بِسمِ الله الرحمنٍ الرَحِيم
السَلام عليكم ورحمَةُ الله تَعالى وبرَكاتهُ
بالأمس؛ كانت الأنفس ( تَحتفي ) به!
واليوم؛ يَعتري تلكم الوُجدان ( حُزن ) على رحيله!
فيا نفس؛ لعلّ ( فرّطتِ )!
ويا نفس؛ أيكون لك وذا الشّهر؛ لقاء ( بعدُ )؟!
أي؛ أخيّ؛
- يا رعاك؛ الرّحمن -
اقر؛ ها هُنا؛
واختبر؛ ذي النّفس وما أسلفت.
وجدّد؛ العهد - فإنّ الرّحمن؛ أمدّ لك - فلا تأسف.
رمضان؛ والرّحيل المُرّ!
بعد رحيلك يا رمضان ،، ويا لها من أيام مرة المذاق؛
ليسأل كل إنسان منا نفسه:
كيف ؛ حالك يا نفس بعد رمضان ؟
إيه أيتها النفس ..
كنتِ قبل أيام ،، في صلاة وقيام .. وتلاوة وصيام ..
وذكر ودعاء .. وصدقة وإحسان .. وصلة للأرحام ..
قبل أيام كنا نشعر برقة القلوب ،، واتصالها بعلام الغيوب ..
كانت تتلى علينا آيات القرآن ،، فتخشع القلوب وتدمع العيون .
ذقنا حلاوة الإيمان .. وعرفنا حقيقة الصيام ..
ذقنا حلاوة الدمعة ،، وحلاوة المناجاة في السحر ..
وهكذا كنا نتقلب في أعمال الخير وابوابه ..
حتى قال قائلنا ،، ياليتني مت على هذه الحال؛ لِمَا يشعر
به من حلاوة الإيمان ولذة الطاعة ..
وهكذا أزف على الرحيل رمضان ولم يبقى على رحيله سوى ساعات .
ولربما رجع تارك الصلاة لتركه ،، وآكل الربا لأكله .
وسامع الغناء لغناءه ..
ومشاهد الفحش - عياذاً؛ بالله تعالى - لفحشه .
وشارب الدّخان؛ لشُربه ..
سوف ترحل يا رمضان ،، ولربما نسينا حلاوة الصيام والقيام ..
يا سُبحان؛ الله!
أين ذلك الخشوع ؟
وتلك الدموع في السجود والركوع ؟
أين التسبيح والاستغفار ؟
وأين المناجاة لله الواحد القهار ؟
خليليّ شهر الصوم زمت مطاياه *** وسارت وفود العاشقين بمسراه .
فيا شهر لا تبعد لك الخير كله *** وأنت ربيع الوصل يا طيب مرعاه .
لا نستطيع أن نبيت المشاعر والآلآم لما نجده؛
من فقد طيب الطاعة وحلاوة الإيمان .
هكذا حال الدنيا اجتماع وافتراق ..
ومن منا لا تألمه لحظات الفراق ،، ودموع العناق ..
رمضان أيها الصديق ،، أيها الجليس الصالح ..
أُحس بجرحي يا صديقي كأنه *** يدب إلى أعماق قلبي ويوغل .
ونفسي أمام المغريات قوية *** ولكنها عند الأحبة تسهل .
كأن فؤداي لو تأملت ما به *** بما فيه من شتى المشاعر معمل .
قال ابن رجب رحمه الله في وداع رمضان : يا شهر رمضان ترفق
، دموع المحبين تدفق ، قلوبهم من ألم الفراق تشقق ،
عسى وقفة الوداع تطفأ من نار الشوق ما أحرق ، عسى ساعة
توبة وإقلاع ترقع من الصيام ما تفرق ، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق ..
عسى أسير الأوزار يطلق ، عسى من استوجب النار يعتق .
عسى وعسى من قبل يوم التفرق ** إلى كل ما نرجو من الخير نرتقي .
فيجبر مكسور ويقبل تائب ** ويعتق خطّاء ويسعد من شقي .
انتهى كلامه رحمه الله تعالى .
ترحل الشهر يا لهفاه وانصرما *** وأختص بالفوز بالجنات من خدما .
من فاته الزرع في وقت البذار فما *** تراه يحصد إلا الهم والندما .
طوبى لمن كانت التقوى بضاعته *** في شهره وبحبل الله معتصما .
ألا حقّاً؛ عُذراً أيا رمضان عُذراً.
ربِّ؛ أعد علينا رمضان - بمنّك - أعواماً عديدة، وأزمنة مَديدة.
قال عليّ رضي الله عنه : كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل .
اللّهمّ؛ لا تجعلنا بعده من المُفرّطين،
ولا من عظيم أجره؛ محرومين.
واغفر لنا ولوالدينا ؛ أجمعين