نجيب القناص
:: عضو مُتميز ::
- إنضم
- 27 جويلية 2008
- المشاركات
- 507
- نقاط التفاعل
- 0
- النقاط
- 16
- العمر
- 44
شهد الدينار الجزائري منذ أواسط الثمانينات من ق20 تحولات هامة أدت به الى التدهور التدريجي، نتيجة للأزمات الاقتصادية المتتالية التي عرفتها البلاد، و كانت أهم التخفيضات هي التي جرت في أواسط التسعينات من ق20، بفعل سياسة التعديل الهيكلي المطبقة و التي ترتكز فيما يخص العملة المحلية على أسلوب المرونات لتعديل ميزان المدفوعات. في هذا البحث سنحاول الإجابة على مجموعة من العناصر المنبثقة من التساؤل الرئيسي و هو: هل أن أسلوب المرونات المتبع في سياسات التعديل الهيكلي و القاضي بتخفيض العملة المحلية لزيادة الصادرات و تخفيض الواردات، صالح للتطبيق على اقتصاد نام كالجزائر، و هل كان من الضروري تطبيقه، وللإجابة على ذلك كان لا بد من المرور على عدة محاور تتضمن إشكالات فرعية، نصيغها فيما يلي:
المحور الأول: إصلاحات صرف الدينار و نظرية أسلوب المرونات
المحور الثاني: نظم الصرف و تطور الدينار الجزائري
المحور الثالث: الدينار الجزائري بين أسلوب المرونات و إشكالية إعادة التقويم
المحور الأول
إصلاحات صرف الدينار و نظرية أسلوب المرونات
إن الأزمة الاقتصادية التي ظلت الجزائر تتخبط بها تطلبت الاقتناع مع نهاية ثمانينات ق20 بضرورة التحول التدريجي نحو اقتصاد السوق و إجراء إصلاحات عميقة على كامل هياكل الاقتصاد، و حيث أن ذلك لم يكن ممكنا إلا بالاستعانة الخارجية بسبب القيود المتولدة عن ضخامة المديونية الخارجية و شحة وسائل الدفع الخارجي، فإن ذلك تطلب الاستعانة بمؤسسات النقد الدولية و تطبيق برنامج الإصلاح الهيكلي الكامل.
أولا: الأهداف و الإجراءات العامة المطلوبة في الإصلاح: يهدف البرنامج الشامل للإصلاح الى القضاء على اللاتوازن الاقتصادي الذي ظل يعاني منه الاقتصاد الجزائري منذ سنة 1986، والذي لم تستطيع الإصلاحات الذاتية المنتهجة تصحيحه، و تنمية القدرات الوطنية و إنشاء الثروة عن طريق تنمية الإنتاج الصناعي، الفلاحي، الخدماتي، حيث بهدف الوصول الى[ii]:
- تلبية أحسن لاحتياجات الاستهلاك الصناعي و العائلي عن طريق الإتاحة المحلية للمواد الأولية المحلية، و عن طريق عرض أكثر وفرة للمنتجات الغذائية ذات الاستهلاك الواسع.
- تجنيد أكبر حصة من اليد العاملة الوطنية في حلقة الإنتاج، الاستهلاك، الادخار.
- تخفيض الواردات من المنتجات ذات الاستهلاك الواسع، التي يمكن أن تحل محلها منتجات محلية.
- الزيادة المطردة في الصادرات خارج المحروقات للمنتجات المحلية التي تتمتع بقدرة تنافسية.
- تغطية اجتماعية جيدة بفعل توسيع القاعدة الإنتاجية للعمال و توزيع جيد للثروة الوطنية.
- تحسين موارد الميزانية و هو ما ينشأ عنه أنشطة اقتصادية قوية تساهم بدورها في تغطية الاستثمارات العمومية و خاصة الهياكل القاعدية للدعم الاقتصادي و الاجتماعي.
و قد طلب في اتفاق التثبيت الموقع مع صندوق النقد الدولي في 12 أفريل 1994 القيام بما يلي[iii]:
- تعديل سعر الصرف ليصل الى 36 دج للدولار الواحد، أي تخفيضه بـ40.17%. ( تطبيقا لأسلوب المرونات).
- ضرورة الاحتفاظ بمستوى أدنى من موارد الدفع الخارجي عن طريق إعادة الجدولة، والقروض الخاصة المحصل عليها من صندوق النقد الدولي و البنك العالمي و مؤسسات أخرى، والاقتراض من الأسواق المالية و البنوك.
- القيام بإجراءات تحرير التجارة الخارجية لتقوية التكامل الاقتصادي.
- تخفيض عجز الميزانية عن طريق البحث عن التوازن بين الموارد و الاستخدامات.
- تطهير البنوك و المؤسسات العمومية لحفظ العمالة و تشجيع الإنتاج و متابعة إجراءات إعادة الهيكلة. - خفض وتيرة الإصدار النقدي و هذا باختيار إعادة التمويل و رفع سعر الفائدة لتصل كحد أقصى الى 23.5% في جوان 1994. و نقل سعر الفائدة على الادخار من 10% الى 14% سنويا، و من 12 الى 20% بالنسبة للإيداعات لمدة في حساب أو سندات صندوق الممتدة من 3 أشهر الى 10 سنوات.
و معلوم أن البرنامج امتد لمدة سنة واحدة و استتبع ببرنامج التعديل الهيكلي مع نهاية ماي 1995 الذي جاء ببرنامج أشمل مكمل لاتفاق التثبيت و يمتد على مدى 3 سنوات، من أهدافه الكبرى ما يلي[iv]:
-إحداث نمو اقتصادي يستوعب النمو السكاني، و يتطلب ذلك أن يكون معدل النمو الاقتصادي على الأقل في مستوى معدل النمو السكاني، وذلك لتقليص حجم البطالة، و هذا ببعث الاستثمار و الإنتاج خاصة في قطاعي الفلاحة و الصناعة.
- تقليص معدل التضخم الذي تميز به الاقتصاد الجزائري خاصة في العشرية الأخيرة، و هذا الى المعدل المسموح به في الدول الصناعية، و وضع معايير لمراقبة الإصدار النقدي.
- بعث ديناميكية لتخفيض حجم البطالة و إنشاء مناصب جديدة في قطاعات الفلاحة، السكن، المؤسسات الصغيرة و المتوسطة الصناعية، الخدمات.
- تشجيع الادخار و التسيير الأمثلي لأسعار الفائدة.
- التحرير الكامل للتجارة الخارجية و المنافسة في إطار اقتصاد سوق حقيقي قائم على حرية المؤسسات و المنافسة.
- إعادة التوازن الخارجي بتكوين إحتياطات صرف كافية.
- تخفيف الانعكاسات الانتقالية للتعديل الهيكلي على الطبقات الأكثر حرمانا، والتي يتوقع تزايدها.
و يترتب عن هذا إحداث تغييرات عميقة تمس كل عناصر الاقتصاد الوطني منها:
- إعادة الهيكلة الصناعية كسيرورة شاملة تتضمن:
- إعادة تنظيم قطاع المؤسسات العمومية، و تخلي الدولة عن تمويلها.
- إعادة النظر في نظام و دور صناديق المساهمة والإطار القانوني لنشطاتها.
-ترقية تنمية القطاع الخاص و الشراكة الأجنبية، بوضع جهاز خاص هو وكالة ترقية الاستثمارات.
- إعادة هيكلة القطاع المالي و تحسين خدماته.
- تعميق الإصلاح الهيكلي في القطاع الفلاحي.
- إصلاح النفقات العمومية.
- إعادة تنظيم قطاع التجارة، بما يسمح بتوزيع أفضل للمنتجات حسب الآجال و بتكاليف منخفضة عن طريق المنافسة، التي تضمنها حرية التجارة الخارجية، والتي يقننها نص تشريعي خاص هو قانون المنافسة والأسعار.
- إنشاء شروط أفضل للسيولة في سوق العمل.
- تحسين فعالية الحماية الاجتماعية للفئات المحرومة والأشخاص الذين تمسهم مباشرة الآثار السلبية للبرنامج.
ثانيا: الإجراءات المتعلقة بسعر الصرف: على مستوى سعر صرف الدينار بالخصوص فإن الرزنامة المعدة الخاصة بالتصحيح و التي تشمل التأثير على مجموعة من المتغيرات المتعلقة بالتجارة الخارجية و وسائل الدفع الخارجي، يظهرها الجدول أدناه.
إن تسوية سعر الصرف هو من أحد المعايير الأساسية لبرامج التعديل الهيكلي، و قبل ذلك فإن البحث عن التوازن الخارجي تطلب من السلطات العمومية تخفيض الدينار بـ 7.3% في مارس 1994 و 40.17 % في أفريل من نفس السنة، حيث أن البرنامج حدد الأهداف التالية:
- رفع قيود الصرف المدخلة سنة 1992، و متابعة تحرير الصرف للوصول الى تمويل الدينار على كل المعاملات الجارية، على السلع التي جرت استثناء على شراء السيارات الفردية النفعية، كما أصبح من الممكن استعمال العملة الصعبة بالسعر الرسمي لأغراض النفقات المتعلقة بالتعليم و الصحة.
- إنشاء سوق ما بين البنوك للعملة الصعبة من شأنه أن يسمح للبنوك التجارية بعرض العملة الصعبة بحرية لصالح زبائنها، كما أن نظام الحصص المحددة ألغي ابتداء من جانفي 1996، و ذلك كخطوة أولى في اتجاه نظام تعويم الصرف.
- السماح بإنشاء مكاتب للصرف تتعامل بالعملة الصعبة ابتداء من ديسمبر 1996.
- تخفيض سعر الصرف لتضييق الفجوة بين السعر الرسمي و السعر والموازي، ويساعد ذلك في تقليص اللجوء الى السوق السوداء لكون أن هذا الفارق أصبح في حدود ثلاث فرنكات فرنسية، حيث أن سعر الفرنك الفرنسي يصل الى 14 دينار جزائري في السوق السوداء، و هو في حدود 11 دج مع أواسط سنة 1999
إن خفض سعر الصرف المتوافق مع تحرير الأسعار، يكون له آنيا أثر إيجابي ماديا لكونه يعوض الريوع التنافسية لصالح المؤسسات و الدولة خاصة إذا ما جرى توحيد أسعار صرف الدينار بين السوقين الرسمي والموازي.
كما أن السلطات و تدعيما لسياسة تحرير الأسعار، فإنها لجأت الى تحرير نظام التجارة و المدفوعات الخارجية تحريرا يكاد يكون كاملا، حيث تم سنة 1994 إلغاء نظام المراقبة الثقيل، كما تم إلغاء نظام العلاوة الإدارية لموارد العملة الصعبة المنشأ سنة 1992 و هذا لاستيراد المنتجات المسموح بها، و أصبح بإمكان المستوردين الحصول على العملة الصعبة حسب احتياجاتهم و استيراد كل المواد ما عدا بعض المواد التي يكون استيرادها ممنوعا بصفة مؤقتة، غير أن قائمة هذه المواد تم إلغاءها مع نهاية 1994. و يعتبر الآن نظام التجارة الخارجية الجزائري معفى من كل القيود الكمية، إضافة الى هذا فإن السلطات أرجعت المعدل الأعظم لحقوق الاستيراد من 60% سنة 1994 الى 45 % في أول جانفي 1997، كما خفضت عدد هذه الحقوق. إضافة الى هذا فإنه تم أيضا تحرير مدفوعات السياحة مع نهاية 1997.
و تأتي فكرة التخفيضات المتتالية لسعر الدينار تطبيقا لنظرية أسلوب المرونات المتعارف عليها في سياسات معالجة الاختلال الخارجي لميزان المدفوعات الدولية، و سنحاول في البند الموالي التطرق الى هذه النظرية و إظهار الفروض التي تقوم عليها.
ثالثا: نظرية أسلوب المرونات و التوازن الخارجي: ترتكز صياغة المؤسسات النقدية الدولية التي تدعو بموجبها الدول الطالبة لبرامج التعديل الهيكلي في اقتصادياتها إلى تخفيض قيمة العملة لإحداث التوازن في موازين مدفوعاتها على عدة مرتكزات من بينها مبدأ نظرية أسلوب المرونات. و أسلوب المرونات هو أحد سياسات تسوية الاختلال الخارجي، التي تتضمن أيضا أسلوب الاستيعاب[v] الذي يركز أساسا على دور السياسة المالية و الأسلوب النقدي[vi] الذي يركز أساسا على العرض و الطلب المرتبط بالكتلة النقدية، و سنحاول فيما يلي، التطرق الى أسلوب المرونات باعتباره يركز على أهمية تغير قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية في إحداث التغير في رصيد ميزان المدفوعات، لإظهار مدى صلاحيته للاقتصاديات النامية و منها الجزائر.
تدور فكرة هذا الأسلوب حول مرونة كل من الصادرات و الواردات بالنسبة الى سعر صرف العملة الوطنية وأهميتهما في توجيه ميزان المدفوعات. ظهر هذا الأسلوب خلال فترة ثلاثينات ق20 و ينسب الى روبنسون Robinson و قد تدعم بما يسمى بشرط مارشال-ليرنر Marshal-Lerner.
1- مميزات نظرية أسلوب المرونات: يتميز هذا الأسلوب بما يلي[vii]:
أ- أنه يعتمد على طريقة تحويل الإنفاق عن طريق تغيرات سعر الصرف، وجوهر هذه الفكرة هو تحويل الإنفاق إما من السلع المحلية الى الإنفاق على السلع الأجنبية من طرف المقيمين و بالتالي زيادة الواردات أو من الإنفاق على السلع الأجنبية الى الإنفاق على السلع المحلية من طرف غير المقيمين وبالتالي زيادة الصادرات.
ب- لا يهتم هذا الأسلوب بجميع عناصر ميزان المدفوعات إذ أنه يركز فقط على صادرات و واردات السلع و الخدمات.
2- صياغة النظرية: تعتمد هذا النظرية على صياغة مارشال-ليرنر، و إظهار مرونة كل من الصادرات و الواردات بالنسبة لسعر الصرف في توجيه ميزان المدفوعات.
المحور الأول: إصلاحات صرف الدينار و نظرية أسلوب المرونات
المحور الثاني: نظم الصرف و تطور الدينار الجزائري
المحور الثالث: الدينار الجزائري بين أسلوب المرونات و إشكالية إعادة التقويم
المحور الأول
إصلاحات صرف الدينار و نظرية أسلوب المرونات
إن الأزمة الاقتصادية التي ظلت الجزائر تتخبط بها تطلبت الاقتناع مع نهاية ثمانينات ق20 بضرورة التحول التدريجي نحو اقتصاد السوق و إجراء إصلاحات عميقة على كامل هياكل الاقتصاد، و حيث أن ذلك لم يكن ممكنا إلا بالاستعانة الخارجية بسبب القيود المتولدة عن ضخامة المديونية الخارجية و شحة وسائل الدفع الخارجي، فإن ذلك تطلب الاستعانة بمؤسسات النقد الدولية و تطبيق برنامج الإصلاح الهيكلي الكامل.
أولا: الأهداف و الإجراءات العامة المطلوبة في الإصلاح: يهدف البرنامج الشامل للإصلاح الى القضاء على اللاتوازن الاقتصادي الذي ظل يعاني منه الاقتصاد الجزائري منذ سنة 1986، والذي لم تستطيع الإصلاحات الذاتية المنتهجة تصحيحه، و تنمية القدرات الوطنية و إنشاء الثروة عن طريق تنمية الإنتاج الصناعي، الفلاحي، الخدماتي، حيث بهدف الوصول الى[ii]:
- تلبية أحسن لاحتياجات الاستهلاك الصناعي و العائلي عن طريق الإتاحة المحلية للمواد الأولية المحلية، و عن طريق عرض أكثر وفرة للمنتجات الغذائية ذات الاستهلاك الواسع.
- تجنيد أكبر حصة من اليد العاملة الوطنية في حلقة الإنتاج، الاستهلاك، الادخار.
- تخفيض الواردات من المنتجات ذات الاستهلاك الواسع، التي يمكن أن تحل محلها منتجات محلية.
- الزيادة المطردة في الصادرات خارج المحروقات للمنتجات المحلية التي تتمتع بقدرة تنافسية.
- تغطية اجتماعية جيدة بفعل توسيع القاعدة الإنتاجية للعمال و توزيع جيد للثروة الوطنية.
- تحسين موارد الميزانية و هو ما ينشأ عنه أنشطة اقتصادية قوية تساهم بدورها في تغطية الاستثمارات العمومية و خاصة الهياكل القاعدية للدعم الاقتصادي و الاجتماعي.
و قد طلب في اتفاق التثبيت الموقع مع صندوق النقد الدولي في 12 أفريل 1994 القيام بما يلي[iii]:
- تعديل سعر الصرف ليصل الى 36 دج للدولار الواحد، أي تخفيضه بـ40.17%. ( تطبيقا لأسلوب المرونات).
- ضرورة الاحتفاظ بمستوى أدنى من موارد الدفع الخارجي عن طريق إعادة الجدولة، والقروض الخاصة المحصل عليها من صندوق النقد الدولي و البنك العالمي و مؤسسات أخرى، والاقتراض من الأسواق المالية و البنوك.
- القيام بإجراءات تحرير التجارة الخارجية لتقوية التكامل الاقتصادي.
- تخفيض عجز الميزانية عن طريق البحث عن التوازن بين الموارد و الاستخدامات.
- تطهير البنوك و المؤسسات العمومية لحفظ العمالة و تشجيع الإنتاج و متابعة إجراءات إعادة الهيكلة. - خفض وتيرة الإصدار النقدي و هذا باختيار إعادة التمويل و رفع سعر الفائدة لتصل كحد أقصى الى 23.5% في جوان 1994. و نقل سعر الفائدة على الادخار من 10% الى 14% سنويا، و من 12 الى 20% بالنسبة للإيداعات لمدة في حساب أو سندات صندوق الممتدة من 3 أشهر الى 10 سنوات.
و معلوم أن البرنامج امتد لمدة سنة واحدة و استتبع ببرنامج التعديل الهيكلي مع نهاية ماي 1995 الذي جاء ببرنامج أشمل مكمل لاتفاق التثبيت و يمتد على مدى 3 سنوات، من أهدافه الكبرى ما يلي[iv]:
-إحداث نمو اقتصادي يستوعب النمو السكاني، و يتطلب ذلك أن يكون معدل النمو الاقتصادي على الأقل في مستوى معدل النمو السكاني، وذلك لتقليص حجم البطالة، و هذا ببعث الاستثمار و الإنتاج خاصة في قطاعي الفلاحة و الصناعة.
- تقليص معدل التضخم الذي تميز به الاقتصاد الجزائري خاصة في العشرية الأخيرة، و هذا الى المعدل المسموح به في الدول الصناعية، و وضع معايير لمراقبة الإصدار النقدي.
- بعث ديناميكية لتخفيض حجم البطالة و إنشاء مناصب جديدة في قطاعات الفلاحة، السكن، المؤسسات الصغيرة و المتوسطة الصناعية، الخدمات.
- تشجيع الادخار و التسيير الأمثلي لأسعار الفائدة.
- التحرير الكامل للتجارة الخارجية و المنافسة في إطار اقتصاد سوق حقيقي قائم على حرية المؤسسات و المنافسة.
- إعادة التوازن الخارجي بتكوين إحتياطات صرف كافية.
- تخفيف الانعكاسات الانتقالية للتعديل الهيكلي على الطبقات الأكثر حرمانا، والتي يتوقع تزايدها.
و يترتب عن هذا إحداث تغييرات عميقة تمس كل عناصر الاقتصاد الوطني منها:
- إعادة الهيكلة الصناعية كسيرورة شاملة تتضمن:
- إعادة تنظيم قطاع المؤسسات العمومية، و تخلي الدولة عن تمويلها.
- إعادة النظر في نظام و دور صناديق المساهمة والإطار القانوني لنشطاتها.
-ترقية تنمية القطاع الخاص و الشراكة الأجنبية، بوضع جهاز خاص هو وكالة ترقية الاستثمارات.
- إعادة هيكلة القطاع المالي و تحسين خدماته.
- تعميق الإصلاح الهيكلي في القطاع الفلاحي.
- إصلاح النفقات العمومية.
- إعادة تنظيم قطاع التجارة، بما يسمح بتوزيع أفضل للمنتجات حسب الآجال و بتكاليف منخفضة عن طريق المنافسة، التي تضمنها حرية التجارة الخارجية، والتي يقننها نص تشريعي خاص هو قانون المنافسة والأسعار.
- إنشاء شروط أفضل للسيولة في سوق العمل.
- تحسين فعالية الحماية الاجتماعية للفئات المحرومة والأشخاص الذين تمسهم مباشرة الآثار السلبية للبرنامج.
ثانيا: الإجراءات المتعلقة بسعر الصرف: على مستوى سعر صرف الدينار بالخصوص فإن الرزنامة المعدة الخاصة بالتصحيح و التي تشمل التأثير على مجموعة من المتغيرات المتعلقة بالتجارة الخارجية و وسائل الدفع الخارجي، يظهرها الجدول أدناه.
إن تسوية سعر الصرف هو من أحد المعايير الأساسية لبرامج التعديل الهيكلي، و قبل ذلك فإن البحث عن التوازن الخارجي تطلب من السلطات العمومية تخفيض الدينار بـ 7.3% في مارس 1994 و 40.17 % في أفريل من نفس السنة، حيث أن البرنامج حدد الأهداف التالية:
- رفع قيود الصرف المدخلة سنة 1992، و متابعة تحرير الصرف للوصول الى تمويل الدينار على كل المعاملات الجارية، على السلع التي جرت استثناء على شراء السيارات الفردية النفعية، كما أصبح من الممكن استعمال العملة الصعبة بالسعر الرسمي لأغراض النفقات المتعلقة بالتعليم و الصحة.
- إنشاء سوق ما بين البنوك للعملة الصعبة من شأنه أن يسمح للبنوك التجارية بعرض العملة الصعبة بحرية لصالح زبائنها، كما أن نظام الحصص المحددة ألغي ابتداء من جانفي 1996، و ذلك كخطوة أولى في اتجاه نظام تعويم الصرف.
- السماح بإنشاء مكاتب للصرف تتعامل بالعملة الصعبة ابتداء من ديسمبر 1996.
- تخفيض سعر الصرف لتضييق الفجوة بين السعر الرسمي و السعر والموازي، ويساعد ذلك في تقليص اللجوء الى السوق السوداء لكون أن هذا الفارق أصبح في حدود ثلاث فرنكات فرنسية، حيث أن سعر الفرنك الفرنسي يصل الى 14 دينار جزائري في السوق السوداء، و هو في حدود 11 دج مع أواسط سنة 1999
إن خفض سعر الصرف المتوافق مع تحرير الأسعار، يكون له آنيا أثر إيجابي ماديا لكونه يعوض الريوع التنافسية لصالح المؤسسات و الدولة خاصة إذا ما جرى توحيد أسعار صرف الدينار بين السوقين الرسمي والموازي.
كما أن السلطات و تدعيما لسياسة تحرير الأسعار، فإنها لجأت الى تحرير نظام التجارة و المدفوعات الخارجية تحريرا يكاد يكون كاملا، حيث تم سنة 1994 إلغاء نظام المراقبة الثقيل، كما تم إلغاء نظام العلاوة الإدارية لموارد العملة الصعبة المنشأ سنة 1992 و هذا لاستيراد المنتجات المسموح بها، و أصبح بإمكان المستوردين الحصول على العملة الصعبة حسب احتياجاتهم و استيراد كل المواد ما عدا بعض المواد التي يكون استيرادها ممنوعا بصفة مؤقتة، غير أن قائمة هذه المواد تم إلغاءها مع نهاية 1994. و يعتبر الآن نظام التجارة الخارجية الجزائري معفى من كل القيود الكمية، إضافة الى هذا فإن السلطات أرجعت المعدل الأعظم لحقوق الاستيراد من 60% سنة 1994 الى 45 % في أول جانفي 1997، كما خفضت عدد هذه الحقوق. إضافة الى هذا فإنه تم أيضا تحرير مدفوعات السياحة مع نهاية 1997.
و تأتي فكرة التخفيضات المتتالية لسعر الدينار تطبيقا لنظرية أسلوب المرونات المتعارف عليها في سياسات معالجة الاختلال الخارجي لميزان المدفوعات الدولية، و سنحاول في البند الموالي التطرق الى هذه النظرية و إظهار الفروض التي تقوم عليها.
ثالثا: نظرية أسلوب المرونات و التوازن الخارجي: ترتكز صياغة المؤسسات النقدية الدولية التي تدعو بموجبها الدول الطالبة لبرامج التعديل الهيكلي في اقتصادياتها إلى تخفيض قيمة العملة لإحداث التوازن في موازين مدفوعاتها على عدة مرتكزات من بينها مبدأ نظرية أسلوب المرونات. و أسلوب المرونات هو أحد سياسات تسوية الاختلال الخارجي، التي تتضمن أيضا أسلوب الاستيعاب[v] الذي يركز أساسا على دور السياسة المالية و الأسلوب النقدي[vi] الذي يركز أساسا على العرض و الطلب المرتبط بالكتلة النقدية، و سنحاول فيما يلي، التطرق الى أسلوب المرونات باعتباره يركز على أهمية تغير قيمة العملة المحلية مقابل العملات الأجنبية في إحداث التغير في رصيد ميزان المدفوعات، لإظهار مدى صلاحيته للاقتصاديات النامية و منها الجزائر.
تدور فكرة هذا الأسلوب حول مرونة كل من الصادرات و الواردات بالنسبة الى سعر صرف العملة الوطنية وأهميتهما في توجيه ميزان المدفوعات. ظهر هذا الأسلوب خلال فترة ثلاثينات ق20 و ينسب الى روبنسون Robinson و قد تدعم بما يسمى بشرط مارشال-ليرنر Marshal-Lerner.
1- مميزات نظرية أسلوب المرونات: يتميز هذا الأسلوب بما يلي[vii]:
أ- أنه يعتمد على طريقة تحويل الإنفاق عن طريق تغيرات سعر الصرف، وجوهر هذه الفكرة هو تحويل الإنفاق إما من السلع المحلية الى الإنفاق على السلع الأجنبية من طرف المقيمين و بالتالي زيادة الواردات أو من الإنفاق على السلع الأجنبية الى الإنفاق على السلع المحلية من طرف غير المقيمين وبالتالي زيادة الصادرات.
ب- لا يهتم هذا الأسلوب بجميع عناصر ميزان المدفوعات إذ أنه يركز فقط على صادرات و واردات السلع و الخدمات.
2- صياغة النظرية: تعتمد هذا النظرية على صياغة مارشال-ليرنر، و إظهار مرونة كل من الصادرات و الواردات بالنسبة لسعر الصرف في توجيه ميزان المدفوعات.