مرحبا
اقلب صفحات الماضي واجول بين اسطرها؛ علني اجد متنفسا
للخروج من دائرة ركود الحاضر.
فالذكرى طيف عابر، على اجنحته يجتاز حدود الحاضر والماضي
الحس والوجدان. الذكرى عين حياة.. على مشربها تتراقص
البسمة
والدمعة على مشربها تلقي اعباء الحرمان.
وهي بعد كل ذلك موطن آمن.. تخلد به ودائع
واكاسير الانسان.
الذكرى وليدة موقف وساعة زمن.. وما اكثر الذكريات
تلك! التي تمخضت في مناخ متقلب من برود
اعصاب، وهطول دمع غزار، بعد بارقة امل توارى
بين صخب الحياة وضجيجها، التي اشبه ما تكون
بقصف رعود شتاء ناقم، يخلق تجاعيد في
اراضٍ غنّاء، ويعبث بجداول تسقي آمال الحالمين
باكسير الحياة.. ليغير معالمها قبل اوان الحصاد
الى حرارة مشاعر جياشة.. تكون فيها
الاحلام الوردية كسراب يتراءى
للظامئ الولهان على رمضاء الحرمان
التي اشبه ما تكون برمضاء صيف مؤذٍ
مجدب
من تحقق الآمال وبلوغ المنى
لترفرف على مذبح الحب، بعد ان هدها التعب
ونال منها النصب، واخذ منها الحرمان ماخذه
فهي امام خيارين لا ثالث لهما
اما ان تراوح حيث هي
حيث الضياع والحرمان
واما ان تحتسي كاس التمني حتى الممات
الى سقوط احلام وتساقط كلمات
يكون الحالم حينها كمن اصابه الخرف
وهو لم يبلغ خريف العمر بعد
يفقد شعوره.. تخونه الكلمات
حتى يصل به الحال الى مرحلة الهذيان
حتى يخال لك
كما لو انك امام
عجوز محدودب الظهر خافت البصر
يخط بقدميه الارض ويجسها بعصاه!
كيف لا يكون ذلك
وهو يرى حلمه يهوي
ليسقط في وادٍ سحيق
كيف لا يكون ذلك
وهو يرى كلماته اعجز من ان تحلق بحلمه
حتى الى الدوح فتطرب بها الحمام
وتزغرد بها البلابل
لتتساقط كاوراق الخريف باهتة صفراء
تلعب بها الرياح ويعبث بها العابثون
ومع هذا المشهد المؤلم
ليس هناك من مواسٍ له
ومضمد لجراحه
بل يرى بعينيه المغرورقتين
تصفيق الاشجار بتساقط اوراق ذكرياته
اي تعاسة للانسان
حينما تكون دموعه من يواسيه
اي تعاسة
حينما يكون ضماد جراح الانسان الصبر المرير
تعاسة ما بعدها تعاسة
حينما تكون وحيدا فتسقط
ويصفق الآخرون لاجل سقوطك
وما اكثر الذكريات تلك التي تمخضت
في ليالي ربيع العمر
بعطر العمر
بعنفوان العمر
كروضة غنّاء
يورق الحس فيها ويسمو
يترنم ويذوب
تقصدها الافئدة فراشات
وتستهوى مجاميع القلوب
لا اطيل عليك قارئي الكريم اكثر
فلست الوحيد من اصابه السأم والملل
انا ايضا اصابني ما اصابك
لي رجاء عندك
ان لم تكن من اهل العشق
فقف حيث انت
وارجع الى حيث كنت
وان كنت من اهل ذاك الوادي
وادي الهيام
فلتتجرد روحك من لباسها المادي
وادخله بسلام
عندها اتشح بوشاح المحبين
ولتخلع نعليك عند محرابه
.
.
.
لكل عالم لغته
وعالم المحبين من تلك العوالم
فلا تذهب بك الظنون قارئي
وانت تقرا بعض المفردات التي وان سمعتها
في عالم آخر او قراتها فهي مستهجنة
محرمة
خاطرتي عبارة عن مشاعر جياشة
لانسان لم يزل به رمق حياة
اسريت الى روحه في هدأة ليل اليل
وسافرت الى فكره فكان لي
كالمشرب والمنهل
وغصت في قلبه فوجدته كالبحر
تبحر فيه اشرعة الوجدان
ويجود من خيراته كلمات
كاللؤلؤ والمرجان
امواج من الاحاسيس
لم تقوَ ارادتي على مواجهتها
كما ان سمعي اعجز من ان يقوى
على سماع هيجانها
بالحق كان بحر الم
وما دموع صاحبنا الا قطرات من ذلك البحر
اليك قارئي العزيز
قطرات من بحر الالم
كلمات مضى عليها اكثر من سبع سنوات
احببت ان يكون لها وجود هنا
لذكراها
