو ابن حسن طباره، وُلِدَ الشّهيد المُترجِم في بيروت ، وتلقّى عُلومه على أعلام عصره، فكان خطيباً لجامع النوفرة، وساهم كثيراً في الإصلاح والوعظ والإرشاد. دخل مُعترك الصِّحافة، فحرّر جريدة "ثمرات الفنون". وفي 22 أيلول/سبتمبر سنة 1908، أصدر جريدة "الإتحاد العثماني"، فكانت في طليعة الجرائد البيروتيّة. شارك في عواملَ كبيرةٍ من النّهضة العلمية والأدبية، وقد تفنّن بأساليب السيّاسة ووقف قلمه البليغ لمقاومة رجال العهد التركي.
في عام 1913، كان عضواً في المؤتمر العربي اللاّمركزي الذي عُقِدَ في باريس وأمينًا له ؛ وألقى، أثناء انعقاده، محاضرةً ضدّ السياسة التّركية، نزلت كالصّاعقة على رجال الحكم العثماني.
وأحمد طبارة مُؤسّس أوّل مطبعةٍ إسلاميّةٍ في بيروت، طبع فيها معظم ما ظهر من الأشعار والدّواوين في عهد الدّستور العثماني. وكان أديباً وناثراً مجيداً. ورغم مهامه في الشّؤون الصِّحافية والسّياسية، فقد وضع سلسلة من الكتب العلمية والمدرسيّة، لا تزال تُدرَّس حتّى اليوم في المدارسَ الأهلية.
ومن آثاره المعروفة كتاب "فتح الرّحمن لطلاب آيات القرآن" تجلّت في معانيه مواهبه الأدبيّة، ونشر مصوَّراً لكتاب "كليلة ودِمنة".
لما نشبت الحرب العالمية الأولى سنة 1914، زُجّ طبارة بالسجن ثم حُكِمَ عليه بالإعدام شنقاً، فكان في عداد شهداء القافلة التي أُعدِمَت في ليل 6 أيّار/مايو. وقد أبدى شجاعةً وصبراً وهو يُردّدُ قول الشّاعر العراقي جميل صدفي الزّهاوي:
وإنّ الذي يسعى لتحرير أمّةٍ يهون عليه السّجن والنّفي والشّنق
===========
أحمد عَرابي
1841 ـ 1911م
أحمد بن محمد وافي بن محمد غنيم عرابي الحسيني، المصري. زعيم الثورة العرابية. ولد بقرية هرية رزنة بمديرية الشرقية، وجاور في الأزهر سنتين، ثم انتظم جندياً في الجيش، وبلغ رتبة لواء، وصار وزيراً للحربية، ثم نُفيَ إلى جزيرة سيلان حيث مكث 19 عاماً، وعاد إلى القاهرة، فتوفي فيها في 18 رمضان.
من آثاره: مذكرات الثورة العرابية.
==========
الماوردي
974 - 1058م
وُلِدَ الماوردي سنة 364 للهجرة في البصرة، لكنه قضى الشطر الأكبر من حياته في بغداد، حيث توفّي سنة 450 للهجرة، أي بعد زوال البويهييّن ودخول السلاجقة بغداد بنحو ثلاث سنين.
عَمِلَ الماوردي في ظل العباسييّن قاضيًا، كما كان له منصب هام في البلاط العبّاسي أيام الخليفَتين القادر بالله والقائم بالله اللّذين حكما بين سنتي 381 و467 هجرية (991-1075 م). وللماوردي الفقيه السّني كتب كثيرة، منها: "الأحكام السّلطانية"، "قوانين الوزارة وسياسة الملك".
في كتاب "الأحكام السلطانية" ينطلق الماوردي من نقطةٍ ألا وهي إن الجماعة بحاجةٍ إلى مَن يسوس أمورها ويدبّر شؤونها. والخلافة هي المؤسسة التي قامت بذلك من قبل، وهي التي يجب أن تستمرّ بالقيام بذلك. ولكنه لم يشر إلى الدولة العباسية بالذات، أي إنّه لم يذكر أنه يدافع عنها. فالخلاقة مستمرة منذ أن انتقل النبي عليه الصلاة والسّلام إلى الرّفيق الأعلى، وذلك بقطع النظر عن كيفية وصول الخليفة إلى منصبه، وهذه الخلافة السّنية مستمرة، والخلافة العباسية يتمّ أمرها إذ تكون في سياق هذه الخلافة. ثم ينتقل إلى ما يسميه "مقاصد الخلافة" بقوله "إن الخلافة أو الإمامة موضوعة لخلاف النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا. فالخليفة هو الذي يؤكّد على الجماعة أن تُنفّذ الحقوق الإلهية بالنسبة لله وحقوق العباد في هذا المجتمع الذي يعيش فيه المسلمون. والخليفة هو الرأس الأعلى للدولة، وعليه النظر في شؤون القوم الدينية والدنيوية جميعها، عبر المؤسسات التي نشأت في ظلال المؤسسة الأولى والرئيسة، أي الخلافة".
أما الوزارة، فقد كان المقصود منها أن يستعين الخليفة بأصحاب النظر والمعرفة في إدارة شؤون الدولة. ويُصنّف الماوردي الوزارة صنفين: وزارة التنفيذ: وهي التي يكون فيها الوزير مُنفّذا لأوامر الخليفة وليس له سلطة خاصة، ووزارة التفويض: وهي التي يتنازل الخليفة فيها عن شؤون الدولة إلى وزيره.
أما كتاب "قوانين الوزارة وسياسة الملك"، فهو مثل الأحكام السّلطانية، تملكه النزعة الخلقية الرفيعة التي كان الماوردي يأمل في وجودها. والكتاب نصائح عامة وآراء علمية فيها الكثير من الإتّزان الذي يطغى على كُتُب الماوردي. وبعض الأمور الواردة في "قوانين الوزارة وسياسة الملك" وُرِدَت بطبيعة الصّلة بين الكتابين، وهي الأحكام السلطانية، ولو بثوب آخر. لكن الأمر الذي لا يجوز أن يغرب عن البال هو أنّ الماوردي في الأحكام السلطانية يعني بالإمامة أو الخلافة، وهي رئاسة الأمة أو الجماعة المطلقة. ويدافع عنها كي لا تُفْقَد الجماعة في خضمَ ما كان يحيط بالعالم الإسلامي، من الداخل والخارج، من صراعات ونزعات وهجوم وافتِئات على السلطة المركزية، السند الأوّل لوجودها، وهو الإمامة أو الخلافة.
============
الـوليد بن عبد المـلك
تو. 96هـ
الوليد بن عبد الملك، الخليفة الأموي. بُويِعَ له يوم مات والده سنة86 هـ. وفي أيّامه كثرت فتوحات المسلمين في إسبانيا، وولى الحجاج خراسان مع العراق، فتغلغل في بلاد الترك ودخل قائده مسلمة بن عبد الملك بلاد الروم وفتح محمد بن القاسم بلاد الهند.
==============
الياس الهراوي
1926م ـ
سياسيّ لبناني. وُلِدَ في حوش الأمراء في منطقة زحلة اللّبنانية. عضو مجلس النواب(1972 ـ 1989م). رئيس الجمهورية اللّبنانية (1989م) خلفاً للرّئيس رينيه معوّض الذي اغتيل بعد أيّامٍ من انتخابه.
في نهاية ولايته عام 1995، عُدِّلت المادة 149 من الدّستور لصالح التّمديد للرّئيس الهراوي لمدّة ثلاث سنواتٍ جديدةٍ.
شهد عهد الهراوي تفكيكًا للقوّة المتصارعة في لبنان ومحاكمات للذين رفضوا الإنتقال بهدوءٍ من منطق القتال إلى منطق الدّولة. كما شهد عهده استعادة لبناء الدّولة سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، وعودةً لبعض المهجّرين إلى قراهم ومنازلهم، مُستفيدًا من العلاقة الوثيقة التي أقامها مع سوريا.
==========
بشـارة الخـوري
1890 ـ 1964 م
بشارة بن خليل بن بشارة الخوري. أوّل رئيس لجمهورية لبنان، بعد استقلاله. ولد في بيروت ومات فيها. تعلم فيها ثم في باريس، حيث حصل على شهادة الحقوق سنة 1912 واحترف المحاماة.
لجأ الخوري إلى مصر في أوائل الحرب العالمية سنة 1915 خوفاً من الترك، وعاد بعد الحرب1919 يعمل في المحاماة. شارك في تأليف حزبٍ سياسيٍ، سُمّي بالكتلة الدّستورية.
عُيِّن الشيخ بشارة في عهد الإنتداب الفرنسي وزيراً للداخلية فرئيساً للوزراء ثلاث مرات، وانتُخِب نقيباً للمحامين، وانتُخِب رئيساً للجمهورية. اعتقله الفرنسيون مع رئيس الوزراء رياض الصلح وغالبية الوزراء، واقتادوهم إلى قلعة راشيا، وذلك في 11 تشرين الثاني عام 1943. وإثر المظاهرات الصاخبة التي عمّت مختلف المناطق اللبنانية، أُفرِجَ عن الرئيس ووزرائه في 22 من الشهر نفسه، واعتُبِر ذلك اليوم عيدًا وطنيًا يَحتفلُ به لبنان شعبيًا ورسميًا، وفيه اعترفت سلطات الإنتداب الفرنسي باستقلال لبنان.
عندما انتهت ولاية الرئيس بشارة الخوري عام 1949، جدّد مجلس النواب ولايته لِسِت سنوات جديدة، وسط معارضةٍ واسعةٍ أدّت إلى استقالته عام 1952.
أصدر بشارة الخوري في عهد رئاسته مجموعة خطاباته في ثلاثة أجزاء. وبعد رئاسته أصدر جزأين من مذكّراته بإسم "حقائق لبنانية".
==========
جمال عبد الناصر
1918- 1970م
ولد جمال عبد الناصر في مدينة أسيوط بمصر ودرس في كل من الإسكندرية والقاهرة. التحق بالكلية الحربية عام 1937 ورُقّي إلى رتبة ضابط في عام 1939. عمل بسلاح المشاة في أسيوط ثم في الإسكندرية. عُيِّن مدرّساً في الكلية الحربية ثم بكلية الأركان. شارك في حرب فلسطين عام1948. بدأ يخطط للثورة ضد الفساد، فشرع بتنظيم جماعة الضباط الأحرار الذين قاموا بالثورة في 23 تموز/يوليو سنة 1952.
في عام 1954 عُيّن رئيساً للوزراء وكان قد عُيّن قبل ذلك بسنةٍ وزيراً للداخلية ونائباً لرئيس الوزراء.
أجلى القوات البريطانية عن قناة السويس بعد استعمار دام ثلاثة أرباع قرن. وفي عام 1956، أمّم القناة على إثر انسحاب البنك الدولي وأمريكا وإنكلترا من تمويل بناء السدّ العالي. وفي العام نفسه، وقف عبد الناصر في وجه العدوان الثلاثي الفرنسي-الإنكليزي-الإسرائيلي الذي شنّوه على مصر كردّ فعل على تأمين القناة.
تكرّست زعامة الرئيس عبد الناصر بعد صدور قرار من هيئة الأمم المتحدة يقضي بانسحاب الجيوش المعتدية.
في فبراير/شباط سنة 1985 قامت وحدة بين مصر وسوريا ثم قام اتحاد فيدرالي بين الجمهورية الجديدة واليمن. وفي عام 1963م وقّع ميثاق الوحدة بين العراق وسوريا ومصر. وفي عام 1961م، أصدر قرارات إشتراكية جديدة، أنزلت الحد الأعلى للمُلكية الزراعية إلى مائة فدّان وأمّمت المؤسسات الكبيرة وتنصّلت مصر من كل الإتّفاقات السابقة وخاصة مع إنكلترا وفرنسا؛ ونال الفلاحون والعمال مزايا خاصة. وفي مايو/أيار سنة 1962م صدر ميثاق الثّورة الذي أقرّه المؤتمر الوطني لقوى الشعب العاملة وفيه تحديد واضح للإيديولوجية الثورية ولدور الشعب سياسياً وإجتماعياً.
ساند عبد الناصر ثورة الجزائر ما بين سنة 1954 و1961 على الإستعمار الفرنسي، كما ساند ثورة اليمن على حكم الأئمّة سنة 1962.
بعد هزيمة حزيران 1967 قام تقاربٌ مصري-سوداني ومصري-ليبي بعد أن تسلّم كل من العقيد القذّافي الحكم في ليبيا وتسلّم جعفر النّميري الحكم في السودان. دعم الرّئيس جمال عبد الناصر هاتين الثورتين وقام بزيارة كل من ليبيا والسودان. وتفاءلت الجماهير العربية بهذا التقارب الذي أحيا الأمل في نفوس كثير من العرب بانبثاق فجرٍ جديدٍ من التعاون.
في سنة 1970 اشتعلت في الأردن فتنةٌ كبيرةٌ داميةٌ بين منظّمة التحرير الفلسطينية والجيش الأردني، مما استدعى عقد مؤتمر قمة عربي. فقطع الرئيس عبد الناصر إجازته التي كان الأطباء قد نصحوه بقضائها في مصيف مرسي مطروح الهادىء. وتوافد الملوك والرؤساء العرب إلى القاهرة لمدارسة الوضع ما بين 22/28 أيلول/ سبتمبر. أوفد المؤتمر لجنة برئاسة جعفر النميري لإجراء المصالحة بين الفريقين. وبعد فشل هذه المحاولة، طلب الملك حسين الحضور إلى القاهرة للمشاركة في أعمال المؤتمر؛ وبعد جهود مضنية بذلها عبد الناصر، تمّ وضع صيغة اتفاق القاهرة لحلّ الأزمة. التقط العرب أنفاسهم بعد هذه الأيام العصيبة، وظهر أثر ذلك الإرتياح على الرّئيس جمال عبد الناصر؛ إلا أنه لم يدم طويلاً، فقد اكتشف الأطباء وقوع أزمة قلبية حادة للرئيس عبد الناصر، نتيجة الجُهد المضني المتواصل الذي بذله، والتي أسلم على أثرها الرئيس روحه لربه بعد ساعات قليلة.
قوبل موت الرئيس عبد الناصر بألمٍ وحزنٍ عميقين في كل أنحاء الوطن العربي وفي العالم الإسلامي وفي العالم أجمع. لما كان يتمتع به من خصالٍ كريمةٍ وحكمةٍ سياسيةٍ عاليةٍ، وخصوصاً توجهه وعمله الدّؤوب من أجل إقامة الوحدة العربية الشاملة التي طالما حلم بها وعمل من أجلها ومات بسببها.
==============
الشيخ كامـل القصـاب
1873- 1954
هو محمد كامل بن أحمد بن عبد الله آغا القصاب. ولد بحي العقيبة بدمشق عام 1873، ومنبت أسرته حمص، استوطنت أسرته دمشق قبل قرنين، وعملت بالتجارة. نشا محمد يتيماً حيث توفي والده وهو في السابعة، فكفله جده لأمه المشهور بأبي علي كريم.
قرأ محمد كامل القصاب في الكتاتيب، وتعلم قراءة القرآن الكريم وحفظه وجوّده. ثم تلقى مبادئ العلوم العربية والفقهية عن شيوخ عصره، فلازم الشيخ عبد الحكيم الأفغاني، حيث قرأ عليه الفقه حتى برع فيه، وسمع الحديث من المحدث الشيخ بدر الدين الحسني، وتضلع فيه، وأخذ عن الشيخ أمين الأرناؤوط وغيره علوم العربية بفروعها.
ولما بلغ الخامسة والعشرين سافر إلى مصر والتحق بالجامع الأزهر، وحصل على الشهادة العالمية، وخلال ذلك تلقى علم التفسير على الشيخ محمد عبده، كما تلقى على الشيخ محمد بخيت مفتي مصر وعلى أمثالهما.
كان القصاب ذا عمل دؤوب، عُرف في صباه بالفتوة والمروءة والغيرة على أهل حيه، مما يذكر له بالحمد والثناء. كريم الأخلاق، ناضج الرأي براً بأصدقائه، لا يألو جهده فيما فيه صلاح أمته، دائم التفكير بها، يحب العلماء. وأبرز ما في صفاته نضاله في سبيل رفعة شأن أمته، وسعيه في مجال نشر العلم والثقافة. وبعد عودته من الأزهر رأى الدولة العثمانية تنهار، فأسس مع عبد الغني العريسي وتوفيق البساط وعارف الشهابي وغيرهم من رجالات العرب جمعية العربية الفتاة السرية.
اشتغل القصاب بالتعليم في مدارس ابتدائية أهلية مدة يسيرة، ثم أسس (المدرسة العثمانية) صارفاً عليها من ماله ووقته في سبيل إنشائها، وهي مدرسة أهلية في حي البزورية عرفت باسمه (المدرسة الكاملية)، وتولى إدارتها ما يقرب من ربع قرن، تخرج منها رجال بارزون، وغدت مفخرة البلاد، وقدرتها الدولة العثمانية كل التقدير، فقبلت من يحمل شهادتها في كليتي الطب والحقوق وغيرها دون فحص ولا اختبار، وكان يختار لها أساتذة من الاختصاصين في شتى العلوم، واشتهر بحزمه وجده في إدارته.
انتدبه الوطنيون للسفر إلى مصر والاجتماع بأقطاب حزب اللامركزية كالشيخ رشيد رضا ورفيق العظم وغيرهما من الذين يرغبون تحرر البلاد العربية من الأتراك، والاتفاق على خطط العمل. وبعد وصوله إلى دمشق بشهر واحد قبض عليه الأتراك، وأرسلوه إلى سجن عالية، وبعد سجنه أربعين يوماً حاكمه جمال باشا بنفسه، واستطاع بجرأته وبلاغتة إقناعه ببراءته من تهمة الاشتغال بالسياسة، وبأن سفره إلى مصر كان لأسباب ثقافية تتعلق بالمدرسة، فأطلق سراحه وعاد إلى دمشق.
وعندما بطش الاتحاديون بالزعماء الوطنيين، سافر القصاب إلى بلاد الحجاز، فنزل ضيفاً على الشريف حسين بن علي الذي أقبل عليه واهتم به وولاه رئاسة مجلس المعارف مع إدارة مدرسة ثانوية كانت مثال التعليم الصحيح والتربية العالية، وبقي هناك سنة ونصف السنة، وقد حكم عليه الاتحاديون بالإعدام غيابياً.
وبعد قيام الثورة العربية انتقل إلى مصر لأن العمل السياسي فيها أرحب مجالاً من الحجاز، وهناك أسس حزب الاتحاد السوري، وبقي يكافح من أجل القضية الوطنية حتى وضعت الحرب أوزارها.
وبعد الحرب عاد القصاب إلى دمشق، وأسس فيها اللجنة الوطنية العليا للدفاع عن حقوق البلاد، وكان من المؤيدين للعهد الفيصلي. ولما دخل الفرنسيون سوريا حكموا عليه بالإعدام غيابياً أيضاً، بسبب تحريضه الناس وجمعهم للتوجه إلى ميسلون، فهرب إلى حيفا، وهناك أنشأ مدرسة بالاشتراك مع عز الدين القسام، وكان عمله فيها كعمله بمدرسة دمشق التي تركها وعليها ولداه يرعيان شؤونها.
وخلال هذه الفترة تنقل بين فلسطين ومصر يعمل للقضية الوطنية، وسافر إلى اليمن، وقابل الإمام يحيى حميد الدين سنة 1922 لجمع كيان العرب، وفي سنة 1925 استدعاه الملك عبد العزيز آل سعود إلى مكة المكرمة وعهد إليه بمديرية معارف الحجاز، فأسس خلال سنة ونصف ثلاثين مدرسة في أنحاء مختلفة من الحجاز، وهناك أصيب بالزحار وأشرف على الهلاك، فسافر إلى فلسطين للتداوي، وشفي من مرضه بعد علاج طويل دام عشر سنوات.
وفي سنة 1937، عاد محمد كامل القصاب إلى دمشق بعد صدور العفو العام، ورأى مدرسته قد تضاءل شأنها، وقل طلابها إذ مالوا إلى مدارس الحكومة التي قررت وزارة المعارف وقتئذ ألا تقبل إلا شهادتها لدخول الجامعة، فأحب أن يخدم البلاد عن طريق نهضة العلماء، بعد أن فشلت مساعيه مع ساسة العرب، فأسس بطلب من أهل العلم جمعية العلماء التي نالت تصريحاً رسمياً من وزارة الداخلية في 8 تشرين الثاني 1937، ومهمتها دفع ما تعرض له الإسلام من إلحاد وإفساد ومقاومة، وكانت تحت رئاسته، وقد بلغ عدد مؤسسيها واحداً وعشرين عضواً، ووضع لها دستوراً يبّين غايتها، ونظامها الداخلي المفصل، وطرق تمويلها، ونص الدستور على أن غاية الجمعية الاهتمام بشؤون المسلمين ومؤسساتهم الدينية، ورفع مستوى العلماء والمتعلمين، وجمع كلمتهم، والدعوة إلى الله تعالى بالحكمة والموعظة الحسنة، وأن لا دخل للجمعية بالشؤون السياسية.
كان من أبرز أعمال الجمعية إنشاء المعهد العلمي الديني بدمشق، واختير له الأساتذة الأكفاء، ووضع له برنامج يجمع بين الثقافتين الدينية والعصرية. كما فكرت الجمعية بتأسيس عدة مدارس أولية ذات صفين في جميع أنحاء المدينة لمكافحة الأمية، ومدارس ابتدائية ذات خمسة صفوف يتأهل فيها الطالب للدخول في صفوف القسم الثانوي من المعهد وفي المدارس التجهيزية.
كما كان للجمعية مواقف عظيمة إيجابية مؤثرة منها: إلغاء قانون الطوائف الذي وضعه الفرنسيون، وفي 10 شباط 1939 أرسلت الجمعية احتجاجاً شديد اللهجة بشأن قانون الطوائف المذكور إلى رئيس الجمهورية، والمجلس النيابي، والوزراء، والمفوض السامي، والمندوب السامي، وجمعية الأمم المتحدة، ولجنة الانتداب، ووزير الخارجية الفرنسي. وجاء في آخر الاحتجاج: "وجمعية العلماء تحمل الحكومة تبعة ما ينتج عن بقاء هذا القانون من أثر هياج المسلمين في سبيل دينهم وغيرتهم على أحكام عقائدهم". وقد أثر هذا الاحتجاج في الأوساط السياسية، فسقطت حكومة جميل مردم بسبب توقيعه على القانون. وكثرت مراجعات الجمعية على الحكومة، وانتقاداتها لها ومواقفها الشديدة فضاقت بها وضايقتها فأغلقت أبوابها. .
ترك من المؤلفات كتابين:
ـ ذكرى موقعة حطين (بالاشتراك).
ـ النقد والبيان في دفع أوهام خيزران (بالاشتراك).
أصاب كامل القصاب مرض في أخريات حياته، فلزم داره مدة طويلة، ثم ما لبث أن ألم به عارض في دماغه لم يمهله سوى ساعات ، وكان ذلك في عام 1954، وصادف يوم وفاته اضطرابات لعلع فيها الرصاص في سماء مدينة دمشق زمن الشيشكلي، فصلى عليه بضعة أفراد في بيته، وتسللوا بنعشه بين الأزقة، ودفنوه في قبر والده بمقبرة الباب الصغير بجوار الصحابي الجليل بلال الحبشي.
==============
أيوب والد السلطان صلاح الدين
توفي 568 هـ
أبو الشكر أيوب بن شاذي بن مروان الملقب الملك الأفضل نجم الدين والد السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب.
قال بعض المؤرخين: كان شاذي بن مروان من أهل دوين ومن أبناء أعيانها والمعتبرين بها، وكان له صاحب يقال له: جمال الدولة المجاهد بهروز، وكان من أظرف الناس وألطفهم وأخبرهم بتدبير الأمور، وكان بينهما من الاتحاد كما بين الأخوين، فجرت لبهروز قضية في دوين، فخرج منها حياء وحشمة، وذلك أنه اتهم بزوجة بعض الأمراء بدوين، فأخذه صاحبها فخصاه، فلما مثل به لم يقدر على الإقامة بالبلد، وقصد خدمة أحد الملوك السلجوقية، وهو السلطان غياث الدين محمد بن ملكشاه، فوجده لطيفاً كافياً في جميع الأمور، فتقدم عنده وتميز، وفوض أحواله إليه، وجعله يركب مع أولاد السلطان مسعود إذا كان له شغل، فرآه السلطان يوما مع أولاده، فأنكر على اللال، فقال له: إنه خادم، وأثنى عليه وشكر دينه وعفافه ومعرفته، ثم صار يسيره إلى السلطان في الأشغال، فخفف على قلبه، ولعب معه بالشطرنج والنرد فحظي عنده، واتفق موت اللال، فجعله السلطان مكانه، وأرصده لمهامه، وسلم إليه أولاده، وسار ذكره في تلك النواحي، فسير إلى شاذي يستدعيه من بلده ليشاهد ما صار إليه من النعمة.
واتفق أن السلطان رأى أن يوجه المجاهد المذكور إلى بغداد والياً عليها ونائباً عنه بها، وكذا كانت عادة الملوك السلجوقية في بغداد يسيرون إليها النواب، فاستصحب معه شاذي المذكور، فسار هو واولاده صحبته، وأعطى السلطان لبهروز قلعة تكريت، فلم يجد من يثق إليه في أمرها سوى شاذي المذكور، فأرسله إليها، فمضى وأقام بها مدة وتوفي بها، فولى مكانه ولده نجم الدين أيوب، فنهض في أمرها، وشكره بهروز وأحسن إليه، وكان أكبر سناً من أخيه أسد الدين شيركوه.
ثم اتفق أن بعض الحرم خرجت من قلعة تكريت لقضاء حاجة، وعادت فعبرت على نجم الدين أيوب وأخيه أسد الدين شيركوه وهي تبكر، فسألاها عن سبب بكائها، فقالت: أنا داخلة في الباب الذي للقلعة، فتعرض إلي الإسفهسلار، فقام شيركوه وتناول الحربة التي تكون للإسفهسلار وضربه بها فقتله، فأمسكه أخوه نجم الدين أيوب واعتقله، وكتب إلى بهروز وعرفه صورة الحال ليفعل فيه ما يراه، فوصل إليه جوابه لأبيكما علي حق، وبيني وبينه مودة، ما يمكنني أن أكافئكما بحالة سيئة تصدر مني في حقكما، ولكن أشتهي منكما أن تتركا خدمتي، وتخرجا من بلدي، وتطلبا الرزق حيث شئتما. فلما وصلهما الجواب ما أمكنهما المقام بتكريت، فخرجا منها ووصلا إلى الموصل، فأحسن إليهما الأتابك عماد الدين زنكي لما كان تقدم لهما عنده، وزاد في إكرامهما والإنعام عليهما، وأقطعهما إقطاعاً حسناً، ثم لما ملك الأتابك قلعة بعلبك استخلف بها نجم الدين أيوب.
ولما توجه أخوه اسد الدين شيركوه إلى مصر لإنجاد شاور، كان نجم الدين أيوب مقيماً بدمشق في خدمة نور الدين محمود بن زنكي، ولما تولى صلاح الدين ولده وزارة الديار المصرية في أيام العاضد صاحب مصر، استدعى أباه من الشام، فجهزه نورالدين وأرسله إليه ودخل القاهرة لست بقين من رجب سنة خمس وستين وخمسمائة، وخرج العاضد للقائه إكراماً لولده صلاح الدين يوسف، وسلك معه ولده صلاح الدين من الأدب ماهو اللائق بمثله، وعرض عليه الأمر كله فأبى وقال: يا ولدي، ما اختارك الله تعالى لهذا الأمر إلا وأنت أهل له، ولا ينبغي أن تغير موضع السعادة، ولم يزل عنده حتى استقل صلاح الدين بمملكة البلاد.
ثم خرج صلاح الدين إلى الكرك ليحاصرها وأبوه بالقاهرة، فركب يوماً ليسير على عادة الجند، فخرج من باب النصر أحد أبواب القاهرة، فشب به فرسه فألقاه في وسط المحجة، وذلك في يوم الاثنين ثامن عشر ذي الحجة من سنة ثمان وستين وخمسمائة، فحمل إلى داره، وبقي متألما إلى أن توفي.
ولما مات دفن إلى جاب أخيه أسد الدين شيركوه في بيت بالدار السلطانية ثم نقلا بعد سنين إلى المدينة الشريفة النبوية، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام.
=============
أحمـد بـن بـلا
1919م-
ولد أحمد بن بلا أول رئيس للجمهورية الجزائرية وقائد ثورتها في قرية مرنية بالقرب من وهران بالجزائر. أما هو فيقول أنه على الأرجح ولد في قرية اسمها "مغنية" بين سنتي 1916 و1918.
درس في ابتدائية القرية ثم انتقل إلى تلمسان ليتابع دراسته الثانوية. كان والده مغربياً من مدينة مراكش ومن قبيلة اسمها "عرش أولاد سيدي الرحال"، قدم إلى "مغنية" لأسباب خاصة أجبرته على الهجرة. أما والدته فهي ابنة عم والده هاجرت من مراكش إلى "مغنية" بحراً في نهايات القرن التاسع عشر خوفا من الطرق البرية التي لم تكن آمنة.
بدأ بن بلا وعيه الوطني وهو بعد في الصفوف الثانوية. فقد "شعرنا"، كما يقول "بأننا جزائريون وهم فرنسيون.. نحن مسلمون وهم كفار.. وكان الوعي مبكراً. وقد أيدنا ودعمنا ثورة الأمير عبد الكريم الخطابي عندما نشبت ضد الفرنسيين والاسبان".. ويقول: "إن أول ما حصلت عليه وقرأته كان كتاب غوستاف لوبون "تاريخ العرب" وكان ممنوعاً ولو وجدوه عندي، فالعقوبة لا تقل عن سنتين"..
التحق بخدمة الجيش الفرنسي في فترة الخدمة الإلزامية. وخلال هذه الفترة صارت عملية الحصول على الكتب أفضل من قبل. "وقد تكرست في نفسي"، كما يقول: "هواية القراءة السياسية". وقال إنه قرأ في هذا الوقت كل مؤلفات الأمير شكيب إرسلان مترجمة إلى الفرنسية وسواه من الزعماء المسلمين والعرب.
اتصل أثناء وجوده في الجيش الفرنسي بحزب الشعب الجزائري ولكنه لم ينتسب إليه في تلك الفترة. وعند خروجه من الجيش نهائياً سنة 1945 بدأ عمله في هذا الحزب في قريته مغنية مع عبد القادر بركة.
دخل السجن لأول مرة سنة 1950 وبقي فيه حوالى السنتين. وكانت التهمة الموجهة إليه تأسيس منظمة سرية تمس أمن الدولة. وبعد الإفراج عنه سنة 1952 ذهب إلى القاهرة حيث كرّس وقته ونشاطه للعمل "ليلاً ونهاراً من أجل الثورة". وكانت القاهرة يومها قد انتصرت على العهد الملكي وقامت ثورة يوليو/ تموز 1952. ويقول بن بلا عن هذه الفترة: "لقد ارتبطنا في تلك الأيام برباط من الأخوة والجهاد والمحبة، وكان رباطاً ثورياً نظيفاً وطاهراً بين ثورة يوليو وثورة نوفمبر".
ثورة أول نوفمبر 1954 هي ثورة الجزائر ضد الفرنسيين وحكمهم المستمر منذ أكثر من قرن وربع القرن. فقد كانت ثورة ضد استعمار استيطاني أسسها وقادها أحمد بن بلا نفسه.
يقول بن بلا عن هذه الثورة إنها لم تكن حصيلة نضال عفوي، بل ثمرة نضال بدأ سنة 1926 قاده "حزب النجم الشمالي أفريقي" الذي تأسس في فرنسا في العشرينات، ثم تسلم راية النضال حزب الشعب في الثلاثينات، هذا الحزب الذي عمّق مفهوم الثورة ولاقى الكثير من الاضطهاد الشديد وتصدّر المطالبة باستقلال الجزائر الذي سبق أن وعدت فرنسا به إذا ما انتصر الحلفاء على ألمانيا النازية. وكانت فرنسا قد جندت أعداداً ضخمة من الجزائريين والمغاربة للقتال في صفوفها بفضل هذا الوعد.
وافقت فرنسا على الترخيص لحزب الشعب سنة 1947 بعد صدامات واسعة مع الجزائرين قتل في إحداها فقط عام 1945 أكثر من خمسة وأربعين ألف جزائري (مايو/أيار 1945) أثناء تظاهرهم مطالبين بالاستقلال.
رحب الحزب بالترخيص له للعمل علناً ولكنه حافظ على كوادره السرية التي أكملت عملها "تحت السطح".
جاءت الانتخابات وسيطر حزب الشعب على كل الأصوات في جميع المدن والبلديات مما أزعج فرنسا وخططت لضرب الحزب بدءاً بتفجير التناقضات التي كانت تظهر بين حين وآخر داخل الحزب، فاستمالت الركن الأساس في "فرع الحزب العلني" مصالي الحاج بينما بقي "الفرع السري" على عدائه للمستعمرين، مؤمنا بالثورة طريقاً لتحرير الجزائر. وكان هذا الفرع قد أسس "الكشافة المسلمين" الجزائريين فعمل على تصعيد التدريبات العسكرية داخل إطار الكشافة. كان هذا التنظيم الذي ترأسه في تلك الفترة آيت أحمد قوي التركيب منضبط قائما على الإسلام. فكانت أناشيده إسلامية والصلاة إجبارية والكتب الموضوعة بين يدي الأعضاء إسلامية التوجيه.
انفجرت الثورة الجزائرية في تشرين الثاني/نوفمبر 1954. إتخذ قرار اعتماد الكفاح المسلح في 25 تموز/يوليو 1954 في "كلو سالمبيه" في مدينة الجزائر. وكانت اللجنة التي اتخذته تتألف من اثنين وعشرين زعيماً بينهم محمد بو ضياف، العربي بن مهيدي، يوسف زيغوت ومراد ديدوش وسواهم. وكان بن بلا يومها في الخارج يتنقل متخفيا بجواز سفر مزور يحمل اسم مزياني مسعود.
انتخب بن بلا بعد انتصار الثورة أول رئيس للجمهورية الجزائرية، وانتهى حكمه على اثر انقلاب عسكري قاده العقيد هواري بومدين سنة 1965 وأودع بن بلا وبعض رفاقه السجن.
تزوج أحمد بن بلا وهو في السجن عام 1970 من صحفية جزائرية اسمها زهرة كانت معارضة له. وبعد مقابلته في السجن انقلبت إلى مؤيدة له ولقضيته وبقيت معه في السجن سبع سنوات أنجبا خلالها ابنتيهما مهدية ونورية. أما ابنهما علي فقد أنجباه خارج السجن.
يتبع ..........