جزائري.مميز
:: عضو مُشارك ::
- إنضم
- 5 جويلية 2007
- المشاركات
- 242
- نقاط التفاعل
- 0
- نقاط الجوائز
- 6
- آخر نشاط
ماذا لو عاد الشهداءيا وطني ..؟
تحل اليوم الذكرى الخامسة بعد أربعة عقود من استقلال الجزائر بعد كفاح مرير ذاق فيه الشعب الجزائري شتى صنوف التعذيب والإذلال ودفع لأجل
استرداد كرامته أكثر من مليون ونصف المليون شهيد وآلاف من الأرامل واليتامى والمشردين ومعطوبي الحرب الذي صاروا عاجزين عن الحركة إلى الأبد جراء بتر أحدى أطرافهم و ألاف من المفقودين الذين لم يعرف مصيرهم إلى اليوم وآلاف من المنفيين إلى جزر نائية لم تعد تربطهم بالوطن اليوم سوى حكايات خلفوها لأحفادهم كل هذا فعلته فرنسا دولة حقوق الإنسان والحرية وجمهورية أفلاطون الفاضلة بشعب أعزل كانت إرادته في الحرية أكبر من ترسانة سلاح فرنسا والحلف الأطلسي .
بعد هذا الخراب خرجت فرنسا تحت ضربات المجاهدين تجر أذيال عارها كسيرة ذليلة وقد ضيعت كل تلك المبادئ السامية التي بنت عليها جمهورية الإنسان وحقوقه والمساواة والحرية ليس في عيون الجزائريين فحسب بل حتى في عيون من كانوا يؤمنون بتلك المبادئ من الفرنسيين أنفسهم
بعد كل هذه التضحيات ماذا بقي من الجزائر الحرة التي حلم بها قوافل الشهداء و أغرقت دمائهم قوة عسكرية عظيمة مدعومة من الحلف الأطلسي بالعدة والعتاد وجرفتها إلى مزبلة التاريخ والعار ..؟
للأسف توقف هذا الوطن عند نقطة استقلاله تحت ضربات الذين سرقوا استقلال شعب وتاجروا بحريته ونسبوا المجد والبطولات لأنفسهم وجعلوا من الشهداء مجرد أسماء لشوارع تكاد تتهاوى أبنيتها وتخر على رؤوس الآمنين من فقراء الشعب وطرقاته المهترئة ..
بعد 45 سنة على استقلال الجزائر لازالت شرائح من الشعب تعيش في بيوت من الصفيح فيما يشبه بغيتوهات السود في زمن الميز العنصري في جنوب إفريقيا ولازال شباب الجزائر الذي ضاقت به أكثر من مليونين من الكيلومترات المربعة يبحث عن وطن وراء البحر و يحن إلى فرنسا أو يركب في سبيل ذلك قوارب الموت لتطل الشمس غدا على جثث خيرة شباب الوطن وهي ملقية على السواحل الأوربية أو الوطنية تنهشها الكلاب أو يهجر عالم الحرمان والتهميش إلى عالم المخدرات والآفات ليهدوا له بعد هذا الضياع بعض السنين من السجن ليخطفوا منه العمر كله جزائر الاستقلال اليوم كثر بها اللصوص الذين هربوا ملايين من الدولارات إلى بنوك باريس وجنيف ولوزان ونيويورك وهناك خلف البحار في الجزر النائية التي لم تخطر حتى في أحلام الجزائري البسيط الذي لم يعد يشعر بتلك النشوة وتلك الفرحة وهو يسترجع ذكريات الاستقلال , الجزائر التي بدأت ثورتها عظيمة تستلهم منها الشعوب الضعيفة قبس نصرها وتتيمن ببطولاتها انتهت إلى فقر شعب في وطن خيراته تكفي قارة وتزيد , لتصبح الجزائر الوطن العظيم مجرد رقعة جغرافية كبيرة حطمت آمال الشباب الطامح في العمل والاستقرار لتجعل منهم مجرد هياكل آدمية بعدما استبد اليأس بجيل الاستقلال الذي صار كل همه مجرد منصب شغل يكفيه الفاقة أو هروب في قوارب الموت إلى الضفة الأخرى أمام مستقبل تشتد ظلمته يوما بعد يوم ..
هل يستحق جيل الاستقلال هذا المصير في وطنهم المستقل ..؟
هل تصور شهداء الجزائر أن يؤول مصير وطن دفعوا لأجل حريته أرواحهم وسقوا أرضه بدمائهم الطاهرة إلى هذا المآل المخزي ..؟
هل تستحق الجزائر العظيمة هذا المصير ..؟
ماذا لو عادوا الشهداء ووقفوا على حجم المأساة وهم الذين كانوا يتصبرون ويصبرون من أجل غد جميل تعيش فيه الأجيال القادمة تحت راية المجد ليواصلوا المسيرة وبناء وطن وإعلاء كلمته وهاهم اليوم أبناؤهم الشباب يموتون في عرض البحر هربا من البطالة والظلم والجور الذي لحقهم من طرف الذين سرقوا الوطن وجعلوا من التاريخ حكاية عجائز ليكونوا في وسط كل هذا وحدهم الأبطال ووحدهم الذين حرروا الوطن لينهبوه بعد تحريره والشهداء مجرد أسماء تلوكها الألسن في كل مناسبة وطنية لتطوى صفحة العيد الذي صار يشبه المأتم ويبدأ يوم جديد يجري فيه المواطن المغلوب على أمره في كل اتجاه لأجل تحصيل قوت يومه وفي المقابل تقف فئة أخرى من المحضوضين في الجهة الأخرى وهي تحن للجزائر الفرنسية ولا تسمع في مجالسهم واجتماعاتهم وكل حواراتهم إلا لغة موليير تدور بينهم نكاية ربما في الشهداء وشعب سلبت عزته وكرامته
صارت فرنسا اليوم نفخر بانجازها في الجزائر وتعتقد أنها تركت إرثا حضاريا وإنسانيا لكل الجزائريين والأكثر من هذا ترفض حتى الاعتراف بأكثر من قرن وثلاثين سنة من الاستعمار وهي لا تفكر حتى في الاعتراف والاعتذار فيما ارتكبته من جرائم ضد الشعب الجزائري والأكثر من هذا سنت قانونا العام الماضي يمجد الاستعمار في تحد صارخ لقوافل الشهداء ولشعب استبد به اليأس حتى لم يعد يعنيه كل الذي يحدث من حوله , و لا ألوم هنا فرنسا قدر لومي للذين قادوا الجزائر من استقلالها إلى اليوم الذين سمحوا لفرنسا بالتطاول على قبور الشهداء وبدلا من أن تضع فرنسا رأسها في الوحل وضعت كرامة شعب في وحل استعمارها الذي جعلت منه انتصارا لحضارتها وعنصريتها المقيتة , نحن يا وطني الذي طعناك في الظهر , أبناؤك من خانوك وجعلوا منك مجرد رقعة استهلاكية لخردة فرنسا وفضلاتها التجارية وعفونتها الثقافية , نحن يا وطني من تبرأنا منك وصرنا نستحي من لغتك الجميلة ونفضل عليك لغة يعتبرها علماء اللسانيات لغة في طريقها إلى الانقراض ..
جزائر الاستقلال اليوم صارت عبئا على كاهل شبابها وصاروا عبئا عليها والكل صار يتوسل وطن
ماذا لو عادوا أسيادي الشهداء اليوم ليروا أبناء الإستقلال تجرف جثثهم الأمواج ويفضلون أن تأكلهم الأسماك على أن يحتضنهم وطنهم , كل يحلم بالرحيل من وطن قتلوه وقتلوا فيه كل أمل بغد أفضل.
يا تجار الوطن ماذا فعلتم بوطني ..؟ وماذا تقولون غدا للشهيد العربي بن مهيدي وديدوش مراد وباجي مختار وسي الحواس واسد الجبال عميروش وعلي لابوانت وحسيبة بن بوعلي وكل شهداء الذين دفعوا أرواحهم لأجل بترولنا وخبزنا وكرامة شعب لازالت تتأرجح بين حرية ناقصة واستقلال لازال البعض ينظر إليه بعين الريب والشك خاصة شباب الذين لم يعد يؤمنون بكل الخطابات التي لا تطعم ولا تغني شعبا من جوع ولا توفر له كرامة ولا مأوى ولا سكن ماذا تقولون لشعبا وعده شهداؤه بالكرامة فصار اليوم تائها في شوارع أوربا يفترش الكارتون ويتدثر بنجوم السماء .. ماذا تقولون للوطن غدا حينما يسألكم ..
لو عاد الشهداء يا وطني لذرفوا من المآقي بدل الدمع دما قانيا كما ذرفته أجسادهم يوما
وعلى قبر كل شهيد يصيح الشجر والحجر ووديان لازالت رائحة دم الشهداء تعبقها وكهوف لازالت تردد صلوات الطاهرين من الذين قضوا في سبيل وطن حرروه للجميع ليصبح اليوم مجرد عقار وملكية خاصة للبعض , ليت الاستعمار يعود يوما لأحكين له ما فعل بنا الاستقلال ..