hakim4algeria
:: عضو مُشارك ::
- إنضم
- 7 أوت 2006
- المشاركات
- 144
- نقاط التفاعل
- 0
- النقاط
- 6
- العمر
- 50
"يأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِى أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى للنّاس وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللّه بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُواْ الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُواْ اللّه عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ" سورة البقرة (183ـ185).
لاشك أن شهر رمضان الفضيل هو الشهر الشامل لكل الأمة الإسلامية ، وهذا يعني ان جميع المسلمين يلتمسون أجواءه و يتطلعون لنسكه التي جاء لهداية المسلمين بها الى الله تعالى وحل الأزمات القائمة في نفوس الناس وبينهم أفرادا ومذاهب. كما انه مدرسة التربص الروحي التي تنبه المسلم لمسؤولية معالجة مشاكله الفردية و الاجتماعية ،وشهر رمضان المبارك في الوقت نفسه مؤتمر إسلامي شامل في مقاصده السامية وآفاقه الروحية و أبعاده الإنسانية ومن ذلك الأبعاد الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعقائدية والأخلاقية والروحية والسلوكية.
وهذه القضية من الوضوح لدى المسلم الملتزم بدرجة عالية ليس من خلال العادة فحسب بل من خلال المرحلة الحرجة التي يمربها المجتمع الإسلامي في هذا العصر.
فشهر رمضان الكريم : هو الإنابة إلى الله تعالى والرجوع الى الإسلام الصافي وبرؤية أوسع و نفسية أرحب، إنه شهر الرحمة الذي يعمق الوضوح والفهم لحقيقة الايمان بالله والتطلع الى مستقبل إسلامي أفضل ورؤية للقضايا العالقة بمنظور إسلامي لا جهوي.
لكن وضوح هذه الحقيقة الرمضانية والتطلع إليها لا يكفي وحده في تقديم الحلول لقائمة الأزمات الطويلة التي نستشعرها و نلمسها في تفاصيل حياتنا الإسلامية وتتفاقم باستمرار كلما تقدم الزمن بنا وتطلعنا الى المستقبل.بيد أننا نحتاج دائماً الى أمرين رئيسيين متوازيين ومتكاملين على مستوى الفرد و المجتمع .
أحدهما: تشخيص المحاور الرئيسية لمشكلات الذات الإسلامية(1) والتي تتشعب عنها معظم الأزمات ومعرفة حلولها الناجعة والعودة بالذات الى الأصل الإسلامي وشريعته السمحاء مع إرجاع التفاصيل للأصول، حتى لا ننشغل بالمهم عن الأهم.
وثانيهما: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا).
لابد أن نستنبط في شهر رمضان الكريم ،العزم الراسخ على الاستقامة في الحياة بكل تفاصيلها و نعمل جادين وبتواصل لمعالجة أزماتنا الذاتية ،لان منهج شهر رمضان كما وضعه الله تعالى هو الندم و التوبة و العزم على الاستقامة و العمل من أجل الإسلام وأيضا الامتحان والجهاد و نبقى مع الآية الكريمة (ولا يلقاها إلاّ الذين صبروا ولا يلقاها إلاّ ذو حظ عظيم).
ولأنّ تكامل المسلم و وعيه لمسؤوليته الرسالية في الحياة ورشده الاجتماعي ورقيه للكمالات الإلهية مرهون بنسبة كبيرة بهذا الشهر العظيم،شهر الارادة والعزم وجهاد النفس والاستقامة على طريق المخلصين لله تعالى الذين " قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة".
وبخصوص (النقطة الأولى) فانّ المحاور الرئيسية للمشكلات العامة للذات الإسلامية من يمكن مقاربتها بالنقاط التالية:
1- عدم التفقه في الدين والتعرف على مصادره الأساسية(الثقلين) وأساليب معالجته للأزمات الإنسانية والإجتماعية.
2- فقدان التجسيد والتطبيق العملي للأخلاق الإسلامية و الأحكام الأساسية في الحياة الفردية و الاجتماعية وانعدام المصداق الصحيح لعلاقة المسلم بأخيه المسلم و بالأمة.
3- اضمحلال العلاقات الانسانية الاجتماعية في أوساط الأمة وفي مقدمتها علاقات الأسرة وعلاقة الأطياف الاجتماعية، وقضايا الوحدة الإسلامية.
4- التهاون في تفعيل ثقافة العدالة الاجتماعية ومعالجة الفقر واقعياً.
وأمّا النقطة الثانية فيمكن تلخيصها في بعدين رئيسيين:
الأول: الاستغراب الثقافي.
الثاني: المادية التي أطلقت العنان للغرائز الانسانية والميول الشهوانية وعبادة الهوى وبناء ، مما أركس الاستجابة لنداء السماء(إستجيبوا لله و لرسول إذا دعاكم لما يحييكم) لدى المسلم الراهن وغيبوبته عن تكامل الروح الانسانية ومتطلبات الدار الآخرة.
و كلا البعدين متلازمين حيث يستمدان وجودهما من بعض .
أما عن العزم الراسخ على الإستقامة والجهاد والعمل ،لاشك في أنّه ذروة السنام في هذا الشهر المبارك هو طلب الرحمة و المغفرة و العتق من النار بكل أبعادها وتفاصيلها .
وقضية العزم أو الإرادة ـ وهي من الأزمات الرئيسية في الواقع الإسلامي المعاصرـ وان كانت النواة الأساسية في المعرفة و المنهج الإسلامين لدى معالجة المشكلات الانسانية عموما إلاّ أن التركيز عليها لازال سطحيا أكثر منه جوهريا.
أو قل أنها ذات حضور نظري لا أكثر و لا أقل،أما على المستوى العملي الذي يشكل الفيصل في هذه النواة ، فهو شيء آخر حقيقته الكبيرة و العظيمة تحمّلها و جسدها الأنبياء و الأئمة عليهم الصلاة و السلام و الصالحين رضوان الله عليهم عبر التاريخ الإنساني الإسلامي وهي مسؤولية (التزكية) و(التطهير) كما ورد التعبير عنها في القرآن الكريم في عدة آيات وفي أحاديث أئمة الهدى عليهم السلام.
إن شهر رمضان الفضيل ليس مجرد بهجة و فرح بخصوصية إسلامية فقط و تذوق لأشهى المأكولات و أطيبها والتسامر بالليل ، ليس بهذا الإفراط و التفريط ، ولكن هو شهر إكتشاف الذات و التطلع للحقيقة الإسلامية ومعرفة الواقع الإسلامي والصيام هو درجة عالية من الالتزام النفسي والصبر العملي والتسامح و اللاعنف السلوكي والتطلع لبلوغ منتهى رضا الله تعالى.
رمضان، مدرسة أخلاقية ،بقدر ما يلتزم المسلم الصائم بنظامها ويواظب على مناهجها إيجابيا، يكتسب صفات روحية ومعنوية تتسم بالثبات والاستقامة والقدرة على مواجهة التحديات وتحمل المشاق وتخطي العقبات.
وهذا المنظور العقائدي والأخلاقي في أجواء شهر رمضان الكريم يمثل أهم مهمة وأزمة على الإطلاق في مواجهة الهوى و الشياطين ويشكل الجوهر القوي و المتكامل والراسخ للذات الإسلامية على طول خط الزمن.
لابد ان نعطي القدر الكافي من الاهتمام والأولوية لهذا الجانب في حراكنا الرمضاني وفي تخطيطنا الحياتي وفي تنمية قدراتنا على معالجة أزماتنا الذاتية.
لقد حاولت في هذا المقال المقتضب أن أتناول بصورة عامة جوهر شهر رمضان الفضيل من خلال بعض الأفكار الرئيسية و التي لها تأثير مباشر وكبير على الإطار العام للذات الإسلامية، وإذا أخذنا في عين الاعتبار موضوع (الوعي الإسلامي) لاريب انه سوف يساهم بدرجة بليغة وحاسمة في حل أزمة الاغتراب الثقافي وفقدان الثقة بالذات وهذا كله يرتبط ـ أيضا ـ بالدور الأساسي للمسجد وعلاقة المسلم به و الإعلام الإسلامي بشتى وسائله.
كما أن مقاربة موضوع العدالة الاجتماعية و ظاهرة الفقر والتكافل الاجتماعي، بجوهر شهر رمضان الكريم ،تنتج بعدا رئيسيا ، لأنّ المأزق يرجع بصورة أساسية لما أشار اليه الحديث الشريف في باب الزكاة عن الإمام الصادق عليه السلام (انّ الله عزّ وجل فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم ولو علم انّ ذلك لا يسعهم لزادهم انهم لم يؤتوا من قبل فريضة الله عزّ وجل ولكن أوتوا من منع من منعهم حقهم لا مما فرض الله لهم ولو إن الناس أدوا حقوقهم لكانوا عايشين بخير).(2)
وبشأن ليلة القدر في جوهر شهر رمضان المبارك فلا مناص من إستيحاء جواهر عظيمة.. كونها أنزل فيها القرآن و خير من ألف شهر ،أضف إلى ذلك أنها موضع إستباق لأنها لم تحدد بالضبط ، و هذا منهج تربوي من خلال تفعيل روح التطلع للأسمى و الكمالات الروحية. في هذا الصدد هنالك حقيقتان ، الأولى : أن ليلة القدر هي أعظم ليلة ، والثانية : أنه لابد أن نطل من خلال أجواء رمضان على رجاء الله واليوم الآخر .. ،لا بد أن نتخذ من رمضان مدرسة لنا ، على صعيد كل جوانب الحياة ، كلّنا .. رجالاً ونساء ، فمهما تغيّر كل شيء في الحياة في الزمان أو المكان، لابد أن نتخذ شهر رمضان طريقاً لبلوغ الرضا الإلهي ، كما حددها الله في كتابه ورسوله الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم في آخر جمعة من شعبان "...و هو شهر قد دعيتم فيه إلى ضيافة الله،و جعلتم فيه من أهل الكرامة....فاسألوا ربكم بنيات صادقة و قلوب طاهرة .....و تصدقوا على فقرائكم و مساكينكم و وقروا كباركم و إرحموا صغاركم و صلوا أرحامكم و احفظوا ألسنتكم....و توبوا إلى الله من ذنوبكم...." .
على كل حال، الآن ونحن في ضيافة الله ، ينبغي أن نتتبع أثر كل ما من شأنه أن يورثنا عزا و كرامة المشار إليها في الخطبة النبوية في الدنيا و نجاة و فلاحا في الآخرة، وهذا يتطلب معرفة آداب الضيافة ،بكل أدب وصدق وجدية.
أخيرا، نسأل الله تعالى التوفيق والسداد لكل المسلمين المخلصين في هذا الشهر الكريم.
ونبقى في رحاب ، وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين.
لاشك أن شهر رمضان الفضيل هو الشهر الشامل لكل الأمة الإسلامية ، وهذا يعني ان جميع المسلمين يلتمسون أجواءه و يتطلعون لنسكه التي جاء لهداية المسلمين بها الى الله تعالى وحل الأزمات القائمة في نفوس الناس وبينهم أفرادا ومذاهب. كما انه مدرسة التربص الروحي التي تنبه المسلم لمسؤولية معالجة مشاكله الفردية و الاجتماعية ،وشهر رمضان المبارك في الوقت نفسه مؤتمر إسلامي شامل في مقاصده السامية وآفاقه الروحية و أبعاده الإنسانية ومن ذلك الأبعاد الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعقائدية والأخلاقية والروحية والسلوكية.
وهذه القضية من الوضوح لدى المسلم الملتزم بدرجة عالية ليس من خلال العادة فحسب بل من خلال المرحلة الحرجة التي يمربها المجتمع الإسلامي في هذا العصر.
فشهر رمضان الكريم : هو الإنابة إلى الله تعالى والرجوع الى الإسلام الصافي وبرؤية أوسع و نفسية أرحب، إنه شهر الرحمة الذي يعمق الوضوح والفهم لحقيقة الايمان بالله والتطلع الى مستقبل إسلامي أفضل ورؤية للقضايا العالقة بمنظور إسلامي لا جهوي.
لكن وضوح هذه الحقيقة الرمضانية والتطلع إليها لا يكفي وحده في تقديم الحلول لقائمة الأزمات الطويلة التي نستشعرها و نلمسها في تفاصيل حياتنا الإسلامية وتتفاقم باستمرار كلما تقدم الزمن بنا وتطلعنا الى المستقبل.بيد أننا نحتاج دائماً الى أمرين رئيسيين متوازيين ومتكاملين على مستوى الفرد و المجتمع .
أحدهما: تشخيص المحاور الرئيسية لمشكلات الذات الإسلامية(1) والتي تتشعب عنها معظم الأزمات ومعرفة حلولها الناجعة والعودة بالذات الى الأصل الإسلامي وشريعته السمحاء مع إرجاع التفاصيل للأصول، حتى لا ننشغل بالمهم عن الأهم.
وثانيهما: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا).
لابد أن نستنبط في شهر رمضان الكريم ،العزم الراسخ على الاستقامة في الحياة بكل تفاصيلها و نعمل جادين وبتواصل لمعالجة أزماتنا الذاتية ،لان منهج شهر رمضان كما وضعه الله تعالى هو الندم و التوبة و العزم على الاستقامة و العمل من أجل الإسلام وأيضا الامتحان والجهاد و نبقى مع الآية الكريمة (ولا يلقاها إلاّ الذين صبروا ولا يلقاها إلاّ ذو حظ عظيم).
ولأنّ تكامل المسلم و وعيه لمسؤوليته الرسالية في الحياة ورشده الاجتماعي ورقيه للكمالات الإلهية مرهون بنسبة كبيرة بهذا الشهر العظيم،شهر الارادة والعزم وجهاد النفس والاستقامة على طريق المخلصين لله تعالى الذين " قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألاّ تخافوا ولا تحزنوا وابشروا بالجنة التي كنتم توعدون نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة".
وبخصوص (النقطة الأولى) فانّ المحاور الرئيسية للمشكلات العامة للذات الإسلامية من يمكن مقاربتها بالنقاط التالية:
1- عدم التفقه في الدين والتعرف على مصادره الأساسية(الثقلين) وأساليب معالجته للأزمات الإنسانية والإجتماعية.
2- فقدان التجسيد والتطبيق العملي للأخلاق الإسلامية و الأحكام الأساسية في الحياة الفردية و الاجتماعية وانعدام المصداق الصحيح لعلاقة المسلم بأخيه المسلم و بالأمة.
3- اضمحلال العلاقات الانسانية الاجتماعية في أوساط الأمة وفي مقدمتها علاقات الأسرة وعلاقة الأطياف الاجتماعية، وقضايا الوحدة الإسلامية.
4- التهاون في تفعيل ثقافة العدالة الاجتماعية ومعالجة الفقر واقعياً.
وأمّا النقطة الثانية فيمكن تلخيصها في بعدين رئيسيين:
الأول: الاستغراب الثقافي.
الثاني: المادية التي أطلقت العنان للغرائز الانسانية والميول الشهوانية وعبادة الهوى وبناء ، مما أركس الاستجابة لنداء السماء(إستجيبوا لله و لرسول إذا دعاكم لما يحييكم) لدى المسلم الراهن وغيبوبته عن تكامل الروح الانسانية ومتطلبات الدار الآخرة.
و كلا البعدين متلازمين حيث يستمدان وجودهما من بعض .
أما عن العزم الراسخ على الإستقامة والجهاد والعمل ،لاشك في أنّه ذروة السنام في هذا الشهر المبارك هو طلب الرحمة و المغفرة و العتق من النار بكل أبعادها وتفاصيلها .
وقضية العزم أو الإرادة ـ وهي من الأزمات الرئيسية في الواقع الإسلامي المعاصرـ وان كانت النواة الأساسية في المعرفة و المنهج الإسلامين لدى معالجة المشكلات الانسانية عموما إلاّ أن التركيز عليها لازال سطحيا أكثر منه جوهريا.
أو قل أنها ذات حضور نظري لا أكثر و لا أقل،أما على المستوى العملي الذي يشكل الفيصل في هذه النواة ، فهو شيء آخر حقيقته الكبيرة و العظيمة تحمّلها و جسدها الأنبياء و الأئمة عليهم الصلاة و السلام و الصالحين رضوان الله عليهم عبر التاريخ الإنساني الإسلامي وهي مسؤولية (التزكية) و(التطهير) كما ورد التعبير عنها في القرآن الكريم في عدة آيات وفي أحاديث أئمة الهدى عليهم السلام.
إن شهر رمضان الفضيل ليس مجرد بهجة و فرح بخصوصية إسلامية فقط و تذوق لأشهى المأكولات و أطيبها والتسامر بالليل ، ليس بهذا الإفراط و التفريط ، ولكن هو شهر إكتشاف الذات و التطلع للحقيقة الإسلامية ومعرفة الواقع الإسلامي والصيام هو درجة عالية من الالتزام النفسي والصبر العملي والتسامح و اللاعنف السلوكي والتطلع لبلوغ منتهى رضا الله تعالى.
رمضان، مدرسة أخلاقية ،بقدر ما يلتزم المسلم الصائم بنظامها ويواظب على مناهجها إيجابيا، يكتسب صفات روحية ومعنوية تتسم بالثبات والاستقامة والقدرة على مواجهة التحديات وتحمل المشاق وتخطي العقبات.
وهذا المنظور العقائدي والأخلاقي في أجواء شهر رمضان الكريم يمثل أهم مهمة وأزمة على الإطلاق في مواجهة الهوى و الشياطين ويشكل الجوهر القوي و المتكامل والراسخ للذات الإسلامية على طول خط الزمن.
لابد ان نعطي القدر الكافي من الاهتمام والأولوية لهذا الجانب في حراكنا الرمضاني وفي تخطيطنا الحياتي وفي تنمية قدراتنا على معالجة أزماتنا الذاتية.
لقد حاولت في هذا المقال المقتضب أن أتناول بصورة عامة جوهر شهر رمضان الفضيل من خلال بعض الأفكار الرئيسية و التي لها تأثير مباشر وكبير على الإطار العام للذات الإسلامية، وإذا أخذنا في عين الاعتبار موضوع (الوعي الإسلامي) لاريب انه سوف يساهم بدرجة بليغة وحاسمة في حل أزمة الاغتراب الثقافي وفقدان الثقة بالذات وهذا كله يرتبط ـ أيضا ـ بالدور الأساسي للمسجد وعلاقة المسلم به و الإعلام الإسلامي بشتى وسائله.
كما أن مقاربة موضوع العدالة الاجتماعية و ظاهرة الفقر والتكافل الاجتماعي، بجوهر شهر رمضان الكريم ،تنتج بعدا رئيسيا ، لأنّ المأزق يرجع بصورة أساسية لما أشار اليه الحديث الشريف في باب الزكاة عن الإمام الصادق عليه السلام (انّ الله عزّ وجل فرض للفقراء في مال الأغنياء ما يسعهم ولو علم انّ ذلك لا يسعهم لزادهم انهم لم يؤتوا من قبل فريضة الله عزّ وجل ولكن أوتوا من منع من منعهم حقهم لا مما فرض الله لهم ولو إن الناس أدوا حقوقهم لكانوا عايشين بخير).(2)
وبشأن ليلة القدر في جوهر شهر رمضان المبارك فلا مناص من إستيحاء جواهر عظيمة.. كونها أنزل فيها القرآن و خير من ألف شهر ،أضف إلى ذلك أنها موضع إستباق لأنها لم تحدد بالضبط ، و هذا منهج تربوي من خلال تفعيل روح التطلع للأسمى و الكمالات الروحية. في هذا الصدد هنالك حقيقتان ، الأولى : أن ليلة القدر هي أعظم ليلة ، والثانية : أنه لابد أن نطل من خلال أجواء رمضان على رجاء الله واليوم الآخر .. ،لا بد أن نتخذ من رمضان مدرسة لنا ، على صعيد كل جوانب الحياة ، كلّنا .. رجالاً ونساء ، فمهما تغيّر كل شيء في الحياة في الزمان أو المكان، لابد أن نتخذ شهر رمضان طريقاً لبلوغ الرضا الإلهي ، كما حددها الله في كتابه ورسوله الأكرم صلى الله عليه و آله و سلم في آخر جمعة من شعبان "...و هو شهر قد دعيتم فيه إلى ضيافة الله،و جعلتم فيه من أهل الكرامة....فاسألوا ربكم بنيات صادقة و قلوب طاهرة .....و تصدقوا على فقرائكم و مساكينكم و وقروا كباركم و إرحموا صغاركم و صلوا أرحامكم و احفظوا ألسنتكم....و توبوا إلى الله من ذنوبكم...." .
على كل حال، الآن ونحن في ضيافة الله ، ينبغي أن نتتبع أثر كل ما من شأنه أن يورثنا عزا و كرامة المشار إليها في الخطبة النبوية في الدنيا و نجاة و فلاحا في الآخرة، وهذا يتطلب معرفة آداب الضيافة ،بكل أدب وصدق وجدية.
أخيرا، نسأل الله تعالى التوفيق والسداد لكل المسلمين المخلصين في هذا الشهر الكريم.
ونبقى في رحاب ، وما توفيقي إلا بالله العلي العظيم، والحمد لله رب العالمين.