• [ مسابقة الماهر بالقرآن ]: هنيئا لأختنا فاطمة عليليش "Tama Aliche" الفوز بالمركز الأول في مسابقة الماهر بالقرآن التي نظمت من قبل إذاعة جيجل الجهوية وتحت إشراف مديرية الشؤون الدينية والأوقاف لولاية جيجل. ونيابة عن كافة أعضاء وطاقم عمل منتدى اللمة الجزائرية نهنئك بهذا الفوز فألف ألف ألف مليوون مبروك هذا النجاح كما نتمنى لك المزيد من النجاحات والتوفيق وأن يكون هذا الإنجاز إلا بداية لإنجازات أكبر في المستقبل القريب بإذن الله. موضوع التهنئة

- ازالة شبهات لابد منها . كفر دون كفر .

naruto206

:: عضو مُشارك ::
إنضم
30 نوفمبر 2009
المشاركات
180
نقاط التفاعل
4
النقاط
7
العمر
36
- ( خاصة دولة التوحيد السعودية ؟؟)
الشبهة الأولى
-عدم كفر الحكام كفراً أكبر بل كفراً دون كفر
قال المجادلون عن عساكر القوانين؛ نحن نخالفكم في الأصل الذي تبنون عليه تكفير أنصار هؤلاء الحكام من مخابرات وعساكر وغيرهم، إذ كفر هذه الحكومات عندنا كفر دون كفر - كما قال ابن عباس رضي الله عنه - وبالتالي فكل فرع تبنونه على تكفير الحكام كفراً أكبر لا يستقيم عندنا.
فنقول:
ليس من مسألة إلاّ وللناس فيها خلاف، لكن لا يعني ذلك تمييعها وعدم معرفة الحق فيها, إذ ليس كل خلاف معتبر، والحق واحد لا يتعدد قال تعالى: {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ}، وقال سبحانه: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}.
ولذلك قال العلماء أن اختلاف التنوع محتمل لأنه اختلاف في الفروع ناتج عن اختلاف في تصحيح حديث أو تضعيفه أو بسبب عدم بلوغه للفقيه ونحو ذلك.
أما اختلاف التضاد - خصوصاً في أهم المهمات في الدين كالشرك والتوحيد والإيمان والكفر - فلا يجوز ولا يحل لأحد أن يرضى به أو يقره أو يتخذه ذريعة وعذراً لموالاة المرتدين وأهل الإشراك أو نصرتهم أو مودّتهم بل لابد من البت في هذه المسائل التي تنبني عليها أوثق عرى الإيمان، والوصول إلى الحق فيها لأن الله جل ذكره لم يتركنا هملاً ولا خلقنا عبثاً سبحانه، {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ}، وهو سبحانه لم يفرط في الكتاب من شيء قال تعالى: {مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ} فليس من خير إلا ودلنا الله عليه ورغبنا فيه وليس من شر إلا ونبّه الله عليه وحذّر منه {لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ}.
وهذا الأمر أعني كفر هؤلاء الحكام الطواغيت هو عند من فقه دينه وعرف توحيده أوضح من الشمس في رابعة النهار ولكن ليس من عجب أن يتشوش ضوء الشمس على من في عينيه رمد.
ومرادنا هنا - إن شاء الله تعالى - معالجة ذلك الرمد وإزالة ذلك التشويش بمراهم التوحيد وبإثمد من أدلة الوحيين - الكتاب والسنة -
فنقول:
اعلم أولاً؛ أن هؤلاء الطواغيت لا يكفرون من باب واحد حتى يرد تكفيرهم بمثل هذه الشبهة المتهافتة المبنية على القول المنسوب لابن عباس رضي الله عنه "كفر دون كفر"، بل هم يكفرون من أبواب عديدة شتى:
- منها: أن لشهادة التوحيد - لا إله إلا الله - ركنان أصليان لا يغني أحدهما عن الآخر:
بل لا بد لقبول هذه الشهادة وصحتها الإتيان بهما جميعاً هما: النفي - لا إله - والإثبات - إلا الله - أو كما بيّن ذلك الله تعالى؛ "الكفر بالطاغوت"، و "الإيمان بالله"، قال تعالى: {فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيْؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى}، فمن لم يجمع بين هذين الركنين فإنه لم يستمسك بالعروة الوثقى ومن لم يستمسك بالعروة الوثقى فهو هالك مع الهالكين لأنه ليس من جملة الموحدين، بل هو في عداد المشركين أو الكافرين.
فهؤلاء الحكام الذين اتخذوا مع الله أنداداً مشرعين لو صدّقنا زعمهم بأنهم مؤمنون بالله فإن هذا لا يكفي للدخول في دائرة التوحيد إذ بقي الركن الآخر الذي ذكره الله هنا قبل ركن الإيمان لأهميته، ألا وهو "الكفر بالطاغوت).
فإيمانهم بالله دون كفر بالطاغوت هو مثل إيمان قريش بالله دون أن يكفروا بطواغيتهم.
ومعلوم أن هذا الإيمان لم ينفع قريشاً ولا عصم دماءهم أو أموالهم حتى ضمّوا إليه البراءة والكفر بطواغيتهم، أما قبل ذلك؛ فإن إيمانهم المختلط الممزوج بالشرك الظاهر لم ينفعهم لا في أحكام الدنيا ولا في أحكام الآخرة قال تعالى: {وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ}.
والشرك ناقض للإيمان محبط للأعمال قال تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
ومعلوم أن هؤلاء الحكام لا يكفرون بطواغيت الشرق والغرب ولا يتبرؤون منهم، بل هم بهم مؤمنون تولّوهم وتحاكموا إليهم في فضِّ الخصومة والنزاع وارتضوا أحكامهم الكفرية وقوانينهم الدولية في ظل "هيئة اللمم" – الأمم - ومحكمتها الكفرية .
وكذلك الطواغيت العربية وميثاقهم الشبيه بميثاق "الأمم الملحدة" الكافرة الدولي، فهم لجميع أولئك الطواغيت أحباب وأولياء وعبيد لم يجتنبوهم ولم يجتنبوا نصرتهم ومظاهرتهم على شركهم، حتى يخرجوا من الشرك الذي قد ولجوا فيه ومن ثم يحكم لهم بالإسلام.
فإن كان أمر طواغيت العرب مشتبه على من في عينه رمد، فإن أمر طواغيت الكفر الغربيين والشرقيين من نصارى وبوذيين وشيوعيين وهندوس ونحوهم لا يخفى والله إلا على العميان، ومع ذلك فهم لهم أخوة وأحباء لم يكفروا بهم بل تجمع بينهم روابط الأخوة والصداقة والمودة ويجمع بينهم ميثاق الأمم المتحدة! الكفري ويحتكمون عند الخصومة إلى محكمتها الكفرية التي مقرها في "لاهاي).
فهم ما حققوا ركن التوحيد الأول والمهم "الكفر بالطاغوت" حتى يكونوا مسلمين، هذا إذا سلمنا جدلاً أنهم قد جاءوا بالركن الآخر "الإيمان بالله"، فكيف إذا أضيف إلى ذلك أنهم هم أنفسهم أيضاً طواغيت يُعبدون من دون الله فيشرِّعون للناس من الدين ما لم يأذن به الله ويدعون الناس ويأطرونهم أطرا ويقصرونهم قصراً على متابعة تشريعاتهم الباطلة، هذه كما سيأتي.
- ويكفرون أيضاً من باب؛ استهزائهم بدين الله تعالى وشرائعه:
وترخيصهم لكل مستهزئ به عبر الصحافة أو الإذاعة أو التلفاز وغيرها من المؤسسات الإعلامية الإباحية الكافرة التي حموها وحرسوها بقوانينهم وعساكرهم، وقد قال الله تبارك وتعالى: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ * لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}.
وهذه الآيات نزلت في أناس كانوا مسلمين يصلون ويصومون ويزكون وخرجوا في غزوة من أعظم غزوات المسلمين، ومع هذا كفّرهم الله عز وجل لما صدرت منهم كلمات استهزءوا فيها بحفظة كتاب الله, فكيف بأراذل الخلق الذين لا يرجون لدين الله وقاراً وقد جعلوه ألعوبة وهزءاً لكل ساقط وساقطة واتخذوه وراءهم ظِهرياً.
وأعظم من ذلك كله أن ينزلوه منزلة قوانينهم وتشريعاتهم الساقطة فيصوِّتوا عليه ويتشاوروا في أوامره ونواهيه مع العلمانيين والنصارى والملاحدة فهل ثم أعظم استهزاء واستخفافاً من هذا؟
- ويكفرون من باب؛ توليهم للمشركين الغربيين والشرقيين ومظاهرتهم على الموحدين:
سواء بعقد اتفاقيات النصرة – الأمنية - التي يتبادلون من خلالها المعلومات عن الموحدين الذين يصِفونهم بالإرهابيين والأصوليين، ويتم من خلال ذلك تسليم الموحدين والمجاهدين لأعدائهم من طواغيت البلدان الأخرى، وقد قال الله تعالى: {وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ}.
ولأجل ذلك قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في نواقض الإسلام: (الناقض الثامن مظاهرة المشركين ومعاونتهم على الموحدين كفر).
وذكر حفيده الشيخ سليمان بن عبد الله في رسالته "حكم موالاة أهل الإشراك" عند قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ}؛ إنَّ هذه الآيات نزلت في أناس كانوا يُظهرون الإسلام ويقبل منهم ذلك في الدنيا فيعامَلون معاملة المسلمين لأن المسلمين مأمورون بالأخذ بالظاهر لكنهم لمّا عقدوا مع اليهود اتفاقية نصرة ضد الموحدين - ومع أن الله يعلم أنهم باتفاقيتهم هذه كاذبون - فقد عقد بينهم وبين أهل الكتاب عقد الأخوة ووصفهم بأنهم إخوانهم وهذا تكفير لهم - وهذا معنى كلامه رحمه الله -
فكيف بمن عقد اتفاقيات النصرة مع المشركين من عبيد القوانين الشرقيين والغربيين وحارب الموحدين وسلّمهم إلى حكومات بلادهم فعلاً؟ لا شك أنه داخل في هذا الحكم من باب أولى.
 
- ويكفرون من باب؛ ابتغائهم الديمقراطية ديناً عوضاً عن دين الله:
فقد قال تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الإِسْلامُ}، والإسلام دين الله الحق الذي بُعث به محمد صلى الله عليه وسلم وأما الديمقراطية فهي دين اخترعه اليونان، وهي دون شك ليست من دين الله فهي قطعاً ليس من الحق، {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ}، وهؤلاء القوم يُصرِّحون ويُعلنون دوماً مُختارين غير مُكرهين بل فخورين مسرورين بأن الديمقراطية وليس الإسلام خيارهم الوحيد.
والديمقراطية مع الإسلام لا يجتمعان، إذ لا يقبل الله إلا الإسلام الخالص، والإسلام الذي هو دين الله الخالص جعل التشريع والحكم لله وحده أما الديمقراطية فهي دين شركي كفري جعلت الحكم والتشريع للشعب لا لله، والله جلّ ذكره لا يقبل ولا يرضى أن يجمع المرء بين الكفر وبين الإسلام أو بين الشرك والتوحيد.
بل لا يُقبل الإسلام والتوحيد ولا يصح إلا إذا كفر المرء وتبرأ من كل دين غير دين الله الخالص، قال تعالى عن يوسف: {إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ * وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ}.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي يرويه مسلم: (من قال لا إله إلا الله وكفر بما يُعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله)، وفي رواية عند مسلم أيضاً: (من وحّد الله... الحديث).
وليست الأديان فقط هي النصرانية واليهودية، بل وأيضاً الشيوعية والديمقراطية ونحوها من الملل والمذاهب الأرضية الكافرة فلا بد من البراءة من جميع الملل والنِّحل والمذاهب الباطلة ليقبل الله دين الإسلام.
فكما أنه لا يجوز في دين الله أن يكون الإنسان مسلماً نصرانياً أو مسلماً يهودياً فكذلك لا يرضى الله أن يكون المرء مسلماً ديمقراطياً، فالإسلام دين الله والديمقراطية دين كفري، {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
هذا إذا جمعوا بين الإسلام والديمقراطية، فكيف إذا تركوا الإسلام وأعرضوا عن تشريعه وأحكامه وحدوده واختاروا الديمقراطية وحكمها وتشريعها؟!
- ويكفرون من باب؛ مساواتهم لأنفسهم ولأربابهم المتفرقين مع الله الواحد القهار:
بل هم في دينهم الذي يدينون به أعظم عندهم من الله فأحكام الله تُعطّل ويُضرب بها عرض الحائط، ومن عارضها أو حادّها أو حاربها أو استهزأ بها فهو حبيبهم ووليُّهم يحميه قانونهم ويكفل له حرية الاعتقاد وحق الحياة مع أنه في دين الله مرتد.
أما من خالف قوانينهم أو طعن في دساتيرهم أو تعرّض لأربابهم المتفرقين فهو المغضوب عليه وهو المعذَّب والمسجون والمفتون، ومن مظاهر ذلك، وهي كثيرة؛
إن سابّ الله والدين والرسول عندهم إن روجع فإن المحكمة التي تحاكمه محكمة مدنية وحكمه لا يتجاوز الشهر أو الشهرين، بخلاف سابّ آلهتهم المفتراة وأربابهم المتفرقين من الملك أو وزرائه أو غيرهم من أوليائه، فإنه يُحاكم في محكمة أمن الدولة، وغالباً يصل حكمه إلى ثلاث سنوات.
فهم لم يساووا أنفسهم وأربابهم بالله وحسب، بل طغوا وعظّموها أكثر من تعظيم الله هذا إن كان عندهم في الأصل تعظيماً لله
ولقد كان شرك المشركين الأوائل؛ أنهم أحبوا أندادهم كحب الله أو ساووهم بالله في التعظيم أو التشريع أو الحكم أو العبادة، قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ}، وقال تعالى: {تَاللَّهِ إِن كُنَّا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ * إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ}، أما مشركوا زماننا فإنهم طغوا وبغوا فعظموا آلهتهم وأربابهم ورفعوهم فوق مقام الله، تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.
وهذا أمر لا يجادل فيه إنسان يعرف واقعهم وقوانينهم.
وستعرف فيما يأتي أن الحاكم الحقيقي والمشرِّع الأصيل والرئيس عندهم الذي يبتّ ويصدِّق على القوانين هو ليس الله ودينه، بل هو طاغوتهم وإلههم الذي يحبونه ويعظمونه أكثر من الله، ويغضبون له ولدينه ولحكمه ويعاقبون ويسجنون ويثورون بما لا يفعلونه إذا انتهِك دين الله وسُبّت شريعته، والواقع المرير الذي نعيشه أكبر شاهد وبرهان على هذا.

- ويكفرون من باب؛ التشريع مع الله عز وجل:
وهو شرك العصر الذي روّجوا له ودعوا الناس إليه بل شجعوهم على الدخول فيه والمشاركة فيه وحببوه إليهم، وشرّعوا في دساتيرهم قوانين مضادة لدين الله وتوحيده جعلت لهم الحق في التشريع مطلقاً في جميع الأبواب.
كما هو نص المادة [26] من الدستور الأردني: (أ/ السلطة التشريعية تناط بالملك وأعضاء مجلس الأمة. ب/ تمارس السلطة التشريعية صلاحياتها وفقاً لمواد الدستور).
وقد قال تعالى منكراً على المشركين؛ {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}، وقال عز وجل {أَأَرْبَابٌ مُّتَّفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}، وقال سبحانه عن الطاعة في التشريع ولو في مسألة واحدة: {وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}، فكيف بممارسة السلطة التشريعية مُطلقاً؟!
ويوضّح أنّهم قد أشركوا بالله عز وجل في أبواب التشريع شركاً أكبراً بواحاً؛ إنّ دساتيرهم نصّت على أنّ؛ (الشريعة الإسلامية مصدر رئيسي من مصادر التشريع)، وهذا يعني أنّهم لا يوحّدون الله في التشريع، بل للتشريع عندهم مصادر متعددة رئيسية وفرعية، فما الشريعة الإسلامية عندهم إلا مصدر من تلكم المصادر، أو بتعبير أوضح كفري؛ "إن الآلهة والأرباب المشرعين عندهم كثيرة متعددة متفرقة منها الرئيسي ومنها الفرعي، وما الله عندهم إلا إله من أولئك الأرباب المتفرقين"، تعالى الله عن إفكهم وعما يقولون علواً كبيراً.
ومن كان عنده معرفة وخبرة في قوانينهم سيعرف أن إلههم الرئيسي الذي لا يقر قانون ولا يصدّق أو ينفذ إلا بتوقيعه؛ هو في الحقيقة طاغوتهم سواء كان ملكاً أو أميراً أو رئيساً، وأن تشريعات الإله الواحد الأحد الذي في السماء إن عُمِل بها في بعض الأبواب لا تنفُذ عندهم ولا تأخذ صفتها القانونية إلا برضى وإقرار وتصديق ربهم هذا الذي في الأرض، تعالى الله عما يفترون علوًّا كبيراً .
واعلم أن كفرهم هذا أبشع من شرك كفار قريش الذين كانوا مثل هؤلاء يعدّدون الآلهة والأرباب ويشركونها مع الله في العبادة، لكن كانت عبادة أولئك سجود وركوع، وعبادة هؤلاء طاعة في التشريع في كافة الأبواب، وإنما كان شرك هؤلاء أبشع, لأن مشركي قريش كانوا يجعلون الله عز وجل أعظم آلهتهم وأعلاها وأجلّها ويزعمون أنهم ما يعبدون هذه الآلهة إلا لتقرِّبهم إلى الإله الأعظم الذي في السماء, حتى كانت تلبية بعضهم التي يهلون بها في الحج:
لبيك اللهم لبّيك لبّيك لا شريك لك
إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك
أما مشركوا الدستور؛ فإنهم وإن سلّموا بأن الله هو الرزّاق وهو محي الموتى وهو الذي ينزل المطر من السماء وينبت الكلأ وهو يشفي ويهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوِّجهم ذكراناً وإناثاً ويجعل من يشاء عقيماً، نعم هم يؤمنون بأنّ الأمر في ذلك كله له وليس لملكهم أو أميرهم لكن التّشريع والأمر والحكم النافذ عندهم فوق كل حكم وتشريع هو في الحقيقة لمليكهم طاغوتهم أو إلههم الذي في الأرض.
فهم في الشرك مثل كفار قريش، إلا أنهم زادوا على كفر أولئك أنهم يعظمون أمر وحكم وتشريع آلهتهم وأربابهم المتفرقة في الأرض أكثر من تعظيم الله وحكمه وتشريعه.
فتباًّ وسحقاً سحقاً لمن كان أشد كفراً من أبي جهل وأبي لهب، {أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ}.
واعلم أن أبواب شرك هؤلاء القوم وكفرهم البواح عديدة وكثيرة، لو أخذنا في عدِّها واستقصائها لطال بنا المقام فهم لم يتركوا نوعاً من أنواع الكفر إلا وقد ولغوا فيه، ولكن فيما ذُكر كفاية لمن أراد الهداية، أما من ختم الله على قلبه فلو انتطحت الجبال بين يديه لما انتفع أو اهتدى.
والذي نُريد أن نُعرِّف الموحد به هنا؛ أن كفر القوم لا يتوقف على باب واحد حتى يُردّ بشبهة أو بقولة، فالقوم قد مُلئوا شركاً وكفراً إلى مشاشتهم.
والمهمّ هنا في هذا الموضع أن تعرف؛ أن باب الإشراك في التشريع، ليس هو باب ترك الحكم بما أنزل الله لشهوة أو لهوى أحياناً والذي يتنـزل فيه القول المنسوب لابن عباس؛ "كفر دون كفر"، ولا هو الباب الذي كان الخوارج يجادلون ابن عباس وغيره من الصحابة فيه، إذ لم يكن في زمن ابن عباس والخوارج من حكام المسلمين من يدّعي لنفسه حق التشريع مع الله، ولا كان فيهم من مارس التشريع ولو في مسألة واحدة، إذ هذا عندهم كفرٌ بالإجماع.
وابن عباس الذي يُنسب إليه قول؛ "كفر دون كفر"، هو نفسه راوي سبب نزول قوله تعالى في طاعة المشركين ولو في قضية تشريعية واحدة ، {وإن أطعتموهم إنّكم لمشركون}.
فلو كان الذي يدندن حوله الخوارج هو الحكم بمعنى التشريع؛ لما قال فيه ابن عباس "كفر دون كفر"، ومعاذ الله أن يقول فيه ذلك وهو حبر القرآن، وإنما الذي كان ينتقده الخوارج هو بعض التجاوزات والاجتهادات التي كانوا يرونها خاطئة.
ومن أمثلة ذلك؛ قصة الحَكَمين التي جرت في التحكيم بين جيش علي ومعاوية وما جرى فيها حيث ثار الخوارج، وقالوا؛ (حكّمتم الرجال)، واحتجّوا بعموم قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، وزعموا أن كل من عصى الله فقد حكم بغير ما أنزل الله، وكفّروا الحكمين ومن رضي بحكمهما وكفّروا معاوية وعلي رضي الله عنهما، وكان ذلك أول مخرجهم، ولذلك سميت أول فرقهم بـ "المحكّمة"، فناظرهم الصحابة ومن أكثر من ناظرهم ابن عباس، وحاجّهم بأن ذلك من الصلح بين المسلمين وليس من الحكم بغير ما أنزل الله بمعناه الكفري، واستدل بقوله تعالى في الخصومة بين الزوجين؛ {فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا}، وأنه إن جاز تحكيم الرجال في الصلح بين الزوجين، فمن باب أولى أنه يجوز لحقن دماء أمة محمد صلى الله عليه وسلّم، وناظرهم بغير ذلك من الأدلة، كما هو مبسوط في كتب التاريخ والفِرق، وبيّن لهم أن هذا الباب وإن حصلت فيه أخطاء أو تجاوزات فهو ليس من الكفر الذي يذهبون إليه، وعلى هذا يُحمل ما ينسب إليه من قول "كفر دون كفر"، فرجع منهم خلق، وأصر آخرون فقاتلهم علي والصحابة، وحصل معهم ما هو معلوم في كتب التاريخ.
فهل ما القوم فيه اليوم من التشريع مع الله واستبدال أحكام الله وابتغاء غير الله حكماً ومشرعاً وغير الإسلام ديناً ومنهجاً... هل هذا كله يا أولي الألباب من ذلك الباب الذي جرى بين الصحابة وأنكره الخوارج وجرت فيه المناظرة حتى يصلح تنزيل ما قيل في ذلك الزمان عليه؟
وعلى كل حال فقوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} عام يشمل الحكم بمعنى الجور - كفر دون كفر - والحكم بمعنى التشريع - كفر بواح -
ولذلك فإن السلف كانوا إذا وردت الآية وأراد المستدل بها المعنى الأول – الجور - أوّلوها وحملوها على الكفر الأصغر، وإن استدل بها على المعنى الثاني - التبديل والتشريع - أبقوها على ظاهرها أي الكفر البواح الحقيقي... مع أن الأصل في الآيات؛ أنها تتناول الكفر الأكبر البواح الذي مارسه اليهود حين اتّفقوا واجتمعوا وتواطئوا على أحكام غير أحكام الله. ولذلك قال البراء بن عازب رضي الله عنه - كما في صحيح مسلم - بعد أن ذكر قوله تعالى: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}، و {الظّالمون}، و {الفاسقون} قال: (في الكفار كلها).
فلو أن الخوارج أوردوها في موضعها على من شرّع أو وقع في ما وقع به اليهود؛ لما أنكر عليهم السلف ولأبقوا الكفر فيها على حقيقته ولما أوّلوها ... لكنّ ذلك لم يكن موجوداً في ذلك الزمان حتى يخوضوا فيه, ولو كان موجوداً لما أوردوا عليه مثل هذه الآية الظنية الدلالة التي تحمل المعنيين، بل لأوردوا نصوصاً قطعية الدلالة لا تحتمل إلا المعنى التشريعي التبديلي، كقوله تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ}، وقوله تعالى: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}، وقوله تعالى: {أَفَحُكمَ الجَّاهِلِيًّةِ يَبْغُونَ}، وقوله {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}.
لكنّ شيئاً من هذا لم يكن موجوداً عند الخلفاء في زمن الخوارج وابن عباس، ومن ثم فلا يحل إيراد ردّ الصحابة عليهم في ذلك المقام وتنزيله على شرك هذه الحكومات وكفرها البواح في هذا الزمان، ومن فعل ذلك فقد لبّس الحق بالباطل والنور بالظلام بل هو - ورب الكعبة - على خطر عظيم، لأن لازم ذلك أنّ ما كان ينتقده الخوارج على الصحابة والخلفاء الرّاشدين هو من جنس شرك هؤلاء الحكام الكافرين، وفي هذا تكفير للصحابة أجمعين في هذا الزمان.
ولا شك أنّ من كفّرهم فإنه هو الكافر، لأن الصحابة قد رضي الله عنهم ورضوا عنه بنص القرآن، ورميهم بشيء من شرك هؤلاء الحكام وكفرهم؛ تكذيب لصريح القرآن أو وصفٌ لله بأنه يرضى عن القوم الكافرين، وذلك كلّه كفر.
فليحذر امرئ على دينه من هذه المهالك، وليتّق الله من رمي الصحابة بالكفر والشرك ترقيعاً للطواغيت.


- الشيخ أبو محمد عاصم المقدسي
 


أكتب ردك هنا...
العودة
Top