السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
على امتداد الأيام التي مضت من شهر شعبان الذي يتهيأ المسلمون فيه لاستقبال شهر رمضان الفضيل .. توالت الاعلانات في الفضائيات عن المسلسلات التلفزيونية التي سيتم تقديمها خلال شهر رمضان حتى لكأن هذا الشهر الفضيل هو شهر لهو وترفيه .. !!
ومن عجب أنه ليس بين ما تم الإعلان عنه من مسلسلات تلفزيونية أي مسلسل أو برنامج يتعلق بالشهر الكريم! .. أو يقدم من خلاله شيء مما للشهر الفضيل من روحانيات.. أو مما جرى في بعض أيامه من أحداث ووقائع إسلامية كمعركة بدر الكبرى التي انتصر فيها المسلمون على أعدائهم من الكفار .. أو فتح مكة المكرمة وإزالة الأصنام التي كان المشركون يعبدونها من دون الله.
خمسون مسلسلا حتى الآن هي التي تم الإعلان عنها مما ستقدمه مختلف الفضائيات العربية.. ليس من بينها مسلسل أو برنامج واحد يهدي للرشد أو يوجه الناشئة خاصة لما يجب استثمار الليل والنهار فيها خلال شهر رمضان من الطاعات التي حض عليها ديننا الحنيف، أو التذكير بما لرمضان من فضائل وأعمال كقراءة القرآن والحرص على أداء فروض الصلاة في أوقاتها.. وكذا صلاة القيام على امتداد الشهر وصلاة التهجد في العشر الأواخر منه .. أو أداء العمرة التي جاء في الصحيحين عنها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «عمرة في رمضان تعدل بحجة .. أو قال : حجة معي» .. أو الإحسان بالتصدق على الفقراء والمساكين وخاصة الذين لا يسألون الناس الحافاً .. فقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أي الصدقة أفضل ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : صدقة في رمضان» .
كما روى سلمان الفارسي رضي الله عنه : «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : من تطوع فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فيه فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه».
وعن سفيان بن عيينة رحمه الله : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عبده ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله حتى لا يبقى إلا الصوم فيتحمل الله عز وجل ما بقي عليه من المظالم ويدخله بالصوم الجنة».
وإذا كان هذا في رمضان بعامة فإن في رمضان ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر .. وقد جاء في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غُفر له ما تقدم من ذنبه» ، وفي مسند الإمام أحمد عن عبادة بن الصامت : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «من قامها – يعني ليلة القدر – ابتغاءها ثم وقعت غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر»..
هذه ملامح مما في الشهر الفضيل من فرص وأوقات ينال فاعلها من الأجر ما لا يناله في غيره .. وأعود لما بدأت به مما تحرص الفضائيات على تقديمه من مسلسلات تلفزيونية تخص بها هذا الشهر دون مراعاة لحرمته، ولا حتى بتجنب المنكرات التي يتظاهر الممثلون بتعاطيها جهارا في الوقت الذي كان حرياً بالمنتجين والمخرجين على أقل تقدير استبعاد هذه المناظر التي لا مسوغ لها تقديراً لحرمة هذا الشهر ومراعاة لمشاعر المسلمين والله المستعان.
