لماذا يهاجـم الصهاينة القدس
بقلم : الشيخ خباب بن مروان الحمــد
فمن المعلوم أنَّ المؤسّس لما يسمَّى بإسرائيل \"ديفيد بن غوريون\" قال:\"لا قيمة لليهود بدون إسرائيل، ولا قيمة لإسرائيل بدون القدس، ولا قيمة للقدس بدون الهيكل\"،
وعليه فالصهاينة يحاولون طمس معالم الهويَّة الإسلامية للقدس؛ وهنالك حملة قذرة في تهويد القدس ومن ذلك:
1) محاولة طرد السكان المقدسيين من أرض القدس وإخلاء دورهم، وبناء المغتصبات(المستوطنات) في القدس الشرقية إذ بنيت أكثر من 45 مغتصبة استيطانيَّة بعد احتلال القدس عام 1967م، وبلغ عدد سكَّان هذه المغتصبات لعام 2009 أكثر من ربع مليون نسمة!! بل أكدت الدراسة التي أعدها مركز الأبحاث التطبيقية بالقدس \"أريج\" أن سلطات الكيان الصهيوني عززت المخطط الاستيطاني في الضفة الغربية من خلال تكثيف البناء العشوائي وفرض سياسات التضييق بحقِّ الفلسطينيين، لا سيما في مدينة القدس المحتلة. فالمشروع يهدف إلى تهويد القدس، وجعلها رأس وقلب دولة \"إسرائيل\"، مقابل تخفيض عدد العرب إلى 12% عبر الإجراءات والممارسات العدوانية؛ مشيرًا إلى أن وتيرة الحركة \"الاستيطانية\" في القدس المحتلة آخذة في التسارع كردٍّ صهيوني على إعلانها عاصمة للثقافة العربية.
2) هدم بيوت الكثير من المقدسيين وجرف منازلهم، بأدنى الحجج وأتفه الأسباب، ففي ضمن خطة تهويد القدس قررت بلدية القدس المحتلة إخلاء 115 بيتًا بحي البستان في بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى بحجة أنها بُنيت بغير ترخيص. وهنالك طرق وأحابيل من مكر يهود يفعلونها لإغراء المقدسيين على القبول بالتعويض لكي يستولوا اليهود على بيوتهم، فقد ذكرت مصادر صحفية أن مسئول ملف القدس الشرقية في مجلس بلدية القدس الصهيوني \"يكير سيغب\" التقى سكانًا من بلدة سلوان وعرض عليهم إمكانية إخلاء منازلهم طوعًا وتعويضهم بسكن بديل، لكنه عاد ونفى أن تكون هناك تعويضات وإنما هو مجرد حديث!! ولهذا نجد أنَّ سكان حي البستان جنوب المسجد الأقصى أصبحوا اليوم في دائرة الخطر الحقيقي، خصوصًا بعد أن ألغت اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء الصهيونية المخطط الذي كان قد قدَّمه أهالي الحي، وقد جاء هذا الإلغاء نتيجة مصادقة اللجنة المذكورة على مخطط آخر لنفس المنطقة قامت بإعداده بلدية الاحتلال، وبموجب المخطط الجديد سيتم إزالة القسم الأكبر من حي البستان وتشريد سكانه البالغ عددهم 1500 مواطن، وتجريف الحي وتحويله إلى حدائق عامة؛ وذلك ضمن مخطط واسع يهدف إلى تهويد محيط المسجد الأقصى أو ما يُعرف بـ\"الحوض المقدس.
3) تكثير النسل الصهيوني للإقامة في أرض القدس، ومحاولة التعرض للمقدسيين للكثير من الضغوط والمضايقات لثنيهم عن الثبات في أراضيهم، ولعلَّ خير ما يشهد على ذلك الأستاذ \"خليل التفكجي\"، مدير دائرة الخرائط بجمعية الدراسات العربية، حيث يقول: \"إسرائيل تستهدف من وراء هذه السياسة تقليص الوجود العربي إلى أقل من 22% من إجمالي سكان القدس الشرقية، ولضمان تنفيذ ذلك وضعت قانونين، الأول هو قانون المصادرات، وبموجبه صادرت مئات الدونمات من الأراضي\"، وبحسب التفكجي، تفيد الإحصائيات الرسمية بأن عدد الوحدات السكنية المملوكة للفلسطينيين في القدس يبلغ الآن نحو 38 ألف وحدة مقابل 62 ألف وحدة لليهود.
4) محاولة اختلاق اليهود لبعض القصص الكاذبة أو الأعمال التي يكون في ظاهرها نوع من العنف ضدَّهم، فيحاولوا أن يستغلِّوا هذه الأحداث لكي تأتي هذه الأمور في صالحهم.
5) تغاضي المجتمع الدولي عن الحالة الكارثيَّة في عملية التعديل الديمغرافي بإسكان اليهود أماكن الفلسطينيين التي كانت لهم أصالة، ونزع حقوقهم، دون أي إيقاف لهذه الجهود.
6) يحاول الصهاينة تحويل بعض جهات المسجد الأقصى والحيطان المحيطة به لأن تتحول إلى مكان للسياحة تدر أرباحاً هائلة على دولتهم المزعومة ، ولديهم الآن خطَّة يسعون للقيام بها لما يسمونه بالحوض المقدس،والذي سيقام على أراضي سلوان؛ ومن الأهداف المعلَنة لهذا المشروع:تنمية مجال ما يسمَّى(الحوض التاريخي) المقدَّس لليهود؛ لاستيعاب و\"جذب سياحي\" لـ10 ملايين زائر،
وتجنيد واستثمار نحو 2 مليار شيكل جديد في خطةٍ يتم تنفيذها لست سنوات، وتجنيد معظم \"الشعب اليهودي\" في حثِّ تنمية المشروع، أي الاعتراف الضمني بحقوق اليهود في الحوض المقدَّس الذي- حسب التعريف الصهيوني- يشمل (المسجد الأقصى المبارك).
• لماذا الحفر تحت الأقصى؟
اليهود الصهاينة صنعوا كذبة صلعاء صدَّقها الأوباش من اليهود، وهي أنَّ المسجد الأقصى بني على أنقاض هيكل سليمان ـ عليه الصلاة والسلام ـ، ولهذا فإنَّهم يريدون من خلال هذه الكذبة توجيه الرأي العام بأنَّ المسجد الأقصى ليس هذا مكانه، وأنَّ هيكل سليمان هو الأول، وحينما يقضون على المسجد الأقصى ويهدمونه (لا قدر الله) يضعون بناءً خاصا بهم معبِّرا عن هيكل سليمان، وهم في لوقت نفسه سيكسبون أمرين هما :
هدم المسجد الأقصى،
الهيكل المزعوم على أنقاضه.
ولا شك أنَّ كلامهم زور وبهتان فإنَّ المسجد الأقصى بني بعد المسجد الحرام بأربعين عاماً كما جاءت بذلك الأحاديث الصحيحة، وكان المسجد الحرام هو المسجد الذي بني أولاً وتلاه بناءً المسجد الأقصى، فالأقدميَّة للمسجد الأقصى، والهيكل المقدس لدى اليهود ما هو إلاَّ أسطورة محشوَّة في رؤوس اليهود بناء على أساطير وخرافات كاذبة، فالذي يثبت بالدليل والبرهان أنَّ سليمان عليه الصلاة والسلام لم يبن هيكلاً بل بنى مسجداً للعبادة هو المسجد الأقصى أو أعاد بناء هذا المسجد وتأسيسه مرَّة أخرى،
(وسـواء أخذنـا برأي من ذهب إلى أنّ الباني الأول للمسجد الأقصى بعض ولد آدم أو إبراهيم عليهما السلام، فإن بين ولد آدم، وسليمان عليه السلام آلاف السنين، وبين إبراهيم عليه السلام وسليمان عليه السلام ما يقرب من ألف سنة.
فهذا يعني أن المسجد الأقصى وجد في جبل بيت المقدس، قبل أن تكون هناك قبيلة يهودا، أو يكون هناك يهود، وقبل أن يكون التاريخ اليهودي أصلاً، وأيضاً قبل بناء سليمان عليه السلام الهيكل كما يزعم اليهود، وهل من المعقول أو الجائز شرعاً أن يقوم نبي الله سليمان ببناء معبدٍ لله تعالى تحت المسجد القائم؟!) كما يقول الدكتور صالح الرقب في بحث له عن خرافة وجود الهيكل.
• ما الذي يمنع إسرائيل من أن تقوم بعملية هدم الأقصى بشكل مباشر؟
• ما الذي يمنع إسرائيل من أن تقوم بعملية هدم الأقصى بشكل مباشر؟
لقد قال تعالى في محكم التنزيل بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيمولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله) .
يقول الصحابي الجليل أبو الدرداء رضي الله عنه: لولا أن الله عز وجل يدفع بمن في المساجد عمن ليس في المساجد ، وبمن يغزو عمن لا يغزو؛لأتاهم العذاب، وقالت فرقة: ولولا دفع الله العذاب بدعاء الفضلاء والأخيار،
هذا من جهة... ومن جهة أخرى فالصهاينة في واقع الأمر مختلفون فيما بينهم في عملية الهدم فهنالك خلافات بين تياراتهم الدينية حيال ذلك، كما أنَّ هنالك خلافات بين العلمانيين الصهاينة واليهود المتطرفين (المتدينون)، وكذلك لا يزال التخوف منهم من الهبَّة الشعبيَّة العالمية العارمة حيال ذلك، سواء أكان ذلك في فلسطين أم خارجها، وإذا كان عدو الله (الحي الميت) شارون حينما دخل المسجد الأقصى انتفضت فلسطين وانتفضت الأمة بأجمعها فماذا سوف يحصل حينما يهدم الصهاينة المسجد الأقصى؟
وكذلك هنالك ضغوطات دوليَّة على الحكومة الصهيونية بعدم اقتراف هذه الحماقة التي ستسبب لها إحراجا أمام النظام الدولي والمنظومة العالمية، وبالطبع فهذا ليس حبَّاً بأهل فلسطين ولكنَّه تدجين للمسلمين عموماً، فالمقصد لا تهدموه الآن ولكن إذا واتتكم الفرصة فافعلوا ما تشاؤون، لكي تسنح الفرصة والأمور لصالح الكيان الصهيوني...
قال البيولوجي الأمريكي (جيمس جاننغ) -الذي يعيش في شيكاغو، وقد سبق أن أجرى دراسات بيولوجية في الأردن ومصر وفلسطين-: \"كثير من الصهاينة الإسرائيليين يفضًلون المضي في المخطط خطوة..خطوة. فإذا لم ينسفوا المسجد فإنّهم يتمنون أن ينظر إليهم كمعتدلين...إنّ بعض قادة إسرائيل يختبرون الأجواء السياسية لبناء الهيكل إلى جانب المسجد.
فإذا حققوا ذلك، فإنهم قد يعمدون لاحقاً إلى إزالة الحرم الشريف. إنها لعبة القوة السياسية) انظر كتاب : النبوءة والسياسة:غريس غالسل ص110 ولعلَّ الصهاينة كذلك لم يروا هذا الوقت هو لوقت المناسب للهدم فهم يحاولون التطبيع مع الكثير من الدول الإسلامية ويحاولون تطبيع وتهويد العلاقات العربية والإسلامية من المقدسيين مع اليهود الساكنين في القدس، فهم يريدون تهيئة الفرصة المواتية التي يشعرون فيها ضعف تمسك العالم العربي والإسلامي بقضية القدس والأقصى.
• واجب الأمَّة الإسلامية تجاه القدس.
في القدس قد نطق الحجر لا مؤتمر لا مؤتمر أنا لا أريد سوى عمر على الأمَّة الإسلامية أن تعد نفسها إعداداً جيداً يليق بها لكي تسترد كرامتها، وتستدعي حدود مجدها، وألاَّ تنتظر أن يعمل لها أحد من أمم الشرق والغرب، أو أنها تفرح بتصريح من هنا ، وخطاب من هنالك، فيكون حالها كما قال الشاعر:
يرجون من ظلم أهل الظلم مغفرة *** ومن إساءة أهل السوء إحسانا
عليها أن تعرف عدوها جيداً وأن لا تثق به أو تحسن به الظن، ولو قرأنا كل تاريخ عتاولة الإجرام الصهيوني لوجدنا حقيقة الإرهاب لديهم، ولعلي أضرب مثلاً لذلك من مقال بعنوان (الإرهاب) حيث كتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق شامير في جريدة (هازيت) التي كانت تصدرها حركة (ليحي) والتي كان يترأسها شامير آنذاك في شهر آب عام 1943م فقال:
(لا يمكن استخدام الأخلاق اليهودية ولا الأعراف اليهودية كوسيلة لمنعنا من الإرهاب كوسيلة للحرب ... إننا بعيدون جدا عن الترددات الأخلاقية عندما نهتم بالنضال الوطني، فالإرهاب بالنسبة لنا، أولا وقبل كل شيء هو جزء من الحرب السياسية مناسب لظروفنا الآن) عن كتاب الغرب والإسلام وفلسطين، للمفكر الفلسطيني محمود النمورة ص247.
وهذا مناحم بيجن السفاح الكبير الذي حصل على جائزة نوبل !! الشخصيَّة التي قتلت النساء وصاحب الإبادات الجماعيَّة للبشر لتحقيق أغراضه السياسية المشؤومة، هذا الرجل الذي قال عنه ابن جوريون نفسه إنه يريد القضاء على جميع العرب لإنشاء دولة إسرائيل الكبرى،
وفي ذات يوم وصف الفلسطينيين في خطاب ألقاه في الكنيست بأنَّهم وحوش تمشي على قدمين!! نجده يقول في كتابه \"الثورة\": \"ينبغي عليكم أيها الإسرائيليون أن لا تلينوا أبدا عندما تقتلون أعداءكم، ينبغي أن لا تأخذكم بهم رحمة حتى ندمر ما يسمى بالثقافة العربية التي سنبني على أنقاضها حضارتنا\".
ويقول أيضا \" الفلسطينيون مجرد صراصير يجب سحقها\".
ويقول بنيامين ناتنياهو في كتابه \"مكان تحت الشمس\":\"لا نؤمن بوسيلة سوى القوة والعنف والإرهاب الدموي بأبشع أشكاله من أجل تحقيق أهدافنا وأفكارنا ومعتقداتنا في أرض إسرائيل الكاملة أو في الدولة اليهودية أو في إسرائيل قوية مهيمنة على المنطقة\".
فالذي علينا أن نعرف عدونا جيدا، وأن نعرف قداسة فلسطين وأنَّها أرض محتلَّة، وأن نعلم خطر المنافقين، وأن ندرك خطر سبيل المجرمين وكيدهم ومكرهم للتلاعب بقضيتنا، ونكشف كل ما تعلمناه للآخرين لكي نكِّون وعياً راشدياً وتعبئة فكرية كبيرة،وبعدها نصنع ولو شيئاً يسيراً نلقى به الله تعالى حينما يخاطبناويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين)،
فإنَّ العمل ولو كان قليلاً خير من التكاسل والتباطؤ، ولقد قال القريشي في وفيات الأعيان: سيروا إلى الله عُرجاً و مكاسير؛ فإن انتظار الصحة بطالة!!
من العيب والعار أن يشاهد لعالم العربي والإسلامي في فلسطين وخارجها صوراً مضيئة ومشرقة من صور نصرة المرأة لقضية فلسطين، وما نشهده من صور المقدسيات للمحافظة على المسجد الأقصى والدفاع عنه بأجسادهنَّ ليس إلاَّ دليلاً على أنَّها قادرة على صناعة الحدث، ويتحدَّث الشيخ رائد صلاح عن المواجهات التي دارت بين المقدسيين والصهاينة الذين يحاولون الدخول للأقصى
فقالومن ضمن ما حدث خلال هذه المواجهات أن إحدى المسلمات تلقت ضربة قوية على رأسها أدت إلى موتها موتا سريراً استمر عشرة أيام، ثم أكرمها الله تعالى بالشهادة بعد ذلك ، فهذا موقف نرى من خلاله موقف المرأة المسلمة في اتجاه نصرة المسجد الأقصى المبارك،
كذلك لا ننسى مشهداً آخر عشناه عندما كانت هناك مظاهرة كبيرة جدا لمؤسسة \"مسلمات من أجل الأقصى\" باشتراك مسلمات القدس عندما خرجن بعد صلاة الظهر مباشرة في مظاهرة كبيرة زادت عن ألف وخمسمائة وقمنا يرددن ذاك النداء الذي بات على لسان كل مسلم وعربي وفلسطيني في العالم \"بالروح بالدم نفديك يا أقصى \" فقامت خيول عسكرية لقوات الاحتلال الإسرائيلي بمهاجمتهن من أجل تفريق المظاهرة، إلا أن المتظاهرات بقين في أماكنهن، أحطن بالخيول وأخذن يرددن في كل ثبات وكل صمود \"بالروح بالدم نفديك يا أقصى).
فهل باتت نساء القدس، في دفاعهنَّ عن الأقصى وأسوار الأقصى أقوى من مدافع الدول العربيَّة؟
إنَّنا لا نريد أن نبقى على حالتنا المعهودة عنَّا بالانفعال حينما نرى جلاوزة الإجرام الصهيوني يتقدَّمون نحن الأقصى فنبدأ نهتف ونستصرخ ونصيح، ثم نخمد إن ابتعدوا قليلاً عن أسوار الأقصى،
إنَّ الاعتياد على ذلك يسبب مرضاً؛ لأنَّ النفس إذا اعتادت أن تهبَّ وقت المجزرة، أو أن تكون كبعض رجال المطافئ الذين يطفئون الحريق فحسب دون الاهتمام، بذكر أساليب الوقاية والحماية ودون أن تستخدم أساليب أخرى، فإنَّ هذا يكون أمراً مزعجاً.
إنَّ من أخطر ما أصيب به المسلمون في كثير من أعمالهم أن معظمها صار[ ردود أفعال] فما إن تشتعل في قلوبنا حتَّى تنقطع من جديد؛ لأننا غالباً نتحرك بلا هدف ولا تخطيط؛ فالأحداث تُسَيِّرُنا وتفرض نفسها علينا، وكثير منَّا لا يُكَيِّفُهَا حسب خطة عمل، أو يوظفها لصالحنا، لذا أضحت أفعالنا وقتية ، وتحركاتنا آنية .
ولا شكَّ أنَّ هذا خلاف العمل المتكامل ، وكثير من علماء الإدارة يوصون بكلمة قصيرة لكن معناها عميق وهي [ابدأ والنهاية في ذهنك]. إن النجاح الحقيقي أن يعرف الإنسان هدفه في الحياة، وهدفه من العمل الذي يريد تحقيقه، ثم يسعى لذلك مرتباً لكل مرحلة منهجيةً يسير عليها، ومعالم يستنير بها، فلا يكون حاله كحال كثير منَّا يعمل متحمساً في البداية ثم ينقطع في آخر الشوط ، فلم يفلح ولم يصلح .
وقد نهى الله عن ذلك بقوله:[ولا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثا] النحل[92].
والعلاج هو الاستعانة بالله أولاً فلو توكل العبد على ربه وأحسن الظن به لاستطاع أن ينقل جبلاً من مكان إلى آخر كما يقول إمامنا ابن القيم الجوزية، فالقصد أن يكون لدى الشخص قوة وعزم وإرادة وتصميم وصبر ومصابرة ومثابرة لنيل ما يريد القيام به لنصرة قضية فلسطين ولن يخيِّب الله أمله.
إنَّ صلاح الدين الأيوبي لن يعود، ولكن سيكون هنالك أتباع لعمر بن الخطاب، ولصلاح الدين، وإذا هيأت الأمة نفسها وأعدَّت العدَّة سواء في داخل فلسطين أو خارجها، فإنَّ الله تعالى ناصر دينه ومظهر كلمته، فالمهم أن يكون هنالك رجال على مستوى الكلمة يكون همُّهم وهدفهم الله والدار الآخرة،(رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب في القلوب والأبصار).
رجال يحبون الموت كما نحب الحياة، ولقد حدَّثنا التاريخ وكان من رجالاته الواقدي الذي قال عن فاتحي بيت المقدسوقد بلغني أنَّ المسلمين باتوا تلك الليلة ـ ليلة الاتجاه لفتح القدس ـ كأنَّهم ينتظرون قادماً يقدم عليهم من شدَّة فرحهم بقتال أهل بيت المقدس، وكل أمير يريد أن يفتح على يديه، فيتمتع بالصلاة فيه، والنظر إلى آثار الأنبياء) من فتوح الشام للواقدي1/216).
وعن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه عن جدِّه أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال \"من سأل الله الشهادة بصدق، بلَّغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه\"رواه مسلم.
أنصح عموم القرَّاء الكرام أن يطالعوا عدداً من الكتب المهمَّة في هذا المجال
ومنها كتاب: قبل أن يهدم الأقصى والذي نشر مؤخراً بعنوانقبل الكارثة... نذير ونفير) للدكتور عبد العزيز مصطفى كامل ـ حفظه الله وفرَّج عنه ـ ،
وكتاب يا مسلمو العالم أفيقوا قبل أن يهدم الأقصى للدكتور صالح الرقب ـ جزاه الله خيرا ـ،
وكتاب القدس بين الوعد الحق والوعد المفترى للدكتور سفر الحوالي ـ حفظه الله وشفاه ـ،
وكتاب عقيدة اليهود في الوعد بفلسطين للدكتور محمد آل عمر،
فهذه الكتب من خيرة الكتب التي تحدَّث عن موضوع القدس ومخطَّطات اليهود نحوه.
وفي النهاية فإني أحب أن أوجه قولاً من القلب ليدخل كل قلب صادق يغار على دين الله وحرماته وشعائره،
فأقول:ماذا أنت فاعل للقدس؟ ولنصرة القدس؟ وللدفاع عن القدس؟ ولنشر الوعي بين من تعرفهم عن القدس وعمليات تهود القدس والحفريات التي تحت المسجد الأقصى؟
وبماذا ستجيب ربَّك يوم القيامة حينما تسأل عن التفريط بحقوق الأمَّة...
ومن جانب القدس أكتب لكم هذا المقال وأقول في النهاية: لا نريد أن تبقى قضية فلسطين مجرد أسئلة وأجوبة، فنحن نسمع الكثير من الردح والجرح والقدح بالعدو الصهيوني،ولكنَّ الفارق الرئيس أنَّ العدو يعمل لقضيته وإن كانت زوراً، والكثير من المسلمين ينظرون ويصيحون دون عمل
كما قال الشيخ العلامة عبد الحميد بن باديس - رحمه الله - في ثلاثينيات القرن الماضي: ( ما دام الصهيونيون يقبضون على ناصية القوة والمال ، والمسلمون يقبضون على ناصية الاحتجاج والأقوال ، فيا ويل فلسطين من الذين يتكلمون ولا يعملون!) ألا هل بلَّغت اللهم فاشهد ألا هل بلَّغت اللهم فاشهد ألا هل بلَّغت اللهم فاشهدمنقول .... منقول .... منقول .... منقول