[font="]المناضلة الجزائرية جميلة بوحريد، ليست رمزاً من[font="]رموز النضال الجزائري فحسب، بل علامة بارزة أيضاً في حركات التحرر التي[/font][font="]عرفها العالم لكسر شوكة الاستعمار، فلا تكاد تذكر هذه الحركات إلا ويذكر[/font][font="]معها جميلة بوحريد، هذه المرأة القابعة قي دائرة الظل وخلف أسوار عالية من[/font][font="]الغموض الذي كاد أن يجعل منها أسطورة[/font].
[font="]حتى إن الدوائر الرسمية الجزائرية لا تعرف عنها إلا القليل وربما هو ما[/font][font="]يفسر ورود اسمها في قائمة الشهداء، مع أنها مازالت حية ترزق وتقيم حالياً[/font][font="]حسب آخر المعلومات في العاصمة الفرنسية باريس، بعيداً عن أعين وسائل[/font][font="]الإعلام التي عجزت عن استنطاقها[/font].
[font="]وجميلة بوحريد، هذه المرأة التي كانت شوكة في خاصرة الاستعمار الفرنسي،[/font][font="]ولدت عام 1935م بحي القصبة العتيق بالجزائر العاصمة، وترعرعت في أسرة[/font][font="]متوسطة الحال بين أم تونسية الأصل وأب جزائري مثقف، وسبعة إخوة هي الفتاة[/font][font="]الوحيدة بينهم، تشربت مبادئ النضال من أبيها الثائر، وأمها التي انتفضت[/font][font="]غاضبة حينما سمعتها تردد عبارة من كتاب التاريخ تقول: "أسلافنا هم الغال،[/font][font="]أي شعب الغال الذي ينتمي إليه الفرنسيون"، وزرعت فيها أولى بذور الوطنية[/font][font="]والانتماء حينما قالت لها: "الجزائر وطنك، والعروبة هويتك والإسلام دينك،[/font][font="]وإفريقيا جنتك التي يجب أن تعود كاملة لأصحابها الإفريقيين"، وهو الكلام[/font][font="]الذي انعكس بشكل جلي على حياتها التي أخذت منعطفاً ثورياً بدا واضحاً في[/font][font="]مخالفتها للطلاب الجزائريين الذين كانوا يرددون في طابور الصباح "أمنا" أي[/font][font="]فرنسا، ولكنها وحدها التي كانت تغرد خارج السرب وهي تردد "الجزائر[/font]" [font="]فأخرجها ناظر المدرسة الفرنسي وعاقبها بشدة، ولكن هذا العقاب لم يؤت أكله[/font][font="]بل زادها إصراراً وتشبثاً بموقفها الذي قويت شوكته بانضمامها إلى صفوف[/font][font="]الثورة الجزائرية عام 1956م وهي لا تزال تلميذة، فاضطلعت بالمهام الصعبة[/font][font="]التي لا يقوى عليها إلا الرجال الأشداء، حيث كانت تقوم بنقل الأسلحة وزرع[/font][font="]القنابل والعبوات الناسفة في الأماكن التي يرتادها المستعمرون، كما عملت[/font][font="]مسؤولة ارتباط مع القائد سعدي ياسف، لذلك أصبحت من أكثر المطلوبين من طرف[/font][font="]الاستعمار الفرنسي الذي تمكن من إصابتها برصاصة في الكتف عام 1957م والقبض[/font][font="]عليها[/font].
[font="]وخلف أسوار المستشفى تعرضت لأشد أنواع التعذيب الذي تمثل في الصعق[/font][font="]الكهربائي ولمدة ثلاثة أيام لحملها على الاعتراف على زملائها، ولكنها ظلت[/font][font="]مستعصمة بالصبر لئلا ينطق لسانها بكلمة تفشي أسرار إخوانها الثوار، غير[/font][font="]أنها كلما ازدادت إصراراً على موقفها ازداد زبانية الاستعمار غلاً، ونزلوا[/font][font="]على جسدها المكدود بصعقات كهربائية متتالية حتى تفقد وعيها، ولكن عندما[/font][font="]تفيق تصعقهم بصعقة أكبر حينما تقول: "الجزائر أمنا"، لذلك أيقن الاستعمار[/font][font="]الفرنسي أن انتزاع أي اعتراف منها بات أمراً مستحيلاً، فتقرر محاكمتها[/font][font="]صورياً، وحكم عليها بالإعدام الذي تحدد له يوم 7 مارس 1958م، إلا أنها لم[/font][font="]تقدم قضيتها قرباناً للاستعمار الفرنسي حتى يصفح عنها، وما ضعفت وما[/font][font="]استكانت بل قالت لقادته: "أعرف أنكم سوف تحكمون علي بالإعدام، ولكن لا[/font][font="]تنسوا أنكم بقتلي تغتالون الحرية في بلدكم ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن[/font][font="]تصبح حرة مستقلة[/font]".
[font="]وتذكر بعض المصادر أنها كتبت في مذكراتها بعد أن تقرر إعدامها هذه[/font][font="]العبارة: "كان ذلك اليوم من أجمل أيام حياتي، لأني سأموت من أجل استقلال[/font][font="]بلادي الجزائر". وتضيف أنه بعد عودتها من المحكمة إلى غياهب السجن،[/font][font="]استقبلها زملاؤها السجناء من المناضلين بأغنية: "الله أكبر تضحيتنا[/font][font="]للوطن". كانت لحظة مؤثرة تعجز الكلمات عن وصفها، ومع وحشية تلك الأيام[/font][font="]التي قضتها في السجن إلا أنها تصفها بأنها من الأيام الخالدة التي لا تمحى[/font][font="]من الذاكرة، وتضيف هذه المصادر، أنها كانت تقول لأمها عندما تزورها في[/font][font="]السجن: "لعلك لا تجديني هنا في المرة القادمة"، فتضمها أمها وهي تبكي[/font][font="]وتقول لها: "ما أسعدك يا جميلة أن تموتي شهيدة، وما أسعدني أنا الأخرى أن[/font][font="]يشار إلي بالبنان"، تلك هي أم الشهيدة، ولكن محاميها الفرنسي "جاك فير[/font][font="]جيس" الذي تزوجت منه بعد خروجها من السجن وبعد اعتناقه الإسلام، كان[/font][font="]مؤمناً أشد الإيمان بقضيتها، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، فكان عقبة كأداء[/font][font="]في وجهه الاستعمار الفرنسي الذي تراجع عن حكم الإعدام، تحت ضغط الرأي[/font][font="]العام العالمي الذي حركه المحامي الفرنسي كالإعصار في وجه "الاستدمار[/font]" [font="]الفرنسي[/font].
[font="]وبعد أن قضت ثلاث سنوات في السجن، نقلت إلى فرنسا لتقضي ثلاث سنوات أخرى[/font][font="]خلف جدران الزنزانة إلى أن أطلق سراحها مع الأسرى الجزائريين في أعقاب[/font] "[font="]اتفاقية إيفيان" التي كسرت الطوق الحديدي الذي ضربته فرنسا على الجزائر[/font][font="]منذ 1830م، وبعد الاستقلال تولت جميلة بوحريد رئاسة اتحاد المرأة[/font][font="]الجزائرية، وخاضت في سبيل هذا الاتحاد نضالاً من نوع آخر لتثبيت القرارات[/font][font="]واتخاذ الإجراءات؛ لأنها لم تكن على وفاق مع الرئيس الأسبق "أحمد بن بله[/font]".
[font="]وكان من الطبيعي أن تلهب هذه المرأة التي تكسرت على صدرها رماح العدو[/font][font="]الفرنسي أفئدة الأدباء والشعراء حيث قال فيها الشاعر الراحل نزار قباني[/font]:
[font="]الاسم جميلة بوحريد[/font][font="]رقم الزنزانة تسعون[/font][font="]في السجن الحربي بوهران[/font][font="]والعمر اثنان وعشرون[/font][font="]والشعر العربي الأسود[/font][font="]كالصيف كشلال الأحزان[/font][font="]إبريق للماء وسجان[/font][font="]ويد تنضم على القرآن[/font][font="]وامرأة في ضوء الصبح[/font][font="]تسترجع في مثل البوح[/font][font="]آيات محزنة الارنان[/font]... [font="]إلى آخر القصيدة[/font].[font="]كما لم تغمطها السينما العربية حقها وهي في أوج عطاءاتها، حيث أدت الفنانة[/font][font="]المصرية ماجدة الصباحي بطولة فيلم صور مآثر البطلة جميلة بوحريد عام 1958م[/font][font="]أي العام الذي كان سيشهد إعدامها، ولذلك تم تكريم الفنانة ماجدة الصباحي[/font][font="]في الجزائر ومنحها درع المجاهدين الجزائريين، وذلك بمناسبة الذكرى 46[/font][font="]لاستقلال الجزائر[/font].
[font="]هذه هي جميلة بوحريد التي أعطت الكثير للجزائر ثم توارت عن الأنظار وأبقت[/font][font="]الكثير من الأسئلة معلقة، فمتى تخرج عن صمتها.. من منفاها الاختياري لتروي[/font][font="]لنا الحكاية من البداية إلى النهاية؟[/font][/font]
[font="]حتى إن الدوائر الرسمية الجزائرية لا تعرف عنها إلا القليل وربما هو ما[/font][font="]يفسر ورود اسمها في قائمة الشهداء، مع أنها مازالت حية ترزق وتقيم حالياً[/font][font="]حسب آخر المعلومات في العاصمة الفرنسية باريس، بعيداً عن أعين وسائل[/font][font="]الإعلام التي عجزت عن استنطاقها[/font].
[font="]وجميلة بوحريد، هذه المرأة التي كانت شوكة في خاصرة الاستعمار الفرنسي،[/font][font="]ولدت عام 1935م بحي القصبة العتيق بالجزائر العاصمة، وترعرعت في أسرة[/font][font="]متوسطة الحال بين أم تونسية الأصل وأب جزائري مثقف، وسبعة إخوة هي الفتاة[/font][font="]الوحيدة بينهم، تشربت مبادئ النضال من أبيها الثائر، وأمها التي انتفضت[/font][font="]غاضبة حينما سمعتها تردد عبارة من كتاب التاريخ تقول: "أسلافنا هم الغال،[/font][font="]أي شعب الغال الذي ينتمي إليه الفرنسيون"، وزرعت فيها أولى بذور الوطنية[/font][font="]والانتماء حينما قالت لها: "الجزائر وطنك، والعروبة هويتك والإسلام دينك،[/font][font="]وإفريقيا جنتك التي يجب أن تعود كاملة لأصحابها الإفريقيين"، وهو الكلام[/font][font="]الذي انعكس بشكل جلي على حياتها التي أخذت منعطفاً ثورياً بدا واضحاً في[/font][font="]مخالفتها للطلاب الجزائريين الذين كانوا يرددون في طابور الصباح "أمنا" أي[/font][font="]فرنسا، ولكنها وحدها التي كانت تغرد خارج السرب وهي تردد "الجزائر[/font]" [font="]فأخرجها ناظر المدرسة الفرنسي وعاقبها بشدة، ولكن هذا العقاب لم يؤت أكله[/font][font="]بل زادها إصراراً وتشبثاً بموقفها الذي قويت شوكته بانضمامها إلى صفوف[/font][font="]الثورة الجزائرية عام 1956م وهي لا تزال تلميذة، فاضطلعت بالمهام الصعبة[/font][font="]التي لا يقوى عليها إلا الرجال الأشداء، حيث كانت تقوم بنقل الأسلحة وزرع[/font][font="]القنابل والعبوات الناسفة في الأماكن التي يرتادها المستعمرون، كما عملت[/font][font="]مسؤولة ارتباط مع القائد سعدي ياسف، لذلك أصبحت من أكثر المطلوبين من طرف[/font][font="]الاستعمار الفرنسي الذي تمكن من إصابتها برصاصة في الكتف عام 1957م والقبض[/font][font="]عليها[/font].
[font="]وخلف أسوار المستشفى تعرضت لأشد أنواع التعذيب الذي تمثل في الصعق[/font][font="]الكهربائي ولمدة ثلاثة أيام لحملها على الاعتراف على زملائها، ولكنها ظلت[/font][font="]مستعصمة بالصبر لئلا ينطق لسانها بكلمة تفشي أسرار إخوانها الثوار، غير[/font][font="]أنها كلما ازدادت إصراراً على موقفها ازداد زبانية الاستعمار غلاً، ونزلوا[/font][font="]على جسدها المكدود بصعقات كهربائية متتالية حتى تفقد وعيها، ولكن عندما[/font][font="]تفيق تصعقهم بصعقة أكبر حينما تقول: "الجزائر أمنا"، لذلك أيقن الاستعمار[/font][font="]الفرنسي أن انتزاع أي اعتراف منها بات أمراً مستحيلاً، فتقرر محاكمتها[/font][font="]صورياً، وحكم عليها بالإعدام الذي تحدد له يوم 7 مارس 1958م، إلا أنها لم[/font][font="]تقدم قضيتها قرباناً للاستعمار الفرنسي حتى يصفح عنها، وما ضعفت وما[/font][font="]استكانت بل قالت لقادته: "أعرف أنكم سوف تحكمون علي بالإعدام، ولكن لا[/font][font="]تنسوا أنكم بقتلي تغتالون الحرية في بلدكم ولكنكم لن تمنعوا الجزائر من أن[/font][font="]تصبح حرة مستقلة[/font]".
[font="]وتذكر بعض المصادر أنها كتبت في مذكراتها بعد أن تقرر إعدامها هذه[/font][font="]العبارة: "كان ذلك اليوم من أجمل أيام حياتي، لأني سأموت من أجل استقلال[/font][font="]بلادي الجزائر". وتضيف أنه بعد عودتها من المحكمة إلى غياهب السجن،[/font][font="]استقبلها زملاؤها السجناء من المناضلين بأغنية: "الله أكبر تضحيتنا[/font][font="]للوطن". كانت لحظة مؤثرة تعجز الكلمات عن وصفها، ومع وحشية تلك الأيام[/font][font="]التي قضتها في السجن إلا أنها تصفها بأنها من الأيام الخالدة التي لا تمحى[/font][font="]من الذاكرة، وتضيف هذه المصادر، أنها كانت تقول لأمها عندما تزورها في[/font][font="]السجن: "لعلك لا تجديني هنا في المرة القادمة"، فتضمها أمها وهي تبكي[/font][font="]وتقول لها: "ما أسعدك يا جميلة أن تموتي شهيدة، وما أسعدني أنا الأخرى أن[/font][font="]يشار إلي بالبنان"، تلك هي أم الشهيدة، ولكن محاميها الفرنسي "جاك فير[/font][font="]جيس" الذي تزوجت منه بعد خروجها من السجن وبعد اعتناقه الإسلام، كان[/font][font="]مؤمناً أشد الإيمان بقضيتها، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، فكان عقبة كأداء[/font][font="]في وجهه الاستعمار الفرنسي الذي تراجع عن حكم الإعدام، تحت ضغط الرأي[/font][font="]العام العالمي الذي حركه المحامي الفرنسي كالإعصار في وجه "الاستدمار[/font]" [font="]الفرنسي[/font].
[font="]وبعد أن قضت ثلاث سنوات في السجن، نقلت إلى فرنسا لتقضي ثلاث سنوات أخرى[/font][font="]خلف جدران الزنزانة إلى أن أطلق سراحها مع الأسرى الجزائريين في أعقاب[/font] "[font="]اتفاقية إيفيان" التي كسرت الطوق الحديدي الذي ضربته فرنسا على الجزائر[/font][font="]منذ 1830م، وبعد الاستقلال تولت جميلة بوحريد رئاسة اتحاد المرأة[/font][font="]الجزائرية، وخاضت في سبيل هذا الاتحاد نضالاً من نوع آخر لتثبيت القرارات[/font][font="]واتخاذ الإجراءات؛ لأنها لم تكن على وفاق مع الرئيس الأسبق "أحمد بن بله[/font]".
[font="]وكان من الطبيعي أن تلهب هذه المرأة التي تكسرت على صدرها رماح العدو[/font][font="]الفرنسي أفئدة الأدباء والشعراء حيث قال فيها الشاعر الراحل نزار قباني[/font]:
[font="]الاسم جميلة بوحريد[/font][font="]رقم الزنزانة تسعون[/font][font="]في السجن الحربي بوهران[/font][font="]والعمر اثنان وعشرون[/font][font="]والشعر العربي الأسود[/font][font="]كالصيف كشلال الأحزان[/font][font="]إبريق للماء وسجان[/font][font="]ويد تنضم على القرآن[/font][font="]وامرأة في ضوء الصبح[/font][font="]تسترجع في مثل البوح[/font][font="]آيات محزنة الارنان[/font]... [font="]إلى آخر القصيدة[/font].[font="]كما لم تغمطها السينما العربية حقها وهي في أوج عطاءاتها، حيث أدت الفنانة[/font][font="]المصرية ماجدة الصباحي بطولة فيلم صور مآثر البطلة جميلة بوحريد عام 1958م[/font][font="]أي العام الذي كان سيشهد إعدامها، ولذلك تم تكريم الفنانة ماجدة الصباحي[/font][font="]في الجزائر ومنحها درع المجاهدين الجزائريين، وذلك بمناسبة الذكرى 46[/font][font="]لاستقلال الجزائر[/font].
[font="]هذه هي جميلة بوحريد التي أعطت الكثير للجزائر ثم توارت عن الأنظار وأبقت[/font][font="]الكثير من الأسئلة معلقة، فمتى تخرج عن صمتها.. من منفاها الاختياري لتروي[/font][font="]لنا الحكاية من البداية إلى النهاية؟[/font][/font]