الإخوان وتعديل البوصلة

الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.

السوفي حمة

:: عضو بارز ::
أحباب اللمة
إنضم
2 أكتوبر 2007
المشاركات
2,260
نقاط التفاعل
291
النقاط
88
محل الإقامة
الوادي
الجنس
ذكر

[FONT=&quot]كثرت الانتقادات التي وجهت إلى صفوف جماعة الإخوان في مصر، على خلفية الانتخابات الأخيرة التي أفرزت مكتبا جديدا للإرشاد، وخروج بعض الشخصيات المحسوبة على ما يسمى بالتيار الإصلاحي داخل الجماعة، وسيطرة ممن يسمون بالمحافظين.[/FONT]
[FONT=&quot]ونقد الحركات الإسلامية، سواء جماعة الإخوان المسلمين، أو غيرها من الحركات الإسلامي، لا ضير فيه، فهو يعبر بالعموم عن حالة صحية، فهو من جهة، حق للنقاد والباحثين الراشدين والمثقفين، تجاه هذه الحركات التي تصدت للعمل العام، وواجب على تلك الجماعات أن تتقبله قبولا حسنا، وتنزله منزله الصحيح كون التغيير الذي تتغاياه، شانا عاما، ولا يخص الجماعة وحدها. [/FONT]
[FONT=&quot]وفضلا عن، حق النقد لمن هم خارج صفوف هذه الحركات والجماعات، فإن النقد الذاتي، الذي يمارسه بعض أفراد هذه الحركات والجماعات، ومنهم عناصر قيادية وبارزة في جماعة الإخوان، ولو كان على الملأ، وعلى شاشة الفضائيات، لا شك كذلك، أنه يعبر عن ظاهرة ايجابية تستحق الإشادة، كونه يعبر عن نضج ظاهر، وحراك دافع، في صفوف هذه الحركات، وخروجها فكريا من حالة العصمة المتوهمة، التي لاذت بها من قبل، ووسمت بها منهجها وحركاتها.[/FONT]
[FONT=&quot]وأيا ما كانت صورة النقد، من الخارج أو الداخل، فانه يكون جديرا بالمناقشة والاحترام، إذا كان يعبر حقيقة عن حالة ثقافية، وليست حالة نفسية، من هذه الجماعة أو تلك، وأن يظل في خانة الاختلاف في وجهات النظر والآراء، وليس فقط مجرد حالة تشفى وتنفيس عن حنقن وغضب، من الحركات بعمومها، أو حركة منها مخصوصة.[/FONT]
[FONT=&quot]على خلفية هذه التوطئة، يمكن القول أن الانتقادات التي وجهت لجماعة الإخوان، خلال الأيام القليلة الماضية، لم تكن تعبر في حقيقتها عن حالة ثقافية واختلاف في الآراء والتوجهات، بقدر ما كانت، في أغلبها، انتهازا لهذا الحراك الداخلي، الذي نتفق أو نختلف في تفسيره، في الجماعة للتنفيس عن حالة نفسية من الجماعة.[/FONT]
[FONT=&quot]فخروج شخص أو اثنين من مكتب الإرشاد، وهما الدكتور محمد حبيب نائب المرشد الحالي، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، لا يمكن أن يكون هو سبيل الطعن في هذه الجماعة، واتهامها بإبرام صفقات حكومية وأمنية، تصب في صالح ممن أطلق عليهم التيار المحافظ على حساب الإصلاحيين.[/FONT]
[FONT=&quot]فخروج هذه القيادات الكبيرة، لم يكن من الجماعة، وإنما فقط من مكتب الإرشاد، وما زال وجودها، حتى وهي بعيدة عن المناصب التنفيذية، ذو ثقل وتأثير كبير، كما أن خروجها لم يكن إقصاء، وإنما من خلال انتخابات، استبعدت شخصيات أخرى، ومنها مفتى الجماعة، وأدخلت بعض القيادات المحسوبة على التيار الإصلاحي ذاته، وهو الدكتور عصام العريان. [/FONT]
[FONT=&quot]فليس من المفترض أن تأتي الانتخابات، سواء في الجماعة، أو في غيرها، بشخصيات تفصيلا على هوى كل من يريد، وإنما هي بطبيعتها، انعكاس لصدى الجمع الذي تتألف منه الكيانات السياسية والاجتماعية وغيرها، فما المشكل لو اختار الإخوان المحافظين؟ أليس هذا هو جوهر عملية الانتخاب؟![/FONT]
[FONT=&quot]بل يمكنا القول أن السكون والجمود على شخصيات بعينها، ربما يكون هو المطعن الرئيس، بل هو الأمر الذي ما زالت أبواق ثقافية وصحفيين يحسبون على التيارات المستقلة والمعارضة تنادى به، وهم لاصقون بكراسيهم منذ زمن طويل.[/FONT]
[FONT=&quot]أما الحديث عن صفقات مع الحكومة، أمنية أو سياسية، فهو كلام ليس بجديد على كل حال، وليست هناك جماعة أو حزب معني بالتغيير والشأن العام، ويحتل مكانا، بحجم جماعة الإخوان، يتصور أو يفترض أنه يعمل بمعزل عن الواقع الأمني والسياسي المحيط به.[/FONT]
[FONT=&quot]وقد نتفق أو نختلف حول طبيعة هذه الصفقات، وأثرها وجدواها على الجماعة ومستقبلها، ولكن مجرد الحديث عن "صفقات"، فهو حقيقة، واقع كثير من الحركات وجماعات المعارضة، بل وشخصيات عامة لا تحمل هم التغيير، والاهتمام بالشأن العام إلا من خلال الحديث الصحفي والندوة الإعلامية.[/FONT]
[FONT=&quot]من أين أتى الخطأ في نقد جماعة الإخوان؟[/FONT]
[FONT=&quot]الخطأ أتى في نقد جماعة الإخوان، فيما يخص هذه الحالة تحديدا، من ناحيتين، الأولى اعتبار أن الجماعة خرجت بمجرد إجراء انتخابات معلنة من حالة (التنظيم المغلق)، إلى حالة (الدويلة الناشئة)، وهو أمر لاشك فاحش الخطأ، فليس بمجرد الإعلان عن الانتخابات إعلاميا، وإعلان أسماء مكتب الإرشاد تكون الجماعات في بحبوحة من إشكاليات التنظيمات المغلقة ومشاكلها، وأصبحت دويلة..[/FONT]
[FONT=&quot]فالانتخابات داخل التنظيمات لاشك أن لها خصوصيتها، ومن ثم فلا مجال للحديث عن إشراف خارجي على انتخابات الإخوان، أو تشكيل لجنة قانونية خارجية تبحث شكاوى الانتخابات، فهذه كلها أمور تخص أعضاء التنظيم ذاته.[/FONT]
[FONT=&quot]الناحية الثانية، اعتبار أن الجماعة، عبارة عن تيار ملائكي، ولا يمكن أن تكون فيه تيارات متنافسة ايدولوجيا وفكريا، تسعى، وفق قواعد السياسية لتربيطات، تؤدى لفرض رؤاها وتوجهاتها على مسار الجماعة، مع أن هذا التنافس في ذاته تعبير عن حالة ايجابية، ولا يخلو منه أي تجمع بشري ناضج. [/FONT]
[FONT=&quot]الأمران أديا في النهاية، برأينا، إلى خلل كبير، في تقييم الموقف الحالي الذي تمر به الجماعة، والذي في ظله جرت تلك الانتخابات.[/FONT]
[FONT=&quot]هل يعد هذا دفاعا عن الإخوان؟[/FONT]
[FONT=&quot] كلا، ليس الأمر كذلك، فجماعة الإخوان لها قاداتها ورموزها المعروفين الذين يدافعون عنها في منابر متعددة ومعروفة لدى الباحثين والمتابعين، وإنما مرادنا أن نقول أن "البوصلة" انحرفت في تقييم الجماعة ونصحها، فنقد جماعة بحجم الإخوان في الساحة المصرية، لا يكون عن اللائحة الداخلية، وانتخابات، لا تعرف الجماعات الأخرى والأحزاب سبيلا إليها، أو عدم فوز شخص أو اثنين، وتصوير الأمر على أنه طامة كبرى ستطيح بالجماعة عما قريب وتفتتها إلى كيانات متصارعة.[/FONT]
[FONT=&quot]أين إذن يمكن أن نناصح الجماعة؟[/FONT]
[FONT=&quot]كما سبق وأسلفنا فان جماعة الإخوان، وغيرها من الجماعات، على اختلاف مناهجها وتوجهاتها، ليست فوق النقد، وإنما تحتاج مناصحة، والبوصلة الصحيحة تتوجه نحو المنهج وأصل التوجهات وليس مجرد التعلق بالفرعيات والحوادث العارضة.[/FONT]
[FONT=&quot]ونحن إذا أردنا أن ندلو بدلونا في هذا الصدد نقول أن أعظم ما تعاني منه الجماعة الآن غياب البعد الاستراتيجي وغلبة التكتيكي، فلاشك أن بالإخوان قيادات على مستوى عال من الكفاءة، ولكن المشكلة أن غالب تلك القيادات نشأت على مفهوم الجماعة السياسية، وتربت تربية سياسية منغلقة فباتت ترى الأمور من حولها وتزنها بمنظور التحدي السياسي وحده، باعتباره جوهر الصراع، ونست في خضم المواجهات اليومية رسم المسار الاستراتيجي.[/FONT]
[FONT=&quot]فالإشكال الأساسي عند الإخوان في مصر هو "فقدان البعد الاستراتجي"، أو بمعنى أكثر دقة، فشل الرهان الاستراتيجي، حيث توقفت بوصلة جماعة الإخوان عند مؤشر العمل السياسي، وجعلت الجماعة رهانها الوحيد هو التغيير السياسي، رغم أن هذا المسار في الوطن العربي للأسف مغلق منذ أمد ولا تبدو في الأفق أي بادره لحلحلته لظروف ومعطيات داخلية وخارجية معلومة.[/FONT]
[FONT=&quot]وأدى انغماس الإخوان في العمل السياسي، إلى هذا الحد، إلى اختزال الإصلاح في أنبوب ضيق لا مخرج له يسمى الإصلاح السياسي، وهو بلاشك ترك آثاره السلبية على الجوانب المتكاملة للإصلاح والتي نادى بها الإخوان في أطروحاتهم النظرية. [/FONT]
[FONT=&quot]فالطرح السياسي عند الإخوان أدى إلى اختزال المشروع باعتباره مشروعا شاملا يستهدف إصلاح حال الأمة إلى جانب سياسي يتمحور حول السلطة، أي أن الإشكال الأساسي عند الإخوان في مصر هو "فقدان البوصلة"، فهم مشغولون بالفعل اليومي والصراع السياسي، وينسون في غمرة كل ذلك التوجّه الاستراتيجي وتعدد مسارات الإصلاح.[/FONT]
[FONT=&quot]وأخيرا نقول إننا نحن أمام بوصلتين انحرفتا.. بوصلة المسار الاستراتيجي للإخوان.. وبوصلة نقد جماعة الإخوان..[/FONT]
 
الجماعات الإسلامية في نظري كلها تنتهي هكذا.
لا تنقسم في وقت الأزمات بل تنقسم عند تقسيم الغتائم.
 
بارك الله فيك على الموضوع القيم
وبعد:
شخصيا هل تعتقد أن أزمة حمس في الجزائر (خاصة وانهم يدعون تيار الاخوان) هي أحد المواقف التي عجلت بمثل هذه المشاكل في مدرسة الإخوان
 
المتتبع لمسار حركة الاخوان منذ تأسيسها يرى أنها مرت بالكثير من الأزمات مثل هاته الأزمة ومن أهمها حادثة التمرد التي شطبت فيها عضوية الشيخ محمد الغزالي رحمه الله من الحركة وأيضا بعض الخلافات التي وقعت مع الشيخ يوسف القرضاوي، وهذا شيء موجود في كل التيارات الفكرية ولا يقتصر على التيار الاسلامي فقط
أما بخصوص ما وقع في حمس فمرده أساسا للعقلية الجهوية عندنا كجزائريين فبعد موت الشيخ نحناح رحمه الله طغت النعرات الجهوية على السطح وبدأت كل جهة تدعي بأحقيتها برئاسة الحركة،
كما يوجد شيء آخر وهو وقوع أبوجرة في فخ المقارنة مع الشيخ نحناح الذي كان يمتلك شخصية فريدة من نوعها لا يمكن مقارنة أحد بها.
وكذلك شخصية أبوجرة في حد ذاتها وشطحاته وإصراره على الاستوزار ولو بدون حقيبة تتنافى وتوجه حمس
وهذه ثاني مرة تتفجر فيها الحركة بعد انفصال عبد الله جاب الله عن الشيخ محفوظ رحمه الله
 
  • كتب النذير مصمودي في الشروق10/10/2009
  • قبل الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها، أعتقد أنه من المفيد معرفة ثلاث حقائق أساسية، مساعدة على فهم المقدمات، والنجاح بالتالي في توقع النتائج المرتبطة بها، أو الناجمة عنها بالضرورة.
  • 1- الحقيقة الأولى، هي أن الخلافات والنزاعات والصراعات، وما ينتج عنها عادة من انقسامات داخل الصف الإسلامي، وما تنطوي عليه في معظم حالاتها من خرق لروح الإسلام وقيمه، هي في الواقع ليست جديدة أو طارئة بل إن نشأتها ما زالت مرتبطة تاريخيا بأخطر أزمة عاشها المسلمون في تاريخهم، وهي التي نسمّيها في تاريخنا بالفتنة الكبرى، التي اندلعت كما هو معروف، بعد مقتل أو اغتيال الخليفة عثمان بن عفان -رضي الله عنه- على يد جنود الأمصار المنطلقين من مصر والعراق.
  • صحيح، أننا لا نكاد نصدّق أن مثل هذه الفتنة، التي فرقت صف المسلمين، وأسالت دماءهم في حرب شاملة، استمرت لأكثر من خمس سنوات، وكان يمكن أن تحدث في ذلك العهد القريب من النبوة والوحي..
  • وصحيح، أننا لا نكاد نفهم، كيف أن وليا مثل معاوية بن أبي سفيان، كان يمكن أن يتجرأ على خليفة مثل علي بن أبي طالب، ويرفض مبايعته، ثم يخوض حربا شاملة ضده، شارك فيها كل المسلمين تقريبا، وكبار الصحابة الذين لم يكونوا من الدهماء والعامة.
  • وصحيح أن ذاكرتنا الإسلامية، ما زالت تنظر إلى هذا الحدث التاريخي، بحذر شديد، لما شكله لديها من ظاهرة غير مفهومة وصعبة التصديق، ولكن.. ألا يمكن أن نفهم من التحليل النظري المجرد أو من البحث العلمي في قوانين الصراع الاجتماعي، أن ما حصل للمسلمين في هذه الحادثة من اقتتال، وما انجرّ عن ذلك من انقسامات داخل صفوفهم، هو حقيقة تاريخية بشرية، تجسدت بالفعل في جماعة وأمة وحضارة؟
  • قد لا يكون من المهم أن نحسم أو لا نحسم فيمن كان على حق أو من لم يكن، لكن أوليس من المهم أن نتعرف على عمق هذه الحادثة، ونعترف بها كحقيقة تاريخية، يمكن أن تحدث، كما يمكن أن تتكرر في أي زمان ومكان؟
  • إننا لسنا من دعاة استنساخ هذه الحالة، أو التشبه بها، أو إعادة إنتاجها في طبعة ثانية "مزيدة ومنقحة"، لكن من المفترض أن نكون على وعي بحقائق التاريخ البشري بصفة عامة، وحقائق التاريخ الإسلامي بصفة خاصة، لنعرف أن ما تعرض له الصحابة وأهل السبق في هذا السياق، من فتن وصراعات وانقسامات، يمكن أن يتكرر، حالما توفرت أسبابه، أو تعاضدت عناصر مكوناته النفسية مع عناصر مكوناته الاجتماعية والسياسية.
  • ومن هذا المنطلق، نستطيع ألا نتأخر في القول، بأن ما حدث أو ما يحدث من صراعات وانقسامات داخل الصف الإسلامي المعاصر بكل فصائله ومكوناته، وما نتج أو ما ينتج عن ذلك من أشكال التمزق والفرقة والتشرذم، هو ما ينبغي الاعتراف به كحقيقة، لم تعمل فقط على تعميق أزمة الإسلاميين الشاملة، لكنها كشفت أيضا عن أزمة العلاقة الداخلية فيما بينهم، وحاجتهم إلى المبادىء والقيم المؤسسة لشروط الوحدة أو العمل الجماعي الذي لا بد منه لإنجاز أي مشروع تاريخي كبير.
  • ولا يمثل النموذج الجزائري، بكل أشكاله وأحجامه، وفي كل أطواره ومراحله، أي خروج عن هذه الحقيقة، أو أي استثناء، يمكن أن يميزه عن النموذج الإسلامي العام، الذي ما زال يعاني مما يمكن تسميته بالأزمة البنيوية أو التاريخية، التي تعني بالضرورة، ضياع الأسس والقواعد التي تقوم عليها الجماعة أو المجتمع.
  • 2- الحقيقة الثانية، هي، أن ظاهرة تنامي الحركات الإسلامية، بعد انهيار الفكرة القومية العربية التي انتعشت في ستينيات القرن الماضي، ما زالت تثير لدى الباحثين والمحللين، تساؤلات عميقة، ليس فقط حول ماهيتها ومصادر نموها الاجتماعي المتزايد، إنما أيضا حول ظاهرة صراعاتها الداخلية، وحالات الانقسام الذاتي، الناشئة عنها.
  • ومصدر التساؤل، والاستغراب الدافع إليه في هذا المضمار، هو أن المقدمات النظريات في خطابات الإسلاميين وأدبياتهم الفكرية والسياسية، التي تتحدث عن وحدة الصف والجماعة، نصا وتأويلا، لا يمكن أن تؤدي عمليا -حسب قانون المقدمات والنتائج- إلا إلى ما عجزت الأمة الإسلامية عن تحقيقة منذ نشأتها، باستثناء حقبة الخلافة الراشدة القصيرة، التي استطاعت أن تجسّد بالفعل نموذج الجماعة الواحدة، وتشكل النواة الحية والصلبة للأمة الواحدة التي تحدث عنها النص القرآني "إن هذه أمتكم أمة واحدة".
  • فلماذا إذن، يعجز الإسلاميون عن تقديم نموذج ملموس للجماعة المتضامنة والواحدة؟ وما هي الحوافز العميقة المشجعة دائما على تكريس نموذج التفرق والانقسام، وتأكيده في الواقع؟
  • تختلف الآراء في تحديد الأسباب الرئيسية والفرعية لحالات الانقسام التي نتحدث عنها، لكنها تكاد تتفق جميعا على جملة من المسلمات التي تعتبرها مقدمات أساسية لهذه الظاهرة.
  • وأول هذه المسلّمات، هو منطق "الغنائم" الذي يزداد رسوخا لدى الإسلاميين، كلما ازدادت انتصاراتهم المعنوية والمادية، الظرفية منها والدائمة.
  • ولذلك يقولون في الحالة الجزائرية مثلا: لماذا لم تظهر الخلافات والصراعات والانشقاقات في صفوف الإسلاميين الجزائريين، يوم كانت الحركة الإسلامية بمختلف فصائلها مجرد جماعات سرية غريبة ومطاردة؟
  • لقد دبّ الخلاف القيادي في صفوف جبهة الإنقاذ، وهي في أوج زهوها السياسي وانتصارها الانتخابي، وكاد الأمر أن يؤدي كما هو معروف إلى إنشاء جبهة موازية، بعد إعلان أعضاء من مجلس الشورى الوطني انقسامهم عن الجبهة الأم.
  • وكذلك النزيف الذي أصاب كيان حركة النهضة، وأفضى إلى انقسامها قسمين، عندما تأسست حركة الإصلاح الوطني، وانضم إليها رئيس الحركة، منشقا عن حزبه الأول.. أولم يحدث هذا، وحركة النهضة في أوج عنفوانها السياسي وانتصارها الانتخابي؟!
  • وكذلك الأمر، في حالة حركة مجتمع السلم، التي ظلت إلى وقت قريب، تتمتع بقدرة استثنائية على تجاوز تناقضاتها، أو عدم الخضوع لشروط حالة الانقسام والتفكك التي أصابت أخواتها.
  • إن منطق الغنائم الذي أكد حضوره في أخطر حالات الانقسام التي مر بها المسلمون في تاريخهم كما قلنا، هو ذات المنطق الذي أكد نفسه في الحالة الإسلامية الجزائرية، بدءا بجبهة الإنقاذ، ومرورا بحركة النهضة، وانتهاء مؤخرا بحركة مجتمع السلم.
  • ولا نلمس حضور هذا المنطق فيما حدث داخليا لكل حزب على حده فقط، وإنما نلمسه أيضا عند حصول القناعة لدى الأحزاب الثلاثة، باستحالة الوصول إلى اتفاق حاسم بينها، كان يمكن أن يفضي في إطار رابطة الدعوة الإسلامية إلى وحدة الصف الإسلامي في صيغة حزب واحد.
  • وقد لا تعنينا الإشارة في هذا السياق، إلى أسباب فشل وساطة رابطة الدعوة الإسلامية من أجل إزالة الخلافات بين الكيانات الإسلامية الثلاثة، أو المبررات الشرعية والسياسية التي اقتنع بها كل حزب للاستقبال بنفسه، إنما يعنينا القول إجمالا بأن منطق الغنائم الذي نتحدث عنه، هو الذي أدى ارتفاع ضغطه لدى هذا الطرف أو ذاك، إلى ضياع فرصة الوحدة والانسجام، وعجّل بتفريق الصف، والفشل في تقديم نموذج وحدودي، كان يمكن أن يثير الإعجاب، بل والفشل في مجرد دخول انتخابات (1991) بقائمة واحدة، مثلما نادى بذلك الشيخ نحناح عليه رحمة الله.
  • ونحن عندما نتحدث عن منطق الغنائم، فإننا لا نعني تحريمه أو تجريمه، فقد تحدث النص القرآني عن الأنفال أي الغنائم، وحق المسلمين فيها، إنما نعني المنطق الذي يجلعها غاية في ذاتها، حيث تتراجع معاني التضحية والإيثار والجهاد في سبيل الله، ويفقد معنى الدعوة والرسالة هيمنته على المواقف والأفعال.
  • ولعل هذا المنطق السلبي، هو الذي كان وراء اغتيال خليفة المسلمين، عثمان بن عفان، من طرف جنود الأمصار، الذين شعروا بأنهم أحق بالغنائم الناشئة عن انتصاراتهم من غيرهم من الباقين في المدينة المنورة.
  • من هنا.. تبدأ الحقيقة
  • ومن هنا، أعتقد بأن البحث عن حقيقة ما حدث للإسلاميين الجزائريين عموما في هذا الموضوع، وما حصل لحركة مجتمع السلم تحديدا بعد مؤتمرها الرابع، لن يبدأ بداية صحيحة وسليمة، إلا إذا نزعنا عن وعينا أوهام القدسية للأشخاص والنخب والزعامات، ونظرنا إلى أفكارهم ومواقفهم وسلوكاتهم، نظرة واقعية، تعتمد الملاحظة والنقد والتحليل.
  • بهذا فقط، يمكن أن نخضعهم لمحاكمات عقلية مجردة، تقوم على أساس التسليم بأن آراءهم، هي آراء إنسانية، تحتمل الخطأ والصواب، وهم محتاجون كغيرهم إلى أن يبرهنوا على صحتها باستمرار.
  • نقول هذا، لأننا نكون قد ارتكبنا خطأ فادخا، عندما يرتبط شعورنا باحترام هؤلاء أو تقديرهم، انطلاقا من شعورنا بقدسيتهم أو نظافتهم المعنوية المطلقة.
  • ونقول هذا، لأن معظم قواعد الأحزاب الإسلامية، ما زالت مرتبطة في وعيها بالزعماء والقادة والشيوخ الإسلاميين، مثل ارتباط الأوساط الإسلامية الشعبية بالأولياء والصالحين، الذين تتعلق بكراماتهم وتخضع لتأثيرهم.
  • ولذلك، لا ينبغي أن نتردد أبدا في اعتبار ما حدث لحركة مجتمع السلم من انقسامات وصراعات، تعبيرا عن سلوك بشري، يمكن أن تختلط فيه النوازع البشرية المحضة، أو تتفاقم فيه دواعي الاستجابة لمنطق الغنائم والمصالح الخاصة، أو الخضوع لنادي الهيمنة والتفرد والاستبداد.
  • وليس بإمكاننا من منظور هذا التفسير، إلا أن نعترف مرة أخرى، ومهما كان التأويل، بأن النكسة الداخلية التي أصابت رأس الحركة، وما نتج عنها من صداع وتصدع، لا يمكن أن تكون إلا نتيجة منطقية ومباشرة لمرض داخلي خطير، هي المتسببة فيه بالدرجة الأولى، وليس "الأيادي الخفية" كما يفترض القائلون بنظرية المؤامرة، التي تكاد أن تصبح تبريرا "وهميا" لكل أمراضنا، ونكساتنا الداخلية اللا متناهية في شتى مناحي الحياة.
  • أسباب.. وخلفيات
  • وبعكس ما تفترضه هذه النظرية التي لم يقم على صحتها أي دليل، فإن سيادة موقف الصراع، ثم الانقسام في حالة حركة مجتمع السلم، أسبابا وخلفيات، تتجاوز القراءات الساذجة، والتفسيرات البسيطة التي تجعل من تلك الحالة، حالة طارئة، يمكن تجاوزها بسهولة.
  • صحيح، أن الحركة، حرصت منذ نشأتها كجماعة سرية، على أن تنتزع لنفسها هوية خاصة، تميزها عن الإرث الإسلامي التقليدي السائد، وصحيح أنها بنت وجودها المستقل على أساس شعورها بوحدة أعضائها، وانتمائها العميق للأمة الواحدة، لكن هذا لاينفي، أو ينبغي الاعتراف بحقيقة أن الجذور الأعمق للتوجهات المتباينة، والمواقف المتناقضة داخل النخبة القيادية للحركة، ترجع امتداداتها في الواقع إلى ما قبل تحزيب جمعية الإرشاد والإصلاح، أو تحويل الحركة إلى حزب سياسي.
  • ولعل البعض من قدامى الحركة ومؤسسيها مازال يعرف أن مسألة تحويل جمعية الإرشاد إلى حزب سياسي، كادت أن تؤدي إلى تفقر الصف وحدوث الفتنة، بعد انقسام قيادة الجمعية إلى قسمين، وانسحاب الفريق المناهض لتحزيب الجمعية (وعلى رأسهم الدكتور شرفي الرفاعي، العضو القيادي المعروف) من الساحة، والانكفاء على الذات.
  • وقد لعب الشيخ نحناح -رحمه الله- الدور الأحسم في احتواء مثل هذه الاختلافات أو الحد من قدرتها على التعبير عن نفسها بشكل سافر في ذلك الوقت ومحاصرة آثارها إلى أبعد نطاق.
  • ولذلك، كان من الطبيعي، أن يكون (بما كان يمثله من رمزية تاريخية، ونفوذ معنوي) رجلا محوريا في الحركة الناشئة، وأن يكون بعد أطوار النشزة قائدا كرازماتيا، يتمتع بثقل فكري وسياسي، استطاع من خلاله أن يؤلف مسعى ملموسا ومستمرا لدرء الاختلافات والصراعات، وضمان وحدة الحركة واستقرارها، وبلورة الرؤية التي تبث الاتساق فيها، وتحدد بشكل أفضل الإطار الاستراتيجي والشرعي للضرورات والأولويات.
  • ما أريد الإشارة إليه في هذا الموضوع، هو أن رحيل مثل هذا الرجل المحوري المحترم، ساعد بشكل مباشر على بروز قوى الصراع القيادي التي كانت كامنة في عهده، أو التي استطاع كبحها كما قلنا، بما أوتي من هيبة واحترام ورشد.
  • ولعل هذا، هو السبب الأعمق في تفجر النزاع القيادي بشكل سافر بين قطبيه البارزين على الأقل (أبو جرة ومناصرة)، والذي عبّر في أطواره المتأخرة، وبشكل واضح عن اتجاه الطرفين نحو تكوين شرعيتين متعارضتين، تعكسان تبلور معسكري مصالح متناقضين، وتحالفين يقف كل منهما في مواجهة الآخر.
  • إن تفجر هذا الصراع، وبهذا الشكل السافر بعد رحيل الشيخ نحناح، يعني منطقيا، بأن الرجل، لم يكن يشكل عنصرا عاطلا في حساب المنازعات الداخلية والصراعات القيادية التي كان - حسب علمي- واعيا بطبيعة المطالب المصلحية التي تحركها بين الحين والآخر، أو النزوعات المادية التي كانت تغذيها، طموحات هذا الطرف أو ذاك.
  • ولذلك، كانت فترة مرضه القصيرة، كافية، للتعبير الواضح عن مختلف المصالح المتصارعة داخل الحركة، وفي مقدمتها مصالح النخبة القيادية التي وجدت نفسها مدفوعة في هذه الفترة إلى إقامة توازنات جديدة، لتعزيز مواقعها القيادية، والوصول بالتالي إلى خلافة الشيخ الراحل، والاستحواذ على إرثه الكبير.
  • ولسنا هنا، بصدد توجيه الاتهام لهذا الطرف أو ذاك، رغم ما نملكه من أدلة الإدانة، إنما فقط نريد التأكيد على أن فكرة "الخلافة" التي نتحدث عنها، هي الفكرة التي ترسخت في وعي الأطراف المتصارعة بلا استثناء، وتغذت من الطموح الزائد لدى هذا الطرف أو ذاك في الوصول إلى الموقع القيادي الأول في الحركة بعد رحيل صاحبه.
  • ولعل هذا التأكيد، هو الذي سيقودنا إلى الاعتراف بأن معظم بواعث الصراع القيادي الذي قسم الحركة في نهاية المطاف، لم تكن في الواقع إفرازا طبيعيا لما يمكن أن ينتج عن حالة الاختلاف الطبيعي في الرأي والفكر، بقدر ما كنت محصلة سنوات كاملة من الصراع الخفي على المصالح والمواقع، واستعمال منطق التحدي المتبادل، والنزوح إلى عزل عوامل التلاقي والانسجام، والانخراط في لعبة الإقصاء والتهميش.
  • 2- كذلك، من أسباب هذا الصراع وخلفيات احتدامه بين قطبيه البارزين (أبو جرة ومناصرة) وجود طرف ثالث، ولد في سياق هذا الصراع وعلى أثره، وارتبط قبل وأثناء وبعد المؤتمر الرابع للحركة بمحاولة تغذيته بكل ما يعني الحد من نمو العلاقة الأخوية والتضامن الجماعي وإعاقة تطوير الرد الإيجابي على هذا الصراع وتأجيجه بالتالي بأساليب مختلفة، من أجل أن يقدم نفسه في نهاية المطاف، بديلا عن القطبين المتصارعين، أو بفتح المجال أمام بلورة نموذج قيادي بديل، يظهر هو أحد أركانه اللامعين.
  • وكان من الواضح، أن يشكل هذا الطرف »الغامض« أحد أسباب تأجيج الصراع بين أبو جرة ومناصرة، وتغييب قدرتهما على توليد إجماع حقيقي، أو قاسم مشترك كاف لبلورة القيم والمواقف المساعدة على تجاوز الأزمة.
  • 3- لكن ، ما زاد في تعقيد الأزمة أكثر، ووصل بها في النهاية إلى الأفق المسدود، هو تحوّل هيئة المؤسسين، أو معظم أعضائها على الأقل إلى »لجنة مساندة« لهذا الطرف على حساب الطرف الآخر، بينما كان من المفترض أن تبقى هذه الهيئة على الحياد الإيجابي، وتعمل بما أوتيت من هيبة تاريخية على وحدة الحركة وحفظ تماسكها، وهو الدور »النوعي« الذي كان من المفترض، أن يؤهلها بامتياز لترميم الاختلالات الكبرى التي أحدثها الصراع القيادي في هرم التنظيم الحركي.
 
أرى أننا يجب نتفق أن أي جماعة فكرية سواء أكانت دينية أو غيرها هي نتاج فكري بشري يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ، وليس كاملا حتى لا نقع فيما وقع فيه البعض حين قدموا أنفسهم على أنهم الاسلام والاسلام هم
والاخوان المسلمين هي فكرة رجل شاب نشأ نشأة دينية وأعمل فكره فرأى المجتمع منقسم بين ماجن مستهتر أو أزهري منغلق فأراد أن يجدد فكر أمته من خلال طرح رؤية جديدة تمزج بين الاسلام والمعاصرة، ونجحت الفكرة وانتشرت في مختلف أرجاء العالم وأعطت الحركة للأمة رجالا عظماء في مختلف الميادين، الآن أين مواطن الخلل في هذا التيار الفكري ؟؟؟

 
بارك الله فيك على مجهودك الرائع في كتابة هذا الموضوع
يجب أن لا نهرب من الحقيقة، كل الحركات الاسلامية في العالم تكون جدية في بداينها وبعد وصولها وتبلورها تصبح تبحث عن مناصب في البرلمان والوزارة...الخ
وهذا أكبر مشكل يعيق هذه الحركات خاصة وأنها تفقد فيما بعد كثير من المواقف التي كانت تتبناها مثل حركة الإخوان التي تناست الكثير من مبادئها ...
 

[FONT=&quot]كثرت الانتقادات التي وجهت إلى صفوف جماعة الإخوان في مصر، على خلفية الانتخابات الأخيرة التي أفرزت مكتبا جديدا للإرشاد، وخروج بعض الشخصيات المحسوبة على ما يسمى بالتيار الإصلاحي داخل الجماعة، وسيطرة ممن يسمون بالمحافظين.[/FONT]
[FONT=&quot]ونقد الحركات الإسلامية، سواء جماعة الإخوان المسلمين، أو غيرها من الحركات الإسلامي، لا ضير فيه، فهو يعبر بالعموم عن حالة صحية، فهو من جهة، حق للنقاد والباحثين الراشدين والمثقفين، تجاه هذه الحركات التي تصدت للعمل العام، وواجب على تلك الجماعات أن تتقبله قبولا حسنا، وتنزله منزله الصحيح كون التغيير الذي تتغاياه، شانا عاما، ولا يخص الجماعة وحدها. [/FONT]
[FONT=&quot]وفضلا عن، حق النقد لمن هم خارج صفوف هذه الحركات والجماعات، فإن النقد الذاتي، الذي يمارسه بعض أفراد هذه الحركات والجماعات، ومنهم عناصر قيادية وبارزة في جماعة الإخوان، ولو كان على الملأ، وعلى شاشة الفضائيات، لا شك كذلك، أنه يعبر عن ظاهرة ايجابية تستحق الإشادة، كونه يعبر عن نضج ظاهر، وحراك دافع، في صفوف هذه الحركات، وخروجها فكريا من حالة العصمة المتوهمة، التي لاذت بها من قبل، ووسمت بها منهجها وحركاتها.[/FONT]
[FONT=&quot]وأيا ما كانت صورة النقد، من الخارج أو الداخل، فانه يكون جديرا بالمناقشة والاحترام، إذا كان يعبر حقيقة عن حالة ثقافية، وليست حالة نفسية، من هذه الجماعة أو تلك، وأن يظل في خانة الاختلاف في وجهات النظر والآراء، وليس فقط مجرد حالة تشفى وتنفيس عن حنقن وغضب، من الحركات بعمومها، أو حركة منها مخصوصة.[/FONT]
[FONT=&quot]على خلفية هذه التوطئة، يمكن القول أن الانتقادات التي وجهت لجماعة الإخوان، خلال الأيام القليلة الماضية، لم تكن تعبر في حقيقتها عن حالة ثقافية واختلاف في الآراء والتوجهات، بقدر ما كانت، في أغلبها، انتهازا لهذا الحراك الداخلي، الذي نتفق أو نختلف في تفسيره، في الجماعة للتنفيس عن حالة نفسية من الجماعة.[/FONT]
[FONT=&quot]فخروج شخص أو اثنين من مكتب الإرشاد، وهما الدكتور محمد حبيب نائب المرشد الحالي، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، لا يمكن أن يكون هو سبيل الطعن في هذه الجماعة، واتهامها بإبرام صفقات حكومية وأمنية، تصب في صالح ممن أطلق عليهم التيار المحافظ على حساب الإصلاحيين.[/FONT]
[FONT=&quot]فخروج هذه القيادات الكبيرة، لم يكن من الجماعة، وإنما فقط من مكتب الإرشاد، وما زال وجودها، حتى وهي بعيدة عن المناصب التنفيذية، ذو ثقل وتأثير كبير، كما أن خروجها لم يكن إقصاء، وإنما من خلال انتخابات، استبعدت شخصيات أخرى، ومنها مفتى الجماعة، وأدخلت بعض القيادات المحسوبة على التيار الإصلاحي ذاته، وهو الدكتور عصام العريان. [/FONT]
[FONT=&quot]فليس من المفترض أن تأتي الانتخابات، سواء في الجماعة، أو في غيرها، بشخصيات تفصيلا على هوى كل من يريد، وإنما هي بطبيعتها، انعكاس لصدى الجمع الذي تتألف منه الكيانات السياسية والاجتماعية وغيرها، فما المشكل لو اختار الإخوان المحافظين؟ أليس هذا هو جوهر عملية الانتخاب؟![/FONT]
[FONT=&quot]بل يمكنا القول أن السكون والجمود على شخصيات بعينها، ربما يكون هو المطعن الرئيس، بل هو الأمر الذي ما زالت أبواق ثقافية وصحفيين يحسبون على التيارات المستقلة والمعارضة تنادى به، وهم لاصقون بكراسيهم منذ زمن طويل.[/FONT]
[FONT=&quot]أما الحديث عن صفقات مع الحكومة، أمنية أو سياسية، فهو كلام ليس بجديد على كل حال، وليست هناك جماعة أو حزب معني بالتغيير والشأن العام، ويحتل مكانا، بحجم جماعة الإخوان، يتصور أو يفترض أنه يعمل بمعزل عن الواقع الأمني والسياسي المحيط به.[/FONT]
[FONT=&quot]وقد نتفق أو نختلف حول طبيعة هذه الصفقات، وأثرها وجدواها على الجماعة ومستقبلها، ولكن مجرد الحديث عن "صفقات"، فهو حقيقة، واقع كثير من الحركات وجماعات المعارضة، بل وشخصيات عامة لا تحمل هم التغيير، والاهتمام بالشأن العام إلا من خلال الحديث الصحفي والندوة الإعلامية.[/FONT]
[FONT=&quot]من أين أتى الخطأ في نقد جماعة الإخوان؟[/FONT]
[FONT=&quot]الخطأ أتى في نقد جماعة الإخوان، فيما يخص هذه الحالة تحديدا، من ناحيتين، الأولى اعتبار أن الجماعة خرجت بمجرد إجراء انتخابات معلنة من حالة (التنظيم المغلق)، إلى حالة (الدويلة الناشئة)، وهو أمر لاشك فاحش الخطأ، فليس بمجرد الإعلان عن الانتخابات إعلاميا، وإعلان أسماء مكتب الإرشاد تكون الجماعات في بحبوحة من إشكاليات التنظيمات المغلقة ومشاكلها، وأصبحت دويلة..[/FONT]
[FONT=&quot]فالانتخابات داخل التنظيمات لاشك أن لها خصوصيتها، ومن ثم فلا مجال للحديث عن إشراف خارجي على انتخابات الإخوان، أو تشكيل لجنة قانونية خارجية تبحث شكاوى الانتخابات، فهذه كلها أمور تخص أعضاء التنظيم ذاته.[/FONT]
[FONT=&quot]الناحية الثانية، اعتبار أن الجماعة، عبارة عن تيار ملائكي، ولا يمكن أن تكون فيه تيارات متنافسة ايدولوجيا وفكريا، تسعى، وفق قواعد السياسية لتربيطات، تؤدى لفرض رؤاها وتوجهاتها على مسار الجماعة، مع أن هذا التنافس في ذاته تعبير عن حالة ايجابية، ولا يخلو منه أي تجمع بشري ناضج. [/FONT]
[FONT=&quot]الأمران أديا في النهاية، برأينا، إلى خلل كبير، في تقييم الموقف الحالي الذي تمر به الجماعة، والذي في ظله جرت تلك الانتخابات.[/FONT]
[FONT=&quot]هل يعد هذا دفاعا عن الإخوان؟[/FONT]
[FONT=&quot]كلا، ليس الأمر كذلك، فجماعة الإخوان لها قاداتها ورموزها المعروفين الذين يدافعون عنها في منابر متعددة ومعروفة لدى الباحثين والمتابعين، وإنما مرادنا أن نقول أن "البوصلة" انحرفت في تقييم الجماعة ونصحها، فنقد جماعة بحجم الإخوان في الساحة المصرية، لا يكون عن اللائحة الداخلية، وانتخابات، لا تعرف الجماعات الأخرى والأحزاب سبيلا إليها، أو عدم فوز شخص أو اثنين، وتصوير الأمر على أنه طامة كبرى ستطيح بالجماعة عما قريب وتفتتها إلى كيانات متصارعة.[/FONT]
[FONT=&quot]أين إذن يمكن أن نناصح الجماعة؟[/FONT]
[FONT=&quot]كما سبق وأسلفنا فان جماعة الإخوان، وغيرها من الجماعات، على اختلاف مناهجها وتوجهاتها، ليست فوق النقد، وإنما تحتاج مناصحة، والبوصلة الصحيحة تتوجه نحو المنهج وأصل التوجهات وليس مجرد التعلق بالفرعيات والحوادث العارضة.[/FONT]
[FONT=&quot]ونحن إذا أردنا أن ندلو بدلونا في هذا الصدد نقول أن أعظم ما تعاني منه الجماعة الآن غياب البعد الاستراتيجي وغلبة التكتيكي، فلاشك أن بالإخوان قيادات على مستوى عال من الكفاءة، ولكن المشكلة أن غالب تلك القيادات نشأت على مفهوم الجماعة السياسية، وتربت تربية سياسية منغلقة فباتت ترى الأمور من حولها وتزنها بمنظور التحدي السياسي وحده، باعتباره جوهر الصراع، ونست في خضم المواجهات اليومية رسم المسار الاستراتيجي.[/FONT]
[FONT=&quot]فالإشكال الأساسي عند الإخوان في مصر هو "فقدان البعد الاستراتجي"، أو بمعنى أكثر دقة، فشل الرهان الاستراتيجي، حيث توقفت بوصلة جماعة الإخوان عند مؤشر العمل السياسي، وجعلت الجماعة رهانها الوحيد هو التغيير السياسي، رغم أن هذا المسار في الوطن العربي للأسف مغلق منذ أمد ولا تبدو في الأفق أي بادره لحلحلته لظروف ومعطيات داخلية وخارجية معلومة.[/FONT]
[FONT=&quot]وأدى انغماس الإخوان في العمل السياسي، إلى هذا الحد، إلى اختزال الإصلاح في أنبوب ضيق لا مخرج له يسمى الإصلاح السياسي، وهو بلاشك ترك آثاره السلبية على الجوانب المتكاملة للإصلاح والتي نادى بها الإخوان في أطروحاتهم النظرية. [/FONT]
[FONT=&quot]فالطرح السياسي عند الإخوان أدى إلى اختزال المشروع باعتباره مشروعا شاملا يستهدف إصلاح حال الأمة إلى جانب سياسي يتمحور حول السلطة، أي أن الإشكال الأساسي عند الإخوان في مصر هو "فقدان البوصلة"، فهم مشغولون بالفعل اليومي والصراع السياسي، وينسون في غمرة كل ذلك التوجّه الاستراتيجي وتعدد مسارات الإصلاح.[/FONT]
[FONT=&quot]وأخيرا نقول إننا نحن أمام بوصلتين انحرفتا.. بوصلة المسار الاستراتيجي للإخوان.. وبوصلة نقد جماعة الإخوان..[/FONT]
المعارضة المهجنة يعني تعديل كروموزوماتها للتتوافق مع تلقيح السلطة الحاكمة
المعارضة في الوطن العربي تشبه الباريخة لعبة النرد كل الوجوه دوبل بلان
شكرا عى الموضوع الرائع
 
ليس لدي ما أقوله على الموضوع فهو موضوع راق وفي غاية الأهمية

أما بشأن الإخوان فأعتقد أن الأنظمة العربية الخبيثة هي التي تغرس الشوكة في حلقتهم لتجبرهم على تفجير أنفسهم من الباب الذي يخشونه
ولكن رغم الفتنة التي تدور حولهم يستطيعون تخطيها في نظري أنا وذلك عن طريق الأصول العشرين في مبادئهم المزعمة وفكرة الإخوان لو نذهب جيدا إلى تحليلها...
فلاداعي أن تكون مشاكل بسيطة تحط بقيمة هيئة أو منظمة مثل حركة الإخوان

وأجدد لك شكري الخالص على الموضوع القيم
أخالفك بعض الشيء أخي لطفي المنفلوطي
لأن أي حركة اسلامية أو سياسية مبنية على أسس ومبادئ معينة فلا دخل للنظام فيها صحيح يحاول اعاقتها ويستطيع فعل ذلك حقا...ولكن سبب انفجار مثل هته الحركات هو استعمالهم لسياسة الإقصاء، والتوريث...الخ
لقد فرغت هذه الحركات (لا أقصد الاخوان فقط) من محتواها ولم يعد يهمها المبادئ التي بنيت عليها مثلما في السابق
وأنا أنتظر التضحية من هؤلاء صراحة لكي يثبتوا أنهم مازالوا واقفين على نفس المنهج وعلى نفس الطريق
 
الحالة
مغلق ولا يسمح بالمزيد من الردود.
العودة
Top