طيب..كان هناك رجل من الجزائر توجه الى مكة المكرمة قاصدا بيت الله الحرام للحج..و قضى مناسك الحج كلها ثم جاء اليوم الذي يتوجهون فيه الى منى..و بات هناك أول ليلة و كان طبعا سعيد جدا وهو في المكة..و غاص في نوم عميق ثم رأى فيما يرى النائم..رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي عليه..يا فلان..إذهب الى فلان في المدينة الفلانية وأخبره أن الله يبشره بالجنة..واختفى...فنهض الرجل صباحا وهو في غاية الدهشة حتى أنه لم يذكر اسم الرجل ولا حتى اسم المكان الذي حدده له رسول الله..
فقال لا شك أنه وهم لا أكثر..و نهض يكمل مناسك الحج و يكبر ويهلل و قضى يومه مثل العادة كما يقضيه أي حاج في بيت الله الحرام في منى...و جاء لينام ثاني ليلة في منى ...ليرى بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي عليه للمرة الثانية و يقول يا فلان..اذهب الى فلان في المدينة الفلانية وأخبره ان الله يبشره بالجنة..فاستيقظ الرجل في رعب و هلع و قام يجري يسأل نفسه هل ذاك رسول الله ؟ هل صحيح ما يأمرني به..وقال:صحيح أنني أعرف المدينة الفلانية فهي في الجزائر في بلدي..ولكن الرجل الذي ذكره لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أعرفه..فماذا عساني افعل؟..وبقي يفكر في كل لحظه ولا يزال قلبه يتقلب بين أمرين*حقيقة *أم**وهم*؟
و جاء اليوم الثالث ليرى الرجل نفس الرؤيا نفس الأمر نفس الحكاية...و عندها..تيقن أن الذي رآه حقيقة وهو امر من عند الرسول الكريم صلوات الله عليه و علم أنه يجب أن ينفذ ما قاله له...فما كان منه الا ان توجه الى شيخ المسجد الحرام و حكى له ما رأى..فطلب منه الشيخ أن يعطيه مواصافات الرجل ليتحقق منه هل هو فعلا رسول الله..فأخذ يصف الرجل الذي رآه شكله كذا شعه كذا وجهه كذا..فابتسم الشيخ مستبشرا ..نعم هو رسول الله ..ثم أردف..يا هذا..لا تعجل ما أمرك به نبيك و لتكمل الحج ثم توجه مباشرة الى المدينة التي ذكرها لك رسول الله صلى الله عليه وسلم وابحث عن الرجل وبلغه الامانه..فإنك المؤتمن
انتهى الحج ومناسكه..و جاء موعد الرجوع الى الجزائر و الرجل يدعوا الله ان يبلغه الى ذلك المبشر بالجنة ليراااه ويعرف شكله و عمله..فاستقل الطائرة وتوجه الى تلك المدينة التي حددها له رسول الله صلى الله عليه و سلم..و شرع يبحث عن الرجل فلان
قال:أي الرجل المؤتمن صاحب الرؤيا..عجبت من شيء..وهو أنني أول ما وصلت الى تلك المدينة الجزائرية..التقيت بأناس عديدون يعرفون هاذا الرجل..فزاد يقيني بأنه ولي صالح لا ريب في قولي..و ازددت حرارة للقياه
فانتقلت من المكان هذا الى ذاك ..حتى وصلت الى بيته..لأطرق بعد ذلك الباب..فيفتح لي ابنه ..ألقيت عليه السلام فرد علي السلام ثم قلت..هل هذا بيت فلان؟فأجاب :نعم..هل تحتاج منه شيئا؟فقلت نعم..له عندي أمانه..فهل يمكنك أن تنادي عليه ليأت هاهنا..فرد علي ابنه : أبي ليس هنا في الوقت الحالي..ولكن يمكنني أن أرشدك الى مكانه..وطبعا أجبت بكل حرارة..نعم نعم ..أريد أن ألقاه
فرد علي ابنه بكل هدوء : إذهب الى المقهى الفلاني..تجده على طاولة كبيرة مع مجموعة من الناس يلعب (الدومينو)ويشرب (الشيشة)!!!!!!!
قال الرجل صاحب الرؤيا بدهشة شديدة وقد تلعثم لسانه واصفر وجهه..يلعب الدومينو..ويشرب الشيشة؟ فقال له الإبن..نعم..هاذي هي حال ابي..ثم انك أصررت على رؤيته..قال فشكرته و توجهت الى المقهى ورجلاي غير قادرتان على حمل جسدي..و كذبته وقلت لابد أن أتؤكد بنفسي..و رحت الى المقهى المحدد لي أسأل عن فلان..حتى وصلت الى المقهى فرأيته من بعيد يترأس الجماعه فقلت لاشك أنه هو..ثم مددت قدمي لأقترب منه..ولكن عجزت وقلت لابد أن هناك خللا ما..أهذا أبشره بالجنة؟؟؟؟؟
فترددت في البداية ولكن أوحت الي نفسي ألا أحكم عليه قبل أن أعرفه شخصيا...و قهرت نفسي وتوجهت عنده و ألقيت السلام ثم أخذت بيده وقلت..يا فلان..هل يمكنك ان تأتي معي لدقائق..؟
فرفض أن يأت معي وقال لي..انا لا أعرفك..فكيف تعرفني ؟ فقلت له : لك عندي أمانه..قال فبمجرد ما ذكرت أمانه حتى ترك كل شيء وجاء معي ثم سألني على عجل..وماهي الأمانة ؟فقلت له..والله لن اخبرك بالأمانه حتى تقول لي عن أمور حياتك ما يفيني بغرضي..فقال لي : لا شيء الا ما ترى..أصلي وأشرب الشيشة والعب و وقتي كله هنا..!!!!!!!فزاااادت دهشتي ...و انفلتت أعصابي ولم أعد أدري ما أقول و كدت أن أنصرف عنه وكيف أبشره بالجنة ؟كيف أبشره بالجنة؟كيف ذلك ؟؟
ولكني تمالكت نفسي و بكل هدوء قلت له : أخبرني عن عمل بينك وبين الله ؟ فأبي أن يجيبني..فقلت..والله لن أبرح مكاني ولن أفتح لساني حتى تخبرني بعمل بينك وبين الله
المهم....قال فانشرحت نفس الرجل و طلب مني الجلوس فجلست ...ثم قال:تريد أن تعرف عملا بيني وبين الله..لا بأس..أنا رجل كبير كما ترى..ولكن في أيام شبابي كنت أعمل في شركة وكانت لنا جارة أرملة لها 4 صبيان لا تقدر ان تعولهم..لما أخذت التقاعد ..تنازلت عن تلك الأموال التي تصلني و كتبتها على اسمها..هي وأولادها..فهي تعيش بها..هذا الذي بيني وبين الله
قال الرجل صاحب الرؤيا..لفت انتباهي اخلاصه لله فيما قام به فقلت في نفسي لن أحكم عليه بأي حال من الأحوال مهما ساءت أعماله وانا رسول له وماعلى الرسول الا البلاغ..فقلت له : يا فلان..إني كنت في الحج......................................الخ الحكاية..و إن الله يبشرك بالجنة
فاندهش من قولي ولم يصدقن و بدت على وجهه شيمات غريبه و قال لي...هل هو رسول الله حقا ؟ هل يبشرني بالجنة؟فقلت له نعم..هذا ما رأيته و هذا ما أمرت به ..ألا اللهم هل بلغت فاشهد...فودعته وانصرفت وانا في قمة الحيرة مما رأيته في يومي ..سبحان الله..سبحان الله
صفوة الحجازي وهو يحكي الحكاية قال : كانت من أغرب الحكايات التي سمعتها على الإطلاق ولم أصدق الرجل الذي سردها لي وقلت لاشك انها ضربة من الخيال واعتذرت منه وقلت له لست أكذبك ولكن لابد لي أن أسمعها من مصدر آخر..لكي أعتمدها..
و أردف صفوت الحجازي أنه توجه بعد أيام الى مدينة قسنطينة ..قال فجلس جنبي رجل و بدأ يقص علي نفس الحكاية..ولكنه رجل آخر هذه المرة..و يختلف عن الذي رأيته..فسألته بتعجب وهل انت رأيت رسول الله كذلك ؟ قال نعم وأمرني أن اذهب الى فلان لأبشره بالجنة...فاندهش صفوة الحجازي..وقص عليه الرجل فقال..توجهت الى المدينة التي ذكرها لي رسول الله صلى الله عليه وسلم..و سألت عنه حتى بلغت منزله ..فلما طرقت الباب فتح لي ابن له ..سألته عن أبيه وأخبرته انه له عندي أمانه فأجابني ان كنت أريد أن أرى والده فما علي الا ان اتوجه الى المسجد كذا فأجده يصلي !
لمرة اللولى شيشة والمرة الثانية صلاة...قال فرحت للمسجد و وجدته يصلي وعيناه تفيضان دموعا..فانتظرته حتى خرج فقلت له أنت فلان ؟ قال نعم..هل أنت أيضا بعثك رسول الله ؟؟؟؟؟قلت نعم ولكن كيف عرفت ؟ فسقط مغشي عليه و اجتمع الناس حوله يرشونه بالماء..فاستيقظ الرجل وقلت له يا فلان..لك عندي أمانه
وقص عليه ما رأى ..ففرح الرجل فرحة كبيرة و غير حياته وعاد لربه و استأنف من جديد طريق العبادات و الأعمال الصالحات و شكر الله و حمده على النعمة العظيمة التي أعطاه ولكم أن تتخيلو كيف يعيش الآن...
إن العبرة من القصة هذه هو أن العمل قد يكون صغير جدا...ولكن النية التي في القلب هي التي تسبق العمل..فالرجل كفل 4 يتامى و جعل السر هذا بينه وبين ربه ولم يقله للناس لكي لا يكون ممن يرجون الدنيا على الآخرة .. و ما أجمل أن نبدأ من اليوم في تقديم أعمال خالصة لله..فربما هناك شخص آخر كفل 10 يتامى ولكن الله لم يبشره بالجنة..لانه لم يملك تلك الدرجة الراقية درجة الإخلاص لله وصرف النظر عمن سواه..وهنا يكمن الفرق..
يوم القيامة..ينفخ في الصور..فنقف أمام الواحد الأحد..لتعرض أعمالنا في الصحف و لا تخفى هناك صغيرة ولا كبيرة...ثم يختار الله لكل واحد منا عملا مميزا يدخله به الجنة ...أما سمعتم عن الرجل الذي كان مشركا وكافرا بالله فلما آن أجله خاف من لقاء ربه خوفا شديدا ...فكان خوفه سببا في دخول الجنة ؟ أما سمعتم عن رجل أطعم كلبا في النهار بشربة ماء فدخل بها الجنة ؟أما سمعتم عن الصحابي الذي كان قلبه صافيا تجاه الناس فكان صفاء قلبه سببا في دخول الجنة ؟