السلام عليكم ورحمة الله
بينما كنت اجول بالنت صادفني هذ الموضوع الذي حقا استمتعت بقراءته فاردت ان تستمتعوا به
ـ رأى الإمام أحمد بعض عارفيه في إحدى رحلاته في طلب الحديث ، فقال له معترضاً مستكثراً ما حفظ وما كتب وما روى : مرة إلى الكوفة ، ومرة إلى البصرة !!! إلى متى ؟!! فقال الإمام أحمد : مع المحبرة إلى المقبرة .
*
*
*
ـ عن فاطمة بنت عبد الملك زوج أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله قالت : ما رأيت أحداً أكثر صلاة ولا صياماً منه ، ولا أحد أشد فرقاً من ربه منه ، كان يصلي العشاء ثم يجلس يبكي حتى تغلبه عيناه ثم ينتبه ، فلا يزال يبكي حتى تغلبه عيناه ، ولقد كان يكون معي في الفراش فيذكر الشيء من أمر الآخرة فينتفض كما ينتفض العصفور من الماء ، ويجلس يبكي فأطرح عليه اللحاف .
*
*
*
ـ كان الأسود بن يزيد يجتهد في العبادة ، ويصوم في الحر حتى يخضر جسده ويصفر ، فكان علقمة بن قيس يقول له : لم تعذب نفسك ؟ فيقول : كرامتها أريد .
*
*
*
ـ قال أحمد بن إدريس القرافي : قام الشيخ تقي الدين أربعين سنة لا ينام الليل إلا أنه كان إذا صلى الصبح اضطجع على جنبه إلى حيث يضحى النهار .
*
*
*
ـ قال الخطيب البغدادي : ( سمعت علي بن عبيد الله بن عبد الغفار اللغوي ، يحكي : أن محمد بن جرير الطبري ـ المتوفي سنة 310 هـ ـ مكث أربعين سنة ، يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة ) .
أي : أنه ـ رحمه الله ـ كتب ما يقارب ( 584000 ) ورقة خلال هذه السنين !! فأي همة هذه التي وصلت بهذا العالم الجليل إلى هذه المنزلة العالية !!!!
*
*
*
ـ الإمام أبو الفرج ابن الجوزي يقول عن نفسه : ( كتبت بأصبعي هاتين ألفي مجلدة ، وتاب على يديَّ مائة ألف ، وأسلم على يديَّ عشرون ألف يهودي ونصراني ) .
ويقول : ( ولو قلت إني قد طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر وأنا بعد في الطلب ) .
فإذا كان قدر ما قرأ وهو في الطلب ( عشرين ألف ) مجلدة ، واحتسبنا أن صفحات المجلد الواحد في المتوسط ( 300 ) صفحة ، كان مقدار ما قرأ ( 6000000 ) ستة ملايين صفحة !!
وإذا كان ما كتب بأصبعيه ( ألفي ) مجلدة ، كان مقدار ما كتب ( 600000 ) ستمائة ألف صفحة !!
هذا ما قرأ ونسخ ، فما هو مقدار ما كتب وصنف ؟!!
*
*
*
ـ ويحدث الإمام ابن عقيل عن همته وهو في عشر الثمانين من عمره ، فيقول : ( إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري ، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة ، وبصري عن مطالعة ، أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح ، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره ، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشدَّ مما كنت أجده وأنا ابن عشرين ) .
*
*
*
ـ كان عثمان الباقلاوي دائم الذكر لله تعالى ، فقال : ( إني وقت الإفطار أحس بروحي كأنها تخرج ! لأجل اشتغالي بالأكل عن الذكر ) .
*
*
*
ـ وقال عُبيد بن يعيش : ( أقمت ثلاثين سنة ما أكلت بيدي بالليل ، كانت أختي تُلقِّمُني وأنا أكتب الحديث ) .
*
*
*
ـ قال أبو زرعة : ( كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألفِ حديث ( أي : مليونا ) ، فقيل له : ما يدريك ؟ قال : ذاكَرتُه وأخذت عليه الأبواب ) .
*
*
*
ـ قال أبو زرعة الرازي : ( أحفظ مائتي ألف حديث ، كما يحفظ الإنسان : ( قل هو الله أحد ) وفي المذاكرة ثلاثمائة حديث ) .
*
*
*
ـ قال المبرد : ( ما رأيت أحرص على العلم من ثلاثة : الجاحظ ، والفتح بن خاقان ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي :
أما الجاحظ : فإنه كان إذا وقع في يده كتاب ، قرأه من أوله إلى أخره ، أي كتاب كان ..
وأما الفتح : فكان يحمل الكتاب في خفه ، فإذا قام من بين يدي المتوكل ليبول أو ليصلي ، أخرج الكتاب فنظر فيه وهو يمشي ، حتى يبلغ الموضع الذي يريد ، ثم يصنع مثل ذلك في رجوعه إلى أن يأخذ مجلسه ..
وأما إسماعيل بن إسحاق : فإني ما دخلت عليه قط إلا وفي يده كتاب ينظر فيه ، أو يقلب الكتب لطلب كتاب ينظر فيه ، أو ينفض الكتب ) .
*
*
*
ـ ومن المعاصرين قال الشيخ راغب الطباخ رحمه الله : ( كان علامة حلب الشيخ أحمد الحجار رحمه الله يحب اقتناء الكتب ، حتى سمعنا أنه راى كتاباً يباع ، ولم يكن معه دراهم ، وكان عليه ثياب ، فنزع بعضها وباعه ، واشترى الكتاب في الحال ) ..
*
*
*
ـ قال رُفيع بن مهران البصري : ( كنا نسمع الرواية عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالبصرة ، فما نرضى حتى نركب إلى المدينة فنسمعها من أفواههم ) .
*
*
*
ـ وهذا يحيى بن معين رحمه الله خلَّف له أبوه ألف ألف درهم ، فأنفقها كلها على تحصيل الحديث حتى لم يبق له نعل يلبسه ) .
*
*
*
ـ وقد قال ابن القاسم : ( أفضى بمالك ـ أي الإمام مالك ـ طلب الحديث إلى أن نقض سقف بيته فباع خشبه ) .
*
*
*
ـ عن فرقد أنهم دخلوا على سفيان في مرض موته ، فحدثه رجل بحديث فأعجبه ، وضرب سفيان يده إلى تحت فراشه فأخرج ألواحاً فكتبه ، فقالوا له : على هذه الحال منك ؟!!! فقال : إنه حسن ، إن بقيت فقد سمعت حسنا ، وإن مت فقد كتبت حسنا .
*
*
*
ـ قال القاضي إبراهيم الجراح تلميذ الإمام أبو يوسف الذي كان يقال له قاضي قضاة الدنيا : مرض أبو يوسف ـ أي مرض الموت ـ فأتيته أعوده ، فوجدته مغمىً عليه ، فلما أفاق قال لي : يا إبراهيم ، ما تقول في مسألة ؟ قلت : في مثل هذه الحالة ؟!! قال : ولا بأس بذلك ، ندرس لعله ينجو به ناج ،
ثم قال : يا إبراهيم ، أيما أفضل في رمي الجمار ـ أي في مناسك الحج ـ أن يرميها ماشياً أو راكباً ؟ قلت : راكباً ، قال : أخطأت ، قلت : ماشياً ، قال : أخطأت ، قلت : قل فيها يرضى الله عنك ، قال : أما ما كان يوقف عنده للدعاء فالأفضل أن يرميه ماشياً ، وأما ما كان لا يوقف عنده فالأفضل أن يرميه راكباً .
ثم قمت من عنده ، فما بلغت باب داره حتى سمعت الصراخ عليه ، وإذا هو قد مات رحمه الله .
*
*
*
ـ قال عبد الرحمن بن مهدي :لو قيل لحماد بن سلمة : إنك تموت غداً ، ما قدر أن يزيد في العمل ـ أي الصالح ـ شيئا .
*
*
*
ـ وعن وكيع قال : كان الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى ، واختلفت إليه أكثر من ستين سنة فما رأيته يقضي ركعة .
*
*
*
ـ كان الربيع بن خثيم يُقاد إلى الصلاة وبه الفالج ـ الشلل ـ فقيل له : قد رُخِّص لك .. قال : إني أسمع حي على الصلاة ، فإن استطعتم أن تأتوها ولو حبواً .
*
*
*
ـ قال بكر بن حمدان المروزي : سمعت ابن خراش يقول : شربت بولي في طلب هذا الشأن ـ يعني طلب الحديث ـ خمس مرات .
*
*
*
ـ وعن عبد الرحمن ابن تيمية قال عن أبيه : كان ( الجدُّ ) إذا دخل الخلاء يقول لي : اقرأ في هذا الكتاب ، وارفع صوتك حتى أسمع ..
أي لا يريد ان يضيع وقته حتى وهو في الخلاء رحمه الله .
*
*
*
ـ قيل للشافعي : كيف شهوتك للعلم ؟ قال : أسمع بالحرف ـ أي بالكلمة ـ مما لم أسمعه ، فتودُّ أعضائي أن لها أسماعاً تتنعم به ما تنعمت به الأذنان .
*
*
*
ـ قال ابن عباس رضي الله عنه : لما قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار : هلم فلنسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم اليوم كثير ، فقال : واعجباً لك يابن عباس ، أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيهم ؟!! قال : فتركت ذاك ، وأقبلت أسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان يبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه وهو قائل ، فأتوسد ردائي على بابه ، يسفي الريح عليَّ من التراب ، فيخرج فيراني فيقول : يابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء بك ؟ هلاَّ أرسلت إلي فآتيك ؟ فأقول : لا أنا أحق أن آتيك ، فأسأله عن الحديث ، فعاش الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي يسألونني ، فيقول : هذا الفتى كان أعقل مني .
*
*
*
ـ قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : كنت يتيماً في حجر أمي ، فدفعتني إلى الكُتَّاب ، ولم يكن عندها ما تعطي المعلم ، وكان المعل قد رضي مني أن أَخلُفه إذا قام ، فما جمعت القرآن دخلت المسجد ، فكنت أجالس العلماء ، وكنت أسمع الحديث فأحفظها ، فلم يكن عند أمي ما تعطيني أشتري به القراطيس ، فكنت أنظر إلى العظم فآخذه فأكتب فيه ، فإذا امتلأ طرحته في جرة ، فاجتمع عندي حُبَّان .
*
*
*
ـ وكان الإمام البخاري ذكياً جداً فقد حفظ سبعين ألف حديثاً وهو صغير ، يقول محمد بن حاتم : كنت أختلف أنا والبخاري ـ وهو غلام ـ إلى الكُتَّاب ، فيسمع ولا يكتب ، حتى أتى على ذلك أيام ، فكنا نقول له يكتب مثلنا ، فما بلغ ما كتبناه خمسة عشر ألف حديث طلب منا أن نسمعها منه ، وقرأها عن ظهر قلب ، حتى جعلنا نحمك كتبنا على حفظه .
*
*
*
ـ رحل يحيى بن يحيى إلى الإمام مال وهو صغير ، وسمع منه وتفقه ، وكان مالك يعجبه سمته وعقله ، وروي أنه كان يوماً عند مالك في جملة أصحابه ، إذ قال قائل : قد حضر الفيل ، فخرج أصحاب مالك لينظروا إليه غيره ـ أي : وبقي يحيى مكانه ـ فقال له مالك : لم تخرج فترى الفيل ، لأنه لا يكون بالأندلس ، فقال له يحيى : إنما جئت من بلدي لأنظر إليك واتعل من هديك وعلمك ، ولم أجيىء لأنظر إلى الفيل ، فأعجب به مالك وسماه ( عاقل أهل الأندلس .
*
*
*
ـ لما فرَّ عبد الرحمن الداخل من العباسيين ، وتوجه تلقاء الأندلس ، أهديت إليه جارية جميلة ، فنظر إليها ، وقال : إن هذه من القلب والعين بمكان ، وإن أنا اشتغلت عنها بهمتي فيما أطلبه ظلمتها ، وإن اشتغلت بها عما أطلبه ظلمت همتي ، ولا حاجة لي بها الآن .. وردَّها على صاحبها .
*
*
*
ـ قيل للإمام الشعبي : من أين لك هذا العلم كله ؟ قال : بنفي الإعتماد ، والسير في البلاد ، وصبر كصبر الحمار ، وبكور كبكور الغراب .
*
*
*
ـ وحكي عن الإمام ثعلب أنه كان لا يفارقهكتاب يدرسه ، فإذا دعاه رجل إلى دعوة شرط عليه أن يوسع له مقدار مِسورة ـ وهي المتكأ من الجلد ـ يضع فيه كتاباً ويقرأ .
وكان سبب وفاته أنه خرج من الجامع يوم الجمعة بعد العصر وكان قد لحقه صمم ، لا يسمع إلا بعد تعب ، وكان في يده كتاب ينظر فيه في الطريق ، فصدمته فرس فألقته في هُوَّة ، فأُخرج منها وهو كالمختلط ، فحُمل إلى منزله على تلك الحال وهو يتأوه من رأسه فمات ثاني يوم رحمه الله تعالى .
منقوووول
بينما كنت اجول بالنت صادفني هذ الموضوع الذي حقا استمتعت بقراءته فاردت ان تستمتعوا به
ـ رأى الإمام أحمد بعض عارفيه في إحدى رحلاته في طلب الحديث ، فقال له معترضاً مستكثراً ما حفظ وما كتب وما روى : مرة إلى الكوفة ، ومرة إلى البصرة !!! إلى متى ؟!! فقال الإمام أحمد : مع المحبرة إلى المقبرة .
*
*
*
ـ عن فاطمة بنت عبد الملك زوج أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله قالت : ما رأيت أحداً أكثر صلاة ولا صياماً منه ، ولا أحد أشد فرقاً من ربه منه ، كان يصلي العشاء ثم يجلس يبكي حتى تغلبه عيناه ثم ينتبه ، فلا يزال يبكي حتى تغلبه عيناه ، ولقد كان يكون معي في الفراش فيذكر الشيء من أمر الآخرة فينتفض كما ينتفض العصفور من الماء ، ويجلس يبكي فأطرح عليه اللحاف .
*
*
*
ـ كان الأسود بن يزيد يجتهد في العبادة ، ويصوم في الحر حتى يخضر جسده ويصفر ، فكان علقمة بن قيس يقول له : لم تعذب نفسك ؟ فيقول : كرامتها أريد .
*
*
*
ـ قال أحمد بن إدريس القرافي : قام الشيخ تقي الدين أربعين سنة لا ينام الليل إلا أنه كان إذا صلى الصبح اضطجع على جنبه إلى حيث يضحى النهار .
*
*
*
ـ قال الخطيب البغدادي : ( سمعت علي بن عبيد الله بن عبد الغفار اللغوي ، يحكي : أن محمد بن جرير الطبري ـ المتوفي سنة 310 هـ ـ مكث أربعين سنة ، يكتب في كل يوم منها أربعين ورقة ) .
أي : أنه ـ رحمه الله ـ كتب ما يقارب ( 584000 ) ورقة خلال هذه السنين !! فأي همة هذه التي وصلت بهذا العالم الجليل إلى هذه المنزلة العالية !!!!
*
*
*
ـ الإمام أبو الفرج ابن الجوزي يقول عن نفسه : ( كتبت بأصبعي هاتين ألفي مجلدة ، وتاب على يديَّ مائة ألف ، وأسلم على يديَّ عشرون ألف يهودي ونصراني ) .
ويقول : ( ولو قلت إني قد طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر وأنا بعد في الطلب ) .
فإذا كان قدر ما قرأ وهو في الطلب ( عشرين ألف ) مجلدة ، واحتسبنا أن صفحات المجلد الواحد في المتوسط ( 300 ) صفحة ، كان مقدار ما قرأ ( 6000000 ) ستة ملايين صفحة !!
وإذا كان ما كتب بأصبعيه ( ألفي ) مجلدة ، كان مقدار ما كتب ( 600000 ) ستمائة ألف صفحة !!
هذا ما قرأ ونسخ ، فما هو مقدار ما كتب وصنف ؟!!
*
*
*
ـ ويحدث الإمام ابن عقيل عن همته وهو في عشر الثمانين من عمره ، فيقول : ( إني لا يحل لي أن أضيع ساعة من عمري ، حتى إذا تعطل لساني عن مذاكرة ومناظرة ، وبصري عن مطالعة ، أعملت فكري في حال راحتي وأنا مستطرح ، فلا أنهض إلا وقد خطر لي ما أسطره ، وإني لأجد من حرصي على العلم وأنا في عشر الثمانين أشدَّ مما كنت أجده وأنا ابن عشرين ) .
*
*
*
ـ كان عثمان الباقلاوي دائم الذكر لله تعالى ، فقال : ( إني وقت الإفطار أحس بروحي كأنها تخرج ! لأجل اشتغالي بالأكل عن الذكر ) .
*
*
*
ـ وقال عُبيد بن يعيش : ( أقمت ثلاثين سنة ما أكلت بيدي بالليل ، كانت أختي تُلقِّمُني وأنا أكتب الحديث ) .
*
*
*
ـ قال أبو زرعة : ( كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألفِ حديث ( أي : مليونا ) ، فقيل له : ما يدريك ؟ قال : ذاكَرتُه وأخذت عليه الأبواب ) .
*
*
*
ـ قال أبو زرعة الرازي : ( أحفظ مائتي ألف حديث ، كما يحفظ الإنسان : ( قل هو الله أحد ) وفي المذاكرة ثلاثمائة حديث ) .
*
*
*
ـ قال المبرد : ( ما رأيت أحرص على العلم من ثلاثة : الجاحظ ، والفتح بن خاقان ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي :
أما الجاحظ : فإنه كان إذا وقع في يده كتاب ، قرأه من أوله إلى أخره ، أي كتاب كان ..
وأما الفتح : فكان يحمل الكتاب في خفه ، فإذا قام من بين يدي المتوكل ليبول أو ليصلي ، أخرج الكتاب فنظر فيه وهو يمشي ، حتى يبلغ الموضع الذي يريد ، ثم يصنع مثل ذلك في رجوعه إلى أن يأخذ مجلسه ..
وأما إسماعيل بن إسحاق : فإني ما دخلت عليه قط إلا وفي يده كتاب ينظر فيه ، أو يقلب الكتب لطلب كتاب ينظر فيه ، أو ينفض الكتب ) .
*
*
*
ـ ومن المعاصرين قال الشيخ راغب الطباخ رحمه الله : ( كان علامة حلب الشيخ أحمد الحجار رحمه الله يحب اقتناء الكتب ، حتى سمعنا أنه راى كتاباً يباع ، ولم يكن معه دراهم ، وكان عليه ثياب ، فنزع بعضها وباعه ، واشترى الكتاب في الحال ) ..
*
*
*
ـ قال رُفيع بن مهران البصري : ( كنا نسمع الرواية عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بالبصرة ، فما نرضى حتى نركب إلى المدينة فنسمعها من أفواههم ) .
*
*
*
ـ وهذا يحيى بن معين رحمه الله خلَّف له أبوه ألف ألف درهم ، فأنفقها كلها على تحصيل الحديث حتى لم يبق له نعل يلبسه ) .
*
*
*
ـ وقد قال ابن القاسم : ( أفضى بمالك ـ أي الإمام مالك ـ طلب الحديث إلى أن نقض سقف بيته فباع خشبه ) .
*
*
*
ـ عن فرقد أنهم دخلوا على سفيان في مرض موته ، فحدثه رجل بحديث فأعجبه ، وضرب سفيان يده إلى تحت فراشه فأخرج ألواحاً فكتبه ، فقالوا له : على هذه الحال منك ؟!!! فقال : إنه حسن ، إن بقيت فقد سمعت حسنا ، وإن مت فقد كتبت حسنا .
*
*
*
ـ قال القاضي إبراهيم الجراح تلميذ الإمام أبو يوسف الذي كان يقال له قاضي قضاة الدنيا : مرض أبو يوسف ـ أي مرض الموت ـ فأتيته أعوده ، فوجدته مغمىً عليه ، فلما أفاق قال لي : يا إبراهيم ، ما تقول في مسألة ؟ قلت : في مثل هذه الحالة ؟!! قال : ولا بأس بذلك ، ندرس لعله ينجو به ناج ،
ثم قال : يا إبراهيم ، أيما أفضل في رمي الجمار ـ أي في مناسك الحج ـ أن يرميها ماشياً أو راكباً ؟ قلت : راكباً ، قال : أخطأت ، قلت : ماشياً ، قال : أخطأت ، قلت : قل فيها يرضى الله عنك ، قال : أما ما كان يوقف عنده للدعاء فالأفضل أن يرميه ماشياً ، وأما ما كان لا يوقف عنده فالأفضل أن يرميه راكباً .
ثم قمت من عنده ، فما بلغت باب داره حتى سمعت الصراخ عليه ، وإذا هو قد مات رحمه الله .
*
*
*
ـ قال عبد الرحمن بن مهدي :لو قيل لحماد بن سلمة : إنك تموت غداً ، ما قدر أن يزيد في العمل ـ أي الصالح ـ شيئا .
*
*
*
ـ وعن وكيع قال : كان الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى ، واختلفت إليه أكثر من ستين سنة فما رأيته يقضي ركعة .
*
*
*
ـ كان الربيع بن خثيم يُقاد إلى الصلاة وبه الفالج ـ الشلل ـ فقيل له : قد رُخِّص لك .. قال : إني أسمع حي على الصلاة ، فإن استطعتم أن تأتوها ولو حبواً .
*
*
*
ـ قال بكر بن حمدان المروزي : سمعت ابن خراش يقول : شربت بولي في طلب هذا الشأن ـ يعني طلب الحديث ـ خمس مرات .
*
*
*
ـ وعن عبد الرحمن ابن تيمية قال عن أبيه : كان ( الجدُّ ) إذا دخل الخلاء يقول لي : اقرأ في هذا الكتاب ، وارفع صوتك حتى أسمع ..
أي لا يريد ان يضيع وقته حتى وهو في الخلاء رحمه الله .
*
*
*
ـ قيل للشافعي : كيف شهوتك للعلم ؟ قال : أسمع بالحرف ـ أي بالكلمة ـ مما لم أسمعه ، فتودُّ أعضائي أن لها أسماعاً تتنعم به ما تنعمت به الأذنان .
*
*
*
ـ قال ابن عباس رضي الله عنه : لما قُبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار : هلم فلنسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم اليوم كثير ، فقال : واعجباً لك يابن عباس ، أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيهم ؟!! قال : فتركت ذاك ، وأقبلت أسأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإن كان يبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه وهو قائل ، فأتوسد ردائي على بابه ، يسفي الريح عليَّ من التراب ، فيخرج فيراني فيقول : يابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء بك ؟ هلاَّ أرسلت إلي فآتيك ؟ فأقول : لا أنا أحق أن آتيك ، فأسأله عن الحديث ، فعاش الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي يسألونني ، فيقول : هذا الفتى كان أعقل مني .
*
*
*
ـ قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى : كنت يتيماً في حجر أمي ، فدفعتني إلى الكُتَّاب ، ولم يكن عندها ما تعطي المعلم ، وكان المعل قد رضي مني أن أَخلُفه إذا قام ، فما جمعت القرآن دخلت المسجد ، فكنت أجالس العلماء ، وكنت أسمع الحديث فأحفظها ، فلم يكن عند أمي ما تعطيني أشتري به القراطيس ، فكنت أنظر إلى العظم فآخذه فأكتب فيه ، فإذا امتلأ طرحته في جرة ، فاجتمع عندي حُبَّان .
*
*
*
ـ وكان الإمام البخاري ذكياً جداً فقد حفظ سبعين ألف حديثاً وهو صغير ، يقول محمد بن حاتم : كنت أختلف أنا والبخاري ـ وهو غلام ـ إلى الكُتَّاب ، فيسمع ولا يكتب ، حتى أتى على ذلك أيام ، فكنا نقول له يكتب مثلنا ، فما بلغ ما كتبناه خمسة عشر ألف حديث طلب منا أن نسمعها منه ، وقرأها عن ظهر قلب ، حتى جعلنا نحمك كتبنا على حفظه .
*
*
*
ـ رحل يحيى بن يحيى إلى الإمام مال وهو صغير ، وسمع منه وتفقه ، وكان مالك يعجبه سمته وعقله ، وروي أنه كان يوماً عند مالك في جملة أصحابه ، إذ قال قائل : قد حضر الفيل ، فخرج أصحاب مالك لينظروا إليه غيره ـ أي : وبقي يحيى مكانه ـ فقال له مالك : لم تخرج فترى الفيل ، لأنه لا يكون بالأندلس ، فقال له يحيى : إنما جئت من بلدي لأنظر إليك واتعل من هديك وعلمك ، ولم أجيىء لأنظر إلى الفيل ، فأعجب به مالك وسماه ( عاقل أهل الأندلس .
*
*
*
ـ لما فرَّ عبد الرحمن الداخل من العباسيين ، وتوجه تلقاء الأندلس ، أهديت إليه جارية جميلة ، فنظر إليها ، وقال : إن هذه من القلب والعين بمكان ، وإن أنا اشتغلت عنها بهمتي فيما أطلبه ظلمتها ، وإن اشتغلت بها عما أطلبه ظلمت همتي ، ولا حاجة لي بها الآن .. وردَّها على صاحبها .
*
*
*
ـ قيل للإمام الشعبي : من أين لك هذا العلم كله ؟ قال : بنفي الإعتماد ، والسير في البلاد ، وصبر كصبر الحمار ، وبكور كبكور الغراب .
*
*
*
ـ وحكي عن الإمام ثعلب أنه كان لا يفارقهكتاب يدرسه ، فإذا دعاه رجل إلى دعوة شرط عليه أن يوسع له مقدار مِسورة ـ وهي المتكأ من الجلد ـ يضع فيه كتاباً ويقرأ .
وكان سبب وفاته أنه خرج من الجامع يوم الجمعة بعد العصر وكان قد لحقه صمم ، لا يسمع إلا بعد تعب ، وكان في يده كتاب ينظر فيه في الطريق ، فصدمته فرس فألقته في هُوَّة ، فأُخرج منها وهو كالمختلط ، فحُمل إلى منزله على تلك الحال وهو يتأوه من رأسه فمات ثاني يوم رحمه الله تعالى .
منقوووول