السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
:001_wub:الاستقلال بين الحقيقة و الوهم :cursing:
:001_wub:الاستقلال بين الحقيقة و الوهم :cursing:
مرت منذ أشهر ذكرى الأستقلال المزعوم و تقترب ذكرى إندلاع الثورة التحريرية هذا العام في ظل أوضاع، تلوي أعناقنا إلى الماضي القريب بفظاظة، و كأنها ضاقت ذرعا بتجاهلنا و استخفافنا بالحضيض الذي تهاوى إليه وضع الجزائر، بعد أن ارتقت بها ثورة التحرير إلى منزلة الثريا سموا و عظمة.
إن جمعا غفيرا ممن عايشوا الثورة و شاركوا فيها ما زالوا يعيشون بيننا، و مع حفظنا لفضلهم في تحرير الجزائر و استقلالها، و مراعاتنا لمقام السن الذي له اعتبار في أعرافنا و ديننا، فإننا نرى من بعضهم ما يشعرنا بأنهم غرباء علينا و نسمع منهم ما يدفعنا إلى الانكار بشدة و يبعث في قلوبنا الريبة في طموحاتهم. لقد استمعنا إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة و هو يزمجر بلسانه و يتوعد الفرنسيين بإذاقتهم الحنظل و كأنه منذر حرب بمناسبة افتتاح ملتقى نشأة جيش التحريرالوطني، و لكن القتال الشرس بالأظافر و الأسنان الذي يمارسه عمليا في واقع الحياة من خلال صلاحياته النافذة كرئيس للجمهورية تارة و إجراءات حكومته الاستفزازية التي لا رجعة فيها تارة أخرى و من خلال طبيعة اهتمام الأجهزة الأمنية و تماديه في تمجيد احتقارها للشعب و الإصرار على التستر على جرائمها ضد الانسانية، كله يصب في الحفاظ على المصالح الحيوية لفرنسا الاستعمارية و عملائها المعروفين في منظومة السلطة، ابتداء من ممارساتها الوحشية ضد الشعب و إرغامنا على التواصل بلغتها و رد الاعتبار لمبشريها على حساب ديننا و إشاعة ثقافتها الفاحشة في أوساط شبابنا على حساب عفتنا و أعراضنا و انتهاء بوضع أرضنا و جونا و بحرنا و ثرواتنا و جيشنا في خدمة آفاقها الاستراتيجية.
و إذا كان الجميع يعرفون أن وعيد الرئيس الكلامي الذي لن يترتب عليه عمل ينفع الجزائر هو استجابة لرغبة الشعب الجزائري في الرد المناسب على نذالة فرنسا، فإن السؤال عن هوية المستفيد من الخدمة المخلصة لفرنسا على حساب المصلحة الوطنية يبقى مطروحا، خاصة و أن السيد عبد العزيز بوتفليقة يبني كلامه للمجهول عندما يتعلق الأمر بهذا الطرف. و قد أعلن عن طرف يعرقل مساعيه في تحقيق المصالحة الوطنية دون تعيينه، ليهيم الصحافيون و المحللون الاعلاميون و المتحاورون السياسيون على وجوههم دهرا و يعودوا بخفي حنين.
فإلى متى سيبقى استقلال الجزائر مجازا في حياتنا؟ وإلى متى يكذب علينا رؤساء الجمهورية في بلادنا خوفا و طمعا، و يحرموننا من الصدق و الصراحة فيما يعني شؤوننا؟.......... الشاذلي بن جديد يساق من غرفة نومه في الظلام كالأسير ليعلن عن استقالته من منصبه تحت التهديد ثم يصاب بالصمم.....و زروال ينكص على عقبيه في منتصف الطريق كأنه أجير و ليس رئيس دولة...... و عبد العزيز بوتفليقة يحكمنا الآن و هو تحت وطاة المساومة و الابتزاز و يتمادى في تسميم عقولنا بمفاهيم باهتة لكل شيء، حتى التبس على الناس معنى المصالحة بالتواطوئ على الظلم و العفو بالقابلية للاستعباد و الحكم بامتهان كرامة الإنسان و فقدت قيم العدل و الحرية مكانها في إدراك الناس و شعورهم.
إن الحقيقة الصماء التي لا تقبل النقاش هي أن المجهول الذي يبتز الجزائر كلها دولة و شعبا، رئيسا و مرؤوسا، هو جهاز واحد، كان المفروض أن يكون عنصرقوة و بناء، كما هو الشأن عند كل الشعوب الحية، و لكن الغلطة التاريخية التي وقع فيها الرئيس هواري بومدين جعلت منه عنصر تدميرذاتي في جسم الجزائر. لقد أخطأ غفر الله له عندما اعتقد أن حياة الجزائر مرتبطة بشخصه ففرض الأمر الواقع على الشعب الجزائري كله بقوة السلاح، مما اضطره لتوظيف جهاز المخابرات لحماية نفسه كشخص و ليس كرئيس دولة فاكتسب هذا الجهاز الخطير سلطة غير معلنة أقوى من مؤسسات الدولة الشرعية كلها و استمد شرعيته من طبيعة مهامه السرية كما استمد سلطته مباشرة من شخص الهواري بومدين الزعيم صاحب السلطة المطلقة. فأصبحت الدولة ملكية خاصة لقيادة هذا الجهاز تتصرف فيها وفق ما تقتضيه التعليمات الشخصية لبومدين. و بذلك نجح هذا الجهاز في إحباط كل محاولات الاعتداء على شخص سيده، إلى أن مات المتحكم الوحيد في قيادة هذا الجهاز الرهيب فجأة، ليترك الجزائر شعبا و دولة رهينة لديها.
و قد حاول الشاذلي بن جديد التحكم في دواليب هذا الجهاز و إعادة هيكلته من أجل تحرير الشعب الجزائري لكنه فشل.
و لذلك فإنه أصبح من العبث و الحماقة الاستمرار في محاولة ترويض الجزائر على المشي على رأسها و السكوت على هذه المهازلة المرعبة فضلا عن المساهمة فيها تحت أي مبرر.
لقد آن الأوان أن يناقش هذا الجهاز الحساب كاملا و يجرد بإرادة الشعب المباشرة من شرعية الارهاب التي يمارس من خلالها سلطته المطلقة التي تجاوزت سلطة الدستور و الدولة و داست على كل الشرعيات المتعارف عليها بين الناس و جعلت الشعب الجزائري يعيش في وضع شاذ لم يعد من الممكن تشخيصه و رهنت مستقبل الجزائر بالمجهول.
أما إذا تمادى الجميع في مخادعة أنفسهم و محاكاة صنيع إبليس عندما يسمع الأذان، فإن أجيال المستقبل ستدرك يوما ما أن من حقها أن تعيد الاعتبار لكرامتها السليبة بثورة جديدة تستكمل بها ثورة التحرير المجيدة التي بدأت في غرة نوفمبر 1954 و لم تنته بعد، و تعتبرالفترة الزمنية ما بين مارس 1961 و موعد استكمال الثورة من جديد، و قفة مؤقتة مقدرة من الله لتطهير صفوف ثورة التحرير المجيدة مما علق بها من الخبث و النجاسة أثناء منازلة الأراذل من جنود فرنسا و أعوانهم الخونة.