اكتشف أخيراً نوع غريب من النمل فى غابات الأمازون المطيرة بأمريكا الجنوبية، وقد أطلق عليه «نمل من المريخ» بسبب شكله العجيب غير المألوف وخصائصة البدنية الفريدة التي لامثيل لها، وكأنه كائن غريب قادم من كوكب آخر.
ونملة المريخ مفترسة وعمياء، وتعيش داخل التربة وتكبر حتى يصبح طولها من 2 إلى3 ملليمترات، ووصفت بأنها تنتمي إلى نوع جديد تماماً من هذه الحشرة المألوفة. وهذه النملة مكيفة تماماً للحياة في التربة، أسفل بقايا الأوراق التي تتساقط على أرضية غابات الأمازون المطيرة.
وهذه الحشرة الغريبة عمياء ولونها شاحب ولها فك سفلي ضخم جداً بالنسبة لجسمها، كما أن لها إبرة لدغ لعلها تستخدمها في تخدير فرائسها من الحشرات الأصغر حجماً منها، تمهيداً لالتهامها. ونملة المريخ لا تنتمي إلى أي من العشرين نوعاً المعروفة من النمل مثل النمل المنزلي والنمل الأسود.
وليس لنملة المريخ أي عيون، وفي نفس الوقت هي مفترسة وتعيش في باطن الأرض، ولكن لايعني ذلك بالضرورة أن أجداد كل سلالات النمل كانت عمياء وتستوطن أعماق التربة، وإنما يعني أن هذه الخصائص ظهرت مبكراً في تاريخ النمل، وأنها استمرت موجودة في التربة المستقرة بيئياً لغابات الأمازون المطيرة. وتكمن أهمية سلالة نمل المريخ، في أنه يبدو أن نسبها قديم جداً، والأرجح أنها آخر سلالة حية من نوع من النمل اختلف عن الأنواع الأخرى مبكراً في عملية نشوء وتطور النمل.
وقد أخذت عينات من ساق نملة المريخ، واتضح أن هذه السلالة ظهرت منذ حوالي 50 مليون عام فقط، بينما ظهرت أول أنواع النمل منذ نحو 125 مليون عام، عقب ظهور النباتات المزهرة.
ويرى أحد الباحثين أن اكتشاف نمل المريخ، سوف يساعد علماء البيولوجيا على فهم تنوع الكائنات الحية ونشوء النمل - الذي يعتبر حشرة اجتماعية كثيرة العدد ومهمة بيئياً - بشكل أفضل.
كما أنه من واقع البيانات المتاحة من تشريح نملة المريخ والتعرف على البيئة التي تعيش فيها، فإن العلماء يفترضون أن الجد الأكبر لهذه النملة كان يشبه الدبور، ولعلها هي الحلقة المفقودة بين النمل والدبابير. كما يعتقدون أن هذه السلالة الجديدة من النمل، استمرت تتكيف - طوال عشرات الملايين من السنين - مع بيئتها تحت الأرضية، مثل اختفاء العينين ولون الجسم الشاحب، وفي نفس الوقت احتفظت ببعض الخصائص الجسمانية لأجدادها الأوائل مثل إبرة اللدغ والفك الضخم الطويل.
اكتشاف نمل المريخ، يوحى بوجود عدد كبير جداً من الكائنات الحية الدقيقة - مختفية في تربة الغابات المطيرة - لعلها ذات أهمية كبيرة في التعرف على مراحل تطور كائنات حية أخرى، ومن ثم تقدم المعرفة الإنسانية خاصة في المجال البيولوجي.