لنحاول ان نفكر ما هو القرار . التعريف السيكولوجي الدقيق هو : "القرار يعني اختيار خطة عمل معينة من ضمن مجموعة كاملة من الامكانيات المتوفرة ، وذلك بعد الاخذ بعين الاعتبار جميع العوامل والقوى التي تؤثر على المشكلة التي يجب حلها ". فالقرار هو الممارسة الفعلية للاختيار الحر , وهو المحور المركزي لبؤرة تحكمنا في حياتنا. ان الانسان الذي يعتمد على نفسه يقود سفينة حياته بناء على قرارات القبطان الذي في داخله . اذا لماذا علينا ان نتصبب عرقا ونحرق العديد من خلايا الدماغ تفكريا بالقرار؟ هده لان نتائج قرارتنا توثر بشكل مباشر على حياتنا من الناحية الماديه ( الدخل , شراء ملك معين) ومن الناحيه الاجتماعية ( اختيار شريك حياتنا, اختيار من رئيس الحكومه الذي يتخذ قرارات مصيرية للدولة وحتى في حاله حيرتنا بان نذهب للحفله ام لا.
اتخادالقرارات مركبة من سبع خطوات . كي نوفر فيهما كا عملية ملا لكل خطوة فسوف نقوم بارفاق مثال لكل خطوة من القصة التوراتية من سفر " استير" المعروف . بعد ان سمع مردخاي بان هامان الشرير ينوي ابادة جميع اليهود توجة الى الملكة استير طالبا المساعدة . استير تعلم بان الملك وهامان يجهلان انتمائها لليهودية وهي تقف امام قرار مصيري : من جهة تقع عليها مسؤولية انقاد ابناء شعبها ، ومن الجهة الثانية تعرف قانون الملك وبان من يخالفة سيتعرض لعقوبة الموت . ذلك القانون الذي يمنع التوجة للملك دون ان يبادر الملك نفسه الى لقائة .
لنحاول الان ان نفحص ما هي افضل عملية لحل مشكلة استير بسبع خطوات :
المرحلة 1 : فحص جذري لجميعامكانيات العمل (خيار البدائل)
من المهم ان نقون بعرض واسع لجميع الامكانيات المتوفرة لنا . ننصح بجمع المعلومات حول الموضوع ، استشارة اصحاب التجربة والخبراء . ومن المهم ايضا تنشيط الخيال من خلال وسيلة "عصف الادمغة" من اجل طرح كافة الخيارات بشكل غير منضم . ثم نقوم بالغاء الخيارات غير المنطقية لنبقى مع الخيارات المركزية التي من الممكن ان تفيدنا .
المرحلة 2 : استعراض مجملالاهداف التي يجب تحقيقها .
على خطوات العمل تحقيق اهداف معينة . علينا ان نعرف تماما (وليس بالتقريب) ما هو الهدف المركزي الذي نريد تحقيقه عن طريق القرار وما هي الاهداف الثانوية . وكما قال البرت اينشتاين "الفهم الكامل للمشكلة هو نصف الحل" . كما نوصي بترتيب الاهداف حسب اهميتها .
بالنسبة للملكة استير : الهدف المركزي هو انقاذ اليهود . وايضا البقاء على قيد الحياة .
المرحلة 3 : الاخذ بعينالاعتبار النتائج الايجابية والسلبية المترتبة عن كل خيار .
في هذه المرحلة نستوضح بالنسبة لكل خيار من الخيارات المنطقية ما هي المخاطر المتعلقة بكل واحد منها . كما نستوضح الفائدة المترتبة عن تحقيق ذالك الخيار . تقسم المخاطر والفوائد الى اربع اصناف مكملة لبعضها : الربح الفعلي (مادي) لنفسي ، الربح الفعلي (مادي) للاقرباء ، الاقتناع والرضى الداخلي ، ومدى تقبل المجتمع للقرار .
وبما يتعلق بالملكة استير : اذا توجهت الى الملك وهنالك خطر فعلي يتهددها شخصيا وهو اعدامها اذا اثارت غضب الملك ، ومع ذلك فانقاذ اليهود من الابادة تعود بالفائدة على الاخرين ، وطبعا ستكون مرتاحة ضميريا مع هذا القرار . اما من الناحية الاجتماعية فان اليهود سوف يكيلون لها المديح على مدار الزمان بسبب اعمالها ، ومن غير الواضح ماذا سيكون رد الفرس ورد القصر في العاصمة سوسان .
المرحلة 4 : البحث عن معلوماتجديدة.
ومن المحتمل بانه لن تصلنا حتى الان جميع المعلومات الضرورية لفحص الخيارات . لذلك يجب البحث بحذر عن معلومات اضافية من مصادر جديدة لم نفحصها بعد .
الملكة استير : يمكنها مثلا ان تفحص متى يكون عادة مزاج الملك هادئا ولطيفا من اجل زيادة احتمالات استجابتة لطلبها .
الملكة استير : يمكنها مثلا ان تفحص متى يكون عادة مزاج الملك هادئا ولطيفا من اجل زيادة احتمالات استجابتة لطلبها .
المرحلة 5 : دمج المعلوماتالجديدة واستيعابها .
في الكثير من الاحيان نميل الى التغاضي عن المعلومات الجديدة بعد ان نتخذ قرارا طائشا حول الخيار المفضل .وينبع هذا التغاضي من الجهاز السيكولوجي المسمى "التنافر الادراكي" ( Cognitive Dissonance) ، والذي يحافظ على الانسجام بين جميع المعلومات التي بحوزتنا . فالطريقة الحذرة والسليمة هي تجميد القرار واستيعاب كل معلومة جديدة يمكن ان تؤثر .
الملكة استير : اذا سمعت من الخدم وهي في طريقها الي المك بانه "منزعج" بسبب تسمم في معدتة فمن الافضل تغير الخطة وتاجيل التنفيد الى الغد .
المرحلة 6 : اعادة مراجعةوفحص مخاطر كل خيار .
يجب ان نعاين من جديد ونراجع المخاطر والاحتمالات المترتبة على كل خيار (امكانيات العمل) على ضوء المعلومات الجديدة التي حصلنا عليها . في هذه المرحلة نقوم بعملية تدريج نهائي لجميع الخيارات ونختار افضلها بناء على افضل احتمالات تحقيق النجاح .
الملكة استير : تقرر استير التجول في حديقة القصر قريبا من غرفة الملك ليراها ويدعوها الية ومن ثم تعمل على دعوتة الى حفلة .
المرحلة 7 : وضع خطة عملمفصلة وخطة اخرى للطوارئ .
نقوم في هذه المرحلة علة وضع خطة مفصلة ودقيقة لتحقيق الهدف . تشمل الخطة برنامجا زمنيا ، الموارد المتوفرة ، ونظام العمل . ومن الاهمية بامكان ان نضع خطة عمل بديلة لتنفيذها في حالة الطوارئ ، مثلا في حالة مواجهة بعض المخاطر اثناء التنفيذ . لهذه الخطة اهمية بالغة وذلك حتى لا نفاجأ ولا نتراجع عن القرار في حالة حدوث ازمة معينة .
الملكة استير : تنظم الحفلة الاولى والثانية بكل تفاصيلها حتى الصغيرة منها وتحدد زمن تقديم طلبها الى الملك . كما وتعمل الملكة على اعداد خطة طوارئ لتنفيذها في حالة اصدار امر باعدامها (مثلا ان تكتب رسالة مفصلة بالخطة موجهة الى مردخاي وتسلمها لخادمتها الشخصية وتامرها بنقل الرسالة فورا الى مردخاي في حالة اصدار امر باعدامها . وهكذا يمكنها ان تضمن بان يقوم مردخاي باعداد خطة انقاذ جديدة في حالة وقوع الخطر) .
ثمه اهمية للتاكيد بان القرار الذي سيتم اتخاذه بناء على هذه المراحل احتمالات نجاح عالية . مع هذا فثمه حاجة للتمرن من اجل شحذ عقلانية التفكير . ومع الوقت والممارسة سوف نصبح مهنيين في عملية اتخاذ القرارات .
و عليكم السلام ورحمة الله و بركاته .اخوكم فتحي.
