- إنضم
- 14 فيفري 2009
- المشاركات
- 2,568
- نقاط التفاعل
- 17
- نقاط الجوائز
- 457
- آخر نشاط
صوت الضمير على منصة القضاء البريطاني
أصدر القضاء البريطاني أمرًا باعتقال وزيرة الخارجية الصهيونية السابقة "تسيبي ليفني" بتهمة ارتكاب جرائم حرب في غزة؛ ويمثل هذا نقلةً تاريخيةً في نظرة جزء مهمٍّ من البريطانيين للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني؛ ضحية المذابح الصهيونية منذ فجر القضية..
ومن هنا فإنه- في اعتقادي- ليس من المهم كثيرًا البحث عما إذا كانت هذه السيدة "المجرمة" موجودة في لندن عند إصدار أمر الاعتقال ثم تم تهريبها بعدما أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الوقوع في يد العدالة.. لكن الأهم هو ذلك التغير في موقف مؤسسة العدل البريطانية- على الأقل- نحو الشعب الفلسطيني، فبريطانيا تتحمل الجرم الأكبر تاريخيًّا فيما لحق- وما زال- بالشعب الفلسطيني من مآسٍ، فهي مَن زرع هذا الكيان الصهيوني المجرم في قلب الأرض الفلسطينية، وهي "شاهد العيان الأول" على كل المذابح الإجرامية التي اقترفها الصهاينة وراح ضحيتها الآلاف من نسائه وأطفاله ورجاله؛ ولكنها للأسف كانت دومًا "شاهد زور" وتزييفًا للرأي العام، بل كانت في أحيان كثيرة شريكًا في العدوان الصهيوني على هذا الشعب الصابر المثابر، وهي التي سعت على الصعيد الدولي- بالتعاون مع الولايات المتحدة- وفي أروقة الأمم المتحدة للاعتراف الدولي به، وما استمرار هذا الكيان في غطرسته وعدوانه وجرائمه في المنطقة إلا بدعم بريطانيا والغرب عمومًا.
ومن هنا فإن إصدار محكمة "وستمنستر" قرارًا باعتقال "ليفني" وفق ما ذكره الموقع الإلكتروني لصحيفة "ذا جارديان" البريطانية (الإثنين14/12/2009م) يعد موقفًا فاصلاً وتاريخيًّا في هذا الصدد، حتى وإن جاء هذا الموقف من "محكمة"، وحتى إن كان الموقف الرسمي للحكومة البريطانية لم يؤيِّد ولم يعارض هذا الإجراء من القضاء البريطاني، إلا أنه يمثل حدثًا مُهمًّا يجب التوقف عنده.
ولقد بدا السفير الصهيوني في لندن "رون بروسور" مذعورًا من التغير في الموقف لدى جزء مهم من البريطانيين على يد القضاء، وقال لإذاعة الجيش "الإسرائيلي": "إن الوضع الحالي أصبح لا يطاق، وحان الوقت ليتغير".
وهناك جانب آخر مهم ينبغي التوقف عنده طويلاً، وهو أن اليأس الفلسطيني من نيل الحقوق عبر المؤسسات الدولية والجهات القضائية انتهى عصره بهذه القضية، فقرار القضاء البريطاني بحق "ليفني" جاء ثمرةً لجهود شاقة بذلها محامون عرب وغربيون بالتعاون مع منظمات حقوقية أمام القضاء البريطاني، وها هي تؤتي ثمارها، حتى وإنْ لم يتم القبض على "المجرمة".
ولم يكتفِ هؤلاء الناشطون برفع قضيتهم أمام القضاء، ولكن حركتهم في الشارع البريطاني لم تتوقف؛ حيث نظم العديد من النشطاء الغربيين والعرب في بريطانيا وعدد من رؤساء المنظمات الحقوقية البريطانية والفلسطينية مظاهرات في العاصمة لندن احتجاجًا على زيارة "ليفني"؛ فور علمهم بالزيارة؛ وتجمعوا أمام فندق "هندون هول" الذي كان من المقرر أن تقيم فيه تلك "المجرمة" مهندسة الحرب على غزة (27 ديسمبر 2008م - 17 يناير 2009 م) والتي راح ضحيتها أكثر من 1400 شهيدًا، من بينهم 450 طفلاً، بينما أصيب أكثر من 5400 آخرين بحسب تقديرات فريق التحقيق الدولي التابع للأمم المتحدة.
وهذا الحدث المهم.. يأتي بعد عاصفة تقرير "جولدستون" الذي أدان الكيان الصهيوني بارتكاب جرائم حرب في غزة، ووافق عليه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وتم تحويله لمجلس الأمن.. وإذا وُضِعَ الحدثان جنبًا إلى جنب بالإضافة إلى عشرات الأصوات والمواقف لمنظمات وشخصيات مهمة في الغرب؛ فإنها جميعًا تمثل بادرةَ أمل كبيرة في تحرك الموقف الغربي عمومًا في الاتجاه الصحيح نحو الحق والإنصاف لقضية الشعب الفلسطيني.
وبعد.. لقد تحرك القضاء البريطاني لاعتقال "مجرمة الحرب"، فمن يحرك القضاء في بلادنا للقصاص ممن تعاونوا معها؟!