بين الحجاب و النقاب - أرجو مشاركة الجميع........

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

freestyle

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
18 جوان 2007
المشاركات
2,436
نقاط التفاعل
3
النقاط
77
بين الحجاب و النقاب

مناقشة فقهية علمية هادئة





كشف الوجه والكفين مذهب جمهور الفقهاء:.

مذهب الحنفية:.

ففي " الاختيار " من كتب الحنفية يقول:.
(ولا ينظر إلى الحرة الأجنبية، إلا إلى الوجه والكفين، إن لم يخف الشهوة.. وعن أبي حنيفة: أنه زاد القدم، لأن في ذلك ضرورة للأخذ والإعطاء، ومعرفة وجهها عند المعاملة مع الأجانب، لإقامة معاشها ومعادها، لعدم من يقوم بأسباب معاشها.
قال: والأصل فيه قوله تعالى: (ولا يُبْدِين زِيَنَتَهُنَّ إلا ما ظَهَـر منها) قال عامة الصحابة: الكحل والخاتم، والمراد موضعهما، كما بينا أن النظر إلى نفس الكحل والخاتم والحلي وأنواع الزينة حلال للأقارب والأجانب، فكان المراد موضع الزينة، بطريق حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مقامه.
قال: وأما القدم، فروي أنه ليس بعورة مطلقًا لأنها تحتاج إلى المشي فيبدو، ولأن الشهوة في الوجه واليد أكثر، فلأن يحل النظر إلى القدم كان أولى.
وفي رواية: القدم عورة في حق النظر دون الصلاة). (الاختيار لتعليل المختار، تأليف عبد الله بن محمود بن مودود الموصلي الحنفي 4/156).

مذهب المالكية:.

وفي الشرح الصغير للدردير المسمى " أقرب المسالك إلى مذهب مالك ":.
(وعورة الحرة مع رجل أجنبي منها أي ليس بمحرم لها جميع البدن غير الوجه والكفين.. وأما هما فليسا بعورة).
وقال الصاوي في حاشيته معلقا: (أي فيجوز النظر لهما لا فرق بين ظاهرهما وباطنهما، بغير قصد لذة ولا وجدانها، وإلا حرم.

في مذهب الشافعية:.

وقال الشيرازي صاحب " المهذب " من الشافعية.
(وأما الحرة فجميع بدنها عورة، إلا الوجه والكفين (قال النووي: إلى الكوعين لقوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) قال ابن عباس: وجهها وكفيها (قال النووي " في المجموع ": هذا التفسير المذكور عن ابن عباس قد رواه البيهقي عنه وعن عائشة رضي الله عنهم)، ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- " نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب " (الحديث في صحيح البخاري، عن ابن عمر رضي الله عنهما : " لا تتنقب المحرمة، ولا تلبس القفازين) ولو كان الوجه والكف عورة لما حرم سترهما، ولأن الحاجة تدعو إلى إبراز الوجه للبيع والشراء، وإلى إبراز الكف للأخذ والعطاء، فلم يجعل ذلك عورة).
وأضاف النووي في شرحـه للمهذب " المجموع ": (إن مـن الشافعية مـن حكى قولاً أو وجها أن باطن قدميها ليس بعورة، وقال المزني: القدمان ليستا بعورة، والمذهب الأول). (المجموع 3/167، 168).

في مذهب الحنابلة:.

1- نجد ابن قدامة في (المغني ط المنار).يقول (لا يختلف المذهب في أنه يجوز للمرأة كشف وجهها في الصلاة، وأنه ليس لها كشف ما عدا وجهها وكفيها، وفي الكفين روايتان:. واختلف أهل العلم، فأجمع أكثرهم على أن لها أن تصلي مكشوفة الوجه، وأجمع أهل العلم على أن للمرأة الحرة أن تخمر رأسها إذا صلت، وعلى أنها إذا صلت وجميع رأسها مكشوف أن عليها الإعادة.

2- وقال أبو حنيفة: القدمان ليستا من العورة، لأنهما يظهران غالبًا فهما كالوجه.



3- وقال مالك والأوزاعي والشافعي: جميع المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، وما سوى ذلك يجب ستره في الصلاة لأن ابن عباس قال في قوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) قال: الوجه والكفين ولأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى المحرمة عن لبس القفازين والنقاب، ولو كان الوجه والكفان عورة لما حرم سترهما، ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء، والكفين للأخذ والإعطاء.



4- وقال بعض أصحـابنا: المـرأة كلهـا عـورة ؛ لأنه قد روي في حـديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (المرأة عورة) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح لكن رخص لها في كشف وجهها وكفيها لما في تغطيته من المشقة، وأبيح النظر إليه لأجل الخطبة لأنه مجمع المحاسن، وهذا قول أبي بكر الحارث بن هشام، قال: المرأة كلها عورة حتى ظفرهـا).ا هـ كـلام المغني.



مذاهـب أخـرى:.

وذكر الإمام النووي في " المجموع " في بيان مذاهب العلماء في العورة: (أن عورة المرأة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين، وبه قال مع الشافعي مالك وأبو حنيفة والأوزاعي وأبو ثور وطائفة، ورواية عن أحمد.

وقال أبو حنيفة والثوري والمزني: قدماها أيضًا ليسا بعورة.



وقال أحمد: جميع بدنها إلا وجهها فقط...) إلخ. (المجموع للنووي 3/169).

وهو مذهب داود أيضًا كما في " نيل الأوطار". (نيل الأوطار 2/55 ط دار الجيل بيروت).

أما ابن حزم فيستثني الوجه والكفين جميعًا كما في " المحلى".

وسنذكر بعض ما استدل به في موضعه.

وهو مذهب جماعة من الصحابة والتابعين كما هو واضح من تفسيرهم لمعنى: (ما ظهر منهـا) في سورة النور.


أدلة القائلين بجواز كشف الوجه والكفين:.

نستطيع أن نذكر أهم الأدلة الشرعية التي استند إليها القائلون بعدم وجوب النقاب وجواز كشف الوجه واليدين وهم جمهور الأئمة فيما يأتي، وفيها الكفاية إن شـاء الله.



1ـ تفسير الصحابة لقوله: (إلا ما ظهر منها):.

إن جمهور العلماء من الصحابة ومن تبعهم بإحسـان فسـروا قوله تعالى في سـورة النور: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهـر منها) بأنه الوجه والكفان، أو الكحل والخاتم وما في معناهما من الزينة.

وقد ذكر الحافظ السيوطي في كتابه "الدر المنثور في التفسير بالمأثور " جملة وفيرة من هذه الأقوال.

فأخرج ابن المنذر عن أنس في قوله: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) قال: الكحل والخاتم.

وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير، وعبد بن حمـيد، وابن المنذر، و البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما: (ولا يبدين زينتهـن إلا ما ظهـر منها) قال: الكحل والخـاتم والقرط، والقلادة.



وأخـرج عبد الرزاق وعبد بـن حميد عـن ابن عباس في قوله: (إلا ما ظهر منها) قال: هو خضاب الكف، والخاتم.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: (إلا ما ظهر منها) قال: وجهها، وكفاها، والخاتم.

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله: (إلا ما ظهر منها) قال: رقعة الوجه، وباطن الكف.



وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد، وابن المنذر، والبيهقي في سننه، عن عائشة رضي الله عنها: أنها سئلت عن الزينة الظاهرة فقالت: القلب و الَفَتخ، وضمت طرف كمها.



وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة في قوله: (إلا ما ظهر منها) قال: الوجه وثغرة النحر.

وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله: (إلا ما ظهر منها) قال: الوجه والكف.

وأخرج ابن جرير عن عطاء في قوله: (إلا ما ظهر منها) قال: الكفان والوجه.



وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير عن قتادة: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) قال: المسكتان والخاتم والكحل.

قال قتادة: وبلغني أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر إلا إلى ها هنا ويقبض نصف الذراع.


وأخرج عبد الرزاق وابن جرير، عن المسـور بن مخرمـة في قوله: (إلا ما ظهـر منها) قال: القلبين يعني السوار، والخاتم، والكحل.

وأخرج سعيد وابن جـرير عن ابـن جـريج قـال: قـال ابن عباس في قـوله تعـالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهـر منهـا) قال: الخاتم والمسـكة، قال ابن جريج وقالت عائشة رضي الله عنها: "القلب، والفتخة".قالت عائشة: دخلت على ابنة أخي لأمي، عبد الله بن الطفيل مزينة، فدخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأعرض.. فقالت عائشة رضي الله عنها: إنها ابنة أخي وجارية فقال : " إذا عركـت المرأة لم يحـل لها أن تظهر إلا وجههـا وإلا ما دون هذا " وقبض على ذراع نفسـه، فترك بين قبضـته وبين الكـف مثل قبضة أخـرى ا.هـ. (انظر: الدر المنثور للسيوطي في تفسير الآية 31 من سورة النور).



وقد خالف ابن مسعود هنا ابن عباس وعائشة وأنسًا رضي الله عنهم، فقال ما ظهر منها الثياب والجلباب.

ورأيي أن تفسير ابن عباس ومن وافقه هو الراجح ؛ لأن الاستثناء في الآية إلا ما ظهر منها)بعد النهي عن إبداء الزينة، يدل على نوع من الرخصة والتيسير، وظهور الرداء والجلباب وما شابهه من الثياب الخارجية ليس فيه شيء من الرخصة أو اليسر ورفع الحرج، لأن ظهورهما أمر ضروري وقسري ولا حيلة فيه.

ولهذا رجحه الطبري والقرطبي والرازي والبيضاوي وغيرهم، وهو قول الجمهور.

ورجح ذلك القرطبي بأنه لما كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة، وذلك في الصلاة والحج، فيصلح أن يكون الاستثناء راجعًا إليهما.



ويستأنس لذلك بالحديث الذي رواه أبو داود أن أسماء بنت أبي بكر دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم-، وعليها ثياب رقاق فأعـرض عنها، وقال: "يا أسـماء، إن المـرأة إذا بلغت المحيـض، لم يصلح أن يرى منها إلا هذا وهذا " وأشار إلى وجهه وكفيه.

والحديث لا تقوم به حجة وحده ؛ لما فيه من إرسال، وضعف الراوي عن عائشة كما هو معلوم، ولكن له شاهدًا من حديث أسماء بنت عميس، فيتقوى به، وبجريان عمل النـســاء عليـه في عهـد النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته.. لهـذا حســنه الألباني في كتبـه :" حجـاب المرأة المسلمة "، و" الإرواء " و " صحيح الجامع الصغير "، و " تخريج الحلال والحرام".



2 ـ الأمر بـضرب الخمار على الجيب لا على الوجه:.

قوله تعالى في شأن المؤمنات: (وليـضربن بخمرهن على جيوبهن) فالخمر جمع خمار، وهو غطاء الرأس، و الجيوب: جمع جيب، وهو فتحة الصدر من القميص ونحوه، فأمر النساء المؤمنات أن يسدلن ويلقين بخمرهن وأغطية رؤوسهن بحيث تغطى النحور والصدور، ولا يدعنها مكشوفة كما كان نساء الجاهلية يفعلن.



فلو كان ستر الوجه واجبًا لصرحت به الآية، فأمرت بضرب الخمر على الوجوه، كما صرحت بضربها على الجيوب، ولهذا قال ابن حزم بعد ذكر الآية الكريمة: (فأمرهن الله تعالى بالضرب بالخمار على الجيوب، وهذا نص على ستر العورة والعنق والصدر، وفيه نص على إباحة كشف الوجه، لا يمكن غير ذلك أصلا). (المحلى 3/279


3ـ أمر الرجال بغض الأبصار:.

أمر الرجال بغض أبصارهم في القرآن والسنة، كما قي قوله تعالى: (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون). (النور: 30).



وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "اضمنوا لي ستًا أضمن لكم الجنة: اصدقوا إذا حدثتم، وأدوا إذا ائتمنتم، وغضوا أبصاركم.." الحديث. (رواه أحمد وابن حبان والحاكم والبيهقي في الشعب عن عبادة، وحسنه في صحيح الجامع الصغير 1018).



وقوله لعلي: "لا تتبع النظرة النظرة، فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة". (رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم عن بريدة ، وحسنه في صحيح الجامع الصغير 7953).

وقوله: "يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج..." رواه الجماعة عن ابن مسعود.



فلو كانت الوجوه كلها مستورة، وكان كل النساء منقبات، فما وجه الحث على الغض من الأبصار؟ وماذا عسى أن تراه الأبصار إذا لم تكن الوجوه سافرة يمكن أن تجذب وتفتن؟ وما معنى أن الزواج أغض للبصر إذا كان البصر لا يرى شيئًا من النساء؟.



4ـ آية: (ولو أعجبك حُسْنُهن):.


يؤكد ذلك قوله تعالى لرسوله: (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن). (الأحزاب: 52).

فمن أين يعجبه حسنهن، إذا لم يكن هناك مجال لرؤية الوجه الذي هو مجمع المحاسن للمرأة باتفاق؟.



5ـ حديث: "إذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته":.

تدل النصوص والوقائع الكثيرة على أن عامة النساء في عصر النبوة لم يكن منقبات إلا ما ندر، بل كن سافرات الوجوه.



من ذلك: ما رواه أحمد ومسلم وأبو داود، عن جابر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأى امرأة فأعجبته، فأتى زينب - زوجه - وهي تمعس منيئة - أي تدبغ أديمًا - فقضى حاجته، وقال:.

"إن المرأة تقبل في صورة شيطان، وتدبر في صورة شيطان، فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته، فليأت أهله، فإن ذاك يرد ما في نفسه". (رواه مسلم في "النكاح" برقم 1403).



ورواه الدارمي عن ابن مسعود، وجعل الزوجة "سَوْدَة" وفيه قال: "أيما رجل رأى امرأة تعجبه، فليقم إلى أهله، فإن معها مثل الذي معها".



وروى أحمد القصة من حديث أبي كبشة الأنماري، أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "مرت بي فلانة، فوقع في قلبي شهوة النساء، فأتيت بعض أزواجي فأصبتها. فكذلك فافعلوا، فإنه من أماثل أعمالكم إتيان الحلال". (ذكره الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 235).



فسبب الحديث يدل على أن الرسول الكريم رأى امرأة معينة، فوقع في قلبه شهوة النساء، بحكم بشريته ورجولته، ولا يمكن أن يكون هذا إلا إذا رأى وجهها الذي به تعرف فلانة من غيرها، ورؤيته هي التي تحرك الشهوة البشرية، كما أن قوله: "إذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته" الخ.. يدل على أن هذا أمر ميسور ومعتاد.


حديث: "فصعد فيها النظر وصوبه":.

ومن ذلك ما رواه الشيخان عن سهل بن سعد أن امرأة جاءت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالت: يا رسول الله، جئت لأهب لك نفسي فنظر إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فصعد فيها النظر وصوبه، ثم طأطأ رأسه، فلما رأت أنه لم يقض فيها شيئًا جلست.

ولو لم تكن سافرة الوجه، ما استطاع النبي -صلى الله عليه وسلم- أن ينظر إليها، ويطيل فيها النظر تصعيدًا وتصويبًا.



ولم يرد أنها فعلت ذلك للخطبة، ثم غطت وجهها بعد ذلك، بل ورد أنها جلست كما جاءت، ورآها بعض الحضور من الصحابة، فطلب من الرسول الكريم أن يزوجها إياه.



6ـ حديث الخثعمية والفضل بن عباس:.

ما رواه النسائي عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن امرأة من خثعم استفتت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع، والفضل بن عباس رديف رسول الله -صلى الله عليه وسلم-"، وذكر الحديث وفيه "فأخذ الفضل يلتفت وكانت امرأة حسناء، وأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يحول وجه الفضل من الشق الآخر". (لفظ النسائي "وأخذ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الفضل فحول وجهه من الشق الآخر").









قال ابن حزم:.

فلو كان الوجه عورة يلزم ستره لما أقرها -عليه السلام- على كشفه بحضرة الناس، ولأمرها أن تسبل عليه من فوق، ولو كان وجهها مغطى ما عرف ابن عباس أحسناء هي أم شوهاء ؟ فصح كل ما قلنا يقينا! والحمد لله كثيرًا.

وروى الترمذي هذه القصة من حديث علي رضي الله عنه، وفيه: ولوي - أي النبي -صلى الله عليه وسلم- عنق الفضل، فقال العباس: يا رسول الله لم لويت عنق ابن عمك؟ قال: "رأيت شابًا وشابة، فلم آمن الشيطان عليهما".

وقال الترمذي: (حديث حسن صحيح). (الحديث في أبواب الحج، ورقمه 885).





قال العلامة الشوكاني:.

وقد استنبط منه ابن القطان جواز النظر عند أمن الفتنة، حيث لم يأمرها بتغطية وجهها، فلو لم يفهم العباس أن النظر جائز ما سأل، ولو لم يكن ما فهمه جائزًا ما أقره عليه -صلى الله عليه وسلم-.



قال في "نيل الأوطار":.

(وهذا الحديث يصلح للاستدلال به على اختصاص آية الحجاب السابقة يعني آية: (وإذا سألتموهن متاعًا فسألوهن من وراء حجاب) بزوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ لأن قصة الفضل في حجة الوداع، وآية الحجاب في نكاح زينب في السنة الخامسة من الهجرة..). (نيل الأوطار جـ 6. دار الجيل، بيروت).





أدلة القائلين بوجوب النقاب:.



تلك هي أبرز أدلة الجمهور، فما أدلة من خالفهم، وهم قلة؟.

الحق أني لم أجد للقائلين بوجوب لبس النقاب، ووجوب تغطية الوجه واليدين دليلاً شرعيًا صحيح الثبوت، صريح الدلالة، سالمًا من المعارضة، بحيث ينشرح له الصدر ويطمئن به القلب.

وكل ما معهم متشابهات من النصوص تردها المحكمات وتعارضها الأدلة الواضحات.

وأذكر هنا أقوى ما استدلوا به، وأردُّ عليه:.



1ـ من ذلك: ما جاء عن بعض المفسرين في قوله تعالى في "آية الجلباب

" في سورة الأحزاب، وهي قوله تعالىيأيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين). (الأحزاب: 59).

فقد روي عن عدد من مفسري السلف تفسير إدناء الجلابيب عليهن، أنهن يسترن بها جميع وجوههن، بحيث لا يظهر منهن شيء إلا عين واحدة يبصرن بها.



وممن روي عنه ذلك ابن مسعود وابن عباس وعبيدة السلماني وغيرهم، ولكن ليس هناك اتفاق على معنى" الجلباب" ولا على معنى "الإدناء" في الآية .



والعجب أن يروى هنا عن ابن عباس، ما روي عنه خلافه في تفسير آية سورة النور: (إلا ما ظهر منها)!.

وأعجب منه أن يروي بعض المفسرين هذا وذاك، ويختاروا في سورة الأحزاب ما رجحوا عكسه في سورة النور!.



وقد ذكر الإمام النووي في شرح مسلم في حديث أم عطية في صلاة العيد: إحدانا لا يكون لها جلباب.. إلخ. قال: قال النضر بن شميل: الجلباب ثوب أقصر - وأعرض - من الخمار، وهي المقنعة تغطي به المرأة رأسها، وقيل: هو ثوب واسع دون الرداء تغطي به صدرها وظهرها، وقيل: هو كالملاءة والملحفة. وقيل: هو الإزار، وقيل: الخمار. (صحيح مسلم بشرح النووي 2/542، ط الشعب).

على كل حال، فإن قوله تعالى: (يدنين عليهن من جلابيبهن) لا يستلزم ستر الوجه لغة ولا عرفًا، ولم يرد باستلزامه ذلك دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع، وقول بعض المفسرين: إنه يستلزمه معارض بقول بعضهم: إنه لا يستلزمه. كما قال صاحب "أضواء البيان" رحمه الله ، وبهذا سقط الاستدلال بالآية على وجوب ستر الوجه.







2ـ ما جاء عن ابن مسعود في تفسير قوله تعالى:

(ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) أن ما ظهر منها هو الرداء والثياب الظاهرة.



وهذا التفسير يعارضه ما صح عن غيره من الصحابة: ابن عباس وابن عمر وعائشة وأنس رضي الله عنهم، وعن غيرهم من التابعين: أنه الكحل والخاتم، أو مواضعهما من الوجه والكفين، وقد ذكر ابن حزم أن ثبوت ذلك عن الصحابة في غاية الصحة.



ويؤيد هذا التفسير ما ذكره العلامة أحمد بن أحمد الشنقيطي في (مواهب الجليل من أدلة خليل) قال: (من يتشبث بتفسير ابن مسعود: (إلا ما ظهر منها) يعني الملاءة - يجاب بأن خير ما يفسر به القرآن القرآن، وأنه فسر زينة المرأة بالحلي، قال تعالى: (ولا يضرن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن) (أي الخلخال ونحوه. وذلك في نفس الآية 31 من سورة النور). فتعين حمل زينة المرأة على حليها. (مواهب الجليل 1/148 ط إدارة إحياء التراث الإسلامي في قطر).

يؤكد ذلك ما ذكرناه من قبل: أن الاستثناء في الآية يفهم منه قصد الرخصة والتيسير، وظهور الثياب الخارجية كالعباءة والملاءة ونحوهما أمر اضطراري لا رخصة فيه ولا تيسير.



3ـ ـ ما ذكره صاحب أضواء البيان من الاستدلال بقوله تعالى في نساء النبي:

(وإذا سألتموهن متاعًا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن). (الأحزاب: 53).

فإن تعليله تعالى لهذا الحكم الذي هو إيجاب الحجاب بكونه أطهر لقلوب الرجال والنساء من الريبة في قوله تعالى: (ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن) قرينة واضحة على إرادة الحكم، إذ لم يقل أحد من جميع المسلمين أن غير أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- لا حاجة إلى أطهرية قلوبهن وقلوب الرجال من الريبة منهن.

ولكن المتأمل في الآية وسياقها، يجد أن "الأطهرية" المذكورة في التعليل ليست من الريبة المحتملة من هؤلاء وأولئك، فإن هذا النوع من الريبة بعيد عن هذا المقام. ولا يتصور من أمهات المؤمنين، ولا ممن يدخل عليهن من الصحابة دخول هذا اللون من الريبة على قلوبهم وقلوبهن، إنما الأطهرية هنا من مجرد التفكير في الزواج الحلال الذي قد يخطر ببال أحد الطرفين، بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.



وأما استدلال بعضهم بنفس قوله تعالى: (فاسألوهن من وراء حجاب) فلا وجه له لأنه خاص بنساء النبي كما هو واضح.

وقول بعضهم: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب - لا يرد هنا؛ إذ اللفظ في الآية ليس عامًا. وقياس بعضهم سائر النساء على نساء النبي مردود، لأنه قياس مع الفارق، فإن عليهن من التغليظ ما ليس على غيرهن، ولهذا قال تعالى: (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء). (الأحزاب: 32).





4 ـ ما رواه أحمد والبخاري عن ابن عمر

أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: "لا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين" مما يدل على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللواتي لم يحرمن.



نحن لا نعارض أن يكون بعض النساء في غير حالة الإحرام، يلبسن النقاب والقفازين اختيارًا منهن، ولكن أين في هذا الدليل على أن هذا كان واجبًا؟؟ بل لو استدل بهذا على العكس لكان معقولاً، فإن محظورات الإحرام أشياء كانت في الأصل مباحة، مثل لبس المخيط والطيب والصيد ونحوها، وليس منها شيء كان واجبًا ثم صار بالإحرام محظورًا.

ولهذا استدل كثير من الفقهاء - كما ذكرنا من قبل - بهذا الحديث نفسه: أن الوجه واليدين ليسا عورة، وإلا لما أوجب كشفهما.





5 ـ ما رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة والبيهقي عن عائشة قالت:

كان الركبان يمرون بنا ونحن محرمات مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه".



الحديث لا حجة فيه لوجوه:.

1ـ أن الحديث ضعيف؛ لأن في إسناده يزيد بن أبي زياد، وفيه مقال. ولا يحتج في الأحكام بضعيف.



2ـ أن هذا الفعل من عائشة رضي الله عنها لا يدل على والوجوب، فإن فعل الرسول نفسه لا يدل على الوجوب، فكيف بفعل غيره؟.



3ـ ما عرف في الأصول: أن وقائع الأحوال، إذا تطرق إليها الاحتمال، كساها ثوب الإجمال، فسقط بها الاستدلال.

والاحتمال يتطرق هنا بأن يكون ذلك حكمًا خاصًا بأمهات المؤمنين من جملة أحكام خاصة بهن، كحرمة نكاحهن بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما إلى ذلك. (مواهب الجليل من أدلة خليل 1/185).



6ـ ما رواه الترمذي مرفوعًا:

"المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان" قال الترمذي: حسن صحيح. وأخذ منه بعض الشافعية والحنابلة: أن المرأة كلها عورة ولم يستثنوا منها وجهًا ولا كفًا ولا قدمًا.



الصحيح أن الحديث لا يفيد هذه "الكلية" التي ذكروها، بل يدل على أن الأصل في المرأة هو التصون والستر، لا التكشف والابتذال، ويكفي لإثبات هذا أن يكون معظم بدنها عورة، ولو أخذ الحديث على ظاهره ما جاز كشف شيء منها في الصلاة، ولا في الحج، وهو خلاف الثابت بيقين.



وكيف يتصور أن يكون الوجه والكفان عورة، مع الاتفاق على كشفهما في الصلاة ووجوب كشفهما في الإحرام؟ وهل يعقل أن يأتي الشرع بتجويز كشف العورة في الصلاة، ووجوب كشفها في الإحرام؟.





7ـ وهناك دليل يلجأ إليه دعاة النقاب :

إذا لم يجدوا الأدلة المحكمة من النصوص،

ذلكم هو سد الذريعة:. فهذا هو السلاح الذي يشهر إذا فُلَّتْ كل الأسلحة الأخرى.



وسد الذريعة يقصد به منع شيء مباح، خشية أن يوصل إلى الحرام، وهو أمر اختلف فيه الفقهاء ما بين مانع ومجوز، وموسع ومضيق، وأقام ابن القيم في "إعلام الموقعين" تسعة وتسعين دليلاً على مشروعيته.



من المقرر لدى المحققين من علماء الفقه والأصول: أن المبالغة في سد الذرائع كالمبالغة في فتحها، فكما أن المبالغة في فتح الذرائع قد تأتي بمفاسد كثيرة تضر الناس في دينهم ودنياهم، فإن المبالغة في سدها قد تضيع على الناس مصالح كثيرة أيضًا في معاشهم ومعادهم.



وإذا فتح الشارع شيئًا بنصوصه وقواعده، فلا ينبغي لنا أن نسده بآرائنا وتخوفاتنا فنحل بذلك ما حرم الله، أو نشرع ما لم يأذن به الله.



وقد تشدد المسلمون في العصور الماضية تحت عنوان "سد الذريعة إلى الفتنة" فمنعوا المرأة من الذهاب إلى المسجد، وحرموها بذلك خيرًا كثيرًا، ولم يستطع أبواها ولا زوجها أن يعوضها ما يمنحها المسجد من علم ينفعها أو عظة تردعها، وكانت النتيجة أن كان كثير من النساء المسلمات يعشن ويمتن، ولم يركعن لله ركعة واحدة!.



هذا مع أن الحديث الصحيح الصريح يقول: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله"! رواه مسلم.



وفي وقت من الأوقات دارت معارك جدلية بين بعض المسلمين وبعض حول جواز تعلم المرأة، وذهابها إلى المدارس والجامعات. وكانت حجة المانعين سد الذريعة، فالمرأة المتعلمة أقدر على المغازلة والمشاغلة بالمكاتبة والمراسلة، إلخ، ثم انتهت المعركة بإقرار الجميع بأن تتعلم المرأة كل علم ينفعها، وينفع أسرتها ومجتمعاتها، من علوم الدين أو الدنيا، وأصبح هذا أمرًا سائدًا في جميع بلاد المسلمين، من غير نكير من أحد منهم، إلا ما كان من خروج على آداب الإسلام وأحكامه.



ويكفينا الأحكام والآداب التي قررها الشرع، لتسد الذرائع إلى الفساد والفتن، من فرض اللباس الشرعي، ومنع التبرج، وتحريم الخلوة، وإيجاب الجد والوقار في الكلام والمشي والحركة. مع وجوب غض البصر من المؤمنين والمؤمنات، وفي هذا ما يغنينا عن التفكير في موانع أخرى من عند أنفسنا.


8 ـ مما يستدل به هنا كذلك العرف العام :

الذي جرى عليه المسلمون عدة قرون، بستر وجوه النساء بالبراقع والنُّقُب وغيرها.

وقد قال بعض الفقهاء:.

والعرف في الشرع له اعتبار لذا عليه الحكم قد يدار.

وقد نقل النووي وغيره عن إمام الحرمين - في استدلاله على عدم جواز نظر المرأة إلى الرجل - اتفاق المسلمين على منع النساء من الخروج سافرات.



ونرد على هذه الدعوى بجملة أمور:.

1ـ أن هذا العرف مخالف للعرف الذي ساد في عصر النبوة، وعصر الصحابة وخير القرون، وهم الذين يقتدي بهم فيهتدي.



2ـ أنه لم يكن عرفًا عامًا، بل كان في بعض البلاد دون بعض، وفي المدن دون القرى والريف، كما هو معلوم.



3ـ أن فعل المعصوم وهو النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يدل على الوجوب، بل على الجواز والمشروعية فقط، كما هو مقرر في الأصول، فكيف بفعل غيره؟.



ومن هنا لا يدل هذا العرف حتى لو سلمنا أنه عام على أكثر من أنهم استحسنوا ذلك، احتياطًا منهم، ولا يدل على أنهم أوجبوه دينًا.



4ـ أن هذا العرف يخالفه عرف حادث الآن، دعت إليه الحاجة، وأوجبته ظروف العصر، واقتضاه التطور في شئون الحياة ونظم المجتمع، وتغير حال المرأة من الجهل إلى العلم، ومن الهمود إلى الحركة، ومن القعود في البيت إلى العمل في ميادين شتى.



وما بني من الأحكام على العرف في مكان ما، وزمان ما يتغير بتغيره.



شبهة أخيرة:.

وأخيرًا نعرض هنا لشبهة ذكرها بعض المتدينين الذين يميلون إلى التضييق على المرأة.

وخلاصتها: أننا نسلم بالأدلة التي أوردتموها بمشروعية كشف المرأة لوجهها كما نسلم بأن المرأة في العصر الأول عصر النبوة والراشدين كانت غير منقبة إلا في أحوال قليلة.



ولكن يجب أن نعلم أن ذلك العصر كان عصرًا مثاليًا، وفيه من النقاء الخلقي، والارتقاء الروحي، ما يؤمن معه أن تسفر المرأة عن وجهها، دون أن يؤذيها أحد. بخلاف عصرنا الذي انتشر فيه الفساد، وعم الانحلال، وأصبحت الفتنة تلاحق الناس في كل مكان فليس أولى من تغطية المرأة وجهها، حتى لا تفترسها الذئاب الجائعة التي تتربص بها في كل طريق.

الرد على هذه الشبهة بأمور:.

أولاً: أن العصر الأول وإن كان عصرًا مثاليًا حقًا، ولم تر البشرية مثله في النقاء والارتقاء، لم يكن إلا عصر بشر مهما كانوا، ففيهم ضعف البشر، وأهواء البشر، وأخطاء البشر، ولهذا كان فيهم من زنى، ومن أقيم عليه الحد، ومن ارتكب ما دون الزنى، وكان فيه الفُسَّاق والمُجَّان الذين يؤذون النساء بسلوكهم المنحرف، وقد نزلت آية سورة الأحزاب التي تأمر المؤمنات بإدناء الجلابيب عليهن، حتى يعرفن بأنهن حرائر عفيفات فلا يؤذين: (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين). وقد نزلت آيات في سورة الأحزاب تهدد هؤلاء الفسقة والماجنين إذا لم يرتدعوا عن تصرفاتهم الشائنة، فقال تعالى: (لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قيلاً. ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلاً). (الأحزاب: 60، 61).



ثانيًا: أن أدلة الشريعة - إذا ثبت صحتها وصراحتها - لها صفة العموم والخلود، فليست هي أدلة لعصر أو عصرين، ثم يتوقف الاستدلال بها. ولو صح هذا لكانت الشريعة مؤقتة لا دائمة، وهذا ينافي أنها الشريعة الخاتمة.



ثالثا: أننا لو فتحنا هذا الباب، لنسخنا الشريعة بآرائنا، فالمشددون يريدون أن ينسخوا ما فيها من أحكام ميسرة بدعوى الورع والاحتياط، والمتسيبون يريدون أن ينسخوا ما فيها من أحكام ضابطة، بدعوى مواكبة التطور، ونحوها. والصواب أن الشريعة حاكمة لا محكومة، ومتبوعة لا تابعة، ويجب أن نخضع نحن لحكم الشريعة، لا أن تخضع الشريعة لحكمنا: (ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن). (المؤمنون: 71).
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله فيكم أخي الطرح الطيب ولكني تجدني محتارا هل أرد على موضوعك من باب الرد على الأحاديث التي ضعفتها أو كلامك الذي فيه من المغالطات الشيء الكثير وأظن أن كثيرا من الإخوة المارين على موضوعك هذا قد ملو من قرائته لطوله فأنا لهم في مجادلتك في ذلك ولكن تبيانا للحق وسدلا لسراج الشبهات أقول أنه يجب شرعاً على جميع نساء المؤمنين التزام الحجاب الشرعي، الساتر لجميع البدن، بما في ذلك الوجه والكفان، والساتر لجميع الزينة المكتسبة من ثياب وحلي وغيرها عن كل رجل أجنبي، وذلك بالأدلة المتعددة من القرآن والسنة، والإجماع العملي من نساء المؤمنين من عصر النبي صلى الله عليه وسلم مروراً بعصر الخلافة الراشدة، فتمام القرون المفضلة، مستمراً العمل إلى انحلال الدولة الإسلامية إلى دويلات في منتصف القرن الرابع عشر الهجري، وبدلالة صحيح الأثر، والقياس المطرد، وبصحيح الاعتبار بجلب المصالح ودرء المفاسد .
وهذا الحجاب المفروض على المرأة إن كانت في البيوت فمن وراء الـجُدر والخدور، وإن كانت في مواجهة رجل أجنبي عنها داخل البيت أو خارجه فالحجاب باللباس الشرعي: العباءة والخمار الساتر لجميع بدنها وزينتها المكتسبة، كما دلَّت النصوص على أنَّ هذا الحجاب لا يكون حجاباً شرعياً إلا إذا توافرت شروطه، وأن لهذا الحجاب من الفضائل الجمة، الخير الكثير والفضل الوفير، ولذا أحاطته الشريعة بأسباب تمنع الوصول إلى هتكه أو التساهل فيه.
أدلة فرض الحجاب على نساء المؤمنين :

معلوم أن العمل المتوارث المستمر من عصر الصحابة - رضى ا لله عنهم - فمن بعدهم حجة شرعية يجب اتباعها ، وتلقيها بالقبول ، وقد جرى الإجماع العملي بالعمل المستمر المتوارث بين نساء المؤمنين على لزومهن البيوت فلا يخرجن إلا لضرورة أو حاجة ، وعلى عدم خروجهن أمام الرجال إلا متحجبات غير سافرات الوجوه ولا حاسرات عن شيء من الأبدان ولا متبرجات بزينة ، واتفق المسلمون على هذا العمل، المتلاقي مع مقاصدهم في بناء صرح العفة والطهارة والاحتشام والحياء والغيرة ، فمنعوا النساء من الخروج ، سافرات الوجوه، حاسرات عن شيء من أبدانهن أو زينتهن.

فهذان إجماعان متوارثان معلومان من صدر الإسلام ، وعصور الصحابة والتابعين لهم بإحسان، حكى ذلك جمع من الأئمة ، منهم الحافظ ابن عبد البر ، والإمام النووي ، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وغيرهم - رحمهم الله تعالى - واستمر العمل به إلى نحو منتصف القرن الرابع عشر الهجري ، وقت انحلال الدولة الإسلامية إلى دول .

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - في " الفتح " : (9/224) : لم تزل عادة النساء قديما وحديثا أن يسترن وجوههن عن الأجانب " انتهى.

وكانت بداية السفور بخلع الخمار عن الوجه في مصر ، ثم تركيا ، ثم الشام ، ثم العراق ، وانتشر في المغرب الإسلامي ، وفي بلاد العجم ، ثم تطور إلى السفور الذي يعني الخلاعة والتجرد من الثياب الساترة لجميع البدن ، فإنا لله وأنا إليه راجعون .

وإن له في الجزيرة العربية بدايات ، نسأل الله أن يهدي ضال المسلمين وأن يكف البأس عنهم .

والآن إلى إقامة الأدلة :
أولاً : الأدلة من القرآن الكريم :
تنوعت الدلائل من آيات القرآن الكريم في سورتي النور والأحزاب على فرضية الحجاب فرضاً مؤبداً عاماً لجميع نساء المؤمنين، وهي على الآتي:
الدليل الأول : قول الله تعالى : ( وَقَـرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ) :
قال الله تعالى : ( يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرضٌ وقلن قولاً معروفاً . وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وءاتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً ) - الأحزاب: 32/33- .
هذا خطاب من الله تعالى لنساء النبي صلى الله عليه وسلم ، ونساء المؤمنين تبع لهن في ذلك، وإنما خصَّ الله سبحانه نساء النبي صلى الله عليه وسلم بالخطاب: لشرفهن، ومنزلتهن من
رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأنهن القدوة لنساء المؤمنين، ولقرابتهن من النبي صلى الله عليه وسلم ، والله تعالى يقول: ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ) - التحريم: 6 - ، مع أنه لا يتوقع منهن الفاحشة - وحاشاهن - وهذا شأن كل خطاب في القرآن والسنة، فإنه يراد به العموم، لعموم التشريع، ولأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، ما لم يرد دليل يدل على الخصوصية، ولا دليل هنا، كالشأن في قول الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: ( لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين ) - الزمر: 65 - .
ولهذا فأحكام هاتين الآيتين وما ماثلهما هي عامة لنساء المؤمنين من باب الأولى، مثل: تحريم التأفيف في قول الله تعالى : ( فلا تقل لهما أفٍّ ) - الإسراء: 23 - فالضرب محرم من باب الأولى، بل في آيتي الأحزاب لِحاقٌ يدل على عموم الحكم لهن ولغيرهن، وهو قوله سبحانه : ( وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله ) وهذه فرائض عامة معلومة من الدين بالضرورة .
إذا علم ذلك ففي هاتين الكريمتين عدد من الدلالات على فرض الحجاب وتغطية الوجه على عموم نساء المؤمنين من وجوه ثلاثة :
الوجه الأول : النهي عن الخضوع بالقول : نهى الله سبحانه وتعالى أمهات المؤمنين، ونساء المؤمنين تبع لهن في ذلك عن الخضوع بالقول، وهو تليين الكلام وترقيقه بانكسار مع الرجال، وهذا النهي وقاية من طمع مَن في قلبه مرض شهوة الزنى، وتحريك قلبه لتعاطي أسبابه، وإنما تتكلم المرأة بقدر الحاجة في الخطاب من غير استطراد ولا إطناب ولا تليين خاضع في الأداء .
وهذا الوجه الناهي عن الخضوع في القول غاية في الدلالة على فرضية الحجاب على نساء المؤمنين من باب أولى، وإنَّ عدَم الخضوع بالقول من أسباب حفظ الفرج، وعدم الخضوع بالقول لا يتم إلا بداعي الحياء والعفة والاحتشام، وهذه المعاني كامنة في الحجاب، ولهذا جاء الأمر بالحجاب في البيوت صريحاً في الوجه بعده.
الوجه الثاني : في قوله تعالى : ( وقرن في بيوتكن ) وهذه في حجب أبدان النساء في البيوت عن الرجال الأجانب .
هذا أمر من الله سبحانه لأمهات المؤمنين، ونساء المؤمنين تبع لهن في هذا التشريع، بلزوم البيوت والسكون والاطمئنان والقرار فيها؛ لأنه مقر وظيفتها الحياتية، والانكفاف عن الخروج منها إلا لضرورة أو حاجة .
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان، وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في قعر بيتها )) رواه الترمذي وابن حبان .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - الفتاوى: 15/ 297 - : (( لأن المرأة يجب أن تصان وتحفظ بما لا يجب مثله في الرجل، ولهذا خُصَّت بالاحتجاب وترك إبداء الزينة، وترك التبرج، فيجب في حقها الاستتار باللباس والبيوت ما لا يجب في حق الرجل، لأن ظهور النساء سبب الفتنة، والرجال قوامون عليهن )) انتهى.
وقال رحمه الله تعالى في - الفتاوى: 15/ 379 - : (( وكما يتناول غض البصر عن عورة الغير وما أشبهها من النظر إلى المحرمات، فإنه يتناول الغض عن بيوت الناس، فبيت الرجل يستر بدنه كما تستره ثيابه، وقد ذكر سبحانه غض البصر وحفظ الفرج بعد آية الاستئذان، وذلك أن البيوت سترة كالثياب التي على البدن، كما جمع بين اللباسين في قوله تعالى : ( والله جعل لكم مما خلقَ ظلاَلاً وجعل لكم من الجبال أكناناً وجعل لكم سرابيل تقيكم الحرَّ وسرابيل تقيكم بأسكم ) - النحل: 81 - ، فكل منها وقاية من الأذى الذي يكون سموماً مؤذياً كالحر والشمس والبرد، وما يكون من بني آدم من النظر بالعين واليد وغير ذلك )) انتهى .
الوجه الثالث : قوله تعالى : ( ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى ) .
لما أمرهن الله سبحانه بالقرار في البيوت نهاهن تعالى عن تبرج الجاهلية بكثرة الخروج، وبالخروج متجملات متطيبات سافرات الوجوه، حاسرات عن المحاسن والزينة التي أمر الله بسترها، والتبرج مأخوذ من البرج، ومنه التَّوسُّع بإظهار الزينة والمحاسن كالرأس والوجه والعنق والصدر، والذراع والساق ونحو ذلك من الخلقة أو الزينة المكتسبة؛ لما في كثرة الخروج أو الخروج مع السفور من الفساد العظيم والفتنة الكبيرة ووصف الجاهلية بالأولى وصف كاشف، مثل لفظ: ( كاملة )في قول الله تعالى : ( لك عشرة كاملة ) - البقرة: 196- .
ومثل لفظ: ( الأولى ) في قوله تعالى: ( وأنه أهْلَكَ عاداً الأولى ) - النجم:50 -.
والتبرج يكون بأمور يأتي بيانها في ( الأصل السادس ) إن شاء الله تعالى.



الدليل الثاني : آية الحجاب .
قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إنـَاه ولكن إذا دُعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحيي منكم والله لا يستحيي من الحق وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً إن ذلكم كان عند الله عظيماً . إن تبدوا شيئاً أو تخفوه فإن الله كان بكل شيء عليماً . لا جُناح عليهن في آبائهنَّ ولا أبنائهنَّ ولا إخوانهنَّ ولا أبناء إخوانهنَّ ولا أبناء أخواتهنَّ ولا نسائهنَّ ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله كان على كل شيءٍ شهيداً ) - الأحزاب: 53/ 55] - .
الآية الأولى عُرفت باسم : آية الحجاب؛ لأنها أول آية نزلت بشأن فرض الحجاب على أمهات المؤمنين ونساء المؤمنين، وكان نزولها في شهر ذي القعدة سنة خمس من الهجرة .
وسبب نزولها ما ثبت من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال عمر رضي الله عنه : قلت:
يا رسول الله ! يدخل عليك البر والفاجر، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب، فأنزل الله آية الحجاب. رواه أحمد والبخاري في الصحيح .
وهذه إحدى موافقات الوحي لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهي من مناقبه العظيمة .
ولما نزلت حجب النبي صلى الله عليه وسلم نساءه عن الرجال الأجانب عنهن، وحجب المسلمون نساءهم عن الرجال الأجانب عنهن، بستر أبدانهن من الرأس إلى القدمين، وستر ما عليها من الزينة المكتسبة، فالحجاب فرض عام على كل مؤمنة مؤبد إلى يوم القيامة، وقد تنوعت دلالة هذه الآيات على هذا الحكم من الوجوه الآتـيـة:
الوجه الأول : لما نزلت هذه الآية حجب النبي صلى الله عليه وسلم نساءه، وحجب الصحابة نساءهم، بستر وجوههن وسائر البدن والزينة المكتسبة، واستمر ذلك في عمل نساء المؤمنين، هذا إجماع عملي دال على عموم حكم الآية لجميع نساء المؤمنين، ولهذا قال ابن جرير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية - 22/ 39 -: (( ( وإذا سألتموهن متاعاً فاسألوهن من وراء حجاب ) يقول: وإذا سألتم أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج متاعاً، فاسألوهن من وراء حجاب، يقول: من وراء ستر بينكم وبينهن .. )) انتهى .
الوجه الثاني : في قول الله تعالى في آية الحجاب هذه : ( ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ) علة لفرض الحجاب في قوله سبحانه : ( فاسألوهن من وراء حجاب ) بمسلك الإيماء والتنبيه، وحكم العلة عام لمعلولها هنا؛ لأن طهارة قلوب الرجال والنساء وسلامتها من الريبة مطلوبة من جميع المسلمين، فصار فرض الحجاب على نساء المؤمنين من باب الأولى من فرضه على أمهات المؤمنين، وهن الطاهرات المبرآت من كل عيب ونقيصة رضي الله عنهن.
فاتضح أن فرض الحجاب حكم عام على جميع النساء لا خاصاً بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن عموم علة الحكم دليل على عموم الحكم فيه، وهل يقول مسلم: إن هذه العلة : ( ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن ) غير مرادة من أحد من المؤمنين؟ فيالها من علة جامعة لم تغادر صغيرة ولا كبيرة من مقاصد فرض الحجاب إلا شملتها.
الوجه الثالث : العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، إلا إذا قام دليل على التخصيص، وكثير من آيات القرآن ذوات أسباب في نزولها، وقَصْرُ أحكامها في دائرة أسبابها بلا دليل تعطيل للتشريع، فما هو حظ المؤمنين منها ؟
وهذا ظاهر بحمد الله، ويزيده بياناً: أن قاعدة توجيه الخطاب في الشريعة، هي أن خطاب الواحد يعم حكمه جميع الأمة؛ للاستواء في أحكام التكليف، ما لم يرد دليل يجب الرجوع إليه دالاًّ على التخصيص، ولا مخصص هنا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في مبايعة النساء: (( إني لا أصافح النساء، وما قولي لامرأة واحدة إلا كقولي لمائة امرأة)) .
الوجه الرابع : زوجات النبي صلى الله عليه وسلم أمهات لجميع المؤمنين، كما قال الله تعالى :
( وأزواجه أمهاتهم ) - الأحزاب: 6 - ، ونكاحهن محرم على التأبيد كنكاح الأمهات:
( ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبداً ) [الأحزاب: 53] ، وإذا كانت زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كذلك، فلا معنى لقصر الحجاب عليهن دون بقية نساء المؤمنين، ولهذا كان حكم فرض الحجاب عاماً لكل مؤمنة، مؤبداً إلى يوم القيامة، وهو الذي فهمه الصحابة رضي الله عنهم، كما تقدم من حجبهم نساءهم رضي الله عنهن .
الوجه الخامس : ومن القرائن الدالة على عموم حكم فرض الحجاب على نساء المؤمنين: أن الله سبحانه استفتح الآية بقوله: ( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم .. ) وهذا الاستئذان أدب عام لجميع بيوت المؤمنينولا أحد يقول بقصر هذا الحكم على بيوت النبي صلى الله عليه وسلم دون بقية بيوت المؤمنين، ولهذا قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسيره [3/505] :
(( حُظر على المؤمنين أن يدخلوا منازل رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إذن كما كانوا قبل ذلك يصنعون في بيوتهم في الجاهلية وابتداء الإسلام، حتى غار الله لهذه الأمة فأمرهم بذلك، وذلك من إكرامه تعالى هذه الأمة، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
(( إياكم والدخول على النساء )) الحديث .. )) انتهى .
ومَن قال بتخصيص فرض الحجاب على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لزمه أن يقول بقصر حكم الاستئذان كذلك، ولا قائل به.
الوجه السادس : ومما يفيد العموم أن الآية بعدها : ( لا جناح عليهن في آبائهن.. ) فإن نفي الجناح استثناء من الأصل العام، وهو فرض الحجاب، ودعوى تخصيص الأصل يستلزم تخصيص الفرع، وهذه دعوى غير مُسَلَّم إجماعاً، لما علم من عموم نفي الجناح بخروج المرأة أمام محارمها كالأب غير محجبة الوجه والكفين، أما غير المحارم فواجب على المرأة الاحتجاب عنهم .
قال ابن كثير رحمه الله تعالى في تفسير هذه الآية - 3/506- : (( لما أمر الله النساء بالحجاب عن الأجانب بيَّن أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب عنهم، كما استثناهم في سورة النور عند قوله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن.. ) الآية - النور: 31 - )) انتهى .
وتأتي الآية بتمامها في الدليل الرابع، وقد سمّاها ابن العربي رحمه الله تعالى : آية الضمائر؛ لأنها أكثر آية في كتاب الله فيها ضمائر .
الوجه السابع : ومما يفيد العموم ويبطل التخصيص: قوله تعالى: ( ونساء المؤمنين ) - في الآية: 59 من سورة الأحزاب - في قوله تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ) وبهذا ظهر عموم فرض الحجاب على نساء المؤمنين على التأبيد.

الدليل الثالث : آية الحجاب الثانية الآمرة بإدناء الجلابيب على الوجوه:
قال الله تعالى : ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً ) - الأحزاب: 59 - .
قال السيوطي رحمه الله تعالى: (( هذه آية الحجاب في حق سائر النساء، ففيها وجوب ستر الرأس والوجه عليهن )) انتهى .
وقد خصَّ الله سبحانه في هذه الآية بالذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وبناته؛ لشرفهن ولأنهن آكد في حقه من غيرهن لقربهن منه، والله تعالى يقول: ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً ) - التحريم: 6 - ، ثم عمم سبحانه الحكم على نساء المؤمنين، وهذه الآية صريحة كآية الحجاب الأولى، على أنه يجب على جميع نساء المؤمنين أن يغطين ويسترن وجوههن وجميع البدن والزينة المكتسبة، عن الرجال الأجانب عنهن، وذلك الستر بالتحجب بالجلباب الذي يغطي ويستر وجوههن وجميع أبدانهن وزينتهن، وفي هذا تمييز لهن عن اللائي يكشفن من نساء الجاهلية، حتى لا يتعرضن للأذى ولا يطمع فيهن طامع .
والأدلة من هذه الآية على أن المراد بها ستر الوجه وتغطيته من وجوه، هي:
الوجه الأول : معنى الجلباب في الآية هو معناه في لسان العرب، وهو: اللباس الواسع الذي يغطي جميع البدن، وهو بمعنى: الملاءة والعباءة، فتلبسه المرأة فوق ثيابها من أعلى رأسها مُدنية ومرخية له على وجهها وسائر جسدها، وما على جسدها من زينة مكتسبة، ممتداً إلى ستر قدميها .
فثبت بهذا حجب الوجه بالجلباب كسائر البدن لغةً وشرعاً .
الوجه الثاني : أن شمول الجلباب لستر الوجه هو أول معنى مراد؛ لأن الذي كان يبدو من بعض النساء في الجاهلية هو: الوجه، فأمر الله نساء النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين بستره وتغطيته، بإدناء الجلباب عليه، لأن الإدناء عُدِّي بحرف على، وهو دال على تضمن معنى الإرخاء، والإرخاء لا يكون إلا من أعلى، فهو هنا من فوق الرءوس على الوجوه والأبدان .
الوجه الثالث : أن ستر الجلباب للوجه وجميع البدن وما عليه من الثياب _ الزينة المكتسبة - هو الذي فهمه نساء الصحابة رضي الله عنهم، وذلك فيما أخرجه عبد الرزاق في المصنف عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لما نزلت هذه الآية ( يدنين عليهن من جلابيبهن ) خرج نساء الأنصار كأن على رءوسهن الغربان من السكينة، وعليهن أكسية سود يلبسنها .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : رحم الله تعالى نساء الأنصار، لما نزلت: ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ) الآية شَقَقن مُرُوطهن، فاعتجرن بها، فصَلَّين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما على رءوسهن الغربان . رواه ابن مردويه .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت : يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) شققن مروطهن فاختمرن بها . رواه البخاري في صحيحه .
والاعتجار : هو الاختمار، فمعنى: فاعتجرن بها، واختمرن بها: أي غطين وجوههن.
وعن أم عطية رضي الله عنها قالت : (( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرجهن في الفطر والأضحى، العواتق، والـحُيَّض، وذوات الخدور، أمَّـا الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، قلت: يا رسول الله! إحدانا لا يكون لها جلباب؟ قال: لتلبسها أختها من جلبابها )) متفق على صحته .
وهذا صريح في منع المرأة من بروزها أمام الأجانب بدون الجلباب، والله أعلم.
الوجه الرابع : في الآية قرينة نصية دالة على هذا المعنى للجلباب، وعلى هذا العمل الذي بادر إليه نساء الأنصار والمهاجرين رضي الله عن الجميع بستر وجوههن بإدناء الجلابيب عليها، وهي أن في قوله تعالى: ( قل لأزواجك ) وجوب حجب أزواجه صلى الله عليه وسلم وستر وجوههن، لا نزاع فيه بين أحد من المسلمين، وفي هذه الآية ذكر أزواجه صلى الله عليه وسلم مع بناته ونساء المؤمنين، وهو ظاهر الدلالة على وجوب ستر الوجوه بإدناء الجلابيب على جميع المؤمنات .
الوجه الخامس : هذا التعليل ( ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) راجع إلى الإدناء، المفهوم من قوله : ( يدنين ) وهو حكم بالأولى على وجوب ستر الوجه؛ لأن ستره علامة على معرفة العفيفات فلا يؤذين، فهذه الآية نص على ستر الوجه وتغطيته، ولأن من تستر وجهها لا يطمع فيها طامع بالكشف عن باقي بدنها وعورتها ، فصار في كشف الحجاب عن الوجه تعريض لها بالأذى من السفهاء، فدل هذا على التعليل على فرض الحجاب على نساء المؤمنين لجميع البدن والزينة بالجلباب، وذلك حتى يعرفن بالعفة، وأنهن مستورات محجبات بعيدات عن أهل الرّيب والخنا، وحتى لا يفتتن ولا يفتن غيرهن فلا يؤذين .
ومعلوم أن المرأة إذا كانت غاية في الستر والانضمام، لم يقدم عليها من في قلبه مرض، وكّـفَّت عنها الأعين الخائنة، بخلاف المتبرجة المنتشرة الباذلة لوجهها، فإنها مطموع فيها .
واعلم أن الستر بالجلباب، وهو ستر النساء العفيفات، يقتضي - كما تقدم في صفة لبسه - أن يكون الجلباب على الرأس لا على الكتفين، ويقتضي أن لا يكون الجلباب -العباءة- زينة في نفسه، ولا مضافاً إليه ما يزينه من نقش أو تطريز، ولا ما يلفت النظر إليه، وإلا كان نقضاً لمقصود الشارع من إخفاء البدن والزينة وتغطيتها عن عيون الأجانب عنها .
ولا تغتر المسلمة بالمترجلات اللاتي يتلذذن بمعاكسة الرجال لهن، وجلب الأنظار إليهن، اللائي يُـعْلنَّ بفعلهن تعدادهن في المتبرجات السافرات، ويعدلن عن أن يكن مصابيح البيوت العفيفات التقيات النقيات الشريفات الطيبات، ثبّت الله نساء المؤمنين على العفة وأسبابها .

الدليل الرابع : في آيتي سورة النور :
قال الله تعالى : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون . وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدن زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) - النور: 30/31 - .
تعددت الدلالة في هاتين الآيتين الكريمتين على فرض الحجاب وتغطية الوجه من وجوه أربعة مترابطة، هي :
الوجه الأول : المر بغضِّ البصر وحفظ الفرج من الرجال والنساء على حدٍّ سواء في الآية الأولى وصدر الآية الثانية، وما ذاك إلا لعظم فاحشة الزنى، وأن غض البصر وحفظ الفرج أزكى للمؤمنين في الدنيا والآخرة، وأبعد عن الوقوع في هذه الفاحشة، وإن حفظ الفرج لا يتم إلا ببذل أسباب السلامة والوقاية، ومن أعظمها غض البصر، وغض البصر لا يتم إلاّ بالحجاب التام لجميع البدن، ولا يرتاب عاقل أن كشف الوجه سبب للنظر إليه، والتلذذ به، والعينان تزنيان وزناهما النظر، والوسائل لها أحكام المقاصد، ولهذا جاء الأمر بالحجاب صريحاً في الوجه بعده.
الوجه الثاني : ( ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها ) أي: لا يظهرن شيئاً من الزينة للأجانب عن عمد وقصد، إلا ما ظهر منها اضطراراً لا اختياراً، مما لا يمكن إخفاؤه كظاهر الجلباب - العباءة، ويقال: الملاءة - الذي تلبسه المرأة فوق القميص والخمار، وهي ما لا يستلزم النظر إليه رؤية شيء من بدن المرأة الأجنبية، فإن ذلك معفوٌّ عن .
وتأمل سِراًّ من أسرار التنزيل في قوله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن ) كيف أسند الفعل إلى النساء في عدم إبداء الزينة متعدياً وهو فعل مضارع: ( يُبدين ) ومعلوم أن النهي إذا وقع بصيغة المضارع يكون آكد في التحريم، وهذا دليل صريح على وجوب الحجاب لجميع البدن وما عليه من زينة مكتسبة، وستر الوجه والكفين من باب أولى .
وفي الاستثناء ( إلا ما ظهر منها ) لم يسند الفعل إلى النساء، إذ لم يجئ متعدياً، بل جاء لازماً، ومقتضى هذا: أن المرأة مأمورة بإخفاء الزينة مطلقاً، غير مخيرة في إبداء شيء منها، وأنه لا يجوز لها أن تتعمد إبداء شيء منها إلا ما ظهر اضطراراً بدون قصد، فلا إثم عليها، مثل: انكشاف شيء من الزينة من أجل الرياح، أو لحاجة علاج لها ونحوه من أحوال الاضطرار، فيكون معنى هذا الاستثناء: رفع الحرج، كما في قوله تعالى: ( لا يكلف الله نفساً إلا وسعها ) [البقرة: 286] ، وقوله تعالى: ( وقد فصَّل لكم ما حرَّم عليكم إلا ما اضطررتم إليه ) - الأنعام: 119] .
الوجه الثالث : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) : لما أوجب الله على نساء المؤمنين الحجاب للبدن والزينة في الموضعين السابقين، وأن لا تتعمد المرأة إبداء شيء من زينتها، وأن ما يظهر منها من غير قصد معفو عنه، ذكر سبحانه لكمال الاستتار، مبيناً أن الزينة التي يحرم إبداؤها، يدخل فيها جميع البدن، وبما أن القميص يكون مشقوق الجيب عادة بحيث يبدو شيء من العنق والنحر والصدر، بيَّن سبحانه وجوب ستره وتغطيته، وكيفية ضرب المرأة للحجاب على ما لا يستره القميص، فقال عز شأنه : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن )، والضرب: إيقاع شيء على شيء، ومنه: ( ضربت عليهم الذلة ) - آل عمران: 112 - أي: التحفتهم الذلة التحاف الخيمة بمن ضُربت عليه .
والـخُمر: جمع خِمار، مأخوذ من الخمر، وهو: الستر والتغطية، ومنه قيل للخمر خمراً؛ لأنها تستر العقل وتغطيه، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى في - فتح الباري: 8/489 - : (( ومنه خمار المرأة؛ لأنه يستر وجهها )) . انتهى .
ويقال: اختمرت المرأة وتخمَّرت، إذا احتجبت وغطَّت وجهها .
والجيوب مفردها: جيب، وهو شق في طول القميص .
فيكون معنى : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) أمر من الله لنساء المؤمنين أن يلقين بالخمار إلقاء محكماً على المواضع المكشوفة، وهي: الرأس، والوجه، والعنق، والنحر، والصدر. وذلك بِلَفِّ الخمار الذي تضعه المرأة على رأسها، وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر، وهذا هو التقنع، وهذا خلافاً لما كان عليه أهل الجاهلية من سدل المرأة خمارها من ورائها وتكشف ما هو قدامها، فأمرن بالاستتار.
ويدل لهذا التفسير المتسق مع ما قبله، الملاقي للسان العرب كما ترى، أن هذا هو الذي فهمه نساء الصحابة رضي الله عن الجميع، فعملن به، وعليها ترجم البخاري في صحيحه، فقال: (( باب: وليضربن بخمرهن على جيوبهن)) ، وساق بسنده حديث عائشة رضي الله عنها قالت: يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله : ( وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) شققن مروطهن فاختمرن بها.
قال ابن حجر في - الفتح: 8/489 - في شرح هذا الحديث: (( قوله: فاختمرن: أي غطين وجوههن - وذكر صفته كما تقدم - )) انتهى .
ومَن نازع فقال بكشف الوجه؛ لأن الله لم يصرح بذكره هنا، فإنا نقول له: إن الله سبحانه لم يذكر هنا: الرأس، والعنق، والنحر، والصدر، والعضدين، والذراعين، والكفين، فهل يجوز الكشف عن هذه المواضع؟ فإن قال: لا، قلنا: والوجه كذلك لا يجوز كشفه من باب أولى؛ لأنه موضع الجمال والفتنة، وكيف تأمر الشريعة بستر الرأس والعنق والنحر والصدر والذراعين والقدمين، ولا تأمر بستر الوجه وتغطيته، وهو أشد فتنة وأكثر تأثيراً على الناظر والمنظور إليه؟
وأيضاً ما جوابكم عن فهم نساء الصحابة رضي الله عن الجميع في مبادرتهن إلى ستر وجوههن حين نزلت هذه الآية ؟
الوجه الرابع : ( ولا يضربن بأرجلهن لـيُعلم ما يخفين من زينتهن ) :
لما أمر الله سبحانه بإخفاء الزينة، وذكر جل وعلا كيفية الاختمار، وضربه على الوجه والصدر ونحوهما، نهى سبحانه لكمال الاستتار، ودفع دواعي الافتتان، نساء المؤمنين إذا مشين عن الضرب بالأرجل، حتى لا يُصوَّت ما عليهن من حلي، كخلاخل وغيرها، فتعلم زينتها بذلك، فيكون سبباً للفتنة، وهذا من عمل الشيطان.
وفي هذا الوجه ثلاث دلالات:
الأولى : يحرم على نساء المؤمنين ضرب أرجلهن ليعلم ما عليهن من زينة.
الثانية : يجب على نساء المؤمنين ستر أرجلهن وما عليهن من الزينة، فلا يجوز لهن كشفها.
الثالثة : حرَّم الله على نساء المؤمنين كل ما يدعو إلى الفتنة، وإنه من باب الأولى والأقوى يحرم سفور المرأة وكشفها عن وجهها أمام الأجانب عنها من الرجال؛ لأن كشفه أشد داعية لإثارة الفتنة وتحريكها، فهو أحق بالستر والتغطية وعدم إبدائه أمام الأجانب، ولا يستريب في هذا عاقل .
فانظر كيف انتظمت هذه الآية حجب النساء عن الرجال الأجانب من أعلى الرأس إلى القدمين، وإعمال سد الذرائع الموصلة إلى تعمد كشف شيء من بدنها أو زينتها خشية الافتتان بها، فسبحان من شرع فأحكم .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

اولا بارك الله فيك اخ بلال لطرح الموضوع
ثانيااااااااااااا أنا أضم صوتى ورأيى لرأى اخى على_21
لانه يا أخى الكريم فيه درء للمفاسد والفتن
وأنا أقول انه فى زمننا هذا وجب على كل امرأة مسلمة ستر جميع بدنها
بما فيها الوجه والكفين لانه زمن ضاع فيه كثرت فيه الفتن
وكثر فيه الضياع ولا حول ولا قوة الا بالله العلى العظيم
وكثر فيه حب الدنيا ونسيان الاخرة
اللهم لا تجعل الدنيا اكثر همنا ولا مبلغ علمنا
فأنا يا أخى أقول لك,,,النقاب واجب واجب واجب
والحمد لله رب العالمين ان من وأنعم على بارتداؤه
واسال الله العلى العظيم ان يهدى جميع المسلمين
ويردهم للدين ردا جميلا,,ويسترنا وبنات المسلمين
ولا يجعلنا فتنة لاحد ابدا,,وان يقبضنا غير مفتونين
اللهم أمين
أشكركم أخوانى فى الله,,وبارك الله فيكم
وجزاكم كل الخير
ريم
 
السلاااااااام عليكم :

باركة الله فيك خوياااااااا بلاااااال
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
لإعلاناتكم وإشهاراتكم عبر صفحات منتدى اللمة الجزائرية، ولمزيد من التفاصيل ... تواصلوا معنا
العودة
Top