تاريخ العنف السياسي في الجزائر

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

السوفي حمة

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
2 أكتوبر 2007
المشاركات
2,260
نقاط التفاعل
291
النقاط
88
محل الإقامة
الوادي
الجنس
ذكر
[FONT=&quot]انتشرت ظاهرة العنف السياسي في الجزائر بأشكاله المختلفة. سواء ما يطلق عليه العنف السياسي الشعبي (الذي يمارسه المواطنون أفراداً أو جماعات ضد الأنظمة السياسية المتعاقبة)، أو ما يطلق عليه العنف السياسي المؤسـسي (الرسمي) والذي تمارسه الدولة من خلال أجهزتها المختلفة ضد المواطنين أفراداً أو جماعات، أو عناصر معينة منهم. وحيث أن هذه الظاهرة يكتنفها الكثير من الغموض في جوانبها المختلفة، فإن هناك حاجة ماسة إلى مزيد من البحث والتحليل في جذور ومسببات العنف السياسي في الجزائر.[/FONT]
[FONT=&quot]وعليه يمكن صياغة المشكلة على النحو التالي:[/FONT]
[FONT=&quot]هل العنف السياسي في الجزائر هو نتيجة لتناقضات في مواقف وتصورات القوى السياسية الموجودة على المسرح السياسي، أم أن هناك عدد من المتغيرات المختلفة التي أسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في انتشار ظاهرة العنف السياسي في الجزائر. من هنا تركز هذه الدراسة على إبراز العوامل المختلفة التي أدت إلى إنتشار العنف السياسي ظاهرة وسلوكاً في الجزائر وكذلك البحث في أساسيات المشكلة والتي وصلت إلى مرحلة أصبحت تهدد ليس المجتمع العربي في الجزائر بل جميع الدول العربية نظراً للترابط الكبير بين المجتمعات العربية.[/FONT]

[FONT=&quot]العنف السياسي في عهد بومدين :

[/FONT][FONT=&quot]إن ما تشهده الجزائر من عنف سياسي لم يكن وليد الساعة، بل ترجع جذوره إلى بداية السبعينات من هذا القرن إن لم يكن قبل ذلك. فالشعب الجزائري كان يرزح تحت الاستعمار الفرنسي أكثر من 132 عاما، ولم يحصل على استقلاله إلا بعد تضحيات كبيرة، وبعد استخدام كافة الوسائل المتعددة من الطرق السلمية إلى استخدام القوة والعنف بشتى صوره. ولذلك فشعب كان يعاني من التقتيل والتشريد والحصار والهيمنة الخارجية أصبحت لديه المناعة الكافية لاستيعاب وتحمل أية أزمة كانت. وباستطاعته أن يضحي في سبيل استقلاله وتحقيق أهدافه الدينية والسياسية والاقتصادية. ولم تحجم قدرته وتطلعاته أي محاولات سواء من الداخل أو الخارج. إلا أنه ومن منطلق أهداف هذه الدراسة فإننا سوف نتحدث عن حالة ظهور العنف المنظم في عهد الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين. لم تكن مرحلة الرئيس هواري بومدين مرحلة بناء واستقرار وتنمية فحسب بل كانت تشوبها بعض الصراعات السياسية والفكرية، إلا أنها لم تصل في حدتها وقوتها وخروجها على القانون مثل ما حدث في المراحل اللاحقة.[/FONT]
[FONT=&quot] إن المتتبع لجذور العنف السياسي في الجزائر ليجد جذوره الأولى في الأساس البنائي والهيكلي لدولة الجزائر الحديثة والذي نتج عن التغيير السياسي في شكل السلطة الجزائرية بعد الاستقلال والمتمثل في الحركة الانقلابية التي قادها الرئيس هواري بومدين في 19 من شهر يوليو لعام 1965م والتي أطاحت بالرئيس أحمد بن بيلا وانتهت بتعديل هيكلية النظام السياسي والتركيز على إعادة بناء الحزب الحاكم ومن ثم إنفراده المطلق بالسلطة مع استيعابه لبعض عناصر المعارضة من خلال طرح برامجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أجلت المواجهة بين النظام السياسي وعناصر المعارضة. ولذلك نجد أنه في بداية مرحلة الرئيس هواري بومدين أكد النظام السياسي على سياسة تأكيد الهوية العربية والإسلامية للدولة وكان هناك شبه إجماع على تجذير أيديولوجية الدولة الجديدة. الأيديولوجية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، وكان النظام السياسي في تلك المرحلة يجيد التعامل مع مختلف القوى في الدولة، بل أن مرجعية هذه القوى قد تم تحديدها في جبهة التحرير الوطني والتي بدورها استخدمت الإسلام كأداة لتمرير سياساتها وأيديولوجيتها ولذلك نجد أنه "في كل مرة يؤكد ساسة الجزائر انتماءهم إلى الحضارة العربية الإسلامية، وبقي الإسلام الملاذ الثقافي للمشروع الاشتراكي." (. قواص، 1998:24) وقد لعب الإسلام دوراً صاهراً لوحدة وهوية وشخصية الجزائر استمر في إسباغ شرعية على الجزائر المستقلة.[/FONT]
[FONT=&quot] فقد ساهمت الهوية الإسلامية للدولة في منح وتأكيد الشرعية للنظام السياسي، بل وحشدت كافة الكتل الشعبية خلف مشروع بناء الوحدة الوطنية، الأمر الذي أبعد -ولو مؤقتاً- شبح المواجهة بين النظام السياسي وقوى المعارضة. وفي مقابل ذلك حرص النظام السياسي على عدم إثارة الجماهير الشعبية، بل وقام بقبول بعض المطالب الشعبية التي تتعارض مع برامجه المختلفة. من ذلك عدلت الدولة عن "تطبيق سياسة تحديد النسل التي كانت تنادي بها، وذلك رغبة في اجتناب المعارضة الشديدة التي لقيتها هذه السياسة في أغلبية الأوساط الشعبية، وعدلت أيضاً عن التحويرات (التعديلات) الأساسية التي كانت تعتزم إدخالها في قانون الأحوال الشخصية خاصة فيما يهم حقوق المرأة." (بلعيد، 1998:79)[/FONT]
[FONT=&quot] لقد استطاع النظام السياسي في عهد بومدين أن يضع توازناً سياسياً هشاً بين جميع أطراف المعارضة في الجزائر، حيث نجده، أولاً: يؤكد على سياسة التعريب الأمر الذي أدى إلى كسب تأييد ودعم التيار الإسلامي والعروبي في الجزائر وخارجها. وثانياً: بدأ في عام 1972م بإطلاق ما يعرف بـ (الثورة الزراعية) والتي أحدثت نقلة نوعية في الجزائر من حيث أنها بدأت تروج للنظام الاشتراكي في الجزائر، خاصة بعد الاستعانة بخبراء من الاتحاد السوفييتي السابق لترسيخ هذا البرامج الزراعي، الذي لم يؤت بنتائج كما كان يتوقع النظام السياسي. ثالثاً: بدأ النظام السياسي يطرح برامج اقتصادية وثقافية متعددة لرفاهية المجتمع، إلا أن هذه الإجراءات كان يقصد بها توفير سند اجتماعي واقتصادي للنظام السياسي، كعوامل ضرورية لاستقراره والحفاظ على شرعيته، غير أن فشل هذه البرامج أدى إلى كشف عدم قدرة النظام وعجزه عن تطبيق برامجه المتعددة، بل إن هذا العجز عكس عقماً داخلياً في عدم قدرة النظام على إنتاج بدائل تطرح رؤية اقتصادية وسياسية عصرية تعبر عن رغبات ومتطلبات كافة شرائح وفئات المجتمع الجزائري. ولهذا أوجد النظام السياسي عداوة جميع أطراف المعارضة، مما أدى إلى بداية المواجهة الفعلية في عام 1975م والذي تمحور حول إقرار (الميثاق الوطني الجديد) والذي تم إقراره في عام 1976م بعد تنازلات وتحالفات بين مختلف أطراف الصراع في الدولة. ومع أن الميثاق الجديد قد "أفرز معادلات جديدة في السياسة الجزائرية، لكن الشرخ كان قد بدأ بالاتساع بين دعاة التعريب، ودعاة الإصلاح الزراعي" (مركز الدراسات والأبحاث، 1992:141). ولذلك بدأ النظام السياسي محاولاته بضبط وإضعاف مراكز القوى المتصارعة والتي تهدد كلا المشروعين (التعريب والثورة الزراعية)، لكن النظام وجد نفسه في مواجهة مع هذه القوى. وجد النظام السياسي نفسه في مواجهة مباشرة مع القوى الإسلامية وخاصة القوى التي رفضت الميثاق الوطني لعام 1976م، حيث انتقلت هذه المعارضة ولأول مرة في تاريخ الجزائر من المعارضة السلمية إلى استخدام العنف المسلح.(2) [/FONT] [FONT=&quot]والمتتبع لجذور العنف السياسي في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، يستطيع أن يحصر ذلك في ستة أمور أساسية: (قواص،1998، حيدوسي، 1997، مركز الدراسات والأبحاث، 1992).[/FONT]
[FONT=&quot]أولاً: فشل الثورة الزراعية وعدم تحقيق أهدافها التي نادت بها ، وما ترتب على ذلك الفشل من تغيير في التركيبة السكانية حيث نزح الكثير من سكان الريف إلى المدن الأمر الذي أدى إلى نوع من الخلل في التوازن الديموغرافي. وهذا بدوره أدى إلى ضغوط على النظام السياسي لتوفير الحاجات الأساسية للمجتمع، ونتيجة لهذا الفشل، يكتشف المجتمع الجزائري أن الثورة الزراعية لم تنتج سوى الحرمان والإحباط، الأمر الذي أدى إلى اهتزاز قاعدة النظام السياسي.[/FONT]
[FONT=&quot]ثانياً: تعثر سياسة "التعريب" في الجزائر والتي استجابت لكثير من الضغوط الداخلية والخارجية، الأمر الذي أدى إلى نوع من الفوضى في هذه السياسة.[/FONT]
[FONT=&quot]ثالثاً: فشل النظام السياسي في السيطرة على قطاع المساجد والذي اصبح ينمو بشكل كبير حيث انتشرت المساجد التي يتم إنشاؤها من قبل الشعب والجماعات الإسلامية وبذلك أصبحت مراكز توجيه وتنظيم وتخطيط للجماعات والتنظيمات الإسلامية.[/FONT]
[FONT=&quot]رابعاً: في عام 1971م سمحت الدولة بإقامة الجمعيات التي تحولت إلى منابر يعبر من خلالها الجزائريون عن توجهاتهم الفكرية واطروحاتهم السياسية ومنتظماتهم الاجتماعية وكان تأسيس هذه الجمعيات عبارة عن نقلة نوعية تنظيمية مهمة في الحياة السياسية للأفراد والجماعات في المجتمع الجزائري، وقد أدى ذلك إلى تقوية نفوذ ومكانة تلك الجمعيات والتهيئة إلى الانتقال إلى مرحلة تالية أكثر مواجهة مع النظام السياسي.[/FONT]
[FONT=&quot]خامساً: في عام 1976م فرض الرئيس بومدين تبني دستور جديد (الميثاق الوطني) وهو عبارة عن "دستور منسوخ عن النماذج الستالينية.... (حيث) جرى استبدال ديكتاتورية البروليتاريا بديكتاتورية الجهاز العسكري" (حيدوسي، 51:1997) وهذا الدستور الجديد بعيد كل البعد عن التعبير عن حقيقة التوازنات السياسية. وكردة فعل لمثل هذه السياسة، بدأت الجماعات والتنظيمات الإسلامية برفض هذا الدستور، ولذلك بدأ النظام السياسي بقمع الجماعات المعارضة للدستور، وخاصة الجماعات الإسلامية مما أدى إلى نموها وقوتها واثبات وجودها في المجتمع، وتوسيع قاعدتها الشعبية في مواجهة التيارات الأيديولوجية المتعددة، بل وفي مواجهة النظام السياسي.[/FONT]
[FONT=&quot]سادساً: فشل السياسة التصنيعية التي اعتمدها النظام السياسي، والتي تهدف إلى تشييد قاعدة اقتصادية متحررة عن تأثيرات وضغوط السياسة الاقتصادية الرأسمالية المهيمنة. ولتحقيق ذلك فقد تبنت النخبة الحاكمة "نموذجاً تنموياً يستند إلى مجموعة من الأفكار والإجراءات، مثل التأميمات وبناء قطاع عام واسع، واعتماد المخططات التنموية الهادفة إلى إقامة اقتصاد [متمركز حول الذات] وكذلك فكرة التصنيع الكثيف المستند على ما أطلق عليه اسم [الصناعات التصنيعية]" (قواص، 50:1998) وهذه السياسة أوقعت البلاد ضحية البرنامج الاقتصادي الغير متكافئ وإمكانات الدولة، حيث اعتبر الرئيس هواري بومدين أن "لا استقلال سياسياً دون سياسة تصنيعية مستقلة . غير أن تلك السياسة أدت إلى حرمان النظام من تأمين الاكتفاء الذاتي الغذائي للبلاد" (قواص، 50:1998)[/FONT]
[FONT=&quot]من خلال قراءة وتحليل العناصر السابقة يمكن القول بأن حجم العنف السياسي [بشقيه الشعبي والرسمي] في الجزائر خلال فترة الرئيس هواري بومدين لم يصل إلى درجة المواجهة المسلحة بين أطراف المعارضة، وبقي الوضع في إطار المعارضة السلمية باستثناء حالات محدودة، ولذلك نستطيع القول أن مرحلة هواري بومدين لم تشهد عنفاً سياسياً بالمعنى المتعارف عليه، إلا أن أواخر مرحلة الرئيس هواري بومدين، ونتيجة لبعض السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تم اتخاذها في تلك المرحلة بلورت أسس العنف السياسي المعاصر في الجزائر. ولذلك فإن هذه المرحلة من عهد الرئيس هواري بومدين قد يفسرها الاتجاه الذي يؤكد على حالة اختلال في النسق الاجتماعي والسياسي مما يؤدي إلى عدم قدرة النظام السياسي على التكيف مع البيئة الداخلية والخارجية، وكذلك عدم قدرته على الاستجابة للضغوط والمطالب الشعبية، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث العنف السياسي.[/FONT]


(2)كانت أول عملية عنف قد سجلت في مدينة [بليداء] مسقط رأس الشيخ محفوظ نحناح رئيس حركة المجتمع الإسلامي (حماس) قام بها أنصار الشيخ نحناح فاتحين بذلك الطريق لتغيير شكل المعارضة وأسلوبها من الأسلوب السلمي إلى أسلوب العنف
 
العنف السياسي في عهد الشاذلي بن جديد

[FONT=&quot]العنف السياسي وأسبابه في عهد الرئيس الشاذلي بن جديد.[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT][FONT=&quot]عقب وفاة الرئيس هواري بومدين أصبح هناك فراغ سياسي لم تستطع القيادة السياسية الجزائرية في حينه من التغلب على المؤثرات الخارجية والداخلية في ترتيب انتقال الحكم بطريقة تبعد تلك المؤثرات عن التدخل في السلطة، ولذلك نجد أن المؤسسة العسكرية تدخلت وبشكل مباشر في فرض من تعتقد أنه يحقق أهدافها ومن خلاله تستطيع أن تحكم الدولة. وكانت النتيجة أن تم اختيار الشاذلي بن جديد أحد عناصر جبهة التحرير الوطني لرئاسة الدولة، وهكذا تمكن الجيش من تكريس دوره في المراقبة وملاحظة كل ما يجري في الدولة وليصبح المحرك الأساسي لسياسة الدولة.(3) من هنا بدأت التنظيمات المختلفة في الجزائر تزداد نشاطاً ورفضاً للنهج (السياسي- العسكري) الذي فرضه الجيش على المجتمع الجزائري. وبما أن الرئيس بن جديد لم يفرض نفسه على منافسيه -كما فعل بومدين- بل تم اختياره بالتوافق بين بعض التيارات التي تمثل النخب المشاركة في السلطة بالإضافة إلى النخب المسلحة، ولذلك أصبح بن جديد مديناً لهذه النخب ملتزماً باطروحاتها وتوجهاتها السياسية والاقتصادية والأيديولوجية. ففي سبيل ذلك أكد نظام بن جديد على محورين مهمين شعبياً: هما المحور الاقتصادي والمحور السياسي.[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]
[FONT=&quot]المحور الاقتصادي:[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] لقد تبنى النظام السياسي منهجاً مغايراً لمنهج النظام السابق في سبيل تثبيت شرعيته. وبدأ يطرح سياسة اقتصادية تمثلت في إلغاء النظام الاشتراكي وتشجيع الخصخصة للأملاك العامة، والتشجيع على الاستهلاك عبر الاستيراد المكثف مقترناً بالدعم الحكومي للأسعار، وقد ساعد على ذلك زيادة دخل الدولة من موارد البترول، ومن هنا بدأ واضحاً استقرار العلاقة بين السلطة والمجتمع طيلة العقد الأول من فترة رئاسة الشاذلي بن جديد (1978-1988)، وكانت هذه السياسة هي الرابطة التي تمحورت حولها علاقة السلطة بالمجتمع، إلا أن خللاً خطيراً أصاب هذه العلاقة[/FONT]
[FONT=&quot] "عندما تقلصت الموارد المالية، في مقابل تزايد مستوى الإنفاق العام، نظراً إلى نمط الحياة الاستهلاكي غير الرشيد الذي برز مع بداية الثمانينات. فالانخفاض المؤلم في العايدات النفطية أدى ... إلى تهديد الركائز التي شيٌد عليها النظام نموذجه التنموي وإلى ضرب "المعادلة" السياسية-الاجتماعية التي أعتاد اعتمادها. ولم تنتج سياسة "الانفتاح" إلا ارتفاعاً جديداً في عدد المتضررين، طالت هذه المرة، تلك الشرائح التي كانت تستظل بالاقتصاد الموجه." (قواص، 1998: 53-54) [/FONT]
[FONT=&quot]لذلك ظهر الشرخ واضحاً في المجتمع الجزائري، فقد ظهرت شريحة "الأغنياء الجدد" وهي طبقة غير منتجة "تعيش وفق النموذج والسلوك الغربيين، تتمتع بوفرة استهلاكية عالية، وتستند إلى علاقات وطيدة مع أجهزة الدولة." (قواص، 56:1998) ومع أن القطاع الخاص كان يعول عليه أن يكون رمزاً للصعود والارتقاء الاجتماعي والمساهمة في دفع عملية التنمية، إلا أن انتشار الفساد داخل شركات القطاع العام وبعض الدوائر المرتبطة بالسلطة لم تكن تنوي السماح للقطاع الخاص بالاستناد إلى عقلنة اقتصادية قاعدتها الربح والجدوى، فمن شأن تلك الأسس أن تضرب شرعية النظام السياسية والاقتصادية والاجتماعية المرتكزة على سياسة التحكم بالتوزيع لمصلحة عناصر النظام السياسي.[/FONT]
[FONT=&quot] لقد برزت مظاهر الفشل الاقتصادي وتجسدت في ضعف الأداء والمرد ودية الاقتصادية للمنشآت والتجهيزات التي كلفت الدولة ثروات ضخمة. وكان من نتائج ذلك الفشل، "تعميق عملية التشوه والتبعية التي تعرضت لها البنية الاقتصادية بسبب الاعتماد شبه المطلق على مداخيل الريع النفطي." (عنصر، 1995:84) وعندما انهارت أسعار النفط في السوق الدولية، وفقدت قسماً كبيراً من عائداتها، وتفاقم الوضع الاقتصادي، وسيطرت البيروقراطية العسكرية على أوضاع الاقتصاد، لم تعد الدولة مع ذلك كله قادرة على الوفاء بوعودها لاصلاح الوضع الاقتصادي واضطرت إلى التخلي عن دعمها للأسعار الاستهلاكية، فارتفع معدل التضخم إلى حد أصبح يثير القلق على مستقبل الوضع الاقتصادي، وارتفع معدل البطالة حتى تجاوز 25% من القوى العاملة، وانخفضت قيمة العملة بنسبة 50% ، وجمدت الأجور، وتراكمت الديون حتى بلغت في بداية التسعينات حوالي 26 مليار دولار. (عنصر، 1995: 84-85) ونتج عن هذه الأوضاع المتردية انتقال شرائح كبيرة من المجتمع إلى التهميش بما في ذلك الطبقات الوسطى وخريجي الجامعات من أطباء ومهندسين، وبدأت هذه الشرائح تطالب بحصتها من الاستهلاك وإصلاح الوضع الاقتصادي المتدهور الأمر الذي ولد لدى هذه الشرائح "إحساساً عاماً بالظلم والحرمان، وأشعل نار التململ الاجتماعي المطالب بتوزيع أكثر عدالة للثروة الوطنية." (قواص، 59:1998) بل إن هذا الوضع الاقتصادي المتردي بدأ يضغط على الشرائح الاجتماعية، وبالذات الشابة منها، مما أدى إلى فقدان الثقة بالسلطة ورموزها، ولذلك وجدت هذه الشرائح خلاصها بالالتحاق بالحركة الدينية السياسية وتبنت بالمقابل ثقافة عنف تعبر من خلالها عن حالة ا ليأس والحرمان والقنوط التي تعتريها.(4)[/FONT]
[FONT=&quot]المحور السياسي:[/FONT][FONT=&quot][/FONT]
[FONT=&quot] لقد أدرك الرئيس بن جديد أن الأوضاع الدولية والإقليمية والمحلية تفرض عليه ضرورة التغيير السياسي ليتماشى وهذه المتغيرات. فعلى المستوى الدولي رأى الرئيس الشاذلي بن جديد أن دول العالم بدأت تعصف بها رياح التغيير، وبدأت غالبية دول العالم تعيد حساباتها من هذه التغييرات. فقد بدأت الدول تتحول نحو التعددية السياسية. وأن نظام الحزب الواحد أصبح غير ذي فاعلية، بل إن الدول أحادية الحزب في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفييتي (السابق) بدأت تنهار ، وأن التحول إلى نظام التعدد الحزبي هو التطور الحتمي الذي يجب على الأنظمة أن تتبناه في سبيل تجنب انتشار المعارضة والعنف.[/FONT]
[FONT=&quot] أما على المستوى السياسي المحلي: فقد كان حزب جبهة التحرير هو الحزب المسيطر والمحتكر للسلطة السياسية، وأدى هذا الاحتكار إلى خنق الحريات الفردية والعامة، بل ومصادرتها في بعض الأحيان ومن ثم التعسف في استعمال السلطة، وهذا بدوره أدى إلى فشل الجهاز البيروقراطي في أداء مهماته كوسيلة للاتصال وأداة لتنفيذ البرامج والمخططات، كل ذلك أدى إلى خلق فجوة بين النظام السياسي والمجتمع، بل وأوجد مواجهة بينهما، ونتج عن ذلك فقدان النظام السياسي لمصداقيته وشرعيته لدى شرائح المجتمع المختلفة، بل أدى إلى ظهور وضع متفجر يصل إلى استخدام العنف أحياناً لفك الحصار المضروب على القوى السياسية والاجتماعية في المجتمع. (نصر،:1995:88) ظهرت الخلافات والاختلافات في المؤسسات السياسية والعسكرية حول إدارة الأزمة، وظهرت حركات معارضة ذات قاعدة شعبية كبيرة: مثل الحركة الإسلامية، والتي نشأت حول المساجد والخطباء وتشبعت باطروحات قادة الحركة الإسلامية السياسية والتي جاءت كردة فعل لانتشار الفساد الإداري والمالي والسياسي في الدولة. وقد تشكل إطارها النضالي من الجامعيين والموظفين في القطاع العام في الدولة، وغالبيتهم من الشبان الذين وجدوا فيها اعترافاً اجتماعياً بوضعهم. كذلك برزت حركات معارضة -هي الأخرى فقدت الثقة في الدولة- تطالب بالتغيير السياسي والمؤسسي: مثل الحركة الثقافية البربرية، وأخرى ذات نزعة أيديولوجية تمثلت في المنظمات اليسارية. فجميع هذه التنظيمات على اختلاف توجهاتها واهدافها تتفق جميعاً على أمر أساسي وهو معارضة النظام السياسي ومعارضة الممارسات التي تقوم بها العناصر المتنفذة في السلطة. كانت مطالب المعارضة واضحة ومنسقة: تتمثل في وضع برنامج منهجي للإصلاحات المؤسسية والاقتصادية والاجتماعية والسياسية. أدرك النظام السياسي أنه أمام متغيرات يصعب ضبطها ولذلك ظهرت على رموز النظام علامات الإرباك والانقسام تجاه مطالب المعارضة، ومع ذلك أخذ النظام السياسي يراوغ ويناور ويرفض التنازل عن المكتسبات السياسية التي حققها، هذه السياسة أدت إلى انفجار الأوضاع في الدولة في أكتوبر عام 1988م، حيث ظهرت التظاهرات والحوادث وتدخل الجيش وأعلن حالة الطوارئ وبدأ الجيش يقمع التظاهرات. (حيدوسي، 89-1987:84)[/FONT]
[FONT=&quot] أدرك الرئيس بن جديد خطورة الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي في الدولة وأن الجزائر دخلت عصراً جديداً لابد فيه من تغيير لغة الخطاب السياسي، وأن المواجهة مع المعارضة حتمية مالم يتخذ النظام السياسي إصلاحات سياسية جذرية، ولذلك اعتمد الرئيس ما يعرف بسياسة "الانفتاح السياسي" والحوار والتغيير إلى الأفضل، لأن ذلك -كما يرى الرئيس- هو الوسيلة الوحيدة لجمع الحكم والمعارضة في محاولة لإبعاد شبح العنف المسلح عن الدولة، فأصدر قانون (5 يونيو 1989م) والذي يقضي بإلغاء نظام الحزب الواحد والسماح بنظام التعددية الحزبية ووعد بإجراء الانتخابات على المستويات المختلفة، ابتداءً من الانتخابات البلدية، مروراً بالانتخابات النيابية ووصولاً إلى الانتخابات الرئاسية. (أبو عامود،1993:119) ولتحقيق التغيير والانفتاح وتطبيق الديموقراطية، أعلن الرئيس عن إجراء الانتخابات النيابية في 26 ديسمبر 1991م، لم يتوقع النظام السياسي (ومؤسساته السياسية والعسكرية) عند طرح برنامج الانفتاح السياسي والتعدد الحزبي أن القوى السياسية الإسلامية تمتلك قاعدة شعبية عريضة تؤهلها للفوز بالانتخابات.(5) وجرت الانتخابات في موعدها وجاءت المفاجأة بحصول جبهة الإنقاذ على 188 مقعداً نيابياً من أصل 430 في الدورة الأولى، حيث حصلت على نسبة 44% من أصوات المقترعين، وكانت التوقعات تؤكد أن جبهة الإنقاذ ستحصل في الدورة الثانية على أغلبية الثلثين. (غانم، 1992:66) كانت رغبة الرئيس بن جديد هي التعايش مع جبهة الإنقاذ خاصة بعد ظهور المؤشرات التي تبين مدى شعبية الجبهة في الشارع الجزائري، وقد كانت استراتيجية ابن جديد هي محاولة لإرساء توازنات للقوى على الخريطة الجزائرية. توازنات بين السلطة السياسية من جهة والجبهة ذات التأثير الشعبي الكبير والقوى السياسية الأخرى من جهة أخرى.[/FONT]
[FONT=&quot] هذا التوجه للرئيس ابن جديد وكذلك الفوز الذي حققته الجبهة الإسلامية للإنقاذ لم يلق الرضى والقبول من قبل المؤسسة العسكرية، ولذلك بدأ الجيش يمسك بزمام السلطة لإبعاد الجبهة الإسلامية للإنقاذ من الوصول إلى السلطة، فأجبر الجيش الرئيس بن جديد على اتخاذ إجراءات تتعارض ومنهجه السياسي، ومنها: إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية التي فازت بها جبهة الإنقاذ، حل المجلس الشعبي الوطني (البرلمان)، تعليق العملية الانتخابية، وأخيراً أجبر الرئيس الشاذلي بن جديد على تقديم استقالته.(6) بعد تلك الإجراءات توالت الأحداث التي عصفت بالوضع المتفجر في الجزائر، مما جعل الجيش يتخذ بعض الإجراءات ومنها: حل الجبهة الإسلامية للإنقاذ ومنع وسائلها الإعلامية عن الصدور، بدء حملة الاعتقالات الواسعة في صفوف الحركة الإسلامية، خاصة بين قيادات الجبهة الإسلامية للإنقاذ، مع رفض إجراء أي حوار مع القوى السياسية.[/FONT]
[FONT=&quot] إنطلاقاً من هذه الإجراءات أصبح للمؤسسة العسكرية وزناً سياسياً كبيراً في نطاق المعادلة السياسية الجزائرية، وأخذت الأزمة الجزائرية منعطفاً خطيراً، فقد لعب الجيش دوراً أساسياً في انفجار الأوضاع وبداية المواجهة بين السلطة وقوى الإسلام السياسي. هذه الإجراءات دفعت أحزاب المعارضة "إلى العمل السري والاعتقاد بشرعية استخدام العنف في مواجهة السلطة السياسية التي لم تحترم إرادة الشعب التي عبر عنها في صناديق الانتخابات." (أبو عامود، 1993:120)[/FONT] [FONT=&quot] بعد نجاح المؤسسة العسكرية في الضغط على النظام السياسي لاتخاذ إجراءات ضد سياسة الانفتاح السياسي والاقتصادي، بدأ يتبلور دور الجيش كحارس للنظام السياسي وهذا جعله في مواجهة مباشرة مع القوى والتيارات السياسية التي بدأت تطرح نفسها كبديل للنظام السياسي القائم، ومن هنا اتجهت المؤسسة العسكرية إلى استخدام العنف ضد القوى المعارضة لتقليص وتحجيم دور هذه القوى. كما أن تركز السلطة في المؤسسة العسكرية تعزل من تشاء وتعين من تشاء(في رئاسة الدولة) على حساب إرادة ورغبات الشعب وتضييق الخناق على الجماعات والتنظيمات المعارضة، الأمر الذي أفقدها فاعليتها كقنوات اتصال بين الشعب والسلطة الحاكمة. كل ذلك أوجد بيئة مناسبة لممارسة أعمال العنف، فعندما تنعدم أو تضيق القنوات الرسمية للمشاركة والتعبير عن الرأي ينفتح الباب أمام العمل تحت الأرض، أضف إلى ذلك حالة الفشل والإحباط التي عمت الجماهير الجزائرية (وخاصة الشابة والمثقفة) نتيجة لسوء الأوضاع الاقتصادية وانتشار البطالة بين الناس والتي عبر عنها الشعب الجزائري في شكل تظاهرات عارمة خلال عامي 1988 و1991م. وهذه المرحلة من مراحل العنف السياسي في الجزائر يفسرها العامل السيكولوجي الذي يؤكد على أن المجتمعات عندما تمر بمرحلة ازدهار اقتصادي يعقبها فترة انتكاس حاد فإن ذلك يؤدي إلى نوع من الإحباط نتيجة لبروز فجوة بين التوقعات والآمال من ناحية وما يحصل عليه الناس من ناحية أخرى، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة احتمال ظهور العنف السياسي، وهذا ما حدث في الجزائر في أواخر عهد الرئيس الشاذلي بن جديد.[/FONT]
[FONT=&quot] [/FONT]

(3) بعد وفاة الرئيس هواري بومدين كانت التوقعات ترشح كل من صالح اليحياوي وعبدالعزيز بوتفليقة لخلافته في الحكم، إلا أن المؤسسة العسكرية تدخلت وفرضت عنصراً أضعف لكي تتمكن من فرض هيمنتها وسيطرتها على السلطة السياسية في الدولة، وقد ورد ذلك في خطاب استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد، حيث بين أنه خضع لإرادة قادة القوات المسلحة في استلام السلطة


(4) كانت أول عملية عسكرية كبيرة قامت بها إحدى الجماعات المتضررة من الأوضاع الاقتصادية ضد الجيش الجزائري في قمار بالجنوب الجزائري تشتمل على طبيب عاطل عن العمل.


(5) كانت القوى الإسلامية البارزة آنذاك هي: الجبهة الإسلامية للإنقاذ ويرأسها د. عباسي مدني، وحركة المجتمع الإسلامي ويرأسها الشيخ محفوظ نحناح، وحركة النهضة الإسلامية والتي أسسها ويرأسها الشيخ عبدالله جاب الله.


(6) تقول المصادر المقربة من الرئاسة أن الجيش قد أجبر الرئيس على الاستقالة، حيث اجتمع حوالي 180 ضابطاً من القوات المسلحة وبتواطئ مع الوزير الأول سيد احمد غزالي وأجبروا الرئيس على الاستقالة. (انظر حول هذا الأمر، (قواص 1998:123)، ( حيدوسي، 1997:173)
 
العنف السياسي في عهدي بوضياف وعلي كافي

[FONT=&quot]سمات العنف السياسي في الجزائر في عهد كل من بوضياف وعلي كافي:[/FONT]
[FONT=&quot] شهد عهد الرئيس الأمين زروال أشد أعمال العنف السياسي في الجزائر. غير أنه لايمكن الحديث عن أسباب العنف السياسي في عهد الرئيس الأمين زروال دون الأخذ في الاعتبار التراكمات السياسية والعنفية التي خلفتها الأنظمة السياسية السابقة، بدءأً بأواخر عهد الرئيس بن جديد ومروراً بعهد محمد بوضياف وانتهاءً بعهد علي كافي. تلك الأنظمة الثلاثة وما خلفته من تركة سياسية واقتصادية واجتماعية معقدة كانت بمثابة أسس العنف السياسي في عهد الأمين زروال. إن التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، التي شهدتها الجزائر في ظل دستور سنة 1989 والذي نص على التعددية السياسية، وجرت على أساسه الانتخابات المحلية في يونيو سنة 1990 ثم الانتخابات البرلمانية في ديسمبر 1991م، هذه التحولات من نظام الحزب الواحد [حزب جبهة التحرير الوطني] إلى النظام الديموقراطي القائم على تعدد الأحزاب السياسية، والمنافسة الحرة، والتداول السلمي للسلطة، وتقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي، والسماح للقطاع الخاص بممارسة دور أكبر في قطاعات الإنتاج والتصنيع والتجارة الداخلية والخارجية، تأثراً بالتحولات الجذرية التي شهدتها دول أوروبا الشرقية والاتحاد السوفييتي السابق، كل هذه التحولات لم تعكس تحولاً أساسياً في طبيعة هيمنة المؤسـسة العسكرية، بل إن هذه التجربة تم إحاطتها بسياج من القوانين والإجراءات التي أفرغتها من مضمونها الحقيقي، بل وأجهضتها قبل أن تتشكل وتؤتي ثمارها. إن المؤسسات التي تمتلك وسائل الإكراه (الجيش، الشرطة، أجهزة الاستخبارات) لم تكن قادرة على استيعاب القوى المختلفة والمتنوعة بطريقة سلمية وبدون اللجوء إلى العنف، وكذلك لم تستوعب المؤسسة العسكرية إعطاء الشعب دور في تحديد اختياره بطريقة مشروعة فهو وحده مصدر السلطات في الدولة والذي عبر عن هذا الدور من خلال صناديق الانتخابات في المرحلة الأولى في ديسمبر 1991م وأسفر ذلك عن فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ بأغلبية تصل إلى 44% من إجمالي عدد مقاعد المجلس الشعبي ( البرلمان) إلا أن المؤسسة العسكرية حاولت جر المنظمات والأحزاب الإسلامية للانخراط في العنف الأمر الذي برر لهذه المؤسسات ممارسة العنف السياسي وذلك بهدف ضمان استمرار النظام السياسي، والحفاظ على الوضع القائم، وتقليص حجم ودور القوى المعارضة للنظام، خاصة التنظيمات الإسلامية، ومن ثم إقناع النظام السياسي بعدم وجود مخرج إلا بالعودة إلى النظام السابق، والتخلي عن الإصلاحات السياسية.[/FONT]
[FONT=&quot] المؤسسة العسكرية في الجزائر ـ كغيرها من المؤسسات العسكرية في دول العالم الثالث ـ قد تكون وسيلة للاستقرار إذا استطاعت القيادة السياسية أن تروضها وتوجهها للقيام بوظيفتها الأساسية، وقد تنخرط المؤسسة العسكرية في المعترك السياسي وتفقد وظيفتها الأساسية وذلك يؤدي إلى الفوضى والعنف وعدم الاستقرار، وهذا يحدث في حالة سيطرة المؤسسة العسكرية على القيادة السياسية. وقد مرت الجزائر بالحالتين السابقتين: الأولى في عهد الرئيس هواري بومدين، حيث كان يتمتع بقوة الشخصية والقيادة الكاريزمية. لقد حيد الرئيس بومدين المؤسسة العسكرية من الانخراط في الحياة السياسية الجزائرية، ولذلك انفرد بالحكم فارضاً قوة الحزب (جبهة التحرير الوطني) في إدارة شؤون الدولة، وقد أدى ذلك إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي. أما الحالة الثانية فقد بدأت منذ وفاة الرئيس بومدين واستمرت إلى الوقت الراهن، حيث اتسمت هذه المرحلة بتدخل الجيش في السلطة السياسية وأصبح يعين ويقيل القيادات السياسية في الدولة.[/FONT]
[FONT=&quot] بعد استقالة الرئيس الشاذلي بن جديد حرصت المؤسسة العسكرية على الاحتماء بالشرعية التاريخية الثورية،(7) فقد بحثت المؤسسة العسكرية الحاكمة عن وجه مدني جديد، يمكن استخدامه واجهة للسلطة العسكرية وعلى أن يكون من القادة التاريخيين لحرب التحرير، فلم تجد المؤسسة العسكرية أفضل من محمد بوضياف وأحد صانعي الاستقلال،(8) حيث هو الشخصية التي تتوفر لديها صفات خاصة مؤهلة لرئاسة المجلس المؤقت (المجلس الأعلى للدولة)(9) ويعطيه الثقل الشرعي. تولى محمد بوضياف رئاسة "المجلس الأعلى للدولة" وطرح برنامجه السياسي والمتمثل في "أن مجلس الرئاسة هو وضع انتقالي نحو نظام ديموقراطي يحتكم إلى الدستور الذي تضعه جمعية تأسيسية منتخبه تلتزم بمبادئ الثورة الجزائرية، حول وحدة التراب الوطني والتنمية الاقتصادية الشاملة في خدمة المواطن." (أبو عامود، 1993:115)[/FONT]
[FONT=&quot] عندما استلم الرئيس بوضياف الحكم في الجزائر وجد أن السلطة السياسية لا تتمتع بالقاعدة الشعبية التي تستند عليها والتي تؤهلها لفرض النظام، وتوفر الدعم اللازم لمشروعها الاقتصادي والاجتماعي، وتشكل قوة سياسية لدعم برامجها المختلفة، أضف إلى ذلك اهتزاز صورة المؤسسة العسكرية لدى الشعب الجزائري خاصة بعد اشتراكه في مواجهات دامية ضد الجماهير الشعبية، وتجاوزه الدور الذي حدده له الدستور الجزائري وتدخله في اللعبة السياسية.(ميتكيس، 1993:44) لذلك طرح الرئيس بوضياف فكرة إنشاء تجمع وحدوي وطني يتكون من مجموعة من القوى السياسية والأحزاب والمنظمات المهنية والنقابية في تجمع وطني كأحد أشكال الحزب الواحد، أطلق عليه "حزب التجمع الوطني الديموقراطي" وذلك لسد الفراغ السياسي الناتج عن حل جبهة الإنقاذ الإسلامية وتجميد حزب التحرير الوطني.(أبو عامود، 1993:116) ثم بدأ الرئيس يعطي أهمية كبيرة لقضية الفساد المالي والإداري والتجاوزات التي ظهرت في مرحلة الرئيس بن جديد، وكان يبدو من طرح بوضياف السياسي أنه أصبح يهدد، ليس الوجود السياسي لتنظيمات المعارضة فحسب، بل كذلك أصبح يهدد مصالح النخب السياسية والعسكرية في الدولة، حيث كان يستعد لإقالة مجموعة من كبار الموظفين والمسؤولين في المؤسسة العسكرية. ومع أن الجيش لعب دوراً هاماً في تولي بوضياف السلطة، إلا أن بوضياف حاول أن يقلص من دور المؤسسة العسكرية في العمل السياسي وإيضاح أنه ليس واجهة للسلطة العسكرية، وكذلك أراد أن ينهج أسلوب مواجهة مع القوى التي يعتقد بأنها خلف هذا الفساد. وقد سبب ذلك مواجهة بين بوضياف من ناحية والمسؤولين السياسيين والعسكريين من ناحية أخرى، أضف إلى ذلك مواجهة بوضياف للقوى السياسية الإسلامية، حيث بدأت السلطة باعتقالات واسعة شملت القيادات البارزة في الأحزاب الإسلامية. ومن هنا وجد بوضياف أنه أصبح في صراع مع جبهتين، جبهة القوى الرسمية من مدنية وعسكرية وجبهة المعارضة، ونظراً إلى أن هذه المواجهة بين بوضياف والأطراف الأخرى هي مواجهة غير متكافئة، فقد دفع بوضياف حياته ثمناً لمواقفه تلك.http://4algeria.com/vb/#_edn4(10) [/FONT]
[FONT=&quot] بعد اغتيال بوضياف بدأ الصراع على السلطة في الجزائر، ورغبة المؤسسة العسكرية البقاء في الظل على الأقل في مرحلة عدم الاستقرار السياسي التي تعصف بالجزائر. ونتيجة لذلك حرصت المؤسسة العسكرية مرة أخرى على الاحتماء بالشرعية التاريخية الثورية، وتم اختيار علي حسين كافي الذي يعد رمزاً من رموز الشرعية الثورية، رئيساً للمجلس الأعلى للدولة وذلك لما يتمتع به من نفوذ قوي حيث تُوج هذا النفوذ برئاسته لمنظمة قدماء المجاهدين.[/FONT]
[FONT=&quot] عندما جاء علي كافي إلى السلطة رغب في تجسير الفجوة بين النظام السياسي والمعارضة بشتى أطيافها، أو تفتيت قوة المعارضة بما يخدم مصلحة النظام السياسي، فلجأ إلى أسلوب فتح الحوار والمصالحة وتهدئة الأوضاع السياسية بالإضافة إلى المناورة السياسية آخذاً بمنهج الاعتدال في التعامل مع المعارضة في محاولة لتحقيق الحد الأدنى من التوافق السياسي مع المنظمات والأحزاب المعارضة للنظام السياسي ومن ثم البحث عن صيغة توفيقية تكون مقبولة من كافة الأطراف. ففي سبيل تحقيق ذلك بدأ النظام السياسي باتخاذ جملة من الأساليب المختلفة مثل:(ميتكيس، 51-52 1993)[/FONT]
[FONT=&quot]أولا: محاولة استقطاب بعض القيادات الإسلامية لجبهة الإنقاذ سواء القيادات الرئيسية لعقد اتفاقات تصالحية معها، أو بعض القيادات المنشقة عن جبهة الإنقاذ ودعمها في سبيل الضغط على الجبهة أو محاولة تفتيت وحدتها.[/FONT]
[FONT=&quot]ثانياً: بدأ النظام السياسي في تكوين بديل لجبهة الإنقاذ من التنظيمات الإسلامية الهامشية في الحركة الإسلامية الجزائرية لتمثل الواجهة الشرعية للحركة الإسلامية، الأمر الذي قد يضعف الدور السياسي والمكانة الشعبية لجبهة الإنقاذ في الجزائر.[/FONT]
[FONT=&quot]ثالثاً: حرص النظام السياسي على مد حيز المصالحة لتشمل بقية أطراف المعادلة السياسية في الجزائر، خاصة الأحزاب السياسية العلمانية وذلك لتكوين توازن سياسي في الدولة بين الحكومة ومختلف التيارات السياسية الفاعلة في إطار مصالحة وطنية. إلا أن هذه الاستراتيجية لم تنجح ولم يحدث تغيير جوهري في الأوضاع السياسية والاقتصادية في الجزائر، بل لقد شهدت الجزائر في تلك المرحلة أعمال عنف واسعة النطاق شاركت فيها كافة قوات الحكومة والمعارضة باستخدام أساليب عنف أكثر شدة من أي وقت مضى.[/FONT]

(7) يقصد بالشرعية التاريخية الثورية، شرعية النظام السياسي الذي جاهد وحارب الاستعمار الفرنسي حتى حصلت الجزائر على الاستقلال، وبذلك اكتسب النظام السياسي وعناصره شرعية الحكم.


(8) ) محمد بوضياف أحد رجالات الثورة التاريخيين، يمتلك شرعية تاريخية لكونه كان واحداً من "مجموعة الـ 22" التي أطلقت انتفاضة الأول من نوفمبر 1954م. نفي إلى فرنسا بعد أزمة صيف 1922م، ثم حكم عليه بالإعدام في عام 1962 في عهد الرئيس احمد بن بيلا، وانتقل بعد ذلك إلى المغرب. ولذلك فإن اختياره من قبل المؤسسة العسكرية كرئيس لمجلس الرئاسة، هو إعطاء المجلس الذي كونته المؤسسة العسكرية الشرعية الضرورية لحكم البلاد.


(9) بعد استقالة ابن جديد تم استحداث المجلس الأعلى للدولة تحت مبرر دستوري هو استكمال مدة الرئيس السابق الشاذلي بن جديد التي كان قد تبقى منها سنتان، ويضم المجلس بالإضافة إلى بوضياف كل من:
(1) خالد نزار: وزير الدفاع (2) تيجاني هدام: شخصية إسلامية (3) علي هارون: دكتور في الحقوق ووزير دولة سابق لحقوق الإنسان (4) علي كافي: من قادة جبهة التحرير الوطني الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين.


http://4algeria.com/vb/#_ednref4(10) بالرغم من أن المدة الزمنية التي حكم فيها بوضياف الجزائر كانت فترة قصيرة جداً إلا أن النظام السياسي قد مارس في تلك المدة أشد أعمال العنف، حيث أن الجزائر لم تشهد قط قمعاً بلغ هذا العنف أو انتهاكاً صريحاً لحقوق الإنسان كما حدث أثناء حكم بوضياف. فقد شهدت هذه الفترة اعتقال ما بين 5 إلى 6 آلاف من أنصار جبهة الإنقاذ (أنظر ميتكيس، 1993:49).
 
تجليات العنف السياسي في عهد الأمين زروال.

[FONT=&quot] تجليات العنف السياسي في عهد الأمين زروال.[/FONT]
[FONT=&quot]في ضوء مسار الأحداث المعقدة هذه، وحدة تصاعد مواقف العنف، تم اختيار الأمين زروال ليرأس المجلس الأعلى للدولة. ولذلك فقد ورث نظام الرئيس زروال هذه التركة من الكم الهائل من تراكمات الصراع السياسي والعسكري بين النظام السياسي وقوى المعارضة في الجزائر. إذن فالعنف السياسي في عهد الأمين زروال ما هو إلا امتداد طبيعي لأسباب العنف في العهدين السياسيين السابقين لعهد زروال، ومع ذلك فقد اتسم عهد الأمين زروال بمجموعة من السمات التي لازمت النظام السياسي طوال فترته وأدت إلى ترسيخ واستمرارية العنف السياسي حتى أصبحت من سمات ذلك النظام. وتتمثل هذه السمات في الأبعاد التالية:[/FONT]
[FONT=&quot]أولاً: تورط جميع القوى السياسية (الرسمية والشعبية) وبكثافة شديدة في دوامة العنف السياسي الأمر الذي أدى إلى تشعب مصادر العنف السياسي في الدولة. إن إيقاف المسار الانتخابي في عام 1992 من قبل المجلس الأعلى للدولة والذي هيمنت عليه المؤسسة العسكرية قد فجر الأزمة بين سلطة النظام السياسي والقوى السياسية المعارضة، خاصة جبهة الإنقاذ الإسلامية التي حصلت في تلك الانتخابات على أغلبية مقاعد المجلس الوطني (البرلمان). تلك الأزمة التي جرفت جميع القوى الفاعلة على الخريطة السياسية الجزائرية في تكتلات سياسية وعسكرية في مواجهة بعضها البعض مما سبب حالة من الفوضى والتشتت وعدم الاستقرار في الدولة. فمنذ تسلم الأمين زروال السلطة في الدولة لم يستطع أن يغير من الوضع القائم بل لقد زادت أعمال العنف مما أدى إلى أزمة مجتمعية شاملة كان من نتيجتها ظهور المزيد من بؤر التوتر والانفجار في المجتمع، وبرز العديد من التنظيمات الفرعية المسلحة التي لم تعد تأتمر بأوامر وتوجيهات القيادة السياسية لجبهة الإنقاذ الإسلامية وانخرط المجتمع في دوامة من العنف يصعب على الرئيس، أو حتى المؤسسة العسكرية، التحكم فيه أو تحديد العناصر الفاعلة فيه.[/FONT]
[FONT=&quot]ثانياً: هيمنة المؤسسة العسكرية على القرار السياسي في الدولة، وبروزها كطرف رئيسي في العنف السياسي. وهذه السمة لا تقتصر على عهد زروال بقدر ما كانت سمة من سمات العهود السابقة وخاصة عهدي محمد بوضياف وعلي كافي. اكتسبت المؤسسة العسكرية الجزائرية هيبتها واحترامها من تاريخها الطويل في الكفاح حتى تحقق استقلال الجزائر ثم استمرت كمركز قوة داعمة للنظام السياسي في برامجه الإصلاحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية ولم تتورط المؤسسة العسكرية بشكل مباشر في صنع السياسة الجزائرية الخارجية والداخلية في مرحلة بناء الدولة الجزائرية وهي المرحلة التي استمرت من تاريخ الاستقلال عام 1962 حتى وفاة الرئيس الراحل هواري بومدين عام 1978م، إلا أن المؤسسة العسكرية برزت مع بداية عهد الشاذلي بن جديد كأقوى طرف في الصراع الدائر على السلطة في الجزائر، حيث نجحت في المشاركة والتحكم في كل الخيارات السياسية وتعدد تدخلها لضبط توازنات القوى في الجزائر. فبقدر ما لعبت المؤسسة العسكرية في الجزائر دوراً محورياً في حماية النظام السياسي، استطاعت أن تقوم بدور هام في الحياة السياسية خاصة فيما يتعلق باختيار قيادات النظام السياسي ابتداءً بالرئيس الشاذلي بن جديد وانتهاءً بالرئيس الأمين زروال. فمنذ تولي الرئيس الشاذلي بن جديد الرئاسة ارتبطت المؤسسة العسكرية، ممثلة في القيادات العسكرية، بشبكة واسعة من العلاقات مع النخب السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الدولة الأمر الذي ضمنت من خلاله الارتباط بمراكز اتخاذ القرار السياسي في الدولة، وهذا يبين الدور الاستراتيجي للمؤسسة العسكرية في النظام السياسي وقدرتها على المشاركة والتحكم عن قرب في توجيه وضبط إيقاع مؤسسة الرئاسة ومسارها السياسي.[/FONT]
[FONT=&quot] هذه الهيمنة العسكرية على أدوات صنع القرار والمشاركة الفعلية في رسم السياسة الخارجية والداخلية للجزائر شكلت عائقاً أساسياً في حركة النظام السياسي، الأمر الذي دفع القيادات السياسية إلى التخفيف من تلك الهيمنة ومن ثم تقنين دور المؤسسة العسكرية، وكان ذلك من خلال دستور 1989م والذي تضمن إشارة واضحة إلى حظر العمل على الجيش في المجال السياسي ومحاولة تحجيم دوره بإبعاده عن مصدر اتخاذ القرار السياسي، إلا أن المؤسسة العسكرية استطاعت الإمساك بزمام الأمور وتخلصت من جميع الرؤساء الذين حاولوا تجريد المؤسسة العسكرية من المكاسب السياسية التي تحققت لها منذ تولي الشاذلي بن جديد.(11)[/FONT]
[FONT=&quot]ثالثاً: انتفاء الشرعية التاريخية الثورية عن نظام الأمين زروال وضعف سلطته أمام المؤسسة العسكرية. ظلت الأنظمة السابقة لنظام الرئيس زروال تستمد شرعيتها من الشرعية التاريخية الثورية التي تحققت من خلال المقاومة الوطنية ضد الاستعمار الفرنسي، واستمرت هذه الشرعية في الدفاع عن أولوياتها في مواجهة أية قوة سياسية تحاول منافستها، إلا أن تراجع هذه الشرعية بعد حكم علي كافي سبب أزمة سياسية للنظام السياسي أدت إلى إضعاف الرئيس زروال. فالشرعية التاريخية للنظام السياسي - على مدى المراحل التاريخية السابقة- تمثلت في التداخل بين السلطة السياسية وجبهة التحرير الوطني التي قادت الجهاد ضد فرنسا، إلا أن فك الارتباط بين السلطة السياسية وجبهة التحرير الوطني أدى إلى تراجع شرعية النظام السياسي تجاه الجماهير، وفرض ضرورة البحث عن بديل شرعي آخر للنظام السياسي تمثل ذلك في نظام الإصلاحات السياسية من خلال بناء المؤسسات السياسية والتعدد الحزبي التي تحققت في أواخر عهد الرئيس الشاذلي بن جديد من تحول في شرعية النظام من الشرعية التاريخية إلى شرعية التعددية الحزبية.[/FONT]
[FONT=&quot] إن تدخل الجيش في السلطة أوقف الإصلاحات السياسية وحاول إعادة الاعتماد على الشرعية التاريخية الثورية من خلال اختيار كل من محمد بوضياف وعلي كافي كرمزين لهذه الشرعية وأصبحت المؤسسة العسكرية تتحكم في مجريات أمور الدولة من خلال تحكمها في مؤسسة الرئاسة والهيمنة على مفاتيح السلطة، حيث أصبحت تختار من تشاء على رأس الدولة وتقيل من تشاء. ومن وراء ستار الشرعية التاريخية قامت المؤسسة العسكرية بأعمال ومواجهات دامية ضد أطراف المعارضة السياسية والجماهير الجزائرية. ومن هذا المنطلق تم اختيار الرئيس الأمين زروال لرئاسة الدولة، وكان اختياره عبارة عن أول حالة خروج على الشرعية التاريخية، حيث لم يكن زروال من القيادات ذات الوزن التاريخي في النظام السياسي الجزائري. لذلك كان اختياره عبارة عن تأكيد هيمنة ووصاية المؤسسة العسكرية على مؤسسة الرئاسة، ومؤشراً واضحاً على خضوع الرئيس للجيش وعدم استقلاليته في اتخاذ القرار السياسي وتداخلت المسؤوليات بين المؤسستين، وفقدت مؤسسة الرئاسة مصداقيتها لدى شرائح عريضة من المجتمع الجزائري مما سبب توسيع الفجوة بين الحاكم والمحكوم. من هنا برز ضعف الرئيس زروال وكان ذلك واضحاً من جانبين:[/FONT]
[FONT=&quot](1) أن المؤسسة العسكرية هي التي أتت به إلى مؤسسة الرئاسة، ولذلك لابد للرئيس أن ينصاع وينفذ ما يرسم له من قيادة المؤسسة العسكرية، وانطلاقاً من خلفيته العسكرية فقد أعطى المؤسسة العسكرية دوراً كبيراً تمثل في هيمنتها على مركز القرار السياسي.[/FONT]
[FONT=&quot](2) يتعلق هذا الجانب بشرعية نظام زروال، فقد انتفت الشرعية التاريخية وكذلك الشرعية القانونية ونتيجة لذلك تحولت مؤسسة الرئاسة إلى مجرد هيئة استشارية مشكلة لأداء وظائف إدارية. من هنا فقدت مؤسسة الرئاسة ثقة الشعب والقوى السياسية في الجزائر، وأصبحت المؤسسة العسكرية تقوم بعملية الإقصاء لقوى سياسية واجتماعية ذات توجهات سياسية مغايرة مستخدمة في ذلك العنف والتصفية الجسدية لفرض الهيمنة، الأمر الذي أدى إلى ظهور ردود أفعال مماثلة لمقاومة الهيمنة والاستبداد الفئوي بالسلطة، حيث ظهر ذلك في المقاومة السلبية أولاً ثم الاحتجاج والعنف ثانياً. (عنصر، 88:1995) وعلى الرغم من هذا الوضع المتأزم بين السلطة السياسية والمؤسسة العسكرية من ناحية والمعارضة السياسية من ناحية أخرى، فقد حدث تغير جوهري في شرعية النظام السياسي كان من المفروض أن يستثمره الرئيس زروال للخروج من الطوق الذي ضرب حوله وحد من سلطته. هذا التغير تمثل في الانتخابات الرئاسية التعددية التي جرت في نوفمبر عام 1995، والتي فاز فيها الرئيس زروال بأكثر من 60% من الأصوات وأكتسب من خلالها الرئيس زروال شرعية قانونية فعلية، ألغت الحق التاريخي للشرعية الأولى.[/FONT]
[FONT=&quot] ففوز الرئيس زروال في تلك الانتخابات أتاح له فرصة كبيرة في التحرر من هيمنة المؤسسة العسكرية وفي فرض حل سياسي للأزمة وإعادة التوازنات للقوى السياسية في الدولة إنطلاقاً من أنه يستند إلى قاعدة شعبية، لكن الرئيس زروال لم يستثمر هذه الفرصة التي أتاحها له الشعب الجزائري من خلال صناديق الاقتراع.(المديني، 97-96 :1998) كذلك من ضمن المآخذ على حكومة زروال الأمور التالية: (أ) أن حكومة زروال لم تغير شيئاً بشأن إنتشار أعمال العنف والاضطرابات والصراع بين مختلف القوى السياسية من ناحية والحكومة والمؤسسة العسكرية من ناحية ثانية. (ب) كذلك لم تنجح في إدارة الأزمة السياسية في الجزائر. (ج) لم تنجح في الاستجابة للمطالب الشعبية والمتغيرات المتلاحقة على الساحة الجزائرية. (د) لم تستطع السيطرة على أعمال العنف في الدولة. (هـ) لم تنجح في معالجة وتحسين الظروف الاقتصادية المتردية في الجزائر. (و) لم تحقق الحوار مع القوى السياسية الفاعلة في الدولة وقد كان هذا الشعار أحد سمات برنامج الرئيس زروال عند انتخابه.[/FONT]
[FONT=&quot]أخيراً اكتشف الرئيس زروال أنه لم يكن إلا وسيلة من وسائل المؤسسة العسكرية لتحقيق أهدافها الاستراتيجية، ولذلك فاجأ الرئيس زروال الأحزاب السياسية والرأي العام الجزائري بقراره الانسحاب من الحياة السياسية قبل نهاية ولايته وسط عدم اقتناع عام بالأسباب التي أوردها، وهذا اعتراف منه بعدم قدرته على مواجهة المؤسسة العسكرية، وداعياً إلى انتخابات رئاسية، والتي تمت في شهر فبراير 1999، وفاز فيها الرئيس عبدالعزيز بوتفليقه.[/FONT]

(11 فرضت المؤسسة العسكرية الاستقالة على الرئيس الشاذلي بن جديد. أما محمد بوضياف فقد تمت تصفيته في ظروف مازالت غامضة. الرئيس الأمين زروال تمت مضايقته وفرض الضغوط عليه حتى أعلن استقالته ولم تنته بعد مدة رئاسته
 
خلاصة الجزء الأول

إن هذا البحث وجدته وللأسف لم أعرف صاحبه
لكنه يحتوي على حقائق تاريخية مثيرة ومازال فيه الكثير حول العنف السياسي في الجزائر ما بعد 1999 والعوامل الخارجية والداخلية المرتبطة بهذه الظاهرة سوف أنشرها إن كان هناك تفاعل مع الموضوع
 

السلام عليكم

جاري قراءة و متابعة الموضوع

شكرا لك .
 
يا حبذا لو اضفت واجتهدت واعطيتنا زبدة الموضوع والعصارة لما سلف في مقال من انشائك وبقلمك

كل ما جاء قراءة وتحليل واجتهاد من صاحبه لواقع الممارسة السياسية المتبادلة بين الحاكم

والمحكوم في المسيرة السياسية للبلاد

انبه انه ليس تاريخ يؤرخ ويدرس ولكنه تحليل سياسي كغيره

اما انا اقول

فاما الحاكم فطاغية جبار اخر اهتمامه المحكوم

والسياسة مفهوم معدوم ومقصور لطبقة بعينها

واما المحكوم فتابع مكبل اليدين مكموم الفاه معصوم العينين لا يعي من السياسة

سوى يحيا ويعيش الحاكم وتعيش حرمه وعشيقته وحاشيته وغنمه ويعيش الوطن

ويعيش العلم وتعيش سارية العلم ويعيش

مارسم فيه من اشكال هندسية والوان زاهية تصر الناظرين

وتعيش الكلاب الظالة والضباع والغربان والثعالب

في ارض الامجاد والشهيد


ولا عشت انا

والمعارضة عارضة في الطريق يمكن ازالتها في اي وقت

فالموت البطيء للشعب حكم سياسي لا نقاش في الاحكام السياسية

ولكن يمكنك المشاركة فيها بالتصفيق والتهليل لها

فالسياسة وباء ووبال على صاحبها

اما العنف السياسي في الجزائر فقد تحول

الى اسلوب الجزرة والعصا

واحيانا زواج عرفي بين النظام والمعارضة

وما نراه الان هو زواج على سنة الله ورسوله

والحضور هو الشعب يطبل ويزغرد ويهلل

بالزواج السعيد وعقبال الذرية الطالحة .




 
أخي فريد شكرا على نصيحتك
ولكن الموضوع مازال فيه بقية وسوف نختمه إن شاء الله
بعصارة غنية من الأفكار
فاصبر علينا قليلا لأننا هواة خربشات سياسية لا محترفين
أدامك الله لنا مرشدا ناصحا
 
هذا تسلسل للاحداث مشبع بكلمة عنف عنف

وهو يضع البلاد في دوامة صراع من السبب في ما حصل
وهي دائرة مفرغة ومتاهة سياسية وتاريخية

العنف السياسي هوالاستحواذ على الحكم والتحكم في مصير الشعب والبلاد

حسب رايي

اما الشعب فعندما اراد ممارسة هذا الطبع

فقد زج به السجون والمعتقلات والتصفيات الجسدية

اذن العنف الساسي ممارس فقط من طرف الحاكم

حتى العصيان المدني لا يغير في الواقع شيئ

لان ببساطة الحاكم لايؤمن بالتغيير ولا يرى التغيير الا باختياره حاكما على الشعب




 
[font=&quot]انتشرت ظاهرة العنف السياسي في الجزائر بأشكاله المختلفة. سواء ما يطلق عليه العنف السياسي الشعبي (الذي يمارسه المواطنون أفراداً أو جماعات ضد الأنظمة السياسية المتعاقبة)، أو ما يطلق عليه العنف السياسي المؤسـسي (الرسمي) والذي تمارسه الدولة من خلال أجهزتها المختلفة ضد المواطنين أفراداً أو جماعات، أو عناصر معينة منهم. وحيث أن هذه الظاهرة يكتنفها الكثير من الغموض في جوانبها المختلفة، فإن هناك حاجة ماسة إلى مزيد من البحث والتحليل في جذور ومسببات العنف السياسي في الجزائر.[/font]
[font=&quot]وعليه يمكن صياغة المشكلة على النحو التالي:[/font]
[font=&quot]هل العنف السياسي في الجزائر هو نتيجة لتناقضات في مواقف وتصورات القوى السياسية الموجودة على المسرح السياسي، أم أن هناك عدد من المتغيرات المختلفة التي أسهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في انتشار ظاهرة العنف السياسي في الجزائر. من هنا تركز هذه الدراسة على إبراز العوامل المختلفة التي أدت إلى إنتشار العنف السياسي ظاهرة وسلوكاً في الجزائر وكذلك البحث في أساسيات المشكلة والتي وصلت إلى مرحلة أصبحت تهدد ليس المجتمع العربي في الجزائر بل جميع الدول العربية نظراً للترابط الكبير بين المجتمعات العربية.[/font]

[font=&quot]العنف السياسي في عهد بومدين :

[/font][font=&quot]إن ما تشهده الجزائر من عنف سياسي لم يكن وليد الساعة، بل ترجع جذوره إلى بداية السبعينات من هذا القرن إن لم يكن قبل ذلك. فالشعب الجزائري كان يرزح تحت الاستعمار الفرنسي أكثر من 132 عاما، ولم يحصل على استقلاله إلا بعد تضحيات كبيرة، وبعد استخدام كافة الوسائل المتعددة من الطرق السلمية إلى استخدام القوة والعنف بشتى صوره. ولذلك فشعب كان يعاني من التقتيل والتشريد والحصار والهيمنة الخارجية أصبحت لديه المناعة الكافية لاستيعاب وتحمل أية أزمة كانت. وباستطاعته أن يضحي في سبيل استقلاله وتحقيق أهدافه الدينية والسياسية والاقتصادية. ولم تحجم قدرته وتطلعاته أي محاولات سواء من الداخل أو الخارج. إلا أنه ومن منطلق أهداف هذه الدراسة فإننا سوف نتحدث عن حالة ظهور العنف المنظم في عهد الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين. لم تكن مرحلة الرئيس هواري بومدين مرحلة بناء واستقرار وتنمية فحسب بل كانت تشوبها بعض الصراعات السياسية والفكرية، إلا أنها لم تصل في حدتها وقوتها وخروجها على القانون مثل ما حدث في المراحل اللاحقة.[/font]
[font=&quot] إن المتتبع لجذور العنف السياسي في الجزائر ليجد جذوره الأولى في الأساس البنائي والهيكلي لدولة الجزائر الحديثة والذي نتج عن التغيير السياسي في شكل السلطة الجزائرية بعد الاستقلال والمتمثل في الحركة الانقلابية التي قادها الرئيس هواري بومدين في 19 من شهر يوليو لعام 1965م والتي أطاحت بالرئيس أحمد بن بيلا وانتهت بتعديل هيكلية النظام السياسي والتركيز على إعادة بناء الحزب الحاكم ومن ثم إنفراده المطلق بالسلطة مع استيعابه لبعض عناصر المعارضة من خلال طرح برامجه السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أجلت المواجهة بين النظام السياسي وعناصر المعارضة. ولذلك نجد أنه في بداية مرحلة الرئيس هواري بومدين أكد النظام السياسي على سياسة تأكيد الهوية العربية والإسلامية للدولة وكان هناك شبه إجماع على تجذير أيديولوجية الدولة الجديدة. الأيديولوجية الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والدينية، وكان النظام السياسي في تلك المرحلة يجيد التعامل مع مختلف القوى في الدولة، بل أن مرجعية هذه القوى قد تم تحديدها في جبهة التحرير الوطني والتي بدورها استخدمت الإسلام كأداة لتمرير سياساتها وأيديولوجيتها ولذلك نجد أنه "في كل مرة يؤكد ساسة الجزائر انتماءهم إلى الحضارة العربية الإسلامية، وبقي الإسلام الملاذ الثقافي للمشروع الاشتراكي." (. قواص، 1998:24) وقد لعب الإسلام دوراً صاهراً لوحدة وهوية وشخصية الجزائر استمر في إسباغ شرعية على الجزائر المستقلة.[/font]
[font=&quot] فقد ساهمت الهوية الإسلامية للدولة في منح وتأكيد الشرعية للنظام السياسي، بل وحشدت كافة الكتل الشعبية خلف مشروع بناء الوحدة الوطنية، الأمر الذي أبعد -ولو مؤقتاً- شبح المواجهة بين النظام السياسي وقوى المعارضة. وفي مقابل ذلك حرص النظام السياسي على عدم إثارة الجماهير الشعبية، بل وقام بقبول بعض المطالب الشعبية التي تتعارض مع برامجه المختلفة. من ذلك عدلت الدولة عن "تطبيق سياسة تحديد النسل التي كانت تنادي بها، وذلك رغبة في اجتناب المعارضة الشديدة التي لقيتها هذه السياسة في أغلبية الأوساط الشعبية، وعدلت أيضاً عن التحويرات (التعديلات) الأساسية التي كانت تعتزم إدخالها في قانون الأحوال الشخصية خاصة فيما يهم حقوق المرأة." (بلعيد، 1998:79)[/font]
[font=&quot] لقد استطاع النظام السياسي في عهد بومدين أن يضع توازناً سياسياً هشاً بين جميع أطراف المعارضة في الجزائر، حيث نجده، أولاً: يؤكد على سياسة التعريب الأمر الذي أدى إلى كسب تأييد ودعم التيار الإسلامي والعروبي في الجزائر وخارجها. وثانياً: بدأ في عام 1972م بإطلاق ما يعرف بـ (الثورة الزراعية) والتي أحدثت نقلة نوعية في الجزائر من حيث أنها بدأت تروج للنظام الاشتراكي في الجزائر، خاصة بعد الاستعانة بخبراء من الاتحاد السوفييتي السابق لترسيخ هذا البرامج الزراعي، الذي لم يؤت بنتائج كما كان يتوقع النظام السياسي. ثالثاً: بدأ النظام السياسي يطرح برامج اقتصادية وثقافية متعددة لرفاهية المجتمع، إلا أن هذه الإجراءات كان يقصد بها توفير سند اجتماعي واقتصادي للنظام السياسي، كعوامل ضرورية لاستقراره والحفاظ على شرعيته، غير أن فشل هذه البرامج أدى إلى كشف عدم قدرة النظام وعجزه عن تطبيق برامجه المتعددة، بل إن هذا العجز عكس عقماً داخلياً في عدم قدرة النظام على إنتاج بدائل تطرح رؤية اقتصادية وسياسية عصرية تعبر عن رغبات ومتطلبات كافة شرائح وفئات المجتمع الجزائري. ولهذا أوجد النظام السياسي عداوة جميع أطراف المعارضة، مما أدى إلى بداية المواجهة الفعلية في عام 1975م والذي تمحور حول إقرار (الميثاق الوطني الجديد) والذي تم إقراره في عام 1976م بعد تنازلات وتحالفات بين مختلف أطراف الصراع في الدولة. ومع أن الميثاق الجديد قد "أفرز معادلات جديدة في السياسة الجزائرية، لكن الشرخ كان قد بدأ بالاتساع بين دعاة التعريب، ودعاة الإصلاح الزراعي" (مركز الدراسات والأبحاث، 1992:141). ولذلك بدأ النظام السياسي محاولاته بضبط وإضعاف مراكز القوى المتصارعة والتي تهدد كلا المشروعين (التعريب والثورة الزراعية)، لكن النظام وجد نفسه في مواجهة مع هذه القوى. وجد النظام السياسي نفسه في مواجهة مباشرة مع القوى الإسلامية وخاصة القوى التي رفضت الميثاق الوطني لعام 1976م، حيث انتقلت هذه المعارضة ولأول مرة في تاريخ الجزائر من المعارضة السلمية إلى استخدام العنف المسلح.(2) [/font] [font=&quot]والمتتبع لجذور العنف السياسي في عهد الرئيس الراحل هواري بومدين، يستطيع أن يحصر ذلك في ستة أمور أساسية: (قواص،1998، حيدوسي، 1997، مركز الدراسات والأبحاث، 1992).[/font]
[font=&quot]أولاً: فشل الثورة الزراعية وعدم تحقيق أهدافها التي نادت بها ، وما ترتب على ذلك الفشل من تغيير في التركيبة السكانية حيث نزح الكثير من سكان الريف إلى المدن الأمر الذي أدى إلى نوع من الخلل في التوازن الديموغرافي. وهذا بدوره أدى إلى ضغوط على النظام السياسي لتوفير الحاجات الأساسية للمجتمع، ونتيجة لهذا الفشل، يكتشف المجتمع الجزائري أن الثورة الزراعية لم تنتج سوى الحرمان والإحباط، الأمر الذي أدى إلى اهتزاز قاعدة النظام السياسي.[/font]
[font=&quot]ثانياً: تعثر سياسة "التعريب" في الجزائر والتي استجابت لكثير من الضغوط الداخلية والخارجية، الأمر الذي أدى إلى نوع من الفوضى في هذه السياسة.[/font]
[font=&quot]ثالثاً: فشل النظام السياسي في السيطرة على قطاع المساجد والذي اصبح ينمو بشكل كبير حيث انتشرت المساجد التي يتم إنشاؤها من قبل الشعب والجماعات الإسلامية وبذلك أصبحت مراكز توجيه وتنظيم وتخطيط للجماعات والتنظيمات الإسلامية.[/font]
[font=&quot]رابعاً: في عام 1971م سمحت الدولة بإقامة الجمعيات التي تحولت إلى منابر يعبر من خلالها الجزائريون عن توجهاتهم الفكرية واطروحاتهم السياسية ومنتظماتهم الاجتماعية وكان تأسيس هذه الجمعيات عبارة عن نقلة نوعية تنظيمية مهمة في الحياة السياسية للأفراد والجماعات في المجتمع الجزائري، وقد أدى ذلك إلى تقوية نفوذ ومكانة تلك الجمعيات والتهيئة إلى الانتقال إلى مرحلة تالية أكثر مواجهة مع النظام السياسي.[/font]
[font=&quot]خامساً: في عام 1976م فرض الرئيس بومدين تبني دستور جديد (الميثاق الوطني) وهو عبارة عن "دستور منسوخ عن النماذج الستالينية.... (حيث) جرى استبدال ديكتاتورية البروليتاريا بديكتاتورية الجهاز العسكري" (حيدوسي، 51:1997) وهذا الدستور الجديد بعيد كل البعد عن التعبير عن حقيقة التوازنات السياسية. وكردة فعل لمثل هذه السياسة، بدأت الجماعات والتنظيمات الإسلامية برفض هذا الدستور، ولذلك بدأ النظام السياسي بقمع الجماعات المعارضة للدستور، وخاصة الجماعات الإسلامية مما أدى إلى نموها وقوتها واثبات وجودها في المجتمع، وتوسيع قاعدتها الشعبية في مواجهة التيارات الأيديولوجية المتعددة، بل وفي مواجهة النظام السياسي.[/font]
[font=&quot]سادساً: فشل السياسة التصنيعية التي اعتمدها النظام السياسي، والتي تهدف إلى تشييد قاعدة اقتصادية متحررة عن تأثيرات وضغوط السياسة الاقتصادية الرأسمالية المهيمنة. ولتحقيق ذلك فقد تبنت النخبة الحاكمة "نموذجاً تنموياً يستند إلى مجموعة من الأفكار والإجراءات، مثل التأميمات وبناء قطاع عام واسع، واعتماد المخططات التنموية الهادفة إلى إقامة اقتصاد [متمركز حول الذات] وكذلك فكرة التصنيع الكثيف المستند على ما أطلق عليه اسم [الصناعات التصنيعية]" (قواص، 50:1998) وهذه السياسة أوقعت البلاد ضحية البرنامج الاقتصادي الغير متكافئ وإمكانات الدولة، حيث اعتبر الرئيس هواري بومدين أن "لا استقلال سياسياً دون سياسة تصنيعية مستقلة . غير أن تلك السياسة أدت إلى حرمان النظام من تأمين الاكتفاء الذاتي الغذائي للبلاد" (قواص، 50:1998)[/font]
[font=&quot]من خلال قراءة وتحليل العناصر السابقة يمكن القول بأن حجم العنف السياسي [بشقيه الشعبي والرسمي] في الجزائر خلال فترة الرئيس هواري بومدين لم يصل إلى درجة المواجهة المسلحة بين أطراف المعارضة، وبقي الوضع في إطار المعارضة السلمية باستثناء حالات محدودة، ولذلك نستطيع القول أن مرحلة هواري بومدين لم تشهد عنفاً سياسياً بالمعنى المتعارف عليه، إلا أن أواخر مرحلة الرئيس هواري بومدين، ونتيجة لبعض السياسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تم اتخاذها في تلك المرحلة بلورت أسس العنف السياسي المعاصر في الجزائر. ولذلك فإن هذه المرحلة من عهد الرئيس هواري بومدين قد يفسرها الاتجاه الذي يؤكد على حالة اختلال في النسق الاجتماعي والسياسي مما يؤدي إلى عدم قدرة النظام السياسي على التكيف مع البيئة الداخلية والخارجية، وكذلك عدم قدرته على الاستجابة للضغوط والمطالب الشعبية، الأمر الذي يؤدي إلى حدوث العنف السياسي.[/font]


(2)كانت أول عملية عنف قد سجلت في مدينة [بليداء] مسقط رأس الشيخ محفوظ نحناح رئيس حركة المجتمع الإسلامي (حماس) قام بها أنصار الشيخ نحناح فاتحين بذلك الطريق لتغيير شكل المعارضة وأسلوبها من الأسلوب السلمي إلى أسلوب العنف


لنفرض انو فيه مواطن اعزب الله غالب عليه

راس ماله براكة لبيع البطاطا

شهد هذا المغبون ربحا وافيا بعد دخوله في التجارة مباشرة

و بدون اطالة لنتحدث عن حالته عند افلاسه
لم يبقى له سوى كاجو او اثنين من البطاطا و السلعة كحالته طبعا
و للاسف كان مخصوص في قمجة و فيستا لانو الحال بارد و .....

حتما اشترى احتاجياته و تخلى عن راس ماله

هو ليس غباء و لكن هو التفكير السلبي و عدم ترتيب الاولويات

من رايي لو انه اكمل تجارته بالحلال و صبر قليلا و لم يأثر عليه البرد ...

لوسع في تجارته واكمل نصف دينه و ارتقى في حياته و مضى ......


لكن للاسف .

بعد ذلك استمرت حالته نحو الاسوء و اصبح ينهب كل ماهو ليس له

يسرق .... يكذب .....

لنتوقف عند هذه الحالة

هل يتوقف و يتوب الى الله عز وجل و يتمسك بكتابه وسنة رسوله

لا

اتردي لماذا

لانه وجد الخبزة طايبة ...... وجد اشخاصا نية و مهابل

فتمسك بمهنته هذه لانها تنعم عليه بالربح السريع

واااااااااا اسفاه

ارادوا معاقبته و لكنهم فشلواا لتميزه و احترافه لمهنته

نعم فاجتهد في مهنته

الى يونا هذا .



ارجوا ان تفهم ما كتبته و تقبل وجهة نظري

و تسأل الله ان يصلح احوالنا


حياك الله













 

لنفرض انو فيه مواطن اعزب الله غالب عليه

راس ماله براكة لبيع البطاطا

شهد هذا المغبون ربحا وافيا بعد دخوله في التجارة مباشرة

و بدون اطالة لنتحدث عن حالته عند افلاسه
لم يبقى له سوى كاجو او اثنين من البطاطا و السلعة كحالته طبعا
و للاسف كان مخصوص في قمجة و فيستا لانو الحال بارد و .....

حتما اشترى احتاجياته و تخلى عن راس ماله

هو ليس غباء و لكن هو التفكير السلبي و عدم ترتيب الاولويات

من رايي لو انه اكمل تجارته بالحلال و صبر قليلا و لم يأثر عليه البرد ...

لوسع في تجارته واكمل نصف دينه و ارتقى في حياته و مضى ......


لكن للاسف .

بعد ذلك استمرت حالته نحو الاسوء و اصبح ينهب كل ماهو ليس له

يسرق .... يكذب .....

لنتوقف عند هذه الحالة

هل يتوقف و يتوب الى الله عز وجل و يتمسك بكتابه وسنة رسوله

لا

اتردي لماذا

لانه وجد الخبزة طايبة ...... وجد اشخاصا نية و مهابل

فتمسك بمهنته هذه لانها تنعم عليه بالربح السريع

واااااااااا اسفاه

ارادوا معاقبته و لكنهم فشلواا لتميزه و احترافه لمهنته

نعم فاجتهد في مهنته

الى يونا هذا .



ارجوا ان تفهم ما كتبته و تقبل وجهة نظري

و تسأل الله ان يصلح احوالنا


حياك الله



هذا يوصلنا الى حقيقة ان ما كان يمارس على الشعب هو سرقة وكذب وتلاعب في غطاء سياسي

لمصلحة البلاد العليا . والشعب كان يتوهم ان البلاد في حالة انزلاق خطير بينما هي لعبة الكر والفر
يمارسها السراق والحرامية في هذا البلد كانت الفائدة منه لاصحاب الخفاء ونال الشهب الرعب والجزع والخوف الذي مازال يعيشه واصبح من سيمته .
 
هذا تسلسل للاحداث مشبع بكلمة عنف عنف

وهو يضع البلاد في دوامة صراع من السبب في ما حصل
وهي دائرة مفرغة ومتاهة سياسية وتاريخية

العنف السياسي هوالاستحواذ على الحكم والتحكم في مصير الشعب والبلاد

حسب رايي

اما الشعب فعندما اراد ممارسة هذا الطبع

فقد زج به السجون والمعتقلات والتصفيات الجسدية

اذن العنف الساسي ممارس فقط من طرف الحاكم

حتى العصيان المدني لا يغير في الواقع شيئ

لان ببساطة الحاكم لايؤمن بالتغيير ولا يرى التغيير الا باختياره حاكما على الشعب







الصراع السياسي في الجزائر بدأ حتى قبل الاستقلال
من خلال صراع الأطراف السياسية حول كيفية المطالبة بالإسقتلال ثم انتقل الصراع إلى داخل أجنحة الثورة بين المدنيين والعسكريين أيهما أحق بالقيادة ومن ثم انقلاب بومدين
والصراعات السياسية بين السلطة من جهة وبين مختلف التيارات الأيديولوجية من اسلاميين وعلمانيين وتيار أمازيغي وغيرها من جهة أخرى ولم تنتهي هذه الدوامة حتى بعد الانفتاح السياسي لأن بعض الأجنحة في السلطة وحتى في المعارضة عملت على عرقلة المسار الديمقراطي بعد فوز حزب إسلامي بالانتخابات المحلية ثم التشريعية مما يخولها لإستلام السلطة في البلاد.
ولعل هناك من يتذكر ما قاله سعيد سعدي لعباسي مدني مباشرة على الهواء
وبالحرف الواحد
لن نترككم تصلون للسلطة
 
أكبر خطا ارتكبه الساسة هو الانفتاح السياسي بعد احداث اكتوبر غير المشروط

ادخل البلاد في صراع ايديولوجي رجح الكفة المتعمد من اطراف عدة لصالح الاسلاميين على حساب الحزب الحاكم


 
أخي بن مهيدي لعل من المآخذ التي تؤخذ على العزيز الراحل هواري بومدين هو اتباعه للنظام الاشتراكي المستورد من الاتحاد السوفياتي دون تكييفه مع الواقع الجزائري وكذلك محاولة العمل على أكثر من جبهة
فهو من ابتدع الثورات الثلاث : الزراعية والصناعية والثقافية
وهي ثورات أثبتت فشلها حتى عند أصحابها
وأيضا محاولة تزيين الواقع الإجتماعي للمواطن من خلال سياسة التشغيل اللاعقلانية فمنصب الشغل الواحد يوظف فيه إثنان أو ثلاثة مماجعل المؤسسات الحكومية أماكن للنوم أكثر منها للعمل
 
أكبر خطا ارتكبه الساسة هو الانفتاح السياسي بعد احداث اكتوبر غير المشروط

ادخل البلاد في صراع ايديولوجي رجح الكفة المتعمد من اطراف عدة لصالح الاسلاميين على حساب الحزب الحاكم



الانفتاح السياسي الغير مشروط جاء نتيجة ضغوط داخلية وخارجية على الشاذلي
فمن ضمن قانون الأحزاب بند يمنع قيام أحزاب على أساس عرقي أو ديني
لكن مورس ضغط على الشاذلي لمنح الاعتماد لحزب rcd فقام هو بالمقابل بمنح الترخيص للفيس وبالتالي فتح الباب على مصراعيه أمام كل الأحزاب بدون قيد أوشرط
ونظرا للكبت السياسي الذي كان يعانيه الجزائريون فإن الأمور أخذت منحى جد خطير وإنزلاقات سياسية كانت آخرها توقيف المسار الانتخابي ودخول الجزائر في دوامة عنف
 
استسمحكم عذرا ليسير النقاش بمراحل تبدأ بالمرحلة الولى وهي مرحلة ما بعد الاستقلال وميلاد السياسة الداخلية

الجزائرية .والتي اظن انها كانت اهدأ من المرحلة بهد النفتاح السياسي ولكنها مهدت للانفجار السياسي

لانه كانت تمارس السياسة من طرف واحد ومن المركزية الحزبية الواحدة تشريعيا وتنفيذيا

لذلم ولد هذا الانغلاق قتبلة موقوتة سرعان ما انفجرت في وجه الحزب الوحيد .
 
استسمحكم عذرا ليسير النقاش بمراحل تبدأ بالمرحلة الولى وهي مرحلة ما بعد الاستقلال وميلاد السياسة الداخلية

الجزائرية .والتي اظن انها كانت اهدأ من المرحلة بهد النفتاح السياسي ولكنها مهدت للانفجار السياسي

لانه كانت تمارس السياسة من طرف واحد ومن المركزية الحزبية الواحدة تشريعيا وتنفيذيا

لذلم ولد هذا الانغلاق قتبلة موقوتة سرعان ما انفجرت في وجه الحزب الوحيد .


أخي فريد بعد الاستقلال مباشرة ظهر أول صراع سياسي في الجزائري من خلال صراع الأخوة الأعداء بين السلطة الحاكمة باسم جبهة التحرير وبعض الأحزاب والتيارات الأخرى ومنها حزب جبهة القوى الإشتراكية لآيت أحمد وتيار محمد بوضياف المنادي بالتعددية مما جعل آيت أحمد يفر للخارج وبوضياف يوضع في محتشد رقان
كما تأجج الصراع بين المدنيين والعسكريين داخل السلطة وأيهما أحق بالقيادة
 
اذن من البداية

صراع على السلطة وكيفية تشكيل توجهها ومسيرتها القادمة

بين مركزية ومتعددة

اضن ان بوضياف كان يمثل التعددية والاتفتاح السياسي





 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top