نظر خلفه تمعن الجدار برفق ألقى بكل جسمه على سريره تمدد قليلا تناول سيجارته لم تكن الأخيرة أشعلها برفق هو يعلم أنها رفيقة منفاه حجرج صوته نفث الدخان في أرجائه وألقاه بلهفته المعهودة تناثر عبر الفضاء المغبر ظل يراقبه وسهى خلف أفكاره كما أعتاد دائما أن يبحر في صمته
أزاح المخدة تحت رأسه لسعته حرقة السيجارة في يده أنتبه ليأخذ نفسا آخر كم يعشق هذا الفراغ ورائحة الدخان لم يكترث لما وراء الشارع خلف الجدار عالم آخر لايعنيه وجوه مبعثرة يعلوها الاصفرار أنتبه قليلا للصراخ ثم أعاد أفكاره لهذه المساحة المظلمة ،سرير طاولة وأعقاب السجائر تملأ كل شيء
تناول رأسه المثقل بماضيه بين كفيه أعتصره تماما أراد أن يريق كل الصدأ الذي يسكنه تنهد ربما صرخ ربما توجع لكنه منفي عبر زوايا الغرفة لا أحد يسمعه مد يده من جديد تناول السيجارة لم تكن أيضا الأخيرة أشعلها من المصفاة أحس بالرائحة المعهودة تمتم أو لعن أو ألقى ما ألقى من كلامه رماها صوب الحائط وأشعل أخرى لم تكن أيضا الأخير هو يسهو عن كل شيء سوى سجائره أعتدل قليلا أعاد الوسادة تحت رأسه لم يأبه لمن يعيش خلف الجدار ألقى بنظرته إلى النافذة تساوت الأبعاد وأعتنق ظلام الشارع سواد غرفته عرف للحظة أن يوما أخر قد أفل لايهمه أن يأفل النهار
سهى عن السيجارة وعن الغرفة والصراخ والظلمة وسافر تذكر أو هكذا تراء له تنشق البرية من الجدار تأتيه أشجار الأرز والبلوط رائحة الزعتر ونبات الشيح المندى ووجه مبهم يشق المدى الفاصل بين أرضه وسماء الغرفة ربما يهذي أو به مس من فراغ الغرفة لكن الوجه دنى اكثر أفترش الفراغ بأبتسامة لم يعهدها تمعن أكثر ظل الجدار ينشق عن نور خافت أنقبض قليلا نحوه مازال الجدار والنور ورائحة الزعتر تجتاحه سهى عن السيجارة والغرفة مد يده تحسس الأشياء تحسس السيجارة ولذة الوجه المبهم
أزاح بعينه للنافذة مازل الغسق هناك مازالت الظلمة هناك في عالم الوجوه المبهمة تنهد تسمر وجهه المصفر أيضا نحوها وهي توسطت البحر والظلمة ونبتة الشيح..............
في الصباح غطى الطبيب هذا الوجه بالإزار وأعلن في المحضر .....وفاة طبيعية
وهو غارق في صمته عيناه نحو النافذة وبين يديه نبتة الشيح