بسم الله الرحمن الرحيم
قد لا يخلو مجلس سياسي أو صالون اجتماعي او عائلي من الحديث عن حرب اسرائيلية وشيكة على لبنان, ويذهب الكلام في السر وفي العلن, بعيدا في تحديد مواقيت بدء العمليات العسكرية والحديث عن ربيع ساخن او صيف حار.
لا بد من التوقف بداية عند بعض الملاحظات التي رافقت تشكـُّل هذا المناخ الحربي, ومساهمتها في زرع هاجس الحرب في الذهن اللبناني العام:
أولى تلك الملاحظات: ما بدر عن مجموعة المنجمين والعرافات في رأس السنة, من شعوذات عبر بعض القنوات والمحطات التلفزيونية والحديث عن حرب ودمار وخراب.
الثانية: مثابرة بعض القوى السياسية الداخلية على قرع طبول الحرب, وإصرار احد اكبر منجمي السياسة في لبنان وبطريقة هادمة للمعنويات, على الترويج لحرب حاصلة حتما, والدافع اليها هو وجود "حزب الله" في لبنان, فلولا وجوده ما الذي يدفع "الحمل الاسرائيلي" الى شن حرب؟
قد لا يخلو مجلس سياسي أو صالون اجتماعي او عائلي من الحديث عن حرب اسرائيلية وشيكة على لبنان, ويذهب الكلام في السر وفي العلن, بعيدا في تحديد مواقيت بدء العمليات العسكرية والحديث عن ربيع ساخن او صيف حار.
لا بد من التوقف بداية عند بعض الملاحظات التي رافقت تشكـُّل هذا المناخ الحربي, ومساهمتها في زرع هاجس الحرب في الذهن اللبناني العام:
أولى تلك الملاحظات: ما بدر عن مجموعة المنجمين والعرافات في رأس السنة, من شعوذات عبر بعض القنوات والمحطات التلفزيونية والحديث عن حرب ودمار وخراب.
الثانية: مثابرة بعض القوى السياسية الداخلية على قرع طبول الحرب, وإصرار احد اكبر منجمي السياسة في لبنان وبطريقة هادمة للمعنويات, على الترويج لحرب حاصلة حتما, والدافع اليها هو وجود "حزب الله" في لبنان, فلولا وجوده ما الذي يدفع "الحمل الاسرائيلي" الى شن حرب؟
الثالثة: تواصل التهديدات الإسرائيلية بضرب "حزب الله", وإقرانها بمناورات عسكرية, وآخرها "القبة الحديدية" التي تحاكي كيفية مواجهة واعتراض صواريخ "حزب الله", وبالتزامن مع طلعات مكثفة للطيران الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية, على ما لوحظ في الأيام القليلة الماضية.
الواضح أنّ لكلّ منجـِّم أسبابه بصرف النظر عما اذا كان صادقا او كاذبا, فقد تكون لمشعوذي الفلك و"ضرّيبة الرمل", أسبابهم الدعائية وغاياتهم المالية والنفعية التي تخاطب جيوب ومحافظ مشايخ وأمراء وأصحاب أموال في لبنان وخارجه, وبالتالي ليس في الامكان الركون الى ما يقولونه في أي مجال, خصوصا ان صلاحية قولهم تنتفي بمجرّد مخاطبة العقل.
لكن الأمر يختلف بالنسبة الى منجِّمي السياسة القائلين بحتمية الحرب على لبنان, فليس ما يؤكد ان أسبابهم مبنية على "معطيات دفينة", بل قد تبدو تلك الأسباب مبنية على رغبات نابعة من رفض بعض القوى الداخلية التسليم بالتحولات التي أصابت البنية السياسية الداخلية, وأخلت بميزان القوة لغير مصلحتها بل عززت موقع وحضور "حزب الله" والمعارضة وسوريا وإيران. ولأن ليس في اليد حيلة او إمكانية تغييرية أو تعديلية في مسار الوقائع الداخلية تعدّل الميزان ولو جزئيا, على ما يقول قطب سياسي, فإن المرارة التي تشعر بها تلك القوى, والتي زادها علقم المشهد الدمشقي بزيارة الرئيس سعد الحريري الى سوريا, لا تضاهيها حلاوة الا حرب اسرائيلية تقلب الواقع رأسا على عقب وتعيد إحياء زمن ثورة 14 آذار.
على ان الأكيد في هذا السياق ان حديث تلك القوى عن الحرب الاسرائيلية, لا يبدو معزولا عن سلسلة وقائع توالت على المسرح الداخلي في الفترة الاخيرة:
أولاها: ما أحاط زيارتي رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا من همس حول سلاح "حزب الله", وكان التركيز بشكل مثير على حوار سليمان مع الرئيس الاميركي الذي قيل انه أبدى قلقا كبيرا من زيادة تسلـّح "حزب الله" وايّد حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها, وخصوصا ان سلاح حزب الله وصل الى مستوى لم يعد من الممكن السكوت عنه. وقد ولـّد الكلام الاميركي قلقا في بعض الاوساط السياسية الداخلية التي توجهت الى "حزب الله" بضرورة اخذ الحيطة والحذر ومن هؤلاء وليد جنبلاط. فيما برزت في المقابل حملة مثيرة في بعض أوساط 14 آذار للدفاع عن القرار 1559.
ثانيتها: الكلام الذي نسب الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس في زيارته الاخيرة للبنان وخلال مأدبة أقامتها على شرفه مرجعية سياسية أساسية, واكد في دردشة مع الحاضرين احتمال حرب اسرائيلية على لبنان.
ثالثتها: الكلام الذي تردد في صالون سياسي "أكثري", وما تضمنه من إشارات قيل انها التقطت من مستويات سياسية وأمنية عربية حول عمل عسكري, بمعنى "الحرب التحريكية" لكسر الستاتيكو القائم, وفتح كوة في جدار عملية التسوية. وبضوء اخضر اميركي على قاعدة ان الولايات المتحدة الاميركية قد تكون قادرة على ان تمنع حربا اسرائيلية على ايران بالنظر الى اكلافها وعدم ضمان نتائجها, ولكنها في المقابل قد تسمح بحرب على غزة ولبنان.
ماذا عن التهديدات الاسرائيلية والمناورات التي يجريها العدو, وهل هي تمهد لحرب, وقبل ذلك, هل هناك إمكانية لوقوع حرب؟
الأكيد ان العقل الاسرائيلي يقوم على المبادرات العدوانية, وقد خبرها العرب ولبنان بشكل خاص منذ نشوء اسرائيل. وبالتالي لا يؤمن له على ما يقول مرجع سياسي.
لكن وجهة القرار الاسرائيلي بالنسبة الى الحرب على لبنان يمكن تحديدها من عودة الى حرب تموز 2006, وبحسب المرجع المذكور, فإن "حرب تموز" مسـّت الوعي الاسرائيلي الى درجة انه قد لا يتورّط في مغامرة جديدة غير مضمونة النتائج بالنسبة اليه. وبهذا المعنى فإن المشهد وبرغم التهويل الذي يمارس من قبل جهات مختلفة لا يوحي بإمكانية سهلة للحرب, وخصوصا ان حجم الاستعداد التراكمي بالمعنى التسليحي والتدريبي الذي وفرته المقاومة لنفسها قد يجعل من "حرب تموز" مجرّد نزهة على ما أكد السيد حسن نصرالله مرارا.
والمثير في هذا السياق ان "حزب الله" يتعاطى مع المناخ الحربي والتهديدات بعقل بارد, ويدرجها في سياق حرب نفسية, الا ان الاستعداد قائم وواجب لشتى الاحتمالات.
يتقاطع موقف "حزب الله" مع مضمون قراءة وضعها خبير في الشؤون الاسرائيلية يخلص فيها الى انّ أسباب الحرب الاسرائيلية على لبنان كثيرة انما أسباب عدم حصولها أكثر.
وبحسب الخبير المذكور, فإن طبول الحرب تقرع في إسرائيل لأسباب متعددة, منها ما هو داخلي, ومنها ما هو نابع عن رغبة في انتقام من حرب تموز. الا ان اسرائيل وبرغم كل الاستعدادات والمناورات التي تجريها, ما تزال غير جاهزة لشن حرب على لبنان.
وتشير قراءة الخبير المذكور الى ما تسميها "المعضلة الاساسية" التي تواجه اسرائيل, ولم تستطع ان تجد لها حلا حتى الآن, وهي معضلة الصواريخ, التي غيرت كثيرا, ليس في الجبهة العسكرية فحسب, بل في الجغرافيا ايضا, فمساحة فلسطين الجغرافية ضيقة, وصواريخ الـ2006 خلقت معادلة جديدة قلـّصت عنصر الجغرافيا, ووضعت المستوطنين الاسرائيليين امام هاجس الخوف والهجرة خارج فلسطين, بعدما وضعت تلك الصواريخ العمق الاسرائيلي في المتناول من أي بقعة من لبنان ومن خارج لبنان. علما ان تلك التجربة في 2006 جعلت السوريين يركزون على عنصر الصواريخ كعنصر توازن وردع لاسرائيل , كما دفعت ايران الى ان تذهب بعيدا جدا في تطوير الصواريخ, بعدما اكدت الصواريخ قدرتها على تغيير المعادلة على المستوى العسكري وبالتالي على المستوى الاستراتيجي والاستيطاني.
وتتوقف القراءة عند ملاحظة تعتبرها اساسية وجوهرية, تلفت فيها الانتباه الى ان اسرائيل لا تستطيع ان تشن حربا على لبنان بقرار منفرد, قد يحول هذه الحرب الى حرب شاملة في بعدها السوري والايراني والفلسطيني, وبالتالي قرار الحرب يحتاج الى ضوء اخضر اميركي. واما الولايات المتحدة فإنها ليست في ظرف يسمح لها بأن تسمح بشن حرب جديدة قد تربك أولويتها بمحاولة الخروج من مستنقع العراق وافغانستان, وقد تؤدي الى انفلات وفوضى وخطر لا نهاية له على صعيد المنطقة.
تنتهي القراءة الى ما يلي: "ثمة من هو مقتنع بأنّ اسرائيل محكومة بالحرب على "حزب الله" لما يشكل من خطر دائم ووجودي على اسرائيل, الا انها ليست قادرة على خوض حرب لانهائه.
**من أخـــــوكــــــــــ عبد الرحمن أل عوماوي**
الواضح أنّ لكلّ منجـِّم أسبابه بصرف النظر عما اذا كان صادقا او كاذبا, فقد تكون لمشعوذي الفلك و"ضرّيبة الرمل", أسبابهم الدعائية وغاياتهم المالية والنفعية التي تخاطب جيوب ومحافظ مشايخ وأمراء وأصحاب أموال في لبنان وخارجه, وبالتالي ليس في الامكان الركون الى ما يقولونه في أي مجال, خصوصا ان صلاحية قولهم تنتفي بمجرّد مخاطبة العقل.
لكن الأمر يختلف بالنسبة الى منجِّمي السياسة القائلين بحتمية الحرب على لبنان, فليس ما يؤكد ان أسبابهم مبنية على "معطيات دفينة", بل قد تبدو تلك الأسباب مبنية على رغبات نابعة من رفض بعض القوى الداخلية التسليم بالتحولات التي أصابت البنية السياسية الداخلية, وأخلت بميزان القوة لغير مصلحتها بل عززت موقع وحضور "حزب الله" والمعارضة وسوريا وإيران. ولأن ليس في اليد حيلة او إمكانية تغييرية أو تعديلية في مسار الوقائع الداخلية تعدّل الميزان ولو جزئيا, على ما يقول قطب سياسي, فإن المرارة التي تشعر بها تلك القوى, والتي زادها علقم المشهد الدمشقي بزيارة الرئيس سعد الحريري الى سوريا, لا تضاهيها حلاوة الا حرب اسرائيلية تقلب الواقع رأسا على عقب وتعيد إحياء زمن ثورة 14 آذار.
على ان الأكيد في هذا السياق ان حديث تلك القوى عن الحرب الاسرائيلية, لا يبدو معزولا عن سلسلة وقائع توالت على المسرح الداخلي في الفترة الاخيرة:
أولاها: ما أحاط زيارتي رئيس الجمهورية ميشال سليمان الى الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا من همس حول سلاح "حزب الله", وكان التركيز بشكل مثير على حوار سليمان مع الرئيس الاميركي الذي قيل انه أبدى قلقا كبيرا من زيادة تسلـّح "حزب الله" وايّد حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها, وخصوصا ان سلاح حزب الله وصل الى مستوى لم يعد من الممكن السكوت عنه. وقد ولـّد الكلام الاميركي قلقا في بعض الاوساط السياسية الداخلية التي توجهت الى "حزب الله" بضرورة اخذ الحيطة والحذر ومن هؤلاء وليد جنبلاط. فيما برزت في المقابل حملة مثيرة في بعض أوساط 14 آذار للدفاع عن القرار 1559.
ثانيتها: الكلام الذي نسب الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس في زيارته الاخيرة للبنان وخلال مأدبة أقامتها على شرفه مرجعية سياسية أساسية, واكد في دردشة مع الحاضرين احتمال حرب اسرائيلية على لبنان.
ثالثتها: الكلام الذي تردد في صالون سياسي "أكثري", وما تضمنه من إشارات قيل انها التقطت من مستويات سياسية وأمنية عربية حول عمل عسكري, بمعنى "الحرب التحريكية" لكسر الستاتيكو القائم, وفتح كوة في جدار عملية التسوية. وبضوء اخضر اميركي على قاعدة ان الولايات المتحدة الاميركية قد تكون قادرة على ان تمنع حربا اسرائيلية على ايران بالنظر الى اكلافها وعدم ضمان نتائجها, ولكنها في المقابل قد تسمح بحرب على غزة ولبنان.
ماذا عن التهديدات الاسرائيلية والمناورات التي يجريها العدو, وهل هي تمهد لحرب, وقبل ذلك, هل هناك إمكانية لوقوع حرب؟
الأكيد ان العقل الاسرائيلي يقوم على المبادرات العدوانية, وقد خبرها العرب ولبنان بشكل خاص منذ نشوء اسرائيل. وبالتالي لا يؤمن له على ما يقول مرجع سياسي.
لكن وجهة القرار الاسرائيلي بالنسبة الى الحرب على لبنان يمكن تحديدها من عودة الى حرب تموز 2006, وبحسب المرجع المذكور, فإن "حرب تموز" مسـّت الوعي الاسرائيلي الى درجة انه قد لا يتورّط في مغامرة جديدة غير مضمونة النتائج بالنسبة اليه. وبهذا المعنى فإن المشهد وبرغم التهويل الذي يمارس من قبل جهات مختلفة لا يوحي بإمكانية سهلة للحرب, وخصوصا ان حجم الاستعداد التراكمي بالمعنى التسليحي والتدريبي الذي وفرته المقاومة لنفسها قد يجعل من "حرب تموز" مجرّد نزهة على ما أكد السيد حسن نصرالله مرارا.
والمثير في هذا السياق ان "حزب الله" يتعاطى مع المناخ الحربي والتهديدات بعقل بارد, ويدرجها في سياق حرب نفسية, الا ان الاستعداد قائم وواجب لشتى الاحتمالات.
يتقاطع موقف "حزب الله" مع مضمون قراءة وضعها خبير في الشؤون الاسرائيلية يخلص فيها الى انّ أسباب الحرب الاسرائيلية على لبنان كثيرة انما أسباب عدم حصولها أكثر.
وبحسب الخبير المذكور, فإن طبول الحرب تقرع في إسرائيل لأسباب متعددة, منها ما هو داخلي, ومنها ما هو نابع عن رغبة في انتقام من حرب تموز. الا ان اسرائيل وبرغم كل الاستعدادات والمناورات التي تجريها, ما تزال غير جاهزة لشن حرب على لبنان.
وتشير قراءة الخبير المذكور الى ما تسميها "المعضلة الاساسية" التي تواجه اسرائيل, ولم تستطع ان تجد لها حلا حتى الآن, وهي معضلة الصواريخ, التي غيرت كثيرا, ليس في الجبهة العسكرية فحسب, بل في الجغرافيا ايضا, فمساحة فلسطين الجغرافية ضيقة, وصواريخ الـ2006 خلقت معادلة جديدة قلـّصت عنصر الجغرافيا, ووضعت المستوطنين الاسرائيليين امام هاجس الخوف والهجرة خارج فلسطين, بعدما وضعت تلك الصواريخ العمق الاسرائيلي في المتناول من أي بقعة من لبنان ومن خارج لبنان. علما ان تلك التجربة في 2006 جعلت السوريين يركزون على عنصر الصواريخ كعنصر توازن وردع لاسرائيل , كما دفعت ايران الى ان تذهب بعيدا جدا في تطوير الصواريخ, بعدما اكدت الصواريخ قدرتها على تغيير المعادلة على المستوى العسكري وبالتالي على المستوى الاستراتيجي والاستيطاني.
وتتوقف القراءة عند ملاحظة تعتبرها اساسية وجوهرية, تلفت فيها الانتباه الى ان اسرائيل لا تستطيع ان تشن حربا على لبنان بقرار منفرد, قد يحول هذه الحرب الى حرب شاملة في بعدها السوري والايراني والفلسطيني, وبالتالي قرار الحرب يحتاج الى ضوء اخضر اميركي. واما الولايات المتحدة فإنها ليست في ظرف يسمح لها بأن تسمح بشن حرب جديدة قد تربك أولويتها بمحاولة الخروج من مستنقع العراق وافغانستان, وقد تؤدي الى انفلات وفوضى وخطر لا نهاية له على صعيد المنطقة.
تنتهي القراءة الى ما يلي: "ثمة من هو مقتنع بأنّ اسرائيل محكومة بالحرب على "حزب الله" لما يشكل من خطر دائم ووجودي على اسرائيل, الا انها ليست قادرة على خوض حرب لانهائه.
**من أخـــــوكــــــــــ عبد الرحمن أل عوماوي**